الجواب: استعمال المرأة للحناء في حال الدورة الشهرية، -أي: الحيض- لا بأس به ولا حرج فيه، كما أن استعمالها له في حال الطهر لا حرج فيه ولا بأس به، ومن المعلوم في حال الطهر أنها إذا وضعت الحناء على رأسها فسوف يكون له جرم يمنع من مباشرة المسح للشعر، وهذا لا بأس به ولا يضر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبد رأسه وهو محرم وكان يمسح عليه عليه الصلاة والسلام، ولكن يجب على المرأة إذا تحنت في يديها مثلاً ألا تتعرض للفتنة بإخراج هذا الحناء؛ لأن ذرائع الفتنة ممنوعة، كما أن الفتنة نفسها أو ما يدعو إلى الفتنة ممنوع أيضاً.
الجواب: إزالة الشعر الذي بين الحاجبين جائزة إذا كان مشوهاً للخلقة، بحيث يكون كثيراً جداً، ولكن لا تجوز إزالته بالنتف؛ لأن النتف من النمص، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم النامصة والمتنمصة، وأما إذا كان خفيفاً معتاداً لا يؤذي ولا يشوه، فإن الأولى تركه وعدم التعرض له.
الجواب: يجب أن نعلم قاعدة مهمة في باب الرضاع يتبين بها حكم هذه المسألة وغيرها، وهي: أن الرضاع لا ينتشر إلى أقارب الرضيع، ولا يؤثر فيهم شيئاً، إلا ما كان من ذريته، أي: أن الرضاع لا يؤثر إلا على الراضع وذريته فقط، وأما أقاربه -أي: أقارب الراضع- كأبيه وأمه وإخوانه فلا أثر للرضاع فيهم؛ وبناء على ذلك فإن هذه السائلة التي تقول: إن أختها الكبرى رضعت من جدتها أم أبيها خمسة عشر يوماً، لا علاقة لها في أبناء عمها، وليسوا من محارمها، لكن أبناء عمها محارم لأختها التي رضعت من جدتهم؛ لأن أختها التي رضعت من جدتهم تكون عمة لهم.
الجواب: لا يعطى أحد من الكفار فضلاً عن المرتدين من الزكاة شيئاً، إلا إذا كان ذلك يؤلف قلوبهم للإسلام، فإنهم يدخلون في عموم قوله تعالى: وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ [التوبة:60]، وأما إذا كان هذا لا يزيدهم إلا تمادياً في كفرهم، أو أنه لا يؤثر في تأليف قلوبهم للإسلام، فإنهم لا يعطون شيئاً، ولكن أولادهم الصغار إذا كانوا في حاجة فإنه لا حرج أن يتبرع لهم بكساء أو فراش أو ما أشبه ذلك، ولكن لا يكون من الزكاة.
الجواب: إذا كان الإنسان عليه دين وبيده مال زكوي، فقد اختلف أهل العلم رحمهم الله هل تجب الزكاة عليه فيما يقابل الدين أو لا؟ فمنهم من يرى أن الزكاة لا تجب عليه فيما يقابل الدين، فإذا كان عليه ألف درهم وعنده ألفان من الدراهم لم يجب عليه إلا زكاة ألف واحد، وتسقط زكاة الألف الآخر؛ لأنه في مقابل ما عليه من الدين، ومن العلماء من قال: إن الدين لا يمنع وجوب الزكاة، وعليه أن يزكي كل ما في يده من المال الزكوي، ولا ينظر إلى الدين، فإذا كان عنده من الدراهم ألفان وعليه ألفان، فإن الزكاة تجب عليه في الألفين، ولا يعتبر الدين مانعاً من الزكاة، ومن العلماء من فرق بين الأموال الظاهرة وهي الحبوب والثمار والمواشي، والأموال الباطنة وهي الذهب والفضة وعروض التجارة، فقال: إن الدين يمنع وجوب الزكاة في الأموال الباطنة، ولا يمنعها في الأموال الظاهرة، فإذا كان عند الإنسان ماشية تساوي ألفين، وعليه ألفان، وجبت عليه زكاة الماشية؛ لأن الماشية من الأموال الظاهرة، وكذلك الفلاح إذا كان عنده من الزرع ما يبلغ النصاب، وعليه دين يقابله، فإن الزكاة تجب عليه في زرعه، ولا يعتبر الدين مانعاً من الزكاة، وأما إذا كانت عنده دراهم، وعليه دراهم تقابلها، فإنه لا زكاة عليه؛ لأن الدراهم من الأموال الباطنة.
والذي يترجح عندي وجوب الزكاة على من عليه دين، سواء كانت الأموال التي عنده من الأموال الظاهرة أم من الأموال الباطنة؛ لأن عموم الأدلة يشمل من كان عليه دين ومن لم يكن عليه دين، لكن لو كان الدين حالاً قبل وجوب الزكاة، وكان متهيئاً لوفائه، فإنه يوفيه أولاً، ثم يزكي ما بقي، وأما إذا كان مؤجلاً لا يحل إلا بعد وجوب الزكاة، فإن الزكاة تجب عليه ولو كان الدين يستغرق جميع ماله.
الجواب: إذا أعطيت الزكاة على أنها هدية، ولم يفهم الآخذ إلا أنها هدية فإنها لا تجزئ؛ لأنه لا يجوز للإنسان أن يجعل الزكاة وقاية لهداياه، ولكن يعطيها بنية الزكاة، ثم إن كان الآخذ ممن يعتاد أخذ الزكاة وقبلها، فهي زكاة ماضية، وإذا كان الآخذ ممن لا يقبل الزكاة فأعطاه زكاة وأخفى عليه أنها زكاة فإنها لا تجزئ، بل لا بد أن يعلمه بأنها زكاة حتى يقبل أو يرد، وهذه مسألة يقع فيها كثير من الناس، يكون الآخذ ممن لا يأخذ الزكاة، ويتعفف عنها، ولكنه من أهل الزكاة، فيأتي إليه بعض المحسنين ويدفع إليه زكاته بنية الزكاة، وهو يعلم أنه لو أخبره بأنها زكاة لم يقبل، وهذا خطأ، بل إذا كان الآخذ ممن لا يقبل الزكاة وجب على المعطي أن يبين له أنها زكاة، ثم إن شاء قبلها وإن شاء ردها.
الجواب: من المعلوم أنه لا يحل للإنسان أن يدع فرائض الله من صلاة أو صيام أو زكاة أو حج، ولكن إذا ابتلي الإنسان فترك الصلاة أياماً أو أشهراً أو سنيناً، وترك الصيام أياماً أو شهراً كاملاً أو سنوات، ثم منّ الله عليه بالتوبة، فإن التوبة تجب ما قبلها، ولا يجب عليه قضاء ما مضى من صلاة أو صيام، بل يكثر من التطوع والاستغفار وينيب إلى ربه عز وجل، وهذا كاف عما مضى؛ لعموم الأدلة الدالة على أن التوبة تجبّ ما قبلها، وإنني أهنئ هذا السائل بما منّ الله عليه به من الاستقامة والتوبة إلى الله، وأسأل الله تعالى لي وله الثبات على دينه، وألا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا.
الجواب: الذي أرى أنه لا بأس بذلك، وأن ربا الفضل بين العملات لا يجري، وإنما يجري ربا الفضل فيما كان من جنس واحد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( إذا اختلفت هذه الأجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد )، فإذا اشترى الإنسان ريالات من الحديد تسعة بعشرة من الورق، وكان ذلك يداً بيد، أي: أن كلاً منهما يقبض العوض في محل العقد، فإن هذا لا بأس به، أما لو تأخر القبض في أحدهما فإن البيع ليس بصحيح، بمعنى: لو أعطاه عشرة في الضحى وقال: ائتني في العصر أعطيك تسعة ريالات، فإن هذا لا يجوز.
الجواب: جوابي على هذا أن الله سبحانه وتعالى قد أجابه في قوله تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:43]، والواجب على من أراد عبادة يجهلها أن يسأل أهل العلم عنها حتى يعبد الله على بصيرة؛ لأن من شروط العبادة: الإخلاص لله عز وجل، والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا تمكن المتابعة إلا بمعرفة ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم به من أعمال العبادة القولية والفعلية، ولهذا أقول لهذا السائل: إذا أردت الحج وأنت لا تعرف أحكامه ولا تعرف المناسك، فالواجب عليك أن تسأل أهل العلم بذلك، وإنني أؤكد على من أراد الحج أن يصحب أحداً من أهل العلم أو طلبة العلم الذين عرفوا بمعرفة الأحكام التي تتعلق بالحج من أجل أن يكون مهتدياً بما يرشدونه إليه.
الجواب: أقول: إن مثل هذا الصديق المشارك في المسكن والعمل له حق على صديقه، بأن يكون معه دائماً في مناصحةٍ بالقول أو بالكتابة أو بإهداء الأشرطة أو الرسائل، ولعل الله أن يهديه على يده، فإنه إن هداه الله على يده كان خيراً له من حمر النعم قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا كان هذا الصديق يصلي إذا أيقظه، فإنه يرجى له مستقبلاً سعيداً وثباتاً على الحق.
وأما كونه يعتذر إذا أيقظه ولم يستيقظ بأن النوم عذر، فليس لهذا الاعتذار محل، أما من استيقظ بإيقاظ غيره له أو بوسيلة أخرى كالساعة المنبهة فإنه لا عذر له، بل الواجب أن يقوم ويستعين بالله عز وجل على ما أوجب الله عليه من صلاة الجماعة، ولا ييأس هذا الصديق من هداية الله سبحانه وتعالى لصديقه، فإن القلوب بيد الله، ولكن لو قدر أنه استمر على ترك هذا الواجب، فإن الأولى أن يلتمس صديقاً آخر يكون معيناً له على طاعة الله عز وجل مشاركاً له في عمله الصالح.
الجواب: أقول: لا شك أن المغالاة في مهور النساء خلاف السنة، وأن السنة في المهور تخفيفها، وكلما كان النكاح أيسر مؤونة كان أعظم بركة، والمغالاة في مهور النساء نهى عنها الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال رضي الله عنه: يا أيها الناس! لا تغلو صُدُق النساء، يعني: مهورهن، فإنه لو كان ذلك مكرمة أو تقوى لكان أولى الناس بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولا شك أن تخفيف المهر من أسباب العشرة الطيبة؛ وذلك لأن الزوج إذا كان المهر كثيراً كلما تذكره صارت المرأة عنده مرة، وندم على ما صنع من المغالاة في المهر، وأما إذا كان المهر يسيراً فإنه لن يتجرع مرارة هذا المهر، ولا شك أيضاً أنه إذا كان المهر كثيراً، فإن هذا من أسباب الإضرار بالزوجة؛ لأن الرجل إذا أصدقها مهراً كثيراً، ولم تكن العشرة بينهما جيدة، فإنه سوف يبقيها على هذه العشرة السيئة، ولا يكاد ينفك أو لا تكاد تنفك منه؛ لأنه قد خسر عليها مالاً كثيراً، فتجده يمسكها مع الإضرار بها، ومع سوء المعاشرة لكثرة المهر الذي بذله في الحصول عليها، لكن لو كان المهر يسيراً، ولم تكن العشرة بينهم جيدة، فإنه يسهل عليه إذا لم يمكن إصلاح الحال أن يفارقها ويتزوج أخرى.
لذلك؛ أنصح هؤلاء الذين ذكرهم السائل وأمثالهم عن المغالاة في المهور وكثرتها، وأقول لهم: إن الإنسان ليس يزوج الدراهم، إنما يزوج الرجال، وكثرة الدراهم لا تفيده في النكاح شيئاً من قوة المحبة أو عشرة حسنة, بل قد تكون بالعكس، وأنصح أيضاً هؤلاء وأمثالهم من أخذ شيء من مهر المرأة ولو كانت البنت؛ لأن المهر حق الزوجة وليس حقاً لأبيها ولا أمها؛ لقوله تعالى: وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا [النساء:4]، فأضاف الله سبحانه وتعالى المهر إلى المرأة نفسها، وبين أنها هي التي تتصرف فيه؛ لقوله: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا [النساء:4]، نعم لو فرض أنه بعد أن تم العقد، وسلم المهر، أهدت البنت إلى أبيها أو أمها أو خالها أو خالتها أو عمتها شيئاً، فهذا لا بأس به، وأما أن يشرط ذلك على الزوج عند القبول، فإن هذا لا يجوز.
مداخلة: باعتبار الأم والأب للولد (نريد أن نبيض وجوهنا أمام الناس) هذه العبارة أيضاً نريد التعليق عليها؟!
الجواب: وهذه العبارة وهي قولهم: نريد أن نبيض وجوهنا عند الناس، هي في الحقيقة تنم عن ضعف الشخصية، وعدم مجابهة الناس بما هو أفضل، والذي ينبغي للإنسان أن يبيض وجهه باتباع ما هو أفضل وأنفع للخلق، ولو أن الناس تجاروا في هذه الأمور لكانت لا منتهى لها ولا غاية لها، وتبييض الوجه حقيقة هو أن يقوم الإنسان بما تقتضيه السنة من تخفيف المهر حتى يقتدي الناس به، ومن المعلوم لكل أحد أن هؤلاء الذين يبذلون مهوراً كثيرةً لا يريدون ذلك، ولكنهم شبه مكرهين عليها، فلو أن رؤساء القبائل أو البلد قاموا بتخفيف المهور لبيضوا وجوههم، وكان ذلك لهم مثوبة عند الله عز وجل، وسنوا سنة حسنة يتبعه الناس عليها، فأرى أن أوجه الأمر والنصيحة إلى كبراء القوم من رؤساء القبائل والعشائر وكذلك أهل المدن بأن يتولى الكبراء منهم والشرفاء هذا الأمر، فيخففوا من المهور، حتى يكونوا قدوة صالحة يتبعهم الناس فيها، ومن دل على خير فهو كفاعله، ومن سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة.
الجواب: لا بأس للعامل الذي يصطحبه صاحب العمل إلى مكة أن ينوي بذلك الحج أو العمرة؛ وذلك لأن الله تعالى قال في الحج: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ [البقرة:198]، ومن المعلوم أنه لا يلزم من اتباع صاحبه أن يعتمر أو يحج، فهو بإرادته، فإذا أراد الحج مع القيام بالعمل الواجب لصاحبه، فإن له أجراً في ذلك بلا شك، والحج يجزئ عنه ويسقط به الواجب، وكذلك العمرة.
وأما قول أصحابه: إنه ليس لك حج، فهذا قول صادر عن جهل، وبهذه المناسبة أقول: إنه ينبغي للإنسان أن لا يعتمد على قول العامة، وأن يسأل أهل العلم عن العلم؛ لأن هذا هو الذي أمر الله به، فقال تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:43]، كما أني أنصح من ليس عنده علم ألا يتكلم بما لا يعلم، وأقول: إن القول بما لا يعلم محرم، قال الله تعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ [الأعراف:33]، وقال تعالى: وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا [الإسراء:36].
الجواب: لا بأس أن يتوضأ الإنسان داخل دورات المياه، ولكن يشكل على هذا أن الوضوء تشرع فيه التسمية إما وجوباً وإما استحباباً، فكيف يسمي وهو في داخل دورة المياه؟ نقول: يسمي إما بقلبه بدون أن ينطق به، وإما أن ينطق بذلك، والعلماء الذين قالوا: إنه يكره ذكر اسم الله في داخل المراحيض، يقولون: إنه في هذه الحال يسمي بقلبه ويكتفي بالتسمية، على أن التسمية على القول الراجح ليست بواجبة، وإنما هي سنة، إن أتى بها الإنسان فهو أكمل، وإن لم يأت بها فوضوءه صحيح ولا حرج عليه.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر