أما بعد:
ففي اللقاء الماضي قرأ إمامنا في صلاة المغرب آخر سورة البقرة وآخر سورة النحل، وذكرنا أن موضوع الآيات التي قرأها مهمٌ جداً، وتكلمنا على آخر سورة البقرة بما تيسر، وذكرنا ما من الله به على عباده فيما يتعلق بالأوامر وفيما يتعلق بالنواهي، الذي ذكره الله تعالى بما يتعلق بالأوامر هو قوله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286].
والذي يتعلق بالنواهي هو قوله تعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286].
وذكرنا أنه يؤخذ من الجملة الأولى قاعدة مهمة فيما يتعلق بالواجبات وهي:
أن الواجبات تسقط عن العاجز، فإن كان لها بدل أتي بالبدل، وإن لم يكن لها بدل سقطت.
من الواجبات التي تسقط بالعجز ولها بدل كفارة الظهار.
فكفارة الظهار يجب فيها عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً.
ويصح أن نمثل بالطهارة: يجب الماء فإن لم يجد فالتراب -التيمم- فإن لم يجد صلى ولو بلا وضوءٍ ولا تيمم؛ لأن الواجبات تسقط بالعجز، وهذه قاعدة ليست من رأي فلانٍ وفلان، ولا من فكر فلانٍ وفلان، ولكنها من رب العالمين الذي قال في كتابه: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56] فهذه عبادته يسقط الله عز وجل عن عباده ما لا يستطيعون.
أما في النواهي فالقاعدة فيها: أن الجاهل والناسي يسقط عنه الإثم وما يترتب على الفعل من فدية أو كفارة فإنه يسقط عنه، ولهذا أيضاً أمثلة كثيرة: لو تكلم الإنسان في صلاته جاهلاً بتحريم الكلام فما حكم صلاته؟
صلاته صحيحة، والدليل: أن رجلاً دخل في الصلاة فسمع آخر حين عطس فقال: الحمد لله، فقال له: يرحمك الله... إلى أن قال النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الرجل الذي تكلم: (إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن) أو كما قال، ولم يأمره بالإعادة.
بقي علينا شيءٌ لم تدل عليه الآية، وربما يؤخذ من الآية كما سنبين وهو الإكراه: إذا أكره الإنسان على فعل محرم فهل يترتب على هذا الفعل إثم أو فدية أو كفارة؟
الجواب: لا يترتب، ودليل هذا قول الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النحل:106] فإذا كان الرجل لا يؤاخذ في الإكراه على الكفر وهو أعظم المعاصي، فعدم مؤاخذته في الإكراه على ما دونه من باب أولى، على أنه جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه) وبناء على هذه القاعدة الثالثة وهي: سقوط الإثم والفدية والكفارة بالإكراه، بناءً على ذلك لو أن الرجل أكره زوجته وهي صائمة فجامعها فهل يفسد صومها؟
لا يفسد.
وهل عليها كفارة؟
ليس عليها كفارة؛ لأنها مكرهة، وهكذا أيضاً لو أكرهها على ذلك وهي في حجٍ أو عمرة فإنه ليس عليها فدية، وليس عليها إثم للقاعدة التي ذكرناها والتي أخذناها من كلام الرب عز وجل، ربما يؤخذ هذا، أي: سقوط الإثم والكفارة والفدية من قوله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286]؛ لأن المكره لا يستطيع أن يتخلص، ولهذا لو أكرهه من يتمكن من دفع إكراهه فإنه يترتب عليه الحكم.
ما تقولون في رجل أجبرته زوجته على أن يطلقها، وقالت: إما أن تطلق وإما أن تقتل نفسها، وهي قادرة على أن تنفذ هذا، السكين بيدها، فطلق، هل يقع الطلاق أو لا؟
لا يقع الطلاق لأنه مكره، كيف كان مكرهاً؟ لأنها تريد أن تقتل نفسها وهي قادرة على أن تنفذ، وهذا من أشد ما يكون من الإكراه، لذلك نقول: لا يقع الطلاق، وهكذا جميع الأحكام لا تترتب على المكره، وذكرنا الدليل لهذا.
القسم الأول: أن يكون في السياق ما يدل على العموم.
والقسم الثاني: أن يكون هناك دليلٌ على الخصوص.
والقسم الثالث: ألا يكون فيه دليلٌ لهذا ولا لهذا.
مثال الأول: قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ [الطلاق:1] فهنا وجه الخطاب أولاً إلى الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ثم قال: (إذا طلقتم) والخطاب هنا للعموم بدليل الجمع، وعلى هذا فيكون الخطاب الموجه للرسول عليه الصلاة والسلام له وللأمة بالنص: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ .
الثاني: أن يكون هناك دليل على الخصوص، فهنا يختص الحكم بالرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، مثاله: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ [المائدة:67]، ومثل قوله تعالى: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ [الشرح:1-2] إلى آخر السورة، فهذا يختص بالرسول عليه الصلاة والسلام.
القسم الثالث: ما يكون لا دليل فيه لهذا ولا لهذا؛ مثل هذه الآية الكريمة: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ [النحل:125] الخطاب موجه للرسول عليه الصلاة والسلام لوحده، أو لكل من يصح خطابه؟ على قولين، واعلم أن الخلاف شبيه باللفظ في هذه المسألة؛ لأن الذين يقولون: إنه خاص بالرسول عليه الصلاة والسلام يقولون: إن أمته يشملها الحكم باعتبار الأسوة، لقول الله تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21].
فإذا قال قائل: ما الأصل: الخصوصية أم العموم؟ فنقول: الأصل العموم، ولهذا لما أراد الله عز وجل الخصوصية نص عليها فقال: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا [الأحزاب:50] فما هو الدليل على الخصوص؟
إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا يعني: أباح الله له أن يتزوج بالهبة؟ خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ إذاً: هذا يدل على أنه إذا لم يدل دليل على أن الحكم خاص بالرسول وجب التعميم، وخذها قاعدة: كل حكمٍ ثبت للرسول صلى الله عليه وسلم فهو ثابتٌ للأمة إلا بدليل.
وعلى هذا فنقول: إن قوله تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ يشمل الرسول صلى الله عليه وسلم وغيره.
وقوله: إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ ما هو سبيل الله؟ سبيل الله تعالى شرعه؛ لأنه طريق يوصل إلى الله عز وجل؛ ولأن الله تعالى هو الذي شرعه فأضيف إليه، فيكون الشرع مضافاً إلى الله لوجهين:
الوجه الأول: أنه موصل إلى الله.
والوجه الثاني: أنه هو الذي شرعه لعباده وبينه لهم حتى يصلوا إلى الله عز وجل: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ هنا إذا تأملنا كلمة (سبيل) وجدنا أنها تضاف أحياناً إلى الله كما في هذه الآية، وأحياناً تضاف إلى المؤمنين كما في قوله تعالى: وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً [النساء:115] فأضاف السبيل هنا إلى المؤمنين، فكيف نجمع بين الآيتين؟ مرة يضاف إلى الله ومرة يضاف إلى المؤمنين؟
نقول: الجمع بينهما سهل: أضيف إلى المؤمنين لأنهم هم السالكون له، وأضيف إلى الله لأنه شرعه وموصلٌ إليه، ومثل ذلك كلمة الصراط: وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ [الشورى:52-53].. اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ [الفاتحة:6-7] فمرة أضاف الصراط إلى الله، ومرة أضاف الصراط إلى المؤمنين الذين أنعم الله عليهم، فكيف نجمع؟
أضيف إلى المؤمنين الذين أنعم الله عليهم؛ لأنهم هم الذين سلكوه، وأضيف إلى الله لأنه شرعه والموصل إليه.
إنسان آخر يدعو انتقاماً من الشخص، هذا أيضاً غلط، الواجب أن تدعو إلى الله، وإلى سبيل الله لإصلاح عباد الله، وليس انتقاماً منهم، ولا انتصاراً لرأيك، ولكن لإصلاحهم، وإذا كان كذلك أي لإصلاح الخلق؛ فسوف يسلك الإنسان أقرب الطرق إلى حصول المقصود.
ولهذا قال الله تعالى في آية أخرى: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ [يوسف:108] على علم، فلابد أن يكون الإنسان عالماً بما يدعو إليه، وأنه حق ومن شريعة الله.
أما مجرد أن ينقدح في ذهنه أن هذا حق بدون دليل شرعي فإنه لا يجوز أن يتكلم، لأن الله يقول: وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ [الإسراء:36]، ويقول الله جل وعلا: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ [الأعراف:33] لابد أن يكون الإنسان عالماً بالشرع، فلو رأيت إنساناً يصلي ولكنه لا يطمئن في صلاته، يقول: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، ثم يسجد بدون أن يطمئن، هل يصح أن تقول له: إن صلاتك باطلة بدون علم؟ لا يصح؛ لأنه كيف تدعو إلى شيء لا تدري عنه؟ لكن إذا كنت تعلم أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال للذي كان يصلي ولكنه لا يطمئن، قال: (ارجع فصلِ فإنك لم تصلِ) حينئذٍ يكون عندك دليل ويمكن أن تدعو إلى الله.
لابد أيضاً أن يكون عالماً بحال المدعو، وإلا فلا يجوز أن يتكلم، لابد أن تكون عالماً بحال المدعو وأنه يحتاج إلى دعوة، وأنه ممن عنده علم أو ممن ليس عنده علم، ودليل هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم لـمعاذ وقد بعثه إلى أهل اليمن ، قال: (إنك تأتي قوماً أهل كتاب) لماذا أخبره بحالهم؟ من أجل أن يعرف كيف يخاطب هؤلاء؛ لأن خطاب العالم ليس كخطاب الجاهل، خطاب العالم لابد أن يكون عندك قدرة على مجادلته، إذ إن العالم الذي كان على باطل لا يمكن أن يقبل أو يستقبل الدعوة بسهولة؛ لأن عنده علماً، فتجده عندما تدعوه إلى الحق يجادل لإبطال الحق وإحقاق الباطل الذي كان عليه، فلابد أن تعلم لو أنك أردت أن تدعو نصرانياً إلى الدين الإسلامي يحتاج أن تعرف أنه نصراني وأن عقيدته التثليث مثلاً، يقول: إن الله ثالث ثلاثة، فيحتاج أن تعرف كيف ترد عليه فيما لو احتج عليك بباطل وإلا لهزمت، وهزيمة الداعي إلى الله عز وجل والذي بنى دعوته على غير علم هذه مصيبة، ليست مصيبة عليه وحده بل مصيبة على ما يدعو إليه من الدين، فلابد أن تكون عالماً بحال المدعو.
انظروا إلى قصة الرجل الذي دخل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة فجلس، هل دعاه الرسول عليه الصلاة والسلام إلى أن يصلي ركعتين قبل أن يعلم حاله؟
لم يدعه حتى علم بحاله، ووجه ذلك أن الرجل لما دخل جلس فقال له: (أصليت؟ قال: لا، قال: قم فصل ركعتين).
إذا وجدت إنساناً يأكل في رمضان هنا في المدينة هل أنكر عليه من أول الأمر؟
لا أنكر عليه حتى أقول: أمسافر أنت؟ أو أنت ممن يحل له الفطر؟ لكن لو وجدت شخصاً من أهل البلد أعرف أنه من أهل البلد وأنه لا عذر له في الفطر فحينئذٍ أنكر عليه، أذكره لعله نسي، وعجباً من بعض العامة يقولون: إذا رأيت إنساناً يأكل في رمضان فلا تذكره لماذا؟ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه) ما دام الله أطعمه وسقاه لا تحرمه، لا تقطع رزقه، دعه يأكل ويشرب، وهذا غلط ، الواجب أن يذكر المؤمن أخاه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم: لما سها في صلاته، قال: (إنما أنا بشرٌ مثلكم أنسى كما تنسون؛ فإذا نسيت فذكروني) فيجب على المؤمن أن يذكر أخاه، وهذا من باب التعاون على البر والتقوى، أما قوله: هذا رزق ساقه الله إليه دعه يأكل ويشرب، هذا غلط.
الجواب: ننظر: هل هذا الرجل الذي قدم من مكة إلى المدينة قدم إلى بلده؛ فإن كان كذلك فعليه الآن أن يعيد صلاة الظهر أربعاً وصلاة العصر أربعاً؛ لأنه لما وصل إلى البلد انتهى السبب الذي يبيح الجمع ويطلب فيه القصر، أما إذا كان ليس من أهل المدينة ولكنه مر بها مسافراً فعمله صحيح، فيصلي الظهر ركعتين والعصر ركعتين مجموعتين.
الجواب: البنطلون الذي يشبه بنطلون الرجال حرام لما في ذلك من التشبه، وأما ما لا يشبه بنطلون الرجال فإنه وسيلة قريبة إلى هتك حرمة العورة؛ لأن البنطلون كما تعلمون يصف حجم الفخذين والعجيزة والساق، وربما كان اليوم واسعاً فضفاضاً لا يصف كثيراً وبعد أيامٍ قليلة تستعمل النساء ما كان ضيقاً، وربما تستعمل ما كان لونه كلون الجلد فتبقى وكأنها عارية.
يقول بعض الناس: إذا لبست هذا عند زوجها وليس في البيت أحد أو في غرفة النوم، فما الحكم؟
الجواب: إذا كان هذا يشبه بنطلون الرجل فهو حرام، وإذا كان لا يشبهه فلماذا تلبسه عند زوجها؟ وما الفائدة؟ أليس يجوز أن تتعرى أمام زوجها؟ يجوز، وكونها متعرية أدعى للشهوة إذا كانت تريد هذا، ولذلك من وحي الشيطان أن يزين للنساء لبس البنطلون، فالمرأة مأمورة بالتستر والحشمة والبعد عن مواضع الفتنة.
الجواب: أما الآن فلا، وإذا رمى الإنسان الجمرة فله خمس حالات وأرجو الانتباه:
الحالة الأولى: أن يعلم سقوطها في الحوض.
الحالة الثانية: أن يعلم أنها لم تسقط في الحوض.
الحالة الثالثة: أن يغلب على ظنه أنها سقطت في الحوض.
الحالة الرابعة: أن يغلب على ظنه أنها لم تسقط في الحوض.
الحالة الخامسة: أن يتردد، فلا يستطيع الترجيح.
هذه خمس حالات ولا تخرج الحالة عن هذه الخمس:
فإذا علم أنها لم تسقط في الحوض فعليه أن يعيدها.
وإذا علم أنها سقطت في الحوض فقد أجزأت، هل يمكن أن يعلم أنها سقطت في الحوض؟ نعم يمكن، يمشي حتى يقف على الحوض فيتيقن ما في الحوض.
ومن رمى الجمرات وغلب على ظنه أنها لم تسقط في الحوض، يعيدها.
وإذا: غلب على ظنه أنها سقطت في الحوض، تجزئه.
أما إذا تردد، يعني: لم يترجح عنده أنها سقطت في الحوض أو خارج الحوض، يعيدها؛ لأن الأصل عدم سقوطها في الحوض، فصار يعيدها في أحوالٍ ثلاث:
إذا علم أنها لم تسقط في الحوض، وإذا غلب على ظنه أنها لم تسقط، وإذا تردد.
ولا يعيد في حالتين:
إذا علم أنها سقطت في الحوض، وإذا غلب على ظنه أنها سقطت في الحوض.
ونقول لهذا الأخ: إذا كان يغلب على ظنك وأنت واقف في المرمى أنها سقطت في الحوض فقد أجزأت، ولكن لو طرأ عليك الشك بعد مفارقة المكان فلا عبرة بذلك، أحياناً الإنسان يرمي الجمرات من بعد وحين وقوعها في المرمى يغلب على ظنه أنها وقعت فيه، لكن بعد أن يفارق المكان يأتيه الشيطان يقول: ما سقطت في الحوض فلا تجزئك، ثم يبقى معالجاً لنفسه فهنا نقول: لا يضرك الشك، الشك بعد فراغ العبادة لا يؤثر، وهذه قاعدة مهمة جداً، الشك بعد فراغ العبادة لا يؤثر في العبادة، بعض الناس إذا انتهى من الصلاة وسلم جاءه الشيطان: ما قرأت الفاتحة، ما سجدت إلا مرة، يُطرح الشكُ هنا؛ لأن الشك بعد فراغ العبادة لا أثر له، وفي ذلك بيت يقول فيه الناظم:
والشك بعد الفعل لا يؤثر وهكذا إذا الشكوك تكثر |
وكثير من الناس كثير الشكوك؛ لا يكاد يفعل عبادة إلا شك، هذا أيضاً يطرح الشك، ولا يلتفت إليه لأن هذا هو وسواس.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر