الجواب: يجب على المرء المؤمن بالله واليوم الآخر أن يحكم عقله فيما يفعل ويذر، وألا تغلبه شهوته حتى يقع فيما حرم الله عليه، فالإنسان المتزوج وإن كان حديث عهد بزواج كيف لا يملك أن يحبس نفسه لمدة قصيرة وهي أثناء النهار، ولكن الهوى والشهوة قد يسيطران على العاقل حتى يقع في أمر يندم عليه.
هذا الأمر الذي فعلت، وهو إتيان أهلك في نهار رمضان له جانبان:
الجانب الأول من جهتك: فالواجب عليك أن تكفر بإعتاق رقبة إن وجدت، ولن تجد في عهدنا الحاضر، وإذاً: تنتقل إلى المرتبة الثانية: وهي صيام شهرين متتابعين، فإن لم تستطع تطعم ستين مسكيناً، وإذا تكرر هذا الأمر منك في أيام متعددة فإن العلماء اختلفوا هل تكفيك كفارة واحدة عن الأيام الثلاثة أو لكل يوم كفارة؟ فمنهم: من يرى أنه يجب عليك لكل يوم كفارة؛ لأن كل يوم عبادة مستقلة عن اليوم الآخر، لأنها -أي: هذه العبادة- لا تفسد بفساد اليوم الثاني، ولا تكمل بكمال اليوم الثاني، فهي عبادة مستقلة، فإذا انتهك حرمة يوم وجبت عليه كفارته، وحرمة ثانٍ وجب عليه كفارة ثانية، وحرمة ثالث يجب عليه كفارة ثالثة وهكذا، ومن العلماء من يقول: يجب عليك كفارة واحدة فقط؛ لأنها كفارات من جنس واحد، وكل كفارات من جنس واحد لم يكفر عن الأول منها فإنها تتداخل، كما لو اجتمع على الإنسان أحداث من أجناس، والاحتياط لك أن تكفر عن كل يوم كفارة؛ لأنه أبرأ لذمتك ولكن لا نقول هذا على سبيل الوجوب بل على سبيل الاحتياط، فإذا كان يشق عليك الأمر فكفارة واحدة تجزئك.
الجواب: يبدو من هذا السؤال أن أحد الخطباء استفتي فأفتى، فإذا كان السائل هو الذي استفتاه وأفتاه بأنه لا يبطل الصائم ضم الزوجة وتقبيلها بشهوة فإنه لا ينبغي له أن يسأل مرة أخرى؛ لأن الرجل إذا استفتى عالماً يثق بعلمه ودينه ويعتقد أن ما يقوله هو الحق فإنه لا يجوز أن يعدل إلى غيره ليطلب رأياً آخر مخالفاً له؛ لأن هذا من باب التلاعب في دين الله سبحانه وتعالى وشريعته، نعم لو كان سمع هذا الخطيب يفتي غيره وهو لم يستفته أو يقوله في الخطبة بدون أن يستفتيه، فلا بأس أن يسأل عما سمع؛ لأنه لم يستفت ولم يلتزم بما يقوله هذا المفتي، فالذي أنصح هذا الرجل وغيره من الناس أنه إذا استفتى عالماً يثق بعلمه ودينه يعتقد أن ما يقوله في هذه المسألة هو الحق فإنه لا يسأل غيره بعد ذلك، ويعمل بما أفتاه به؛ لأنه هو الحق في نظره، إلا إذا سمع بدون استفتاء من أحد قولاً يخالف ما أفتى به ودلل عليه هذا القائل الذي قال القول المخالف فإنه حينئذٍ لا بأس أن يسأله ليناقشه، فيقول: ذكرت كذا واستدللت عليه، وأنا قد أفتيت بكذا، فما هو جوابك؟ يعني: هذه المسائل من المسائل المهمة جداً التي نرى بعض الناس يستفتي عدة من العلماء، إما لينظر إلى أسهلها وأقربها لهواه، وإما ليضرب آراء أهل العلم بعضها ببعض، وكل هذا من باب التلاعب.
أما بالنسبة لأصل المسألة: وهو تقبيل المرأة حال الصيام وضمها، فإذا لم ينزل الإنسان بذلك فصيامه صحيح؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( أن
أما إذا أنزل من ذلك فإن صومه يفسد عند جماهير أهل العلم، ولهذا قالوا: إن ظن الإنسان أنه ينزل بالتقبيل حرم التقبيل؛ لأن الوسائل لها أحكام المقاصد، فإذا ظن الإنسان أنه إذا قبل زوجته ينزل لكونه قوي الشهوة وسريع الإنزال فإنه يحرم عليه أن يقبل.
الجواب: نعم، الفائدة أنني أستفيد منها لا شك، ولكن كونها ملزمة لي لا؛ لأن المتكلم بالخطبة غير معصوم، فقد يخطئ وقد يصيب، وإذا كان الخطيب موثوقاً به لدى السامعين فسوف يأخذون كلامه على ما قال، لكن ليس معنى ذلك أنه كالذي يفتي؛ لأن حضوري إلى الرجل واستفتائي إياه معناه أنني ملتزم بقوله معتقد أنه حق، لكن سماعي لخطيب المسجد أو لواعظ يتكلم ليس معنى ذلك أنني ملتزم بما يقول، بل إذا صار عندي شك فيما يقول فلي أن أسأل، فهذا هو الفرق بين الرجل السامع والرجل المستفتي.
الجواب: هذه الركعة خلاف السنة ولا ينبغي للإنسان أن يقتصر عليها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( صلاة الليل مثنى مثنى ) فالذي يؤمر به هذا الفاعل أنه إذا سلم الإمام يقضي ما فاته؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا ).
مداخلة: لو أراد أن يجعلها نهاية لصلاته هذه الليلة ولم يدخل مع المصلين؟
الشيخ: يعني: قصدك يجعلها وتراً، هذا قد يجوز لكن فيه نظر؛ لأن قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا )، يدل على أن الإنسان مأمور بمتابعة الإمام، وأن يفعل مثل ما فعل الإمام، حتى إذا سلم يتم ما عليه، فحينئذٍ نقول: أتم على أنها شفع، ثم بعد ذلك أوتر إذا شئت.
الجواب: نعم يجوز للإنسان أن يصلي الفريضة خلف من يصلي النافلة، فعلى هذا إذا جئت في أيام رمضان وقد فاتتك صلاة العشاء الآخرة، والإمام يصلي صلاة التراويح فلك أن تدخل معه بنية صلاة العشاء، فإذا سلم من صلاة التراويح قضيت ما فاتك، يعني: أكملت أربع ركعات لصلاة العشاء، هذا هو القول الراجح؛ لأن معاذ بن جبل رضي الله عنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة، وذلك في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وهي له نافلة ولهم فريضة، ولكن إذا دخلت ومعك جماعة وقد فاتتكم صلاة العشاء والإمام يصلي صلاة التراويح فالاختيار لك أن تصلي وإياهم جماعة بعيداً عن المصلين؛ لئلا تشوشوا عليهم ويشوشوا عليكم، أما إذا كنت وحدك فإن الأفضل أن تدخل مع الإمام في صلاة التراويح.
الجواب: ما أقرب هذا السؤال من كلامنا قبل قليل، في أن الرجل إذا استفتى عالماً يثق بقوله ويعتقد أن ما قاله هو الحق فإنه لا يجوز له أن يسأل عالماً آخر، وإذا كان السؤال من غيره وسمع أنه سئل فأجاب فلا بأس أن يسأل كما أسلفنا، وأرجو أن يكون الأخ هذا من هذا القبيل، أي: أنه سمع أن عالماً سئل فأجاب، ونحن لا نوافق هذا العالم الذي أجاب بالصحة والحل؛ لأن الحكومة قد خفضت السعر مراعاة للمواطنين، فما دامت قد خفضت السعر فمعنى ذلك أن هذه السلعة تساوي أكثر لولا تخفيض الحكومة، وإذا كان كذلك فإن الواجب عليه أن يكون نصيبه من الربح بالمقدار الذي قررته الحكومة؛ لأن الحكومة حينما خفضت قيمة السلعة كأنها تقول: بعتك هذه السلعة بكذا بشرط أن تبيعها بكذا، فإذا بعتها بأكثر فقد نقضت الشرط الذي بينك وبين الحكومة، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ [المائدة:1]، وقال تعالى: وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً [الإسراء:34] .
ثم إن هذا مع مخالفته لهذه الآيات هو في الحقيقة طمع ينافي كمال الإيمان؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً وشبك بين أصابعه )، ويقول صلى الله عليه وسلم: ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) وهذا الجشع الطامع، الحكومة تريد نفع الناس وهو يريد الإضرار بهم وهذه أنانية مذمومة مخالفة لكمال الإيمان، فنرى أنه لا يجوز للمرء الذي أخذ من السلع الممونة من قبل الدولة أن يزيد في الربح عما قررته الدولة؛ لأن هذا بيع بشرط، ولأن هذا ينافي كمال الإيمان الذي يكون مقتضياً لأن يحب الإنسان لأخيه ما يحب لنفسه.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر