الجواب: أما الحديث الثاني فلا أعلم له أصلاً، وإذا كان الإنسان لا يعلم للحديث أصلاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لا يجوز أن ينسبه إليه حتى يتيقن.
وأما الحديث الأول: (النظافة من الإيمان) فإن هذا الحديث ضعيف، لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان مشهوراً عند الناس، ولكن لا شك أن الدين الإسلامي يأمر في كل ما فيه الخير والمصلحة للإنسان ومن ذلك النظافة، فإن النظافة في البدن والملبس والمسكن من الأمور المحمودة عرفاً والتي لا تنافي الشرع، وما كان محموداً عرفاً ولا ينافي الشرع فإنه من الأمور المطلوبة التي ينبغي للإنسان أن يتصف بها، بل إن النبي عليه الصلاة والسلام قال في يوم الجمعة: (لو تطهرتم ليومكم هذا ) والاغتسال للجمعة لا شك أنه نوع من النظافة؛ لأن الجمعة يحصل بها اجتماع الناس كثيراً في مكان واحد، ويحصل لهم من العرق ما قد تكون فيه رائحة كريهة ولا سيما في أيام الصيف، وقبل أن توجد هذه المكيفات التي تمنع من شدة الحرارة.
على كل حال النظافة أمر محمود شرعاً وعرفاً، وأما إضافة هذا الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه حديث ضعيف، لا يضاف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الجواب: هذا الحديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان عليه الصلاة والسلام إذا آوى إلى فراشه فعل ما ذكره السائل، لكن السائل بدأ بـقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1] قبل قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق:1]، والترتيب الصحيح أن نقول: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق:1]، قبل: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1].
والنفث: نفخ معه ريق خفيف، والحكمة من ذلك أن هذا الريق تأثر بقراءة هذه السور الكريمة، فإذا كان متأثراً به ومسحه على وجهه ورأسه وبسط عن جسده كان في ذلك خير وبركة وحماية ووقاية للإنسان في منامه.
الجواب: الكتب التي يستفيد منها طالب العلم تختلف باختلاف حال الطالب، إذا كان طالب العلم يريد أن يتمكن من العلم ويكون ناهلاً للعلم فإنه ينصح له بقراءة كتب معينة، وإذا كان طالب علم للمراجعة والمطالعة والاستفادة فقط فإنه ينصح له بكتب معينة أخرى.
فطالب العلم الذي يريد أن يكون من أهل العلم ينبغي له أن يقرأ في فنون العلم ما يتمكن منه حتى يكون عنده إلمام عام في جميع العلوم، فيقرأ في النحو، ويقرأ في البلاغة، ويقرأ في الحديث؛ أعني: مصطلح الحديث، ويقرأ أصول الفقه، ويقرأ في الفقه، ويقرأ في متون الحديث، ويكون هذا بتوجيه من الشيخ الذي يقرأ عليه.
وأنا أنصح طالب العلم أن يكون طلبه للعلم على يد شيخ راسخ في العلم؛ لأن طلب العلم على الشيخ الراسخ يستفيد منه الطالب فوائد، منها: أنه أقصر له في الوصول إلى العلم؛ لأن شيخه يعطيه العلم ناضجاً ميسراً فيكون ذلك أسهل له في الوصول إلى العلم، لكن لو كان يقرأ من الكتب يتعب تعباً عظيماً في مراجعة الكتب وربما تشوش عليه هذه الكتب التي يقرأها حيث أن آراء العلماء ليست متفقة في كل شيء.
ومنها أنه إذا قرأ على شيخ فإن الشيخ يبين له كيف يرجح الأقوال بعضها على بعض، وكيف يستنبط الأحكام الشرعية من أدلتها فيسهل له الخوض في معارك العلم، ويستطيع الطالب بناء على هذا التوجيه من شيخه أن يناظر في مسائل العلم وأن يجادل بالحق للحق.
ثالثاً: أنه إذا طلب العلم على الشيخ صار هذا أكثر اتزاناً له؛ لأنه إذا طلبه من الكتب فربما يكون لديه اندفاع كبير في بعض الآراء، فيحصل بهذا زلل وربما يصل إلى درجة الإعجاب بالنفس واحتقار الغير.
رابعاً: أنه إذا أخذ العلم من الشيخ فإنه يستفيد من أخلاق هذا الشيخ؛ لأن الشيخ سيكون إذا منَّ الله عليه متخلقاً بما يقتضيه علمه الذي وهبه الله فيستفيد من هذا الشيخ ويكتسب أخلاقاً فاضلة ومعاملات طيبة بالنسبة لزملائه وبالنسبة لعامة الناس.
فالذي أنصح به إخواني طلبة العلم المبتدئين أن يكون تلقيهم للعلم على يد المشايخ الذين أدركوا من العلم والتجارب ما لم يدركوه، وحينئذٍ يأخذ بما يوجهه إليه شيخه من الكتب التي يريد أن يتعلم منها.
أما إذا كان لا يريد أن يحبس نفسه لطلب العلم وإنما يريد الاستفادة من المطالعة فمن أحسن الكتب: زاد المعاد لـابن القيم رحمه الله؛ لأنه كتاب جامع بين الفقه المبني على الدليل وبين التاريخ الذي تعرف به حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيكتسب الإنسان من هذا الكتاب الأحكام الفقهية ومعرفة حال رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرته، وربما يمر به أيضاً مسائل أخرى تتعلق بالتوحيد وبالتفسير وغيرها، فالكتاب كتاب نافع جامع صالح لمن أراد المطالعة للاستفادة العامة.
الجواب: التربية لها طريقان: طريق نظري، وطريق عملي.
فالطريق النظري: أن تربي الأولاد على الأخلاق الفاضلة وعلى العبادات عن طريق الرسائل والكتب والأشرطة، وكم من بيوت اهتدت بواسطة الأشرطة واتجهت اتجاهاً سليماً بواسطتها.
وأما الطريق العملي فأن تكون أنت بنفسك مطبقاً للعبادات والأخلاق الفاضلة، تعاملهم بما هو أحسن حتى يتعودوا منك ما أنت عليه من العبادات والأخلاق.
ولهذا حث الشارع على الجليس الصالح وحذر من جليس السوء، فأخبر أن الجليس الصالح كحامل المسك؛ إما أن يبيعك، وإما أن يحذيك، يعني: يهب لك، وإما أن تجد منه رائحة طيبة، وأما جليس السوء فكنافخ الكير، إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه رائحة كريهة.
ثم إن من المهم في تربية الأولاد أن تعدل بينهم فيما يجب فيه العدل؛ حتى لا يحمل أحد منهم عليك محامل السوء، وكثيراً ما حصل من الذين يجورون في معاملة أولادهم أن الذين يحابونهم ينقلبون عليهم فيعقونهم إذا كبروا، وأنه لا ينفعهم إلا الآخرون الذين كانوا يؤثرون إخوانهم عليهم، وهذه قد تكون عقوبة دنيوية معجلة، فيجب على الإنسان أن يكون عادلاً بين أولاده؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم )، حتى كان السلف يعدلون بين أولادهم في التقبيل؛ أي: أنهم إذا قبلوا واحداً منهم قبلوا الآخر مثله.
الجواب: لا! ليس الذين يستمعون إلى الأشرطة كالذين يحضرون إلى حلق الذكر ويشاركون الذاكرين في مجالسهم، ولكن السامعين للأشرطة لهم أجر الانتفاع وطلب العلم الذي يحصلونه من هذه الأشرطة، وكما قلت آنفاً: ما أكثر ما حصل من الهدى والاستقامة بواسطة هذه الأشرطة، والشريط كما نعلم خفيف المحمل سهل الاستفادة، فالإنسان يمكن أن يستمع إليه وهو في شغله، يمكن أن يستمع إليه في سيارته ماشياً في طريقه، ومن أجل ذلك كان لهذه الأشرطة فضل كبير من الله سبحانه وتعالى، علينا أن نشكر الله سبحانه وتعالى على هذا التسهيل والتيسير.
الجواب: الظاهر لي أن هذا الحديث ضعيف، ولكن لا شك أن العالم لا يساويه الجاهل بأي حال من الأحوال؛ لقول الله تعالى: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [الزمر:9] وقوله تعالى: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ [المجادلة:11]، أما أن يفضله بهذا المقدار المعين فإن الحديث في ظني ضعيف، ولم أحرره، والله أعلم.
الجواب: إذا كان هذا النذر قبل البلوغ فإنه لا يلزمك؛ لأنه غير مكلف، وأما إذا كان بعد البلوغ فإنه يلزمها أن توفي بنذرها إذا كان طاعة لله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من نذر أن يطيع الله فليطعه )، لكنها لا تصلي في أوقات النهي التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي من صلاة الفجر إلى أن ترتفع الشمس قدر رمح، وذلك بعد طلوعها بنحو ثلث ساعة، وعند الزوال حتى تزول وذلك قبل الزوال بنحو عشر دقائق، ومن صلاة العصر إلى غروبها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة في هذه الأوقات فتكون الصلاة في هذه الأوقات من المعصية، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (من نذر أن يعصي الله فلا يعصيه ).
الجواب: لا يجوز للمرأة أن تسافر بلا محرم لا للحج ولا لغير الحج، وهي إذا تخلفت عن الحج لعدم وجود محرم لها فليس عليها إثم، ويدل لهذا؛ أي: لكون المرأة لا تسافر بدون محرم لا للحج ولا غيره، ما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: (سمعت النبي يخطب يقول: لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم، فقام رجل فقال: يا رسول الله! إن امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: انطلق فحجّ مع امرأتك )، مع أن هذه المرأة خرجت للحج، ومع ذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم زوجها أن يحج معها.
وأنت لا تتعبي نفسك وضميرك، أقول ذلك للسائلة، فإنك إذا بقيت من أجل عدم المحرم فقد تركت الحج بأمر الله عز وجل؛ لأن السفر بدون محرم قد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالإقامة من أجل عدم المحرم تكون استجابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
الجواب: الواجب عليك نحو هؤلاء الأقارب أن تنصحهم أولاً وتعظهم وتأتي لهم بالنصائح من غيرك إذا كانوا لا يرون نصيحتك شيئاً، إما عن طريق الكتابة وإما عن طريق الصوت، فإذا أصروا على ما هم عليه من ترك الصلاة أهجرهم ولا تعدهم ولا تجب دعوتهم؛ لأن ترك الصلاة كفر مخرج عن الملة.
ولكن السائل ذكر أنهم يصلون الجمعة، وهذا يوجب التوقف في الحكم بكفرهم؛ لأن أهل العلم رحمهم الله اختلفوا في تارك الصلاة: هل يكفر إذا ترك فريضة واحدة أو فريضتين، أو لا يكفر إلا إذا ترك الصلاة مطلقاً، يعني: صلاة الجمعة وغيرها، ولكن على كل حال فإن هجر هؤلاء إذا امتنعوا عن قبول النصيحة من الأمور المشروعة، ولعلهم إذا هجروا وقاطعهم أقاربهم لعلهم يرجعون ويهتدون ويثوبون إلى رشدهم.
الجواب: إذا كانوا من أهل الجنة ومن المتقين فإنهم يتلاقون في الآخرة ولا تزول المودة بينهم لقول الله تعالى: الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ [الزخرف:67].
أما إذا كانوا من الأشقياء والعياذ بالله فإن الأخلاء في الدنيا يكونون في الآخرة أعداء، كما تدل عليه هذه الآية: الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ [الزخرف:67].
وإني بهذه المناسبة أنصح إخواني المسلمين أن ينتقوا أخلاءهم وأصحابهم وأصدقاءهم، وألا يصطحبوا إلا من هو معروف بالخير والبعد عن الشر، معروف بالصلاح والاستقامة والبعد عن المزالق، فإن المرء على دين خليله، وإن الإنسان إذا صحب شخصاً مستقيماً في دينه وخلقه اكتسب منه ديناً وخلقاً، وإذا صحب شخصاً على خلاف ذلك اكتسب منه ما كان عليه، وقد ضرب النبي صلى الله عليه مثلاً للجليس الصالح وجليس السوء فقال: (مثل الجليس الصالح كحامل المسك إما أن يبيعك، وإما أن يحذيك، وإما أن تجد منه رائحة طيبة، ومثل الجليس السوء كنافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه رائحة كريهة ).
وكثير من الناس يعبدون الله على حرف؛ أي: أنهم ليسوا مستقيمين كما ينبغي، فإذا وفقوا بأصحاب ذي خلق ودين هداهم الله واستقاموا، وكم من أناس على جانب من الخير والعمل الصالح، فإذا خُذلوا وصاحبوا أحداً غير مستقيم فإنهم يكتسبون منه عدم الاستقامة ويحصل لهم من الانحراف شيء كثير.
الجواب: أما شروط الاجتهاد فإن العلماء مختلفون فيها، لكن لا بد من أن يكون الإنسان لديه اطلاع على الأدلة الشرعية وعلى مواقع النزاع بين أهل العلم وأن يكون لديه ملكة يستطيع بها أن يرجح الراجح ويزيف المرجوح.
والاجتهاد قد يتجزأ بمعنى أنه قد يكون الإنسان مجتهداً في باب من أبواب العلم دون غيره، أو في مسألة من مسائل العلم دون غيرها، فقد يكون الإنسان لديه اجتهاد في كتاب الطهارة، يحرره ويحققه وينظر آراء العلماء وينظر الأدلة ويخلص من هذا إلى أن يستطيع الترجيح بين الأقوال حسب القواعد المعروفة عند أهل العلم، وقد يكون مجتهداً في مسألة من مسائل الطهارة كالوضوء، ولكنه في غير ذلك لا يستطيع الاجتهاد.
وأما المقلد فهو الذي ليس عنده علم وإنما يأخذ العلم من غيره تقليداً، كقوله تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:43].
وقد أجمع العلماء كما ذكره ابن عبد البر رحمه الله: على أن المقلد لا يعد من أهل العلم مهما بلغ في التقليد، ومهما بلغ من الاطلاع على كتب من قلدهم؛ لأنه في الحقيقة إن تكلم فهو ناقل عن غيره، وإن رجع إلى كتب من قلدهم فهو تابع لغيره فليس من العلماء، ولهذا لا يجوز للإنسان أن يستفتي شخصاً مقلداً مع أنه يمكنه أن يستفتي من لديه اجتهاد.
ثم المقلد إذا دعت الضرورة إلى استفتائه فإنه لا يفتي بالشيء مضيفاً له إلى نفسه، بل يقول: قال فلان كذا أو قال فلان كذا، أو قال الحنابلة كذا أو الشافعية كذا، أو ما أشبه ذلك ممن يفتي بتقليدهم أو من يفتي بناء على تقليدهم.
الجواب: نحن نقول: رضي الله عن كل مؤمن، كما قال الله تعالى: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ [التوبة:100].
لكن المعروف عند أهل العلم تخصيص الصحابة رضي الله عنهم بقولهم فيهم: رضي الله عنهم، ومن بعد الصحابة من التابعين إلى زمننا هذا يقولون: رحمه الله، وإن كان بعض العلماء قد يقول: رضي الله عنه، في الأئمة الكبار، كالإمام أحمد، قال الإمام أحمد رضي الله عنه، أو قال الإمام الشافعي رضي الله عنه، أو قال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه، أو قال الإمام مالك رضي الله عنه، لكن المعروف بين أهل العلم أن الترضي يكون للصحابة، والترحم يكون لمن بعدهم، وإذا كان هذا هو المعروف المصطلح عليه عند عامة العلماء، فإن الإنسان إذا ترضى عن شخص من غير الصحابة أوهم السامع بأن هذا الشخص من الصحابة، فينبغي أن يتجنب ذلك، أو أن يقول قال فلان، وهو من التابعين رضي الله عنه، قال فلان وهو من تابع التابعين رضي الله عنه، حتى لا يظن أحد أن هذا من الصحابة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر