الجواب: تفسير هذه الآية الكريمة: أن الله أمر نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم أن يتلو على الناس قصة هذا الرجل، الذي آتاه الله آياته، أي: علمه أحكام شريعته وبينها له، ولكنه والعياذ بالله انسلخ منها وتركها، فتبعه الشيطان فأغواه، قال الله عز وجل: وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا [الأعراف:176] ، أي: ولو شئنا لرفعناه بآياتنا فجعلناه يعمل بها ويقوم بواجبها، فإذا فعل ذلك رفعه الله تعالى بها، (ولكنه) أي: هذا الذي آتاه الله الآيات ليس أهلاً لأن يرفعه الله بها؛ لأنه أخلد إلى الأرض ومال إليها، وصار أكبر همه أن ينال حظوظه من الدنيا، سواء كان يريد الجاه أو المال أو المرتبة أو غير ذلك، واتبع هواه فيما أخلد إليه، فمثله كمثل الكلب يلهث دائماً، سواء حملت عليه أم لم تحمل.
فمن هذا الرجل الذي له هذا المثل؟ قال الله تعالى: ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [الأعراف:176] ، فهذا هو الكافر الذي آتاه الله تعالى العلم وبين له الشرع على أيدي رسله الكرام عليهم الصلاة والسلام، ولكنه أبى إلا أن يتبع هواه ويخلد إلى الأرض، فصار هذا مآله نسأل الله العافية.
الجواب: بل يجب عليك أن تخرج زكاتها كلما تم الحول، فتوكل من يخرجها هناك في مصر، والتوكيل في إخراج الزكاة جائز، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث السعاة والعمال على الزكاة، فيأخذونها من أهلها ويأتون بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه وكل علي بن أبي طالب في ذبح ما بقي من هديه في حجة الوداع.
فوكل أحداً ممن تثق به في بلدك في مصر على أن يخرج زكاة هذه المواشي، ولا يحل لك أن تؤخرها حتى ترجع؛ لأن في ذلك تأخيراً للزكاة، متضمناً لحرمان أهلها منها في وقتها، ولا تدري فلعلك لا تصل إلى مصر بعد.. لعلك تموت قبل أن تذهب إلى مصر، وحينئذٍ تتعلق الزكاة بذمتك، ولا تدري فلعل الورثة بعدك لا يؤدون ما أوجب الله عليك من هذه الزكاة فبادر يا أخي.. بادر بارك الله فيك بإخراج الزكاة ولا تتأخر.
الشيخ: لا يتحتم إخراج الزكاة في رمضان، بل يخرج الإنسان زكاته إذا تم حوله -أي: حول ماله- أخرج الزكاة، ولا يجوز أن يؤخرها، اللهم إلا شيئاً يسيراً يؤخرها لينظر من هو أحوج، أو لزمان فاضلٍ غير بعيد، وأما أن يؤخرها إلى زمانٍ بعيد فإن ذلك لا يجوز، لأن الزكاة يجب إخراجها على الفور لأنها من الواجبات، والأصل في كل الواجبات أن يقوم الإنسان بها فوراً، إلا ما قام الدليل على جواز التراخي فيه.
الجواب: لا إثم عليك في هذه الحال؛ لأن زوج ابنتك له مورد حلال ومورد حرام، وإذا كان للإنسان مورد حلال ومورد حرام فلا حرج على غيره أن يأكل من طعامه أو يشرب من شرابه، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أكل من الشاة التي أهدتها له اليهودية، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه مات ودرعه مرهونة عند يهودي في شعير اشتراه لأهله، وهذا يدل على أن من كان ماله فيه حلال وفيه حرام، فإنه لا يحرم على الإنسان أن يتناول شيئاً منه.
الجواب: لا شك أن للجار حقاً على جاره أوجبه الله عز وجل في قوله تعالى: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ [النساء:36] ، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ) ، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( والله لا يؤمن.. والله لا يؤمن.. والله لا يؤمن، قالوا: من يا رسول الله؟ قال: من لم يأمن جاره بوائقه ) ، أي: من لا يأمن جاره غشمه وظلمه.
فالجار له حق، فإن كان جاراً مسلماً قريباً فله ثلاثة حقوق: حق القرابة، وحق الإسلام، وحق الجوار، وإن كان جاراً مسلماً فقط فله حقان: حق الإسلام، وحق الجوار، وإن كان جارًا غير مسلم، فله حق واحد: وهو حق الجوار، وإذا كان جيرانك بهذه المثابة التي قلت، فلا حرج عليك أن تذهب إليهم، بل قد يكون من الأولى بك أن تذهب إليهم وأن تنصحهم، وأن تعينهم على ترك هذه الأمور والمشاكل حتى يستقيموا على ما ينبغي أن يكونوا عليه من الصفاء والمودة.
وكان لزاماً علي أن أترك هذه الشركة فوراً، لأن وجودي فيها فيه معصية لله سبحانه وتعالى، فقدمت استقالتي منها، ولكن المسئول في هذه الشركة رفض قبول الاستقالة، فحاولت أكثر من مرة دون جدوى، علماً بأني لا أستطيع العمل في مكان آخر إلا بعد موافقة الشركة على الاستقالة، ويعلم الله كم أنا أحاول بكل إخلاص أن أخرج من هذا المكان الذي يعصى الله، ولكنهم يرفضون، ويعلم الله كم أنا كاره لهذا العمل، ولذا أريد أن أعرف هل عملي فيها الآن يعتبر مضطراً، وهل أنا على وزرٍ، علماً بأنني أحاول الخروج منها بشتى الطرق، فأريد أن أعرف هل أنا في هذا ما زلت عاصياً، أم ينطبق علي: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ [البقرة:173]؟
الجواب: الذي أشير به عليك أن تبقى في هذه الشركة إذا كان في بقائك خير، بحيث تؤثر على من فيها فيقلعون عما هم عليه من بيع هذه الأمور المحرمة، فإن لم يمكن ذلك، فإن الواجب عليك تركهم والخروج منها، وذلك لأن بقاءك عندهم إقرار لما هم عليه من الباطل، وقد قال الله تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ [النساء:140] ، فلا يحل لك أن تبقى عند قوم يعصون الله عز وجل أمامك، لا تستطيع أن تعدلهم، ولا تستطيع أن تنصحهم، وإذا تركت هذا العمل لله فإن الله سبحانه وتعالى يقول: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3].
وأما قولك: إن هذا من باب الضرورة، وقد قال الله تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ [البقرة:173] ، فإن هذا ليس من الضرورة، لأن الضرورة معناها: أن الإنسان إذا لم يتناول المحرم هلك ومات، وما أنت عليه لا يقتضي ذلك، ولكن لا شك أنك محتاج إلى البقاء، والحاجة لا تبيح البقاء على المحرم.
الجواب: الذي نرى في هذه الطرق وغيرها من الطرق والنحل والمذاهب، أنه يجب أن تعرض على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما كان منها حقاً قبل، وما كان منها باطلاً وجب رده وطرحه وعدم الاعتماد عليه والتمسك به.
وهذه الطرق التي عددها السائل تنبني على ما أشرنا إليه من وجوب عرضها على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا اشتملت هذه الطرق على دعاء الأولياء وتقديم محبتهم على محبة الله ورسوله والتعلق بهم ودعائهم، كان ذلك داخلاً في الشرك، وقد يكون شركاً أكبر مخرجاً عن الملة فلا ينتفعون بهذه الطرق، وإن نصيحتي لهم ولغيرهم أن يرجعوا في أمرهم وشئون دينهم إلى ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فإن ذلك هو الخير وهو الذي ينفعهم عند الله، وأما هذه الأمور التي يتعلقون بها فإنه لا أصل لها.
الجواب: الراجح من أقوال أهل العلم: أن القراءة على القبر بعد دفنه بدعة، لأنها لم تكن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكن هو نفسه يفعلها، بل غاية ما ورد في ذلك أنه إذا دفن الميت وقف عليه، وقال: ( استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل ) ، ولو كانت القراءة عند القبر خيراً وشرعاً لأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم أو فعلها حتى تعلم الأمة ذلك.
وكذلك إذا اجتمع الناس في البيوت على القراءة على روح الميت فإن هذا أيضاً لا أصل له، وما كان السلف الصالح رضي الله عنهم يفعلون هذا، والواجب على الإنسان إذا أصيب بمصيبة أن يصبر ويحتسب الأجر عند الله ويقول ما قاله الصابرون: إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها، وأما الاجتماع عند أهل الميت وقراءة القرآن وصنع الطعام وما أشبه ذلك، فكله من البدع التي لا أصل لها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه، فالواجب الحذر منها والبعد عنها.
الجواب: لا يلزمك دفع كفارة لهذه الغنيمات التي ماتت، وليس عليك إثم أيضاً في فعلك هذا، لأنك إنما فعلتيه تريدين الإحسان، وقد قال الله تعالى: مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ [التوبة:91] ، ولو علمت أن ذلك يخنقهن حتى يمتن لعملت سبباً آخر، ولكن هذا هو أعلى ما تقدرينه في ذلك الوقت، فلا إثم عليك وأنتِ محسنة، والله سبحانه وتعالى يحب المحسنين.
علماً أني كتبت طلقة واحدة فقط، وهو طلاق الغير مدخول بها، وإذا كان الطلاق يقع هل يشترط لإعادة الاقتران: أنها تتزوج بآخر ثم تتطلق، أم أن حكمها يختلف عن حكم المدخول بها؟
الجواب: هذا الطلاق الذي وقع منك وكتبته بيدك في ورقة على وجهٍ يقرأ يكون طلاقاً شرعياً، وحيث إنه قد وقع قبل الدخول فإن المرأة تبين به، بمعنى: أنها لا تحتاج إلى عدة، لقول الله تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا [الأحزاب:49] ولكنه يعتبر طلقة واحدة، فلك الآن أن تراجعها وإن لم تتزوج بغيرك، ولكنك لا تراجعها إلا بعقد جديد بشروط تامة، وفي هذه الحال لابد أن تبذل المهر، وأي مهر اتفقتم عليه كان جائزاً.
الجواب: نظري في نكاح الشغار أنه حرام، لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عنه، كما في حديث ابن عمر ، وكما في الحديث الذي أشار إليه السائل، حيث قال: ( لا شغار في الإسلام ) ، والشغار: أن يزوج الرجل موليته على أن يزوجه الآخر موليته بدون مهر، أو يسمى لهما مهر قليل على سبيل الحيلة، وإنما كان الشغار محرماً باطلاً لأن الله تعالى قال: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ [النساء:24] ، فجعل الله تعالى حل المرأة مشروطاً بدفع المال، وهكذا جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ( نهى عن نكاح الشغار ) .
الجواب: إذا غاب الزوج عن زوجته مدةً طويلة ولم تسمح له بذلك، فإن عليه أن يرجع إليها كلما مضى نصف سنة، إلا أن يكون معذوراً بمرضٍ ونحوه، فأما إن أذنت له بطول المدة فلا حرج عليه أن يبقى المدة التي أذنت فيها ولو طالت، لكنه يجب عليه في هذه الحال أن يقوم بواجب النفقة، وأن يكون آمناً أن ينالها أحد بسوء.
الجواب: خروج المرأة إلى السوق متطيبة أو متبرجة بالثياب الجميلة الفاتنة خروج محرم لا يحل؛ لما في ذلك من الفتنة بها ومنها، وعلى وليها أن يمنعها من الخروج على هذا الوصف، سواء كان زوجها أم أباها أم أخاها، لأن هذا تبرج وقد قال الله تعالى: وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى [الأحزاب:33] ، ونصيحتي لهن -أي: لهؤلاء النساء اللاتي يخرجن إلى السوق بهذه الملابس وهذه الأطياب- أن يتقين الله في أنفسهن وفي أمتهن، فإنهن إذا خرجن إلى السوق بهذه الملابس افتتن الناس بهن وصرن كلام الناس، فالواجب عليهن أن يتقين الله سبحانه وتعالى وألا يخرجن متطيبات ولا متجملات.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر