الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
وبعد: فقبل أن أجيب على هذا السؤال أقول: إن هذه الشريعة ولله الحمد كاملةً من جميع الوجوه، وملائمةٌ لفطرة الإنسان التي فطر الله الخلق عليها، حيث إنها جاءت باليسر والسهولة, بل جاءت لإبعاد الإنسان عن المتاهات في الوساوس والتخيلات التي لا أصل لها، وبناءً على هذا فإن الإنسان بملابسه الأصل أن يكون طاهراً ما لم يتيقن ورود النجاسة على بدنه أو ثيابه، وهذا الأصل يشهد له قول النبي صلى الله عليه وسلم حين شكي إليه الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في صلاته، يعني: الحدث، فقال صلى الله عليه وسلم: ( لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً)، فالأصل بقاء ما كان على ما كان، فثيابهم التي دخلوا بها الحمامات التي يقضون بها الحاجة كما ذكره السائل، إذا تلوثت بماء، فمن الذي يقول: إن هذه الرطوبة هي رطوبة النجاسة من بولٍ أو ماءٍ متغير بغائط أو نحو ذلك؟ وإذا كنا لا نجزم بذلك فإن الأصل الطهارة، صحيحٌ أنه قد يغلب على الظن أنها تلوثت بشيءٍ نجس، ولكن ما دمنا لم نتيقن، فإن الأصل بقاء الطهارة، فنقول في الجواب على هذا السؤال: إنهم إذا لم يتيقنوا أن ثيابهم أصيبت بشيءٍ نجس فإن الأصل بقاء الطهارة، ولا يجب عليهم غسل ثيابهم، ولهم أن يصلوا بها ولا حرج.
الجواب: هذا لا يجوز له, لا يجوز لإنسان أن يكشف عورته بحيث يراها من لا يحل له النظر إليها, فإذا كشف الإنسان عورته في الحمامات المعدة للوضوء, والتي يشاهدها الناس, فإنه يكون بذلك آثماً وقد ذكر أهل الفقه رحمهم الله أنه في هذه الحال يجب على المرء أن يستجمر بدل الاستنجاء, بمعنى: أن يقضي حاجته بعيداً من الناس وأن يستجمر بالأحجار أو بالمناديل ونحوها مما يباح الاستنجاء به حتى ينقي محل الخارج بثلاث مسحاتٍ فأكثر, قالوا: إنما يجب ذلك لأنه لو كشف عورته للاستنجاء لظهرت للناس, وهذا أمرٌ محرم, وما لا يمكن تلافي المحرم إلا به فإنه يكون واجباً, وعلى هذا نقول في الجواب: إنه لا يجوز للمرء أن يتكشف أمام الناظرين لاستنجاءٍ، بل يحاول أن يكون في محلٍ لا يراه أحد.
الجواب: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لا تخصوا يوم الجمعة بصيام ولا ليلتها بقيام), والحكمة في النهي عن تخصيص يوم الجمعة بالصيام أن يوم الجمعة عيدٌ للأسبوع, فهو أحد الأعياد الشرعية الثلاثة؛ لأن الإسلام فيه أعيادٌ ثلاثة هي: عيد الفطر من رمضان, وعيد الأضحى, وعيد الأسبوع, وهو يوم الجمعة, فمن أجل هذا نهي عن إفراده بالصوم, ولأن يوم الجمعة يومٌ ينبغي فيه للرجال التقدم إلى صلاة الجمعة, والاشتغال بالدعاء والذكر, فهو شبيهٌ بيوم عرفة, الذي لا يشرع للحاج أن يصومه؛ لأنه مشتغلٌ بالدعاء والذكر, ومن المعلوم أنه عند تزاحم العبادات التي يمكن تأجيل بعضها, يقدم ما لا يمكن تأجيله على ما يمكن تأجيله, فإذا قال قائل: إن هذا التعليل بكونه عيداً للأسبوع يقتضي أن يكون صومه محرماً لا إفراده فقط, كيوم العيدين، قلنا: إنه يختلف عن يوم العيدين بأنه يتكرر في كل شهرٍ أربع مرات, فلهذا لم يكن النهي فيه على التحريم, ثم هناك معانٍ أخرى في العيدين لا توجد في يوم الجمعة, وأما إذا صام يوماً قبله, أو يوماً بعده, فإن الصيام حينئذٍ يعلم بأنه ليس الغرض منه تخصيص يوم الجمعة بالصوم؛ لأنه صام يوماً قبله وهو يوم الخميس, أو يوماً بعده وهو يوم السبت.
وأما سؤال السائل: هل هذا خاصٌ بالنفل أم يعم حتى القضاء؟ فإن ظاهر الأدلة العموم, وأنه يكره تخصيصه بالصوم، سواءٌ كان لفريضة أو نافلة, اللهم إلا أن يكون الإنسان صاحب عمل لا يفرغ من العمل، ولا يتسنى له أن يقضي صومه إلا في يوم الجمعة, فحينئذٍ لا يكره له أن يفرده بالصوم؛ لأنه محتاجٌ إلى ذلك.
الجواب: ما دمت قد طلقت زوجتك فإنه لا يملك أحدٌ إرجاعها إليك إلا أنت فقط, فالطلاق إليك, والإرجاع إليك, وقول أخيك: إنها مرجوعة, لا تثبت به الرجعة, بل لو قاله من هو أقرب إليك من أخيك كأبيك وابنك مثلاً فإن ذلك لا يعتبر رجعةً, الرجعة إليك وحدك, وعلى هذا فإنك لما قلت لزوجتك: إنها مطلقة تكون طالقاً, فالآن إن كانت في العدة والطلاق رجعياً فإنه يمكنك أن تراجعها, فتقول: راجعت زوجتي, أو تخاطبها فتقول: قد ارتجعتك أو رددتك أو ما أشبه ذلك مما يفهم منه الرجوع, وإذا لم تكن بحضرتك فإنه ينبغي أن تشهد على ذلك رجلين من المسلمين، بل حتى لو كانت بحضرتك وحولها أحدٌ يمكن أن تشهده فهو أولى لأجل أن يكون الأمر بيناً واضحاً, لقوله تعالى: فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَي عَدْلٍ مِنْكُمْ [الطلاق:2] ، أما إذا كانت قد انقضت عدتها قبل أن تراجعها أنت فإنها لا تحل لك إلا بعقدٍ جديد, كأنك خطبتها الآن, فلا بد من أن يعقد النكاح لك وليها, وتتم بقية الشروط المعتبرة في النكاح, أما إذا كنت قد طلقتها قبل هذه المرة مرتين فإنها لا تحل لك إلا بعد زوج, لقوله تعالى: الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة:229] ، ثم قال: فَإِنْ طَلَّقَهَا [البقرة:230] ، يعني: المرة الثالثة, فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا [البقرة:230] ، أي: الزوج الثاني، فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا [البقرة:229] ، أي: على الزوج الأول والمرأة أن يتراجعا.
الجواب: لا يكون إخوتها إخوة لك من الرضاع؛ لأنك لم ترضعي من أمهم, وعلى هذا فهذه البنت التي رضعت من أمك تكون أختاً لك, وأختاً لجميع أولاد أمك الذين ولدوا قبلها والذين ولدوا بعدها, سواءٌ كان أولاد أمك من هذا الزوج الذي رضعت من أمك وهي في حباله, أو من زوجٍ سابق أو من زوجٍ لاحق.
الجواب: هذه الأعمال غير صحيحة، والواجب على المرء إذا أصيب بمصيبة أن يتلقاها بالصبر والاحتساب؛ لأن الحزن لا يرد شيئاً من المقدور، وقد قال الله تعالى في القرآن: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة:155-157] ، والنبي صلى الله عليه وسلم لما مات طفل لإحدى بناته قال للرسول الذي أرسلته للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( مرها فلتصبر ولتحتسب؛ فإن لله ما أخذ، وله ما أبقى، وكل شيءٍ عنده بأجلٍ مسمى)، فالواجب عليكم أيها المصابون بفقد حبيبكم الصبر والاحتساب والدعاء له بالمغفرة والرحمة، حيث إنه مسلم، وعلى هذا فإن زيارتكم لقبره أو تقرير هذه الزيارة لقبره كل خميس وجمعة ليس بمشروع ولا ينبغي.
وكذلك لبسكم السواد فإنه من البدع، وإظهار الحزن، وهو شبيهٌ بشق الجيوب ولطم الخدود الذي تبرأ النبي صلى الله عليه وسلم من فاعله، حيث قال: ( ليس منا من شق الجيوب، ولطم الخدود، ودعا بدعوى الجاهلية).
وأما رفع القبر فإنه أيضاً خلاف السنة، ويجب أن يسوى بالقبور التي حوله إن كان حوله قبور، أو ينزل حتى يكون كالقبور المعتادة؛ لأن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال لـ أبي هياج الأسدي : ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أن لا تدع صورةٌ إلا طمستها، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته.
الجواب: هذه العملية التي ذكرها السائل وهو أنه يكون له حاجة في إحدى الدوائر الحكومية, ولا يمكنه أن يصل إليها إلا بدفع شيء للموظف, هذه العملية لها جانبان: الجانب الأول: جانب الدافع, والجانب الثاني: جانب المدفوع إليه.
أما المدفوع إليه المال فيكون آثماً, والمال حرامٌ عليه لا يحل له أكله؛ لأنه أخذه بالباطل, فإن الواجب على كل موظف أن يقوم بوظيفته التي وكلت إليه بدون أن يستجدي الناس أو يضطرهم إلى أن يبذلوا له مالاً لقضاء حاجته المنوطة به, وعليه أن يتوب إلى الله من هذا العمل, وأن يؤدي الأموال التي أخذها إلى أصحابها إن كان يمكنه العلم بهم, فإن لم يمكنه العلم بهم فالواجب عليه أن يتخلص منها إما بالصدقة على الفقراء, وإما ببذلها في مشاريع نافعة, وينوي بذلك التخلص منها لا التقرب بها إلى الله؛ لأنه لو نوى التقرب بهذه الأموال المحرمة إلى الله لم يقبلها الله منه, فإن الله تعالى طيبٌ لا يقبل إلا طيباً, ولم تبرأ ذمته منها؛ لأنه تصرف بها على أنها لنفسه, فيكون قد أتلفها على غيره, ولم تنفعه في الآخرة, ولكن يتصدق بها تخلصاً منها, أو يصرفها في مشاريع أخرى نافعة, وحينئذٍ لا يكون له أجرها كصدقة, ولكن يكون له أجر التوبة منها, والله تعالى يقول في سورة الفرقان لما ذكر شيئاً من المحرمات الكبيرة والصغيرة، قال سبحانه وتعالى: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الفرقان:70] .
أما الجانب الثاني: جانب الدافع, فإن الدافع ليس عليه شيء إذا كان دفعه هذا من أجل تخليص حقه, ولم يتضمن ضرراً على غيره, فإن تضمن ضرراً على غيره حرم عليه ذلك، وعليه أن يصبر ويحتسب حتى يأتيه الدور.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر