أما بعد:
فهذا هو اللقاء السادس عشر بعد المائتين من اللقاءات التي تسمى (لقاء الباب المفتوح) والتي تتم كل يوم خميس، وهذا الخميس هو السابع والعشرون من شهر جمادى الثانية عام (1420هـ) أسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل هذه اللقاءات لقاءات خيرة نافعة.
يقول: يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ أي: اذكر يوم يقول، فكلمة (يوم يقول) ظرف زمان ولابد لظرف الزمان والمكان والجار والمجرور من شيء تتعلق به، والعلماء يقدرون المحذوف في كل مكان بما يناسبه، فهنا المناسب أن يكون التقدير: اذكر أيها الإنسان يوم يقول المنافقون ... الخ.
هذا اليوم هو يوم القيامة، والمنافقون هم الذين أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر، يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ [الفتح:11] ولم يظهر النفاق إلا بعد أن قويت شوكة المسلمين بعد غزوة بدر ، وكانت غزوة بدر في رمضان في السنة الثانية من الهجرة، انتصر فيها المسلمون انتصاراً ساحقاً على الكفار، فلما بزغ فجر الإسلام وقويت الشوكة ظهر النفاق.
النفاق هو أن الإنسان يظهر الإسلام ويبطن الكفر، وشاع ذلك في المسلمين، وقد كانوا يأتون إلى الصلاة مع الناس ويحضرون الجماعة لكنها كانت ثقيلة عليهم، وأثقل الصلوات على المنافقين هي صلاة العشاء وصلاة الفجر؛ لأنه ليس هناك أضواء يشاهدون فيها وهم إنما يصلون ويراءون الناس.
في يوم القيامة يظهر نور للمؤمنين والمنافقين ثم ينطفئ نور المنافقين، وأنت تعلم أيها الإنسان أن انطفاء النور بعد وجوده يكون أشد ظلمة مما لو لم يكن هناك نور، ولهذا لو أنك أطفأت النور القوي ثم فتحت عينيك لم تر شيئاً إلا بعد برهة من الزمن، فيكون انطفاء النور بعد وجوده أشد عليهم مما لو لم يكن هناك نور، ثم تكون الحسرة أشد.
فيقول المنافقون للذين آمنوا: انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ [الحديد:13] انظروا إلينا (نقتبس من نوركم) أي: نأخذ شيئاً قليلاً بقدر الحاجة قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ [الحديد:13] والقيل هذا إما من المؤمنين وإما من الملائكة، لا ندري الله أعلم قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً [الحديد:13] وهل هذا حقيقة أو تهكم بهم؟
يعني: هل هو حقيقة أنهم يريدون أن يذهبوا إلى مكان النور الذي انطفأ فيه النور لعله يتجدد النور؟ أو أن هذا من باب الاستهزاء بهم والسخرية، والآية محتملة هذا وهذا.
ثم بعد ذلك فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ [الحديد:13] أي: بين المنافقين والمؤمنين بِسُورٍ لَهُ بَابٌ [الحديد:13] هذا السور عظيم يمنع من القفز من وراءه (له باب) يدخل منه المؤمنون ويمنع منه المنافقون.
بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ [الحديد:13] باطن هذا السور فيه الرحمة للمؤمنين وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ [الحديد:13] للمنافقين، وأنت لا تستطيع أن تتصور هذا الحالة، لأن الحال أعظم من أن نتصورها، حال عظيمة.
وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ [الحديد:14] (الغرور) هو الشيطان، ودليل هذا قول الله تبارك وتعالى عنهم حين وسوس الشيطان إلى أبوينا قال الله عنه: فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ [الأعراف:22] إذاً .. فالغرور هو الشيطان.
وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا [الحديد:15] الذين أعلنوا الكفر وصاروا أشجع من هؤلاء المنافقين، فلا فدية لا لهؤلاء ولا إلى هؤلاء.
مَأْوَاكُمُ النَّارُ [الحديد:15] أي: مثواكم ومآلكم النار هِيَ مَوْلاكُمْ الذي تتولونه والتي تتولاكم، فهم يتولون النار بعمل أهلها، والنار تتولاهم لأنهم مستحقون لها هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [الحديد:15] أي: المرجع، وهذا تقبيحاً لها أعاذنا الله وإياكم منها ونسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن زحزح عن النار وأدخل الجنة، ومن الفائزين المتقين المفلحين.
الجواب: الصلاة على الغائب الصحيح أنها ليست بسنة إلا من لم يُصلَ عليه كرجل مات في البحر وغرق ولم يُصلَ عليه فحينئذٍ نصلي عليه، أما إذا صلي عليه في أي مكان فإنه لا يصلى عليه صلاة غائب؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يصلِ على الغائب إلا على رجل واحد لم يُصلَ عليه وهو النجاشي، ولو كانت الصلاة على الغائب مشروعة لكان أول من يسنها للأمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
كذلك الصحابة رضي الله عنهم ما أثر عنهم أنهم صلوا على الغائب، يموت القواد، ويموت الخلفاء، ويموت الأمراء ولم يُصلَ عليهم، وهذا الذي ذكرناه هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وقد وفق للصواب، لكن إذا أمر به ولي الأمر صار طاعة، أي: صارت الصلاة على الغائب طاعة؛ لأنها من طاعة ولي الأمر الذي أمرنا بها، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ [النساء:59] ولقد ضل قومٌ بلغنا أنه لما أمر ولي الأمر بالصلاة على الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تخلفوا ولم يصلوا وهذا من جهلهم، لأننا نصلي على الغائب بأمر ولي الأمر طاعة لله عز وجل، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ [النساء:59] فإذا قال هذا: أنا أرى أنها بدعة هل إذا أمر ولي الأمر ببدعة نوافق؟ نقول: لا، هذه ليست بدعة لأنها مسألة خلافية بين العلماء، ومسائل الخلاف الفقهي لا يقال: إنها بدعة، لو قلنا: إنها بدعة لكان كل الفقهاء مبتدعون، يعني كل شخص يقول للآخر إذا كان على خلاف رأيه: أنت مبتدع، وهذا لم يقله أحد من العلماء، لذلك نقول: إن اجتهاد هؤلاء الإخوة في غير محله.
على كل حال: الصحيح أن الصلاة على الغائب ليست بسنة، لكن إذا أمر بها ولي الأمر فهي طاعة لله عز وجل؛ لأنه أمر بها.
الجواب: العقيقة سنة مؤكدة للذكر اثنتان وللأنثى واحدة، وإذا اقتصر على واحدة للذكر فلا حرج، وهي سنة في حق الأب، فإذا جاء وقت العقيقة وهو فقير فليس عليه شيء، لقول الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] وإذا كان غنياً فهي باقية على الأب وليس على الأم ولا على الأولاد شيء منها.
الجواب: ضابط التشبه بالكفار أن يفعل الإنسان شيئاً يختص بهم، من لباس أو هيئة أو غير ذلك، أما ما هو مشترك بين المسلمين والكفار فليس بتشبه.
الجواب: إذا كان يشق عليه أن يقوم كثيراً في الليل ويعمل في النهار يوفق بينهما بأن يقلل من التهجد، وإذا كان يشتغل بأمور شرعية فليوتر أول الليل وينام إلى الصباح؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر أبا هريرة رضي الله عنه أن يوتر قبل أن ينام؛ لأنه رضي الله عنه كان متفرغاً لحفظ الحديث في أول الليل فينام متأخراً ولا يقوم إلا إذا طلع الفجر.
الجواب: هذا فيه خلاف بين العلماء، بعض العلماء يقول: الذي يضاعف في المسجد الحرام هو الصلوات الخمس فقط وغيرها لا يضاعف، والذي يظهر من الحديث العموم، وتكون الصلاة على الجنازة داخلة في العموم تضاعف في المسجد الحرام والله أعلم.
الشيخ: ما معنى عمل البنت؟
الشائل: عمل الزوجة.
الشيخ: أي تشتغل.
السائل: أن تشتغل يعني هي موظفة، فهل يجب على الزوج إن وجد هناك مفسدة الوفاء بالشرط؟
الشيخ: إذا اشترط والد الزوجة على الزوج عند العقد أن يبقي الزوجة تعمل؛ وجب عليه أن يوفي بالشرط؛ لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1] والأمر بالوفاء بالعقود يشمل الوفاء بأصل العقد وبشروطه، ولقوله تعالى: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً [الإسراء:34] لكن لو اتفق الزوج والزوجة على أن تترك العمل وتشتغل في بيت زوجها وأولادها فليس للأب عليهما سبيل.
فالحق الآن للزوجة إذا رضيت أن تدع العمل فليس للأب سبيل عليها، ولا يجبرها أن تعمل.
الجواب: بارك الله فيك، الوالد دنيوي حسب كلامك، تقول: إذا استأذنته إلى عمل الدنيا مباشرة يأذن لك، وفي عمل الآخرة يقول: لا أو يتثاقل!!
أولاً: أنصح هذا الأب بأن أقول له: اتق الله لا تمنع ابنك من طلب العلم الشرعي، أو من أمر فيه مصلحة له شرعاً؛ فإنك تكون من الناهين عن المعروف، كحال المنافقين.
ونقول للابن: لك أن تعصي والدك وتذهب إلى طلب العلم وتزوره أحياناً اللهم إلا أن يكون هناك ضرورة لا بد من بقائك عنده فهنا -بر الوالدين- مقدم. فمثلاً: لو كان أبوك مريضاً وليس عنده أحد يمرضه، فهذه ضرورة تبقى ودوام الحال من المحال ولا بد أن تنتهي هذه الضرورة.
الجواب: نعم، لأن السيارات ليس فيها ربا.
الشيخ: لكن هل هي مصورة وإلا فقط أصوات؟
السائل: الصوت فقط. هل ذلك يدخل في الوعيد فيمن استمع القانية؟
الشيخ: هذا يخشى منه الفتنة؛ لأنها إذا كانت كبيرة سيكون صوتها جذاباً فتمنع لهذا، وينصح صاحب التسجيل الذي يبيع هذه الأشرطة، ويقال: إن ما دخل عليك من أجل هذا سحت وحرام عليك، فإن انتهى فهذا المطلوب وإن لم ينته يرفع للسلطات.
الجواب: أولاً: أقول لهذا الزوج: لا يحل له أن يجور في القسم بين الزوجات، يجب أن يعدل بينهن؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من كان له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل) فإن كانت هي التي نشزت، يعني هي التي تقول: أذهب إلى أهلي ولا أبقى عندك، فليس لها حق على زوجها وهي آثمة ويجب عليها أن ترجع إلى زوجها.
فصار الحكم إن كان الزوج يجور بينها وبين ضرتها الجديدة؛ فهو آثم ولها حق أن تبتعد عنه، وإن كان قائماً بالواجب؛ فليس لها الحق أن تبتعد عنه وعليها أن ترجع إلى بيتها.
السائل: لكن هل له أن يطلقها؟
الشيخ: إذا شاء طلقها فلا بأس له أن يطلقها.
الشيخ: هذا رأيي فيه أن الرجل يأتي إلي وأتفاهم أنا وإياه ثم ينظر الجواب.
السائل: يا شيخ هو رجل عامي.
الشيخ: ما ينفع دع العامي يجيء وننظر في الموضوع.
السائل: هو مثل ما قلت لك يا شيخ.
الشيخ: ليس هناك فتوى إلا له، يجيء..
السائل: هو ليس مهتماً بالموضوع أنا المهتم وأنا ابنه.
الشيخ: إذا لم يهتم فإن كان هناك إثم فالإثم عليه..
السائل: وهل يحق لي أن آخذ فلوساً هو يعطيني إياها؟
الشيخ: إذا كانت هذه الفلوس من قيمة الأرض التي باعها لا تأخذ منها حتى يفتى.
الجواب: أنا رأيي أن هذا منكر عظيم؛ لأنهم يدعون الشياطين، والواجب أن يرفع هذا إلى ولي الأمر أو إلى وزارة الداخلية أو من فوقها حتى يؤدبوا هؤلاء، لا بد أن ترفع الأمر فقط تأكد من الموضوع وخذ إثباتات حتى لا ينكروا؛ لأن هؤلاء يدعون الشياطين دعاء واضحاً ويؤدون إلى الخطر والموت.
الجواب: الضابط ألا يكون هناك ماء، وأن يكون طالب الماء يشق عليه، وفي ظني أن عشرة كيلو مترات لا يشق لا من جهة أن يذهبوا ويتوضئوا، ولا من جهة أن يحملوا معهم ماء في برميل أو في تنك صغير يتوضئون به.
السائل: إذاً يلزمهم أن يرجعوا يا شيخ؟
الشيخ: يلزمهم أن يذهبوا يتوضئون للعشرة كيلو وهي بالنسبة للسيارة عشر دقائق.
السائل: عشرة كيلو أو أكثر يا شيخ ....
الشيخ: المهم إذا كان الماء قريباً لا بد أن يتوضئوا بالماء، فإما أن يحملوه وإما أن يذهبوا إليه.
الجواب: أشار إلى هذا لما قيل: (أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟! قال: أرأيتم إن وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ قالوا: نعم. قال: وإذا وضعها في الحلال كان له أجر)وهذا إيماء من الرسول إلى أنه يفعل هذا الشيء أي: يجامع زوجته استغناءً بالحلال عن الحرام، وهذه نية طيبة لا شك، وما على الإنسان من ضرر إذا نوى هذا، أو نوى التمتع بما أحل الله له، حتى نية التمتع بما أحل الله لك نية طيبة تؤجر عليها.
السائل: والمباح عامة لا يقاس عليه.
الشيخ: لا أبداً المباح عامة لا يقاس منه إلا إذا تولد منه منفعة للغير أجر عليه.
الشيخ: لا تتصدق عنه، لا بد أن تصوم ويقال لها: أنت التي نفسك، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن النذر حتى أن بعض العلماء قال: النذر حرام، نهى عن النذر وقال: (إنه لا يأتي بخير)وقال: (إنه لا يرد قضاءً) وصدق الرسول عليه الصلاة والسلام لا يأتي بخير ولا يرد قضاء.
السائل: هل الله عز وجل لا يشفيك إلا بشرط؟
الشيخ: لا، الله يشفي بغير شرط.
الشيخ: إذاً لماذا تشرط؟
السائل: شرطت وقالت: إن شفاني الله أصوم شهراً كاملاً.
الشيخ: أقول: هذا غلط منها، الله سيشفيها إن قدر لها الشفاء سواء نذرت أو لم تنذر، أولاً: انهها عن النذر، وانه غيرها عن النذر والذي كتبه الله سيأتي، وهي يلزمها أن تصوم شهراً الآن، بيننا وبين رمضان شهرين تبدأ إن شاء الله من أول رجب، والنهار صار قصيراً الآن والبرد الآن أقبل إلينا، وتستعين بالله وتصوم.
السائل: لكنها كبيرة..
الشيخ: هل هي تصوم رمضان؟
السائل: نعم تصوم رمضان.
الشيخ: إذاً.. هذا مثله نذر، لابد أن تصوم، إن شاءت صامت في رجب، وإن شاءت صامت في شعبان، وإن شاءت من النصف من رجب إلى النصف من شعبان.
الجواب: هذه مسألة شائكة لا نقول فيها بشيء، ونقول: إن الواجب على كل مسلم إذا بان له حكم الله ورسوله أن يتبع حكم الله ورسوله، وألا يعدل به شيئاً، وأن يعلم أنه لا يصلح الخلق إلا رب الخلق عز وجل، فلا يصلح الخلق إلا شريعة الله، والقوانين مهما كانت إذا خالفت الشريعة فلا خير فيها، ومهما ظن فيها الإنسان من الصلاح فليس فيها صلاح، لو لم يكن فيها إلا مخالفة أمر الله ورسوله لكان كافياً في الفساد، فعلى جميع ولاة الأمور من المسلمين أن يتقوا الله عز وجل فيما ولاهم الله عليه، وألا يحكموا إلا بشريعة الله، وما وافق الشريعة من الأنظمة فهو مقبول، لا لأنه نظام فلان وفلان، ولكن لأنه شريعة الله عز وجل.
وأما قول: أنا لا أنصاع للشرع تبعاً لأجدادي وآبائي؟ فنقول: هذا كقول الكفار: إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ [الزخرف:22] فعليه أن يتقي الله.
أما بالنسبة لمن أشير عليكم فأنا لا أعرف جميع العلماء في بلادكم، ولكن هناك أناس كانوا عندنا يأخذون العلم فيهم خير وإذا سألت عنهم ستعرفهم إن شاء الله.
- من هم يا شيخ؟
- تعرفهم إذا سألت عنهم.
- نسأل عنهم في الكويت.
- اسأل في الكويت.
الجواب: إذا سها في ترك واجب وهو أدرك الإمام من أول الصلاة؛ فهذا يتحمل عنه الإمام سجود السهو وليس عليه شيء، وأما إذا ترك ركناً فلا بد أن يأتي بالركن، فإذا أتى بالركن فإنه يسجد السهو بعد السلام؛ لأنه لن يأتي بالركن إلا بعد سلام الإمام، التشهد الأخير مثلاً نسيه وقام هو يجلس حتى سلم الإمام، نقول: لا بد أن تقرأه الآن أولاً قراءة تامة ثم تسلم؛ لأنه هنا ما خالف الإمام إنما تأخر بعده فقط وليس عليه سجود السهو.
السائل: سلم مع الإمام؟
الشيخ: سلم مع الإمام وترك التشهد الأخير فقط؟
السائل: نعم.
الشيخ: قرأ التشهد أو ما قرأه؟
السائل: ما قرأ التشهد. يقوم ركعة كاملة؟
الشيخ: لا، يقرأ التشهد فقط.
السائل: سلم مع الإمام.
الشيخ: إذا سلم يعود للصلاة ويتشهد ويسلم.
السائل: وإن لم يسجد سجود السهو؟
الشيخ: قلت لك: إذا كان لم يفته شيء فليس عليه سجود سهو.
السائل: وإذا تعمد ترك واجب مثلاً ولم يسجد سجود السهو.
الشيخ: إذا تعمد ترك الواجب بطلت صلاته وعليه أن يعيدها من جديد.
وهناك كثيرون من المستقلين عن المذاهب قالوا بإجازة التوسل، منهم: الإمام الشوكاني وهو سلفي معروف في كتابه تحفة الذاكرين شرح الحصن الحصين ، وهناك غيره من القدامى والمحدثين، ومنهم من أجاز التوسل بالنبي وحده ولم يجز التوسل بغيره من الأنبياء والصالحين كما هو رأي الإمام العز بن عبد السلام.
والخلاف في المسألة ظاهر يمكنك أن تراجعه في بحث التوسل في الموسوعة الفقهية الكويتية في الجزء الرابع عشر، وبهذا يتضح لنا سلامة ما قاله الشيخ البنا وأنا شخصياً أميل إلى ترجيح عدم التوسل بذات النبي والصالحين وأتبنى رأي شيخ الإسلام ابن تيمية في ذلك. ما رأيك يا شيخ؟
الجواب: التوسل بالصالحين الذي ذكره الشيخ محمد بن عبد الوهاب وغيره من الفقهاء ظاهره التوسل بذواتهم والتوسل بدعائهم وهذا ظاهر غير مراد، مرادهم التوسل بالصالحين -أي: بدعائهم- كما فعل عمر رضي الله عنه حين قال: [اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا صلى الله عليه وسلم فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا قم يا
ثم التوسل بذواتهم وبجاههم ما فائدته؟ ليس سبباً لإجابة الدعاء، التوسل أصله التوصل، أي: أن نتخذ من هذا الذي توسلنا به ما يوصلنا إلى مقصودنا، وذات النبي أو جاهه ليس لنا فيه منفعة، فكل ما ورد من كلام العلماء المعروفين بالتوسل بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فمرادهم التوسل بالإيمان به أو التوسل بدعائه إن كان حياً، وكذلك التوسل بالصالحين يعني: التوسل بدعائهم، هذا هو الصحيح.
وسبحان الله! كيف يصر بعض الناس على أن يقول: هذا جائز ويورد عليه هذه المشتبهات وعنده توسل جائز ما فيه إشكال ويعدل عنه، لولا أنها فتنة، لماذا لا يقول: ربنا إننا آمنا فاغفر لنا كما يقول المؤمنون، لكن بعض الناس مغرم بإثارة المسائل الخلافية.
أما هل هو عقيدة أو حكم فرعي؟ فهذه المسألة الخلاف فيها لفظي.
المهم أنه هل يجوز أم لا يجوز؟
والذي نرى أنه لا يجوز أن نتوسل بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بذاته أو بجاهه، وإنما نتوسل بالإيمان به واتباعه.
الجواب: بارك الله فيك يجب أن تعلم أن ترك المعاصي خير على كل حال، لكن هل يكون الإنسان مدركاً لما يترتب عليه من الفضل، هذا لا يمكن إلا إذا نوى ذلك لله عز وجل، ولهذا جاء في الحديث القدسي أن من هم بسيئة فلم يعملها كتبت حسنة كاملة، قال في الحديث: (لأنه إنما تركها من جرائي) أي: من أجلي، فترك المعاصي خير على كل حال، لكن لا يثاب عليها إلا إذا تركها لله، وبهذه المناسبة أقول: تارك المعاصي أقسام:
القسم الأول: ألا ترد على باله إطلاقاً كرجل لم يخطر بباله أن يشرب الخمر ولا أن يزني مثلاً هذا لا له ولا عليه.
القسم الثاني: من تركها عجزاً عنها مع فعل الأسباب لكنه عجز، كرجل حاول أن يزني بامرأة، ولكن عجز أن يتوصل إليها، هذا يكتب له إثم الفاعل، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، قالوا: يا رسول الله! هذا القاتل فما بال المقتول؟! قال: لأنه كان حريصاً على قتل صاحبه) فجعله في النار مع أنه مقتول، لكنه حريص ولكنه عجز.
القسم الثالث: أن يتركها لأنه نوى لكنه لم يفعل الأسباب، نوى أن يفعل السيئة ولكن تركها لا لله ولا لعجزه عنها، هذا أيضاً لا يثاب ولا يعاقب.
السائل: الكي بالنار هل هو حرام؟
الشيخ: لا ليس بحرام، الكي بالنار ليس حراماً؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نفسه كوى سعد بن معاذ رضي الله عنه في أكحله، وأخبر أنه إذا كان الشفاء في شيء ففي ثلاث وذكر منها الكي، لكن الذي يطلب أن يكوى هذا هو الذي يخرج من قوله: (ولا يكتوون).
وإلى هنا ينتهي هذا اللقاء، وسبحانك اللهم ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، وإلى لقاء قادم إن شاء الله تعالى.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر