أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
ثم أما بعد: أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا ما زلنا مع نداءات الرحمن لأهل الإيمان، جعلنا الله وإياكم منهم، وحشرنا في زمرتهم، ورضي عنا كما رضي عنهم. اللهم آمين.
وهذا هو [ النداء الرابع والثلاثون ] وهو [ في حرمة اتخاذ اليهود والنصارى أولياء، و] في [ علة ذلك ] أي: علة تحريم اتخاذ اليهود والنصارى أولياء [ والتحذير من موالاتهم ] لما يفضي به إلى الخسران في الدنيا والآخرة.
وهذا النداء مصدره والمنادي به الله رب العالمين، وولي المؤمنين، ومتولي الصالحين. وهذا النداء وصلنا بواسطة كتابه القرآن العظيم، والكتاب وصلنا بواسطة نبيه ورسوله النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، فنحن على يقين أن هذا النداء من ربنا، وقد وصل إلينا من طريق كتابه الذي أوحاه وأنزله على مصطفاه، والواسطة بيننا وبين الله وكتابه هو رسوله محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم القرشي، وهو من ذرية عدنان بن إسماعيل بن إبراهيم.
وهيا نتغنى بكلمات هذا النداء الطيبة؛ علنا نحفظه، وتصبح أنوار القرآن في صدورنا، ولكل من حفظه الآن أن يصلي به النافلة؛ فإنه مجزئ كافٍ. وإذا صلى به النافلة مرتين .. ثلاثاً استقر في نفسه، وأصبح من محفوظاته، وبذلك يكون قد كتب له خير عظيم، والله لا نستطيع تقديره بما في الأرض.
وتأمل من أنت وما أنت حتى يصلك نداء رب الأرض والسماء، فتحفظه وتفهمه وتعمل بما فيه، وإذا فعلت ذلك فلا أحد أسعد ولا أطهر ولا أكمل منك، وفي لمح البصر وأنت في الملكوت الأعلى عندما تلفظ أنفاسك، وفي دار السلام في جوار رب الأرض والسماء، ومع مواكب الطهر والصفاء من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
اللهم أزل الغفلة عن قلوبنا.
[ الآية (51) من سورة المائدة
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [المائدة:51] ] هذا النداء والله إنه لخطير، وله آثاره العكسية إن تركناه، وهي الخراب والدمار والخسران، وله آثار إيجابية إن طبقناه، وهي تحقيق ولاية الله عز وجل، فولاية الله ليس فوقها ولاية، وفيها العز والكرامة والسيادة والهداية والسعادة. وهذا النداء ذو شأن، فلنحفل به.
أولاً: حرم علينا سيدنا ومولانا؛ لأن هذه اللام لام النهي، والنهي يقتضي التحريم، فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا [المائدة:51]. ولنقل: لبيك اللهم لبيك، مُر وانهَ، ثم قال: لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ [المائدة:51]. ومن قال: لا مسح من ديوان المؤمنين؛ لأنه رد على الله ورفض دعوته.
ثانياً: وشيء آخر، وهي قوله: بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [المائدة:51]. ومن غير المعقول والمنطقي والمفهوم أن تتخذ يهودياً ولياً لك على يهودي آخر، أو تتخذ نصرانياً ولياً لك على نصراني آخر؛ لأن بعضهم أولياء بعض. إذاً: فلا تحبهم ولا تنصرهم وإن أحبوك ونصروك، فهم فيما بينهم أولياء لبعضهم، إذاً: فلا توالِ نصراني على نصراني، ولا على أخيه أو ابن أخيه أو ابن عمه أو ابن عقيدته؛ لأنهم بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [المائدة:51].
ثالثاً: والمصيبة هنا هي: أن وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ [المائدة:51]. ولا أحد ينكر هذا، أو يقول: لا، ليس منهم؛ لأن القائل هو الله. وهذا حكم، فقد حكم فَإِنَّهُ مِنْهُمْ [المائدة:51]. فإن سعدوا سعد، وإن خسروا خسر، ووالله إنهم لخاسرون.
رابعاً: وشيء آخر: إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [المائدة:51]. فالذي يضع الحب في غير موضعه ويضع النصرة في غير موضعها فهو ظالم، وإذا كان ظالماً فإن الله قد أعلن أنه لا يهديه إلى ما يكمله ويسعده. وهذا هو التوقيع الأخير في الآية: إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [المائدة:51]، أي: كل من ظلم وأصبح الظلم وصفاً له لازماً، أي: المتضلعين في الظلم، فانتبهوا لهذا. وليس كل من ظلم حرم الهداية؛ إذ ما منا أحد إلا ويظلم، ولكن إذا أصبح الظلم وصفاً لك فهنا يقال: هذا ظالم. وهذه القضية أهل الحلقة عرفوها ونسوها.
والظلم: وضع الشيء في غير موضعه. وهذه قاعدة عامة. ولو رحلنا إليها إلى قارات بعيدة عنا لما كانت رخيصة. فإذا أمرك الله أن تحب أولياءه وتنصرهم فأبغضتهم وخذلتهم فهذا ظلم، وليس عدلاً؛ لأنك وضعت الشيء في غير موضعه، وإذا أمرك الله أن تبغض أعداءه كما أبغضهم وأن تخذلهم كما خذلهم فعكست ذلك فأحببتهم ونصرتهم فهذا ظلم، وليس عدلاً.
ومن هنا لا تأتي الهداية الإلهية يا عبد الله! ويا أمة الله! إلا إذا زلت القدم ووقعت في الإثم وعجلت بالتوبة قبل فوات الأوان. فليفهم السامعون هذه الكلمة، وهي أنه إذا ارتكبت إثماً فعجل بالتوبة منه، والبعد عنه والاستغفار والندم والبكاء، والعزم على أن لا تعود إليه بحال من الأحوال، فإنك إذا لم تسارع وتعاود فلا تأمن أن يصبح ذاك الإثم من خصائصك، فلا ترتاح إلا له، وحينئذٍ ينتهى أمرك، كما قال الله: إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [المائدة:51]. فليفهم السامعون والسامعات هذا، وليعرفوا أن التوبة تجب على الفور، وهذا قاله العلماء، وقاله الله قبلهم، وهم أخذوه من كلام الله، واسمع آية النساء: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ [النساء:17]. وهذه الصيغة معروفة، فالتوبة على الله حقاً يمنحها ويعطيها ويهبها ولا يحرمها عبده لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ [النساء:17]. ولم يقل: ثُمَّ يَتُوبُونَ [النساء:17] وسكت، وإنما قال: ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ [النساء:17]؛ لأن سنة الله في الكون والكائنات والإنس والجن والحيوانات أنه إذا تعود المرء على شيء وألفه وأصبح في خلاياه وفي أنسجة حياته يصعب عليه أن يتركه. وهذا يسمونه: المدمن.
وهكذا كل الأسقام والأوجاع والأمراض التي تنتج الفتن والبلاء والفقر والمحن عائدة إلى شيء واحد، وإن شئت فقل: ما عرفوا الله ولا عرفوا محابه ولا مساخطه، أي: الجهل بالله عز وجل، وبمحابه ومكارهه، وليس وراء هذا والله شيء.
وهذا لم يعرفه المسلمون بحكوماتهم ورجالاتهم ودواوينهم وعلمائهم، سوى هذه الزمرة الموجودة هنا، ولو عرفوا لطالبوا بالعلم الفوري، ولحملوا الأمة على أن تتعلم وتعرف ربها، ولكنهم لم يعرفوا الطريق، مع أن المدارس موجودة، وكذلك الجامعات والكليات، فليقم أحد هؤلاء المؤمنين يبين لهم الطريق.
يصدر قرار من وزير الداخلية: لا يتخلفن رجل ولا امرأة ولا طفل من أهل الحي أو القرية عن صلاتي المغرب والعشاء في بيت الله كل ليلة وطول العمر إلا ذو عذر شرعي، ويتعلمون ما نتعلم الآن، وهو قال الله جل جلاله، وما بينه رسوله صلى الله عليه وآله من الكتاب والحكمة، ثم يعملون ويطبقون وينفذون، فهم ما جلسوا إلا ليعملوا بعد أن يعلموا، وحينئذ لا فقر ولا خوف ولا خبث ولا شر ولا فساد ولا بغضاء ولا عناد ولا سب ولا تكفير ولا هيجان، ويصبحون كواكب في السماء في الطهر والصفاء، ولست واهماً في هذا، ولن يعقب علي أحد ويقول: قد جربنا هذا يا شيخ! وأنا أقول: لقد نما وسما أصحاب رسول الله وأبناءهم وأحفادهم، وبلغوا منتهى الكمال البشري في السيادة والقيادة، والعزة والكمال، والعلم والبرهان والطهر والصفاء، وطأطأ لهم العالم رأسه مدة ثلاثة قرون، وهم لم يكن عندهم سوى علم الكتاب والحكمة، كما قال تعالى: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ [الجمعة:2].
ومن هنا: لن ينتهي الفقر ولا الظلم، ولا الخبث ولا الشر، ولا الفساد ولا الانتفاضات، ولا الانقلابات ولا الدمار إلا بالعودة إلى منهج الله، ولو ملكنا الهيدروجين والذرة وطرنا في السماء، ولو كنا أفضل من روسيا وأمريكا، فأمريكا وروسيا واليابان والصين وأوروبا غرقوا في الخبث والشر والفساد. ونحن لا نريد حياتهم، فهم قد خسروا دنياهم وأخراهم، وانتهى بينهم طعم الحياة، فهم يعملون كادحين الليل والنهار، ولا يعرفون أماً ولا أباً، ولا أخاً ولا أختاً، ولا دار الآخرة ولا غير ذلك، فإذا جاشت نفوسهم ذهبوا إلى المخامر والمزامير والحانات والباطل، يروحون على أنفسهم، وهؤلاء ليسوا بشراً، وهذا ليس لسان الآدمي.
ولا تقولوا معاشر المستمعين!: لعل الشيخ بهلول، فوالله إني لعلى علم بما أقول، ولن يستطيع ابن امرأة أن ينقض هذه القواعد القرآنية الكريمة، والحياة أمامنا، وقد جرب بعض أهل البلدان الاشتراكية وتغنوا بها، وقالوا: فزنا الآن، وإذا بهم يهبطون إلى الحضيض، ثم لفظوا الاشتراكية من أفواههم وقلوبهم، وعادوا كما كانوا، وجربوا الديمقراطية واليمين، وأباحوا أندية اللواط ودور البغاء والظلم والفساد.
ونحن نقول: لا تتركوا مزارعكم ولا مصانعكم ولا متاجركم، ولا ترموا بمساحيكم ولا أدواتكم، بل واشتغلوا من صلاة الصبح وليس من الساعة الثامنة، وانطلقوا أيها المؤمنون! من بعد صلاة الصبح إلى أعمالكم، وانتجوا قبل أن تستيقظ أوربا، فستنتجون أكثر مما تنتج، فإذا مالت الشمس إلى الغروب في الساعة السادسة فأوقفوا العمل، واغتسلوا أو توضئوا، والبسوا ثيابكم، واحملوا زوجاتكم وأولادكم على دوابكم أو سيارتكم إلى بيوت الرب، ويجتمع أهل القرية كأهل الحي، بلا خوف ولا فزع ولا ألم، فيصلون المغرب ثم النافلة، ثم يجلس لهم الرباني المعلم ويعلمهم قال الله وقال رسوله، وهم بين يديه، ويعلمهم يوماً آية ويوماً حديثاً، فيتعلمون الكتاب والحكمة، ويحفظون ويفهمون ويرتفعون، ويستمرون على ذلك، وسيتبع ذلك حسب سنة الله أنه والله لن يبقى شره ولا ترف ولا حب للدنيا والتكالب عليها، هذا التكالب الذي لو شرحنا آثاره لما استطعنا أن نكملها، ولزهدنا في هذه الأوساخ والقاذورات، فيتوفر المال، ولا يبقى بيننا من يتألم من الجوع أو العطش أو العري، ولا يبقى من يفعل جريمة في قريته، ولا من يزني بامرأة أخيه أو ابنه، ولا من ينظر نظرة شزراء إلى مؤمن أو يلعنه أو يشتمه؛ لأنهم علموا وعرفوا، واتصلوا بالملكوت الأعلى، وأصبحوا كالملائكة لليقين الذي في نفوسهم، ويكون أعرفنا بالله أتقانا له وأصلحنا وأكملنا وأطهرنا وأعدلنا وأرحمنا، وفي الحلقة فقط أعلمنا بالله أتقانا له، وأحسننا سلوكاً حتى في معاملته مع امرأته وأولاده، وأجهلنا أفسقنا وأضرنا؛ لأن هذا سنة الله، وقد قال: فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا [فاطر:43]. فالطعام يشبع، والماء يروي، والنار تحرق، والحديد يقطع، وهذه سنن لا تتبدل، وكذلك معرفة الله وحبه وخشيته تكسب المرء طمأنينة وهدوءاً، وطهراً وصفاء، وتقوى ورضا الله عز وجل، وقل ما شئت، فلن تتخلف تلك السنن. والمسلمون ما سمعوا هذا، وخاصة المنظمات والأحزاب والجمعيات فهي لم تأتي إلا بالفتن.
فاعلموا هذا زادكم الله علماً، والحكومات والجمعيات والأحزاب والمنظمات لا يفهمون فهمنا هذا؛ لأنهم ما جلسوا هذا المجلس، ولا سمعوا هذا الكلام ولا عرفوه، والذي لا يجلس في حجور الصالحين لا يعرف هذا، والذي يجلس من صباه ونعومة أظفاره حتى سن التكليف لا يسمع إلا الطيب، ولا يشاهد إلا الطيب، ولا يتعاطى إلا الطيب يصبح مفعماً بتلك الأنوار، ويرحمه الله بالإسلام، ويكون ربانياً، لا خوف عليه ولا حزن لا في الحياة ولا في الممات ولا يوم القيامة، والذي ما أراد الله له ذلك يجلس يغني، ويجلس يشاهد عاهرة ترقص أمامه في التلفاز، وينفس على نفسه كما يقولون، وهو ميت.
ثانياً: تقوى الله عز وجل، وقد أخبر تعالى بهذا فقال: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس:62-63]. ووالله لن تتم ولاية العبد لله إلا على هذين الدعامتين، الإيمان الحق، والتقوى الصادقة. اللهم اجعلنا منهم.
وهذه التقوى ليست قبة أو جسراً، وإنما هي فعل أمر أمرَ الله به، وترك نهي نهى الله عنه، إذ لا يتقى الله بالجيوش ولا بالوسائط ولا بالأموال، ولا بالجن ولا بالملائكة ولا بالسماء، ولا غير ذلك، فالعالم كله في قبضته، وإنما يتقى الله بطاعته، فقل: آمنت، ثم إن قال: قف وقفت، وإن قال: نم فنم. فاعرفوا التقوى. فإذا قيل: يا فلان! اتق الله، فهذا يعني: ألا تعصيه، بل أطعه، وبدون طاعته لن تتقيه، ولو دخلت في جحر في أسفل الكون فإنه يعلمك ويقدر عليك. والله لا يتقى إلا بإسلام القلب له، والاطرح بين يديه، فافعل ما يأمرك واترك ما ينهاك في حدود ما تستطيع؛ حتى تكون من المتقين.
قال: [ فلذا نادى الرب تبارك وتعالى عباده المؤمنين به وبرسوله وبلقائه قائلاً: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا [المائدة:51]، أي: يا من آمنتم بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً ورسولاً لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ [المائدة:51] لكم ] أي: [ تحبونهم وتنصرونهم؛ فإنهم أعداء ربكم وأعداؤكم، فكيف توالونهم؟ أتوالون من يعاديكم، وتحبون من يبغضكم، وتنصرون من يود هزيمتكم؟ هذا من جهة ].
فاعرفوا الولاء، فهو أن نحب الله تعالى وما يحب، وأن نكره من يكره الله وما يكره، فمن أحب مشركين كافرين أعداء الله ووقف إلى جنبهم ينصرهم فقد عادى الله، وأعلن الحرب عليه تعالى، وهذا ليس بالمؤمن أبداً، وسنزيد هذا بياناً بإذن الله، وإنما استعجلنا هنا لأن كثيراً من المؤمنين لا يفهمون معنى الولاء والبراء، فالمؤمن أخو المؤمن، والمؤمنة أخت المؤمنة، ويجب أن يحب أحدهما الأخر، ولا يحب له ما يضره، ولا ما يؤذيه أبداً، ولا يحسده ويتمنى زوال النعمة عنه، ولا يبعضه، ولا ينظر إليه بنظرة شزراء، فمن فعل هذا فليس ولياً لله، ولا مؤمناً.
ألا فلنتق الله عز وجل أيها المؤمنون! ولنوالِ من والى الله، ولنعادِ من عادى الله، فإن هذا الأمر هو الذي نادانا الله من أجله ] بقوله: [ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [المائدة:51] ].
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر