الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم بعث في مكة وكان أهلها ليسوا على دين، وقل منهم من يعرف شيئاً عن الأديان في ذلك الوقت، ولهذا وصفوا بأهل الجاهلية، ومن المعلوم أنه إذا ظهر رجل كهذا في مجتمع عارم بالجهل والشرك والكفر، فإنه إن لم تكن دعوته على سبيل الحكمة والسداد، لم يتوصل إلى الفلاح والرشاد، ولا ريب أن من الحكمة أن تكون دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام في ذلك الوقت سراً، يأتي إلى الرجل يتوسم فيه الخير فيدعوه إلى الله سبحانه وتعالى، وتقع هذه الدعوة من قلبه كل موقع، فيدخل في الإسلام، ويأتي إلى الثاني وإلى الثالث، والذين دُعوا إلى الإسلام وأسلموا كذلك يتصلون بمن يتوسمون فيهم الخير والقبول، فيدعونهم إلى الله سبحانه وتعالى، وهكذا حتى يكون حوله المجتمع، وحينئذ يكون من المناسب أن يجهر بالدعوة ويعلنها، لأن لديه أعواناً، فهذا هو السر في أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يؤمر بإعلان الدعوة من أول وهلة، وإنما أرجئ الأمر حتى يكون حوله أناس، فهذه هي الحكمة في أن أول الدعوة كانت سراً، وهكذا ينبغي للداعية إلى الله سبحانه وتعالى أن تكون دعوته في مجتمع عارم بالجهل والضلال على هذا النحو، يدعو فلاناً وفلاناً وفلاناً حتى يتكون حوله أناس، وتقوى جبهته، وحينئذٍ يعلن ما دعا إليه، لأنه لو أعلن ما دعا إليه من أول الأمر لحصلت فتنة ومشادات ومنازعات، ولم يتمكن من الوصول إلى مقصوده.
الجواب: هذا الأخ الذي يكون في بلاد الكفار، سواء كانت حربية أم ذات عهد، يجب على المرء أن يراسله ليناصحه، ويدعوه إلى القدوم إلى بلاد الإسلام، لأن ذلك أسلم لدينه، وأبرأ من براثن الشرك والكفر، وأما تركه وهجره فهذا قد لا يزيده إلا شراً وسوءاً وتمسكاً بما هو عليه، فالذي ينبغي لهذا أن يراسل أخاه ويدعوه إلى الدين ويرغبه فيه، ثم إلى الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام، إلا إذا كانت إقامته هناك لمصلحة تعود إلى الإسلام، مثل أن يكون داعية هنالك موفقاً في دعوته، فهنا الإقامة من أجل هذا الغرض لا بأس بها، بل قد تكون واجبة عليه.
الجواب: الدم الذي يكون بسبب الولادة هو دم نفاس، ولا حد لأكثره ولا لأقله، ولهذا متى طهرت المرأة ولو بعد وضع الحمل بيوم أو أيام قليلة، فإنها تكون طاهراً وتجب عليها الصلاة، ويصح منها الصوم، ويجوز لزوجها أن يجامعها، وكذلك إذا استمر بها الدم حتى زاد على الأربعين، فإنه يعتبر دم نفاس، ويرى بعض أهل العلم أن ما زاد على الأربعين ليس دم نفاس، ولكنه إن وافق عادة فهو حيض، وإن لم يوافقها فليس بحيض حتى يتكرر ثلاث مرات، ثم بعد ذلك يحكم بكونه حيضاً، ولكن هذا التفصيل لا أعلم له دليلاً، فما دام الدم لم يتغير وهو دم النفاس، فإنها تبقى ولو زادت على الأربعين حتى تطهر، نعم لو استمر بها دم مدة كبيرة، فإنها حينئذٍ تغتسل وتصلي، وإذا جاءتها أيام عادة حيضها فإنها تجلس مدة أيام الحيض.
مداخلة: لكن تستمر بدون صلاة حتى ينقطع الدم؟
الشيخ: حتى ينقطع الدم، ما لم يطبق عليها إطباقاً عاماً، تعرف أنه لن ينقطع إما باطلاع الطبيب على ذلك، أو بممارسات وتجربات.
الجواب: إنك تصلي معهم صلاة الجنازة، ثم تقبل على فريضتك، لأنك إذا صليت الفريضة فاتتك الجنازة، وإذا صليت على الجنازة لم تفوت الفريضة، فالأولى في مثل هذه الحال أن تدخل معهم في صلاة الجنازة، ثم إذا أنهيتها تصلي صلاة الفريضة، لأن تشاغلك بالفريضة يستلزم فوات صلاة الجنازة، وتشاغلك بصلاة الجنازة لا يستلزم فوات صلاة الفريضة.
الجواب: اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال ثلاثة: منهم من يقول: إن مس المرأة لا ينقض مطلقاً، ومنهم من يقول: إن مسها ينقض مطلقاً، ومنهم من توسط وقال: إن مسها لشهوة ينقض الوضوء، ومسها لغير شهوة لا ينقض الوضوء.
والصواب من هذه الأقوال أن مس المرأة لا ينقض الوضوء مطلقاً ولو بشهوة، لكنه مع الشهوة يستحب الوضوء من أجل تحرك الشهوة، إلا إذا خرج منه شيء مذي، فإنه يجب عليه أن يغسل ذكره وأنثييه ويتوضأ وضوءه للصلاة، يعني: أنه ينتقض وضوءه، وأما بدون خارج فإنه لا ينتقض، لأن الأصل براءة الذمة، ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث يدل على نقض الوضوء بمس المرأة، بل إنه روي عنه صلى الله عليه وسلم ( أنه قبل بعض نسائه وخرج إلى الصلاة ولم يتوضأ)، وهذا الحديث وإن كان بعضهم يضعفه، لكن الأصل هو عدم النقض.
وأما قوله تعالى: أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً [النساء:43] ، إلى آخره، فإن المراد بالملامسة هنا الجماع كما فسرها بذلك ابن عباس رضي الله عنهما، وهو أيضاً مقتضى سياق القرآن الكريم، لأن قوله: أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ [النساء:43] ، إشارة إلى أحد أسباب الوضوء، أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ [النساء:43] ، إشارة إلى أحد أسباب الغسل، فتكون الآية دالة على الموجبين: موجب الوضوء، وموجب الغسل.
ولو قلنا: إن المراد بالملامسة اللمس، لكانت الآية دالة على سببين أو موجبين من موجبات الوضوء، ساكتة عن موجبات الغسل، وهذا نقص في دلالة القرآن، فعليه نقول: إن حملها على الجماع كما فسرها به ابن عباس هو مقتضى بلاغة القرآن، وإيجازه ودلالته، فعليه يكون في الآية ذكر الموجبين للطهارة: الطهارة الصغرى والطهارة الكبرى، كما أنه ذكر سبحانه وتعالى الطهارتين الصغرى والكبرى، والطهارتين الأصلية والبدلية، فذكر الوضوء وذكر الغسل، وذكر الطهارة الأصلية بالماء، وذكر الطهارة الفرعية بالتيمم، وذكر أيضاً الموجبين للطهارتين: الطهارة الصغرى والطهارة الكبرى، وهذا هو مقتضى البلاغة والتفصيل في القرآن.
وعليه فنقول: إذا قبل رجل زوجته ولو لشهوة، أو ضمها إليه ولو بشهوة، أو باشرها ولو بشهوة بدون جماع فإنه لا ينتقض وضوءه إلا إن خرج شيء، وكذلك بالنسبة إليها لا ينتقض وضوءها، وأما إذا حصل الجماع ولو بدون إنزال، فإنه يجب عليهما جميعاً الغسل؛ لحديث أبي هريرة : ( إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل وإن لم ينزل).
الجواب: أنت مسئول عن زوجتك، فعليك أن تؤدبها على ترك الصلاة بما تستطيع من أدب، بالترغيب وبالترهيب وبالضرب غير المبرح، لأنك مسئول عنها؛ لقوله تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6] فإن أبت أن تصلي، ولم تستفد من ذلك، فإنه يجب عليك مفارقتها، لأنه لا يحل لك أن تبقيها معك وهي لا تصلي، إذ أن من ترك الصلاة فهو كافر خارج عن ملة الإسلام، وقد قال الله تبارك وتعالى: فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ [الممتحنة:10] .
الجواب: نعم يجوز للإنسان أن يصلي في المكان الذي ينام فيه، بل له أن يصلي على فراشه إذا كان طاهراً، أو فَرَش عليه شيئاً طاهراً؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)، فالأرض كلها مسجد إلا ما استثني، وهذا الغرفة التي ينام فيها ليست مما استثني من جواز الصلاة فيها.
الجواب: سورة الجمعة ليس فيها سجدة، بمعنى أنه ليس المشروع أن يقرأ الإنسان سورة فيها سجدة، والمراد صلاة الفجر يوم الجمعة، وإنما المشروع أن يقرأ الإنسان في صلاة فجر يوم الجمعة سورة: (الم تنزيل) السجدة، وهي التي بين سورة لقمان وسورة الأحزاب، يقرأها كلها في الركعة الأولى، وإذا وصل إلى موضع السجدة كبر وسجد وقال: سبحان ربي الأعلى، وما ورد فيها من ذكر ثم قام مكبراً ليكمل بقية الركعة، ويقرأ في الركعة الثانية: هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا [الإنسان:1] ، وهي السورة التي بين سورة القيامة وسورة المرسلات، يقرأ هاتين السورتين كاملتين، كل سورة في ركعة، هذا هو المشروع، وليس من أجل السجدة التي في سورة السجدة، ولكن من أجل أن هاتين السورتين تضمنتا المبدأ والمعاد، مبدأ الخلق ومعاد الناس وجزائهم وثوابهم، ويوم الجمعة هو المبدأ والمنتهى، إذ فيه خُلق آدم، وفيه أخُرج من الجنة، وفيه تقوم الساعة، لهذا كان من المناسب جداً أن يقرأ في فجره هاتان السورتان.
وليُعلم أن بعض الأئمة يُفرطون في هذا، فتجد بعضهم يقرأ: (الم تنزيل السجدة) في الركعتين جميعاً، وبعضهم ربما يقرأ: هل أتاك في الركعتين جميعاً، وهذا خلاف السنة، فنقول: إما أن تقرأ كل سورة في ركعة، أو تقرأ من غيرهما، كما أن بعض الأئمة يقرأ في فجر يوم الجمعة أول سورة الكهف، فيظن أنها مشروعة، وبعضهم يقرأ في فجر الجمعة سورة الجمعة والمنافقين، وكل هذا من الجهل، لأن سورة الجمعة والمنافقين إنما تقرآن في يوم الجمعة في صلاة الجمعة، لا في صلاة فجر الجمعة، ولهذا ينبغي للأئمة أن يتعلموا صفة الصلاة، وأحكام الصلاة حتى يكونوا مصلين بالمسلمين عن بصيرة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر