أما بعد:
فهذا هو اللقاء الثامن والأربعون بعد المائة من لقاءات الباب المفتوح التي تتم كل يوم خميس، وهذا الخميس هو الثالث والعشرون من شهر شعبان عام (1417هـ) وسيكون هذا آخر لقاء في هذا الشهر وتستأنف اللقاءات بعد إفطار الناس من صيام الست في شوال.
وعدنا أن نتكلم في هذا اللقاء عن الزكاة.
وقد اختلف العلماء فيمن منعها بخلاً مع إقراره بفرضيتها هل يكون كافراً أم لا؟
فمنهم من قال: إنه يكون كافراً واستدلوا بقوله تعالى: وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ * الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ [فصلت:6-7] واستدلوا بذلك أيضاً بأن الزكاة أحد أركان الإسلام والركن بمنـزلة العمود للبناء فإذا سقط سقط البناء، لكن القول الراجح: أن من منعها بخلاً لا يكفر لكنه معرض للوعيد الشديد والعياذ بالله.
أما الآية وهي قوله تعالى: وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ * الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ [فصلت:6-7] فالمراد بالزكاة هنا تزكية النفس وهو الإسلام والتوحيد، أما الدليل على عدم كفره فهو ما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من آتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته) وذكر الحديث، وكذلك قوله: (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها زكاتها -أو قال: حقها- إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار وأوقد عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد ثم يرى سبيله، إما إلى الجنة وإما إلى النار) ووجه الدلالة من هذا الحديث ظاهر، يعني: قوله: (يرى سبيله إما إلى الجنة) يدل على أنه ليس بكافر وإلا لم يكن له سبيل إلى الجنة.
- الذهب والفضة على كل حال سواء كانت نقداً كالدنانير والدراهم أو كانت حُلياً أو كانت قطعاً من الذهب أو قطعاً من الفضة، المهم أن الزكاة واجبة في الذهب والفضة على كل حال، وأما غيرهما من المعادن الثمينة فلا زكاة فيها إلا أن تكون للتجارة.
- ومما تجب فيه الزكاة عروض التجارة يعني: الأموال التي يعدها الإنسان للتجارة والتكسب، لا تسأل أي نوع من المال يريده مالكه للتكسب فهو عروض تجارة فيدخل في ذلك العقارات والأراضي والسيارات والحراثات والساعات والأقمشة والأواني كل شيء تعده للتجارة فإن فيه زكاة، ووجه ذلك أن الغرض من التجارة ما هو؟ هل الغرض نفس السلعة أو قيمتها وربحها؟ الثاني لا شك، ولهذا يشتري الإنسان السلعة في الصباح ويبيعها في المساء إذا وجد ربحاً، بخلاف الشيء الذي اقتناه الإنسان لنفسه كبيته وعقاراته التي يؤجرها هذه أراد أن تبقى لا يريد أن يبيعها لذلك نقول: عروض التجارة تجب فيها الزكاة في أي مال؟! في كل الأموال سواء كان أي نوع من الأموال يقسطه الإنسان للتجارة فهو عروض تجارة، فما مقدار الزكاة في الذهب والفضة وعروض التجارة؟ مقدار الزكاة ربع العشر يعني: واحد من أربعين بشرط أن يبلغ النصاب:
- نصاب الذهب عشرون مثقالاً.
- نصاب الفضة مائة وأربعون مثقالاً.
- نصاب الذهب في المعايير الموجودة الآن خمسة وثمانون جراماً.
- ونصاب الفضة خمسمائة وخمسة وتسعون جراماً فما دون ذلك ليس فيه زكاة.
ولا يُضم الذهب إلى الفضة في النصاب، بمعنى: لو كان عند الإنسان نصف نصاب من ذهب ونصف نصاب من فضة فإننا لا نكمل ببعضهم البعض الآخر نقول: لا زكاة عليك؛ لأنك لا تملك نصاباً من الذهب ولا نصاباً من الفضة، إذاً: لا زكاة عليه.
وقال بعض العلماء: إنه يضم الذهب للفضة في تكميل النصاب، فإذا كان عنده نصف نصاب من الذهب ونصف نصاب من الفضة وجبت عليه الزكاة، ولكن القول هذا مرفوض ولا يصح؛ لأنه كما لا يضم الشعير إلى الحنطة في تكميل النصاب فلا يضم الذهب إلى الفضة في تكميل النصاب، والنبي عليه الصلاة والسلام فرق بينهما، قال: (الذهب بالذهب والفضة بالفضة مثلاً بمثل سواءً بسواء يداً بيد).
وعليه فلو كان عند الإنسان نصاب من الذهب ونصف نصاب من الفضة هل عليه الزكاة؟ عليه في الذهب زكاة وليس عليه في الفضة زكاة، أما قيمة العروض فتضم إليك؛ لأن المقصود من العروض القيمة، فمثلاً إذا كان عند الإنسان عروض تجارة يساوي نصف نصاب من الفضة وعنده نصف نصاب من الفضة خالص هل تجب عليه الزكاة؟ عليه الزكاة، لماذا؟ لأن عروض التجارة المقصود بها قيمتها أما عينها لا يريدها الإنسان.
الديون، الديون تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
1- ديون عند شخص غني باذل، لو قلت له: أعطني حقي، قال: تفضل.
2- وديون عند شخص غني لكنه مماطل، كلما جئته يقول: غداً .. غداً .. غداً.
3- عند فقير.
القسم الأول: أما الديون التي عند غني باذل ففيها الزكاة ولا إشكال فيه؛ لأنها كأنها في صندوقه ما دام ليس بينك وبينها إلا أن تقول: يا فلان! اعطني حقي فهي كالتي في الصندوق ليس بينك وبينها إلا أن تفتح الصندوق وتأخذ الدراهم، فتجب فيها الزكاة.
لكن هل يجب إخراج زكاتها مع مال صاحب الدين أو إذا قبضها زكى لما مضى؟ يقول العلماء: أنت في رخصة إن شئت ضُمها إلى مالك وأخرج زكاتها مع مالك، وإن شئت أخرها حتى تقبضها ثم تزكيها فيما مضى.
القسم الثاني: ديون على غني مماطل، يعني: هو غني عنده أموال كثيرة يستطيع أن يوفي لكنه مماطل، هذا فيه تفصيل: إن كان لا يمكنك مطالبته فهو كالفقير، وإن كان يمكنك مطالبته فهو كالغني الباذل، وإذا كان المال الذي لك عند أمير لا يمكنك أن تطالبه وهو غني، فهذا كالذي على الفقير؛ لأنك لا تستطيع الانتفاع بمالك.
أو عند إنسان شرير تخشى إن كررت الطلب أن يؤذيك في أهلك أو في بيتك أو في عرضك أو ما أشبه ذلك، فهذا أيضاً كالدين الذي على فقير؛ لأنه لا يمكنك مطالبته.
وأما إذا كان يمكنك مطالبته وهو غني مماطل لكن يمكنك مطالبته ترفعه إلى القاضي وتستخرج حقك منه، فهذا تجب فيه الزكاة؛ لأنك تستطيع أن تطالبه وأن يؤتيك حقك، ثم إن شئت زكِّه مع مالك وإن شئت أخره حتى تقبضه وتزكيه لما مضى.
القسم الثالث: الدين الذي على فقير، هذا لا زكاة فيه! لماذا؟! لأنه لا يمكنك أن تطالبه ولا أن تطلبه حتى قول: اعطني حقي حرام عليك وهو فقير لقول الله تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ [البقرة:280] هذا ليس فيه زكاة؛ لأنك لا هو في مالك ولا هو في حكم مالك لا تستطيع أن تنتفع به إطلاقاً، ممنوع من هذا شرعاً، وإذا قبضته هل تزكِّه لما مضى أو لا؟ نقول: لا تزكيه فيما مضى؛ لأن كل ما مضى ليس فيه زكاة أصلاً، لكن هل تزكي لسنة قبضه أو تنتظر حتى يتم عليه الحول؟
فيه خلاف بين العلماء منهم من قال: ابتدئ به حولاً جديداً وانتظر إذا تم الحول زكه، ومنهم من يقول: لا. زكه الآن زكاة سنة واحدة ثم استمر في زكاته في المستقبل إن بقي عندك، هذا القول أحوط وأحسن، فمثلاً إذا كان الإنسان عنده عشرة آلاف في ذمة فقير ثم قبضها بعد عشر سنوات هل يزكيها لعشر سنوات؟ لا. إنما يزكيها سنة واحدة، يؤدي زكاة عشرة آلاف الآن حين قبضه ثم إن بقيت عنده حتى يتم عليها سنة زكاها وإن أنفقها ذهبت.
وبعض أهل العلم يقول: لا. لا يجب عليه زكاة هذا المال، انتظر حتى تتم سنة عندك ثم زكِّ، لكن القول الأول أحوط، وإذا كان أحوط فالأخذ بالاحتياط أولى.
المهم أن الإنفاق لله عز وجل كله خير، أما زكاة الماشية وزكاة الحبوب فالظاهر أن الوقت قصير ندع الكلام عليهما، وأظن أن أكثركم ليس عنده ماشية ولا بساتين.
الفقراء والمساكين يعطون لحاجتهم وضابط ذلك على ما قاله الفقهاء: ألا يكون عند الإنسان ما يكفيه وعائلته لمدة سنة -فمثلاً- إذا قدرنا أن هذا الفقير أو أن هذا الرجل ينفق في السنة اثني عشر ألفاً، كل شهر ألف ريال وعنده ستة آلاف أيكون فقيراً؟ نعم يكون فقيراً نعطيه ستة آلاف فقط حتى يصبح وعنده ما يكفيه لعائلته لمدة سنة.
إنسان عنده راتب ثلاثة آلاف ريال في الشهر، لكنه ينفق كل شهر أربعة آلاف هل نعطيه أو لا؟ نعطيه، كم نعطيه؟ نعطيه اثني عشر ألفاً يعني: ثلاثة آلاف وهو ينفق أربعة آلاف، إذاً: لابد أن نكمل له، نعطيه أربعة آلاف كل شهر وثلاثة عنده وألف من عندنا وهلم جرا.
الغارمون ومفردها غارم وهو: الذي عليه دين ولا يستطيع وفاءه ليس عنده دراهم نقدية سائلة، وليس عنده عقارات، وليس عنده صنعة، المهم أنه لا يستطيع أن يوفي دينه، هذا يوفى دينه من الزكاة ولنا في ذلك طريقان:
- الطريق الأول: أن نعطيه وهو يسدد.
- والطريق الثاني: أن نسدد عنه، يعني: نذهب إلى الذي يطلبه ونعطيه، أيهما أولى؟ فيه تفصيل: إذا علمنا أن الرجل أمين وحريص على إبراء ذمته، وأننا إذا أعطيناه أوفى، فالأفضل أن نعطيه هو ويسدد؛ لأن في ذلك ستراً عليه وإبعاداً للرياء عن المعطي، وأما إذا علمنا أن الرجل مفسد للمال لو أعطيناه يقضي الدين يشتري به أشياء لا داعي لها، فهذا لا نعطيه وإنما يذهب إلى دائنه ويوفى عنه حتى وإن لم يعلم؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال: وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ [التوبة:60] ولم يقل: وللغارمين، فلما لم يذكر اللام علمنا أنه لا يشترط تمليك المدين لقضاء دينه، فنذهب إلى الدائن ونقول: تطلب فلان ألف ريال هذه ألف ريال وننويها من الزكاة، وفي هذه الحال يجب أن نخرج الغريم فنقول: إنا أوفينا عنك، لماذا؟ لأن الدائن ربما ينسى ويطالب الغريم بالدين، وهو قد سدد ولأجل أن يطمئن الغريم بأن الله قضى دينه.
واعلم أنه متى وجدت الأوصاف في شخص من الناس فهو أهل للزكاة، سواء كان قريباً أم بعيداً، حتى أخوك أو ابنك أو أبوك أي شخص توجد فيه الأوصاف فهو مستحق، إلا إذا كان هذا الذي فيه الأوصاف ممن يجب عليك أن تنفق عليه فهنا لا تعطه لحاجته، مثل إنسان عنده أب هو في بيت وأبوه في بيت، أبوه يحتاج وهو غني واسع الغنى، هل يعطيه من زكاته؟ لا. لماذا؟ يجب عليه أن ينفق على أبيه ولا يحل له أن يعطيه من زكاته؛ لأنه لو أعطى من زكاته وفر على نفسه النفقة.
حسناً! إنسان عنده مال كثير وأبوه أموره ماشية لا يحتاج إلى إنفاق، لكن عليه دين هل يقضي دين أبيه؟ يقضي دين أبيه، لماذا؟ لأنه لا يجب على الابن قضاء دين أبيه، فهو -إذاً- لا يوفر ماله، وإذا قدر أن هناك مدين آخر غير أبيه فأبوه أحق في قضاء دينه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (صدقتك على القريب صدقة وصلة).
لعلنا نكتفي بهذا القدر لنأخذ شيئاً يسيراً من الأسئلة في خلال ما بقي من الوقت، نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، وأن يجعل ما علمنا لنا حجة يوم نلقاه.
الجواب: لا يعيد صلاته، الصحيح أن هذا جائز، أي: إذا لبس خفاً على خف قد مسح الأسفل فليمسح على الأعلى، لكن في خلال مدة المسح ابتداء من المسح الأول.
الشيخ: هل اشتراها للتجارة؟
السائل: اشتراها للتجارة، ولكن كان يعتقد بناءً على فتوى بعض العلماء على أن الأراضي ليس عليها زكاة، ثم طالت المدة في انتهاء معاملة الأرض هذه، ولا يستطيع بيعها على قطع قطع حتى تنتهي.
الشيخ: ولا بيعها جميعاً.
السائل: لا يستطيع بيعها قطعة واحدة لكن الشركاء كانوا قد اشتروا الأرض لتقطيعها عدة قطع.
الشيخ: يعني: انتقلت من ملكه.
السائل: لا ما زالت في ملكه.
الشيخ: هم شركاء.
السائل: الشركاء يعني: هم سجلوا باسم شخص واحد أحد الشركاء.
الشيخ: أولاً: بارك الله فيك، إذا كان قد استفتى شخصاً بأنه لا زكاة فيها وهذا الشخص عمدة في علمه ودينه فلا زكاة عليه؛ لأن الله قال: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:43] وأما إذا كان يعتقد أن الزكاة واجبة فعليه الزكاة إلا في السنوات التي يمنع من التصرف فيها فلا زكاة عليها؛ لأن هذه تشبه الديون على غير المعسر، لكن القول الراجح كما علمت أن عروض التجارة فيها زكاة.
الجواب: أما مشاركته لهم في الإثم فلا تجوز؛ لأن الإنسان لا يمكن أن يفسد نفسه لإصلاح غيره، وقد قال الله تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ [النساء:140] لكن من المعلوم أنهم لن يبقوا عاكفين على هذه المنكرات سيكون لهم فراغ وقت عشاء أو وقت غداء يستطيع أن يذهب إليهم في هذا الوقت ويصلهم.
إلا إذا جاء إليهم في حال تلبسهم بهذه المنكرات من أجل النصيحة فلا بأس أن يأتي من أجل النصيحة ويقول: انظر هذا وانظر هذا، وأما تمثيلك بحلق اللحية والإسبال: حلق اللحى والإسبال إن كان حين الحلق هذا لا يجوز، أما إذا كان قد حلق وراح فهذا مثل رائحة الدخان في فم شاربه، لو فرضنا أن إنساناً يشرب الدخان وأتيت تزوره بعد أن أكمل ولم يبق إلا الرائحة هل نقول: إنك الآن مشارك لـه في الإثم؟ لا. هذا نفس الشيء حلق اللحية وإسبال الثوب، أما حين يفعل المحرم فلا تجلس إلا إذا كان القصد النصيحة فهذا لا بأس.
السائل: كل المجلس دائماً انشغال.
الشيخ: على كل حال صلة الرحم إذا كانوا لا يمكن أن يوجدوا إلا على هذا المنكر لا تصلهم، صلهم بالهاتف أو بالكتابة.
الجواب: لا تجزئه، من أدى الزكاة إلى من ليس أهلاً فهو كالذي لم يزك إلا إذا غلب على ظنه أنه أهل، ثم تبين بعد ذلك أنه ليس بأهل فتجزئه.
السائل: كان يخرجها إلى فقير لكن هذا الفقير الآن أصبح ميسور الحال؟
الشيخ: لا يجوز أن يستمر ما دام يعرف أنه زال فقره.
الجواب: أقول من جاهر بالمعصية التي دون الكفر فإن كان في هجره مصلحة وجب هجره، بمعنى: أننا إذا هجرناه استقام فيجب أن نهجره، وإن لم يكن في هجره مصلحة حرم أن نهجره؛ لأنه مؤمن، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) فينظر هذا الرجل الآن حسب ما جاء في السؤال أنه استقام وزال عن الوصف الذي رأوا أنه يستوجب الهجر فعليهم الآن أن يكرموه وأن يفرحوا بهدايته وأن يعينوه على ذلك، أما هو فعليه أن يثبت على ما هداه الله إليه ولا يلتفت لهؤلاء سواء هجروه أو واصلوه لا يهمه، هو إنما تاب لله لا لعباده، فعليه أن يصبر، وليعلم أن العاقبة للمتقين.
الشيخ: والبنك استفاد الزيادة؟
السائل: نعم.
الشيخ: هذه فيها محذوران: المحذور الأول: هو الربا؛ لأن البنك أعطاك خمسة وتسعين بمائة وهذا رباً صريح، وهناك أيضاً ربا الفضل وربا النسيئة يعني: ربا الزيادة وربا التأخير؛ لأن البنك سيتأخر قبضه لهذا العوض.
المحذور الثاني: أنه بيع ما ليس عندك وما ليس في قبضتك؛ لأنك بعت ما في الذمة على هذا البنك، بعتها الآن على هذه الشركة ما الذي في ذمتها؟ دنانير مثلاً، بعت الدنانير للبنك قبل أن تقبضه وقبل أن تكون بملكك ففيها محذوران، فإن كان الأمر قد مضى فالواجب التوبة إلى الله عز وجل وألا ترجع لمثل تلك المعاملة، وإن كان لم يكن فالواجب عليك ألا تدخل في مثل هذا.
الجواب: هذه فيها خلاف بين العلماء، إذا وجد الماء بعد أن شرع الإنسان في الصلاة فهل يلزمه قطعها واستعمال الماء أو يمضي في ذلك قولان من العلماء، والاحتياط أن يقطع الصلاة ويتوضأ الماء.
الجواب: كل من صحت صلاته صحت إمامته إلا المرأة بالرجل، فحالق اللحية، مسبل الثوب، شارب الدخان، المبتدع بدعة لا تكفره؛ كل هؤلاء تصح الصلاة خلفهم، إلا أن يكون في الصلاة خلفهم إغراء لهم على الإقامة على ما هم عليه بحيث يقولون: ما شاء الله فلان يصلي خلفنا نحن على صواب، فهنا لا تصلِّ خلفه، أما إذا كان يعني: من عامة الناس الذي لا يهم الإمام أن يصلي خلف هؤلاء فليصل خلفه فهمتم القاعدة الآن: كل من صحت صلاته صحت إمامته إلا المرأة بالرجل.
حسناً! الصبي بالبالغ تصح صلاته، لكن إذا كان صاحب بدعة أو فسوق وخشيت أنك إذا صليت خلفه حصل له إغراء وإعجاب بنفسه وأنه على صواب، أو أن الناس أيضاً يغترون فلا تصلِ خلفه.
السائل: إذا كانت راتبة؟
الجواب: أياً كان راتبة أو غير راتبة.
الجواب: إذا تم الحول عليه زكاة، أما إذا كان -مثلاً- ألف ريال وهو ينفق في الشهر ألف ريال هذا ما عليه زكاة؛ لأنه قطعاً كما سينفق ألف ريال في شهر محرم سينفقه قبل أن يدخل شهر صفر وشهر صفر قبل ربيع، فيبقى ليس عنده شيء، أما إذا كان يبقى عنده شيء فعليه الزكاة، لكن كيف يزكي هذه الرواتب؟ هناك طريقان:
الطريق الأول: أن يقول -مثلاً-: دخل علي في شهر محرم خمسمائة ريال، وفي شهر صفر خمسمائة ريال أؤدي زكاة خمسمائة ريال في شهر محرم، وزكاة خمسمائة ريال في شهر صفر .. وهذا لا شك أن فيه صعوبة، كون الإنسان يحصي ما دخل عليه في الأشهر وينتظر تمام الحول فيه صعوبة، فنرى أن الإنسان يجعل له شهراً معيناً وهو الشهر الذي أخذ فيه الراتب ويجعله وقت زكاة.
فمتى؟ إذا كان أخذه في محرم، إذا جاء محرم في السنة الثانية ينظر ماذا عنده، إذا كان عنده -مثلاً- خمسة آلاف ريال يزكي خمسة آلاف ريال، حتى راتب شهر ذي الحجة القريب فيه زكاة يعني: هذا أريح.
حسناً! شهر ذي الحجة ما تم حوله ما في بأس أن يخرج الإنسان الزكاة قبل تمام الحول.
الجواب: إذا غسلها مرتبة صار وضوءاً، أما إن عمم على بدنه بدون ترتيب فإن كان عن جنابة، أو عن حيض في المرأة أجزأه عن الوضوء، وإن كان تبرداً أو للجمعة لم يجزئ؛ لأن هذا عن غير حدث.
الجواب: من أجل المشقة، والدليل على هذا أن حديث ابن عباس رضي الله عنهما في صحيح مسلم (جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر، قالوا: ما أراد من ذلك؟ قال: أراد ألا يحرج أمته) يعني: ألا يشق عليها، المسألة تدل على أنه للمشقة.
الجواب: القول الراجح أن قضاء الدين عن الميت لا يجزئ، وقد حكاه ابن عبد البر وأبو عبيد إجماع العلماء أنهم أجمعوا على أنه لا يجزئ، لكن نقل الإجماع فيه نظر؛ لأن فيه خلافاً، إلا أن هذا الخلاف ضعيف والدليل على عدم إجزائه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يؤتى بالرجل يصلي عليه وعليه الدين فلا يصلي مع أن عنده أموالاً زكوية في الغالب، ولما فتح الله عليه وأفاء الله عليه من أموال المشركين وكثر المال عنده صار إذا قدم إليه ميت وعليه دين يقضي دينه، يقول: (الدين علي وإلي) فالصواب أنه لا يجزئ، ثم إن فيه ضرراً على الأحياء؛ لأن عاطفة الناس على الأموات أقوى من عاطفتهم على الأحياء، فلو فتحنا هذا الباب لكان الإنسان يراجع حسابات أجداده وجداته من قبل أبيه وأمه هل عليهم دين ثم يذهب يقضيها، وكذلك -أيضاً- الآباء والأمهات والإخوان الذين ماتوا قريباً وعليهم ديون، يذهب يراجع الحسابات ويقضيها، ويبقى الأحياء الذين على وجوههم ذل الدين غير مقضي عنهم الدين، فالقول أنها تجزئ مخالف لظاهر النصوص من وجه، ولما تقتضيه مصلحة الأحياء من وجه آخر، وهؤلاء الأموات إذا كانوا أخذوا أموال الناس يريدون أداءها فإن الله يؤدي عنهم كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأيضاً فيه محذور ثالث: إذا علم الورثة أن دين مورثهم سيقضى، وليس مشهوراً بالغنى ربما يكتمون التركة ويقولون: إنه لم يخلف شيئاً من أجل أن يقضى دينه وتبقى التركة لهم، ففيه محذورات يعني: لو تأملها الإنسان وجدها أكثر من هذا.
الجواب: هناك احتمالان:
الاحتمال الأول: وإليه ذهب شيخ الإسلام فيما أظن أن الرسول كان يعلم له دعاءً معيناً، فأراد الرسول عليه الصلاة والسلام أن يجعل دعاءً معيناً كله للرسول عليه الصلاة والسلام.
والوجه الثاني: أن يقال: المراد أنك تشرك النبي عليه الصلاة والسلام في كل دعاء تدعوه، وإلا فإن من المعلوم أن الإنسان لو أخذ بظاهر الحديث لكان لا يقل: رب اغفر لي، ولا يقل: اللهم ارحمني، ولا يقل اللهم ارزقني بل يقول: اللهم صل على محمد ويكفى الهم، وهذا خلاف ما جاءت به الشريعة، الإنسان مأمور أن يدعو لنفسه في السجود وفي الجلسة بين السجدتين وفي دعاء الاستفتاح على أحد الوجوه التي وردت فيه، فهذا يحمل على المعنيين إما أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يعلم أنه يدعو بدعاء معين فأراد الرسول عليه الصلاة والسلام أن يجعله للرسول وإما أن يشركه معه في دعائه فكأنه قال صلاتي كلها يعني: كلما دعوت لنفسي صليت عليك.
- أولاً: ما أظنه يقيم الحروف إذا قرأ وهو يعلك؛ لأن مخارج الحروف سوف تكون مشغولة بالعلك، ومعلوم أنه لا يجوز للإنسان أن يقرأ القرآن إلا إذا أظهر حروفه حسب القدرة، فإذا أراد أن يقرأ القرآن فليدع العلك.
وأما مسألة الكراث كونه يأكل قبل أن ينام ويذهب رائحته قبل أن يقوم: فالحكم يدور بما وجد إن كان أثر الرائحة باقياً يؤثر على من حوله؛ فإنه لا يجوز أن يدخل المسجد، بل يجب عليه أن يصلي في بيته دفعاً لأذاه لا ترخيصاً لـه، يعني: بعض الناس يقول: إذا قلنا لآكل الكراث والبصل وما أشبهها من الأنواع صلِّ في بيتك أن هذا ترخيص لـه وتسهيل، نقول: لا، بل هو دفع لأذاه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يقربن مساجدنا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الإنسان) فهذا لا شك أنه يؤذي الملائكة، وإن كان من المأمومين آذى المصلين الذين عن يمينه ويساره، لكن قد قيل لي: أنه يوجد معجونات وأشياء تزيل الرائحة .. لا أدري.
إذا كان يأكله للتداوي فلا حرج عليه، ولكن لا يصلي مع الجماعة حتى يزول يعني: لو قال قائل ربما يجيء أحد يقول: أنا لا أصلي الجماعة؛ لأني أكلت الكراث لكي لا أصلي، قلنا: هذا حرام، أليس السفر في رمضان جائزاً وسيفطر في رمضان وهو فرض ركن من أركان الإسلام، لكن لو سافر من أجل أن يفطر حرم عليه السفر والفطر.
الجواب: إذا كان الأمر كما قال ذكر -مثلاً- يخرج يوم الخميس ويبقى يومين هناك فهو مسافر بلا شك، والمسافر ليس عليه جمعة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من ترك ثلاث جمع تهاوناً طبع الله على قلبه) فإذا كان يخرج للنزهة في هذه الأيام تهاوناً بالجمعة حق عليه هذا الوعيد، إلا أن يعفو الله عنه، وأما إذا كان يخرج لغرض صحيح كالصيد فلا حرج عليه ولا يعد هذا تارك للجمعة تهاوناً؛ لأن الجمعة لا تجب عليه في حال السفر، ولكن يبقى أن يقول: هل له رخصة أن يخرج للصيد مع منع الحكومة من ذلك؟
لا. ما دام المنع باقياً فإنه لا يحل لـه مخالفة الحكومة ولا يجوز له أن يصطاد، لكن إذا كان في الوقت الذي ترخص فيه بالصيد هذا لا بأس به كما سمعت في الجواب.
الجواب: إذا كان لحاجة أو مصلحة فلا بأس، فالحاجة مثل أن يريد الإنسان إثبات واقع من الوقائع ويصورها بالفيديو، والمصلحة مثل أن يصور أشياء مفيد لأبنائه بدلاً عن التلفزيون؛ لأن كثيراً من الناس صاروا يستعملون الفيديو فيصورون أشياء تلهي الصغار وتمنعهم من النظر إلى التلفزيون وما فيه من البلاء، أما لغير ذلك فإنها مضيعة للمال ومضيعة للوقت.
مضيعة للمال؛ لأن الأشرطة هذه لها قيمة ثم عرضها على الشاشة أيضاً له قيمة، تأخذ من الكهرباء، ثم إنها مضيعة للوقت أيضاً، وعلى هذا إذا كان في مصلحة دينية صار أمراً مطلوباً كما لو أردنا أن نصور محاضراً يحاضر في أمر شرعي يوجه الناس ويرشدهم هذا أمر طيب.
الجواب: المصلى سواء في البيت أو في الدائرة الحكومية أو في دائرة الشركة أو غير ذلك ليس له حكم المسجد بل هو مصلى كما يعد الإنسان -مثلاً- سجادة يصلي عليها فليس لها حكم المسجد.
الجواب: تفوت إذا فاتت المتابعة، مثلاً قال: الله أكبر وتأخرت زمناً تنقطع به المتابعة لهذه التكبيرة، وعلى هذا لا نقول: إنه إذا شرع في الفاتحة أنه فاتتك التكبيرة؟ لا. لأن الإنسان مأمور أن يتابع فوراً، إذاً تفوت تكبيرة الإحرام إذا تأخر المتابع زمناً تنقطع به المتابعة.
الجواب: لا. ليس عليها زكاة ما دام معسراً فإنه ليس عليه زكاة حتى يقبضه، وإذا قبضه زكاه سنة واحدة فقط، ثم إن بقى عنده حتى تدور عليه السنة زكاه للسنة الثانية وهلم جرا، وإن أنفقه قبل أن تأتي السنة الثانية فلا زكاة عليه.
الجواب: أسألك: رجل صلى الظهر ولما سلم قال: أشهدكم أني أبطلت صلاتي تبطل أو لا تبطل؟ ما تبطل.
كذلك الوضوء إذا انتهى الإنسان من العبادة فإنه لا يمكن أن يبطلها؛ لأنه لا يبطل العبادات إلا الردة والعياذ بالله إذا مات على ردته، خذ هذه قاعدة: في أثناء العبادة تبطل العبادة إذا نوى الخروج منها إلا الحج والعمرة، فإن نوى الإنسان الخروج منهما فإنه يبقى على إحرامه حتى يتمه.
الجواب: والله! بقاءكم في المركز أحسن؛ لأنه ربما يأتي إنسان على وجه المفاجئة فلا يجد أحداً فلا حرج عليكم أن تصلوا في مكانكم خصوصاً وأن بعض العلماء كالمشهور في مذهب الإمام أحمد رحمه الله أن الصلاة في المسجد أفضل وليست واجبة، ولكني أرى أنها واجبة في المسجد إلا أن هؤلاء الذين أشغالهم تأتي مفاجئة كالأطباء والممرضين، وكذلك الدفاع المدني وما أشبه ذلك إذا صلوا في مكانهم لا حرج عليهم.
السائل: يا شيخ! أنا مدير المركز لو صليت خارجاً ما علي إثم؟
الشيخ: أنت لو خرجت مشكلة؛ لأنهم ربما يخرجون ولا يرجعون.
الجواب: أشهر الحج -بارك الله فيك- كما قال الله عز وجل: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ [البقرة:197]، وأشهر جمع شهر؟ والجمع أقله ثلاثة، والثلاثة: شوال، وذو القعدة، وهناك من يقول: عشرة ذي الحجة.
ولذلك نرى أنه يجوز للإنسان أن يؤخر طواف الإفاضة إلى آخر الشهر فلا بأس لكن لا يخرج شهر ذي الحجة إلا وقد أدى الطواف والسعي.
الجواب: نعم. لا بأس، لكن بعض العلماء يقول: إنهم إذا أكلوا بصلاً لا يصلون جماعة؛ لأنه يكره لآكل البصل أن يحضر الجماعة وهذا فيه نظر، والصحيح أنهم يأكلون البصل ويصلون الجماعة لكن لا يأتون للمساجد لئلا تتأذى الملائكة من ذلك.
الجواب: حديث أبي هريرة قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كبر للصلاة سكت هنية فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! ماذا تقول؟ قال: أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد) هذا نوع من أدعية الاستفتاح.
النوع الثاني: { سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك }.
وإلى هنا ينتهي هذا اللقاء وإلى لقاء قادم ألحقنا الله وإياكم خيراً وجعلنا ممن يصومون ويقومون رمضان إيماناً واحتساباً.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر