الجواب: قبل الإجابة على هذا السؤال أحب أن أبين قاعدة نافعة في باب الحدث وغيره وهي: أن الأصل بقاء ما كان على ما كان، وهذا الأصل مبني على ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل يخيل إليه أنه أحدث فقال: ( لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً )، ومن أمثلة هذا الأصل إذا كان الإنسان قد توضأ فشك هل أحدث أم لا فإنه يبقى على وضوئه وطهارته؛ لأن الأصل بقاء الطهارة وعدم الحدث، ومن هذا الأصل إذا أحدث الإنسان ثم شك هل رفع حدثه أم لم يرفعه، فإن الأصل بقاء الحدث وعدم رفعه، فعليه أن يتوضأ إن كان الحدث أصغر وأن يغتسل إن كان الحدث أكبر؛ وبناءً على ذلك فإنما نقول في مثل هذه الحال التي ذكرها السائل: لو شك الإمام في أثناء الصلاة في التشهد الأخير أو فيما قبله هل تطهر من حدثه أم لا، فإن الأصل عدم الطهارة وحينئذٍ يجب عليه أن ينصرف من صلاته وأن يعهد إلى أحد المأمومين بإتمام الصلاة بهم إماماً، فيقول مثلاً: تقدم يا فلان أكمل الصلاة بهم ويبنون على ما مضى من صلاتهم وهذا هو القول الراجح في هذه المسألة، وبه يتبين أن صلاة المأمومين ليس فيها خلل، سواء ذكر الإمام في أثناء الصلاة أو بعد تمام صلاته أنه ليس على طهارة، فإن ذكرها بعد تمام صلاته فقد انتهت صلاة المأمومين على أنها صحيحة ولا فيها إشكال، وإن ذكر في أثناء صلاته فإن المأمومين لم يفعلوا شيئاً يوجب بطلان صلاتهم؛ لأنهم فعلوا ما أمروا به من متابعة هذا الإمام، والأمر الخفي الذي لا يعلمون به ليسوا مؤاخذين به؛ لقوله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286] وكوننا نلزمهم بأمر خفي يتعلق بالإمام هذا من الأمور التي لا تدخل تحت الوسع؛ وعلى هذا فنقول: إذا تبين للإمام في أثناء صلاته أنه ليس على وضوء أو أحدث في أثناء الصلاة فإنه يعهد إلى واحد من المأمومين أن يتقدم ويكمل بهم الصلاة، ولا حرج في ذلك؛ وعلى هذا فنقول للأخ السائل: إذا حدث منك مثل هذا في صلاة الجمعة فإن عليك أن تعهد إلى أحد المأمومين أن يتقدم فيكمل بهم صلاة الجمعة، وأما أنت فعليك أن تذهب وتتطهر ثم ترجع فإن أدركت ركعة من الصلاة مع الجماعة في الجمعة فأتِ بعدها بركعة واحدة لتكون جمعة، وإن أدركت أقل من ركعة بأن جئت بعد أن رفع الإمام رأسه من الركوع في الركعة الثانية فقد فاتتك الجمعة فتصليها ظهراً.
الجواب: رأينا في هذا أنه يجب أن تهدم هذه القبة أو هذه الحجرة، وأن تزال معالمها؛ لأنها معالم شرك والعياذ بالله، ثم نقول لهؤلاء الذين يذهبون إلى هذه الحجرة فيذبحون عندها القربان ويسألونها دفع الضرر وجلب النفع نقول: هؤلاء مشركون في الربوبية والألوهية؛ لأنهم تعبدوا لهذا القبر بالذبح له؛ ولأنهم اعتقدوا أن صاحبه ينفع أو يضر وليس الأمر كذلك؛ ولأنهم دعوا صاحب هذا القبر والدعاء من العبادة، فقد أشركوا بالربوبية والألوهية شركاً أكبر، وعلى علماء المسلمين أن يبينوا لهؤلاء العوام بأن هذا من الشرك وأن يحذروهم وأن السكوت على مثل هذا في بلاد تكثر فيه القباب على القبور والذبح لها والسفر إليها، السكوت على هذا لاشك أنه مسؤولية كبيرة على أولئك العلماء، ومن المعلوم أن العامة يثقون بأقوال علمائهم أكثر مما يثقون بأقوال علماء بلاد أخرى كما هو ظاهر، فالواجب على علماء المسلمين في جميع أقطار المسلمين أن يتقوا الله عز وجل، وأن يبينوا لعوامهم خطر هذه الأمور وأنها من الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله عز وجل، والذي أوجب الله لصاحبه الخلود في النار: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ [المائدة:72] وهؤلاء العامة الذين يحذرون من هذا الولي تحذيرهم ليس بصحيح وليس بواقع، وليجرب الناس هذا الأمر ويحذِّروا من هذا العمل المحرم الشركي وينظروا هل يصيبهم شيء أم لا، فكل هذا تحذير باطل وإنما هو من الشيطان ولا يجوز التصديق به؛ لأنه كذب وزور ثم إن المصدق به يصدق بما ليس له حقيقة أصلاً.
الجواب: لا يجوز للإنسان أن يجمع بين امرأتين إحداهما خالة للأخرى أو عمة لها أو أخت لها، أما الأختان فقد قال الله تعالى في جملة المحرمات: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ [النساء:23] ، وأما المرأة وعمتها والمرأة وخالتها فقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها )، والقاعدة في ذلك على ما ذكره أهل العلم: أن كل امرأتين يحرم التناكح بينهما فإنه يحرم الجمع بينهما، يعني: لو قدر أن هذه ذكر لم يحل له أن يتزوج بهذه فإنه يحرم الجمع بينهما، فالمرأة وعمتها لا يمكن أن يقع التناكح بينهما لو كان أحدهما ذكراً، وكذلك المرأة وخالتها، وكذلك الأختان، وأما الجمع بين المرأة وبنت خالتها والمرأة وبنت عمتها فإن هذا لا بأس؛ لأن الإنسان يجوز أن يتزوج بنت خالته ويجوز أن يتزوج بنت عمته، فهاتان المرأتان لو قدر أنَّ إحداهما ذكر جاز أن يتزوج بالأخرى؛ وعليه فيجوز الجمع بين المرأة وبنت عمتها أو بين المرأة وبنت عمها، وبين المرأة وبنت خالتها وبين المرأة وبنت خالها.
مداخلة: على هذا تكون هذه الصورة التي ذكرتها السائلة غير جائز الجمع فيها؟
الشيخ: نعم وكذلك أيضاً بنت بنت الأخت، لا يجوز أن يجمع بينها وبين خالتها، وذلك أن خالة المرأة خالة لكل من تفرع منها، وعمة المرأة عمة لكل من تفرع منها، أي: من هذه المرأة.
الجواب: اعلم أيها السائل وكل من يستمع هذا البرنامج أن العلة في الأحكام الشرعية لكل مؤمن هي قول الله ورسوله؛ لقوله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ [الأحزاب:36]، فأي واحد يسألنا عن إيجاب شيء أو تحريم شيء دل على حكمه الكتاب والسنة فإننا نقول: العلة في ذلك قول الله تعالى أو قول رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذه العلة كافية لكل مؤمن، ولهذا ( لما سئلت
الجواب: لا يحل للمرء أن يطلق زوجته في أثناء الحيض؛ لقوله تعالى: يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [الطلاق:1] إلى آخر الآية، والطلاق للعدة أن يطلقها طاهراً من غير جماع أو حاملاً قد استبان حملها، فهاتان الحالان هما اللتان يحل فيهما الطلاق إذا تبين حملها، وإذا كانت طاهرة من غير جماع، أما الحائض فطلاقها حرام؛ لأنه معصية لله عز وجل؛ لقوله: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [الطلاق:1] ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر له أن ابن عمر طلق زوجته وهي حائض تغيظ في ذلك، وإذا حصل الطلاق على المرأة وهي حائض فإن جمهور أهل العلم يرون أن الطلاق يقع ويحسب من الطلاق، ولكنهم يندبونه أو يأمرونه بمراجعتها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يراجع عبد الله بن عمر امرأته حين طلقها وهي حائض، ويرى بعض أهل العلم: أن الطلاق في حال الحيض محرم لا يقع؛ لأن القاعدة الشرعية: أنَّ ما نهي عنه لا يمكن أن ينفذ ويصحح إذ في تنفيذه وتصحيحه مخالفة للنهي عنه؛ لأن النهي عنه يقتضي ألا يعتبر وألا يكون شيئاً يعتد به شرعاً، إذ لا يجتمع النهي مع الاعتداد بالشيء فكيف ينهي الشارع عنه ثم يعتد به! هذا خلاف الحكمة وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وقال: إن طلاق الحائض لا يقع ولا يحسب عليه من الطلاق، وإذا تأمل الإنسان ما ورد في ذلك من النصوص، وتأمل العلل والحكم الشرعية تبين له أن هذا القول أرجح، والله أعلم.
الجواب: إذا شك المصلي كم صلى من الركعات فلا يخلو من حالين:
الحال الأولى: أن يغلب على ظنه عدد معين سواء كان الأقل أو الأكثر، فإذا غلب على ظنه عدد معين أخذ بهذا الظن وبنى عليه، فإذا أتم صلاته وسلم سجد سجدتين للسهو ثم سلم، فحينئذٍ يكون محل سجود السهو في هذه الحال بعد السلام كما يدل على ذلك حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
الحال الثانية: أن يشك في عدد الركعات ولا يغلب على ظنه رجحان عدد معين، ففي هذه الحال يبني على اليقين وهو الأقل، فإذا شك هل صلى ثلاثاً أو أربعاً ولم يترجح عنده أنها أربع ولا أنها ثلاث جعلها ثلاثاً وأتى بالرابعة، ثم سجد للسهو قبل أن يسلم، وحينئذٍ يفرّق في الشك بينما إذا كان يغلب على ظنه أحد الطرفين وما إذا لم يكن يغلب على ظنه، ففي ما إذا كان يغلب على ظنه أحد الطرفين يعمل بهذا الظن الغالب، ويسجد للسهو بعد السلام، وفيما إذا كان لا يغلب على ظنه بل هو متردد بدون ترجيح يبني على الأقل ويسجد للسهو قبل السلام.
وأرجو من إخوتي الأئمة أن يعتنوا بهذا الباب -أعني: باب سجود السهو- لأنه يشكل على كثير من الناس، والإمام يُقتدى به، فإذا أتقنوا أحكام سجود السهو حصل في ذلك خير كثير.
وهاهنا مسألة أحب أن أنبه لها، وهي: أن بعض الأئمة يعلمون أن محل سجود السهو بعد السلام حين وقع منهم السهو، لكنهم لا يسجدون بعد السلام يقولون: إننا نخاف من التشويش على الناس، وهذا حق إنه يشوش على الناس لكنهم -أعني: الناس- إذا أخبروا بالحكم الشرعي وبين لهم الفرق بين ما قبل السلام وما بعده زال عنهم هذا اللبس وألفوا ذلك، ونحن قد جربنا هذا بأنفسنا، فإنا وجدنا أننا إذا سجدنا بعد السلام في سهو يكون محل السجود فيه بعده لم يحصل إشكال على المأمومين؛ لأنهم علموا أن ذلك هو الحكم الشرعي، وكوننا ندع السنة خوفاً من التشويش معناه أن كل سنة تشوش على الناس وهم يجهلونها ندعها، وهذا لا ينبغي، بل الذي ينبغي إحياء الأمر المشروع بين الناس، وإذا كان ميتاً لا يعلم عنه كان الحرص عليه وعلى إحيائه أولى وأوجب حتى لا تموت هذه الشريعة بين المسلمين، وفي هذه الحال إذا سجد الإمام بعد السلام حين كان مقتضاه السجود بعد السلام فإنه إذا سلم ينبه الجماعة ويقول: إنما سجدت بعد السلام؛ لأن هذا السهو محل سجوده بعد السلام، ويبين لهم ما يعرفه من هذه الأحكام حتى يكونوا على بصيرة من الأمر.
الجواب: هذه فيها خلاف بين أهل العلم فالمشهور في مذهب الحنابلة أنهم يتابعون الإمام في السجود بعد السلام لكن لا يسلمون، أعني: أن من فاته شيء من الصلاة وكان سجود الإمام بعد السلام، فالمشهور في مذهب الحنابلة أنهم يسجدون مع الإمام بدون أن يسلموا معه.
مداخلة: السلام الأول؟
الشيخ: لا يسلمون معه لا الأول ولا الثاني؛ لأن صلاتهم لم تتم لكن يتابعونه في السجود، ثم إذا انتهى وسلم من سجود السهو قاموا لقضاء ما فاتهم، ومن أهل العلم من يقول: إنهم لا يتابعون الإمام في السجود بعد السلام؛ لأن المتابعة متعذرة، إذ إن متابعة الإمام لا بد أن تكون بالسلام معه التسليم الأول الذي قبل السجود وهذا متعذر بالنسبة لمن فاته شيء من الصلاة؛ وعلى هذا فيقومون بدون أن يتابعوه، ثم إذا قاموا وأكملوا صلاتهم فإن كان سهو الإمام في الجزء الذي أدركوه معه سجدوا للسهو بعد السلام، وإن كان في الجزء السابق فإنهم لم يدركوا الإمام فيه فلا يلزمهم السجود حينئذٍ، وهذا القول هو الراجح عندي؛ لأن متابعة الإمام والسجود بعد السلام أمر متعذر في الواقع.
الجواب: هذه البنت التي من زوجته من زوج سابق، إذا كان قد دخل بالأم أي قد جامعها فإنها لا تحل له سواء كانت في حجره أم لم تكن، هذا هو قول جمهور أهل العلم: أن بنت الزوجة إذا كان قد دخل بأمها فإنها حرام عليه تحريماً مؤبداً، سواء كانت في حجره أم لم تكن، وعلى هذا فهذه البنت التي ذكرها السائل لا يحل له أن يتزوجها بعد أمها، وهذا القول أعني: قول الجمهور هو القول الصحيح؛ لأن الله تعالى يقول: وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ [النساء:23] فذكر الله تعالى وصفين: وصفاً للربيبة ووصفاً للأم، أما الربيبة قال: رَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ [النساء:23] وأما الأم فقال: مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ [النساء:23] ثم ذكر الله تعالى حكم ما اختل فيه الشرط الثاني وسكت عما اختل فيه الشرط الأول فقال: فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ [النساء:23]، فدل ذلك على أن القيد الأول في الربائب ليس بمعتبر إذ لو كان معتبراً لذكر الله تعالى حكم ما تخلف فيه هذا القيد كما ذكر حكم ما تخلف فيه القيد الثاني؛ وعليه فيكون قوله: اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ قيداً أغلبياً، والقيد الأغلبي ليس لمفهومه حكم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر