أما بعد:
فهذا هو اللقاء السادس والسبعون بعد المائة من اللقاءات التي يعبر عنها بلقاء الباب المفتوح، التي تتم كل يوم خميس من كل أسبوع، وهذا الخميس هو السابع من شهر ذي القعدة عام 1418هـ أسأل الله تعالى أن يجعلها لقاءات مباركة نافعة.
في هذا اللقاء كالعادة نبدأ بتفسير شيء من كلام الله عز وجل.
الخطاب في قوله: (أفرأيت) للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ويجوز أن يراد به كل من يتوجه إليه الخطاب، فيكون المعنى على الأول: أفرأيت يا محمد، وعلى القول الثاني يكون المعنى: أفرأيت أيها المخاطب.
(الذي تولى) أي: تولى عن طاعة الله عز وجل، ولم يؤمن بالرسول صلى الله عليه وسلم، ولم ينفق ما أمر بإنفاقه: وَأَعْطَى قَلِيلاً وَأَكْدَى [النجم:34] أحياناً يعطي، وإذا أعطى أعطى قليلاً، وأحياناً يكدي أي: يمنع، فلا يعطي شيئاً؛ لأنه لا ينفق المال ابتغاء وجه الله، فلذلك كانت حاله بين أمرين:
إما المنع، وإما الإعطاء قليلاً.
قالوا: (وأكدى) مأخوذة من الكدية: وهي الصخرة الشديدة التي لا تتفتت إلا بالمعاول، هذا الذي أعطى قليلاً وأكدى يزعم أنه إذا بعث فإنه سوف يعطي المال الكثير، وهكذا عادة من ينكر البعث كما في صاحب الجنة الذي قال: وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْهَا مُنْقَلَباً [الكهف:36] فهو يظن أنه سوف يمتع في الدنيا ثم يمتع في الآخرة أكثر وأكثر إن كان آمن بها.
قال الله تعالى: أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى [النجم:35] هذا الاستفهام إنكاري بمعنى النفي، أي: ليس عنده علم الغيب فهو يرى أنه سينتقل إلى دارٍ أفضل من داره التي هو فيها، وعلى هذا فتكون الجملة جملة نفي، ولا جملة إثبات وليست جملة استخبار، بل هي جملة نفيٍ وإنكار، إذ لا أحد عنده علم الغيب، ولولا ما أخبرنا الله به من النعيم لأهل الجنة والجحيم لأهل النار ما علمنا عن ذلك شيئاً.
وفي قوله تعالى: أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى * وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى [النجم:38-39] (ألا تزر) أي: لا تحمل، (وازرة) أي: آثمة، وزر أخرى أي: إثم أخرى، يعني: أن الإنسان لا يحمل ذنب غيره، إلا أنه استثنى من ذلك إذا كان صاحب سنة آثمة فإن عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، ولكن الحقيقة أن هذا لم يتحمل وزر غيره؛ لأن غيره قد وزر وأثم لكنه تحمل إثم السنة، والبدء بالشر، فيكون حقيقة أنه لم يوزر وزر غيره، ولكنه وزر بوزر نفسه، أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [النجم:38] وقد كذب الله تعالى قول الذين كفروا للذين آمنوا: اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ [العنكبوت:12] فقال الله تعالى: وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ [العنكبوت:12] حتى لو قال لك القائل: افعل هذا الذنب والإثم علي، فإنه لا يتمكن من هذا: أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [النجم:38] ولا يمكن أن يتمكن من هذا، فإن فعل الذي قيل له: افعل هذا والإثم عليَّ، فالإثم على الفاعل، ثم إن كان الفاعل ممن يغتر بالقول ولا يفهم فعلى القائل إثم التغرير، أي: أنه غرره وخدعه: وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى [النجم:39] أي: ليس للإنسان من الثواب إلا ثواب ما سعى -أي: ما عمل- فلا يمكن أن يعطى من ثواب غيره، لا يمكن أن نأخذ من أجر زيد ونعطيه عمراً أبداً، كما أنه لا يمكن أن نأخذ من سيئات زيد ونضيفها إلى سيئات عمرو، هذا لا يمكن، فصار الإنسان مرتهناً بكسبه: كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ [الطور:21]، كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ [المدثر:38] لا يمكن أن يؤخذ من حسناته لغيره، ولا أن يؤخذ من أوزار غيره فيحمل عليه.
فإذا ورد عليهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من مات وعليه صيامٌ صام عنه وليه) قالوا: هذا في الواجب؛ لأنه قال: (وعليه صيام) وليس بالتطوع.
وإذا أورد عليهم أن رجلاً قال: (يا رسول الله! إن امرأتي تلتت نفسها وأظنها لو تكلمت لتصدقت أفأتصدق عنها؟ قال: نعم) قالوا: هذا مستثنى بالنص، وليس لنا أن نرد النص، والعام يجوز تخصيص أفراده بحكمٍ مخالف.
وإذا أورد عليهم قول سعد بن عبادة -رضي الله عنه- في مخرافه -أي: في نخله الذي يخرف- إنه يريد أن يجعله صدقة لأمه، فأجازه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. قالوا: هذا ورد به النص، وما ورد به النص فإنه لا يمكن أن يرد؛ لأن نصوص الشريعة الإسلامية جاءت بتخصيص العام، أي: بإخراج بعض أفراد العام فيحكم له بحكمٍ مخالفٍ لحكم العام.
وعلى هذا فنقول: لا يمكن أن ينتفع الإنسان بعمل غيره حياً كان أو ميتاً إلا ما وردت به السنة، ولا شك أن هذا القول له وجهة نظر قوية، لكن الإمام أحمد رحمه الله قال: أي قربة فعلها وجعل ثوابها لميت أو حي من المسلمين فإن ذلك ينفعه، وقال: إن الذي وقع قضايا أعيان، بمعنى: أن الرجل حصلت له حادثة فسأل عنها النبي صلى الله عليه وسلم فأجازه، ما هي القضية العينية؟ الرجل الذي قال: أتصدق عن أمي، وسعد بن عبادة ، قال: هؤلاء سألوا الرسول عليه الصلاة والسلام فأجاز ذلك، فإذا أجاز الرسول عليه الصلاة والسلام جنس العبادات ولو كانت مالية دل ذلك على جواز جميع العبادات.
وقالوا أيضاً: الصيام ليس عبادة مالية، ومع ذلك قال: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه).
وإذا أجيب بأن هذا في الواجب والواجب متحتم فهو كالدين والدين إذا قضاه الغير عن المدين أجزأ.
وعلى كل حال، حتى لو قلنا بما ذهب إليه الإمام أحمد رحمه الله: من أن أي قربة فعلها الإنسان وجعلها لمسلم، فإن ما عليه عمل الناس اليوم مخالفٌ لهدي السلف، إذ أن الناس اليوم تجدهم يهدون كثيراً من الأعمال الصالحة للأموات، يعتمر للميت دائماً، يصوم عنه تطوعاً دائماً، يضحي عنه دائماً ولا يضحي عن نفسه، كل هذا ليس من عمل السلف، السلف يهتدون بهدي الرسول عليه الصلاة والسلام، وهدي النبي صلى الله عليه وسلم العام هو أنه قال: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علمٍ ينتفع به، أو ولدٌ صالح يدعو له) أكثر من الدعاء للميت، لكن كونك كلما سبحت: اللهم اجعل ثوابه لأبي أو لأمي، كلما اعتمرت قلت: اللهم اجعل ثوابه لأبي أو أمي أو جدي أو خالي أو عمي، هذا غير صحيح.
أنت محتاج إلى العمل كما أنهم محتاجون للعمل، فلا تجعل عملك لهم، اجعل لهم ما أرشدك إليه الرسول عليه الصلاة والسلام وهو الدعاء، أما العمل فخص به نفسك.
الجواب: أن هذا عام، سوف يرى في الدنيا وسوف يرى في الآخرة؛ الذي يرى في الآخرة هو الثواب، وفي الدنيا هو نفس العمل، ولهذا قال الله تعالى: وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ [التوبة:105] يعني: عملكم لن يخفى على من في وقتكم، سيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون.
وبهذه المناسبة أود أن أنبه إلى أن بعض الناس إذا عمل عملاً كمكتبة أو مسجد أو عمارة للفقراء أو ما أشبه ذلك كتب: وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ [التوبة:105] وهذا لا يجوز؛ لأن أحد الأطراف الثلاثة لا يمكن أن يراه، من هو؟ الرسول عليه الصلاة والسلام لا يمكن أن يرى هذا العمل، صحيح أن الله عز وجل يرى، والمؤمنون في هذا الوقت يرون، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام لا يرى، ثم هذا في المنافقين وهو تهديدٌ لهم وليس ثناءً عليهم، فعلى كل حال نقول: سعي الإنسان سوف يرى، ولكن قد يستر الله تبارك وتعالى على العبد ذنوبه، فضلاً منه ومنة، وإذا لقاه في الآخرة خلا به سبحانه وتعالى وقرره بذنوبه، وقال: (قد سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم) لكن في الأصل أن سعي الإنسان سوف يرى: ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى [النجم:41] أي: بعد أن يرى يجزى عليه (الجزاء الأوفى) أي: الأكمل، والأوفى في الصالح زيادة المثوبة، والأوفى في السيئ العدل بحيث لا يزاد في سيئاته، وعلى هذا فالأوفى يفسر بمعنيين: العدل، والزيادة.
العدل في السيئة: لا يمكن أن يزاد سيئة واحدة، الفضل في الحسنات: الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعفٍ إلى أضعافٍ كثيرة، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم.
الشيخ: القيام وإلا عدم إقامة الصف؟
السائل: مع الوعيد الشديد في عدم إقامة الصف.
الشيخ: لكني أشك في صدق كلامه، أي فرقٍ بين أن يحاذي الناس أو يتأخر؟
السائل: لا في الفرش فرشة المساجد يقول: الحد هذا يجعل آخر رجله عليها ويتمسك، هذا الذي يقوله.
الشيخ: الظاهر أن هذا لدفع الخصومة عن نفسه فقط، وإلا لا فرق ما الذي ماسكه؟ لأن الحد ما هو بكبير حتى نقول: يمسك؛ ليس علوه حتى يدخل عقبه به ويمسكه.
السائل: هو بين الثلاثين والأربعين وهو إنسان متدين وملتزم.
الشيخ: قل له: لا بد أن يساوي الناس ولا يتحمل، وإذا كان لا يمكن فليعتمد على عصا.
السائل: لكن لا يجلس؟
الشيخ: لا، لا يجلس؛ لأن القيام ركن، لا يجلس لكن لا يخالف المسلمين، أنا لولا أني أتهيب لقلت: لا يأتي للمسجد، ما دام أنه لا يستطيع إلا مخالفة الصف فلا يأتي المسجد؛ لأن هذا يخل بالجماعة، قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (تسوية الصف من تمام الصلاة) معناه: أنه إذا خل شخص بتسوية الصف كل الجماعة اختلت صلاتهم، فلذلك أكد عليه، قل له: إن محمداً يقول: لا بد أن يجيء إلى المسجد ولو يعتمد على العصا إذا قام.
الجواب: قل له: لا بأس بشرط أن يحرم هو أيضاً ويلبس ثياب الإحرام وإذا طاف بهذا المجسم يطبع في الطواف ويرمي في الأشواط الثلاثة الأولى ويجعل حوله مقاماً يقول: هذا مقام إبراهيم، وايش الكلام هذا؟! هذا لا ينبغي إطلاقاً، يستطيع أن يرسم في السبورة مربعاً -صورة الكعبة- ويقول: تطوف عليه هكذا، أما أن يجعل مجسماً فهذا في ظني أنه سيجعل العبادات مجرد طقوس وحركات فقط، ما لها أي تأثير في القلب.
الجواب: أما الهدية فلا يجوز أن يقبلها؛ لأن الهدية يملكها، أما أن يجيب الدعوة فلا بأس؛ لأن إجابة الدعوة لا يملك الإنسان فيها الطعام الذي يأكله.
السائل: خاصة من أجل هذا المعلم.
الشيخ: ولو كان لا بأس بها، ولهذا أجاز العلماء للقاضي أن يجيب الدعوة ومنعوه أن يقبل الهدية وهذا مثله.
لكن ينبغي للمعلم إرفاقاً بالطلاب ألا يجيب الدعوة؛ لأنه إذا أجاب الدعوة لهذا ذهب الطالب الآخر يدعوه وربما يكون حاله ضعيفاً ويتكلف، فالأولى له سد الباب.
الجواب: لتعلم أن الخمر الخالص ليس بنجس، ولا يجب غسل الثياب منه ولا الأبدان، فإذا فهمت ذلك علمت أن العطورات التي فيها الكحول ولو كانت نسبتها كبيرة ليست بنجسة.
قل لي: ما الدليل على أنها ليست بنجسة؟ لأن المشهور عند الناس الآن أن الخمر نجس نجاسة عينية كالبول والغائط.
أولاً: أقول لك: الدليل عدم الدليل؛ أنه لا دليل على نجاسة الخمر والأصل الطهارة، ولا يلزم من المحرم أن يكون نجساً، فهذا السم محرم وليس بنجس، هذا الدخان يدخنه كثير من الناس محرم وليس بنجس، فلا يلزم من التحريم النجاسة، ويلزم من النجاسة التحريم.
إذاً.. نقول: الدليل أنه لا دليل على نجاسة الخمر.
ثانياً: هناك دليل على طهارة الخمر غير الأصل وهو أن الصحابة رضي الله عنهم لما حرمت الخمر أراقوها في الأسواق ولو كانت نجسة ما أقرهم الرسول عليه الصلاة والسلام على ذلك؛ لأنه لا يجوز أن تلوث أسواق المسلمين بالنجاسة.
ثالثاً: لما حرمت وأراقوها ما غسلوا أوانيهم منها، ولما حرمت الحمر في خيبر أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بغسل الأواني.
رابعاً: أن الرسول عليه الصلاة والسلام أهدى إليه رجل راوية خمر -يعني: قربة كبيرة مملوءة من الخمر- أهداها للرسول عليه الصلاة والسلام إكراماً له، وهو لا يعلم أنها حرمت، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (إنها حرمت، فساره رجل -كلم الرجل صاحب الراوية رجل قال له: بعها- فقال الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: بما ساررته؟ قال: قلت: بعها، قال: إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه، ففتح الرجل فم الراوية وأراق الخمر بحضرة الرسول عليه الصلاة والسلام) ولم ينهه عن ذلك، ولم يأمره بغسل الراوية، وهذا دليل واضح، والمسألة ليس فيها إجماع على نجاسة الخمر بل فيها خلاف حتى في التابعين.
الجواب: إذا كان لعذر فلا بأس، أما إذا كان لغير عذر وصار الأب يذهب ويروح ويجيء ويستريح في بيته ولا يؤذن وكلف الابن فلا بد من إبلاغ الجهات المسئولة.
السائل: نفس الشخص؟
الشيخ: أقول: لا بد أن يبلغ يقول: أنا الآن وكلت ابني يؤذن عني جميع أوقات الأذان، فإذا أذن له فلا بأس.
السائل: هذا الطالب جاء يسألني هذا السؤال قال: أؤذن عن أبي أم لا؟
الشيخ: قل له هذا الكلام، إن كان لعذر مثل إن كان أبوه مريضاً أو مسافراً أو غير موجود لسبب معين فلا بأس به ولا إشكال، أما أن يجعله يؤذن عنه دائماً فلا بد من استئذان ولاة الأمور.
السائل: إذا كان أحياناً؟
الشيخ: إذا كان أحياناً لا بأس به.
الجواب: والله -يا أخي- لا شك أن النساء الآن بدأت تتوسع في اللباس وفي التطيب عند خروجها للسوق، وسبب ذلك أولاً: قلة الدين؛ لأن الدين إذا ضعف قل امتثال الإنسان لأمر الله، وإلا فالقرآن صريح: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى [الأحزاب:33]، وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ [النور:31]، وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ [النور:31] وهذا يدل على أن الثياب في عهد نزول القرآن كانت إلى الكعب؛ لأن الخلاخيل في الساق، وقوله: (ما يخفين) دليل على أن اللباس ستر هذه الخلاخيل.
ثانياً: ضعف الحياء، والحياء من الإيمان، كثيرٌ من النساء نزع منهن الحياء -والعياذ بالله- وصارت لا تبالي، كانت النساء فيما عهدنا التي لم تتزوج لا يمكن أن تخرج السوق، وإذا دعاها أقاربها للبقاء عندهم عندما تخرج لا تخرج إلا قبل طلوع الشمس، ولا ترجع إلى بيتها إلا بعد غروب الشمس، وقبل طلوع الشمس لا أحد منتشر فيما عهدنا، وبعد غروب الشمس أيضاً لا دكاكين ولا غيره، ثم توسعت النساء بما يسمعنه من الوافدات إليهن، وبما يسمعنه من وسائل الإعلام، وبما يمليه سفهاء الرجال.
ومن الأسباب أيضاً: أن أولياء أمورهن لم يتقوا الله تعالى، ولم يراعوا الأمانة التي حملوها، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6] وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الرجل راعٍ في أهله ومسئول عن رعيته) فنسأل الله تعالى الهداية للجميع.
ثم هناك أيضاً شيء آخر: وهو ضعف الرادع (السلطان) لا يوجد رادع من قبل السلطان وولاة الأمور، كنا نعهد أن المرأة إذا أخرجت يديها وكفيها في السوق قام شخص من الناس ينهاها، ورجال الحسبة يصل الأمر بهم إلى حد الضرب، أما الآن فكما ترى نسأل الله أن يقوي الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر.
الجواب: إذا كان الإنسان يصلي فلا يتابع المؤذن؛ لأن في الصلاة شغلاً، والمصلي ليس تابعاً للمؤذن حتى نقول: ينصت كما ينصت لقراءة الإمام، لكن إذا كان سبب الذكر -يعني: لا يشغل- مثل: لو عطس فله أن يحمد الله على القول الراجح، ولو أصابه الوسواس في الصلاة -يعني: الهواجيس- فإنه يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ لأن هذا لا يشغله عن صلاته.
الجواب: قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من قام مع الإمام حتى ينصرف -يعني: في قيام رمضان- كتب له قيام ليله) فإذا صلى مع الإمام الأول ثم صلى مع الثاني لم يصدق عليه أنه صلى مع الإمام حتى ينصرف؛ لأنه جعل قيامه بين رجلين، فيقال له: إما أن تقوم مع هذا من أول الليل إلى آخره، وإما أن يفوتك الأجر.
الجواب: لا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (في كل ذات كبد رطب أجر) لا تمنعهم اتركهم يشربون، ولأن الله تعالى قال في القرآن: لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الممتحنة:8].
السائل: هؤلاء يا شيخ أغلبهم هندوس من الهند، وتعلم حالة التشريد للمسلمين ....
الشيخ: لكن ربما هؤلاء لا يرضون بفعل حكومتهم لا تدري.
الشيخ: لكن بالتلوين ما هو يعني؟
السائل: إي نعم.
الشيخ: لا بأس ما فيها شيء.
السائل: ... رسمة.
الشيخ: لا بأس، يعني: مثلاً تصور للطفل كيفية الركوع وكيفية السجود، وكيفية الجلوس.
السائل: نعم.
الشيخ: ليس فيها شيء.
الجواب: لا بأس أن تسمي ابنك عزيزاً أو رحيماً؛ لأن هذا قد وصف به غير الله، قال الله تعالى: قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ [يوسف:51]، وقال الله تعالى في وصف النبي عليه الصلاة والسلام: بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128].
ولا تسميه العزيز إلا على سبيل الوصف، لا ترده اسماً له، لكن تقول: العزيز، على أنه وصل، مثل: السلطان والأمير لا بأس.
الشيخ: وما المعنى؟
السائل: ألا يكون تعارض بينها وبين قول الله تعالى: لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا [الزخرف:85]؟
الشيخ: ما بينهما داخل، ولهذا أحياناً لا يدخل القرآن بينهما: وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا [النجم:31] يدخل فيها، لكن الأحسن ألا تقيد شيئاً، لا إله إلا الله، أي: لا معبود حقٌ إلا الله، وما أشرت إليه ففي القرآن: وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ [الزخرف:84]، ولم يذكر ما بينهما لأنه داخل.
الجواب: الأفضل ألا يخرج الإنسان زكاته عن بلاده ما دام أن بلاده فيها مستحقون، هذا هو الأفضل.
السائل: قد يكونوا محتاجين أكثر في بلاد أخرى في مجاعات وغيرها؟
الشيخ: هذا ربما يرخص فيه بشرط: أن تعرف أن هؤلاء الذين يأكلونها مسلمون، وأنه ليس عندهم عقائد باطلة؛ لأن بعض المسلمين وهم مسلمون أكفر من اليهود والنصارى، ألم تعلم أن ممن يدعي الإسلام من يقول: إن الكون شيء واحد؛ الخالق والمخلوق شيء واحد، أهل وحدة والوجود يقولون: إنهم مسلمون، فلا بد من التحري.
لكن الشيء الذي أنهى عنه بشدة مسألة الأضاحي، أنه إذا جاء وقت الأضحية أخرجوا دراهم وأعطوها أناساً يضحون بها في أي بقعةٍ من بقاع الأرض، هذا غلط عظيم؛ لأن الذبح نفسه عبادة، وليس المقصود اللحم: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا [الحج:37] المقصود التعبد لله، والله تعالى قرن الذبح له بالصلاة، فقال تعالى: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2]، وأمر أن نأكل منها فكيف تأكل من شيء وهو ليس بين يديك؟ لا يمكن، وأمر أن نذكر اسم الله عليها، كيف تذكر اسم الله على شيءٍ ليس بين يديك؟
ثم إذا أعطيت دراهم يبقى عندك إشكال:
أولاً: هل تثق بأن هؤلاء يذبحون الأضحية التي توفرت فيها الشروط؛ قد يذبحون الصغير، رأيناهم في منى قبل أن تأتي المراقبة رأيناهم يذبحون الصغير ليس له إلا عشر، ويؤولون القرآن على هذا يقولون: فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة:196] وهذا تيسر لنا، أتأمن هذا؟
- هل تأمن أن يضحوا بسليمة من العيوب؟ لا تأمن.
- هل تأمن أن يضحوا في أيام الأضحية أو تكون الأضاحي عندهم كثيرة وتؤخر بعضها؟ لا تأمن.
- هل تأمن أن الذي يذبحها يصلي؟ لا تأمن.
- هل تأمن أنه يسمي الله؟
كل هذا منتفٍ، فلماذا نخاطر؟ ثم إذا قلنا بهذا واعتاد الناس هذا الشيء خلت البلاد من هذه الشعيرة العظيمة وهي الذبح لله؛ لأن كل إنسان يقول: الحمد لله نعطي ثلاثمائة ريال أو أربع مائة ريال ولا ألوث بيتي بالدم والفرث.
لذلك أرجو منكم -بارك الله فيكم- أن تنهوا الناس نهياً -وليس إرشاداً- أن يعطوا دراهم ليضحى بها في مكان آخر وأن تقول: الأضحية شعيرة من شعائر الإسلام تفعلها أنت بنفسك تذكر اسم الله عليها تأكل منها وتطعم وتطمئن، ويخفى عنك الذين هناك، الحمد لله الباب واسع، أرسل أنت الدراهم إليهم وضحِ أنت في بلادك، والله تعالى يخلف عليك.
الجواب: أما النافلة فنعم، في صلاة الليل كان الرسول عليه الصلاة والسلام كما وصف ذلك حذيفة : (إذا مر بآية تسبيحٍ سبح، وبآية رحمة سأل، وبآية عذابٍ تعوذ) وهو سنة في صلاة الليل.
أما الفريضة فلا بأس لكن لا نقول: إنه سنة، وذلك لأن الواصفين لصلاة الرسول عليه الصلاة والسلام الجهرية والسرية لا يذكرون هذا، ولو كان يسكت ليتعوذ أو يسأل أو يسبح لبينوا ذلك، ولهذا لما سكت للاستفتاح سأله أبو هريرة قال: (أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تكون؟) فالفريضة نقول: لا بأس، ولا نستطيع أن نمنع شيئاً هو ذكر ودعاء، لكن نافلة التهجد خاصة نقول: هو سنة.
أما إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5] فهذه لا تقل: استعنا بالله، لا في الفريضة ولا في النفل، لماذا؟ لأنك الآن تخبر: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5] كيف تقول: استعنا بالله؟ معنى: استعنا بالله هو معنى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5]، بل: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5] أفضل من استعنا بالله؛ لأنها تدل على الحصر، والاستمرار بخلاف استعنا بالله.
المهم ألا تقال: استعنا بالله لا في الفريضة ولا في النافلة، لا للإمام ولا للمأموم ولا للمنفرد.
الشيخ: عليه أن يعيد الصلاة؛ لأن صلاته لم تنعقد.
السائل: هل تعتبر صلاته منفردة يا شيخ؟
الشيخ: لا. لأنه نوى الائتمام بهذا الرجل.
الجواب: انظر بارك الله فيك: إذا غابت الشمس انتهى الصيام سواء تناول الإنسان الأكل أو لم يتناوله، فإذا حاضت المرأة بعد غروب الشمس فصومها تام، وإذا أكل بعد غروب الشمس فصومه تام؛ لأن الصوم شرعاً ينتهي بغروب الشمس، قال الله تعالى: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ [البقرة:187] وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا أقبل الليل من هاهنا وأشار إلى المشرق، وأدبر النهار من هاهنا وأشار إلى المغرب، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم).
الجواب: الواجب المحاذاة، لكن كان الصحابة رضي الله عنهم يلصق أحدهم كعبه بكعب صاحبه ومنكبه بمنكبه تحقيقاً لأمرين: المراصة، والمحاذاة.
وأما ما يفعله بعض المشاهدين الآن من أنه يفرج بين رجليه حتى يمس كعب صاحبه، وأحياناً يعكف رجله حتى يكون الكعب ملاصقاً للكعب، ولكنه قد تكلف في عكف رجله، فهذا لا أصل له من السنة، وهو فهم خاطئ غلط؛ لأننا شاهدناهم يفرجون أرجلهم حتى تتلاصق لكن أكتافهم بينها فرجة، فكأنها أهرام أسفلها واسع وأعلاها ضيق، من أين جاء هذا؟
إذا فهمنا النص يلصق كعبه بكعبه ومنكبه بمنكبه، فهذا ينافي الفعل، ولهذا نحن نحذر إخواننا طلبة العلم الصغار من التسرع في فهم النصوص على خلاف مراد الله ورسوله، ونقول: انظروا العلماء الذين هم أكبر منكم سناً وأقوى منكم فهماً لكتاب الله وسنة رسوله.
السائل: إذا ما تلاصقت الأقدام هذا جائز.
الشيخ: نعم؛ الجواز جائز، لكن لا يكون فرجة، لأنك الآن لو مس المنكب المنكب قد تكون الرجلان مضمومتين بعضها إلى بعض ومتقاربة، وهذا لا يضر.
الجواب: الظاهر أنه أصبح من النادمين على قتل أخيه، ويجوز أن يكون على هذا وهذا، لكن كونه مثل هذا الغراب قد يقال: إنه لا ندم عليه؛ لأنه ليس بيده، وقد يقال: إنه ندم عليه لكونه جهل هذا الأمر، إنما الشيء المحقق أنه نادمٌ على قتل أخيه، هذا لا إشكال فيه.
السائل: نادمٌ عليه من جهة أنه قتل أخاه أو نادمٌ عليه لأنه ذنب؟
الشيخ: هذا الله أعلم، هل ندم على أنه ذنب، أو على أنه قتله وتعب به.
الجواب: هذا حديث غير صحيح.
الجواب: على كل حال هو مقصر لكونه لا ينهى عن المنكر، لكن أحياناً يكون هذا المنكر شائعاً، بمعنى: أن كل الذين حوله يشربون الدخان، هل يقف عند كل شخص؟ هذا فيه أولاً شيء من الغضاضة عليه، وفيه شيء من أنهم ربما يسخرون به ويجتمعون عليه ويردون قوله، وفيه أيضاً أنه يفوت مصالح، لكن عليه أنه إذا وجد شخصاً في السوق يمسكه ويقول: يا أخي! هذا لا يجوز، لكن أحياناً إذا رآك الذي يشرب الدخان عرف أنه وقع في منكر واحترمك وأخفاه، هل نقول: هذا يكفي عن نصيحتك إياه؟ ربما نقول: يكفي؛ لأن الرجل عرف أنك تنكر هذا الشيء، ولهذا استحيا منك وأخفاه، وقد يقال: إنه الآن حانت الفرصة إلى أن توجهه وتقول: يا أخي! إذا كنت الآن تستحيي مني فحياؤك من الله أولى، الله أحق أن يستحيا منه، ويكون هذا فرصة لك لتدعوه.
والمهم أن الواجب على الإنسان أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بقدر ما استطاع: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].
الجواب: لا بأس به أن يضع علامة، لكن الطلاء والجص أرى أنه لا يستعملها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يجصص القبر، ويكتفي بعلامة إما أن يجعل الوسم وسم القبيلة على هذا، أو يجعل كما قلت: عصا أو حديدة أو ما أشبه ذلك.
السائل: والعصا؟
الشيخ: والله أخشى أن تكون من جنس التجصيص أو أشد، لا سيما العصا الكبيرة؛ لأن بعض الناس يضع كل نصيبة خضراء أو حمراء.
الشيخ: يجوز في السيارة، لكن السائق يخشى أن يشتغل إما بالسواقة أو بالصلاة.
الجواب: ليست عمتك، الحقيقة أن عمتك هي أخت أبيك، لكنها تكشف لك حتى لو طلقها أبوك.
والحمد لله رب العالمين، وسبحانك اللهم ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر