إسلام ويب

لماذا نصوم -3للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الصوم عبادة لها أركان؛ أولها النية والتي يجب أن تبيت ليلاً في الفريضة، أما النافلة فيصح أن تكون في النهار، ويسن تأخير السحور وتعجيل الفطور، ويجب الحذر من المحرمات كالدخان؛ لأنه من الخبائث، ويستمر تعظيمنا لرمضان حتى العيد فنخرج مكبرين حامدين شاكرين.

    1.   

    صفة الصوم وكيفيته

    قال: [ كيف نصوم؟

    أما كيف نصوم؟ فإننا نصوم كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم ].

    لأننا عرفنا أن الصيام قاعدة الإسلام، لكن كيف نصوم؟ يبين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف نصوم.

    قال: [ نصوم كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم؛ لأن كل عبادة لم تؤد على الكيفية التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأداها عليها فهي عبادة باطلة لا ثواب فيها، أو ناقصة الثواب ].

    كل عبادة لا تؤدى كما أداها الرسول صلى الله عليه وسلم فهي إما باطلة أو ناقصة الثواب، هذه حقيقة مسلمة.

    قال: [ فإذا كان أول ليلة من رمضان.

    فإننا ننوي صيام شهر رمضان طاعة لله تعالى أو تقرباً إليه عز وجل ].

    أنت مخير إن شئت أن تنوي أن تصوم لأن الله أمرك فتطيعه، أو أن تصوم لأن الله يحب الصوم وأنت تتقرب به إلى الله، المهم أن تعزم الليلة على أن تصوم غداً لله عز وجل إما تحبباً وتقرباً إليه، وإما طاعة له؛ لأنه أمرني فأطيعه، هذه النية هي شرط صحة الصيام بل ركن من أركانه.

    قال: [ فإذا كان أول ليلة من رمضان فإننا ننوي صيام شهر رمضان طاعة لله تعالى أو تقرباً إليه عز وجل؛ وذلك لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إنما الأعمال بالنيات ) ].

    الأعمال كلها متوقفة على النية، فإذا كانت النية صالحة كان العمل صالحاً، وإذا كانت النية فاسدة كان العمل فاسداً، ونحن نريد عملاً صالحاً يزكي أنفسنا ويقربنا من ربنا عز وجل، (إنما الأعمال) مطلق الأعمال، (بالنيات) حتى أخذك لنعليك تحتاج إلى نية، فالأعمال كلها بالنيات، ويثاب الإنسان بحسب نيته خيراً أو شراً. ‏

    حكم النية في الصيام

    قال: [ فالنية ركن الصيام؛ بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له ) رواه الترمذي ].

    علموا النساء والرجال: ( من لم يبيت الصيام بالليل فلا صيام له ) ولو صام النهار.

    ففي أول ليلة من رمضان تنوي صيام رمضان كله وهذه النية تكفيك، وإن أردت زيادة فجدد النية كل ليلة ولا بأس، إلا إذا أفطرت لمرض أو سفر فتجديد النية واجب، لقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: ( من لم يبيت الصيام بالليل فلا صيام له ) إلا النوافل فلا بأس، فإذا لم تنو الصيام وفي الصباح لم تأكل ولم تشربت وقلت: أريد أن أصوم اليوم فصم؛ اتباعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ كانت تخبر عنه أم المؤمنين أنه صلى الله عليه وسلم يدخل عليها في الصباح ويقول: هل من طعام؟ فتقول: ما عندنا شيء يا رسول الله، فيقول: إني صائم، فينوي الصيام بعد صلاة الصبح في الضحى، أما الفريضة فلابد أن تكون النية من الليل.

    حكم السحور

    قال: [ وإذا كان آخر الليل ].

    ماذا تصنعون؟

    قال: [ تسحرنا بما تيسر من طعام أو شراب ناوين الصيام؛ لقول نبينا صلى الله عليه وسلم: ( تسحروا؛ فإن في السحور بركة ) ].

    ولو كان حليباً، ولو قرص عيش، ولو حفنة تمر، ولو جرعة ماء، المهم أن تتسحر آخر الليل.

    أما التائهون يسهرون إلى نصف الليل على الباطل ثم يتسحرون وينامون فلا يستيقظون لصلاة الصبح أبداً، فتفوتهم صلاة الصبح، لكن أمثالكم ينامون بعد صلاة التراويح أربع ساعات أو خمس ساعات، ثم يقومون فيتسحرون، فإذا أذن الصبح توضئوا وصلوا.

    وجوب الامتناع عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس

    قال: [ وإذا طلع الفجر أمسكنا ].

    أي: امتنعنا [ عن المفطرات من طعام وشراب ووقاع وكل مفطر طوال النهار إلى غروب الشمس ].

    والوقاع هو جماع المرأة.

    من غريب ما سمعنا في حياتنا هذه أو في عصرنا هذا بعض الناس يفتون بجواز الشمة للصائم، ويقولون: لا تفسد الصيام؛ لأنك ما أكلت ولا شربت؟

    نقول: الشمة حرام نجسة، والدخان مثلها، وأنت تطرد الملائكة من حولك وتؤذيهم وتقول: أنا مؤمن.

    المبادرة بالإفطار بعد غروب الشمس وتعجيله وتأخير السحور إلى قرب الفجر

    قال: [ فإذا غربت الشمس ].

    ماذا نصنع؟

    قال: [ بادرنا بالإفطار تعجيلاً له؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور ) رواه أحمد ].

    كيف هذا يا رسول الله؟

    ما داموا يعتنون بهذه الفضيلة فهم إذاً مؤمنون، وما زال فيهم خير، وإذا اعتنوا بفضيلة كهذه فمن باب أولى أنهم قد اعتنوا بالفرائض وأقاموها.

    لا تقل: كيف نصبح في خير إذا عجلنا أكلة الفطور وأخرنا أكلة السحور؟

    إن طاعتنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم بتعجيلنا هذا طاعة ورغبة فيما عند الله، والتأخير كذلك.

    وهذا هو الإيمان، وهذه هي الطاعة.

    ذكر ما يسن الإفطار عليه

    قال: [ كما نحاول أن يكون فطورنا على تمر أو ماء ].

    نحاول ما استطعنا أن يكون فطورنا على تمر أو ماء، وإن كان رطباً فأولى.

    وهذا (ابتداء) وبعد ذلك كل البقلاوة أو ما شئت.

    قال: [ لقول أنس بن مالك : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلي ) ].

    أي ثم يصلي.

    بلغنا أن بعض المذاهب الضائعة لا يفطرون إلا إذا شاهدوا النجم الكوكب، وهؤلاء يتحدون رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمهم أن نكون مع أمته صلى الله عليه وسلم، فإذا سقط قرص الشمس وغابت حل الفطر، حتى ولو ما أذن المؤذن، أما أن نبقى حتى يطلع النجم، فالله لم يأمر بهذا، وإذا كان السحاب أين النجوم؟ المهم أن هؤلاء يريدون الخروج عن جماعة المسلمين.

    قال: [ لقول أنس بن مالك رضي الله عنه: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم تكن فعلى تمرات ) ].

    الرطب اللين، والتمر اليابس الجاف، فإن وجد الرطب فهو أفضل، وإلا فالتمر اليابس.

    قال: [ ( فإن لم تكن حسا حسوات من ماء ) ].

    ويصلي.

    المبادرة إلى المساجد في رمضان بعد تناول طعام العشاء للصلاة وقراءة القرآن

    قال: [ ثم نصلي المغرب ونتناول طعام العشاء، ثم نهرع إلى المساجد للصلاة وتلاوة كتاب الله وسماع آيه؛ قياماً لشهر رمضان المعظم، ورغبة في مغفرة ذنوبنا التي قد نكون قارفناها في غير شهر رمضان، إذ واعد الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك في قوله: ( من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) ].

    ضرورة الفطر على حلال ومباح وبيان حرمة السيجارة

    [ وهكذا نصوم النهار على كل مفطر من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ونفطر بالليل على كل حلال ومباح؛ إيماناً بقول ربنا واسترشاداً به: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ [البقرة:187] ].

    أحد الصحابة رضوان الله عليهم لما نزلت الآية قال لزوجته: ائتني بخيطين أحدهما أسود والآخر أبيض، ووضعهما تحت رأسه، وكان إذا استيقظ ينظر هل يستطيع أن يفرق بينهما أو لم يفرق؟ فما استطاع أن يعرف، فأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: ( سبحان الله! إنك لعريض القفا )، القفا هو مؤخرة الرأس، ومعناه أنك تريد أن تجعل تحت قفاك الشرق والغرب؛ لأن الفجر فجران: فجر كاذب وفجر صادق، الفجر الكاذب يلوح هكذا كذنب السرحان في الأفق خيط أبيض، بعد فترة ربع ساعة أو عشر دقائق ينمحي ويظلم الليل تماماً، ثم ينبلج الفجر.

    قوله: (ونفطر بالليل على كل حلال ومباح) هل الدخان حلال أو حرام؟

    والله الذي لا إله إلا هو والذي نفسي بيده إن الدخان حرام، ولا يحل لمؤمن ولا مؤمنة أن يدخن.

    والدليل قوله تعالى في صفات محمد النبي الأمي في التوراة الإنجيل: وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ [الأعراف:157] جمع خبيثة، والدخان خبيث.

    أوضح من هذا أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان في غزوة مع رجاله فاحتاجوا إلى الطعام فأكلوا الثوم والبصل نيئين فأعلنها صلى الله عليه وسلم: ( من أكل ثوماً أو بصلاً فلا يقربن مساجدنا )، لم يا رسول الله؟ ( إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم ).

    إن حولك ملكان كريمان يكتبان أعمالك فتنفخ في وجه الملك هذه الرائحة الكريهة فكيف تبقى مؤمناً؟

    وأوضح من ذلك: كان صلى الله عليه وسلم يأمر الناس إذا أكلوا مطبوخاً أن يتوضئوا، فكلما مسته النار يتوضئون منه، واستقاموا على ذلك وخفف الله عنهم فلم يبق الوضوء إلا من لحم الجزور [البعير] فقط؛ لأن فيه مادة دهنية قوية تؤثر على خلايا الجسم، ومع ذلك يستحب الوضوء من أكل الطعام مطلقاً، فإذا كان الطعام الطيب يستحب لك أن تتوضأ منه، فكيف تدخل الرائحة الكريهة في أنفك وفي جوفك وبلسانك وتصلي، فقد قلت غير ما مرة: الذي يرمي السيجارة عند باب المسجد ويدخل يصلي لا صلاة له.

    أزيد بياناً: لو أن إماماً في المسجد يخطب الخطبة الأولى في الجمعة ويجلس في الاستراحة ويشعل سيجارة ويدخن، ثم يقوم ويكمل الخطبة، أسألكم بالله من يرضى بهذا، أو يبقى في المسجد؟

    إذاً: دل هذا على قبح هذه الجريمة.

    أيام كان يوجد الحياء قبل أن ينسخ بالتلفاز والخلاعة والصور، كان الرجل إذا مر برجل كبير أو بعالم والسيجارة في يده -الله- يطفئها في يده، حتى ما يقال: فلان يدخن، وما كان الابن يستطيع أن يدخن أمام أبيه أبداً قط، فلما مسخونا وهبطنا ترى المرأة تدخن والرجل يدخن أيضاً، فهل نرضى بهذا؟ ونحن نريد أن نرتفع إلى الملكوت الأعلى، إلى السماء، والله ما نرضى بهذا ولا نرضاه أبداً.

    لقد قلنا: اتقوا الله ولا تبيعوا السجائر، ولا تبيعوا مجلات الخلاعة، ولا تبيعوا كل شيء فيه صورة وخلاعة، فيقولون: الزبائن لا يحضرون.

    قلنا لهم: توكلتم على الله أم على بيع الدخان والصور؟ بينوا لنا إيمانكم، الله يقول: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ [الأنفال:2] بحق وصدق، الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ [الأنفال:2].

    قد يقول قائل: يا شيخ! لا تلمهم ما عرفوا، إي والله ما عرفوا، إلى متى سنبقى لا نعرف؟ لِمَ لا نسأل ونتعلم؟ لِمَ لا نقرع أبواب العلماء ونسألهم عما يحل وعما يحرم؟ فهل هذا عذر مقبول عند الله؟ والله ما هو بمقبول.

    ماذا بعد رمضان؟

    قال: [ ويستمر تعظيمنا لشهر رمضان وصيامنا له هكذا حتى يهل هلال شوال، فإذا رأيناه أصبحنا مفطرين معيدين نذكر الله تعالى ونشكره، نذكره بالتكبير وصلاة العيد، ونشكره بزكاة الفطر، وقبل الخروج إلى صلاة العيد التي هي سنة واجبة نكون قد أدينا زكاة الفطر إلى الفقراء والمساكين، وهي صاع، أربع حفنات من طعام؛ لقول ابن عمر رضي الله عنه: ( فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين ). رواه البخاري .

    ثم نخرج إلى صلاة العيد متطهرين، نذكر الله تعالى قائلين: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد ].

    اللهم يا حي يا قيوم يا بديع السماوات والأرض يا مالك الملك يا ذا الجلال والإكرام إنا نسألك أن تشفي كل مريض فينا وبيننا وفي بيوتنا، اللهم اشف كل مريض من المؤمنين والمؤمنات شفاء عاجلاً يا رب العالمين.

    اللهم إنا نسألك أن تزكي نفوسنا وتطهرها وتلهمها تقواها وهداها، أنت وليها ومولاها.

    اللهم إنا نسألك أن تتوب على عبادك المؤمنين توبة صادقة نصوحاً، يعودون إليك يا رب العالمين، يمتثلون أوامرك، ويجتنبون نواهيك.

    اللهم اجمع كلمة المؤمنين على الحق، اللهم اجمع كلمة المؤمنين على الحق، ووحد صفوفهم ورايتهم، ووحد مذهبهم على ما تحبه يا رب العالمين وترضى.

    اللهم علّم جاهلنا، وأرشد ضالنا، واهدنا جميعاً إلى صراطك المستقيم، واختم لنا بخاتمة السعادة يا رب العالمين.

    وصل اللهم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718743

    عدد مرات الحفظ

    766201906