أما بعد:
فهذا يوم الخميس الثاني والعشرون من شهر ذي القعدة من عام (1413هـ) هو يوم اللقاء الرابع لهذا الشهر.
وقد تكلمنا فيما سبق عن سورة إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ [التكوير:1]، وما قبلها من سُوَر عبس، والنازعات، والنبأ، وأكملنا ولله الحمد هذه السور الأربع.
أما اليوم فسنجعل افتتاح لقائنا هذا بالكلام عن الحج.
فالحج هو أحد أركان الإسلام الخمسة التي بُنِي عليها الإسلام، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام).
وقد فرضه الله عزَّ وجلَّ على عباده في السنة التاسعة من الهجرة، وحج النبي صلى الله عليه وآله وسلم في السنة العاشرة، وهو فرضٌ بإجماع المسلمين؛ مَن أنكر فرضيته وقد عاش بين المسلمين فهو كافر؛ لأنه أنكر فرضاً ثابتاً بالكتاب والسنة معلوماً بالضرورة من دين الإسلام، ومن أقر بفرضيته ولكنه تركه تهاوناً مع وجوبه عليه، فمن العلماء مَن قال: إنه كافر، كما هي إحدى الروايات عن الإمام أحمد رحمه الله، ومنهم مَن قال: إنه ليس بكافر، وهو القول الراجح؛ لكنه آثم وفاعلٌ كبيرةً مِن كبائر الذنوب، ويدلُّ على كونه غير كافر: أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانوا لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة.
ولكنه لا يجب إلا بشروط:
ومِن ذلك: مَن لا يصلي، فإننا لا نأمره بالحج، ولا نُمَكِّنه من دخول مكة - أعني: حرم مكة- لأنه مرتد كافر، لقوله تعالى: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا [التوبة:28].
والثاني: البلوغ : وضده الصِّغَر، فالصغير لا يجب عليه الحج؛ ولكن لو حج صحَّ حجه، ووجب عليه إذا بلغ أن يحج حج الفريضة.
والثالث: العقل : وضده الجنون، فالمجنون لا يجب عليه الحج، ولا يصح منه الحج؛ لعدم صحة النية منه.
والرابع: الحرية : وضده الرِّق، فالرقيق لا يجب عليه الحج؛ لأنه مملوكٌ مشغولٌ بخدمة سيده؛ ولكنه لو حج بإذنه وهو بالغٌ عاقل فمِن العلماء مَن قال: إن حجه صحيح ومجزئ.
ومنهم مَن قال: إنه غير مجزئ.
ولكنهم متفقون على أنه صحيح.
والخامس: الاستطاعة، أي: القدرة على الوصول إلى البيت الحرام بالمال والبدن، وضده العجز، فمن كان عاجزاً بماله فلا حج عليه، كالفقير الذي ليس عنده من المال ما يمكنه أن يحج به، إما لكونه قليل ذات اليد، أو لكونه مديناً بدين يستغرق ما في يده.
ولهذا نقول: إن من عليه دين فإنه لا يحج حتى يقضي الدين، فإن كان الدين مؤجلاً -أعني: مُقَسَّطاً- فإن كان يَثِق من الوفاء كلما حلَّ القسط، وبيده الآن ما يحج به وَجَبَ عليه الحج، وإن كان لا يثق فإنه لا يجب عليه الحج، ولا ينبغي أن يحج أيضاً؛ لأن وفاء الدين أهم من الحج، لماذا نقول: أهم من الحج؟
الجواب: لأن الحج مع وجود الدين ليس بواجب، فحتى الآن لم يصبح عليه فريضة، وعلى هذا فلا ينبغي للإنسان أن يحج وعليه دين حتى لو أذن له الدائن بأن يحج؛ لأن إذن الدائن لا يوجب أن يَسْقُط عنه شيءٌ من دينه.
وقد ظن بعض الناس أن الدائن إذا أذن فإن المدين يحج، والأمر ليس كذلك؛ لأن الدائن لا يتعلق حقه ببدن المدين حتى نقول: إذا أذن له فليحج، وإنما يتعلق الحق بمال المدين، فهل إذا أذن الدائن لمدينه أن يحج يَسْقُط عنه شيءٌ من دَينه؟
الجواب: لا، إذاً .. لا فائدة من الإذن.
وحينئذٍ نقول: مَن كان عليه دَين فإن كان حالاً فلْيُوْفِه قبل أن يحج، وإن كان مؤجلاً -أي: مُقَسَّطاً- وكان الرجل يثق من نفسه أنه إذا حل القسط أوفاه، وبيده الآن ما يمكن أن يحج به فليحج، وإن كان لا يثق من نفسه فلا، وإنما يجعل ما بيده الآن مدخراً لقضاء الدين إذا حل القسط.
ومن الاستطاعة: أن يكون للمرأة محرم، فإن لم يكن لها محرم فإن الحج ليس بواجب عليها، بل يحرم عليها أن تحج بلا محرم؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم) قال ذلك عليه الصلاة والسلام وهو يخطب الناس معلناً ذلك، حتى لا يخفى على أحد، فلا يجوز للمرأة أن تسافر بلا محرم، سواء كانت كبيرة أو شابة، وسواء كان معها نساءٌ أم لم يكن، وتهاوُن بعضِ الناس اليوم خطأ؛ لكونهم يطلقون نساءهم أو خَدَمهم فيحجون بلا محرم، فإن هذا لا يحل -أي: لا يحل للمرأة ولو كانت خادمة- أن تحج بلا محرم، ولو كانت مع نساء؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم).
فمتى وجب الحج وَجَبَ على الإنسان أن يبادر به، ولا يجوز أن يتأخر؛ لأن جميع أوامر الله تعالى على الفورية ما لم يوجد دليل على جواز التأخير؛ لقول الله تعالى: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ [آل عمران:133].
وقوله: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ [البقرة:148].
ولأن الإنسان لا يدري ما يعرِض له، فقد يموت قبل أن يحج، ويبقى الحج ديناً في ذمته.
وعلى هذا فالواجب على مَن وجب عليه الحج لتمام شروطه أن يبادر به، فإن لم يفعل كان آثماً، وإذا مات قبل أن يحج مع التأخير فمِن العلماء مَن يقول: إنه يُحَجُّ عنه ويُجْزِئُه.
ومنهم من يقول: إنه لا يُحَجُّ عنه؛ لأنه لا يُجْزِئُه؛ لكونه أخَّر الحج مع قدرته عليه، فلا ينفعه حج غيره عنه.
فضيلة الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين! وفقكم الله! أرجو من فضيلتكم بيان ما يجب على المرأة المتوفى عنها زوجها أن تفعله فترة العدة، وما يجب عليها أن تتجنبه؟
الجواب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المرأة التي مات عنها زوجها تتجنب في مدة العدة الآتي:
أولاً: كل ثياب جميلة تُعَدُّ تَزَيُّناً.
ثانياً: التحلِّي بجميع أنواعه، سواء كان في الأذن، أو الذراع، أو على الرأس، أو قلادة، أو ما أشبه ذلك، فيشمل جميع أنواع الحلي.
ثالثاً: الاكتحال، فلا تكتحل، لا ليلاً ولا نهاراً.
رابعاً: التحسين بتحمير الشفاه أو غيره، فلا يجوز لها أن تفعل شيئاً من ذلك.
خامساً: الخروج من بيتها إلا لحاجة أو ضرورة.
سادساً: التطيُّب بأي نوعٍ من أنواع الطيب، إلا أنها إذا طَهُرت فلها أن تستعمل شيئاً من البخور تُطيب به ما حصل فيه رائحة من فرجها وما حوله.
السائل: وإذا كان فيها صرع حيث يأتيها صرع، فهل يجوز لها أن تخرج؟
الشيخ: قلتُ: لا تخرج من البيت إلا لحاجة أو ضرورة.
الجواب: القول الراجح في النافلة إذا أقيمت الصلاة: إن كان في الركعة الثانية أتمها خفيفة، وإن كان في الركعة الأولى قطعها.
الجواب: هذا الرجل الذي ترك المبيت بـمزدلفة، وترك طواف الوداع ترك واجبين من واجبات الحج، فعليه لكل واجب دم، والدم الواجب لترك الواجب يجب أن يكون في مكة، ولا يلزم أن يذبح هو بنفسه، فبإمكانه أن يوكِّل أحداً من الحجاج أو المعتمرين فيذبحه الوكيل، ويفرق جميع لحمها على الفقراء هناك.
الشيخ: لماذا يوكِّل أهله في الأضحية؟
السائل: للتفرغ لأعمال الحج.
الشيخ: تعني: أنه حاج؟
السائل: نعم.
الشيخ: يجوز للإنسان إذا حج أن يوكل أحداً من أهله الباقين في البلد، فيُضَحِّي عنه، وعن أهل بيته؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكَّل علي بن أبي طالب في ذبح بقية هديه.
الجواب: أولاً: لا نرى أن الإنسان يسافر إلى بلد خارج بلده إلا لحاجة أو مصلحة راجحة؛ وذلك لأن السفر إلى البلاد الخارجية يتكلف نفقات كبيرة لا داعي لها، فتكون من إضاعة المال، وقد نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن إضاعة المال.
ثانياً: أن هذا السفر ربما يشغلهم عن أشياء يفعلونها في بلدهم، من صلة رحم، وطلب علم إذا كانوا يطلبون العلم ... وغير ذلك، ولا شك أن الاشتغال عن الشيء النافع يعتبر خسارة في عمر الإنسان.
ثالثاً: أن البلاد التي يسافرون إليها قد تكون بلاداً أثَّر فيها الاستعمار من جهة الأخلاق والأفكار، فيحصل بذلك ضرر على الإنسان في أخلاقه وأفكاره، وهذا هو أشد الأمور التي يُخشى منها في السفر إلى الخارج.
ولهذا أقول لهذا السائل ولغيره: عندنا -ولله الحمد- من المصايف في بلادنا ما يغني عن الخارج، مع قلة النفقات، ونفع المواطنين.
الجواب: رؤيا الأنبياء حق بلا شك، والله سبحانه وتعالى أَرَى نبيَّه محمداً صلى الله عليه وسلم عدوَّه قليلاً لأجل المصلحة العظيمة، فهو مَثَلٌ ضربه الله عزَّ وجلَّ له، وليس هو رؤيا بالفعل؛ لكنه مثل ضُرب له من قِبل الله عزَّ وجلَّ من أجل أن لا يكون فيه ذل أو جبن عن التقدم في الجهاد؛ ولهذا قال: وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ [الأنفال:43] فكان من الحكمة أن الله سبحانه وتعالى يريه إياهم مثلاً يضربه من أجل التنشيط على الجهاد.
السائل: أتعني أن هذه الرؤيا ليست حقاً؟
الشيخ: لا. هي حق من الله عزَّ وجلَّ، فالرسول رأى حقاً؛ لكنه لم ير هؤلاء القوم، بل أُرِي إياهم مثلاً.
الجواب: إذا حاضت المرأة بعد إحرامها فإنها تفعل كل ما يفعله الحاج إلا الطواف بالبيت والسعي الذي بعده، فإذا حاضت مثلاً بعد أن أحرمت ولم تصل بعد إلى مكة فإنها إن غلب على ظنها أنها تطهر قبل اليوم الثامن تبقى على إحرامها؛ ولكنها لا تطوف ولا تسعى حتى تطهر.
وإن غلب على ظنها أنها لا تطهر إلا بعد اليوم الثامن فإنها تحرم بالحج فتُدْخِل الحج على العمرة، وتصير قارنة، كما جرى ذلك لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
وأما أخذ الحبوب من أجل منع العادة فلا بأس به هنا للحاجة بشرط مراجعة الطبيب.
الشيخ: الرجل الذي قال لك: إن القرآن عَرَضٌ لماذا لم تسأله: ما معنى عَرَض؟!
السائل: يقول: إنه يُقْصَد بها أن القرآن يتبادر إلى الذهن بالحفظ في وقت الصلاة عندما يقرأ الإنسانُ القرآنَ في التراويح، فيقول: هو عَرَضٌ، أو قريباً من هذا الكلام؛ لكني ما فهمتُ معنى عَرَض؟
الجواب: لا بد أن تسأله، هل يريد بالعَرَض الصفة، أي: أنه صفة من صفات الله، فهذا صحيح؛ لأن الكلام كلام الله، وكلام الله تعالى صفة من صفاته، أو أنه يريد شيئاً آخر، لا ندري.
فالواجب أن يُسْتَفْصل هذا الرجل، ويقال له: إن كنت تريد بقولك: عَرَض، أنه صفة من صفات الله تكلم به عزَّ وجلَّ، وأنزله على محمد صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل فهذا حق.
وإن أراد معنَىً آخر فيُنْظَر في هذا المعنى الذي أراد.
الشيخ: هل المراد قراءة القرآن حفظاً أو قراءته نَظَراً.
السائل: نَظَراً.
الجواب: إذا كان نظراً فإن طلب العلم أفضل -أعني: العلم الشرعي- وطلب العلم الشرعي هو من القرآن في الواقع؛ لأن العلم الشرعي كله أحكام القرآن الذي وجد فيه أو وجد في السنة المفسِّرة له.
الجواب: حديث (رحم الله امرأً صلى قبل العصر أربعاً) إذا صح فالمراد به ما بين الأذان والإقامة.
الشيخ: يقول العلماء: إن الإمام لا يقنُت في صلاة الجمعة؛ لأن الخطبة فيها دعاء للمؤمنين، فيُدعى لمن يُراد أن يُقْنَت لهم في أثناء الخطبة، هكذا قال أهل العلم. والله أعلم.
السائل: وإن قنت يا شيخ؟
الشيخ: ما دام أن العلماء قالوا: لا يقنت، فعليه أن يترك.
السائل: وهل هو جائز يا شيخ؟
الشيخ: لا بأس؛ لأنه حتى لو قنت فإنه لا يعتبر عاصياً؛ لكن الأحسن أن يدعو لمن أراد القنوت لهم في أثناء الخطبة.
الجواب: إذا اعتمر الإنسان لنفسه وأراد الحج لغيره في سَنَة واحدة فإنه يعتبر متمتعاً؛ لأن الفاعل واحد؛ جمع بين العمرة والحج؛ ولكن أسألك: لماذا جعل العمرة له والحج لغيره؟ هل هو متبرع أم أن غيره قد وكله في الحج؟
السائل: نوى العمرة لغيره، والحج له.
الشيخ: أمتبرعٌ هو؟
السائل: نعم متبرع.
الشيخ: لا بأس.
السائل: وإذا لم يكن متبرعاً؟
الشيخ: إذا لم يكن متبرعاً فإن المعروف عندنا في عرفنا أن الإنسان إذا وكَّلك بالحج وأعطاك نفقته؛ المعروف أنه يريد العمرة والحج جميعاً.
الجواب: سنة الضحى وقتها من لحظة ارتفاع الشمس قدر رمح -أي: بعد طلوع الشمس بنحو ربع ساعة- إلى قبيل الزوال، أي: إلى قبل زوال شمس الظهر بنحو عشر دقائق.
الجواب: هذا الحديث مروي عن ابن عباس رضي الله عنه من قوله.
وإذا كان كذلك فإن الزخرفة يراد بها الزخرفة المشابهة لزخرفة اليهود والنصارى.
وأما الزخرفة التي لا تشغل المصلي وإنما تعطي المسجد زيادةً في الراحة والبرودة في الصيف والدفء في الشتاء، فهذه لا بأس بها؛ ولكن يجب أن لا يبالغ في ذلك كما يفعل بعض الناس الآن؛ تجده يجعل على المحراب من الزخارف والنقوش ما يشغل المصلي أو يكون له ثمن باهظ.
وأما الصور فلا يجوز إطلاقاً أن تُجْعَل في المساجد صورة، لا صورة آدمي ولا صورة حيوان.
الجواب: هذه اللافتات التي توجد في الطرق لا بأس بها، ففيها تذكير.
لكن هناك أناس يكتبون على الجسور كلمات ساقطة جداً، فمثل هذه لا يجوز إقرارها، بل يجب محوها؛ لأنها كلمات لا تليق بالإنسان، فضلاً عن أن هذه طرق يأتيها الناس من كل بلد، فيحصل في هذا سمعة سيئة عن الشعب السعودي؛ بأنه شعب ساقط سافل، وربما يكون كاتب هذه الكلمات السيئة مُغْرِضاً.
الجواب: إيذاء الكفار الذين بيننا وبينهم عهد وميثاق مُحَرَّم ولا يحل؛ لكن إكرامهم وإفساح المجال لهم هو الذي نهى عنه النبي عليه الصلاة والسلام حيث قال: (لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام، وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه)، وليس المعنى أن يؤذيهم ويرصَّهم -مثلاً- على الجدار أو ما أشبه ذلك؛ لأن الكفار اليهود كانوا موجودين في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام في المدينة ، ولم يكن يعاملهم بهذه المعاملة؛ بالإيذاء، بل كان عليه الصلاة والسلام يعاملهم بما يقتضيه العهد.
الجواب: صيام العشر من ذي الحجة من الأعمال الصالحة ولا شك، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، قالوا: يا رسول الله! ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء).
فيكون الصيام داخلاً في عموم هذا الحديث، على أنه ورد حديث في السنن حسَّنه بعضهم أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يصوم هذه العشر، أي: ما عدا يوم العيد، وقد أخذ بها الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، وهو الصحيح أي: أن صيامها سنة.
الجواب: إذا كان لهؤلاء نشاط في الدعوة إلى بدعتهم فليكن منكم نشاط أكبر في الدعوة إلى سنتكم؛ لأن الحق إذا قام به أهله فإن الله عزَّ وجلَّ يقول في كتابه: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ [الأنبياء:18] لكن كوننا نرى نشاط أهل البدع في بدعتهم -ولا سيما البدع الغليظة- ثم نسكت أو نقول: ماذا نفعل؟ فإن هذا يعتبر جبناً، فإذا كان لهم دعوة فلتكن دعوتكم أنتم أكبر وأعظم؛ لأنكم على حق ومأجورون، أما أهل البدع إذا دعوا إلى بِدَعِهم فهم آثمون مأزورون؛ عليهم الوبال، وعليهم وبال كل مَن دعوه إلى هذه البدعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة).
فأنا أحثكم على أن يكون لكم نشاط عظيم، فإذا كانوا يبذلون درهماً فابذلوا درهمين، وإذا كانوا يأتون إلى هؤلاء في بيوتهم ويدعونهم إلى أن يأتوا إليهم في البيوت فليكن نشاطكم في هذا أكثر وأعظم.
السائل: ومضايقتهم لنا؟
الشيخ: كما قلنا فيما سبق أن النبي عليه الصلاة والسلام أعطانا قاعدة نسير عليها؛ نعاملهم بمثل ما يعاملوننا به.
والحقيقة أن هذا الحادث له الآن ثلاث سنوات أو أكثر، وأنا مِن أثر الحادث جلستُ في المستشفى أكثر من شهرين، وجسمي لا يساعدني على الصيام، حيث أني أتعبُ من صيام رمضان كثيراً لولا مساعدة ربي جلَّ وعَلا. أرجو أن تجدوا لي حلاً، حيث إنني عندما صدمت بالسيارة لم أكن متعمداً، بل هو الذي طلع عليَّ، وكذلك لم تكن سرعتي جنونية؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب: خلاصة السؤال: أنه صدم رجلاً خرج عليه من شارع فرعي، وأن الشيخ القاضي حكم عليه بصيام شهرين متتابعين، وأنه حسب تقرير المرور حُكِم عليه بـ(25 %) من الدية؛ ولكن أهل الدية تنازلوا، فبَقِي عليه حـق الله عزَّ وجلَّ وهو صيام شهرين.
فإن كان يستطيع أن يصوم الشهرين فليصُم، وإذا كان لا يستطيع فليس عليه شيء؛ لأن الله عزَّ وجلَّ بين في كفارة القتل: أن فيها عِتْق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، ولم يذكر الإطعام.
الجواب: أولاً: السحر لا شك أن له أثراً في الإنسان .. أثراً في العقل، وأثراً في البدن، وأثراً في الإحساس، ولهذا لما ألقى السحرة سِحْرَهم أمام موسى عليه الصلاة والسلام كان يخيل إليه من سحرهم أن هذه الحبال والعصي تسعى، بمعنى: أنها تمشي وتركض.
فالسحر لا شك أن له تأثيراً ولكن لا ينبغي أن يكون الإنسان سريع التوهُّم؛ فكلما أصابه شيء قال: إنه سحر، حتى إن بعض الناس يُزْكَم فيقول: هذا الزكام سحر! وهذا خطأ.
لكن على كل حال إذا تبين أثر السحر على الإنسان بأثرٍ ظاهر، فصادفه ساحر وقال: إنك مسحور، فلا يعتمد على قول هذا الساحر؛ ولكن يعتمد على ما حصل له من آثار السحر، ويكون قول الساحر مؤيِّداً له.
الشيخ: في الحرم المدني؟!
السائل: نعم. فُتحت في هذه الأيام الأخيرة.
الشيخ: على السطوح؟!
السائل: نعم.
الجواب: على كل حال، الصلاة على السطوح في الحرم المدني كالصلاة على السطوح في الحرم المكي، وكذلك في بقية المساجد، أي: أنه لا بأس بذلك.
وأما اتصال الصفوف فالذي ينبغي للإنسان إذا جاء أن يبدأ أولاً بالمكان الذي فيه الإمام، فلا ينزل إلى القَبَوات ولا يصعد إلى السطوح إلا إذا وجد أن المكان الذي فيه الإمام قد مُلِئ.
الجواب: المذي لا يُفسد الصوم، سواء كان الصوم في رمضان أو في غير رمضان.
السائل: المذي لا يُفسد؟!
الشيخ: لا يُفسد الصوم، نعم.
السائل: فهل يوجب القضاء؟
الشيخ: إذا قلنا: لا يفسد الصوم فإنه لا يوجب القضاء.
السائل: بشهوةٍ أو بغيرها؟
الشيخ: هو -غالباً- لا ينـزل إلا بشهوة، فحتى لو كان بشهوة، وحتى لو قبَّل امرأته أو باشرها، وأمذى فإن صومه صحيح، ولا يلزمه القضاء.
أولاً: لا بد أن يعرف الحكم في المسألة.
ثانياً: لا بد أن يعرف الدليل.
ثالثاً: لا بد أن يعرف وجه الاستدلال.
رابعاً: لا بد أن يعرف الجواب عن قول من خالف إذا كان في المسألة خلافاً.
وعزا هذا القول إلى ابن القيم .
فهل هذا صحيح، ثم إذا كان صحيحاً فما توجيهكم؟
الجواب: أولاً: يقال لهذا الناقل عن ابن القيم : أثبت ذلك عن ابن القيم ؛ لأن ما أكثر الذين يقولون: جاء في هذا حديثٌ عن الرسول، أو جاء كلامٌ عن السلف، أو جاء كلامٌ عن بعض العلماء، ثم يكون متوهِّماً في نقله! فيقال: أرِنا كلام ابن القيم ؛ لأن كلام ابن القيم ربما يكون على غير الوجه الذي فهمه.
ثم إذا صح هذا عن ابن القيم فإنه غير مُسَلَّم؛ لأن الناقل ليس مفتياً على حسب فتوى المفتي، فهناك فرق بين أن يقول: قال الشيخ الفلاني: كذا وكذا، فيكون ناقلاً، وبين أن يُسأل هذا الذي استفتى العالم، ثم يفتي بدون أن ينسبه ذلك إلى العالم، فهذا هو الذي يحتاج إلى أن الإنسان لا بد أن يعرف الدليل والاستدلال، ويكون كالمجتهد تماماً.
فهناك فرق بين نسبة القول إلى العالم، وبين أن يفتي به اعتماداً على قول عالمٍ بدون أن ينسبه إليه، فالأول مخبرٌ ناقل، وليس فيه شيء، إلا أن يتأكد أن المفتي قال: كذا وكذا، وأما الثاني فيعتبر مفتياً مجتهداً، والمفتي المجتهد لا بد أن يعرف الدليل ويعرف الاستدلال، ويجيب عن أدلة المخالف إذا كان هناك مخالف.
فأنت أولاً: طالِبْه بما ذَكَرَ عن ابن القيم ، ثم بعد ذلك الحكم في المسألة كما قلتُ لك؛ أي: أن هناك فرقاً بين الإخبار؛ أن فلاناً أفتى بكذا، وبين أن يفتي الإنسان على أنه مستقل بالفتوى، فهذا يكون مجتهداً حكمه حكم المجتهدين.
الجواب: إذا كان عند الإنسان حيوان مسئول عنه لكونه في مُلكه أو في حوزته ثم أصيب هذا الحيوان بمرض لا يمكن الانتفاع به مع هذا المرض فلا بأس أن يقتله؛ لأنه في هذه الحالة سيكون عبئاً عليه، وسوف نلزمه بالإنفاق عليه، فيكون في ذلك إضاعة للمال؛ لأنه ينفق على شيء لا يستفيد منه.
فعلى هذا نقول: لا بأس أن تقتل هذا الحيوان إذا كان مريضاً لا تنتفع منه، أو كان يُخشى منه عدوى ضارة بالحيوانات الأخرى، هذا إذا كان تحت مسئوليتك.
أما إذا كان خارجاً عن مسئوليتك بأن يكون هناك حمار أو كلب أو دابة في البر ليس لك عليها ولاية فدَعْها حتى يَقْضِي الله فيها أمراً كان مفعولاً.
السائل: وإذا كان من المسئولين الرسميين؟
الشيخ: أما المسئول الرسمي عن مراعاة الحيوانات فهو مسئول كالذي يملكها مباشرة.
السائل: والذي أصيب في حادث يقتله؟
الشيخ: نعم.
الشيخ: وهذا المرض قديمٌ فيه، أعني: له مدة فيه؟
السائل: نعم، فقد كان مريضاً بالسكر، ثم حصل له هذا.
الجواب: هذا بارك الله فيك يُطْعَم عنه عن كل يوم مسكيناً؛ لأن تركه الصيام كان لمرضٍ لا يُرجى زواله؛ لأن السـكر -أعاذنا الله وإياكم منه- في الغالب لا يزول، فيُطْعَم عن كل يوم مسكيناً. فهذه السنة كان صيامنا تسعة وعشرين يوماً، فيُطْعِم تسعة وعشرين فقيراً.
السائل: لم يفطر رمضان كاملاً، أفطر فقط اثنا عشر يوماً.
الشيخ: يكون بحسب الأيام، كل يوم له مسكين؛ إذا كان أفطر اثنا عشر يوماً فيُطْعَم عنه اثنا عشر مسكيناً.
الجواب: أما سمعتَ كلامنا قبلُ؟!
الكافر لا يصح حجه، ولا يجوز أن يدخل حدود الحرم، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا [التوبة:28] فهذا الذي لا يصلي لا يحل له أن يدخل حدود الحرم، أي: ما كان داخلاً في حدود الحرم لا يجوز دخوله فيه، يُمنع منه.
فإذا كان مع رفقة وهو لا يصلي، ويعرف رفقتُه أنه لا يصلي فالواجب عليهم إذا أقبلوا على حدود الحرم أن ينزلوه، فإن أبى كلموا السلطات عنه؛ لأنه كافر، والكافر لا يجوز أن يدخل مكة ، ولا يصح إحرامه بالحج، ولا حجه، ولا صيامه، حتى يعود إلى الإسلام، ويصلي.
الجواب: الواجب عليهم أن يتعلموا من دين الله ما يحتاجون إليه؛ فيتعلمون من أحكام الطهارة ما يحتاجون إليها، ومن أحكام الصلاة ما يحتاجون إليها، ومن أحكام الزكاة ما يحتاجون إليها، ومن أحكام الصيام ما يحتاجون إليها، ومن أحكام الحج ما يحتاجون إليها، لا بد. يجب عليهم هذا، وهذا العلم فرض عين كما قاله العلماء.
فهُمُ الواجب عليهم أن يسألوا، ووسائل تحصيل العلم اليوم -ولله الحمد- سهلة، فالمواصلات ميسَّرة والاتصالات ميسَّرة؛ المواصلات بالسيارات، فالمسافة التي كان الناس يقطعونها في الأول في يومين يقطعونها اليوم في ساعتين، والاتصالات كذلك ميسرة، فالهاتف موجود؛ يتصلون بالعلماء ويسألونهم، فهم في الحقيقة غير معذورين.
ومع ذلك نقول: إن على العلماء واجباً؛ أن يطوفوا بالبلدان التي يكثر فيها الجهل حتى يعلموهم أمور دينهم، فإن الرسـول عليه الصلاة والسلام كان يبعث الدعاة إلى البلاد ليعلموهم دينهم ويرشدوهم، وأمَرَ مالك بن الحويرث وأصحابه أن يرجعوا إلى أهليهم ويعلموهم ويؤدبوهم.
فهنا واجب على العامة، وواجب على العلماء.
السائل: أنا أقصد أنهم يتقنون أمور الزراعة والصناعة والأمور الدنيوية.
الشيخ: هم يتقنون أمور دنياهم؛ لكن أمور الدنيا ربما يعرفونها بالتجارب، وربما يكونون حريصين على أمور الدنيا أكثر من حرصهم على أمور الدين.
الجواب: الواجب عليه أن يتخلص من هذه الخمسة ريالات؛ لأنها في وقتها تعدُّ زيادةً ورباً، فهي ليست أرباحاً بل خسارة.
فعليه أن يتصدق بما جاءه من الزيادة قبل التوبة تخلُّصاً منها، لا تقرباً إلى الله بها.
السائل: وإن كان في حين توبته أراد أن يصفي فأعطوه الخمسة ريالات؟
الشيخ: نفس الشيء، ما دام أنه الآن خسر فمعنى ذلك أن هذه الزيادة كانت قبل أن يحصل النقص برأس المال.
الجواب: السلام على المصلي لا بأس به إذا لم يُخْشَ أن يشغلَه ذلك عن صلاته، أو أن تَفْسُد صلاتُه برد السلام على المسلِّم؛ لأن من العامة من لا يعرف؛ ربما إذا قلت له: السلام عليكم، قال: وعليكم السلام.
والأَولى إذا كنتَ تريد أن تنتظر حتى يَخرج من صلاته ثم تسلم عليه فهذا هو الأفضل، وإذا كنت لا تريد البقاء فاذهب ولا تسلِّم.
أما كيفية الردِّ فالردُّ باليد فقط، ترفع يدك إشارة إلى أنك قد فهمتَ، ثم إن بقي حتى تُسَلِّم، فَرُدَّ عليه السلام باللفظ، وإن انصرف فالإشارة كافية.
الجواب: هذا سؤال مهم وهو دفع قيمة الأضاحي إلى بلاد فقيرة ليُضَحَّى بها هناك، فإن بعض الناس يفعل هذا، بل يزيد على ذلك أنه يضع دعايةً في الصحف أو غير الصحف لحث الناس على بعث الأضاحي إلى بلاد أخرى، وهذا يصدر في الغالب عن جهل بمقاصد الشريعة، وعن جهل بالحكم الشرعي.
المقصود بالأضحية:
المقصود الأول: هو التقرب إلى الله تعالى بذبحها : فإن الذبح من أكبر العبادات، بل قرنه الله عزَّ وجلَّ بالصلاة: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2]، قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام:162] على القول بأن النسك هنا: الذبح.
فالذبح نفسه عبادة؛ لا يمكن أبداً أن تحصل هذه العبادة إذا ما أرسلت الدراهم إلى بلاد أخرى ثمناً لأضحيةٍ، وذُبِحَت هذه الأضحيةُ عنك، وقد قال الله تعالى في كتابه: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ [الحج:37].
المقصود الثاني: أن الإنسان إذا أرسلها إلى بلاد أخرى فإنه يفوته ذكرُ اسمِ الله عليها : وقد قال الله تعالى: وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ [الحج:34] فجعل ذكرَ اسمِ الله عِلَّةً لهذه المناسك التي جعلها الله عزَّ وجلَّ، وهذا الذكر سيفوته إن كان الذبح هناك، وربما يذبحها من لا يسمِّي أصلاً.
المقصود الثالث: أنه إذا أرسلها إلى الخارج يفوته الأكل منها : وقد قال الله تعالى: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [الحج:28] والأمر بالأكل منها للوجوب على رأي كثير من العلماء، فإذا أرسلتَها إلى الخارج فاتك القيام بهذا الأمر، سواء كان واجباً أم مستحباً.
المقصود الرابع: أنه إذا أرسلها إلى الخارج خَفِيَت الشعيرةُ العظيمة التي جعلها الله تعالى في بلاد المسلمين عوضاً عن الشعيرة العظيمة التي جعلها الله تعالى في مكة ، فالشعيرة التي تكون في مكة هي: الهدي، والشعيرة التي تكون في بلاد المسلمين الأخرى هي: الأضحية، فالله سبحانه وتعالى جعل هذه الشعائر؛ ذبح الهدي في مكة ، وذبح الأضحية في البلاد الأخرى لِتُقام الشعائر في بلاد الإسلام كلها، ولهذا جعل الله سبحانه وتعالى لمن أراد الأضحية شيئاً من خصائص الإحرام، كتجنب الأخذ من الشعر مثلاً.
المقصود الخامس: أن هذه الشعيرة ربما تموت بالنسبة لأبنائنا وبناتنا : فإذا كانت الأضحية في البيت فإن الأهل كلهم يشعرون بها، ويشعرون أنهم على طاعة، فإذا أُرْسِلَت دراهم فما الذي يُدْرِيهم بها؟ فتفوت هذه الشعيرة.
فنقول: من الخطأ الواضح أن ترسَل قيم الأضاحي إلى خارج البلاد ليُضَحَّى بها هناك؛ لأن كل هذه المصالح وربما أشياء أخرى لا تحضرني الآن كلها تفوت بهذا الأمر.
المقصود السادس: أن الناس يبدءون ينظرون إلى الأضحية نظرةً ماديةً فقط، وهي: إطعام الجائع : وهذا أيضاً ضرر، وقد قال الله تعالى: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ [الحج:37] وإذا كنت صادقاً في أن تتعبد لله في الأضحية، وأن تنفع إخوانك المسلمين فضحِّ في بلدك، وأرسل الدراهم والأطعمة والأكسية إلى البلاد الأخرى. ما الذي يمنعك؟!
لهذا أرجو منكم -بارك الله فيكم- أن تبينوا للناس أن هذا خطأ، وأن لا يصرفوا قيمة ضحاياهم إلى البلاد الأخرى، بل يضحوا في بيوتهم.
ولا يرد على هذا أن الرسول عليه الصلاة والسلام وكَّلَ علي بن أبي طالب في ذبح هديه، أو أنه بعث بالهدي من المدينة إلى مكة ؛ لأن بعثَه بالهدي من المدينة إلى مكة ضروري، إذْ لا هدي إلا في مكة ، فلو ذبحه في المدينة لم يكن هدياً.
وأما توكيل علي بن أبي طالب فالرسول عليه الصلاة والسلام وكَّله؛ لأنه مشغول بأمور الناس، فالناس في حاجة إلى أن يتفرغ لهم، ومع ذلك أمَرَ مِن كل بعير بقطعة، فجُعِلَت في قدر فطُبِخَت، فأكل من لحمها وشرب من مرقها؛ فهو لم يترك الأكل منها.
فنرجو -بارك الله فيكم- أن تحرصوا على توعية الناس، وأن تقولوا: إن المسألة ليست مسألة أن الفقير ينتفع من اللحم، بل أهمُّ شيء هو التقرُّب إلى الله في الذبح الذي جعله الله قرين الصلاة، وأنت لا تُمْنَع من نفع إخوانك، فتُرسل لهم دراهم، لا مانع من ذلك.
نسأل الله أن يتقبل منا ومنكم، وإلى اللقاء القادم إن شاء الله.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر