أما بعد:
فإننا بمناسبة استقبال شهر ذي الحجة الذي يؤدي فيه الناس مناسكهم من حج وعمرة، والذي يتقربون إلى الله تبارك وتعالى فيه بذبح الأضاحي فإننا سنذكر الآن شيئاً من أحكام الحج وأحكام الأضحية.
من المعلوم أن كل عبادة لا تصح إلا بشرطين أساسين -جميع العبادات لا تصح ولا تقبل إلا بشرطين أساسين-
فلنذكر ذلك على سبيل الاختصار..
حج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في السنة العاشرة من الهجرة ولم يحج قبلها -بعد الهجرة لم يحج عليه الصلاة والسلام إلا هذه الحجة- لأنها -أي: مكة - كانت إلى السنة الثامنة تحت ولاية المشركين، وفي السنة التاسعة بعث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أبا بكر رضي الله عنه ليكون أمير الحجيج في السنة التاسعة، وتأخر في المدينة ؛ لأن الناس صاروا يفدون إلى المدينة يتعلمون أحكام الإسلام، فبقي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في المدينة وحج في السنة العاشرة وأعلم الناس بذلك، وحج معه نحو أربعين ألفاً من المسلمين؛ فخرج من المدينة ونزل بـذي الحليفة وأحرم منها، وسار إلى مكة ، ولما وصل مكة طاف بالبيت سبعة أشواط: يرمل في الأشواط الثلاثة الأولى ويمشي في الأربعة الباقية.
وكان مضطبعاً بردائه، والاضطباع: أن يجعل الإنسان وسط الرداء تحت إبطه الأيمن، وطرفيه على كتفه الأيسر، ولما أتم سبعة أشواط تقدم إلى مقام إبراهيم فقرأ: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً [البقرة:125] فصلى خلف المقام ركعتين قرأ في الأولى: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1] بعد الفاتحة، وفي الثانية: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] بعد الفاتحة، وخفف هاتين الركعتين من أجل أن يخلي المكان لمن أراد أن يصلي فيه.
ثم رجع إلى الركن -أي: إلى الحجر الأسود- فاستلمه، ثم خرج من الباب إلى الصفا ، فلما دنا من الصفا قرأ: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ [البقرة:158] أبدأ بما بدأ الله به -فبدأ بـالصفا - فرقي عليه واستقبل القبلة ورفع يديه وجعل يذكر الله ويدعوه، وكان من ذكر الله الذي قاله: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده) ثم دعا، ثم أعاد الذكر مرة ثانية ثم دعا، ثم أعاده مرة ثالثة.
ثم نزل يمشي حتى نزل بطن الوادي -أي: مجرى الشعيب- وكان نازلاً فلما نزل بطن الوادي أسرع إسراعاً بالغاً حتى أن إزاره لتدور به من شدة السعي، فلما ارتفع صار يمشي إلى المروة ، أتم سبعة أشواط: من الصفا إلى المروة شوط، ومن المروة إلى الصفا شوط آخر، فكان أول ابتداء سعيه من الصفا وآخره المروة.
ثم أمر أصحابه الذين لم يسوقوا الهدي أن يحلوا من إحرامهم ويجعلوها عمرة، أما هو صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلم يتحلل؛ لأنه قد ساق الهدي، ومن ساق الهدي لا يتحلل حتى يبلغ الهدي محله، وأشكل على الصحابة: كيف نتحول من الحج إلى العمرة، قالوا: (يا رسول الله! قد سمينا الحج. قال: افعلوا ما آمركم به) وقال: دخلت العمرة في الحج، يعني: أن انتقالكم من الحج إلى العمرة لا يعني إفساد الحج؛ لأن العمرة دخلت في الحج.
ثم انتهى من السعي وخرج عليه الصلاة والسلام ونزل في الأبطح ولم ينـزل في مكة من أجل أن يخليها لمن احتاج إليها، ومعه كما قلت لكم أربعون ألفاً، نزل هناك إلى أن كان يوم الثامن من ذي الحجة، فلما كان يوم الثامن من ذي الحجة ارتحل صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى منى ، وأحرم المسلمون الذين حلوا من عمرتهم في ذلك اليوم، وبقي في منى صلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ولما طلعت الشمس سار إلى عرفة ، ونزل في مكان يقال له: نمرة ليستريح فيه، حتى إذا زالت الشمس ارتحل عليه الصلاة والسلام متجهاً إلى عرفة، فنـزل في بطن الوادي -أي: وادي عرنة - وخطب الناس خطبة بليغة عظيمة، ثم أذن بلال فصلى الظهر والعصر جمع تقديم.
ثم سار إلى الموقف الذي اختار أن يقف فيه في عرفة عند الصخرات شرقي عرفة ، وقف راكباً على بعيره عليه الصلاة والسلام يدعو الله تبارك وتعالى إلى أن غابت الشمس، ولما غابت الشمس دفع من عرفة متجهاً إلى مزدلفة حتى وصل مزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء، ثم اضطجع حتى طلع الفجر فصلى الفجر حين تبين له الصبح، ثم ركب حتى أتى المشعر الحرام فوقف عنده مستقبل القبلة يدعو الله تبارك وتعالى حتى أسفر جداً.
ثم واصل السير إلى منى وسلك الطريق الوسطى؛ لأن منى في ذلك الوقت فيها ثلاث طرق، فسلك الطريق الوسطى؛ لأنه أيسر في وصوله إلى جمرة العقبة، وبدأ بجمرة العقبة حين وصل إلى منى فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، وقال لأصحابه -وقوله لأصحابه قول لأمته- قال: (بأمثال هؤلاء فارموا، وإياكم والغلوَّ في الدين).
ثم بعد الرمي انصرف إلى المنحر وكان قد أهدى مائة بعير نحر منها ثلاثاً وستين بيده، وأعطى علي بن أبي طالب الباقي فنحرها، ثم أمر صلى الله عليه وعلى آله وسلم من كل بدنة بقطعة فجعلت في قدر فطبخت فأكل من لحمها وشرب من مرقها تحقيقاً لقوله تعالى: فَكُلُوا مِنْهَا [البقرة:58] ثم حلق وحل ونزل إلى مكة وطاف طواف الإفاضة ومن معه قارنين طافوا معه طواف الإفاضة، ولم يسعوا بين الصفا والمروة ؛ لأنهم كانوا قد سعوا بعد طواف القدوم، أما المتمتعون الذين حلوا من العمرة فطافوا بين الصفا والمروة بعد طواف الإفاضة.
ثم رجع إلى منى وأقام فيها ثلاثة أيام بعد العيد، رمى في اليوم الأول الجمرة الأولى، ثم الوسطى ثم العقبة، يدعو بين الجمرتين الأولى والثانية، والثانية والثالثة، أما الثالثة فإنه لم يقف بعدها للدعاء.
وفي اليوم الثالث عشر نزل صلى الله عليه وعلى آله وسلم من منى بعد أن رمى الجمرات الثلاث وقبل أن يصلي الظهر، فنـزل بمكان يقال له المحصَّن وفي آخر الليل أمر بالرحيل، فارتحل صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأتى المسجد الحرام فطاف طواف الوداع، وصلى الفجر، ثم رجع إلى المدينة صلوات الله وسلامه عليه.
هذه هي الخلاصة، وقد سبق شيء كثير من أحكام الحج في اللقاء السابق.
وقولنا: إنه لا يضحى لهم إلا بوصية، لا تستغربوا هذا؛ لأن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فهو لم يضح عن أحد من أمواته، لقد ماتت زوجته خديجة وهي من أحب زوجاته إليه ولم يضح عنها، ولقد مات له ثلاث بنات وثلاثة أبناء ولم يضح عنهم، ماتت له زينب ورقية وأم كلثوم، ومات له إبراهيم وأخواه ولم يضح عن أحد منهم، ومات له عمه حمزة وهو من أحب أعمامه إليه، استشهد في أحد رضي الله عنه ولم يضح عنه، وما علمنا أحداً من الصحابة ضحى عن أقاربه، ولا شك أنه لو كان خيراً لسبقونا إليه، ولهذا ذهب بعض العلماء إلى أن الإنسان إذا ضحى عن الميت لم تقبل لعدم ورود الشرع بها، لكن أكثر العلماء قالوا: إنها تقبل؛ لأنها بمنزلة الصدقة، والصدقة جاءت السنة بقبولها عن الميت.
على كل حال: لا أريد أن أزهدكم في الأضاحي عن الأموات، لكن أريد أن أدفع تلك العادة التي اعتادها بعض الناس فصاروا لا يضحون إلا عن الأموات، لا يضحي الإنسان عن نفسه وأهله، وهذا لا شك أنه خطأ، وأن الأصل في الأضحية عن الرجل وأهل بيته.
الشرط الأول: أن تكون من بهيمة الأنعام.
والشرط الثاني: أن تكون بالغة للسن المحدد شرعاً.
والشرط الثالث: أن تكون سليمة من العيوب.
والشرط الرابع: أن تكون في وقت الأضاحي.
إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يقل: العوراء بل قال: البين عورها، كيف بيان العور؟ بيان العور أنك إذا رأيتها أنها عوراء إما لكون عينها بارزة، وإما لكونها منخسفة غائرة، أما لو كانت قائمة ولا تبصر بها فإنها تجزئ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (العوراء البين عورها) ولم يقل: العوراء فقط.
المريضة البين مرضها، المرض نوعان: نوع بين بحيث تكون الشاة -مثلاً- خاملة لا ترعى ولا تمشي، ودائماً رابضة، هذه مرضها بين، أما إذا كان فيها شيء من السخونة ولكنها تمشي، تأكل، وتصحب الغنم -مثلاً- فهذه مريضة لكن مرضها ليس ببين.
العرجاء بين الرسول عليه الصلاة والسلام بأن العرجاء البين ضلعها، فإن كانت تهمز بيدها أو برجلها لكنها تمشي، ليس مرضها بيناً، فإنها تجزئ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم قيد فقال: (البين عرجها).
الرابعة: العجفاء أو الهزيلة التي ليس فيها مخ؛ لأن هذه تكون ضعيفة جداً، ويكون لحمها غير طيب، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إنها لا تجزئ) أي: تتقى، ولا يضحى بها.
أما إذا كان في الأذن نقص؛ كأن قطع نصف أذنها، أو انخرمت أذنها، أو انخرقت من الوسم فهل تجزئ؟ نعم تجزئ لكنها ناقصة، ولو أنها سقطت أسنانها أو شيء من أسنانها: الثنايا والرباعيات أتجزئ أو لا؟ تجزئ ولكنها ناقصة، كلما كانت أكمل فهو أفضل، ولو قطعت إليتها؟ فيقول العلماء: إن المقطوعة الإلية لا تجزئ؛ لأن الإلية تحمل شحماً كثيراً فهي بمنـزلة العجفاء فلا تجزئ.
ولو ضحى ببعير مقطوعة الذنب -ذيلها مقطوع-؟ تجزئ؛ لأن ذيل البعير ليس بمقصود بل يرمى به، وكذلك لو ضحى ببقرة مقطوعة الذنب -مقطوعة الذيل- فإنها تجزئ لكن الكاملة أفضل، ولو ضحى بعنز مقطوعة الذيل فإنها تجزئ لكنها ناقصة، ولو ضحى بشاة قطع أكثر من نصف أذنها ولكنها صحيحة تأكل وتشرب وتمشي فما تقولون؟ تجزئ لكنها ناقصة، فالمهم إذا ضحى بشيء خال من العيوب الأربعة التي نص عليها الرسول عليه الصلاة والسلام فإنها تجزئ، لكن كلما كانت أنقص فهي ناقصة.
لو ضحى بعمياء؟ عمياء لا تنظر أبداً؟ لا تجزئ، لأنه إذا كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم منع من الأضحية بالعوراء البين عورها فالعمياء من باب أولى، لكن ألا تعلمون أن بعض العلماء قال: إن العمياء تجزئ، قيل له: سبحان الله! العمياء تجزئ والعوراء لا تجزئ؟! قال: نعم. لأن العوراء يتركها أهلها ترعى وحدها وهي لعورها لا ترى كل شيء، العوراء لا ترى إلا من عند العين الصحيحة فقد يفوتها شيء كثير من المرعى، والعمياء أهلها يأتونها بالعلف، يعرفون أنهم لو أطلقوها ما رأت فلا يأتيها شيء، لكن لا شك أن هذا قياس ضعيف وقول باطل، يا سبحان الله!! الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: (العوراء البين عورها) ونحن نقول: العمياء البين عماها تجزئ؟!!
والمقطوعة اليد تجزئ أو لا تجزئ؟ لا تجزئ لسببين:
أولاً: أنها أن أبلغ من العرجاء.
والثاني: قد فات لحم مقصود، إذا قطعت من عند الكتف فقد فات لحم مقصود.
على كل حال افهموا -بارك الله فيكم- العيوب المنصوص عليها واضحة ولا أحد يتكلم فيها أنها لا تجزئ، وما كان مثلها أو أكثر فله حكمها، وما كان دون ذلك فإنه لا يمنع من الإجزاء ولكن تكون ناقصة.
من ذبح بعد غروب الشمس ليلة الثالث عشر فإنها لا تقبل؛ لأنها بعد الوقت، اللهم إلا في حال واحدة: لو أن الرجل اتكل على ابنه -مثلاً- قال: يا ابني ضح. فتهاون الابن أو نسي ولم يضح، وكان الأب عازماً على الأضحية لكن قد وكل ابنه فلم يفعل، والأب ظن أنه ضحى، وبعد غروب الشمس ليلة الثالث عشر جرى الدرس بينهما فقال الابن: أنا ما ضحيت نقول: لا بأس الآن أن يضحي وتكون قضاءً؛ لأن هذا من نيته أن يضحي في الوقت نفسه لكن نسي.
والأفضل أن الإنسان بنفسه يتولى ذبح أضحيته، وأما سلخها وتقطيع لحمها فأمر هين، لكن المهم أن يذبح هو بنفسه، فيضجع الشاة أو العنز على الجانب الأيسر أولاً: لأنه أهون له لأنه سيذبح باليمنى، وثانياً: لعل الأيسر أقرب إلى القلب فيكون أسرع في خروج الدم، وكلما كان الدم أسرع صار الموت أريح، فإذا قال: أنا لا أعرف أن أذبح باليد اليمنى. هو لا يعرف أن يذبح إلا باليسرى فعلى أي الجنبين يضجعها؟ يضجعها على الأيمن؛ لأنه لو أضجعها على الأيسر لما تمكن إلا بصعوبة وأذى للبهيمة.
البقرة تذبح أم تنحر؟ تذبح، وعلى هذا تضجع على الجانب الأيسر ويذبحها الإنسان.
وإذا أراد الذبح فإنه مطالب بأمور:
أولاً: أن يذبح بسكين حادة لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (وليحد أحدكم شفرته).
الثاني: ألا يحدها وهي تنظر، إذا أراد أن يحدها -يعني: يسنها- فلا يفعل ذلك والبهيمة تنظر.. لماذا؟ لأنها ترتاع، هي تعرف أنه إذا سن السكين أمامها وقد أضجعها أنه يريد ذبحها فترتاع.
وأيضاً: لا يذبحها والأخرى تنظر؛ لأنها ترتاع -أيضاً- إذا رأت أختها تضجع وتذبح ارتاعت، ولهذا نجد بعض الأحيان إذا ذبحت أمام أختها هربت الأخت، ولا يستطيعون إمساكها إلا بمشقة.
وأيضاً: ينبغي عند الذبح أن يذبح بقوة وعزيمة؛ لأنه لو جعل يرمي بسهولة ويحرحر الذبح لتأذت البهيمة، بل يرمي بقوة وسرعة؛ لأن ذلك أسهل.
وإذا ذبح فليقل: باسم الله. عند تحريك يده بالذبح، ويزيد على ذلك: الله أكبر، والواجب قول: باسم الله، أما (الله أكبر) فهو مستحب، ويقول -أيضاً-: اللهم هذا منك ولك، منك خلقاً ولك تعبداً؛ لأن الذي يسر لك هذه الشاة أو البقرة أو البعير هو الله عز وجل، وله تعبداً فتقول: اللهم هذا منك ولك، اللهم هذا عني وعن أهل بيتي. أو تقول: اللهم تقبل مني ومن أهل بيتي.
ولا يجوز أن يكسر عنقها حتى تموت، وبعض الذين لا يخافون الله ولا يرحمون خلق الله يكسر عنقها قبل أن تموت؛ لأنه أسرع لموتها، لكن فيه أذية لها، اصبر وستموت ما دام الدم يخرج، فإنه إذا نزف الدم لا بد أن تموت، لكن بعض الناس -نسأل الله العافية- يكسر عنقها؛ لأجل أن تموت سريعاً، وهذا حرام.
وكذلك -أيضاً- نقول: لا تشرع في سلخها حتى تموت؛ لأن سلخها يؤلمها، ما دامت الروح فيها فإن السلخ يؤلمها، أن تجرحها وتشق جلدها لا بد أن تتألم، فانتظر حتى تزهق روحها؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى أن نعجل الأنفس حتى تزهق.
الدم الذي يخرج منها نجس أم طاهر؟ ما كان قبل خروج الروح فإنه نجس، وما كان بعد موتها فهو طاهر. الدليل على أن الدم قبل أن تزهق روحها حرام قول الله تبارك وتعالى: قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ [الأنعام:145] أما بعد أن تخرج روحها فالدم طاهر، فإذا أصاب الإنسان منها دم بعد سلخها فهو طاهر، ولا يجب عليه أن يغسله لا من ثوبه ولا من بدنه.
ما حكم الدم الذي يكون في القلب؟ طاهر، وكذلك دم الكبد والعروق.
هل يجب أن نغسل ما على الرقبة مما حصل من الدم المسفوح أم لا يجب؟ قال بعض العلماء: إنه يجب لأنه نجس، وقال بعض العلماء: إنه معفو عنه؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يأمر بغسله، ولا أمر بغسل الصيد الذي يصيده الكلب أو يصيده الصقر أو ما أشبه ذلك مع أنه متلوث بدم نجس، وهذا مما يعفى عنه، فلو أن الإنسان ترك غسله فلا حرج عليه، ولو غسله لكان هذا أحوط وأحسن.
فإذا ذبح فكيف يكون توزيع اللحم؟ نقول: إن الله تعالى قال: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا [الحج:28] ولم يحدد الله تبارك وتعالى، لكن قال أهل العلم: يجعلها أثلاثاً: ثلث للأكل، وثلث للهدية، وثلث للصدقة، ولكن هذا ليس شيئاً واجباً إنما شيء على وجه التقريب، فيتصدق ويهدي ويأكل، والأفضل أن يبادر بها، وأن يبادر بالأكل منها؛ لأن الله تعالى قال: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا [الحج:28].
ثم إذا كان لا يستطيع الذبح بنفسه فالأفضل أن يحضر ذبحها، ونحن نعرف أن الشاة والعنز غالب الناس يستطيعون أن يذبحوها، لكن البقرة صعب ذبحها على الإنسان، وكذلك البعير صعب نحره على الإنسان، فنقول: إذا كنت لا تعرف فاحضرها، فإذا حضرها صاحبها هل يسمى هو أو يسمي الفاعل؟ الفاعل، لو سمى هو ولم يسم الفاعل حرمت الذبيحة، بل الفاعل هو الذي يسمي، يقول: باسم الله، اللهم هذا منك ولك، اللهم هذا عن محمد أو عن علي أو عن خالد أو عن بكر وأهله.
ولعلنا نكتفي بهذا القدر مما أردنا أن نتكلم فيه، ونسأل الله تعالى أن ينفع به، وأن يرزقنا وإياكم علماً نافعاً وعملاً صالحاً، ورزقاً طيباً واسعاً.
ونختم هذا بأن من أراد أن يضحي فإنه إذا ثبت دخول شهر ذي الحجة حرم عليه أن يأخذ شيئاً من شعره أو ظفره أو بشرته، حتى فيما يسن أخذه من الشعر فلا يأخذه، أو الظفر، أو البشر، ما هي البشرة هذه؟ الجلد، إلا إذا انكسر الظفر فله أن يقص ما انكسر، أو نزلت الشعرة في عينه وآذته فليأخذها، أو انكشط جلده وآذاه فله أن يقصه؛ لأن هذا لدفع أذاه وإلا فلا يأخذه.
وهل هذا حرام على رب العائلة وهو القيم أو على الجميع؟ على رب العائلة فقط، أما أهل البيت فلا بأس أن يأخذوا من شعورهم وأظفارهم وأبشارهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (وأراد أحدكم أن يضحي) ولأنه كان يضحي عن أهله، ولم ينقل أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لهم: اجتنوا ذلك. إلى متى؟ قال العلماء: إلى أن يضحي، إذا ضحى حل له أن يأخذ من شعره وبشرته وأظفاره.
وإذا لم يضح إلا ثاني العيد فإنه ينتظر حتى يضحي، وكذلك ثالث العيد ينتظر حتى يضحي، أو رابع العيد ينتظر حتى يضحي.
الجواب: المتمتع يأتي بالعمرة أولاً ويحل منها ثم يحرم بالحج، وقوله تبارك وتعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ [البقرة:196] يدل على أن بينهما زمن، فإذا قدم مكة يوم السابع فبينهما زمن، يحل من العمرة، فإذا كان اليوم الثامن أحرم بالحج، لكن إذا قدم بعد أن خرج الناس إلى منى -يعني: في اليوم الثامن- فهنا لا مكان للتمتع؛ لأن الزمن زمن حج، كيف تصرف زمن الحج إلى العمرة؟! أنت لو كنت في مكة محلاً قلنا لك: احرم بالحج الآن واخرج مع الناس، فمثل هذا إذا وصل في هذا الزمن نقول له: إما أن تحرم مفرداً، وإما أن تحرم قارناً، أما التمتع فقد انتهى؛ لأنه دخل وقت الحج.
الجواب: لا حرج على الإنسان إذا تصدق عليه أحد من المرابين أن يحج بما تصدق به عليه، ولا حرج عليه -أيضاً- أن يقبل ما أهدي إليه؛ لأن ذنب الربا على صاحبه، أما الذي أخذ فقد أخذ بطريق شرعي: بطريق الهبة، بطريق الصدقة، والدليل على هذا: أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قبل الهدية من اليهود، وأكل طعام اليهود، واشترى من اليهود، مع أن اليهود معروفون بالربا وأكل السحت.
نعم لو فرضنا أن شخصاً سرق شاة من غنم رجل وجاء وأهداها إليك، هنا نقول: تحرم عليك؛ لأنك تعرف أن هذه الشاة ليست ملكاً له، أما إذا كان يتعامل بالربا فإثمه على نفسه، ومن أخذه منه بطريق شرعي فهو مباح له.
فنقول لهذه المرأة: لا حرج عليك أن تحجي بالمال الذي أعطاك إياه من كان معروفاً بالربا.
الجواب: هو في اليوم العاشر تحلل برمي جمرة العقبة والحلق، لكن هذا التحلل هو التحلل الأول، الذي يبقى عليه النساء وما يتعلق بهن، في اليوم الحادي عشر سعى وأخر طواف الإفاضة إلى سفره فطافه عند الخروج نقول: هذا لا بأس به؛ لأن غاية ما صار عنده أنه خالف الترتيب بين الطواف والسعي، وقد سئل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: عمن سعى قبل أن يطوف؟ فقال: لا حرج، وهذا في الحج، أما في العمرة فلا بد أن يتقدم الطواف على السعي، حتى لو فرض أن الإنسان جاء بعمرة فقدم السعي على الطواف جاهلاً لا يعلم قلنا له: إن هذا السعي لا يصح، فعليك أن تسعى بعد الطواف.
الجواب: أما رمي جمرة العقبة فينتهي بطلوع فجر يوم الحادي عشر، وقال بعض أهل العلم: ينتهي بغروب الشمس يوم العيد، وأما رمي يوم الحادي عشر فيبتدئ من الزوال وينتهي بطلوع الفجر من ليلة الثاني عشر، ويوم الثاني عشر يبتدئ من الزوال وينتهي بطلوع الفجر من اليوم الثالث عشر، ورمي الجمار يوم الثالث عشر يبتدأ من الزوال وينتهي بغروب الشمس ولا رمي بعد ذلك.
الجواب: إذا أوصى أن يُحَج عنه وكان المال متوفراً في الوصية فإنه يُحَج عنه؛ لأن الحج بر، وقد قال الله تبارك وتعالى: فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [البقرة:182] بعد قوله: فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة:181] فيجب أن تنفذ وصيته؛ لأنه أوصى بها.
أما إذا لم يوص بها فلا بأس أن يحج عنه بعد موته، ولكن الدعاء له أفضل من الحج عنه، ولهذا نقول لمن أراد أن يحج عن أبيه نافلة: اجعلها عن نفسك وادع لأبيك في الطواف، وفي السعي، وفي الوقوف بـعرفة ، وفي الوقوف بـمزدلفة فذلك خير لك؛ لأن نبيك محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) ما قال: يعمل له، ومعلوم أن سياق الحديث في العمل، فلما عدل صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن العمل إلى الدعاء، علم أن الدعاء له أفضل.
الجواب: أقول للأخ: إن الحج ليس فرضاً عليك؛ لأن أي إنسان عليه دين فالحج ليس فرضاً عليه، فليطمئن وليسترح باله، وليعلم أنه لو واجه ربه فإنه لا يعاقب؛ لأن الدين وفاؤه أهم من الحج، فعلى الإنسان أن يحمد الله على الرخصة وعلى التوسعة، فمثلاً: إذا كان الإنسان عنده ألف ريال يمكن أن يحج بها لكن عليه ألف ريال ماذا نقول؟ هل نقول: حج بها وأوف بعد الحج، أو نقول: أوف بها ثم حج في عام آخر؟ الجواب: نقول: أوف ثم حج؛ لأن الحج الآن ليس فرضاً عليك لقول الله تعالى: مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً [آل عمران:97] والإنسان يريد أن يبرئ ذمته من الناس، فاقبل رخصة الله، والله تعالى أكرم من الدائن، الدائن سيؤذيك ويقول: أعطني، وإذا رأيته أغمضت عينيك، لكن الرب عز وجل رخص لك وأذن لك ألا تحج، ولم يفرض عليك الحج، فلماذا تذهب تحج وتدع الدين الذي عليك؟!!
إذا مات الإنسان والدين عليه من يوفيه؟ ليس عنده مال، ثم إنه لو كان عنده مال فإن بعض الورثة والعياذ بالله ظلمة لا يبالون ببقاء الدين في ذمة الميت، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه) فالمسألة خطيرة.
ولهذا نقول لإخواننا الذين عليهم دين: إن الحج ليس فرضاً عليكم أصلاً؛ لأنكم لا تستطيعون، والله تعالى إنما فرض الحج على من استطاع إليه سبيلاً، أرأيت الفقير هل عليه زكاة؟ ولو لقي ربه في هذا الحال أيعاقب؟ لا. فكذلك الإنسان الذي عليه دين فإنه ليس عليه حج حتى يؤدي الدين، نعم لو فرض أن الإنسان عليه دين لكن الدين مؤجل يحل مثلاً بعد شهرين، وهو موظف وواثق من أنه بعد الشهرين سيوفي، وبيده الآن مال، هل يحج أو لا يحج؟ يحج؛ لأن هذا ليس عليه ضرر.
لو قال قائل: أنا عليَّ دين حال، وصاحب الدين أذن لي أن أخرج، هل يجب علي الحج؟ نقول: لا يجب؛ لأنه وإن أذن لك لن يُسقط شيئاً من دينه، فإذا قال المدين: أنا أريد أن أصحب رفقة مجاناً هل يلزمني الحج؟ لا يلزمه الحج؛ لأن هؤلاء الرفقة يمنون عليه في المستقبل، أدنى شيء يقول: نحن حججنا بك هذا جزاءنا -مثلاً-؟ هذه واحدة.
الشيء الثاني: إذا قدرنا أن الرفقة هؤلاء من أهله ولا يمكن أن يمنوا عليه يوماً من الدهر قلنا: ننظر؛ إذا كان هذا المدين صاحب عمل ويحصل في أيام الحج أجرة تنفع الدائنين، لكن لو ذهب يحج ما حصل أجرة، نقول: لا تحج؛ لأنك إذا حججت أضررت بالدائن، فمثلاً: إذا قدرنا أن هذا الرجل يوميته ثلاثمائة ريال وهو سيحج في عشرة أيام كم يفقد؟ ثلاثة آلاف ريال وهي تنفع الدائن، فنقول: لا تحج.
أما لو كان الرجل عاطلاً عن العمل ولو ذهب يحج ما ضر أهل الدين فحينئذ نقول: حج إذا يسر الله لك قوماً يحملونك مجاناً ولا يخشى من منتهم في المستقبل فتوكل على الله.
سؤال: فإذا كان الدين لوالدي أو والدتي؟
الجواب: لا فرق بين الدين الذي للوالد أو الوالدة أو للأجنبي، فالذمة مشغولة.
الجواب: في مزدلفة لم يُذكَر في حديث جابر ، وهو أوفى الأحاديث في صفة حج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لم يذكر أنه أوتر، ولم يذكر -أيضاً- أنه صلى راتبة الفجر، لكن لدينا عموم: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً) ولم يخصص، وأيضاً كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يدع الوتر حضراً ولا سفراً ولم يستثن من هذا شيئاً، وكذلك نقول في سنة الفجر حث عليها النبي عليه الصلاة والسلام حتى قال: (ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها) وكان صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يدعهما حضراً ولا سفراً فنقول: ليلة مزدلفة أوتر وصل سنة الفجر.
الجواب: إذا نسي التسمية فليس عليه إثم لقول الله تعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] ولكن هل يحل لنا أن نأكل من هذه الذبيحة؟ ننظر، قال الله عز وجل: وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ [الأنعام:121] فأمامنا الآن فعلان: فعل الذابح وفعل الآكل، أما الذابح فمعفو عنه.. لماذا؟ لأنه ناسٍ، وقد قال الله تعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] وأما الآكل فنقول: لا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه، ولأن التسمية على الذبيحة شرط والشرط لا يسقط بالسهو والجهل، نظير ذلك: لو أن الإنسان صلى بغير وضوء ناسياً هل يأثم؟ لا يأثم لقوله تعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] لكن هل تبرأ ذمته؟ لا. لا بد أن يتوضأ ويصلي.
ونحن إذا قلنا بهذا القول الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو ظاهر النصوص -إذا قلنا به- فإن الناس لن ينسوا التسمية على الذبيحة أبداً، الإنسان يكون متذكراً، ولهذا لما أورد بعض الناس قال: إذا قلتم بأن من ذبح ناسياً التسمية فالذبيحة حرام ويجب جرها للكلاب، أتلفتم أموال الناس؛ لأن النسيان كثير.. ماذا نقول؟ نقول: بالعكس نحن حفظنا أموال الناس؛ لأننا إذا قلنا لهذا الرجل الذي نسي التسمية: الذبيحة حرام ولا يجوز أن نأكل منها فإنه لا يمكن أن ينسى في المستقبل، بل يجعل على باله التسمية ولا يمكن أن ينسى.
ولا فرق بين المتبرع وغير المتبرع، الذبيحة الآن لا تحل، لكن يبقى: هل يضمن الذابح لصاحب البهيمة؛ لأنه هو الذي كان سبباً في تحريمها أو لا يضمن؟ قد يقال: إنه إذا كان محسناً فلا ضمان عليه لقول الله تبارك وتعالى: مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ [التوبة:91] ولأن النسيان يقع كثيراً، وقد نقول بالضمان ولو كان محسناً؛ لأنه أتلف المال على صاحبه، وإتلاف المال على صاحبه مضمون.
على كل حال: حتى لو كان الإنسان ناسياً فإنه يضمن، لو أن إنساناً نسي وأكل طعام أخيه يضمنه أو لا يضمنه؟ يضمنه، لكن الأول أصح، والأرجح أن المتبرع المحسن إذا نسي التسمية فلا ضمان عليه لكن الذبيحة لا تحل.
الجواب: الذي أخذ نيابة في الحج فجميع ما يتعلق بالنسك ثوابه وأجره للمستنيب، والنائب ليس له أجر فيه، وأما الدعاء فللنائب أن يدعو لنفسه ولكن الأفضل أن يشرك صاحبه الذي استنابه فيقول مثلاً: رب اغفر لي ولأخي الذي أعطاني هذه النيابة -مثلاً- أو ما أشبه ذلك، لكن لو دعا لنفسه فقط فلا حرج عليه.
الجواب: إذا تاب الإنسان من الذنوب وإن لم يحج وكانت التوبة نصوحاً فإن الله يمحو ذنوبه عن آخرها، قال الله تبارك وتعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ [الفرقان:68] أي: يشرك بالله أو يقتل النفس أو يزني يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ [الفرقان:68-70] فأنت إذا تبت إلى الله توبة نصوحاً وإن لم تحج فإن الله تبارك وتعالى يمحو سيئاتك.
الجواب: لا بأس فإن كان محرماً بقي على إحرامه، وإن كان قد تحلل بالعمرة وخرج إلى جدة أو إلى الطائف فلا بأس، ويرجع إذا رجع ويحرم مع الناس في اليوم الثامن، فلو أنك -مثلاً- قدمت في اليوم الثالث من شهر ذي الحجة وأتيت بعمرة، ثم خرجت إلى جدة وبقيت فيها، فمتى تحرم؟ تحرم في اليوم الثامن مع الناس، لكن تحرم من جدة أي: فلا تطلع من جدة إلا وأنت محرم. ولكن لو أنك في هذه المدة ترددت على مكة إما لزيارة إخوانك أو لغرض من الأغراض.. هل يلزمك أن تحرم؟ لا. لا يلزمك أن تحرم إلا في اليوم الثامن.
الجواب: عبر الله تعالى بأن من كفر فإن الله غني عن العالمين؛ لأنه لم يلتزم بأركان الإسلام، والكفر يطلق على ما دون الشرك حتى أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت) وبالاتفاق أن هذا لا يخرج من الدين، والذي جعلنا نرجح هذا أن عبد الله بن شقيق رحمه الله وهو من كبار التابعين المعروفين قال: [كان أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة].
الجواب: لا شك أنه يسبب مشقة عظيمة على النساء، لكن إذا كانت المشقة في الزحام فدواؤها أن يرمي في الليل، وفي الليل سعة والحمد لله، أما إذا كانت المشقة على البدن لأنها لا تستطيع أن تمشي -مثلاً- إلا بمشقة شديدة أو كانت امرأة حاملاً فهنا نقول: لا بأس أن توكل، وإذا وكلت جاز للوكيل أن يرمي الجمرة عنه وعنها في موقف واحد، فمثلاً: يرمي الجمرة الأولى في اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر بسبع حصيات عن نفسه، ثم يرميها عمن وكله، ثم الثانية عن نفسه ثم عمن وكله، ثم الثالثة عن نفسه ثم عمن وكله.
الجواب: أنا أوجه النصيحة لهما ولغيرهما فأقول: إن أكرم الخلق محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ومع ذلك ما ضحى بأكثر من واحدة عنه وعن أهل بيته، ضحى بواحدة عنه وعن أهل بيته، وضحى بأخرى عن أمته، وهو أكرم الخلق، ولأن الإنسان إذا ضحى أضحيتين في بيت واحد أدى ذلك إلى المباهاة والمفاخرة، وصارت كل شخص يقول: أنا ضحيت بثلاث، وهذا يقول: ضحيت بأربع، والثاني يقول: ما عندكم؟ أنا ضحيت بعشر.. وهكذا يبدأ الناس يتباهون فتنقلب العبادة التي هي ذل وخضوع لله؛ تنقلب إلى مفاخرة ومباهاة.
فالذي ننصح به إخواننا أن نقول: اقتصروا أهل البيت على واحدة، وإذا قبلها الله فما أعظمها، الرجل يتصدق بما يعادل التمرة من مال طيب فيربيها الله عز وجل حتى تكون مثل الجبل.
الجواب: لا شك أن الاحتياط للأخ السائل -أحبه الله كما أحبنا فيه- أن يذبح فدية في مكة توزع على الفقراء لقاء ما ترك من رمي الجمرات، أما لو كان قد عزم على ترك المبيت وعلى ترك الرمي لكنه أجبره زملاؤه على أن يبقى فبقي على غير نسك فهذا لا شيء عليه؛ لأن الرجل تعجل، لكنه حرم الأجر، ما هو الأجر الذي حرم؟ حرم البقاء؛ لأن الذي يتأخر يكون له أجر المبيت وأجر الرمي وأجر الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تأخر.
الجواب: أقول لها: انتظري إلى العام القادم لعل الله أن يفتح لكم برزق يمكنكم الحج فيه، أما الآن ما دام هذا المال الذي عندكم لو أنكم حججتم به لصار عليكم قصور في النفقة والحاجات فإن الحج لا يلزمكم.
الجواب: الصحيح أنه يجوز، الأضحية بالخصي؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه ضحى بكبشين موجوءين -يعني: مقطوعي الخصيتين- ووجه ذلك أن الخصي يكون لحمه أطيب، فالخصاء لن يضره شيئاً.
الجواب: يتوقف الجواب على هذا السؤال بأن نقول: هل هذا الرجل حج؟ ما حج، إنما حج عن غيره لم يحج لنفسه، فلا يدرك الأجر الذي قاله النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأنه حقيقة ما حج وإنما قام بالحج عن غيره، لكنه إن شاء الله إذا قصد نفع أخيه وقضاء حاجته فإن الله تعالى يثيبه.
الجواب: حجه صحيح إذا توفرت الشروط وانتفت الموانع، ولكن يبقى النظر: هل يجوز للإنسان أن يرشي المسئول ويخالف النظام من أجل أن يحج؟
الجواب: إذا كان هذا السائل لم يطمئن إلى جواب المسئول لأنه لم يصادف هواه وسأل غيره فهذا تتبع رخص، أما إذا كان لم يطمئن لظنه أن هذا خلاف الشرع فلا بأس أن يسأل ويحتاط لدينه، فالمسألة تحتاج إلى تفصيل، أحياناً لا تطمئن لفتواه لأنها ما وافقت الهوى، هذا لا يحل لك أن تسأل آخر، وأحياناً تظن أن الرجل أخطأ وأن الصواب في خلاف قوله فلا بأس أن تسأل غيره ممن ترى أنه أعلم.
الجواب: هذا الحديث له سبب: وهو أن الناس أصابهم مجاعة فنهى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يدخروا لحوم الأضاحي فوق ثلاث، وفي العام التالي اتسع الناس وزالت المجاعة فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (كنت نهيتكم عن الادخار فوق ثلاث من أجل الدافة -يعني: التي دفت وهي الجوع- فادخروا ما شئتم وكلوا ما شئتم).
الجواب: يقول العلماء رحمهم الله: إن عينتها وقلت: هذه أضحية صارت أضحية، فإذا أصابها مرض أو كسر فإن كنت أنت السبب فإنها لا تجزئ ويجب عليك أن تشتري بدلها مثلها أو أحسن منها، وإن لم تكن أنت السبب فإنها تجزئ؛ ولهذا نقول: الأولى أن الإنسان يصبر في تعيينها، يشتريها -مثلاً- مبكراً من أجل أن يغذيها بغذاء أطيب ولكن لا يعينها، فإذا كان عند الذبح عينها وقال: اللهم هذا منك ولك عني وعن أهل بيتي، وهو إذا لم يعين يستفيد فائدة مهمة وهي: لو طرأ له أن يدعها ويشتري غيرها فله ذلك؛ لأنه لم يعينها.
الجواب: إذا كنت قادراً بمالك فحج ولو أنها منعتك، إلا أن تعرف أن أمك من النساء الرقيقات اللاتي لو ذهبت لما نامت الليل ولما هنئت عيشاً، فهنا اجلس ولا تحج، وانو أنك جالس من أجلها وأنك في العام القادم سوف تحج، أما إذا كانت تقول لك: لا تحج. وأنت تعرف أنك لو عزمت وحججت فإنها لن تبالي، فحج.
الجواب: استقبال القبلة للذبح ليس بواجب، والذبيحة تذبح وإن لم يكن الإنسان مستقبل القبلة، لكن العلماء رحمهم الله قالوا: الأفضل أن يستقبل بها القبلة؛ لأنها عبادة، ولكنهم لم يقولوا أنها شرط، فلو أن الإنسان ذبحها على اتجاه غير القبلة فهي حلال وليست مكروهة، وليس بها بأس خلافاً للعامة، بعض العامة يقولون: لا بد أن تستقبل القبلة، وهذا غير صحيح.
الجواب: أقول: بارك الله فيه، وأسأل الله تعالى أن يتقبل منه وأن يتوب علينا وعليه، إذا صام أول يوم من ذي الحجة فقد انتهت الشهران، ثاني يوم من ذي الحجة يكون يوم فطره، وإذا واصل ونوى صيام عشر ذي الحجة فحسن، ولا يحتاج أن يفصل بينهما -أي: بين الكفارة وصيام ذي الحجة- بفطر يوم، بل له أن يواصل ويستمر أعاننا الله وإياه. المقدم: يقول: هل لي أجر على هذا الصوم -أعني صوم الكفارة- ويكفر ذنبي؟
الجواب: ما في شك أن له أجراً عظيماً؛ لأن الله تعالى أمره بذلك، وهي كفارة؛ ولذلك قال الله عز وجل: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ [النساء:92].
الجواب: أقول: إنه لا ينبغي التساهل في صلاة العيد لا الفطر ولا الأضحى؛ لأن القول الراجح أن صلاة العيد فرض عين على الرجال، وأن من لم يصل فهو آثم، فيجب على كل رجل أن يصلي صلاة العيد: عيد الفطر وعيد الأضحى، وكلاهما سواء، وعجباً من هذا الذي يتأخر عن صلاة العيد يوم النحر وقد قال الله تعالى: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2] فبدأ بالصلاة أولاً ثم بالنحر ثانياً، وقال تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام:162] وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من صلى صلاتنا هذه ونسك نسكنا فقد أصاب سنة المسلمين) فلا ينبغي للإنسان أن يدعها، بل لا يجوز للرجل القادر أن يدع صلاة العيد لا في الفطر ولا في الأضحى.
بل لو قال قائل: إنها في الأضحى أوكد لم يكن ذلك بعيداً؛ لأن الله قال: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2] وقال النبي عليه الصلاة والسلام: (من صلى صلاتنا هذه ونسك نسكنا فقد أصاب سنة المسلمين).
الجواب: أقول: الحج إن شاء الله ليس بناقص، وأرجو الله أن يكون مقبولاً، ولا يلزمها أن تبيع ذهبها لتحج؛ لأن الذهب من الحاجات الأصلية التي لا بد للمرأة منها، فلا يلزمها أن تبيعه لتحج، فأقول لهذه المرأة: اطمئني، حجك صحيح مبرئ للذمة وقد سقط عنك الفرض.
الجواب: يجب أن نحذر من هذه الدشوش، ونرى أن من عنده شيء منها فإنه لا تبرأ ذمته إلا بتكسيره نهائياً؛ لأنه إن أبقاه فمشكل، وإن باعه فقط سلط المشتري على استعماله، ولا طريق للسلامة منه إلا بتكسيره، ونرجو الله سبحانه وتعالى أن يخلف على من كسره؛ لأنه ترك شيئاً لله عز وجل.
الجواب: كيف تكون محرمة وتمكنه من نفسها؟ هذا لا يجوز، لكن إذا جاءت -مثلاً- عن طريق المدينة وهي قاصدة المدينة لا تحرم؛ لأنه يجوز للإنسان الذي يقدم -مثلاً- من مصر أو من سوريا أو من غيرها وهو يريد الحج، ولكنه يريد أن يبدأ أولاً بـالمدينة ، أن يؤجل الإحرام إلى أن يمر بـذي الحليفة بعد انتهاء زيارته المدينة .
فنقول لهذا الأخ: اتصل بها الآن وقل لها لا تأتي محرمة، تقصد المدينة رأساً، وإذا قابلها هناك فله أن يستمتع بها ثم يرجعان جميعاً إلى مكة ، ويحرمان من ذي الحليفة.
سؤال: هل يجوز الحج بغير محرم؟
الجواب: لا. لا بد من محرم، يمكن أن يأتي بها أخوها، أما إذا كانت بغير محرم فلا يجوز.
الجواب: نعم فعلها صحيح، لكن زيادة اليوم في عامنا هذا هل شهرنا هذا تم في هذه السنة أم لا؟ زيادة الإطعام الذي زادته يعتبر صدقة ولا يعتبر كفارة عن الصيام؛ لأن الشهر كان تسعة وعشرين، هذا العام كان الشهر تسعة وعشرين. التفريق لا بأس به، يعني: إذا مضى عشرة أيام أخرجت، وفي آخر الشهر تخرج ما بقي، ما في مانع.
الجواب: جزى الله الجميع خيراً والرجوع للحق فضيلة، لا شك أننا لو خيرنا الإنسان بين طريقين: طريق المجوس وطريق النبيين، ماذا يختار؟ كل مؤمن سيختار طريق النبيين، النبيون وعلى رأسهم خاتمهم صلى الله عليه وعلى آله وسلم كلهم يتخذون اللحى، والمجوس يحلقون اللحى فاختر لنفسك أي الطريقين شئت، ولهذا لا نرى لأحد عذراً بعد أن يتبين له الحق في العدول عن الحق، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (خالفوا المجوس، خالفوا المشركين، وفروا اللحى وحفوا الشوارب) وهذه عادة الناس من قبل، ولم نكن نعرف أن أحداً يحلق لحيته بل قالوا لنا: إن بعض الولاة الظلمة يعزر الإنسان بحلق لحيته. يجعل ذلك تعزيراً، ونص العلماء رحمهم الله في كتاب التعزير: أنه لا يجوز التعزير بحلق اللحية. مما يدل على أنه كان ديدناً لبعض الولاة الظلمة، فكيف الآن الإنسان يخسر مالاً في حلقها، ويخسر أهم شيء وهو اتباع الرسول عليه الصلاة والسلام وامتثال أمره؟!
فنرجو لأخينا هذا الذي تحترمونه نسأل الله تعالى أن يمن عليه بالهداية، وأن يعفي لحيته امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم واتباعاً لسنته.
الجواب: على كل حال هذه قصة مكذوبة لا شك، ولا علاقة لها بالحظ وعدم الحظ، وقد كتبنا عليها؛ بحيث أعطاني إياها شخص قبل عدة أيام، كتبنا عليها بأن هذه كذب؛ فهي موضوعة مكذوبة، ولا يحل لأحد أن ينشرها أو يوزعها لا على ثلاثة عشر فرداً ولا على فرد واحد، فأنتم جزاكم الله خيراً إذا مرت بكم هذه فقولوا: إنها كذب ولا يحل توزيعها.
البطاقة الشخصية..
الاسم: الإنسان ابن آدم.
الجنسية: من تراب.
العنوان: كوكب الأرض.
بيانات الرحلة..
محطة المغادرة: الحياة الدنيا.
محطة الوصول: الدار الآخرة.
شروط الرحلة السعيدة: على حضرات المسافرين الكرام اتباع التعليمات الواردة في كتاب الله وسنة رسوله مثل طاعة الله ومحبته وخشيته، التذكر الدائم للموت، الانتباه إلى أنه ليس في الآخرة إلا جنة أو نار، بر الوالدين، أن يكون مأكلك ومشربك وملبسك من حلال.
لمزيد من المعلومات يرجى الاتصال بكتاب الله وسنة رسوله الكريم.
ملاحظة: الاتصال مباشر ومجاناً، لا داعي لتأكيد الحجز، الوزن الزائد من أعمال صالحة مسموح به.
الجواب: أرى أن هذه الطريقة محرمة، لأنه يجعل الحقائق العلمية الدينية كأنها أمور حسية، يكون فيها نوع من السخرية في الواقع. هذه -أيضاً- نفس الشيء أرى أن من رآها مع أحد فليمزقها جزاه الله خيراً ويقول: إن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فوق رحلات الطائرات، وفوق الاتصالات وما أشبه ذلك، نسأل الله أن يعيذنا من الفتن.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر