الجواب: الفيصل في ذلك أن يتورعوا ويدَعوا الفتيا إلا إذا كان عن علم؛ لأن الله فصَّل ذلك تماماً، فقال: وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً [الإسراء:36].
وقال تعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ [الأعراف:33].
فهذا هو الفيصل.
والنجاة من كتم العلم أن نقول: هم لم يعلموا حتى يكتموا، فلو علموا أن الحكم كذا وكذا وجب عليهم أن يبينوا؛ لكنهم ليس عندهم علم.
السائل: حتى إذا كان التورُّع في بعض المسائل الظاهرة؟
الشيخ: أحياناً تكون المسائل الظاهرة عند الناس غير موافقة للحق.
السائل: يعني: لا يمكن أن تسمى فتوى؟
الشيخ: مثلاً: لو سئل عن الربا، هل هو حرام أم حلال؟ فنَعم يقول: حرام.
السائل: أو قضايا في الصلاة أو نحو ذلك؟
الشيخ: حتى الصلاة هل كل قضاياها معلومة؟
السائل: يعني: حكم تاركها؟
الشيخ: لا بأس، الشيء المعلوم معلوم؛ لكن ما دام عندهم إشكال أو تردد يجب عليهم الامتناع، وفي هذه الحال ينبغي لهم أن يطلبوا من الإخوة السائلين كتابة الأسئلة لعرضها على أهل العلم.
السائل: وإذا نقلوا الفتاوى -أعني: في نفس كلامهم- عن العلماء؟
الشيخ: إذا نقلوا الفتوى عن العالم، وتأكدوا أن العالم قال هكذا في نفس هذه المسألة جاز لهم ذلك.
السائل: وينسبونه إلى العالم؟
الشيخ: إذا نسبوه إلى العالم لا بأس، مثل أن يقول: سمعتُ فلاناً أو الشيخ الفلاني يُسْأل عن هذه المسألة فقال: كذا وكذا.
الجواب: سوق الهدي مسنون وليس بواجب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعله ولم يأمر به، والأصل فيما فعله النبي صلى الله عليه وسلم تعبداً دون أمر فإنه مسنون.
السائل: لو سقتُ هديي معي هل أكون متمتعاً؟
الشيخ: لا لا لا، أنت تسأل وتقول: هل يجب على مَن أراد القران أن يسوق الهدي؟
السائل: لا، أنا قلت: لو سقتُ الهدي هل يمكن أن أصير متمتعاً؟
الشيخ: لا، إذا سقتَ الهدي لا يمكن أن تكون متمتعاً؛ لأن المتمتع لا بد أن يتحلل من العمرة، والتحلل من العمرة لا يمكن مع سَوق الهدي.
السائل: طيب! ما تُعطي شركة الراجحي ألا يكون مِن سَوق الهدي؟
الشيخ: لا لا، هذا سَوق القروش وليس سَوق الهدي.
السائل: ولو اشترطوه قبل أن نذهب إلى مكة؟
الشيخ: ولو اشترطوه فليسوا هم الذين يسوقونه، هم يشترون إما من الخارج أو من مكة، لا ندري من أي مكان؛ لكنهم وكلاء لك، يشترون لك ويذبحون لك فقط.
الجواب: قولوا لهؤلاء: الذين ينزلون خارج مِنى مع إمكان النزول في مِنى آثمون، ومتعدُّون لحدود الله؛ لأن الواجب على الحاج أن يكون في مِنى ، إلا إذا لم يجد مكاناً فإن الله تعالى يقول في كتابه: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286]، ويقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].
ورخص النبي صلى الله عليه وسلم لعمه العباس أن يترك المبيت في مِنى ليالي مِنى ؛ لأجل سقاية الحجاج.
فمن لم يقدر فهو من باب أَولى أن يُعْذَر.
أما أنهم يقدرون؛ ولكن يقولون: نريد الراحة، فأنا أشير عليهم براحة أكثر من هذا: أن يبقوا في بيوتهم حتى لا يتكلفوا عناء السفر، والنفقات، ومفارقة الأهل.
والحج لا بد فيه من المشقة؛ لأنه جهاد كما قال النبي صلى الله عليه وسلم حين سألته عائشة : (هل على النساء جهاد؟ قال: نعم، جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة).
وقـال تعـالى: وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [البقرة:195] وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196].
فذِكْرُه إتمام الحج والعمرة لله بعد الإنفاق في سبيل الله يدل على أنه نوع من الجهاد وهو كذلك.
الجواب: هذا إذا كانوا يخشون ألَّا يصِلُوا إلى المزدلفة إلا بعد منتصف الليل، فإنه بمجرد غروب الشمس يُصَلُّون المغرب والعشاء في عرفة ، ويمشون ما يتجاوز نصف الساعة، فربما إذا حملوا تقف السيارات قبل أن تركب الخط العام، وتغرب الشمس ويبقوا هناك ربع ساعة، وأحياناً نصف ساعة وهم لم يركبوا الخط العام بعد، فمثل هؤلاء يمكنهم إذا خافوا ألا يصِلُوا إلى المزدلفة إلا بعد منتصف الليل يمكنهم أن يصَلُّوا في عرفة.
الشيخ: تعني: أن هذا رجل متغيب عن زوجته من أجل الدَّين الذي عليه، ويخشى أنه إذا رجع إلى بلده أن يُمْسَك ويُحْبَس، وزوجته تطالبه بالرجوع، فنقول: يجب أن يرجع إلى زوجته، أو يستقدمها إلى مكانه، أو يطلقها.
السائل: وإذا استسمحها؟
الشيخ: وإذا استسمحها فسَمَحَتْ فالحق لها.
الشيخ: من أي ناحية؟
السائل: من ناحية بقيته: (ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل ...)؟
الجواب: أما بعمومه: (ما مِن أيامٍ العملُ الصالحُ ...) فهو يقتضي هكذا؛ لكن إذا كان الجهاد في هذه الأيام صار أفضل من غيره، فقوله: (ولا الجهاد في سبيل الله) أي: في غير هذه الأيام، وحينئذٍ يكون الجهاد في سبيل الله في هذه الأيام أفضل من غيره.
السائل: وكيف نوفق بين هذا الحديث وآية: أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ [التوبة:19]، وقد قال شيخ الإسلام بأفضلية الجهاد استناداً إلى هذه الآية: أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ [التوبة:19]؟! أفيدونا يرحمكم الله!
الشيخ: الكفار والمشركون يفتخرون على المسلمين بأنهم يسقون الحجيج ويعمرون المسجد الحرام، فقال الله تعالى: أجعلتم هذا كهذا، أنتم لو عملتم هذا فسقيتم الحاج وعمرتم المسجد الحرام ومُتُّم على الكفر فلا حَظَّ لكم في هذا، وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً [الفرقان:23].
الصحيح المشهور وبه قَطَعَ الجمهور: أنها لا تسعى في موضع السعي، بل تمشي جميع المسافة سواء كان ذلك نهاراً أو ليلاً ولو في الخلوة؛ لأنها عورة.
والثاني: أنها إن سعت في الليل حال خُلُوِّ المسعى استحب لها السعي في موضع السعي كالرَّجُل. والله أعلم، فأين ذِكْر الخلاف؟
الشيخ: الخلاف في صورة معينة وليس بمطلق، أعني: فيما إذا سعت ليلاً وليس في المسعى أحد ولا يمكن ذلك؛ لأن المسعى لا بد أن يكون فيه أحد.
السائل: وفي غير المواسم؟
الشيخ: لا بد أن يكون في المسعى أحد، نحن ذهبنا في غير أيام المواسم ووجدنا أن المسعى غير خال من الرجال.
فالخلاف هو في هذه الصورة المعينة؛ لأنها هي التي تشبه حال أم إسماعيل، أم إسماعيل ما كان عندها أحد؛ لكن هذه متى تأتي؟ لا تأت أبداً.
السائل: يعني إذا أتت ممكنٌ ذلك؟
الشيخ: وإذا أتت فممكن ذلك، فيكون هذا هو القول الصواب؛ لكن هذه لن تأت.
الشيخ: تعني: بنات زوجته من الرضاع؟
أنا فهمت أنك تريد الزوج الثاني هل يكون محرماً من التي أرضعته في حبال الزوج الأول؟
السائل: إي نعم.
الشيخ: لا. الصحيح أنه لا يكون، نعم إن كان بناته من النسب فصحيح أنه محرم لهن.
الجواب: هذا ترجع فيه إلى المحكمة، والتي تحكم به إن شاء الله فهو خير.
الجواب: حكم بيع الدراهم المعدنية بالأوراق النقدية مع الزيادة أو النقص لا بأس به، بشرط أن يكون التقابض في مجلس العقد، وذلك لعموم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (فإذا اختلفت هذه الأجناس فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يداً بيد).
وقد نص الفقهاء رحمهم الله على أن الفلوس التي يتعامل بها الناس لكونها معدناً لا ذهباً ولا فضة ليس فيها رباً:
- فمنهم من أطلق وقال: ليس فيها رباً مطلقاً.
- ومنهم من قال: فيها ربا النسيئة.
وهذا أصح؛ لأنها لما كانت أثماناً وقيماً للأشياء أشبهت النقد الفضي والذهبي من وجه، فتُعْطَى بعض أحكامه من وجه آخر.
فأقرب الأقوال في هذه المسألة: أنه يجوز فيها ربا الفضل وهو الزيادة والنقص، ولا يجوز فيها ربا النسيئة وهو تأخير القبض.
الشيخ: هل وصلا مع أذان الفجر المبكر قبل أن يرتفع النهار؟
السائل: وصلا وقت الأذان.
الشيخ: المهم ما طلع الفجر؟
السائل: نعم ما طلع الفجر.
الجواب: الصحيح في هذه المسألة: أن الإنسان إذا حبسه حابس ولم يصِلْ إلى المزدلفة إلا وقت صلاة الفجر المبكر، وصلى الفجر هناك أنه لا شيء عليه، ودليله: حديث عروة بن مضرِّس رضي الله عنه حين أدرك النبي صلى الله عليه وسلم في المزدلفة في صلاة الفجر، فقال: (يا رسول الله! قدمتُ من طيء ، وأتعبت راحلتي، فما تركت جبلاً إلا وقفت عنده، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: من شهد صلاتنا هذه، ووقف معنا حتى ندفع، وقد وقف قبل ذلك بـعرفة ليلاً أو نهاراً، فقد تم حجه وقضى تَفَثَه).
طيب! يا شيخ، قد يقول قائل: أنى نقيس على بعض أركان الإسلام أموراً أخرى على ما هي محددة في الحديث، فما هو الضابط فيها؟
الجواب: أولاً: العيوب التي نص عليها الشارع في الأضحية أربعة، لأنه سئل: (ماذا يُتَّقَى من الأضاحي؟ فقال: أربعاً، وأشار بيده: العوراء البيِّن عَوَرُها، والمريضة البيِّن مرضها، والعرجاء البيِّن ضلعها، والعجفاء التي لا تنقى).
فهذه أربعة عيوب، ونحن نعلم أن الشريعة مبنية على الحكمة، فإذا نص الشارع على شيء كان نصاً عليه وعلى ما في معناه أو أَولى منه.
أما مسألة أركان الإسلام، لو أراد أحد أن يقيس عملاً صالحاً على ركن من الأركان منعناه:
أولاً: لأنه من باب فعل الأوامر، وليس من باب الأوصاف التي عُلِّقت بها الأحكام، ولا يمكن أن نثبت أمراً إلا بإذن من الشرع.
ثانياً: أننا نقول لكل من أراد أن يلحق شيئاً من غير أركان الإسلام في أركان الإسلام: من قال لك: إن هذا الشيء الذي تريد إلحاقه يساوي عند الله ما يساويه الركن؟! لا يمكن، فلهذا يمتنع القياس بالأوامر، الأوامر لا يمكن أن تقيس عليها شيئاً، فتقول: إذا أمر الشارع بهذا أمر بهذا!
أما مسألة العيوب أو الأحكام المعلقة بأوصاف: فمتى وجدت هذه الأوصاف في شيء أو ما هو أَولى منه ثبت فيه الحكم، أرأيت قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (خمس من الدواب كلهن فواسق يُقْتَلن في الحل والحرم: الغراب، والحدأة، والعقرب، والفأر، والكلب العقور)؟!
هل نقول: إن الأسد لا يُقْتَل في الحرم؟!
يُقْتَل، وهو أَولى من الكلب العقور بالقتل.
هل نقول: إن الحية لا تُقْتَل في الحرم؟!
لا نقول هذا، بل نقول: تُقْتَل؛ لأنه إذا نص على العقرب فالحية أشد ضرراً منها.
فإذا نص على شيء ثبت الحكم في مثله أو أَولى منه.
السائل: تعني: وجود العلة يا شيخ؟
الشيخ: نعم.
الجواب: الحديث الذي يُرْوَى عن الرسول صلى الله عليه وسلم: (مَن حج فلم يزرني فقد جفاني) حديث موضوع مكذوب على الرسول صلى الله عليه وسلم، لأمور:
أولاً: أن زيارة النبي صلى الله عليه وسلم لا تُمْكِن بعد موته، لأنه يقول: ( فلم يزرني )، فكيف يزور الرسولَ صلى الله عليه وسلم وهو مقبور؟ فالزيارة -إن ثبتت- فهي للقبر.
ثانياً: أن هذا الحديث لو صح لكان تَرْك الزيارة بعد الحج كفراً مخرجاً من الملة؛ لأن جفاء الرسول صلى الله عليه وسلم ردة مخرجة عن الإسلام.
فهذا الحديث موضوع مكذوب على الرسول صلى الله عليه وسلم.
الجواب: المرأة التي كانت تعتاد أن تصوم العشر الأُوَل من شهر ذي الحجة، وهذه السنة كان فيها ما يمنع من مرض، أو تعب، أو كِبَر في السن، أو ما أشبه ذلك، نقول لها: إن النوافل لا تُلْزِم الإنسان، حتى وإن كان صحيحاً، فلو كان من عادة الإنسان أن يصوم البيض -مثلاً- ولكن لم يتمكن هذا الشهر، أو كسل عنها، فلا حرج عليه أن يدعها؛ لأنها نافلة؛ لكن إذا ترك الإنسان هذه النافلة لعذر كُتب له أجرُها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن مرض أو سافر كُتِب له ما كان يعمل صحيحاً مقيماً).
الجواب: إذا أحرم الإنسان متمتعاً بالعمرة إلى الحج وانتهى منها فله أن يسافر إلى بلده أو غيره؛ لكنه إذا سافر إلى بلده ثم عاد من بلده محرماً بالحج انقطع تمتعه وصار مفرِداً؛ لأن سفره الأول انقطع برجوعه إلى بلده، فإذا أنشأ سفراً للحج أنشأ سفراً جديداً وصار مفرِداً، أما إذا كان سفره إلى بلدٍ آخر غير بلده ثم رجع من هذا البلد محرماً بالحج فإنه لا يزال متمتعاً، هذا هو القول الصحيح في هذه المسألة.
ومن العلماء من قال: إذا سافر بين العمرة والحج مسيرة قصر انقطع التمتع، سواء سافر إلى بلده أو إلى غير بلده.
ومن العلماء من قال: إذا سافر لم ينقطع تمتعه سواء سافر إلى بلده أو إلى غير بلده.
ولكن القول الوسط هو الذي نختاره، وهو التفريق بين رجوعه إلى بلده وبين رجوعه إلى بلدٍ آخر، وهو الذي رُوِي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو الذي يقتضيه المعنى؛ لأن حقيقة الأمر أنه إذا رجع إلى بلده ثم عاد منه محرماً بالحج، حقيقة الأمر أنه لم يحصل له التمتع بين العمرة والحج في سفرٍ واحد، بل هما سفران مستقلان، أي: مستقل كل واحدٍ منهما عن الآخر.
السائل: ومن أين يحرم للحج؟
الشيخ: في مثالك الذي ذكرته: إذا رجع إلى جدة فلا بد إذا عاد إلى مكة أن يحرم بالحج من جدة.
السائل: من ميقات المدينة إلى مكة؟
الشيخ: من ميقات المدينة إلى مكة هذه للعمرة، فلما خرج إلى أهله في جدة، وجاء موسم الحج فإنه يحرم بالحج من جدة ويحج مفرِداً.
الجواب: إذا أمر أهله بزكاة عروض التجارة فلم يزكوا فهو كمن أمر بالمعروف ولم يُفْعَل المأمور، ليس عليه إثمهم في شيء؛ لقوله تعالى: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام:164]؛ لكن عليه أن يكرر نصحهم لعل الله أن يهديهم.
السائل: هل يزكي عنهم؟
الشيخ: لا يزكي عنهم، حتى ولو زكى عنهم لم ينفعهم ما داموا لم يوكلوه، وما داموا مصرِّين على عدم الزكاة.
الجواب: الفرق بينهما: أنه إذا كان المشتري يشتري بالثمن المعتاد بدون زيادة ولا أُخِذ منه شيء فهو إما سالم وإما غانم.
وفي المثال الذي ذكرناه أنه يَدْفَع، لكنه يدفع شيئاً قبل أن يساهم، فإذا دفع شيئاً فإما أن يكون غارماً، وإما أن يكون غانماً، والقاعدة: أن كل معاملة يكون فيها المعامل إما غانماً أو غارماً أنها من الميسر فلا تجوز.
السائل: مثلاً يشتري شخص بمائة ريال ويأخذ كرتاً، وبعد القرعة ربما تكون من نصيبه.
الشيخ: إي نعم، لكن يشتري بالقيمة العادية، أعني: لا يُزاد عليها، ولا أُخِذَ منه شيء، ويشتري بنفس القيمة، فهذا ليس فيه شيء.
السائل: أيكون هذا الفعل ليس جائزاً؟
الشيخ: اقرأ الكتاب.
السائل: مثلاً: أن يقول البائع للذي اشترى منه بمبلغ ألف ريال: سأجعل قرعة بينك وبين غيرك بجائزة وقدرها خمسون ريالاً مثلاً فهذا لا شك في تحريمه ولا يجوز؟
الشيخ: لا لا، ربما هناك خطأ، فهذا جائز.
السائل: مثل أن يقول البائع: من اشترى مني مقدار ألف ريال فإنني سوف أجعل القرعة بينه وبين غيره في جائزة قدرها خمسون ريالاً مثلاً، فهذا لا شك في تحريمه ولا يجوز؟
الشيخ: لا يمكن، فيها خطأ، وهذه النسخة كثيرة الغلط.
السائل: تعني أن هذا جائز؟
الشيخ: نعم، هذا جائز.
الجواب: من المعلوم أن التقرب إلى الله بذبيحة في غير وقت الأضحية لا يُؤخذ عليه أجر الأضحية؛ لكن إن تصدق بلحمها فله أجر الصدقة، وأما أن يأخذ أجر الأضحية فلا، وحينئذٍ نقول له: لا تتقرب إلى الله بالذبح إلا على نية أنك تريد أن تتقرب بالصدقة بلحمها.
الشيخ: رأيي في هذا -بارك الله فيك- أن توجه السؤال إلى المسئولين عن هذا التنظيم، وهم يجيبونك.
الجواب: أصح الأقوال في هذا: أن يدخل معهم بنية المغرب، ثم إذا قام الإمام للرابعة وهو قد صلى يجلس ويتشهد ويسلم.
السائل: طيب! هذا المشهور عنكم يا شيخ؛ لكن ألا يتعارض هذا مع حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما جُعِل الإمام لِيُؤْتَمَّ به، فإذا ركع فاركعوا، وإذا سجدوا فاسجدوا)؟
الشيخ: أقول: ما ذكرتُه لك -بارك الله فيك- لا يتعارض مع الحديث؛ لأن هذا مُؤْتَم بإمامه؛ ولكنه تخلف عنه حينما نوى الانفراد للتشهد، فكان ذلك عذراً شرعياً؛ لأن صلاته هي المغرب ولا تزيد على الثلاث، والمتخلف عن الإمام بعذر شرعي لا يعد عاصياً ولا آثماً.
الجواب: لا بأس أن تسميها بـ(مهاد).
الجواب: الذي نرى في حجز الأماكن في المسجد الحرام أو في غيره من المساجد أنه إن حجز وهو في نفس المسجد، أو خرج من المسجد لعارض وسيرجع عن قريب، فإنه لا بأس بذلك؛ لكن بشرط: إذا اتصلت الصفوف يقوم إلى مكانه، لئلا يتخطى الرقاب.
وأما ما يفعله بعض الناس أن يحجز أحدهم ويذهب إلى بيته فينام ويأكل ويشرب، أو إلى تجارته فيبيع ويشتري، فهذا حرام ولا يجوز.
هذا هو القول الصحيح في هذه المسألة.
ولكن قد يُرَدُّ علينا بمسألة الحجز في مِنى ، فإنه يُذْكَر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قيـل لـه: (ألا نبني لك بناء - أي: في مِنى - فقال: مِنى مناخ مَن سَبَق).
فنقول: إذا حجز الناس في مِنى فاحجز؛ لأنه لو لم تفعل ما وجدتَ مكاناً، لو أن الناس كلهم اتقوا الله عز وجل وتركوا الحجز وصار مَن سَبَق فهو أحق فهذا هو الخير؛ لكن الآن يحصل العكس؛ إلا أنه بحمد الله في ظني أن ما حصل أخيراً من الحملات التي تأخذ أرضاً بإذن المسئولين عن توزيع الأراضي هي أهون بكثير من الحجز؛ لأنه بذلك تكون البقاع منظَّمة، وكل إنسان يعرف مكانه.
الجواب: تجب الزكاة في الحلبة والرشاد بشرط: أن تبلغا نصاباً، ولا يُضمُّ بعضهما إلى بعض، الحلبة وحدها، والرشاد وحده، أما إذا لم تبلغا النصاب فلا زكاة فيهما.
السائل: وما هو النصاب فيهما؟
الشيخ: ثلاثمائة صاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم.
الجواب: إذا لم تتزوج فسيجعل الله لها زوجاً: إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً [الواقعة:35] فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً [الواقعة:36] عُرُباً أَتْرَاباً [الواقعة:37] سيجعل الله لها زوجاً من أهل الجنة.
لكن ربما تقول لي: أليس نقول في دعاء الجنازة: (اللهم أبدلها زوجاً خيراً من زوجها)، وهذا الدعاء مُشْكِل؛ لأنها إن كانت متزوجة فكيف نقول: (اللهم أبدلها زوجاً خيراً من زوجها)، وإن كانت غير متزوجة فأين زوجها؟
الجواب عن هذا أنْ نقول: إنَّ قولنا: (أبْدِلْها زوجاً خيراً من زوجها) فيما إذا كانت غير متزوجة، فالمراد: خيراً من زوجها المقدر لها لو بقيت، وأما إذا كانت متزوجة فالمراد بكونه خيراً من زوجها أي: خيراً منه في الصفات في الدنيا؛ لأن التبديل يكون:
1- بتبديل الأعيان كما لو بعت شاة ببعير مثلاً.
2- ويكون بتبديل الأوصاف كما لو قلت: بدل الله كفر هذا الرجل بإيمان، وكما في قوله تعالى: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ [إبراهيم:48] والأرض هي الأرض؛ لكنها مدت، والسماء هي السماء؛ لكنها انشقت.
الجواب: الرضاع سواء كان من الكأس أو من الثدي محرم إذا بلغ خمس مرات؛ لأنه مُغَذٍّ سواء من الكأس أو من الثدي، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الرضاعة من المجاعة) فالرضاع الذي يغني من المجاعة يحرم سواء من الثدي مباشرة أو بواسطة الإناء.
الجواب: الذي أرى أنها خلاف السنة؛ لأنها ليست على عهد النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو أنصح الخلق للخلق، وأحرصهم على إبلاغ الحق، ولم نعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم وعظ على القبر قائماً فيتكلم كما يتكلم الخطيب أبداً، إنما وقع منه كلمات، مثل: ما وقع منه حين انتهوا إلى القبر ولما يلحد، فجلس عليه الصلاة والسلام وجلس الناس حوله، فجعل ينكُتُ بمخصرة معه بالأرض ويحدثهم ماذا يكون عند الموت.
وهذه ليست خطبة، ما قام خطيباً في الناس يعظهم ويتكلم معهم أبداً.
ثانياً: حينما كان قائماً على شفير القبر قال صلى الله عليه وسلم: (ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة أو النار، فقالوا: يا رسول الله، أفلا ندع العمل ونتكل؟ قال: اعملوا، فكل ميسر لما خلق له).
وأما أن يُتَّخَذ هذا عادة، كلما دُفِن ميتٌ قام أحد الناس خطيباً يتكلم، فهذا ليس من عادة السلف إطلاقاً، وليُرْجَع إلى السنة في هذا الشيء، وأخشى أن يكون هذا من التنطُّع؛ لأن المقام في الحقيقة مقام خشوع وسكون وليس مقام إثارة العواطف، ومواضع الخطبة هي المنابر والمساجد كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفعل هذا، ولا يمكن أن نستدل بالأخص على الأعم.
فلو قال قائل: سنجعل حديث علي حينما وقف على شفير القبر، وكذلك الحديث الآخر حينما جلس ينتظر أن يلحد القبر وتحدث إليهم، لو قال قائل: نريد أن نجعله أصلاً في هذه المسألة.
قلنا: لا صحة لذلك؛ لأنه لو كان أصلاً في هذه المسألة لاستعمله النبي صلى الله عليه وسلم في حياته، فلما تركه كان تركه هو السنة.
الشيخ: لماذا يُدْخِل الرجالَ عليها؟
السائل: هو نطق بلسانه فقال ذلك.
الشيخ: الزوج قال للزوجة: سوف أُدْخِل الرجالَ عليك؟
السائل: نعم.
الشيخ: لأي شيء يُدْخِلهم؟
السائل: هذا رجل قال هذه الكلمة غاضباً.
الشيخ: أقول: لأي شيء يُدْخلهم؟
السائل: صدرت منه صريحةً هكذا.
الجواب: أقول: تنتظر، لا تخرج من البيت حتى يُدْخِل الرجال عليها، فإذا أَدْخَل الرجالَ عليها وألزمها أن تبقى عند الرجال مكشوفة الوجه فحينئذٍ لها الحق في أن تطالب بالطلاق؛ ولكني لا أظن رجلاً مؤمناً بالله واليوم الآخر وعنده غيرة الرجال على نسائهم أن يفعل هذا الشيء.
مداخلة: من الناس من يرى ارتداء الحجاب حراماً؟!
الشيخ: الذين يحرمون ارتداء الحجاب لا شك أن عندهم نقصاً في العلم، ونقصاً في الدين، ونقصاً في الغيرة، ولا يطاعون في ذلك، ويجب على المرأة أن تعصي زوجها إذا أمرها بكشف وجهها وجوباً.
الجواب: إذا أخطأ الإمام في القراءة الواجبة كقراءته الفاتحة وجب على المأموم أن يفتح عليه.
وإذا كان في القراءة المستحبة نَظَرْنا: فإن كان يغير المعنى وجب عليه أن يرد عليه، وإن كان لا يغير لم يجب.
الجواب: دخول الرجل الأعمى على النساء للتعليم لا بأس به؛ لأنه يجوز للمرأة أن تنظر إلى الأعمى ما لم يكن هناك فتنة، والدليل على هذا: أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لـفاطمة بنت قيس: (اعتَدِّي في بيت
لكن إن حصل من هذا فتنة بكونه يتلذذ بصوت المرأة، أو يُدْنيها إلى جنبه مثلاً، ويمسك على يدها، وما أشبه ذلك فإنه لا يجوز، لا من أجل أنه يحرم النظر إلى الرجل، ولكن من أجل ما اقترن به من الفتنة.
الجواب: إذا كان هذا الشاب مستطيعاً بماله؛ ولكنه غير مستطيع ببدنه فإنه يوكل مَن يحج عنه؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: (أن امرأة من خثعم قالت: يا رسول الله، إن أبي أدْرَكَتْه فريضة الله على عباده بالحج شيخاً لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: نعم)، فإذا كان هذا الرجل لا يستطيع الحج لكونه أعرجاً، ولأنه إذا جرح بأي جرح لا يُرْقَأ دمه بل ينزف وهذا خطر على حياته فهو معذور، من أجل العرج مع مشقة الازدحام، وإن لمن يحج فلا إثم عليه.
السائل: وإذا كان يُرْجَى برؤه؟
الشيخ: إذا كان يرجى برؤه فإنه يؤخر حتى يشفيه الله.
الجواب: الذي يظهر لي أن الأضحية ليست بواجبة؛ ولكنها سنة مؤكدة يُكْرَه للقادر تركها.
الجواب: إذا حجت المرأة بلا محرم فهي عاصية لله ورسوله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم، فقام رجل فقال: يا رسول الله، إن امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتُتِبْتُ في غزوة كذا وكذا، قال: انطلق فحج مع امرأتك)؛ لكن الحج مجزئ، أعني: لا يلزمها أن تعيده مرة أخرى، بل عليها أن تتوب إلى الله وتستغفر مما حصل منها.
الجواب: أولاً: التسبيح بالمسبحة تركه أَولى وليس ببدعة؛ لأن له أصلاً وهو تسبيح بعض الصحابة بالحصى؛ ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم أرشد إلى أن التسبيح بالأصابع أفضل، وقال: (اعْقِدْنَ -يخاطب النساء- بالأنامل، فإنهن مُسْتَنْطَقات)، فالتسبيح بالمسبحة ليس حراماً ولا بدعة؛ لكن تركه أَولى؛ لأن الذي يسبح بالمسبحة ترك الأَولى.
ثانياً: ربما يشوب تسبيحَه شيءٌ من الرياء؛ لأننا نشاهد بعض الناس يتقلَّد مسبحة فيها ألف خرزة كأنما يقول للناس: انظروني، إني أسبح ألف تسبيحة.
ثالثاً: أن الذي يسبح بالمسبحة في الغالب يكون غافل القلب، ولهذا تجده يسبح بالمسبحة وعيونه في السماء وعلى اليمين وعلى الشمال، مما يدل على غفلة القلب.
فالأَولى أن يسبح الإنسان بأصابعه، والأَولى أن يسبح باليد اليمنى دون اليسرى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم (كان يعْقِد التسبيح بيمينه) وإن سبح باليدين جميعاً فلا بأس؛ لكن الأفضل أن يسبح بيده اليمنى فقط.
الشيخ: لكن هل أفلس قبل أن تجب الزكاة أو بعدما وجبت؟
السائل: أفلس بعد تمام سنتين.
الشيخ: عليه الزكاة.
السائل: كيف يخرج الزكاة؟! لأن السنة الأولى كان معروفاً رأس المال فيها، وأما السنة الثانية فلم يُعْلَم؟
الشيخ: يَتَحَرَّى، والقصة هذه التي ذكرتَ أن الرجل تسلف من البنك، وفتح هذا المحل وحصل عليه الإفلاس، يجب أن نتخذ منها عبرة من وجهين:
الوجه الأول: أن ما بُنِي على باطل فإن الله لا يجعل فيه خيراً كثيراً ولا بركة.
الوجه الثاني: أنه لا ينبغي للإنسان أن يستدين من أجل فتح المحل؛ لأن هذا من سوء التصرف، كيف تُشْغِل ذمتك بمال لا تدري هل تقدر على رده أم لا؟! والعامة يقولون مثلاً صحيحاً: (مُد رِجْلَك على قدر لحافك)؛ لأنك لو مددتَ رِجْلَك على أكثر من لحافك برَزَتْ وظَهَرَت.
فلهذا أشير على إخواني ألا يكونوا جشعين، يستدينون ليفتحوا محلاً أو يُكَثِّروا التجارة، بل ما كان عندهم من المال اتجروا به على الوجه المباح، وما لم يكن عندهم فلا يطلبوه.
السائل: في السنة الثانية نفذ المال.
الشيخ: إذا أفلس ونفذ ماله قبل السنة الثانية، فالسنة الثانية ليس عليه الزكاة فيها.
السائل: إذا كان البنك لا يأخذ فوائد؟
الشيخ: قولك: إذا كان البنك لا يأخذ فوائد غير وارد، البنك لا يمكن أن يعطيك قرشاً واحداً إلا وهو ضامن الربا.
السائل: البنك العقاري؟
الشيخ: البنك العقاري لم يُسَمِّه، بل هو عَيَّنَ وقال: بنك الرياض.
السائل نفسه: ........
الشيخ: لا يعطي البنك العقاري إلا عن طريق الحكومة؛ لكن الحكومة جعلت عن طريق البنك فقط، ليس من ماله، البنك لا يمكن أن يعطيك من ماله إلا وقد أخذ عليه ربحاً حتى إنه كلما زاد الأجل زاد في الربا.
الجواب: التسليم للصلاة يكون مع الالتفات، من حين تبدأ التفت حتى تقول: (عليكم) وأنت ملتفت تماماً؛ لأنك تخاطب مَن وراءك.
أما بعض الناس يقول: (السلام عليكم)، فيرفع رأسه وإذا بقي (عليكم) التفت بسرعة، هذا ليس له أصل يا أخي، وليس بصحيح، إنما تقول: (السلام عليكم) من حين تبدأ بالجملة تبدأ بالالتفات حتى يكون التفاتك عند قولك: (عليكم)؛ لأنك تخاطب الجماعة وراءك.
الجواب: نعم، العلماء رحمهم الله يقولون: (بأبي هو وأمي) إلى يومنا هذا، حتى نجد هذا كثيراً في عبارة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ولا شك أنه يجب على الإنسان أن يفدي الرسول صلى الله عليه وسلم بأمه وأبيه وولده ونفسه.
الجواب: هذا يُنْظَر:
إذا كان الدم المسحوب قليلاً مثل الذي يسحب للاختبار للتحليل فهذا لا بأس به ولا حرج فيه.
أما إذا كان كثيراً يؤثِّر كما تؤثِّر الحجامة فالصحيح أنه لا يحل له ذلك إذا كان صومه واجباً؛ لأن هذا يفطر، وإن كان تطوعاً فلا حرج عليه في هذا؛ لأن التطوع يجوز للإنسان أن يقطعه.
الجواب: هذه -بارك الله فيك- التي أصيبت بجلطة قبل رمضان وبقيت مغمىً عليها أو فاقدة الشعور، يُطْعَم عنها لكل يوم مسكين؛ لأن الصحيح أن الإغماء لا يمنع وجوب الصوم، وإنما يمنع وجوب الصلاة، فلو أغمي على إنسان بغير اختياره وبقي يومين أو ثلاثة فلا صلاة عليه، أما إذا كان باختياره كما لو أغمي عليه بواسطة البنج فإنه يلزمه القضاء.
الجواب: لا شك أن الموسيقى في الجيش وغير الجيش من البلاء الذي أصيب به الناس اليوم، وصار جزءاً من أعمالهم في بعض الجهات، وهذا لا شك أنه جهلٌ بالشريعة، أو تهاونٌ، أو تقليدٌ لبعض مَن أجاز ذلك من أهل العلم؛ لأن مِن العلماء مَن أجاز المعازف بِحجة أن حديثها الذي في صحيح البخاري فيه انقطـاع -كما يزعمون- ومن هؤلاء: ابن حزم ، وبعض العلماء المعاصرين، فربما يعتمد بعض الناس على مثل هذه الأقوال الضعيفة، ويرى أن لنفسه حجة في هذا.
لكننا نرى أن المعازف حرام سواء في الجيش أو في غير الجيش، وأنه يجب على المسلمين أن يستغنوا بما أحل الله لهم عما حرم الله عليهم، وليست الشجاعة ولا الإقدام مبنية على هذه أبداً، الذي يملأ القلوب شجاعة وإقداماً هو ذكر الله عز وجل، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الأنفال:45]، هذا هو الذي يملأ القلوب شجاعة وإقداماً.
لكن على كل حال: هؤلاء الإخوة الذين يكرهون الموسيقى أو العزف هم مأجورون على كراهتهم، ومثابون عند الله، فإن قدروا على إزالتها أو تخفيفها فهذا هو المطلوب، وإن لم يقدروا فلا تُتْرك المصالح العظيمة في الالتحاق بالجيش من أجل هذه المفسدة اليسيرة بالنسبة للمصالح؛ لأن الإنسان ينبغي له أن يقارن بين المصالح والمفاسد، وأهل الخير إذا تركوا مثل هذه الأعمال من أجل هذه المعصية بقيت لأهل الشر، وتعرفون خطورة الجيش فيما لو لم يُوَفَّق لأناسٍ من أهل الخير، ولا أحب أن أعيِّن بضرب الأمثلة، لَمَّا استولى أهلُ الشر والفساد على الجيوش ووصلوا إلى سدة الحكم، ماذا كان؟! كان من الشر والفساد ما الله به عليم.
فأنا أحث إخواني الملتزمين خاصة بأن يلتحقوا بالجيش، وأن يستعينوا بالله عز وجل في إصلاح ما أمكنهم إصلاحه، وهذه المفسدة -أعني: مفسدة الموسيقى أو العزف- مفسدة لا شك فيها عندي، وإن كان فيها اختلاف أشرتُ إليه قبل قليل؛ لكني أقول: هذه المفسدة تنغمر بجانب المصالح العظيمة الكبيرة في أن يتولى قيادة الجيش أناس من أهل الدين والصلاح.
الجواب: الحسنات يذهبن السيئات فتمحوها محواً، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفِّرات لما بينهن إذا اجتُنِبت الكبائر).
وأما أن السيئات تمحو الحسنات فلا، لكنها عند الموازنة يوم القيامة قد تَغْلِب على الحسنات، قال تعالى: وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ [الأنبياء:47]، فيوازَن بين الحسنات والسيئات، فربما تكثُر السيئات على الحسنات، فيستحقُّ الإنسان دخول النار، يُعَذَّب بها بقدر ذنبه، وربما تتساوى الحسنات والسيئات، فيكون الإنسان من أهل الأعراف الذين تساوت حسناتهم وسيئاتهم، لا يدخلون النار ولا يدخلون الجنة إلا بعد أن يشاء الله عز وجل، وربما تزيد الحسنات، فيكون من أهل الجنة.
الجواب: الأصل في صلاة السفر القصر، ولهذا لا يحتاج إلى نية، أي: إذا دخلتَ الصلاة الرباعية وأنت مسافر وإن لم تنوِ القصر فاقصر؛ لأن الأصل في صلاة السفر القصر كما ثبت في صحيح البخاري وغيره أنه (أول ما فُرِضَت الصلاة ركعتين، فأُقِرَّت صلاة السفر، وزِيْدَ في صلاة الحَضَر).
ولهذا كان القول الراجح: أن صلاة القصر لا تحتاج إلى نية في السفر.
نسأل الله أن يجمعنا وإياكم على طاعته، وأن يهب لنا منه رحمة وعلماً نافعاً وعملاً صالحاً.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر