أما بعد:
فهذا هو يوم الخميس الثامن عشر من شهر ربيع الأول، والذي يتم فيه اللقاء مع الإخوة في كل أسبوع.
وهذا هو اللقاء الموفِي للسبعين لقاء، والذي يتم في شهر ربيع الأول من عام (1415هـ).
ومن عادتنا أن نتكلم أولاً عن تفسير آيات كنا معها من سورة النبأ حتى انتهينا إلى أول سورة البلد في قوله تبارك وتعالى: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ * أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ * يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُبَداً * أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ [البلد:4-7]، بيَّنا أن قوله تعالى: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ[البلد:4] له معنيان عند أهل العلم:
المعنى الأول: التمام والرفعة في الخِلْقَة، والعقل، وغير ذلك.
المعنى الثاني: مكابدة المشاق في الأعمال الدنيوية والأخروية.
والقاعدة في تفسير كتاب الله عزَّ وجلَّ يا إخواننا: أن الآية إذا كانت تحتمل معنيين لا تناقض بينهما، فإنها تُحمل على المعنيين جميعاً؛ لأن ذلك أوسع في التفسير والعلم.
إذاً .. فالإنسان في حال صحته، وعنفوان شبابه يظن أنه لا يقدر عليه أحد، وهذا لا شك بالنسبة للكافر، حتى أنه يظن أن الرب عزَّ وجلَّ لا يقدر عليه.
أما المؤمن فإنه يعلم أن الله قادر عليه، وأنه على كل شيء قدير، فيخاف الله.
وكل هذا تهديد للإنسان ألا يتغطرس، وألا يستكبر من أجل قوته البدنية، أو كثرة ماله.
أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ [البلد:8] أي: يبصر بهما، ويرى بهما، وهاتان العينان توصلان إلى القلب ما نظر إليه الإنسان، إن نظر نظرة محرمة كان آثماً، وإن نظر نَظَراً يقربه إلى الله كان غانماً، وإن نظر إلى ما يباح له، فإنه لا يُحْمَد ولا يُذَم ما لم يكن هذا النظر مُفْضياً إلى محظور شرعي، فيكون آثماً بهذا النظر، أو العكس.
قال تعالى: وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ [البلد:9]: لساناً ينطق به، وشفتين يضبط بهما النطق، وهذه من نعم الله العظيمة؛ لأنه بهذا اللسان وبالشفتين يستطيع أن يعبر عمَّا في نفسه، ولولا هذا ما استطاع، لو كان لا يتكلم فكيف يؤدي ما في قلبه؟! كيف يُعلم الناس بما في نفسه؟! اللهم إلا بإشارة فإنها تُتْعِب المشير، وكذلك المُشار الذي أُشِيْرَ له؛ ولكن من نعمة الله أن جعل له لساناً ناطقاً، وشفتين يضبط بهما النطق، وهذا من نعمة الله، وهو أيضاً من عجائب قدرته، فمن أين يأتي النطق؟!
يأتي من هواء يكون في الرئة فيخرج من مخارج معينة، فإن مَرَّ بشيء صار حرفاً، وإن مَرَّ بشيء آخر صار حرفاً آخر، وهو هواء واحد، من مخرج واحد؛ لكنه يمر بشعيرات دقيقة في الحلق والشفتين واللثة، هذه الشعيرات تكوِّن الحروف، فنجد مثلاً: الباء والشين كلاهما يحدث بهواء يندفع من الرئة، ومع ذلك تختلف باختلاف ما تمر عليه في هذا الفم من مخارجِ الحروف المعروفة، وهذا من تمام قدرة الله عزَّ وجلَّ.
القول الأول: أي بيَّنا له طريق الخير وطريق الشر.
القول الثاني: أي: دَلَلْناه على ما فيهما غذاؤه، وهما الثديان، فإنهما نجدان لارتفاعهما فوق الصدر، فهداه الله تعالى إليهما وهو رضيع لا يعرف شيئاً، فمن حين أن يخرج وتضعه أمه يطلب الثدي، من الذي علَّمه؟!
إنه الله عزَّ وجلَّ.
فبيَّن الله عزَّ وجلَّ منتَه على هذا الإنسان، فمِن حين يخرج يهتدي إلى النجدين.
وفي بطن أمه يتغذى عن طريق السرة؛ لأنه لا يستطيع أن يتغذى من غير هذا، فلو تغذى عن طريق الفم فإنه يحتاج إلى بول وغائط، وكيف يمكن ذلك؟! لكنه عن طريق السرة يأتيه الدم من دم أمه، وينتشر في عروقه حتى يحيا إلى أن يأذن الله تعالى بإخراجه.
والحمد لله رب العالمين.
الجواب: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فهذه مسألة عظيمة: وهي رؤية الله سبحانه وتعالى.
فرؤية الله تعالى في الآخرة أمر ثابت بالقرآن، والسنة، وإجْماع السلف ولكن هل إذا رؤي يُدرك؟!
الجواب: لا، لأن الله قال: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ [الأنعام:103] سبحانه وتعالى.
وكم من شيء نراه ولا ندركه، إما لصغره، وإما لبُعده، وإما لغير ذلك من الأسباب!
فالله عزَّ وجلَّ يُرى ولا يُدرك.
ولا حاجة إلى سرد الأدلة كلها في ذلك؛ ولكن نشير إشارة يسيرة:
يقول الله تبارك وتعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة:22-23].
فالأولى بالضاد بمعنى: حَسَنَةٌ.
والثانية: بالظاء بمعنى: النَّظَر بالعين.
وهذا يكون في المؤمنين؛ لأنه قال في مقابل ذلك: وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ * تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ [القيامة:24-25].
وقال تعالى في الكفار: كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ [المطففين:15]: مفهومُها: أن غيرَ الكفار غيرُ محجوبين.
وفي السنة المتواترة: أن الله تعالى يُرى: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر، لا تضامُون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تُغْلَبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها فافعلوا) فالأولى: صلاة العصر، والثانية: صلاة الفجر.
والأحاديث في ذلك كثيرة ومتواترة.
وأما السلف فمُجْمِعون على ذلك.
هذا في الآخرة.
أما في الدنيا فإن الله لا يُرى، ولقد سأل موسى عليه الصلاة والسلام وهو أحد أولي العزم من الرسل، سأل ربه أن ينظر إليه: قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً [الأعراف:143] اندكَّ الجبل بمجرد أن تجلى الرب له، فلما رأى موسى هذا المنظر خَرَّ صَعِقاً، وغُشِي عليه من هول ما رأى، وعلم أنه لا يمكن أن يرى ربه؛ لأنه إذا كان الجبل لم يستطيع أن يبقى على ما هو عليه حين تجلى له الرب عزَّ وجلَّ، فإن الإنسان من باب أولى.
ففي الدنيا لا يُرى الله، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (واعلموا أنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا).
بقي هل يمكن أن يُرى الله في المنام؟
نقول: أما النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقد رأى ربه في المنام.
وأما غيرُه ففي النفس شيء من ذلك، حتى ما يُروَى عن الإمام أحمد في نفسي منه شيء؛ لأن عموم قوله صلى الله عليه وسلم: (واعلموا أنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا) يشمل اليقظة والمنام، وإذا كان يشمل هذان فلا يمكن أن نقول: إنه يمكن أن يُرى في المنام! وإذا رُؤي في المنام فكيف يُرى؟! إذا كان الشيطان لا يتمثل بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلن يتمثل بالله!
وأنت إذا رأيت الله سبحانه وتعالى على ما هو عليه في المنام فلستُ أدري، وأنا في شك مما يُروى عن الإمام أحمد أو غيره أنه رأى الله عزَّ وجلَّ.
وأما في الآخرة فإن المؤمنين يرون ربهم، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم.
السائل: أليس صحيحاً ذلك عن الإمام أحمد؟
الشيخ: والله أنا في شك.
الجواب: هذه العبارات في الشاي: (الأول أينما كنتَ)، يريد صاحبها: أن هذا النوع من الشاي هو الرقم الأول أينما كان الإنسان، وهذه العبارة لا تنبغي، والمقصود منها: هو الدعاية لهذا الشاي.
ولا أظن أن الذي كتبها يخطر في باله أنه يريد بكلمة (الأول) ما يُراد إذا ذُكِر الله، لا أظن هذا.
وكذلك عبارة (نحن معكم أينما كنتم)، نقول: لا حيَّاكم الله ولا بيَّاكم أيتها البنوك، ولا نريد أن تكونوا معنا، ولا نكون معكم، ونسأل الله تعالى أن ييسر تحويل هذه البنوك إلى معاملات إسلامية في أقرب وقت ممكن.
فهم يريدون أيضاً أن هذا البنك معك أينما كنت، بمعنى: أنك إذا كنتَ في بلدك استطعت أن تستفيد، وإذا كنت في بلدٍ آخر استطعت أن تستفيد كما حدث الآن في الآونة الأخيرة، ولا أظن أيضاً أنهم يريدون معية الله عزَّ وجلَّ لخلقه، لا أظن هذا.
لكن مع ذلك أرى أن تستبدل هذه العبارات.
فأما عبارة الشاي فيقال: (هذا أحسن شاي)، إن كان صادقاً، فربما لا يكون أحسن شاي؛ لكن على تقدير أنه صادق.
وأما البنوك فيحسُن أن تُبْدَل العبارة بعبارة أخرى، مثل: (نرجو أن تعيننا على أن تتحول هذه البنوك إلى بنوك إسلامية).
الجواب: أما الدف فلا بأس به للرجال عند قدوم غائب كبير، أو لمناسبات كالأعياد وشبهِها.
وأما في الأعراس فالذي تستعمله النساء فقط.
أما الطبل فلا يجوز مطلقاً.
والفرق بين الدف والطبل أن الدف مفتوح من أحد الجانبين، وأما الطبل فهو مقفل من الجانبين.
وأما التصفيق فلا نرى هذا؛ لأن التصفيق لَهْوٌ لا فائدة منه، فلا نرى أن يصفق الرجال، بل ولا النساء أيضاً في الأعراس، ويكفي ما جاءت به السنة من اللهو.
الجواب: يقول العلماء رحمهم الله: إذا وضعتَ سترة في الصلاة فلا تقابِلْها مقابلةً تامة، بل اجعلها عن يمينك شيئاً ما، أو عن يسارك شيئاً ما، لأنه ورد حديث بذلك عن النبي عليه الصلاة والسلام؛ لكن الحديث الذي ورد في هذا لَيِّن؛ أي: فيه شيء من الضعف.
وظاهر الأدلة أن السترة تكون بين يدي المصلي تماماً، وأنه يستقبلها بدون أن تكون عن يمينه أو عن شماله.
والأمر في هذا واسع؛ إن صَمَد إليها صَمْداً فلا بأس، والإنسان بعيدٌ عن أن يجعلها كالصنم، وإن جعلها عن يمينه أو عن يساره شيئاً ما فلا بأس.
الجواب: التصوير بكاميرا الفيديو إذا كان لمصلحة فلا بأس، كتصوير محاضرات، أو معلومات تفيد الإنسان.
وأما إذا كان عبثاً فأقل ما فيه أنه إضاعة للمال والوقت في التصوير وفي عرضها على جهاز التلفاز، وفي الوقت أيضاً.
فالمهم أنه إذا كان لحاجة أو مصلحة فلا بأس، وإلاَّ فتركه أفضل.
ما حكم الدخول بالشريط الإسلامي إلى دورات المياه إذا كان فيه قرآن؟
الجواب: أولاً: أخونا سلَّم وهو جالس معنا، وهذا ليس من السنة؛ لأن الصحابة كانوا يسألون الرسول صلى الله عليه وسلم في مجلسه، ولا يبتدئون ذلك بالسلام.
لكن حيث أن السائل سلَّم متأوِّلاً أن السلام مشروع فإننا نقول له: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته.
أما بالنسبة للأشرطة التي فيها القرآن أو الأحاديث أو المواعظ فإن الدخول بها إلى محل قضاء الحاجة لا بأس به، لأنها ليست مكتوبة، ولهذا لو فَلَلْتَ سَيْرَ الشريط ما قرأتَ منه شيئاً، بخلاف المكتوب، فالمصحف يحرُم على الإنسان أن يدخل به الخلاء إلا إذا خاف عليه من سرقة أو نحوها، وأما هذا فلا بأس به؛ لأنه ليس مكتوباً.
الشيخ: صفها لي!
السائل: أرسل شخصٌ حوالةً إلى شخص ما في مدينة ما عن طريق بنك ربوي للاستفادة من الوقت؛ لأن فيه سرعة، فما الحكم في ذلك يا شيخ؟!
الجواب: أقول لكم قاعدة مهمة: معاملة البنوك على وجه مباح لا بأس بها -فمثلاً- لي أن أشتري منهم، أو أصرف منهم، أو أحوِّل عن طريقهم، فلا بأس بهذا؛ لكن المحظور هو الربا، فإذا لم يكن رباً فلا بأس، وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه اشترى من اليهود، وقبل الهدية منهم، وهم يأكلون السحت، ويأخذون الربا، وقد مات عليه الصلاة والسلام ودرعُه مرهونة عند يهودي.
أفهمت الجواب الآن؟
فلا بأس أن تحول عن طريق البنوك.
السائل: فما المحرم فيها إذاً؟
الشيخ: المحرم هو الفائدة، أو التي يسمونها فائدة وهي في الحقيقة خسارة، فالمحرم هو الربا وهو أن تضع مالاً فتُعطَى عوضاً عن وضعِه، أو أن تأخذ مالاً وتُعْطِيهم عوضاً عن أخذه.
الجواب: معنى ذلك أنك تصرفت فيها وكَسَبَتْ، وتريد أن تضع رأس المال في المشروع المنصوص عليه، والباقي في مشروعٍ آخر!
أولاً: مَن أعطي شيئاً لعمل مشروعٍ معين فإنه لا يجوز له أن يتصرف فيه أبداً، بل لابد أن يصرفه فيما أُذِنَ له فيه؛ وذلك لأن الوكالة مقيِّدة للوكيل فيما وُكِّل له فيه، لا يزيد عليها ولا ينقص.
ثانياً: لو فُرِضَ أن الرجل فَعَل ورَبِحَ هذا التصرُّف، فالواجب صرف الربح في المشروع الأول الذي نص عليه صاحب الدراهم؛ لأن الربح تَبَعٌ للأصل، ولا يجوز أن يصرفه في مشروع آخر إلا بإذن صاحبه.
الجواب: أما الأذان للواحد فسنة وليس بواجب؛ لأن الأذان للإعلام بدخول الوقت والدعوة إلى الصلاة، والواحد يعلم بنفسه، وأما إذا كانوا جماعة فيجب عليهم الأذان، سواءً في الحضر، أو في السفر؛ لكن في الحضر يُكْتَفَى بأذان الناس، وفي السفر لابد أن يؤذنوا؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما أذن لـمالك بن الحويرث ومن معه أن ينصرفوا قال: (إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم) فأمر بأذان الواحد منهم.
وعلى هذا فيجب على من كانوا في سفرٍ أو في نزهة ولا يسمعون أذان البلد أن يؤذنوا.
وأما .. هل يكون عند دخول الوقت أو عند فعل الصلاة؟
فنقول: يكون عند فعل الصلاة، إلا إذا كنتَ في البلد فلابد أن تؤذن على الوقت؛ لأن الناس قد لا يريدون التأخير، ودليل هذا ما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر، فقام بلال ليؤذن فقال له: (أبْرِد) وكان ذلك في شدة الحر، ثم أراد أن يؤذن فقال له: (أبْرِد) مرتين أو ثلاثاً، حتى رأوا فَيْء التلول، ثم أذِنَ له بالأذان، فدل ذلك على أنه يتبع الصلاة؛ لكن في البلد يتبع الوقت؛ لأن الناس ليسوا متفقين على أن يؤخروا الصلاة، فيؤذن في أول الوقت، ومن كان له عذر شرعي وأخَّر الصلاة فلا حرج.
الجواب: التمثيل نرى أنه لا بأس به إذا كان لعلاج مشكلة من مشاكل المجتمع، بشرط أن لا يتضمن محظوراً شرعياً كأن يمثل الرجل دور امرأة أو تمثل المرأة دور الرجل، أو يمثل الرجل دور أحدٍ من أئمة المسلمين، أو السلف الصالح أو ما أشبه ذلك.
فإذا كان لا يتضمن محظوراً فلا حرج فيه.
الجواب: الرافضة بارك الله فيك كغيرهم من أهل البدع، إذا أتوا بما يوجب الكفر صاروا كُفَّاراً، وإذا أتوا بما يوجب الفسق صاروا فُسَّاقاً، وإذا كان لشيء من أقوالهم القريبةِ من أقوال أهل السنة فإنه فيه شيءٌ من النظر، وصار محل اجتهاد فهم فيه كغيرهم أيضاً.
فلا يمكن أن يُجاب بجواب عام ويقال: كل الرافضة كُفَّار، أو كل الرافضة فُسَّاق، لا، بل لا بد من التفصيل والنظر في بدعتهم.
ويجب علينا نحن أن ندعوهم إلى الحق، وأن نبينه لهم، وإذا كنا نعلم من أي فرقة هُمْ فعلينا أن نبين عيب هذه الفرقة، ولا تيأس، فإن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن عزَّ وجلَّ، ربما يهديهم الله على أيدينا، فيحصل لنا خير كثير، والإنسان الذي يهتدي بعد أن كان غير مهتدٍ قد تكون فائدته للمجتمع أكثر وأكبر من الذي كان مهتدياً من قبل؛ لأن المهتدي الجديد قد عرف الباطل ورجع عنه، وسيبينه للناس.
الجواب: نقول: الناس ينقسمون إلى ثلاثة أقسام:
قسمٌ مستوطِن.
وقسمٌ مقيمٌ أبداً.
وقسمٌ مقيمٌ إقامةً مؤقتة، إما بزمن وإما بعمل.
فأما المستوطن: فظاهرٌ أنه ليس له حكم المسافر؛ لأنه مستوطن.
وأما المقيم إقامة مطلقة مثل: السفراء وغيرهم، فهؤلاء الأصل أنهم مقيمون إقامة مطلقة، وأن هذا البلد هو بلدهم، فهذا أيضاً كالأول، بمعنى أنه لا يترخص بِرُخَص السفر.
وأما المقيم إقامة مقيدة بزمن أو عمل؛ بزمن: كشهر أو شهرين، أو يوم أو يومين، أو عمل: كعلاج، وتَعَلُّم غير مقيَّد بسنوات، فهذا حكمه حكم المسافر، بل هو مسافر حقيقة؛ لأن هذا الشخص متى انتهى وقتُه المقيَّدُ بزمنٍ أو عملُه الذي قيَّد به سفرَه فإنه يرجع إلى بلده.
وبناء على ذلك يكون الذين يدرسون في خارج بلدهم مسافرين؛ لأنهم لا ينوون الإقامة المطلقة إطلاقاً، لو أنه أعطي شهادته اليوم لسافر؛ لكنه مربوط بهذا العمل المؤقت المحدد.
ولذلك تجد بعض البلاد تكون مدة الدراسة فيها أربع سنوات، وبعضها خمس سنوات، وبعضها ست سنوات، فمن فعل هذا يكون حكمه حكم المسافر، فالمسح على الخفين ثلاثة أيام، والصلاة الرباعية ركعتان، وصيام رمضان لا يلزمه؛ لكننا نقول: لا ينبغي أن يؤخر الصيام إلى رمضان الثاني؛ لأنه إذا أخر صيام رمضان في هذا العام مثلاً وجاء العام الثاني وأخره إلى العام الثالث تراكمت عليه الأيام، وربما يعجز، وربما يترك، فلذلك نرى أن الصيام وإن جاز له أن يفطر لأنه مسافر؛ لكن لا يؤخره إلى السنة الثانية؛ لئلا تتراكم عليه فيعجز.
أما بالنسبة للرواتب فأنتم وغيركم سواء، فالمشهور عند أكثر الناس أن المسافر لا يتنفل، وهذا غلط، بل إن المسافر يتنفل كما يتنفل المقيم بكل شيء؛ كصلاة الليل، وصلاة الضحى، وصلاة الوتر، إلا ثلاث نوافل وهي:
راتبة الظهر.
وراتبة المغرب.
وراتبة العشاء.
فالسنة ألا يصليها، وأما بقية النوافل فهي على ما كانت عليه.
فلذلك وُجِدَت عبارة غير صحيحة يقال: مِن السُّنَّة في السفر تَرْكُ السُّنَّة! من أين جاء بهذا الكلام؟! مِن السُّنَّة تَرْكُ السُّنَّة؟! بل الصحيح: مِن السُّنَّة تَرْكُ الرواتب الثلاث التي ذكرناها فقط، وهي: رواتب الظهر، والمغرب، والعشاء، والباقي باقٍِ على ما هو عليه.
الجواب: لا بأس بها، إلا إذا كان فيها شيء بيِّن من نجاسة أو أذى، فلا يتخذها سترة؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (نهى أن يبصق أمام وجهه) أما إذا كان ليس فيها أذىً أو نجاسة تشاهَد، فلا حرج أن تتخذ سترة.
الجواب: ذكر الفقهاء رحمهم الله: أنه يُسَنُّ للإنسان أن يفصل النافلة عن الفريضة، إما بكلام أو بانتقال من موضعه، لحديث معاوية قال: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا نَصِلَ صلاة بصلاة، حتى نخرج أو نتكلم).
وعلى هذا فالأفضل أن تفصل بين الفريضة والسنة.
لكن هناك شيء أفضل منه، وهو أن تجعل السنة في البيت؛ لأن السنة في البيت أفضل من السنة في المسجد حتى في المسجد الحرام، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو في المدينة وفي مسجده الذي الصلاةُ فيه خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، قال: (أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة)، وكان هو نفسه يصلي النافلة في البيت.
وبعض الناس يظن أن النافلة في المسجد أفضل، وليس كذلك، نَعَمْ لو فُرِضَ أنه رجل ذو عمل يخشى إن خرج من المسجد أن ينسى الراتبة، فهنا نقول له: صَلِّ في المسجد أفضل، وكذلك لو كان في بيته يوجد صبيان كثير، يخشى من التشويش عليه، فتكون الصلاة في المسجد أفضل.
وإذا قال الإنسان: لماذا كانت الصلاة في البيت أفضل إلا الفريضة؟!
نقول: لأنها أبعدُ عن الرياء؛ إذْ أنك في بيتك لا يطَّلع عليك إلا أهلُك إن اطَّلعوا، أما في المسجد فالكلُّ يَطَّلِع عليك.
ولأن فيها تعويد أهل البيت على الصلاة، ولذلك إذا قمت تصلي، وكان عندك صبي له سنتان أو ثلاث سنوات تجده يصلي معك، حتى وإن لم تأمره؛ لكن يحب الاقتداء، ففيها هذه المصلحة العظيمة.
أيضاً .. من أجل ألا تدخل في النهي؛ لأن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (لا تجعلوا بيوتكم قبوراً) أي: لا تجعلوها كالقبور لا تصلون فيها.
فهذه ثلاث فوائد:
الفائدة الأولى: البُعد عن الرياء.
الفائدة الثانية: تعويدُ أهل البيت على الصلاة، وتحبيبُها إليهم.
الفائدة الثالثة: عدمُ الوقوع فيما نهى عنه الرسول عليه الصلاة والسلام في قوله: (لا تجعلوا بيوتكم قبوراً).
الجواب: الله المستعان! إذا قلتَ: (باسم الله) كفى، وإن قلتَ: (بسم الله الرحمن الرحيم) فلا حرج؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (يا غلام! سَمِّ الله) ولم يقل: لا تقل: الرحمن الرحيم، فإن قلتَ: (باسم الله) كفى، وإن قلتَ: (الرحمن الرحيم) معها فلا حرج.
لكن بعض العلماء قال: لا تقل: (الرحمن الرحيم) إذا أردتَ ذبح الذبيحة؛ لأن ذبحها ينافي الرحمة.
فنقول: نَعَم ذبحُها ينافي الرحمة بالنسبة لها، وهي ستموت اليوم أو غداً؛ لكن بالنسبة لنا رحمة، ولهذا لا نرى أنه يُكرَه أن يُقال عند الذبح: (بسم الله الرحمن الرحيم).
المهم إن قلتَ: (باسم الله) كفى؛ لأن قوله صلى الله عليه وسلم: (سَمِّ الله) يَصْدُق بها، وإن زدتَ (الرحمن الرحيم) فلا تُنْهَى عن ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يَنْهَ.
وتعلمون أن الشريعة فيها نوع من السعة في هذا الأمر، فقد كان الناس مع الرسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بعضُهم يلبي وبعضهم يكبر، ولم يقل للمكبر: لا تكبر، ولا للملبي: لا تُلَبِّ. فالأمر في هذا واسع.
وابن عمر رضي الله عنهما -وهو من أشد الناس حرصاً على اتباع السنة- كان يزيد في التلبية؟ ويقول: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك، لبيك وسعديك، والخير في يديك، والرغباء إليك والعمل) ولم ينهه أحد من الصحابة فيما نعلم.
فالأمر في هذا واسع إلا مَن ذَكَرَ ذِكْراً لا يناسب أو ذَكَرَ شيئاً محرماً فيُنْهَى حينئذ.
الجواب: لا شيء عليك؛ لأن الإنسان إذا خرج من منى قبل غروب الشمس يوم الثاني عشر فقد تعجَّل، فإذا عاد إلى منى لطلب حاجة، أو لأنها مَمَرُّه وطريقُه، أو لتفقُّدِ أحدٍ من إخوانه فلا بأس.
الجواب: الموعظة عند القبر سُنَّة على حسب ما جاء في السُّنَّة، وليست الموعظة أن يخطب الإنسان قائماً يَعِظُ الناس؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام، خصوصاً إذا اتخذها راتبة، كلما خرج مع جنازة قام ووعظ الناس.
لكن الموعظة عند القبر تكون كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام، كان يَعِظُ وهو واقف على قبر إحدى بناته، يقول: (مَا منكم من أحد إلا وقد كُتِب مقعدُه من الجنة والنار) كلامٌ كالعادة، أو كما أتى مرة والناس في البقيع ، ولَمَّا لَمْ يتم إلْحاد القبر جَلَسَ وجلس الناس حوله، وجعل ينكُتُ بعود معه على الأرض، ثم ذكر حال الإنسان عند احتضاره، وعند دفنه، وتكلم بكلامٍ هو موعظة.
فمثل هذا لا بأس به.
أما أن يقوم خطيباً فهذا لم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام.
وأما في الأعراس .. فكذلك أيضاً لم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه كان يقوم خطيباً يخطب الناس، ولا عن الصحابة فيما نعلم، بل لَمَّا ذُكِرَ له أن امرأة من الأنصار زُفَّت إلى زوجها، قال: (هلاَّ بعثتم معها مَن يغني، فإن الأنصار قوم يعجبهم اللهو) فدل ذلك على أن لكل مقام مقالاً؛ ولأن الإنسان إذا قام خطيباً في الأعراس فإنه قد يُثْقِل على الناس، فليس كلُّ أحد يَتَقَبَّل، فقد يكون بعض الناس ما رأى أقاربه أو أصحابه إلا في هذه المناسبة فيريد أن يتحدث إليهم، ويسألهم ويأنس بهم، فإذا جاءت هذه الموعظة والناس متأهبون للحديث مع بعضهم ثَقُلَت عليهم.
وأنا أحب أن تكون المواعظ غير مُثْقِلَة على الناس؛ لأنها إذا أثقلت على الناس كرهوها، وكرهوا الواعظ.
ولذلك أقول: لو أن أحداً في محفل العرس طلب من هذا الرجل أن يتكلم فحينئذٍ له أن يتكلم، ولاسيما إذا كان الرجل ممن يَتَلَقَّى الناسُ قولَه بالقبول.
كذلك لو رأى منكراً فله أن يقوم ويتكلم عن هذا المنكر ويحذر منه، ويقول: إما أن تتركوه أو نخرج.
فلكل مقام مقال، وأنا أحب أن يتلقى الناسُ دينهم بانشراح وقبول، وإذا قدرنا أن (10 %)، يريدون الموعظة، وأن (90 %) لا يريدونها فمَن نرجِّح؟!
نرجَّح (90%)؛ لئلا نثقل على الناس.
الجواب: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة) واختلف العلماء رحمهم الله في معنى هذا الحديث.
فذُكِر من معناه: أن تقول للرجل: هذا الكتاب بعشرة نقداً، أو بعشرين إلى سنة، فهذه البيعة بيعتان في بيعة، أي: ثمنان في عقد واحد. وهذا التفسير غير صحيح؛ لأن البيعة هنا واحدة؛ لكن الثمن مُخَيَّرٌ فيه، فأنت تقول: خذه بعشرة أو بعشرين، والرجل سيأخذه بأحدهما وليس بالاثنين، فهذا التفسير غير صحيح.
التفسير الثاني: أن بيعتين في بيعة هي مسألة العينة، والعينة: أن تبيع سلعةً بثمن مؤجل، وتشتريها نقداً بأقل، مثال ذلك: أن تبيع سيارة على إنسان بخمسين ألفاً إلى سنة، ثم تشتريها منه بأربعين ألفاً نقداً تسلمها له، فهذه البيعة بيعتان في بيعة، أي: في مبيعٍ واحد، وهو هنا السيارة، حيث ورد عليها عقدان العقد الأول والعقد الثاني.
فهذه المعاملة بيعتان في بيعة، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: (لَهُ أَوْكَسُهُما أو الربا) ما الأوكس في مثالنا؟
الأوكس في مثالنا: الأقل.
أيهما؟
الأربعون.
فنقول: الآن إما أن تأخذ من هذا الذي اشتريت منه سلعتَك الأربعين، وإلا وقعت في الربا.
ولا يمكن أن تصدُق صورة لبيعتين في بيعة إلا على هذا.
وهذا هو الذي قرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو عند التأمل الحق.
عرفت يا أخي؟!
بقيت عندنا مسألة: أحياناً يبيع الإنسان سيارة بخمسين ألفاً إلى سنة، ثم تُعْرَض السيارة في المعرض، فهل لبائعها أن يشتريها من المعرض؟
نقول: إن كان صاحبها الذي اشتراها باعها على صاحب المعرض فلك أن تشتريها من صاحب المعرض ولو بأقل، وإن كانت ستباع مباشرة لحساب الذي اشتراها منك فإنه لا يجوز لك أن تشتريها بأقل مِمَّا بعتها به.
السائل: وإذا قلتُ لصاحب المعرض: اشترِها وأنا سوف أشتريها منك؟
الشيخ: لا يصح هذا؛ لأن هذا تواطؤ على الربا.
الجواب: استخدام الأجهزة الحكومية من سيارات أو مكائن تصوير أو غير ذلك لا يجوز أبداً؛ لأنك أمين، والأمين لا يتصرف في ما ائتُمِن عليه إلا في مصلحة ما ائتُمِن عليه، حتى ولو كان في طرق الخير، فلو جاءك إنسان وقال: هذه ورقة فيها موعظة، أريد أن أنشرها، صوِّرها لي. لا يجوز لك أن تصورها.
فإن جاء هذا الإنسان بورق، وقال: صوِّر لي هذا، وهذه هي الورق، لا يجوز أيضاً؛ لأنه سوف يستهلك الحبر، وحركة الماكينة أيضاً تؤثر عليها.
وهذه المسائل يستهين بها الناس وهي مسألة خطيرة.
أما إذن المدير .. فهل يملك المدير أن يأذن في هذا؟
لا يملك أن يأذن في هذا.
وعلى هذا لابد أن تستأذن من الملك فهد شخصياً، وإلا فاتركها!
السائل: وإذا عوَّض؟
الشيخ: حتى لو عوَّض.
وهناك أيضاً شيءٌ آخر، فبعض الناس يستخدم تليفون المكتب برقم فيه الصفر، وهذا ممنوع، لكن إذا قال هذا المستخدم: إذا جاءت الفاتورة فأيُّ رقم أنا اتصلتُ به سأسدده، فالظاهر أن هذا إذا أَذن له فيه مدير المكتب فلا بأس، على أن في نفسي من هذا شيء؛ لأن استخدامه لمصلحته الخاصة ربما يكون في هذه الأثناء أحدٌ اتصل على هذه المصلحة ووجد الخط مشغولاً، فحينئذٍ يكون قد ضيع عليه الفرصة.
فلابد أن نكون ورعين.
الشيخ: تعني على القبر إذا مرَّ على المدينة ؟
السائل: نعم.
الجواب: أحسن ما يُسَلَّم به على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما علَّمه أمَّته، وهو: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته. هذا أحسن ما يُسَلَّم به على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
الجواب: الدعاء لزيارة القبور يكون عندما يخرج الإنسان إلى المقبرة ليزور أصحاب القبور زيارةً يتعظ بها، ولهذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (كنتُ نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها، فإنها تذكركم الموت). وهذا لا يحصل بالمرور.
لكن بعض العلماء قال: إذا مر بها فليسلِّم، فيحصل على أجر؛ لأنه سيدعو لإخوانه، فيكون محسناً إليهم، وفي هذا خير.
الجواب: الرواتب إذا ذهب وقتها نسياناً أو لنومٍ فإنها تُقْضَى، لدخولها في عموم قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها).
ولأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، حين نام عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس، وقام وقام الصحابة معه فإنهم صَلَّوا الراتبة قبل الفريضة
الجواب: إنكار المنكر واجب، والمنكر إذا فُعِل ظاهراً فإنه يُنْكَر على صاحبه ظاهراً، فلو رأينا إنساناً يفعل معصية أمامنا فإننا ننكر عليه؛ لكن يجب علينا استعمال الحكمة، فقد لا يكون من المصلحة أن أنكر عليه ظاهراً؛ كأن يسبب ذلك الإنكار نفور هذا الرجل وعدم قبوله، أو قد يكون هذا الرجل من المسئولين، فإذا أنكرت عليه ظاهراً لم يقبل، أو ربما يكون لأمور أُخَر.
المهم على كل حال: ما فُعل من المنكر ظاهراً فالواجب الإنكار على صاحبه ظاهراً؛ لكن قد تعْرِض مصلحة أكبر من الإنكار ظاهراً، والواجب اتباع المصلحة.
وأما الإنكار على فاعل المنكر وهو غائب فهذا لا يجوز؛ لأن ذلك غِيبة له -في الواقع- مثل رجل عرفتَ أنه زنا والعياذ بالله، وهو ليس بحاضر حتى تنكر عليه، بل غائب، وإنكارك عليه معناه: غيبتك إياه، والغيبة من كبائر الذنوب.
لا يحل للإنسان أن يغتاب أخاه، فضلاً عمَّا إذا كان اغتيابه يترتب عليه شر كبير، كاغتياب العلماء، واغتياب الأمراء، فإن في ذلك مفسدة عظيمة؛ لأن اغتياب العلماء يحط من قدرهم، ومن قدر ما بلَّغوه من شريعة الله، واغتياب الأمراء يحط من قدرهم ومن هيبتهم بين الناس، فيضيع الأمن، وتختل الجماعة.
ولهذا من الخطأ ما يتناقله الناس من هذه الأوراق التي تأتي من الخارج فيها القدح في ولاة الأمور، وربما يكون كذباً أيضاً، فإن هذا من الغيبة، ومن التعاون على الإثم والعدوان، والموزِّع لها آثمٌ وفاعل كبيرة؛ مع أن هذا ليس كما لو اغتاب واحداً من الشارع، فهذا يؤدي إلى أن تتحمل القلوب من بغضاء ولاة الأمور والحقد عليهم ما يوجب تفرُّق الأمة في المستقبل، ويوجب شروراً كثيرة.
لهذا ننهى إخواننا -نصيحةً لله ورسوله وأئمة المسلمين وعامتهم- أن يتناقلوا مثل هذه الأوراق، بل عليهم أن يحرقوها ولا ينشروها بين الناس، ومن أراد إدْلاء النصيحة فالواجب عليه أن يصل إلى المنصوح من طريق محدد معين، لكي تحصل به الكفاية.
الجواب: زوجة الابن من الصلب محرم لأب الابن، لقول الله تعالى في جملة المحرمات: وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ [النساء:23]، فإذا كان الإنسان له ابن متزوج من امرأة فهذه المرأة لها أن تكشف الحجاب لأب الابن.
أما ابن الأب من الرضاع، فأكثر العلماء على أنه كابنه من الصلب.
ولكن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أَبَى ذلك، وقال: إن الرضاع لا يؤثر في المصاهرة، وأن زوجة ابنه من الرضاع أجنبية منه، لا تكشف له، ولا يخلو بها، ولا يسافر بها؛ لأنها أجنبية منه، والله عزَّ وجلَّ يقول: وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ [النساء:23]والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: (يَحْرُم من الرضاع ما يَحْرُم من النسب)، وزوجة الابن حرام على أبيه من المصاهرة؛ لأنه ليس بينه وبينها نسب، فزوجة الابن ليس بينها وبين أب زوجها نسب، بل هي حرام عليه بالمصاهرة، والحديث يقول: (يَحْرُم من الرضاع ما يَحْرُم من النسب).
وهذا الذي اختاره شيخ الإسلام هو الذي أراه صحيحاً.
الجواب: نصيحتنا لهذا الشاب الذي هو في اتجاه سليم إن شاء الله:
أولاً: أن يسأل الله الثبات دائماً، والصواب.
ثانياً: أن يكثر من قراءة القرآن بتدبُّر؛ لأن هذا القرآن له أثر كبير على القلب، إذا قرأه الإنسان بالتدبُّر.
ثالثاً: أن يحرص على ملازمة الطاعات، وألا يمل أو يكسل، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم استعاذ من العجز والكسل.
رابعاً: أن يحرص على مصاحبة الأخيار، ويبتعد عن مصاحبة الأشرار.
خامساً: أن ينصح نفسَه حينما تؤثر هذه النفس عليه وتقول له: إن المدى بعيد، والطريقَ طويل، فلينصح نفسه وليثبُت؛ لأن الجنة حُفَّت بالمكاره، والنار حُفَّت بالشهوات.
سادساً: أن يبتعد عن قرناء السوء، حتى ولو كانوا أصحاباً له من قبل؛ لأن قرناء السوء يؤثرون عليه، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: (مَثَلُ الجليس السوء كنافخ الكير؛ إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه رائحة خبيثة).
وإلى هنا انتهى الوقت؛ فنقول: الحمد لله على التوفيق، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع، والعمل الصالح.
وإلى اللقاء القادم إن شاء الله في الأسبوع القادم.
ونبشركم بالخير والأجر، فإنه مَن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهَّل الله له به طريقاً إلى الجنة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر