أما بعد:
فهذا هو لقاء الباب المفتوح الخاتم لشهر ربيع الأول عام (1415هـ)، وكان هذا اللقاء يتم في كل أسبوع في يوم الخميس، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه، موافقاً لمرضاته، وأن ينفعنا جميعاً بما علمنا إنه على كل شيء قدير.
السؤال: ما هو الفرق بين العادة والعبادة، وإذا كان الباعث على العبادة الرياء فما الحكم وجزاكم الله خيراً؟
الجواب: الفرق بين العادة والعبادة: أن العبادة ما أمر الله به ورسوله تقرباً إلى الله، وابتغاءً لثوابه، وأما العادة فهي ما اعتاده الناس فيما بينهم من المطاعم والمشارب والمساكن والملابس والمراكب والمعاملات وما أشبهها.
وهناك فرق آخر: وهو أن العبادات الأصل فيها المنع والتحريم حتى يقوم دليل على أنها من العبادات، لقول الله تعالى: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ [الشورى:21]، أما العادات فالأصل فيها الحل إلا ما قام الدليل على منعه، وعلى هذا فإذا اعتاد الناس شيئاً وقال لهم بعض الناس: هذا حرام، فإنه يطالب بالدليل، يقال: أين الدليل على أنه حرام؟ وأما العبادات فإذا قيل للإنسان: هذه العبادة بدعة، فقال: ليست ببدعة، قلنا له: أين الدليل على أنها ليست ببدعة، لأن الأصل في العبادات المنع حتى يقوم دليل على أنها مشروعة.
الجزء الثاني من السؤال: إذا كان الباعث على العبادة الرياء فإنها لا تقبل؛ لقول الله تبارك وتعالى: فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً [الكهف:110]، ولقوله تعالى في الحديث القدسي: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه).
الجواب: الذي نرى ما رأيت أنه ينقله من البنك الأهلي إلى شركة الراجحي؛ لأن ذلك أقرب إلى السلامة.
الجواب: نحن نقول: إن الدعوة إلى دين الله تعالى وإلى شريعة الله لا تكون إلا بالطرق التي شرعها الله عز وجل، ولا شك أن الدعوة بالقرآن والسنة هي أقرب وسيلة إلى القبول، لكن لا مانع من أن يكون لدى الإنسان أدلة عقلية يؤيد بها الكتاب والسنة، لأن من الناس من لا يؤمن بالأدلة السمعية أي: بالقرآن والسنة، لكن إذا أتته الأدلة العقلية اقتنع، وهذا موجود في القرآن، فإن الله تعالى يحاج بعض المشركين بالأدلة العقلية وهذا إبراهيم قال لأبيه: يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً [مريم:42] فحاجه بالأدلة العقلية، وكذلك حاج قومه بذلك بالأدلة العقلية حين رأى كوكباً فقال: هذا ربي، ورأى القمر فقال: هذا ربي، ورأى الشمس فقال: هذا ربي، وكلها لما غابت تبينت أنها ليست آلهة، وأما كون النصارى واليهود لا يؤمنون بالقرآن فلا يخالهم لا يؤمنون به، لكن لا يؤمنون بعموم الرسالة، ولهذا تجدهم يرون الاحتجاج بالقرآن، وسمعت في المؤتمر الباطل الذي يعقد الآن في القاهرة مؤتمر السكان والبيئة سمعت صدىً عظيماً للآية التي تلتها رئيسة وزراء باكستان وهي قوله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ [الأنعام:151] والآية الأخرى: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ [الإسراء:31] حيث نقلوا مما تكلمت به أنها استدلت بهذه الآية، وهذا يدل على أن للقرآن شأناً حتى عند غير المسلمين.
السائل: شيخنا! الأدلة العقلية التي ذكرتها من القرآن هي شاهد على الربوبية إذاً هي من القرآن، أليس كذلك؟
الشيخ: نعم، لكنها أدلة عقلية.
الجواب: الذي يظهر لي أنها ليست مخالفة؛ لأنه لم يتأخر عنه ولم يتقدم عنه بخلاف جلسة الاستراحة، فإن الإمام إذا كان لا يجلس للاستراحة فالمأموم مشروع له ألا يجلس، لأنه بجلوسه يتأخر، أما هذا فلا يتأخر ولا يتقدم، فهو مثل لو كان الإمام يرى مشروعية التورك في كل تشهد أخير ولو في الصلاة الثنائية، أو يرى مشروعية الافتراش حتى في التشهد الثاني في الصلاة التي لها تشهدان، وصار المأموم يخالفه، فإن ذلك لا يعد مخالفة، فالظاهر أن هذا ليس من المخالفة، وأنه لا حرج على المأموم أن يقدم يديه قبل ركبتيه.
ولكنني أنصح المأموم ألا يقدم يديه قبل ركبتيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن ذلك فقال: (إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير) والبعير إذا برك يقدم يديه وكل الناس يعرفون ذلك، والحديث ليس فيه (فلا يبرك على ما يبرك عليه البعير) لو قال: على ما يبرك عليه البعير قلنا: لا تبرك على ركبتيك؛ لأن البعير يبرك على ركبتيه، ولكنه قال: فلا يبرك كما يبرك، فالنهي عن الكيفية والصفة، فلننظر الإنسان إذا نزل يديه قبل ركبتيه صار كالبعير تماماً، ولذلك ننصح إخواننا أن يتأملوا الحديث تأملاً تاماً، ليعرفوا دلالاته ثم يأخذوا بما دل عليه لفظه، فنرى أن يقدم ركبتيه قبل يديه، وهذا هو الترتيب الطبيعي أيضاً، فإن أول ما يلي القدم الذي هو ثابت على الأرض من قبل: الركبة، ثم اليدان، ثم الجبهة والأنف، كما أنه عند القيام يرفع الجبهة والأنف ثم اليدين ثم الركبتين.
الجواب: الذي أرى أن تمنع النساء من الرقص؛ لأن ذلك فيه فتنة، وكنت في الأول أسهل في الأمر، لكن نقلت لي حوادث توجب أن أقول بمنع الرقص في الحفلات، ويكفي الضرب بالدف مع الغناء النزيه الطيب الطاهر لأن ذلك من السنة.
الجواب: نرى أنه ليس له حق في المطالبة بالمال؛ وذلك لأنه لم يشترط أنها بكر، ثم إن البكارة لزوالها أسباب غير الجماع، قد تزول البكارة بقفزة تقفزها المرأة، وقد تزول البكارة بعبث المرأة في نفسها عند المراهقة، وقد تزول البكارة بجماع مكرهة عليه، وحينئذٍ لا نرى أن له حق بالمطالبة ما لم يكن شرط ذلك.
الجواب: أرى أن تخبر الجهات المختصة بذلك؛ لأننا لو تركنا الحبل على الغارب وقلنا: كل واحد يفعل ما يرى أنه مذهبه لتفلتت الأحوال ولجاءنا من يقول: أنا أريد أن تكشف امرأتي وجهها في السوق لأن مذهبي لا يرى وجوب تغطية الوجه، ولجاءنا من يقول: أنا أريد أن تسافر امرأتي بلا محرم لأن مذهبنا أن المحرم ليس بواجب، ولجاءنا من يعلن شرب الدخان ويقول: إن شرب الدخان ليس بحرام عند بعض العلماء، فأرى أن يرفع الأمر إلى المسئولين، وعلى المسئولين أن يتقوا الله عز وجل فيما يعاملون به هؤلاء المتخلفين عن الصلاة.
الجواب: إذا كانت الفلوس قد ألغيت واستبدلت بعملة أخرى فله أن يطالب بقيمتها في ذلك الوقت أو بقيمتها حين ألغيت، وأما إذا بقيت العملة على ما هي عليه فليس للمقرض إلا هذه العملة سواء زادت أم نقصت، وأقول لك: لو فرض أن العملة زادت أفلا يطالب المقرض المقترض بها؟ نعم يطالبه بها، مع أنها قد تكون زادت أضعافاً مضاعفة، وكذلك لو أقرضه صاعاً من البر قبل سنوات وكان الصاع يساوي خمسة ريالات ثم نزل إلى ريالين مثلاً فهل يقول أعطه الصاع وأعطه ثلاثة ريالات، لا ليس له إلا الصاع، فالأشياء المثلية لا يلزم فيها إلا رد المثل، وكذلك النقود ما لم تلغ المعاملة بها فيكون له القيمة وقت إلغائها.
السائل: المستدين يرى أنه يزيد هل في هذا ربا؟
الشيخ: لا إذا تطوع وأعطاه زيادة، فخير الناس أحسنهم قضاءً، وقد استدان النبي صلى الله عليه وسلم بكراً ورد خياراً رباعياً وقال: (خيركم أحسنكم قضاءً).
الجواب: أما ما نسبه إليَّ من أني أقول: حتى النساء يخرجن فهذا غير صحيح ولا علمت أن النساء يخرجن في جماعة التبليغ إلا منك الآن، وأما الجماعة فلا أحد يشك أن لها تأثير في إصلاح الناس، كم من كافر أسلم! وكم من فاسق اهتدى! وهذا شيء معلوم، لكن يغلب عليها الجهل، ليس عندهم طلبة علم ولا علماء، كما أن الذهاب إلى بلاد أخرى من بلاد العجم الباكستان أو غيرها لا نرى السفر إلى هناك، ولا نرى حجاً إلا إلى بيت الله الحرام، وهذا الاجتماع السنوي الذي يجتمع فيه ما يزيد على المليون، هذا شبه الحج وهذا لا نراه، ونرى أن جماعة التبليغ يكونون في أماكنهم يدعون إلى الله عز وجل في القرى والمدن، ونرى أيضاً أنه يلزم على طلبة العلم أن يخرجوا معهم لتعديل منهجهم، وإصلاح ما هم عليه من الأخطاء التي قد تكون من كل أحد من الناس، فأنا لست من الذين يذمونهم ذماً مطلقاً، ولا من الذين يمدحونهم مدحاً مطلقاً، لكني أرى أن في القوم خيراً، وأن الله نفع بهم نفعاً كبيراً، ولا أعلم إلى ساعتي هذه أن أحداً من الناس أثر ولا سيما في العامة مثل ما أثر هؤلاء.
الجواب: أما إذا خرج الإنسان متعباً وكان لا يستطيع أن يبقى مستيقظاً إلى العصر فلا بأس أن يجمع العصر إلى الظهر وينام.
وأما قولهم: إن الرسول صلى الله عليه وسلم جمع من غير عذر، فهذا ليس بصحيح، ما جمع النبي صلى الله عليه وسلم إلا لعذر، وحديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه (جمع -أي: النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في المدينة من غير خوف ولا مطر). بين ابن عباس رضي الله عنهما سبب ذلك حين سئل: ما أراد إلى ذلك؟ قال: أراد ألا يحرج أمته، فدل هذا على أن الجمع إنما يجوز عند المشقة فقط، وما ذكرت من حال هذا الرجل مشقة بلا شك فله أن يجمع تقديماً أو تأخيراً.
الجواب: نعم هذا صحيح، نحن نرى ألا ترفع الصلاة من المآذن في الميكرفون؛ لما في ذلك من الأذية على المساجد، القريبة من المسجد بل وعلى أهل البيوت الذين يزعجهم هذا، لأن أهل البيوت قد يكون الإنسان مريضاً يريد أن ينام، وقد يكون عنده صبيان ينـزعجون من هذا الصوت، ثم ما الفائدة من هذا: هل هو يصلي للناس الذين في الخارج أم يصلي لأهل المسجد؟ هو يصلي لأهل المسجد.
إذاً: ما الفائدة؟!
وقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه ذات ليلة ورآهم يصلون ويجهرون، فقال: (لا يؤذين بعضكم بعضاً في القراءة).
أما الإقامة فلا بأس على أن بعض الإخوة قال: إنها بدعة، لأن الإقامة بمكبر الصوت من المنارة كأنه أقام في المنارة والإقامة للحاضرين، لكني أرى أنه لا بأس بالإقامة، لأن قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة) يدل على أن الإقامة تسمع من خارج المسجد، وأما أن تكون كل الصلاة فلا شك أنه يؤذي الناس لا سيما في الصلاة الجهرية، وقد سمعنا من أمن على قراءة المسجد الذي بجواره، وسمعنا من ركع لما ركع المسجد الذي بجواره، وكل هذا واضح مفسدته.
فقال: فقد جاء أحد تفسيري الآية الكريمة أن الناس سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن الأهلة والكواكب! لم يبدو القمر هلالاً صغيراً ثم لا يلبث إلا قليلاً وقد أخذ في الزيادة والتوهج والاكتمال؟ ثم قال: وهو على أي حال سؤال ساذج يدل على سطحية في التفكير، وبدائية في النظر، ومحدودية في التناول التأملي، وبساطة في البحث عن المعرفة الفكرية المهمة، المناسبة للمكان والزمان، وكان يمكن أن يأتي الرد على ظاهر سؤالهم العبثي ...
ثم أخذ من هذه الكلمات، فما رأي فضيلتكم؟
الجواب: أولاً: بارك الله فيك القول بأن الصحابة سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن أحجام الأهلة: لماذا تبدوا صغيرة ثم كبيرة؟ هذا لا سند له وإنما ينقله علماء البلاغة، وليس في الآية ما يدل عليه، الصحابة سألوا عن الأهلة: ما الحكمة من وجود الأهلة؟ فبين الله تعالى أنها مواقيت للناس والحج، كما في قوله تعالى: وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ [يونس:5] ما خلق الله ذلك إلا بالحق، هذا هو الذي وقع السؤال عنه وهو مطابق تماماً للجواب، لكنَّ البلاغيين يقولون: هذا من باب الأسلوب الحكيم، كأن الله عدل عن إجابة سؤالهم إلى الأهم والأنفع، وبناءً على ذلك نقول: يجب على هذا الذي تكلم بهذا الكلام في حق الصحابة يجب عليه أن يتثبت، أولاً: هل صحيح أنهم سألوا: لماذا يبدو الهلال صغيراً ثم يكبر، أم سألوا عن الحكمة من إيجاد هذه الأهلة؟
أما أن يهاجم الصحابة هذه المهاجمة دون أن ينظر إلى صحة القصة فلا شك أن هذا خطأ من الناحية العلمية والمنهجية وإساءة إلى الصحابة رضي الله عنهم، والآية معناها: أنهم سألوا الرسول عن الحكمة في هذه الأهلة فأجيبوا ببيان الحكمة.
السائل: فهذه العبارة التي ذكرها.
الشيخ: غلط من الناحية المنهجية وخطأ من ناحية القدح في الصحابة، الصحابة ما سألوا هذا السؤال الذي قصد.
الشيخ: لكن كيف انتهت العمرة.
السائل: لم يحلق بعد.
الشيخ: يعني قبل أن يحلق؟
السائل: قبل أن يحلق؟
الجواب: إذا كان طيباً يمنعه منه، أما إذا كان مجرد رائحة ذكية فلا بأس بها، لكن هل هو طيب أم رائحة ذكية كرائحة النعناع أو ما أشبه ذلك؟ إن كان الثاني فلا بأس به حتى لو كان في صلب الإحرام.
الجواب: نرى أن أهل البلد يجتمعون ويكتبون لوزير المعارف، ويبينون له أن الإقبال على هذه المدارس شديد، وأنه لا ينبغي أن يحال بين الناس وبين ما يريدون في أمر هو خير وصلاح، فلعلهم إذا كتبوا ذلك لعله ينفع، وقد يقول وزير المعارف مثلاً: إن هذه خطة مدروسة من الوزراء وما أشبه ذلك، فيكتب لرئيس مجلس الوزراء ويقولون: الناس يريدون هذا وإقبالهم شديد على هذه المدارس وهي خير، وما أحسن أن يكون الشعب السعودي حافظاً لكتاب الله عز وجل، أما كون الناس يقع بينهم الملاغاة والعداوة والبغضاء والشحناء فهذا لا يجوز.
الجواب: نرى أن من فسق من ترك الرواتب ليس على صواب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم سأله الرجل لما ذكر له الصلوات الخمس قال: (هل عليَّ غيرها؟ قال: لا إلا أن تطوع) وهذا يدل على أن الإنسان في حلٍّ من ترك الرواتب، لكن الذين قالوا: لا ينبغي أن تقبل له شهادة كما قال الإمام أحمد يرحمه الله قالوا: لأن تركه لهذه الرواتب السهلة مع تمكنه يدل على استهانته بدينه ولم يجعلوا ذلك فسقاً.
الجواب: هذه الصفقة بارك الله فيك جمعت بين بيع وصرف، الخمسين ريالاً الآن صارت عوضاً لصرف وبضاعة فأما البضاعة فمعروف أنه ليس بينها وبين الدراهم ربا، وأما الصرف الذي هو باقي قيمة الخمسين فهو بيع نقد بنقد، فلا يجوز أن تفارقه حتى تأخذ منه ما بقي من الخمسين، وحل هذه المشكلة سهل بدلاً من أن يقول: هذه الخمسين ويبقى عندك لي عشرة ريالات يذهب إلى جاره ويصرف الخمسين ويعطيه أربعين.
الجواب: وقوله: (أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك) كل هذا استعاذة بصفة الله والمراد الموصوف، لأن الدعاء المحظور أن تقول: يا قدرة الله اغفري لي، يا رحمة الله ارحميني، هذا الذي قال عنه شيخ الإسلام : إنه كفر بالاتفاق، لأنك إذا قلت: يا قدرة الله اغفري لي، أو: يا رحمة الله ارحميني، كأنك جعلت هذه الصفة شيئاً مستقلاً عن الموصوف فيغفر ويرحم ويغني، أما إذا قلت: أعوذ بعزة الله، فهذا من باب التوسل بعزة الله عز وجل إلى النجاة من هذا المرهوب الذي استعذت بالعزة منه، وكذلك: برضاك من سخطك، وكذلك قوله: (يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث) ليس المعنى أن الإنسان أن يستغيث بالرحمة منفصلة عن الله، لكن هذا من باب التوسل بصفات الله عز وجل المناسبة للمستعاذ منه أو للمدعو، وليس دعاء صفة، دعاء الصفة أن تقول: يا رحمة الله ارحميني، يا قدرة الله أعطيني، وما أشبه ذلك.
الجواب: التصوير الفوتوغرافي لنا فيه عدة أجوبة في مجموع الرسائل وفي غيرها أيضاً فارجع إليها، وأنا أقول يا إخواني: ليس التصوير الآن هو مشكلة الدنيا، كثير من السلف ليس من الخلف يقولون: إن التصوير بالتلوين والرسم ليس حراماً حتى ولو كان باليد، ولكن نرى أن التصوير بذلك حرام ولو بالرسم، كما يحرم التمثيل أن يجعل صورة مجسمة يصورها الإنسان بيده فإن هذا حرام، أما التصوير الحديث الآن الذي يسلط فيه الإنسان آلة على جسم معين فينطبع هذا الجسم في الورقة فهذا في الحقيقة ليس تصويراً، لأن التصوير مصدر صور أي: جعل الشيء على صورة معينة، وهذا الذي التقطه بهذه الآلة لم يجعله على صورة معينة، الصورة المعينة هو بنفسه يخطط، يخطط العينين والأنف والشفتين، وما أشبه ذلك.
ولكن يبقى السؤال الذي ينبغي أن نسأله: هل يجوز أن أصور بالآلة الفوتوغرافية الفورية لاقتناء ذلك للذكرى؟
نقول: لا، لا يجوز اقتناؤه للذكرى لكن للحاجة لا بأس.
الجواب: نصيحتي للمجاهدين أن يخلصوا النية لله عز وجل، بأن يقاتلوا لتكون كلمة الله هي العليا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل ليرى مكانه، أي ذلك في سبيل الله؟ قال: (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله).
ثانياً: ألا يقاتلوا حتى يستعدوا، ويكون لديهم من العدة ما يقابل عدة العدو أو يقارب، لقول الله تعالى: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ [الأنفال:60]، ولهذا أجاز الله سبحانه وتعالى للمجاهدين أن يفروا إذا كان العدو أكثر من مثليهم أن يفروا حتى بعد المصافاة إذا كان العدو أكثر من مثليهم، وهكذا إذا كان السلاح أكثر من مثل سلاحهم، أما أن نذهب نقاتل عدواً بسلاح لا يقابل ولا يداني سلاحه بدون أن يكون هناك أسباب يمكن أن نتقي بها، فهذا لاشك أنه ليس بمشروع؛ لأن الواجب الإعداد قبل النفور: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ [الأنفال:60].
ثالثاً: نصيحتي لهم ألا يختلفوا ولا يتنازعوا، لأنهم إذا اختلفوا وتنازعوا فشلوا، قال الله تبارك وتعالى: حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ [آل عمران:152] يعني: رأيتم ما تكرهون، فالنزاع والاختلاف سبب للهزيمة والفشل، إذا كنت تقاتل في سبيل الله حقاً فلا تجعل قولك هو المنتصر ولا تنتصر لنفسك ولكن اتبع الحق أينما كان، ولهذا لما كان بعض المجاهدين في نيته دغل صار المجاهدون يتقاتلون فيما بينهم، يقتل بعضهم بعضاً بالسلاح الذي أعد ليقاتل به العدو.
الرابع: أن يجعلوا لهم أمراء وعمداء حتى لا يكون أمرهم فوضى، ويجب على المأمور أن يكون مطيعاً لأميره في غير معصية الله، كما كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا بعث جيشاً أو سرية أمر عليهم من يوجههم ويأمرهم وينهاهم حتى لا يكون أمرهم فوضى، أما أن يركب كل إنسان رأسه ويفرض رأيه فهذا خطأ عظيم، لا بد من أمير يتفق عليه أو يعنيه من كان أميراً قبله أو ما أشبه ذلك من وسائل نصب الأمير.
الشيخ: ذكر الإمام أحمد رحمه الله حداً مقارباً قال رحمه الله: إذا حمم رأسه، أي: إذا اسود رأسه بعد حلقه فإنه يأخذ العمرة؛ لأن العمرة لا بد فيها من تقصير أو حلق، ولا يتم ذلك إلا بعد نبات الشعر، وأما ما يفعله بعض الناس اليوم في رمضان أو في أيام الحج من تكرار العمرة كل يوم فهذا بدعة، وهم إلى الوزر أقرب منهم إلى الأجر، فلذلك يجب على طلبة العلم أن يبينوا لهؤلاء أن ذلك أمر محدث وأنه بدعي، فليسوا أحرص من الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولا من الصحابة، ورسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بقي في مكة تسعة عشرة يوماً في غزوة الفتح ولم يحدث نفسه أن يخرج ويعتمر، وكذلك في عمرة القضاء أدى العمرة وبقي ثلاثة أيام ولم يعتمر، وكذلك الصحابة رضي الله عنهم لم يكونوا يكررون العمرة.
الشيخ: لم أفهم؟
السائل: يعني: ممكن أن يصاب بعض الدعاة إلى الله سبحانه وتعالى يعني يرى أنه هذا مرض خفي ليس هو بالرياء لكنه ممكن أن يقوم الليل، يقوم إلى الله سبحانه وتعالى بالليل لا يراه أحد لأنه داعية إلى الله أو لأنه قاض يتطلب منه وضعه أن يقوم بهذا الشيء أو يتأخر في الصلاة في المسجد، يعني: لا رياءً ولكن يكون هذا مرض خفي، فهل هذا له وجه في الشرع تكلم به أحد؟
الشيخ: يعني هو قصده أن يدفع اللوم عن نفسه أن هذا الذي تعبد لله، ليدفع اللوم عن نفسه.
السائل: ويراقب الله سبحانه وتعالى بأن يكون هذا العمل يخلص فيه إلى الله سبحانه وتعالى.
الشيخ: لا مانع أن الإنسان يخلص لله تعالى في عمله ويريد أيضاً أن يدفع اللوم عن نفسه.
السائل: لكن تقييده بالشيء هذا يعني يقوم إلى الله سبحانه وتعالى بالليل ويكون هذا مرض يعني كيف ذلك؟
الشيخ: أبداً ليس بمرض لا نوافق هذا القائل: أنه مرض، نقول: إن الإنسان يريد دفع اللوم عن نفسه أو يريد أن يمرن نفسه على العمل الصالح، مع أن الأولى للإنسان إذا كان يريد الإخلاص التام ألا يهتم بأحد ما دام مخلصاً لله عز وجل فلا يهمه أحد.
الجواب: النمل لا يملك الأرض ولو سبق، إذا كان لا يمكن دفعه إلا بالقضاء عليه، فله ذلك، لكن لو أنك صببت عليه الجاز لهرب، ونحن جربنا الذر تصب عليه الجاز ثم يذهب يرتحل، فإذا أمكن أن تزول بدون قتل فهو أحسن، وإلا فلا بأس بقتلها.
السائل: قيل له يا شيخ: إذا أردت أن تقضي عليها، اقرأ سورة النحل في علبة ماء معدني ثم صبه عليه، فهل هذا صحيح يا شيخ؟
الشيخ: والله ما أدري الذي جربته هو الجاز وأيضاً في الذر.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
وإلى لقاء آخر إن شاء الله تعالى، وأرجو ألا تحرجوني ولا تحرجوا أنفسكم في السؤال بعد هذا، لأن أمامي مسجد والناس ينتظرونني، ولا أستطيع أن أقول: حبسني الناس، لأنهم يقولون: الناس لماذا حبسوك؟
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر