أولاً: ما عليه الناس اليوم من إطلاق لفظ الولاية على كل أحد؟
الجواب: الولاية لا يصح إطلاقها إلا على حسب الوصف الذي جاء في كتاب الله عز وجل، وقد بين الله تعالى ذلك في كتابه، حيث يقول: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس:62-63]، فبين الله سبحانه وتعالى أن ولايته لا تنال إلا بهذين الوصفين:
أولهما: الإيمان بما يجب الإيمان به.
وثانيهما: التقوى.
ففي الوصف الأول: صلاح القلب وفي الوصف الثاني صلاح الجسد، فمن ادعى ولاية الله عز وجل وقد فاته الوصفان أو أحدهما فإنه كاذب، فلو وجدنا شخصاً يجيز لنفسه أن يركع الناس له وأن يسجد الناس له، أو يجيز لنفسه أن يستخدم الشياطين بأنواع من الشرك، ثم يدعي بعد هذا أنه ولي لله، فإننا نقول له: إنك كاذب؛ لأن أعمالك هذه تنافي الإيمان والتقوى.
وما يحصل على يديه من خوارق العادات فإن ذلك لخدمة الشياطين له؛ لأن الشياطين تقوى على ما لا يقوى عليه البشر، فيستخدم الشياطين لينال مأربه في إضلال عباد الله عن سبيل الله.
وعلى هذا، فمن ادعى الولاية ولم يكن متصفاً بالوصفين اللذين ذكرها الله عز وجل وهما: الإيمان والتقوى فإنه كاذب في دعواه.
مداخلة: من يطلق عليهم الأولياء اليوم عند الصوفية وما ينسب إليهم من الكرامات الباطلة؟
الشيخ: هذه فقرة بينها جواب الفقرة التي قبلها، فما ينسب إليهم من الكرامات وهم على ضلال فإنها إهانات في الحقيقة وليست بكرامات؛ لأنها استدراج من الله عز وجل لهم، وهي في الحقيقة ليست كرامة بل هي مما يخدمهم بها الشياطين من أجل إضلال عباد الله.
الجواب: هذا الاعتقاد باطل؛ لأن الذي بيده النفع والضر وكشف الكربات هو الله عز وجل وليس الأولياء، فالأولياء لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً فضلاً عن غيرهم، سواء كانوا أحياءً أم أمواتاً، وإنما الذي يجيب دعوة المضطر إذا دعاه ويكشف السوء هو الله عز وجل، فإذا كان الأنبياء وهم سادات الأولياء وفوق مرتبة الأولياء، إذا كانوا لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً فما بالك بغيرهم، قال الله تعالى عن نوح: وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ [هود:31] ، وقال الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم: قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ [الأنعام:50] ، وقال له: قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا * قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا [الجن:21-22] ، وقال تعالى: قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [الأعراف:188].
فالأولياء لا يملكون لأحدٍ شيئاً لا نفعاً ولا ضراً، سواء كانوا أحياءً أو أمواتاً، فلا يملكون أن يهدوا ضالاً ولا أن يغنوا فقيراً، ولا أن يشفوا مريضاً، وإنما ذلك إلى الله عز وجل، هم بأنفسهم إذا أصابهم الضر لا يملكون دفعه ولا يملكون رفعه، بل هم عاجزون عن ذلك، فكيف يملكون لأنفسهم، فكيف يملكون لغيرهم ذلك؟!
الجواب: نعم.. نحن نقول لإخواننا: إن الذي يجب أن يوجه إليه الدعاء وأن توجه إليه الاستعاذة هو الله عز وجل، وهو المعين وهو المجيب وهو الذي بيده ملكوت كل شيء، قال الله تبارك وتعالى: قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ [المؤمنون:88] ، وفي قراءة: (سيقولون الله)، وقال تبارك وتعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر:60] ، وقال تعالى وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [البقرة:186] ، وقال الله تعالى: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ [الأحقاف:5-6] .
فالدعاء لله وحده، والاستعاذة بالله وحده، والملك لله وحده، فهو أهل الدعاء وأهل الاستعاذة وهو أهل الفضل والإحسان.
أولاً: ما حكم التفرد بالقراءة واتخاذها حرفة؟
الجواب: التفرغ للقراءة على المرضى من الخير والإحسان إذا قصد بذلك وجه الله عز وجل، ونفع عباد الله وتوجيههم إلى الرقى الشرعية التي جاءت في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وأما اتخاذ ذلك لجمع الأموال فإن هذه النية تنزع البركة من القراءة، وتوجب أن يكون القارئ عبداً للدنيا، إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط.
لذلك أنصح الذين يتفرغون للقراءة على المرضى أن يخلصوا النية لله عز وجل، وألا يكون همهم المال، بل إن أعطوا أخذوا، وإن لم يعطوا لم يغضبوا، ولذلك تحصل البركة في القراءة على إخوانهم. هذا ما أقوله لإخواني القراء.
الجواب: لا تجوز الخلوة بالمرأة حال القراءة عليها؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم )، فلابد أن يكون معها ذو محرم عند القراءة عليها.
الجواب: لا يجوز أيضاً مس المرأة الأجنبية حال القراءة عليها؛ لأنه لا داعي لذلك، ثم لو فرض أنها دعت الحاجة إلى هذا كما لو كان المرض في عضو معين كاليد والقدم وأراد أن يضع يده على هذا الموضع من الألم، ويقول: أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما تجد وتحاذر. أقول: إن دعت الحاجة إلى ذلك فلا بأس بشرط أن يأمن الإنسان نفسه، فإن خاف من ثوران الشهوة أو التمتع باللمس فإن ذلك حرام عليه، ثم إن المواضع في البدن تختلف، بعضها مسه فتنة ولا شك وبعضها دون ذلك، ويختلف أيضاً وضع اليد على موضع الألم، بينما إذا كان هناك حائل أو كانت المماسة مباشرة.
وعلى كل حال؛ فإني أحذر إخواني القراء من أن يضعوا أيديهم على أي موضع من بدن المرأة، لا مباشرة ولا من وراء حائل، وإذا أراد الله في قراءتهم خيراً حصل بدون لمس.
الجواب: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن النشرة، فقال: ( هي من عمل الشيطان )، وقسم العلماء رحمهم الله النشرة إلى قسمين:
القسم الأول: أن تكون نشرة بالأدعية أو بالرقى من القرآن والسنة أو باستعمال مأكول أو مشروب مباح، فهذه جائزة ولا بأس بها.
والثاني: أن تكون بالسحر، بمعنى: أن نفك السحر بسحر، فهذه هي التي أرادها النبي عليه الصلاة والسلام في قوله: ( هي من عمل الشيطان ).
الجواب: الإطلاع على الساحر يكون بأسباب:
أولاً: لقاء الساحر، فإن الساحر ربما يسحر ثم يتوب الله عليه ويهديه ويتوب إلى ربه، فيخبر بسحره.
وربما يكون الساحر قد أقر عند أصدقائه وأصفيائه بأنه سحر فلاناً.
وربما يرى المسحور في المنام أن فلاناً سحره.
وربما يرى أحد من أقارب المسحور أن فلاناً سحر قريبه.
فالمهم أن الأسباب التي توصل إلى معرفة الساحر متعددة، ولا تنحصر في جهة واحدة بل لها عدة جهات.
الجواب: معلوم أن القارئ الذي يقرأ بكتاب الله عز وجل أو بما صح من سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على المرضى، من المعلوم أنه لابد أن يكون مؤمناً، وأن يكون مقتنعاً بأن هذه القراءة تنفع، ولكن لابد مع ذلك أن يكون المقروء عليه قابلاً بهذه القراءة مؤمناً بأنها نافعة، مؤملاً من الله سبحانه وتعالى النفع بها، ولابد أيضاً من أن تكون القراءة قراءة شرعية، فهذه ثلاثة أمور: صحة القراءة وإيمان القارئ وإيمان المقروء عليه، فإذا تمت هذه الشروط فإن القراءة تنفع بإذن الله. وقد قرأ أحد الصحابة رضي الله عنهم على رجل لدغته عقرب، قرأ عليه سورة الفاتحة، فقام كأنما نشط من عقال، فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم للقارئ: ( وما يدريك أنها رقية )، وهي من أفضل ما يرقى به على المرضى ومن أنفع ما يكون للمريض، لكن إذا اجتمعت الشروط الثلاثة، وهي: إيمان القارئ، وإيمان المقروء عليه، وكون القراءة شرعية، وهي شرعية بالفاتحة لا شك.
الجواب: السحر نوعان: نوع يكون كفراً، ونوع يكون فسقاً، فالسحر الذي يكون بالاستعانة بالشياطين والأرواح الخبيثة هذا كفر، لقول الله تبارك وتعالى: وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ [البقرة:102]، والنوع الثاني: يكون فسقاً وهو السحر بالأعشاب ونحوها مما يضر المسحور، فهذا عدوان وفسق، لكن لا تصل بصاحبها إلى حد الكفر.
وأياً كان الساحر فإنه يجب قتله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( حد الساحر ضربه بالسيف )، ولأن عدوانه وضرره عظيم على الأمة. ثم إن كان كافراً -أي: إن كان سحره مكفراً- فإنه لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن مع المسلمين، وإن كان غير مكفر فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن مع المسلمين.
الجواب: العلاج الشرعي يكون بالآيات القرآنية كالفاتحة والمعوذتين وما جاءت فيه السنة من الأدعية، وكذلك بالأدعية المباحة التي يدعو بها الإنسان ربه، هذا هو العلاج الشرعي للسحر.
الجواب: الطائفة المنصورة هم أهل السنة والجماعة، وهم الفرقة الناجية، وهم الذين كانوا على مثل ما عليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه، عقيدة وقولاً وفعلاً، ففي العقيدة يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، يؤمنون بأن الله تعالى رب كل شيء ومليكه، يؤمنون بأن الله تعالى هو الحق وأن ما يدعى من دونه هو الباطل، يؤمنون بكل ما سمى الله به نفسه أو ما سماه به رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، يؤمنون بكل ما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، يؤمنون كذلك بملائكة الله تعالى على ما جاء في الكتاب والسنة وبكتبه وبرسله وباليوم الآخر والقدر خيره وشره.
يتعبدون لله تعالى بما شرع لا يبتدعون في دين الله تعالى ما لم يشرع، يعتقدون أن كل بدعة في دين الله تعالى ضلالة، مخلصون لله تعالى في عباداتهم لأنهم أمروا في ذلك: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ [البينة:5]، لا يبتدعون في دين الله ما ليس منه، لا في العقيدة ولا في الأعمال القولية أو الفعلية، بل هم مخلصون لله، متبعون لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، هؤلاء هم الفرقة الناجية وهم الطائفة المنصورة وهم أهل السنة والجماعة.
الجواب: التوسل بالرسول صلى الله عليه وسلم إن كان توسلاً بمحبته والإيمان به واتباعه فهذا لا بأس به، مثل أن يقول القائل: اللهم إني أسألك بمحبتي لرسولك أن ترزقني ما أحب من خيري الدنيا والآخرة، أو بالإيمان بالرسول بأن يقول: اللهم إني أسألك بأني مؤمن بك وبرسولك أن تغفر لي، ومن ذلك قوله تبارك وتعالى: رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا [آل عمران:193] .
كذلك التوسل باتباع الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول: اللهم بما أنعمت علي من اتباع رسولك أسألك اللهم أن تنعم علي بالنجاة من النار ودخول الجنة وما أشبه ذلك.
أما التوسل بالرسول نفسه أو بجاه الرسول فإنه بدعة، ولا يجوز للإنسان أن يتوسل به؛ لأن التوسل اتخاذ وسيلة توصل إلى المقصود، ولا يمكن أن نحكم على شيء بأنه وسيلة يوصل إلى المقصود إلا بدليل من الشرع، ولم يرد في الشرع التوسل بذات النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أو بجاهه، وكما أن التوسل بالرسول عليه الصلاة والسلام بذاته أو بجاهه لا أصل له من الشرع فهو أيضاً لا أصل له من العقل؛ لأن ذات الرسول عليه الصلاة والسلام لا تفيد شيئاً بالنسبة للمتوسل، وكذلك جاهه عند الله ومنزلته عند الله لا تفيد المتوسل شيئاً، إنما تفيد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وعلى هذا فلا يتوسل الإنسان بالنبي ولا بجاه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وإنما يتوسل بالإيمان به ومحبته واتباعه.
وإنني بهذه المناسبة أود أن أقول: إن التوسل نوعان:
نوع جائز مشروع، ونوع محرم ممنوع، فالجائز على أنواع:
النوع الأول: التوسل إلى الله تعالى بأسمائه، ومنه حديث عبد الله بن مسعود : ( أسألك اللهم بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك ).. إلى آخر الحديث.
الثاني: التوسل إلى الله تعالى بصفاته، مثل: اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني إذا علمت الحياة خيراً لي وتوفني إذا علمت الوفاة خيراً لي، فإن العلم والقدرة من صفات الله تعالى.
ثالثاً: التوسل إلى الله تعالى بأفعاله، كما في قول المصلي في التشهد: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
الرابع: التوسل إلى الله تعالى بالإيمان به، كما في قوله تبارك وتعالى: رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا [آل عمران:16] ، وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ [آل عمران:193] .
الخامس: التوسل إلى الله تعالى بطاعته، كما في قصة أصحاب الغار الثلاثة الذين لجئوا إلى الغار فانطبقت عليهم صخرة من الجبل ومنعتهم الخروج، فتوسل كل واحد منهم إلى الله تعالى بصالح عمله، ففرج الله عنه.
السادس: التوسل إلى الله تبارك وتعالى بحال الداعي، كما في قوله تبارك وتعالى: رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ [القصص:24] ، وكما في قول أيوب: أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [الأنبياء:83] ، ومن ذلك الدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أبا بكر رضي الله عنه حين قال: ( علمني دعاء أدعو به في صلاتي، فقال: قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم )، هذه كلها توسلات جائزة.
أما الممنوع: فالتوسل إلى الله تعالى بما لا يرضاه الله، كتوسل المشركين بأوثانهم وأصنامهم إلى الله عز وجل، حيث قالوا: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر:3]، وكذلك التوسل بغير ما جعله الله تعالى سبباً يوصل إلى المقصود، ومنه ما أسلفناه في هذا الجواب من التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أو بذات الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وإذا تبين أن التوسل بذات النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ممنوع فالتوسل بمن دونه أشد منعاً كأن يتوسل بالصالحين والأولياء وما أشبه ذلك، لكن التوسل بدعاء الحي لا بأس به، مثل أن يقول رجل لآخر مرجو الإجابة: يا فلان ادعو الله بكذا وكذا، ومنه توسل الرجل الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخبره بأن الناس قد تضرروا بتأخر نزول المطر وطلب من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يدعو الله أن يغيثهم ففعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ومنه قول عمر: يا عباس! قم فادعو الله، وأما التوسل بالأولياء بعد موتهم فهو نوع من الشرك، وإن اعتقد أنهم يفعلون فهو شرك أكبر.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر