الجواب: لا أدري ما وجه هذا السؤال: هل يلزم المتوضئ أن يغسل وجهه بكفيه؟ وهل هناك أداة لغسل الوجه سوى الكفين؟ ولعله أراد هل يجوز للمتوضئ أن يغسل وجهه قبل غسل كفيه؟ فإن كان أراد ذلك فإننا نقول: لا حرج على المتوضئ أن يغسل وجهه قبل غسل كفيه؛ لقول الله تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ [المائدة:6] ولم يذكر غسل الكفين، لكن الأفضل أن يبدأ بغسل الكفين ثلاثاً ولا سيما إذا كان قائماً من نوم الليل فإنه يتأكد في حقه ألا يغمس يديه في الإناء حتى يغسلهما ثلاثاً؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده )، هذا ما نظنه مراد السائل، فإن كان أراد شيئاً سوى ما ظنناه فليكتب مرةً ثانية إلى البرنامج وليوضح سؤاله.
مداخلة: يقصد أنه يغسله بكف واحدة.
الشيخ: إذا كان يريد ذلك فلا بأس.
الجواب: أولاً المسح على الخفين سنة، بمعنى أنه لو كان على الإنسان خفان وتوضأ وأراد أن يخلعهما ثم يغسل قدميه لم يكن آثماً بذلك، لكنه مخالف للسنة؛ لأن ( النبي صلى الله عليه وسلم توضأ وعليه خفان فأراد
ثانياً: المسح على الجوارب وهي الشراب قد ورد فيه حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصح عن غير واحد من الصحابة أنه مسح على الجوارب، ولو قدرنا أنه ليس فيه سنة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا أثر عن الصحابة فإن القياس الصحيح الجلي يقتضي جواز المسح على الجوربين أي: الشراب؛ وذلك لأننا نعلم أن الحكمة من جواز المسح على الخفين هي المشقة التي تحصل بخلعهما عند الوضوء، ثم غسل الرجل، ثم إدخالها وهي رطبة، فإن في ذلك مشقةً من جهة النزع واللبس، ومن جهة إدخال الرجل وهي رطبة، هذه حكمة معقولة وواضحة، وهذه الحكمة المعقولة الواضحة تكون تماماً في الجوربين، فإن في نزعهما مشقة، وفي إدخالهما والرجل رطبة مشقة أخرى؛ لذلك نرى أن النص والنظر كلاهما يدل على جواز المسح على الجوربين.
ولكن هل يشترط في الجوربين -أي الشراب- أن يكونا صفيقين بحيث لا يرى من ورائهما الجلد أو لا يشترط؟
هذا محل خلاف بين العلماء، منهم من قال: يشترط أن يكونا ثخينين لا يصفان البشرة، وأنه لو حصل خرق ولو يسيراً كمبط وخرز، فإنه لا يجوز المسح عليهما.
ومنهم من قال: يشترط أن يكونا ثخينين يمنعان وصول الماء إلى الرجل وإن لم يكونا ساترين، وعلى هذا فيجوز المسح على الجوربين إذا كانا من النايلون الشفاف.
ومنهم من قال: لا يشترط ذلك كله، وأنه يجوز المسح على الجوربين الرقيقين ولو كان يرى من ورائهما الجلد، ولو كانا يمكن أن يمضي الماء منهما إلى القدم، وهذا القول هو الصحيح؛ لأنه لا دليل على الاشتراط، والحكمة من جواز المسح موجودة في الرقيقين كما هي موجودة في الثخينين، وعلى هذا فيجوز المسح على الجوربين الخفيفين كما يجوز على الجوربين الثخينين.
الجواب: الأفضل للإنسان بعد صلاة الفجر أن ينشغل بالذكر من قراءة أو تسبيح أو تهليل أو تحميد أو غير ذلك مما يقرب إلى لله سبحانه وتعالى؛ لقول الله تعالى: وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ [ق:39] ، ولكن لو غلبه النوم ونام فإنه لا حرج عليه في ذلك، والذي ينبغي للإنسان أن ينام حيث يحتاج إلى النوم؛ لأن لنفسه عليه حقاً ما لم يكن النوم مانعاً له من أداء واجب عليه فلا، وكذلك يقال في نوم العصر: الأفضل ألا تنام، وأن تشتغل قبل غروب الشمس بالتسبيح والتهليل، وما يقرب إلى الله عز وجل من قول، ولكن إذا غلبك النوم ولم يكن لك وقت تعطي جسمك حظه من النوم إلا في هذا الوقت فلا حرج، ولا عبرة لقول القائل:
إن نومات الضحى تورث الفتى خبالاً ونومات الأصيل جنون
فإن هذا لا يصدق، وما أكثر الذين ينامون بعد الأصيل، بل وفي الأصيل عند غروب الشمس وهم من أعقل الناس.
الجواب: أقول أولاً: إن الرجوع إلى الأصول خير، لكن إذا دعت الحاجة إلى الرجوع إلى المختصرات لضيق الوقت أو لغير ذلك من الأسباب فلا بأس، وإلا فإن الرجوع إلى الأمهات أفضل وأحسن، وأما ما عدده من الكتب بعد ذلك فإنه من المعلوم أنه لا يكاد كتاب يسلم من شيء يطغى به القلم، أو يزل به الفهم، والإنسان غير معصوم، وما أحسن كلمةً قالها عبد الرحمن بن رجب رحمه الله أحد أحفاد شيخ الإسلام ابن تيمية في العلم، وهو تلميذ ابن القيم وابن القيم تلميذ شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال في كتابه القواعد الفقهية: يأبى الله العصمة لكتاب غير كتابه، والمنصف من اغتفر قليل خطأ المرء في كثير صوابه، فإنها كلمة جيدة، وغالب هذه الكتب التي ذكرها السائل لم أستوعبها قراءةً أو مطالعة فلا يمكنني أن أحكم على كل واحد منها بعينه، ولكن من طالع هذه الكتب أو غيرها وأشكل عليه مسألة من المسائل فعليه أن يراجع أهل العلم في ذلك.
الجواب: ما أحسن هذا السؤال في هذا الوقت في مستقبل الإجازة الصيفية؛ لأن الزواجات تكثر، أقول: إن الولي على المرأة من أب أو أخ أو عم مسئول عن ولايته أمام الله عز وجل، يجب عليه أداء الأمانة، فإذا تقدم إلى موليته شخص ذو خلق ودين، ورضيت المرأة بذلك، فإن عليه أن يزوجه، ولا يحل له أن يتأخر؛ لأن ذلك خلاف الأمانة، بل هو خيانة، قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ [الأنفال:27-28].
فالواجب على المرء الذي ولاه الله على امرأة إذا تقدم لها خاطب كفء في دينه وخلقه أن يزوجه إذا رضيت، وليعلم أن المرأة تحس بما يحس به هو من الشهوة، فما أدري لو أن أحداً منعه من أن يتزوج وهو شاب ذو شهوة ما أدري هل يرى أنه ظالم له أم غير ظالم؟
أعتقد أنه سيقول: إنه ظالم لي، فإذا كان يقول ذلك بالنسبة لمن منعه أن يتزوج، فكيف يعامل به هذه المسكينة التي لا تملك أن تزوج نفسها، ولا يمكن أن يقدم على تزويجها أحد من أقاربها، والولي الأقرب موجود، لقد ظلت فتيات عوانس، وبلغن سنا كثيراً لم يحصل لهن الزواج بسبب هؤلاء الأولياء الظلمة والعياذ بالله، ولقد حدثت عن امرأة شابة كان أبوها يمنعها، أي: يمنع الخطاب من تزويجها، فتأثرت بذلك ومرضت المرأة، وبينما هي على فراش الموت قد احتضرت قالت للنساء حولها: أبلغن أبي السلام، وقلن له: إن بيني وبينه موقفاً بين يدي الله يوم القيامة، يعني: وستطالبه يوم القيامة على ما فعل، حيث منعها الرجال، وربما كان مرضها وموتها بسبب القهر.
لهذا نقول: من منع موليته أن يزوجها كفئاً قد رضيته فللزوجة أن تطالب عند القاضي، والقاضي يجب عليه إجابة طلبها ليزوجها هذا الكفء الذي رضيته، إما أن يوكل أقرب الناس إليها بعد وليها الذي امتنع، أو يعمل ما يري أنه موافق للشرع، ولكن قد لا تتمكن المرأة من ذلك حياءً أو خوفاً من مخالفة العادات، أو ما أشبه ذلك، وحينئذٍ لا يبقى إلا سطوة شديد العقاب رب العالمين عز وجل، فليخف هذا الولي من الله وليتق ربه، وإني أقول كما قال العلماء رحمهم الله: إن الولي إذا تكرر رده الخطاب فإنه يكون فاسقاً تنتفي عنه العدالة، ولا يتولى أي عمل تشترط فيه العدالة، وتنتقل الولاية منه إلى من كان بعده من الأولياء.
الجواب: الرضاع ليس يوجب القرابة بين الناس، فلا يثبت بالرضاع من أحكام القرابة إلا ما يتعلق بالنكاح فقط، فالرضاع تثبت به المحرمية، وحل النظر، وتحريم النكاح، ولكن لا يثبت به الإرث، ولا وجوب النفقة، ولا تحمل الديات، ولا الصلة التي تجب للأقارب من النسب، أكثر أحكام النسب منتفية عن الرضاع، وعلى هذا فلا يجب على الابن من الرضاع أن يصل أمه من الرضاع كما يصل أمه من النسب، ولكن الرضاع في الحقيقة يوجب التقارب بعض الشيء، وأما أن يكون كالنسب فلا.
الجواب: أولاً: ليت هذه المرأة لم تمثل بالقتل؛ لأنه يمكن أن يلزم المرأة في صيام شهرين متتابعين في غير القتل، ولكن قد يكون من المرأة قتل خطأ فيما لو كان صبيها إلى جنبها في الفراش، ثم انقلبت عليه وهي نائمة فقتلته، ففي هذه الحال يجب عليها الكفارة لله عز وجل، ويجب على عاقلتها الدية لورثة هذا الطفل؛ لقول الله تبارك وتعالى: وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أن يَصَّدَّقُوا [النساء:92] ، إلى أن قال: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا [النساء:92].
والمرأة إذا لزمها صيام شهرين متتابعين وحاضت فإنها تفطر في حال الحيض، ثم إذا طهرت تستأنف الصيام، يعني تستمر في الصيام، ولا يبطل صيامها الأول، فمثلاً: إذا حاضت في الشهر الأول سبعة أيام، وفي الشهر الثاني سبعة أيام لزمها أن تضيف إلى الشهرين اللذين تخللهما الحيض أربعة عشر يوماً ليتم صوم الشهرين المتتابعين، وكذلك يقال في كفارة اليمين: لو أن امرأة لزمتها كفارة يمين ولم تجد كفارة الإطعام إطعام عشرة مساكين، أو الكسوة، أو تحرير رقبة، فإنه يلزمها أن تصوم ثلاثة أيام متتابعة، فإذا صامت أول يوم ثم حاضت فإنها تفطر، وإذا طهرت صامت يومين فقط بناءً على اليوم الأول، وهكذا يقال فيمن انقطع تتابعه لعذر آخر كمرض أو سفر، فإنه إذا زال عذره يبني على ما سبق.
الجواب: لم يحدد الله ذلك بسن، بل قال في جملة من يجب إخفاء الزينة عنه قال: أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ [النور:31] ، فالعبرة بالطفل الذي لا يحتجب عنه ألا يكون عنده علم في ما يتعلق بالنساء، ولا اهتمام به، وهذا يختلف باختلاف غرائز الأطفال ونموهم، قد يكون الطفل إذا بلغ تسع سنوات حصل له ما يحصل للرجال البالغين فيما يتعلق بالنساء، وقد يبلغ أحد عشر سنة وهو لا يهتم بهذه الأمور ولا ينظر إليها، ولم تطرأ له على بال، ثم إن البيئة تؤثر، فإذا كان الطفل عند قوم يتحدثون كثيراً عن النساء، وعما هنالك نمت فيه هذه الغريزة بسرعة وبسبق، وإذا كان عند قوم لا يتحدثون بمثل هذه الأمور، يتحدثون في أمور أخرى ضعفت عنده هذه الغريزة ولم يهتم بها، فالحاصل أننا ننظر للطفل إذا كان ينظر إلى المرأة الجميلة نظرةً غير نظره إلى المرأة التي دونها، أو علمنا أنه يتحسس أو يتلمس أشياء تدل على أن فيه الشهوة، فإنه يجب التحجب عنه، وإذا كان غافلاً عن هذه الأمور فإنه لا يجب، لكنه لا شك أنه إذا بلغ العاشرة فإن الغالب أن هذه الغريزة تنمو فيه.
الجواب: الحل في نظري إذا أيست هذه المرأة من صلاح زوجها ورجوعه إلى الإسلام أن تمنعه من نفسها، ولا يحل لها أن تمكنه من نفسها، ولا أن تكشف له وجهها، ولا أن تمكنه من الخلوة بها؛ وذلك لأنه في حال تركه الصلاة ينفسخ نكاحه؛ لأن ترك الصلاة كفر، دل على كونه كفراً كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وأقوال الصحابة رضي الله عنهم، وقد بينا ذلك مراراً في عدة حلقات سابقة، فالواجب على هذه المرأة أن تتخلص من زوجها بقدر الإمكان، ولا يحل لها أن تمكنه من نفسها؛ لأنه حرام عليها، قال الله تبارك وتعالى: فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ [الممتحنة:10].
الجواب: صوم أول خميس من رجب ليس له أصل، وتخصيص هذا اليوم بالصوم بدعة، وعلى هذا فلا يصمه الصائم.
وكذلك أيضاً ليس له خصوصية الصوم، ولكن اشتهر عند كثير من الناس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عرج به ليلة السابع والعشرين من شهر رجب، ولكن هذا لا أصل له، لم يثبت تاريخياً أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عرج به في تلك الليلة، بل الأقرب أنه عرج به في شهر ربيع الأول، ومع هذا فلو ثبت أنه عرج به في ليلة من الليالي في ربيع أو غير ربيع فإنه لا يجوز إحداث احتفال لها؛ لأن إحداث شيء احتفاءً برسول صلى الله عليه وسلم واحتراماً له لم يرد به الشرع أمر لا يجوز؛ لأن مثل هذا عبادة، والعبادة تحتاج إلى توقيف من الشرع كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ).
فمن أحدث في دين الله ما ليس منه فليس له إلا العناء والمشقة، وعمله مردود، وطريقته ضالة، قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار ).
والنصف من شعبان ورد عن بعض المتقدمين أنه كان يصوم يوم النصف من شعبان، لكنه لم يثبت فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث يعتمد عليه، وعلى هذا فلا يشرع تخصيص ذلك اليوم بصوم، ولكن يقال للإنسان: إن شهر شعبان كان الرسول عليه الصلاة والسلام يكثر الصوم فيه، فلم يكن يصوم في شهر غير رمضان أكثر مما يصوم في شعبان، فليكثر الإنسان من الصوم في شعبان كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الصوم فيه.
الجواب: الصحيح أنه يجوز أن يصلي المفترض خلف المتنفل، ودليل ذلك ما ثبت في الصحيحين عن معاذ بن جبل رضي الله عنه ( أنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلاة العشاء، ثم يخرج إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة ) فهي له نافلة ولهم فريضة، ولم ينكر على معاذ بن جبل رضي الله عنه ذلك الفعل، لا من قبل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولم ينزل به قرآن يقتضي النهي عن ذلك، فدل هذا على الجواز.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر