الجواب: ختاماً لما سبق ذكره من أقسام الحركة في الصلاة حيث ذكرنا أن الحركة في الصلاة خمسة أقسام: واجبة، وهي ما يتوقف عليه صحة الصلاة، والثانية: مستحبة، وهي ما يتوقف عليه فعل مستحبٍ في الصلاة، والثالثة: محرمة مبطلة وهي الحركة الكثيرة المتوالية لغير ضرورة، وبينا مفهوم هذه القيود، وقلنا: إن الحركة اليسيرة المحرمة كالحركة الكثيرة المتوالية، وضربنا لذلك مثلاً برجلٍ يصلي والتفت ينظر إلى امرأةٍ أجنبية لشهوة، فإن هذا النظر محرم ولو كان حركةً يسيرة فيكون مبطلاً للصلاة لمنافاته للصلاة، إذ أن الصلاة خشوع وحضور بين يدي الله عز وجل، والصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وهذا ينافي الصلاة تماماً، فلذلك نقول: إنه مبطل للصلاة.
القسم الرابع: الحركة المباحة، وهي الكثيرة للضرورة أو اليسيرة للحاجة، اليسيرة للحاجة كإنسانٍ نزل شماغه مثلاً من وسط رأسه فاستدناه إلى مقدم الرأس، إنسانٌ حصل به التهاب حكة فحكها، فإن هذا من اليسير للحاجة، إنسان شك هل قام الإمام أو جلس فالتفت لينظر هل هو قائم أو جالس هذا أيضاً من الحركة اليسيرة المباحة، وقد نقول: إنها من المستحب لأجل أن بها تتم المتابعة، المهم أن الحركة اليسيرة للحاجة مباحة، والكثيرة للضرورة كما سبق في حلقةٍ ماضية أيضاً جائزة من الحركة المباحة.
القسم الخامس: الحركة المكروهة وهي ما سوى هذه الأقسام الأربعة، وهي الأصل، الأصل أن الحركة في الصلاة مكروهة؛ ولهذا ينبغي للإنسان أن يكون خاشعاً في قلبه، ساكناً في جوارحه، حتى يؤدي الصلاة على الوجه المطلوب.
الجواب: قوله: الحركة ناسياً، الحركة لا يعتبر فيها النسيان، ولا العمد أو الذكر، وقد سبق تفصيلها، كذلك أيضاً قوله: كم عدد الحركات؟ نقول: ليس لها عدد معين، وأما من قال من العلماء: إن ما زاد عن الثلاثة فهي حركة كثيرة فهذا ليس بصواب، بل اليسيرة هي التي لا تنافي الصلاة، والكثيرة هي التي إذا رأى الإنسان المصلي يقول: هذا ليس في صلاة، لو كان في صلاة لم يتحرك هذه الحركة، فالكثيرة ما ينافي الصلاة بمعنى أنك لو رأيت هذا الذي يصلي وحركاته لقلت: إنه لا يصلي، فتكون هذه هي الكثيرة، أما اليسيرة فقد عرف مما سبق أنه إذا كانت لحاجة فلا بأس بها، وإذا كانت لغير حاجة فهي مكروهة.
الجواب: كتب التفسير في الحقيقة تختلف مشاربها، فتفسير ابن كثير من أحسن التفاسير لكنه رحمه الله لا يعتني كثيراً باللغة العربية، يعني بالبلاغة، وأوجه الإعراب، وما أشبه ذلك، وتفسير ابن جرير وهو أصل تفسير ابن كثير أيضاً مطول، وفي الآثار الواردة فيه ما هو غث وسمين، فيحتاج إلى طالب علم يكون له معرفة بالرجال والأسانيد، وهناك كتب تفسير جيدة لكن منهجها في العقيدة غير سليم كتفسير الزمخشري ، فهو جيد من حيث البلاغة واللغة لكنه ليس بسليم من حيث العقيدة، وفيه كلمات تمر بالإنسان لا يعرف مغزاها، لكنها إذا وقرت في قلبه فربما يتبين له مغزاها فيما بعد، ويكون قد استسلم لها فيضل، ولذلك أرى أن طالب العلم يأخذ تفسير ابن كثير ما دام في أول الطلب، أو تفسير الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله، أو تفسير أبي بكر الجزائري ، وهذا ما اطلعت عليه، وقد يوجد تفاسير أخرى مثلها أو أحسن منها، لكن هذا ما اطلعت عليه، ثم إذا وفقه الله إلى علمٍ واسع وملكةٍ قوية يدرك بها ما لا يدركه في أيام الطلب فليراجع كل ما تيسر من التفاسير.
الجواب: حلق اللحية من الكبائر باعتبار إصرار الحالقين، يعني أن الذين يحلقون لحاهم يصرون على ذلك، ويستمرون عليه، ويجاهرون بمخالفة السنة، فمن أجل ذلك صار حلق اللحى كبيرة من حيث الإصرار عليه.
أما الأحاديث الواردة في ذلك فقد أخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنها من الفطرة، أي: أن إعفاء اللحى من الفطرة، وبناءً على ذلك يكون من حلقها مخالفاً لما فطر الناس عليه.
ثانياً: أخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن حلق اللحية من هدي المجوس والمشركين، ونحن مأمورون بمخالفة المجوس والمشركين بل وكل كافر؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( من تشبه بقومٍ فهو منهم ) قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب اقتضاء الصراط المستقيم: سنده جيد، وأقل أحواله التحريم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم.
رابعاً: أن النبي عليه الصلاة والسلام أمر بإعفاء اللحية، وقال: ( أعفوا اللحى ) وفي لفظٍ: ( وفروا ) وفي لفظٍ: ( أرخوا ) وقال: ( خالفوا المشركين، خالفوا المجوس )، والأصل عند أكثر العلماء أن أوامر الله ورسوله للوجوب حتى يوجد ما يصرفها عن ذلك.
خامساً: أن إعفاء اللحية هدي النبي عليه الصلاة والسلام، وهدي الرسل السابقين، والقارئ يقرأ قول الله تعالى عن هارون حين قال لأخيه موسى: يَبْنَؤُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي [طه:94] ، والعالم بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم قد بلغه أنه عليه الصلاة والسلام كث اللحية، عظيم اللحية، ولو خير العاقل بين هدي الأنبياء والمرسلين وهدي المشركين فما الذي يختار؟ إذا كان عاقلاً فسيختار هدي الأنبياء والمرسلين، ويبتعد عن هدي المجوس والمشركين؛ لهذا ننصح إخواننا المسلمين أن يتقوا الله نقول: اتقوا الله، امتثلوا أمر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بإعفاء اللحية، فإن الله قال: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [النور:63] ، قال الإمام أحمد : أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من البغي فيهلك، فالمسألة عظيمة.
فنحن نخاطب جميع إخواننا المسلمين أن يتقوا الله عز وجل، وأن يتمسكوا بهدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حتى يؤجروا على ذلك، ويحصل لهم مع طيب المظهر باللحية التي جمل الله بها وجوه الرجال طيب المبطن وطيب القلب؛ لأن الإنسان كلما ازداد تمسكاً بدين الله ازداد قلبه طيباً، ولنستمع إلى قول الله تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [النحل:97] ، (فلنحيينه حياةً طيبة) ما قال: فلنكثرن ماله، فلنرفهنه، قال: نحييه حياةً طيبة، حتى لو كان فقيراً يكون قلبه مطمئناً راضياً بقضاء الله وقدره فحياته طيبة، نسأل الله تعالى أن يطيب قلوبنا بذكره والإيمان به، وأن يهدي جميع المسلمين لسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
الجواب: أروي قصة رواها لنا نبينا صلى الله عليه وسلم عن رجلٍ كان فيمن سبق قتل تسعاً وتسعين نفساً بغير حق، ثم ذهب إلى راهب يعني عابداً من العباد فقال له: إنه قتل تسعاً وتسعين نفساً بغير حق، فهل لي من توبة؟ قال الراهب: ليس لك توبة؛ لأن الراهب استعظم الأمر أن يكون قتل تسعاً وتسعين نفساً ثم يتوب قال: ليس لك من توبة، فلم يعجبه هذا الجواب فقتل الراهب، فأتم به المائة فقتل مائة نفس بغير حق، ثم دل على عالم فسأله وقال: إني قتلت مائة نفس فهل لي من توبة؟ قال له: ومن يحول بينك وبين التوبة، باب التوبة مفتوح، ولكن أنت في دارٍ يعني في بلدٍ أهلها أهل سوء، لكن اذهب إلى القرية الفلانية أو قال: البلد الفلاني، فإن فيها قوماً صالحين، فذهب وفي أثناء الطريق جاءه الموت، فنزلت إليه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب واختصموا أيهم يقبض روحه، نسأل الله تعالى أن يتولى قبض أرواحنا ملائكة الرحمة، تنازعوا فبعث الله إليهم من يحكم بينهم، وقال: قيسوا ما بين القريتين فإلى أيهما كان أقرب فهو من أهلها، فقاسوا ما بينهما فكان أقرب إلى قرية أهل الصلاح، فقبضته ملائكة الرحمة، هذا وهو ممن كان قبلنا ممن كانت عليهم الآصار والأغلال، وهذه الأمة ولله الحمد رفع عنها بنبيها صلى الله عليه وعلى آله وسلم الآصار والأغلال، وقال تعالى في كتابه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53] .
وقال تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الفرقان:68-70].
فهؤلاء قومٌ أشركوا، وقتلوا النفس بغير حق، وزنوا، فانتهكوا حق الله الذي هو أعظم الحقوق، وانتهكوا دماء النفوس المحرمة، وانتهكوا الأعراض، ومع ذلك يقول الله عز وجل فيهم: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الفرقان:70] .
حتى المنافقون إذا تابوا تاب الله عليهم؛ لقوله تعالى: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء:145-146].
فنقول لهذا الأخ السائل: إذا تبت إلى الله من أي ذنب فإن الله يتوب عليك مهما عظم الذنب، وربما تكون بعد التوبة أحسن حالاً منك قبل التوبة، ولكن إذا كان الذنب يتعلق بآدمي فابرأ منه، فإذا كان مالاً فرده إليه، وإن كان مظلمة عرض كما لو اغتبته في المجالس فاستحله إن كان علم بأنك اغتبته، أو خشيت أن يعلم، وإن لم يعلم بالغيبة ولا تخشى أن يعلم فاستغفر له، وأتمن عليه بما فيه من الخير والخصال الحميدة في المواطن التي كنت اغتبته فيها، ونسأل الله لنا ولكم التوبة.
الجواب: كلمة التوحيد لا إله إلا الله، أولاً: لا بد أن نعرف ما معناها. معناها لا معبود حقٌ إلا الله، هذا معناها، فكل ما عبد من دون الله من ملكٍ ونبيٍ ووليٍ وشجرٍ وحجر وشمسٍ وقمر فهو باطل؛ لقوله تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ [الحج:62] ، هذا معنى هذه الكلمة العظيمة، وهي مبنية على ركنين: نفي وإثبات، نفي الألوهية عما سوى الله وإثباتها لله، وبهذا يتحقق التوحيد أي: باجتماع النفي والإثبات يتحقق التوحيد، ووجه ذلك: أن النفي المحض الذي لا يقرن بإثبات عدم، وأن الإثبات المحض الذي لا يقترن بالنفي إثباتٌ لا يمنع المشاركة، فلا يتحقق التوحيد إلا بإثبات ونفي، نفي الحكم عما سوى من أثبت له، وإثباته لمن أثبت له، وهذان الركنان هما الأصل، أما شروطها فلا بد أن تكون صادرةً عن يقين وعلم يقين لا شك معه، وعلمٍ لا جهل معه، ولا بد لها من شروطٍ لاستمرارها كالعمل بمقتضاها حسب ما تقتضيه الشريعة، وأما مجرد القول باللسان بدون اعتقادٍ وإيقان فإن ذلك لا ينفع، فنشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
الجواب: أذكار الصباح أذكارٌ مضافة إلى الصباح، وهذه إضافة بمعنى في، فإذا قلنا: أذكار الصباح فهو بمنزلة قولنا: أذكارٌ في الصباح، فيكون محلها من حين طلوع الفجر إلى أن تشرق الشمس ويكون الضحى، فإذا كان الضحى انتهى الإصباح، وكذلك في المساء أذكار المساء يعني أذكارٌ تكون في المساء، والمساء من صلاة العصر إلى هزيعٍ من الليل، كل ذلك يسمى مساءً، لكن ما قيد في الليل فهو في الليل كآية الكرسي مثلاً ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أن من قرأها في ليلة فإنه لا يزال عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطانٌ حتى يصبح )، وكذلك الآيتان آخر سورة البقرة: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ [البقرة:285] إلى آخر السورة أخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( أن من قرأهما في ليلةٍ كفتاه ).
فأقول: ما قيد في الليل فهو في الليل، وما قيد في المساء فهو أوسع وأشمل، يكون من صلاة العصر إلى هزيع من الليل. والله أعلم.
الجواب: نواقض الإسلام بمعناها الإجمالي: كل ما أوجب الردة فهو ناقضٌ للإسلام، يعني كل شيء من قولٍ أو فعل أو عقيدة يكون به الإنسان مرتداً فهو ناقضٌ للإسلام، وهو لا يحصر في الواقع، يعني أفراده لا تحصر لا بعشرة ولا بعشرين ولا بأكثر، لكن الضابط أن كل ما كان مقتضياً للردة فهو من نواقض الإسلام، فمثلاً كفر الحجود أن يجحد ما يجب الإيمان به مثل أن يجحد والعياذ بالله وجود الله، أو الملائكة، أو الرسل، أو الكتب، أو اليوم الآخر، أو القدر خيره وشره، فقد أتى ناقضاً من نواقض الإسلام.
لو جحد وجوب الصلاة، أو وجوب الزكاة، أو وجوب الصيام، أو وجوب الحج، أو أنكر تحريم الزنا، أو تحريم الخمر، أو ما أشبه ذلك من المحرمات الظاهرة المجمع عليها فهذا ناقضٌ من نواقض الإسلام.
كذلك من نواقض الإسلام الاستهزاء، لو استهزأ بالله، أو آياته، أو رسوله، فهذا ناقضٌ من نواقض الإسلام، قال الله تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [التوبة:65-66] .
كذلك لو استكبر عما يكون الاستكبار عنه ردة كما لو ترك الصلاة وصار لا يصلي لا في بيته ولا مع الجماعة فهذا ناقضٌ من نواقض الإسلام، كذلك لو اعتقد في قلبه ما لا يليق بالله عز وجل فهو مرتد، والحاصل أن نواقض الإسلام لا تحصر بعدد، وإنما تذكر بحد، وهي كل ما أوجب الردة أي: كل ما كان ردةً فهو ناقضٌ من نواقض الإسلام سواءٌ كان ذلك في العقيدة، أو في القول، أو في الفعل.
الجواب: لا يشترط لحصول الثواب أن يكون الإنسان عالماً به، بل يحصل لمن عمل هذا العمل سواء نوى به ذلك الثواب أو لم ينو به ذلك الثواب، لكنه لا شك أنه إذا احتسب الأجر على الله بما رتبه الله على هذه العبادة من الثواب كان أفضل وأحسن؛ ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه )، ولا شك أن الإنسان إذا احتسب العمل الصالح أي: احتسب ما رتب عليه من الثواب لا شك أنه أقوى إيماناً، وأشد رغبة ممن غفل عن ذلك ولم يحتسبه، لكن ظاهر النصوص أن الثواب المرتب على هذا العمل يحصل وإن لم يكن في بال الإنسان ذلك الثواب المعين، أو لم يكن عالماً به أصلاً، كما أن المحرم الذي رتب عليه العقوبة تحصل العقوبة وإن كان الإنسان لم يعلمها، مثال ذلك: لو أن رجلاً زنى والعياذ بالله بامرأة وهو ثيب، يعني وهو قد تزوج: جامع زوجته في نكاح صحيح ويعلم أن الزنى حرام، لكن لا يدري أن عليه الرجم، فهنا يرجم وإن لم يعلم أن عليه الرجم إذا تمت الشروط، ربما يقول لنا: أنا لو علمت أن حدي الرجم ما زنيت، نقول: ليس من الشرط أن تعلم.
وكذلك لو أن رجلاً جامع زوجته في نهار رمضان في حالٍ يلزمه فيها الصوم ثم جاء يسأل يقول: هل علي كفارة؟ نقول: نعم عليك كفارة، فإذا قال: أنا لم أعلم أن علي كفارة ولو علمت أن علي كفارة ما جامعت قلنا: هذا ليس بشرط، ما دام عرفت أنه حرام وانتهكت الحرمة فعليك الكفارة، والدليل لذلك قصة الرجل الذي جامع زوجته في نهار رمضان ثم أتى إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقال: يا رسول الله! هلكت، قال: ما أهلكك؟ قال: وقعت على امرأتي في رمضان وأنا صائم، فأمره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالكفارة، مع أن الرجل كان لا يدري ماذا عليه، فدل هذا على أن فاعل المحرم يؤاخذ به وإن كان لا يدري ما يترتب عليه.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر