الجواب: ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ( إنما يرحم الله من عباده الرحماء ).
ورحمة الله تعالى قريبٌ من المحسنين ،وزوجك الآن قد بلغ حالاً يحتاج معها إلى الرحمة والرأفة، فإذا قمت برحمته والرأفة به فإنك تستحقين بذلك رحمة الله عز وجل، وإذا صبرت على ما يحصل منه من أذى قولي أو فعلي ارتقيت إلى منزلة الصابرين الذين قال الله فيهم: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر:10]، فنصيحتي لك: أن تتمي إحسانك ومعروفك بتحمل الصبر منه، ومتى ذاق الإنسان حلاوة الصبر مع كونه مراً استساغه دائماً، وقد قيل في الصبر:
الصبر مثل اسمه مرٌ مذاقته لكن عواقبه أحلى من العسل
فاصبري واحتسبي الأجر من الله عز وجل، ودوام الحال من المحال، وأسأل الله تعالى أن يمد في عمر زوجك وفي عمرك على طاعة الله، وأن يرزقنا جميعاً الصبر والاحتساب والرحمة بمن يستحقون الرحمة، إنه على كل شيءٍ قدير، وأنا أشكرك على ما تقومين به حسب قولك من الرأفة به، والإحسان إليه، والقيام بحقه، وأرجو الله سبحانه وتعالى أن يعينك على إتمام ذلك بالصبر على ما يحصل منه، والله المستعان.
الجواب: الظاهر أن جواب هذا السؤال يحتاج إلى مجلد، الحج والعمرة يختلفان، فالحج حجٌ أكبر، والعمرة حجٌ أصغر، فالعمرة مكونة من إحرام وطواف وسعي وحلق أو تقصير، يعني أربعة أشياء: إحرام وطواف وسعي وحلق أو تقصير، أما الحج فمركبٌ من أكثر من ذلك، فهو إحرام، وطواف، وسعي، وحلقٌ أو تقصير، ووقوفٌ بعرفة، ومبيتٌ بمزدلفة، ومبيتٌ بمنى، ورمي الجمار، فهو أكبر وأوسع من العمرة، ثم الحج يختص بوقتٍ معين هي أيام الحج، وأما العمرة ففي كل وقت، ثم الحج من أركان الإسلام باتفاق العلماء، أما العمرة ففيها خلاف، فمن العلماء من قال: إنها واجبة ومنهم من قال: إنها ليست بواجبة، ومنهم من قال: إنها واجبة على غير المكي، غير واجبة على المكي، أي: الساكن في مكة.
وأما المحظورات محظورات الإحرام فتشترك فيها العمرة والحج؛ لأنها تتعلق بالإحرام، والإحرام لا يختلف فيه الحج والعمرة.
وأما الأركان والواجبات فتختلف العمرة عن الحج، يتفق العمرة والحج بأن من أركانهما الطواف والسعي والإحرام، وهذه الثلاثة أركانٌ في العمرة وليس فيها ركنٌ رابع، وأما الحج ففيه ركنٌ رابع وهو الوقوف بعرفة؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( الحج عرفة )، وهذا يختص به الحج.
أما الواجبات فالواجبات في العمرة شيئان فقط: أن يكون الإحرام من الميقات المعتبر شرعاً، وأن يحلق أو يقصر بعد فراغه من الطواف والسعي، وأما الحج فواجباته أكثر، يشترك مع العمرة في الواجبات بأن يكون الإحرام من الميقات المعتبر شرعاً، والحلق أو التقصير، ويزيد الحج بوجوب البقاء في عرفة إلى غروب الشمس، ووجوب المبيت في مزدلفة، ووجوب المبيت في منى الليلة الحادية عشرة والثانية عشرة من شهر ذي الحجة، والثالثة عشرة إن تأخر، ووجوب الرمي يعني رمي الجمار.
وأما طواف الوداع فليس من واجبات الحج الثابتة، ولا من واجبات العمرة الثابتة، وإنما يجب على من أدى العمرة أو أدى الحج إذا أراد الخروج إلى بلده؛ ولهذا لا يجب الطواف على أهل مكة؛ لأنهم مقيمون فيها.
الجواب: نعم، قال الله تبارك وتعالى: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ [البقرة:127] ، فإبراهيم عليه الصلاة والسلام هو الذي بنى الكعبة ورفع قواعدها بمشاركة ابنه إسماعيل عليهم الصلاة والتسليم، وقد جاء في بعض الآثار أن الكعبة بنيت في عهد آدم عليه الصلاة والسلام ولكنها اندثرت وتهدمت ثم جدد إبراهيم بناءها، فالله أعلم.
وأما لم سميت كعبة؟ فلأنها بناءٌ مربع وكل بناءٍ مربع له أركان أربعة يسمى كعبة، وقد أضاف الله تعالى هذا البيت إلى نفسه فقال جل وعلا: وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ [الحج:26] ، وفرض الله سبحانه وتعالى على عباده أن يتوجهوا إليه في صلواتهم، وفرض عليهم أن يحجوا إليه مرةً في العمر.
الجواب: الصحيح أن هذا الزواج ليس بصحيح؛ لخلوه عن الولي، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( لا نكاح إلا بولي )، لكن بعض العلماء يرى أن المرأة الحرة الرشيدة البالغة تزوج نفسها، فإذا كانت هذه المرأة في قومٍ يرون هذا الرأي فإن نكاحها صحيح بناءً على أن العامي مذهبه مذهب علماء بلده، وأما إذا كانت في بلدٍ لا يرى أهله صحة النكاح بلا ولي فإنه يجب عليها أن تفارق زوجها، وأن تجدد العقد، وما مضى فإنه مغفورٌ عنه لكونه وقع بشبهة، وما حصل من أولاد في هذه الفترة فهم أولادٌ لها وللرجل.
الجواب: إذا وكل شخصاً في دفع الزكاة فمن المعلوم أن الموكل سوف ينوي عند تسليم الدراهم مثلاً أنها زكاته، وهذه النية كافية، أما الموكل فيلزمه عند الدفع أن ينوي أنها زكاة فلان الذي وكلني، وأما الدائن فإن عليه الزكاة إذا كان مدينه غنياً باذلاً، أما إن كان فقيراً أو مماطلاً لا تمكن مطالبته فإنه لا زكاة في هذا الدين، لكن إذا قبضه فإن عليه أن يزكيه سنةً واحدة لما مضى، وإن كان قد بقي سنوات كثيرة.
وهل الأفضل للإنسان أن يدفع زكاته بنفسه أو يعطيها لوكيلٍ يدفعها عنه؟ والجواب: أن الأفضل أن يدفعها هو بنفسه؛ لأنه بذلك يباشر عبادةً من العبادات؛ ولأنه أطمن لقلبه وأوثق في دفع زكاته، لكن إذا كان لا يعرف المستحقين أو كان يرى أن هذا الوكيل أعرف منه وأفقه في الزكاة فإنه في هذه الحال يوكله؛ لأن هذا أقوم لمصلحة الزكاة.
الجواب: يرى بعض العلماء أن العمرة لا تكرر في السنة، وإنما تكون عمرة في كل سنةٍ مرة، ويرى آخرون أنه لا بأس بتكرارها، لكن قدروا ذلك بنبات الشعر لو حلق، وقد روي ذلك عن الإمام أحمد رحمه الله أنه إذا حمم رأسه أي: إذا نبت واسود فحينئذٍ يعتمر؛ لأن من واجبات العمرة: الحلق أو التقصير ولا يكون ذلك بدون شعر، وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله في إحدى فتاويه أنه يكره الإكثار من العمرة، والموالاة بينها باتفاق السلف، فإذا كان بين العمرة والعمرة شهرٌ أو نحوه فهذا لا بأس به، ولا يخرج عن المشروعية إن شاء الله، وأما ما يفعله بعض الناس في رمضان من كونه يكرر العمرة كل يوم فبدعةٌ منكرة ليس لها أصلٌ من عمل السلف، ومن المعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فتح مكة وبقي فيها تسعة عشر يوماً ولم يخرج يوماً من الأيام إلى الحل ليأتي بعمرة، وكذلك في عمرة القضاء أقام ثلاثة أيام في مكة ولم يأت بعمرة كل يوم، ولم يعرف عن السلف الصالح رضي الله عنهم أنهم كانوا يفعلون ذلك، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأنكر من ذلك أن بعضهم إذا اعتمر العمرة الأولى حلق جزءاً من رأسه لها ثم تحلل، فإذا اعتمر الثانية حلق جزءاً آخر ثم تحلل، ثم يوزع رأسه على قدر العمر التي كان يأخذها، وقد شاهدت رجلاً يسعى بين الصفا والمروة وقد حلق شطر رأسه بالنصف وبقي الشطر الآخر وعليه شعرٌ كثيف، فسألته: لماذا؟ فقال: إني حلقت هذا الجانب لعمرة أمس والباقي لعمرة اليوم، وهذا يدل -لا شك- على الجهل؛ لأن حلق بعض الرأس وترك بعضه من القزع المنهي عنه، ثم ليس هو نسكاً أعني حلق بعض الرأس وترك بعضه ليس نسكاً يتعبد به لله بل هو مكروه، ولكن الجهل قد طبق على كثير من الناس نسأل الله العافية، وله سببان:
السبب الأول: قلة تنبيه أهل العلم للعامة في مثل هذه الأمور، وأهل العلم مسئولون عن هذا، ومن المعلوم أن العامي لا يقبل قبولاً تاماً من غير علماء بلده، فالواجب على علماء بلاد المسلمين أن يبينوا للعامة في أيام المناسبات في قدومهم لمكة ماذا يجب عليهم، وماذا يشرع لهم، وماذا ينهون عنه، حتى يعبدوا الله على بصيرة.
أما السبب الثاني: فهو قلة الوعي في العامة، وعدم اهتمامهم بالعلم، فلا يسألون العلماء، ولا يتساءلون فيما بينهم، وإنما يأتي الواحد منهم يفعل كما يفعل العامة الجهال، وكأنه يقول: رأيت الناس يفعلون شيئاً ففعلته، وهذا خطأ عظيم.
فالواجب على الإنسان إذا أراد أن يحج أو يعتمر أن يتفقه بأحكام الحج والعمرة على يد عالمٍ يثق به حتى يعبد الله على بصيرة، وإنك لتعجب أيما عجب أن الإنسان لو أراد أن يسافر إلى مكة مثلاً فإنه لن يسافر إليها حتى يبحث عن الطريق أين الطريق الموصل إلى مكة، أين الطريق الأمثل من الطرق حتى يسلكه، لكن إذا أراد أن يأتي إلى مكة لحجٍ وعمرة لا يسأل كيف يحج ولا كيف يعتمر، مع أن سؤاله كيف يحج وكيف يعتمر أهم؛ لأنه سؤال عن دين وعن عبادة، فالذين يريدون الحج نقول لهم: ابحثوا عن أحكام الحج قبل أن تحجوا، كونوا صحبةً مع طالب علم يبين لكم ما يرشدكم، استصحبوا كتباً تبحث في الحج والعمرة من العلماء الذين تثقون في علمهم وأمانتهم وديانتهم، أما أن تذهبوا إلى مكة والواحد منكم فراغ من أحكام الحج فهذا تهاون وتساهل، نسأل الله أن يرزقنا علماً نافعاً وعملاً صالحاً.
الجواب: نعم، الطواف لأختك صحيح، وكونك قصرت بعد هذا الطواف عن العمرة صحيحٌ أيضاً.
وأما كون زوج أختك يمنعها من العمرة فهذا أمرٌ يعود إليه هو أعلم بشأن زوجته، قد يرى أنه من المصلحة أن يمنعها فيمنعها، وله الحق في ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه )، فمنع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم المرأة أن تصوم وزوجها شاهدٌ إلا بإذنه؛ لأنها إذا صامت تمنعه من كمال ما يريد منها، وإن فعل ما يريد صار في قلبه حرج وقلق، وإذا كان النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن الصوم الذي يكون به منع الزوج مما يريد فما بالك في السفر، فإن منعه زوجته من السفر حقٌ له، ولا لوم عليه في ذلك، لكن ينبغي للزوج أن يراعي الأحوال، فإذا قدر أن هذه المرأة لم تعتمر من قبل وصار أهلها يريدون العمرة وهو لا يشق عليه فراقها فليأذن لها في العمرة لتؤدي واجباً لله، ويا حبذا لو اصطحبها أيضاً، فإن هذا يكون فيه ألفة بين الأصحاب بعضهم مع بعض، ويكون فيه الخير الكثير، إن شاء الله.
الجواب: ليس هناك سنة تختص بمسجد الميقات، ولا بالإحرام، فلم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه كان إذا أراد أن يحرم صلى ركعتين، لكنه أهل دبر صلاة بمعنى أنه صلى الفريضة ثم أهل أي: لبى، ولهذا كان القول الراجح ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أنه ليس للإحرام صلاة تخصه، لكن ينبغي أن يجعل الإحرام بعد صلاة، فإن كان وقت فريضة انتظر حتى يصلي الفريضة ثم يحرم، وإن كان في وقت نافلة كصلاة الضحى مثلاً وصلاة ركعتين بعد الوضوء وصلاة تحية المسجد فليكن إحرامه بعد هذه الصلاة، أما أن ينوي صلاةً خاصة للإحرام فإن هذا لا أعلم فيه سنة عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
الجواب: لا يجب الحجاب عن المدرس الأعمى؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لـفاطمة بنت قيس : ( اعتدي في بيت
الجواب: ليس للعصر سنة راتبة، وإنما الرواتب في الفجر والظهر والمغرب والعشاء، أما الفجر فله سنةٌ راتبة قبل الصلاة، يسن فيها التخفيف، فلا يطيل فيها التسبيح، ولا الدعاء، ولا القراءة، وإنما يقرأ فيها بعد الفاتحة في الركعة الأولى قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1] ، وفي الركعة الثانية قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] ، أو يقرأ في الأولى قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [البقرة:136] وفي الثانية يقول: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ [آل عمران:64] ، وهذه السنة أعني سنة الفجر أفضل الرواتب، حتى كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يدعها حضراً ولا سفراً، وكان يقول: ( ركعتا الفجر خيرٌ من الدنيا وما فيها ).
وأما الظهر فراتبته ست ركعات: أربع ركعاتٍ قبل الظهر بسلامين، وركعتان بعدها، وأما المغرب فلها راتبةٌ واحدة وهي ركعتان بعدها، وأما العشاء فلها راتبةٌ واحدة وهي ركعتان بعدها، هذه هي الرواتب المشروعة في هذه الصلوات الأربع فقط، وأما العصر فليست لها سنةٌ راتبة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر