أما بعد:
فهذا هو اللقاء الثاني عشر بعد المائة من لقاءات الباب المفتوح التي تتم كل خميس, وهذا هو يوم الخميس الثاني والعشرون من شهر رجب عام (1416هـ).
نبتدئ هذا اللقاء بالكلام على سورة الفاتحة, سورة الفاتحة سميت بذلك لأنه افتتح بها القرآن الكريم كتابة, وليست هي أول ما نزل, بل إن أول ما نزل من القرآن قول الله تعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْأِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ [العلق:1-5].
وتسمى هذه السورة بأم القرآن, وتسمى السبع المثاني, ولها أسماء متعددة, تسمى أم القرآن لأن معاني ومقاصد القرآن كلها موجودة في هذه السورة, على أنها سبع آيات فقط وآيات قصار لكن جميع مقاصد القرآن موجودة فيها, من التوحيد والعقائد والتاريخ ومناهج الناس وغير هذا, لكنها مذكورة إجمالاً.
البسملة ليست للفاتحة, بل هي آية مستقلة تفتح بها السورة, ما عدا سورة البراءة, فإنها لا تفتتح بها اتباعاً لما فعله الصحابة الكرام رضي الله عنهم, ويدل على أن الفاتحة ليست منها, ما ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى قال: (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين, فإذا قال: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2] قال الله تعالى: حمدني عبدي, وإذا قال: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ[الفاتحة:3] قال: أثنى عليّ عبدي, وإذا قال: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ[الفاتحة:4] قال: مجدني عبدي, وإذا قال: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ[الفاتحة:5] قال: هذا بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل, فإذا قال: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ[الفاتحة:6-7] قال الله تعالى: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل) فهي سبع آيات, الثلاث الآيات الأولى لله, والآيات الثلاث الأخيرة للعبد, والآية الرابعة وهي الوسط من السبع بين الله وبين العبد, وهذا أيضاً ترجيح معنوي, لكون الفاتحة بداءتها: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ[الفاتحة:2] وليست البسملة منها, الترجيح اللفظي: أننا لو جعلنا البسملة من الفاتحة, لكانت الآية الأخيرة طويلة لا تتناسب مع الآيات التي قبلها, لأنها ستكون: صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ[الفاتحة:7] وهذه تساوي آيتين, ولهذا كان الصواب: أن آخر الآية السادسة قوله تعالى: صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ.
وينبغي للإنسان إذا قرأها -ولا سيما في الصلاة- أن يقف على كل آية؛ لأن الله سبحانه وتعالى يناجي العبد في الصلاة: (إذا قال: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ[الفاتحة:2] قال: حمدني عبدي) كما سمعتم الحديث.
و(رَبِّ الْعَالَمِينَ) (رب) معناه: الخالق المالك المدبر, أي: أنها تتضمن ثلاث معاني:
المعنى الأول: الخالق, ولا خالق إلا الله, وقد قال الله تعالى مندداً بالأصنام: أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ [النحل:17], وقال تعالى: هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ [فاطر:3].
المعنى الثاني: المالك, لا ملك لأحد سوى الله عز وجل, هو الذي يملك الملك التام المطلق العام, وأملاك غيره محدودة من حيث الشمول, فلا أحد يملك كل ما في السماوات والأرض, محدودة من حيث التصرف فلا أحد يملك أن يتصرف فيما يملكه ملكاً خاصاً إلا حسب ما شرع الله عز وجل, لكن الملك المطلق التام العام هو لله وحده.
المعنى الثالث: المدبر, فالتدبير التام لله عز وجل, لا أحد يدبر سواه, حتى المشركون يقرون بأن الذي يدبر الأمر هو الله عز وجل, ولكن اعلم أن الله تعالى لا يدبر شيئاً عبثاً أو بغير حكمة, كل ما قضاه الله وقدره ودبره فهو لحكمة عظيمة, لكن من الحكم ما نعلمه ومنها ما لا نعلمه, وذلك لأن عقولنا أقصر وأحقر من أن تحيط بحكمة الله عز وجل.
يرد على الإنسان أشياء من الشريعة ويقول: كيف يحكم هذا؟ مثال ذلك: يقول مثلاً: كيف يحرم على الإنسان أن يستبدل صاعاً من البر طيباً بصاعين من البر رديئة والقيمة واحدة؟ هذا قد يشكل على الإنسان, وهذا حرام أن تعطي صاعاً من البر بصاعين، هذا حرام على كل حال, فقد يقول قائل: لماذا حرام؟!
فنقول: إنك لست أحكم من الله, ولولا أن هذا يترتب عليه مفاسد عظيمة ما حرمها الله على العباد, لأن الله يريد بالعباد اليسر ولا يريد بهم العسر, ولا يمكن أن يمنعهم أي معاملة إلا وفيها ضرر، إما منظور وإما منتظر, يشكل على الإنسان أن الله يقدر الحروب, والفقر, وجدب الأرض, وقحط السماء لا تنزل ماءً, فيقول: ما هذا؟ ما الفائدة؟ هذه مضرة على العباد, فنقول: لست أحكم من الله, إن الله تعالى لا يقدرها إلا لحكمة عظيمة, قد تعلمها وقد لا تعلمها, ولهذا يجب أن نستسلم للقضاء الشرعي كما نستسلم للقضاء القدري, القضاء القدري كل مستسلم له: وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً [آل عمران:83] حتى الكفار مستسلمون بالقضاء القدري, لكن القضاء الشرعي لا يستسلم له إلا المؤمنون, فنحن يجب علينا أن نستسلم للقضائين: الكوني والقدري, وإن شئت فقل: أن نستسلم للقضاء الشرعي كما نحن مستسلمون للقضاء القدري, المهم أن الذي يدبر الأمر هو الله عز وجل.
وقوله: (الْعَالَمِينَ) المراد بهم كل من سوى الله فهم عالم, وهذا اللفظ (العالمين) مشتق من العلامة, لأن كل الكون آية من آيات الله عز وجل, وفي كل جنس منه ونوع منه وفرد منه آية من آيات الله, كل شيء تتأمله تجد أنه دال على الرب عز وجل وعلى حكمته ورحمته, وما أصدق قول الشاعر:
وفي كل شيء له آيـة تدل على أنه واحد |
إذاً.. العالمون كل من سوى الله, وسموا عالماً من العلامة؛ لأن وجود هذا الكون وما يحدث فيه كله آية وعلامة على الله عز وجل, ويجب أن تعرف الفرق بين العالمَين بفتح اللام, والعالِمين بكسر اللام, العالَمين قلنا: كل ما سوى الله, والعالِمين هم ذوي العلم, كما قال تعالى: وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ [العنكبوت:43].
(الرَّحِيمِ) أي: ذو الرحمة الخاصة التي تصل إلى المرحوم, وهذا لا يكون إلا للمؤمنين؛ لقول الله تعالى: وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً [الأحزاب:43] ولهذا قال بعض العلماء: الرحمن عامة والرحيم خاصة, وفي الإتيان بـ(الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) بعد قوله: (رَبِّ الْعَالَمِينَ) دليل على أن هذه الربوبية ربوبية رحمة, ليست ربوبية انتقام أو غضب؛ بل هي ربوبية رحمة وأن كل ما صدر من الله عز وجل فإنه رحمة, حتى النقم التي تصيب الناس هي في الحقيقة رحمة, كيف هي رحمة، المرض رحمة؟! نعم هو رحمة, لكن لا يعرف أنه رحمة إلا من تدبر وتأمل: وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ [العنكبوت:43] المرض بالنسبة للمؤمن يكفر الله به سيئاته, (ما يصيب المؤمن من همٍ ولا غمٍ ولا أذى إلا كفر الله بها عنه) وهذه رحمة، لأن ما يصيبك في الدنيا زائل ولا يبقى، ولا بد أن يزول, ودوام الحال من المحال, ويذكر عن بعض العابدات أنها أصيبت في إصبعها وأنها لم تتأثر, وقالت: (حلاوة أجرها أنستني مرارة صبرها) كلمة عظيمة, إذاً.. هذا المرض الذي أصابك رحمة, ثم إن المرض قد يكون سبباً لرجوع الإنسان إلى ربه إذا كان فاراً من الله, وقد يكون سبباً لاهتداء العاصي ورجوعه إلى ربه.
ولقد حدثت قريباً عن شخص كان مسرفاً على نفسه فاسقاً بعيداً من الله, فمات أبوه وبمجرد موت أبيه أصيب بهذه المصيبة عاد إلى الله واستقام, وصار من خيار الشباب, فانظر إلى هذه المصيبة كيف أصلحت هذا.
إذاً نقول: كل ما في الكون وما يقدره الله فيه فهو ناتج عن رحمة, وقرينة ذلك أن الله لما قال: (َبِّ الْعَالَمِينَ) قال: (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) فليست بغيته مبنية على جبروت وإحراج وإعسار على العباد ولكنها مبنية على الرحمة.
المهم: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) أي: أن الله عز وجل هو المتصرف في ذلك اليوم, لا أحد يتصرف في ذلك اليوم أبداً, لو كان يستطيع أن يتصرف لأوجد له ظلاً من حر الشمس, ولكن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله..) فهو الذي يخلق عز وجل ظلاً في ذلك الوقت على من استحقه, كالسبعة الذين يظلهم الله في ظله, وقد جاء في الحديث: (كل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة).
كذلك هو مَلِك يوم الدين, لا مُلك لأحد معه, كما قال تعالى: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ [غافر:16] فيجيب نفسه: لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ [غافر:16] أي: ملوك الدنيا مهما عظم ملكهم واتسع وقوي سلطانهم فإنه يتلاشى من حين يموت السلطان سواء كان باسم السلطان أو باسم الملك أو باسم الرئيس فإنه يزول ذلك بمجرد موته, وما يفعل من بعده من تعظيم قبره أو زرع الأزهار عليه أو ما أشبه ذلك فإنه لا ينتفع به إطلاقاً, لماذا؟ لأنه مات وزال ملكه, في يوم القيامة أيضاً لا ملك إلا لله وحده جل وعلا, فلهذا قال: (مَلك) أو (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ).
فإن قال قائل: ما معنى: (يَوْمِ الدِّينِ)؟
قلنا: (يوم الدين) أي: يوم القيامة؛ لأنه الذي يدان فيه العباد أي: يجازون على أعمالهم, والدين يكون بمعنى الجزاء كما في هذه الآية, ويكون بمعنى العمل كما في قوله تعالى: لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ [الكافرون:6].
فهذه ثلاث آيات كلها لله عز وجل.
الجواب: التهنئة برأس العام الجديد ليست معروفة عند السلف, ولهذا تركها أولى, لكن لو أن الإنسان هنأ الإنسان بناءً على أنه في العام الذي مضى أفناه في طاعة الله عز وجل فيهنئه لطول عمره في طاعة الله فهذا لا بأس به, لأن خير الناس من طال عمره وحسن عمله, لكن هذه التهنئة إنما تكون على رأس العام الهجري, أما رأس العام الميلادي فإنه لا يجوز التهنئة به؛ لأنه ليس عاماً شرعياً بل إن هنئ به الكفار على أعيادهم، فهذا يكون الإنسان فيه على خطر عظيم أن يهنئهم بأعياد الكفر, لأن التهنئة بأعياد الكفر رضا بها وزيادة, والرضا بالأعياد الكفرية ربما يخرج الإنسان من دائرة الإسلام, كما ذكر ذلك ابن القيم رحمه الله في كتابه أحكام أهل الذمة.
وخلاصة القول: أن التهنئة برأس العام الهجري تركها أولى بلا شك؛ لأنها ليست من عهد السلف, وإن فعلها الإنسان فلا يؤثم, وأما التهنئة برأس العام الميلادي فلا.
الجواب: أي: ما يفعله امتثالاً لأن الإنسان قد يفعل الواجب بغير امتثال لله, لأنه عادة فهذا لا يثاب عليه وإن كان قد تبرأ به الذمة, وكذلك إنسان قد يعمل واجباً ولم يطرأ على باله التعبد لله, مثل: أن يجد غريقاً في الماء فينقذه من الغرق ولا يخطر بباله أنه أراد بذلك امتثال الأمر بإنقاذ المعسور, وأما تركه امتثالاً فلا بد منه.
ويعاقب تاركه أي: يستحق العقاب على تركه, وقوله: (اختياراً) أي: إذا كان أجبر على تركه وأكره فإنه لا يعاقب على ذلك, لأنه مكره على الترك.
الجواب: عصمة الرسول عليه الصلاة والسلام من كل ما ينافي الرسالة, فهو معصوم من الكذب, ومعصوم من سوء الأخلاق, ومعصوم من الخيانة, ومعصوم من الشرك, وغير ذلك مما ينافي الرسالة, أما ما يقع منه من الذنوب فإنه معصوم من الإقرار عليه بخلاف غيره, فإن الإنسان قد يذنب الذنب ويستمر فيه.
الجواب: كل هذه لا تصح, لكن قد نهي عن قطع شجر السدر إذا كان الناس ينتفعون بها في الاستظلال, مثل: أن تكون منزلاً للمسافرين أو ما أشبه ذلك, فهذا قد نهي عن قطعها لما فيها من إزالة المنافع التي ينتفع بها المسلمون, أما الألفاظ التي ذكرت فلا تصح.
الجواب: نعم, إذا كنت إماماً ورأيت الناس منحازين إلى أحد الجانبين الأيمن أو الأيسر بفرق واضح, فقل لهم: تعالوا إلى هنا حتى يكون أيمن الصف وأيسر الصف متماثلاً أو متقارباً, سواء الأيسر أو الأيمن, فإذا كانوا عشرة نقول: يأتي منكم ثلاثة, لأن الأيمن أفضل إذا تساوى مع الأيسر.
السائل: وإذا لم يفعلوا ذلك ...؟
الجواب: إذا أمرهم لا أظن أن يرفضوا أبداً, لأن الإمام مطاع, وإلا ما الفائدة إذا قال: استووا اعتدلوا.
الشيخ: أعد من الأول, واحدة واحدة ..
السائل: بعض الأئمة قبل أن يكبر تكبيرة الإحرام, يقول للمأمومين: استووا اعتدلوا..
الشيخ: استووا واعتدلوا هذه لا بأس بها؛ لأنها وردت بها السنة.
السائل: وأحضروا قلوبكم للصلاة؟
الشيخ: هذه لم ترد, ولا ينبغي أن يقولها، لأنه ليس أبلغ نصحاً للعباد من رسول الله صلى الله عليه وسلم, وفي الصحابة من لا يحضر قلبه في الصلاة, ولذا شكى رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يحضر قلبه في الصلاة, فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (ذاك شيطان يقال له: خنزب -أي: الذي يأتي الناس في الصلاة يوسوس عليهم- فإذا أحسست به فاتفل عن يسارك ثلاث مرات واستعذ بالله منه, قال: ففعلت فأذهبه الله عني).
لو قال قائل: الرسول عليه الصلاة والسلام خلفه صحابة لا تغيب قلوبهم وأنا خلفي أناس مشغولون بالدنيا تغيب قلوبهم فأقول لهم: احضروا قلوبكم لهذا السبب, نقول له: أولاً: أنت لم تفتش عن قلوبهم, ثانياً: أن الصحابة رضي الله عنهم فيهم من يغيب ويشتغل قلبه، ومع ذلك ما كان الرسول يقول: أحضروا قلوبكم.
وكذلك أيضاً قوله: صلوا صلاة مودع, هذه أيضاً من التنطع في دين الله ولم ترد عن النبي عليه الصلاة والسلام.
السائل: يرحمني ويرحمكم الله؟
الشيخ: يرحمني ويرحمكم الله لم ترد.
السائل: وسدوا الفرج؟
الشيخ: سدوا الفرج صحيح.
السائل: وأقيموا صفوفكم؟
الشيخ: أقيموا صفوفكم صحيح.
السائل: إن الله لا ينظر إلى الصف الأعوج؟
الشيخ: هذا غير صحيح.
السائل: لا تدعوا فرجات للشيطان؟
الشيخ: هذا صحيح.
الجواب: حكم ذلك أنه إذا ذكر أنه قد صلّى صلاة العصر يقطع الصلاة, ويدخل من جديد بنية العشاء.
الجواب: إذا لبست جورباً على جورب وكان لبس الثاني على طهارة فلا بأس على القول الراجح, وبعض العلماء: يرى أنك إذا مسحت على الجورب الأول فاستمر عليه, ولا تلبس عليه شيئاً, وإن لبست عليه شيئاً وأردت الوضوء فلا بد أن تخلع الذي لبست أخيراً وتمسح الأصل, ولكن الصحيح: أنك إذا لبست الأعلى على طهارة فلا بأس أن تستمر تمسح عليه, ولكن ابتداء المدة من المسح الأول, فمثلاً: لو أن إنساناً لبس يوم الأحد صباحاً, واستمر على هذا إلى أن مسحه لصلاة المغرب, ثم اشتد عليه البرد فلبس فوقه آخر وهو على طهارة, فيمسح عليه إلى طلوع الفجر من اليوم الثاني.
الجواب: لا أدري, لكن مرجع هذا إلى الأطباء الذين يمارسون هذا الشيء.
السائل: أما ورد يا شيخ عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه احتجم؟
الشيخ: ورد أن الحجامة من أفضل أنواع الطب.
السائل: قصدي في الشتاء؟
الشيخ: لا أدري.
الشيخ: قل: ما حكم إفطار الصائم نفلاً؟ هذا ليس تغيير نية، هذا إفطار.
السائل: أو في عبادة النفل عموماً تغيير النية ..
الشيخ: نأتي إلى الإفطار, إذا صام الإنسان نفلاً فلا حرج عليه أن يفطر, لكن الأفضل ألا يفطر إلا لغرض، إما أن يرى لنفسه التعب, أو أتاه ضيوف لا تطيب نفوسهم إلا إذا أكل معهم, أو ما أشبه ذلك, وإلا فليستمر.
وكذلك أيضاً بقية النوافل كما لو شرع في صلاة النفل وحضر ضيوف وهو في أثناء الصلاة فليقطعها ولا بأس, ويستثنى من هذا الحج والعمرة, فإن الحج والعمرة إذا شرع فيهما الإنسان ولو كانا نفلاً وجب عليه إتمامهما؛ لقول الله تبارك وتعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196] وهذه الآية نزلت في الحديبية قبل أن يفرض الحج, فدل هذا على أنه لا بد من إتمام الحج والعمرة.
إذاً القاعدة الآن: أن كل من شرع في نفل جاز له أن يقطعه، لكن الأفضل ألا يقطعه إلا لعذر, إلا الحج والعمرة فإنه يجب عليه إتمامهما.
الشيخ: يعني: أنه لبس الجورب ليمسح فقط؟
السائل: نعم.
الشيخ: بعض العلماء يمنعه ويقول: لا يجوز هذا؛ لأنه نوى إسقاط الواجب عليه وهو غسل الرجل, فهو كالذي يسافر في رمضان من أجل أن يفطر في رمضان, ومعلوم أن من سافر في رمضان من أجل الفطر فإنه يحرم عليه السفر ويحرم عليه الفطر أيضاً, فعلى هذا: يحرم عليه اللبس ويحرم عليه المسح.
وبعض العلماء يقول: لا بأس أن يلبس ليمسح, لأن أصل اللبس للخفين من أجل المسح عليه, سواء كان بسبب شدة البرد أو شدة الحر أو أثر في الرِجل أو غير ذلك, المهم أن أصل لبس الخفين أو الجوارب من أجل المسح, وليس أصل السفر من أجل الفطر, فبينهما فرق, ولا يصح لباس أحدهما على الآخر, وهذا هو القول الراجح، أن الإنسان لو لبس من أجل أن يمسح فلا بأس, لكننا لا نحبذ له هذا, لأن غسل الرجل إذا كانت مكشوفة أفضل من المسح عليها.
الجواب: إذا كانت هذه الجنازة ممن له حق عام أو خاص فلا بأس أن يسافر الإنسان له, وليس هذا من باب شد الرحال إلى القبور, وكذلك في التعزية, لكن السفر إلى التعزية سوف يستلزم اجتماع أهل الميت في البيت, واستقبالهم للناس, وهذا من البدع, حتى إن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: [كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنع الطعام من النياحة] والناس الآن في بعض المناطق يفعلون أعظم من هذا, يجتمعون ويصفون الكراسي ويضيئون الأنوار, وإذا مررت ببيتهم كأنما مررت ببيت عرس, وهذا لا شك أنه من البدع, والميت لا ينتفع بذلك, وهم لا ينتفعون أيضاً؛ لأنهم يزدادون بذلك إضاعة للوقت, وإضاعة للمال, ومخالفة لهدي السلف, فلهذا نحن ننصح إخواننا المسلمين أن نقول لهم: دعوا هذه العادات, فإن شيئاً لم يفعله السلف لا خير فيه.
الجواب: لا إشكال في هذا, يجوز أن تصلي والمدفئة أمامك ولا حرج, وأما ما كرهه بعض العلماء رحمهم الله من استقبال النار, فهذا ليس فيه حديث صحيح عن الرسول عليه الصلاة والسلام, ولكنهم عللوا ذلك بأن هذا يكون مشابهة للمجوس الذين يعبدون النار, والمجوس الذين يعبدون النار لا يعبدون مثل هذا, إنما يعبدون ناراً يوقدونها ويكون لها لهب ومعظمة, وكما أننا نصلي الآن في الجدار القبلي هناك قناديل من الكهرباء, والقنديل من الكهرباء أقرب إلى النار التي يعبدها المجوس؛ لأن قناديل الكهرباء الأصغر -المدورة- تشبه النار الموقدة، ومع ذلك لم تكن محل إشكال, ثم إن هذه المدفئات أو الدفايات لا تكون أمام الإمام إنما تكون أمام المأمومين, ويفرق بين ما يكون أمام الإمام وأمام المأمومين, ولهذا لو مرت امرأة من بين أيدي المصلين لم تقطع صلاتهم, ولو مرت من بين يدي الإمام قطعت صلاة الإمام وصلاة من وراءه.
الجواب: لا نرى في هذا بأساً, ما دام أنه لا يضيق على المصلين, وأما النهي عن التحليق يوم الجمعة فهذا إذا كان يضيق على الناس, لأنهم كانوا في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام يتقدمون, يأتون في الساعة الأولى، أما في مسجد لا يأتي الناس إليه إلا عند مجيء الإمام فلا فرق بين يوم الجمعة وغيرها.
الجواب: ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قرأ في صلاة الظهر آية سجدة وسجد, ولكن الحديث في صحته نظر, فلو صح الحديث لكان العمل به واضحاً, ولكن في صحته نظر، ولهذا قال فقهاء الحنابلة: يكره للإمام أن يقرأ في صلاة السر آية سجدة, وإذا قرأها فيكره أن يسجد فيها, وعللوا ذلك: بأنه إذا قرأها ولم يسجد فقد خالف السنة؛ لأن السنة فيمن قرأ آية سجدة أن يسجد, وإن قرأها وسجد لبَّس على المؤمنين وشوش عليهم, فلهذا قالوا: يكره أن يقرأها أو أن يسجد فيها, والحمد لله القرآن كثير سوى الآيات التي فيها سجدة, فيقرأ ما تيسر.
الجواب: أولاً: أنا أرجو من الإخوان الحاضرين أن لا يوردوا مثل هذا السؤال المطول المعقد, وأكثر الإخوة الآن قد لا يفهمون هذا إطلاقاً ولا طرأ على بالهم إطلاقاً, فمثل هذا يكون بيني وبين السائل.
لكن الآية الكريمة فيها قولان للسلف:
القول الأول: أن المعنى: فأينما تولوا فثم وجهت الله، أي: قبلته, بمعنى: أنك إذا أشكل عليك القبلة, ثم صليت وأنت في البر, صليت إلى جهة ظننتها القبلة ثم تبين إنها ليست القبلة فصلاتك صحيحة, لأن هذه الآية ذكرت كمقدمة لقوله تعالى: سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [البقرة:142] فهذه الآية كقوله: قُل لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ [البقرة:142] وفَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ [البقرة:115] أي: إن اتجهتم إلى الكعبة فأنتم مولون وجه الله, وإن اتجهتم إلى بيت المقدس كما انتقدكم اليهود فأنتم مولون إلى وجه الله: لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [البقرة:142] وهذا قول له قوته.
القول الثاني: فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ [البقرة:115] أي: فالله تعالى قبل وجوهكم, ويؤيد هذا القول قول النبي صلى الله عليه وسلم في المصلي: إنه لا يبصق قبل وجهه, قال: (فإن الله قبل وجهه).
فالآية محتملة لهذا ولهذا, ومعناها صحيح على كلا القولين.
أما الأشاعرة وقولهم: إن هذا قبلة الدعاء, فيقال لهم: أنتم هل تدعون السماء أم تدعون رب السماء؟ فإذا رفعتم أيديكم إلى السماء وقلتم: يا ألله، فإنما تنادون الله عز وجل, فإذاً الله هناك, لستم تقولون: يا سماء، وكونهم يقولون: إن السماء قبلة الداعي، خطأ, لأن قبلة الداعي هي الكعبة, فإن العبادة التي يشرع فيها استقبال القبلة إنما يشرع إلى الكعبة.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر