الجواب: على من أراد أن يصبح داعية إلى الله عز وجل, أن يتعلم:
أولا: إلى ماذا يدعو؛ لأن الإنسان قد يدعو إلى الله تعالى عن جهل, فيكون إفساده أكثر من إصلاحه, يفعل ذلك لا عن عمد إرادة سوء, لكن لجهله يظن أنه عالم فيتفوه بما لا يعلم, وحينئذ يقع في الإثم أولا, ثم في إضلال الناس ثانيا, أما وقوعه في الإثم فلقوله تعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ [الأعراف:33]. ولقوله تعالى: وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا [الإسراء:36]. وأما إضلال الناس, فلأنه قد يدعوهم إلى محرم وهو لا يدري أنه محرم, فقد يبيح لهم ما حرم الله, وقد يوجب عليهم ما لم يوجبه الله, فلابد لكل داعية إلى الله عز وجل من أن يكون عالما بما يدعو إليه.
ثانياً: لابد أن يكون مخلصا في دعوته إلى الله, بأن يقصد بدعوته إصلاح الخلق, وامتثال أمر الله تعالى بقوله: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة:2]. وحصول الدين الحقيقي, لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( الدين النصيحة, الدين النصيحة, الدين النصيحة, قلنا: لمن يا رسول الله! قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ). دون أن يقصد بالدعوة إلى الله الانتصار لنفسه, أو إطفاء لهيب الغيرة الذي في قلبه؛ لأن هذا قد يقع من بعض الناس, لكن لاشك أن نية الإصلاح والنصيحة لعباد الله هي الطريق الأسلم والأوفر, لابد للداعية أيضا من أن يكون حكيما في دعوته, بحيث ينزل كل إنسان منزلته ولهذا قال الله عز وجل: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [النحل:125]. فذكر الله تعالى ثلاثة أشياء: الحكمة, وهي بيان الحق وإيضاحه والاطلاع على محاسن الدين الإسلامي. ثم بالموعظة, إذا لم ير قبولاً ممن دعاه, يعظه الموعظة الحسنة التي تلين قلبه وترققه وتوجب الانصياع لما دعوته إليه. والثالث المجادلة, بالتي هي أحسن وذلك فيما إذا كان المدعو معانداً مجادلا, فلابد أن يجادل بالتي هي أحسن. أحسن في عدة أمور أولا: من حيث العرض. فتكون المجادلة بالأدلة النقلية من كتاب الله وسنة رسوله, أو الأدلة العقلية التي تؤيد ما جاء في الكتاب والسنة, وكذلك يكون من حيث الإقناع, بمعنى: أن يأتي بالأدلة الواضحة التي لا تحتمل المعارضة, دون الأدلة التي قد يعارض فيها المجادل, ولهذا لما حاج الرجل الكافر إبراهيم عليه الصلاة والسلام فقال له إبراهيم: رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ [البقرة:258]. فعدل إبراهيم عليه الصلاة والسلام عن مناقشته في هذا الأمر وقال له: إِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ [البقرة:258]. وعجز عن الرد، فلا ينبغي للمجادل أن يسلك طريقا يحتمل الأخذ والرد بل يسلك الطريق الذي يكون قاصم الظهر لا مكان للمحاجة فيه.
وثالثا: أن تكون مجادلته بالتي هي أحسن إذا كان المقام يقتضي ذلك, فإن كان لا يقتضي ذلك فليجادل بوجه آخر ولهذا قال الله تعالى: وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ [العنكبوت:46]. فجعل للذين ظلموا مرتبة فوق مرتبة الذين يجادلون بدون ظلم, والمهم أن الداعية إلى الله لابد أن يكون عنده علم بهذه الأمور التي أشرنا إليها, ثم إذا كان الأمر يتوقف على مراجعة المسئولين في هذا حتى لا ينفرط السلك وتحصل الفوضى, فليكن ذلك بعد مراجعة المسئولين لئلا يقع الإنسان في محظور فيندم على ذلك.
الجواب: أفضل ما في هذه الأشياء المذكورة هو الدعاء؛ لأن هذا هو الذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث قال: ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية, أو علم ينتفع به, أو ولد صالح يدعو له ). ولم يذكر العمل مع أن سياق الحديث في العمل, فلما عدل عنه صلى الله عليه وسلم إلى ذكر الدعاء لهما, علم أن الدعاء لهما أفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يمكن إطلاقاً أن يختار لأمته إلا ما هو الأنفع لها في دينها ودنياها, وحينئذ يتبين أن كون الإنسان كلما سبح كلما صلى كلما اعتمر كلما قرأ القرآن من غير الواجب عليه, يذهب يهديه إلى الموتى من أقاربه, فإن هذا ليس من عادة السلف رضي الله عنهم وخير طريق طريق من سلف, لذلك أنصح إخواني المسلمين أن يجعلوا الأعمال الصالحة لأنفسهم؛ لأنهم سيحتاجون إليها كما يحتاج هؤلاء الأموات إلى العمل الصالح, وليسترشدوا بما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من كونهم يدعون لأمواتهم.
الجواب: هذا ينبني على القول بجواز النوافل ذوات الأسباب في وقت النهي, والعلماء رحمهم الله مختلفون في ذلك, يعني: إذا وجد سبب النافلة في وقت النهي فهل يصليها أو لا؟ اختلف العلماء في ذلك فمنهم من قال: إنه يصليها, ومنهم من قال: إنه لا يصليها إلا ما جاءت فيه السنة, ومنهم من قال: إنه يصليها على سبيل العموم, أي: يصلي النوافل ذوات الأسباب. مثال ذلك: توضأ رجل بعد صلاة العصر, فمن العلماء مَنْ يقول: لا يصلي سنة الوضوء, ومنهم من قال: يصلي سنة الوضوء, ومنهم من قال: لا يصليها؛ لأنها لم ترد بذاتها, والصواب أنه يصليها, وأن الضابط هو إن كانت صلاة النافلة لها سبب, فإنه يصليها عند وجود سببها في أي وقت, بعد العصر, بعد الفجر, عند زوال الشمس, في أي وقت, وإن لم يكن لها سبب فلا يصليها, وعلى هذا فإذا دخل الإنسان المسجد بعد صلاة العصر فلا يجلس حتى يصلي ركعتين, وبعد صلاة الفجر لا يجلس حتى يصلي ركعتين, وعند زوال الشمس لا يجلس حتى يصلي ركعتين, وإذا كسفت الشمس بعد صلاة العصر يصلي صلاة الكسوف, وإذا كان له استخارة عاجلة لا تحتمل التأخير إلى زوال النهي فيصليها في وقت النهي, وإذا توضأ فيصلي سنة الوضوء في أي وقت, إذا دخل المسجد ووجدهم يصلون وقد صلى من قبل يصلي معهم في أي وقت, وهلم جرا.
هذا هو القول: الراجح من أقوال: أهل العلم لدلالة السنة عليه وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد رحمه الله, واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية , بقي أن يقال: يكون الناس في انتظار صلاة الجمعة, يأتي الرجل إلى المسجد مبكرا ويصلي ما شاء الله ثم يجلس يقرأ القرآن, فإذا قارب الزوال قام يصلي, فهل هذا جائز؟ نقول: هذا ليس بجائز؛ لأن قبيل الزوال بنحو عشر دقائق وقت نهي, فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عقبة بن عامر أنه لا صلاة في هذا الوقت, وأنه ينهى عن الصلاة في هذا الوقت, وهذا الرجل الذي تقدم إلى الجمعة وصلى ما شاء الله وجلس يقرأ القرآن, ليس هناك سبب أن يقوم فيصلي عند زوال الشمس, والقول بأن صلاة الجمعة ليس فيها وقت نهي عند الزوال, دليله ضعيف لا يعتمد عليه ولا يقوى هذا الدليل على تخصيص عموم الأدلة الدالة على النهي عن الصلاة عند زوال الشمس, وعلى هذا فيقال لهؤلاء: لا تقوموا للصلاة عند زوال الشمس يوم الجمعة, أما لو كان الإنسان يصلي من حين دخل مثل: أن يكون أتى قريبا إلى المسجد وجعل يصلي ما شاء الله من الركعات حتى جاء الإمام, فهذا موضع نظر, فمن العلماء من قال: إنه لا بأس به؛ لأن الصحابة كانوا يتطوعون بالصلاة إلى مجيء الرسول صلى الله عليه وسلم لصلاة الجمعة, ومنهم من قال: لا, يؤخذ بالنهي عن الصلاة في هذا الوقت ولا يرخص إلا إذا كان فيما له سبب, وهذا القول أحوط وأحسن, والخلاصة التنبيه على فعل هؤلاء الذين يكونون في المسجد يوم الجمعة فإذا قارب الزوال قاموا يتطوعون نقول: هذا أمر منهي عنه.
الجواب: هذا الرجل ذكر أنه حلف أولا, وظاهر ثانيا, أما حلفه فلو قال: إن شاء الله لكان سببا لإدراك مقصوده, لو قال: والله إن شاء الله لا أعود إليه, ربما يكون هذا سببا في إدراك ما حلف عليه, لكنه لم يقل: إن شاء الله ولهذا حنث, والذي ينبغي لكل حالف ولو كان جازما أن يقول: إن شاء الله؛ لأنه إذا قال: إن شاء الله استفاد بذلك فائدتين, الفائدة الأولى: الإعانة على فعل ما حلف عليه, والفائدة الثانية: أنه لو حنث ولم يفعل لم يكن عليه كفارة, ودليل ذلك ما ثبت في السنة النبوية أن سليمان عليه الصلاة والسلام وهو أحد أنبياء بني إسرائيل, آتاه الله النبوة والملك, فحلف ذات يوم أن يطوف على تسعين امرأة, أي: يجامع تسعين امرأة تلد كل واحدة منهن غلاماً يقاتل في سبيل الله. فقيل له: قل: إن شاء الله, لكنه عليه الصلاة والسلام لم يقل اعتمادا على ما في نفسه من الجزم والعزيمة, فجامع تسعين امرأة في تلك الليلة, ولم تلد منهن إلا واحدة, ولدت شق إنسان, لا إنساناً كاملا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لو قال: إن شاء الله لم يحنث, وكان دركا لحاجته ). على هذا فنقول لهذا الأخ: لو أنك حين أردت أن تحلف على ألا تعود إلى هذه المعصية, قلت: إن شاء الله لكان هذا سببا لإدراك ما تريد, لكن لم يحصل فعليك حينئذ كفارة اليمين, وهي إطعام عشرة مساكين, أو كسوتهم, أو تحرير رقبة, فإن لم تجد فصيام ثلاثة أيام متتابعة, ثم أني أنصحك وأنصح كل من يسمع كلامي هذا, ألا تجعلوا الأيمان أو النذور سببا لامتناعكم من المعصية, أو لفعلكم الطاعة؛ لأن الله تعالى أنكر ذلك فقال: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ [النور:53]. يعني: عليكم طاعة معروفة بدون قسم, وهذا نص من القرآن, أما السنة فقد ثبت عن النبي صلى الله وعلى آله وسلم أنه نهى عن النذر, وقال: ( إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل ). يعني: أن البخيل هو الذي يلزم نفسه بالصدقة عن طريق النذر, وكم من إنسان نذر لله طاعة ثم ثقلت عليه بعد ذلك ولم يفعل, وصار يطرق باب كل عالم لعله ينجو من هذا النذر, وتكون النهاية ألا يوفي بنذره, فيقع في هذا الوعيد الشديد الذي ذكره الله تعالى بقوله: وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ [التوبة:75-77].
هذا هو الجواب: عن الفقرة الأولى في السؤال: وهي أنه حلف أن لا يعود إلى هذا الذنب فعاد إليه, وخلاصة ذلك أنه لو قال: إن شاء الله, لكان خيرا له, وثانيا: يجب عليه حين عاد إليه أن يكفر كفارة يمين, وذلك بإطعام عشرة مساكين, أو كسوتهم, أو تحرير رقبة, فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعة.
أما الفقرة الثانية: وهي أنه ظاهر من زوجته إن عاد, فقال: إن عُدْتُ إلى هذا فزوجتي تكون عليّ كظهر أمي, فهذا أيضا أشد من الأول؛ لأن الظهار كما وصفه الله عز وجل في قوله: مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا [المجادلة:2]. منكر من القول؛ لأنه محرم وزور؛ لأنه كذب, فيقال: لهذا الرجل هل أردت بهذا المظاهرة أن زوجتك تكون عليك كظهر أمك في التحريم, فهذا ظهار وكفارته مغلظة, أو أردت بذلك قوة الرادع لنفسك وأنه من شدة ما تكره هذا الفعل أنك علقت عليه الظهار, فإن كان الأول: فإن زوجتك لا يحل لك أن تقربها حتى تكفر, والكفارة عتق رقبة, فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين, فإن لم تستطع فإطعام ستين مسكينا, وإن كان الثاني: أي: أنك أردت بذلك قوة الرادع لنفسك عن هذا الفعل, فحكمه حكم اليمين. يعني: أنك لما عدت إليه, تكون عليك كفارة يمين, وهي إطعام عشرة مساكين, أو كسوتهم, أو تحرير رقبة, فإن لم تجد فصيام ثلاثة أيام متتابعة, وإنني أنصحك في نهاية هذا الجواب أن تتوب إلى الله عز وجل وأن تقلع عن هذا الذنب, وأن تعزم عزما أكيدا مخلصا لله تعالى فيه على ألا تعود, وإذا علم الله تعالى منك صدق النية أعانك وسددك ومنعك منه.
الجواب: إذا اشترى الإنسان أرضا في مصر, أو في السعودية, أو في العراق, أو في الشام, أو في أي مكان من الأرض, وهو لا يريد الاتجار بها, إنما اشتراها ليبني عليها سكنا, أو يبني عليها بناء يؤجره, أو اشتراها ليحفظ فلوسه فيها, فليس عليه في ذلك زكاة؛ لأن الأراضي عينها ليس فيها زكاة, حتى تكون للتجارة, أي: حتى يجعلها الإنسان رأس مال له, يبيع فيه ويشتري, فإذا كان الأول: هو مرادك بشراء هذه الأرض فليس فيها زكاة, وإذا كان قصدك أن تتجر بها كما يتجر أصحاب العقارات بأراضيهم فعليك فيها الزكاة, وذلك بأن تقدر قيمتها كلما وجبت الزكاة في كل حول وتخرج ربع العشر, أي: اثنين ونصف في المائة.
الجواب: يجب على الإنسان إذا استيقظ من نومه أن يصلي حين استيقاظه, سواء عند طلوع الشمس, أو عند غروبها, أو في أي وقت, لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها ). يعني: ليصلها إذا ذكرها حال النسيان, أو إذا استيقظ حال النوم, ولا يجوز له التأخير. فعليه أن يتوضأ إذا استيقظ حين شروق الشمس, عليه أن يتوضأ ثم يصلي سنة الفجر, وهي مستحبة وليست واجبة, ثم يصلي الفريضة. وحينئذ أقف قليلا لأوجه نصيحة إلى هذا السائل وغيره ممن يتساهلون بتأخير صلاة الفجر من أجل النوم, وأقول: إنه يجب على الإنسان إذا كان لا يستيقظ إلا بموقظ, أن يتخذ موقظا, إما شخصا يعتمد عليه ويكون ثقة وحريصاً على إيقاظه, وإما آلة منبهة, وهذا والحمد لله كثير, يستطيع كل إنسان أن يدركها, وأما أن يعطي نفسه مهلة متى استيقظ قام وصلى, فهذا خطأ عظيم, وعلى خطر ألا تقبل صلاته؛ لأن كل إنسان يتعمد تأخير الصلاة عن وقتها فإنه لا صلاة له إذا صلى ولو صلى مائة مرة؛ لأن تأخير الصلاة عن وقتها بلا عذر شرعي, يعني: أنه عمل عملا ليس عليه الله ورسوله, وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ). أي: مردود عليه.
الجواب: إذا انتقض وضوء الطائف في أثناء الطواف, فإن طوافه يبطل عند جمهور العلماء, كما لو أحدث في أثناء الصلاة, فإن صلاته تبطل بالإجماع, وعلى هذا فيجب عليه أن يخرج من الطواف, ويتوضأ ثم يعيد الطواف من أوله؛ لأن ما سبق الحدث بطل بالحدث, ولا يلزمه أن يعيد الإحرام, وإنما يعيد الطواف فقط, وذهب شيخ الإسلام رحمه الله إلى أن الطائف إذا أحدث في طوافه, أو طاف بغير وضوء, فإن طوافه صحيح, وعلى هذا فيستمر إذا أحدث في طوافه في الطواف, ولا يلزمه أن يذهب فيتوضأ, وعلل ذلك بأدلة من طالعها تبين له رجحان قوله رحمه الله, ولكن إذا قلنا بهذا القول الذي اختاره شيخ الإسلام لقوة دليله ورجحانه, فإنه إذا فرغ من طوافه لا يصلي ركعتي الطواف؛ لأن ركعتي الطواف صلاة تشترط لها الطهارة بإجماع العلماء.
الجواب: الواجب عليك أن تستحل من ظلمته في عرضه, أو ماله, أو بدنه, في الدنيا قبل الآخرة؛ لأنك إن لم تستحله في الدنيا فسوف يأخذ من حسناتك يوم القيامة بقدر مظلمتك إياه, إن كانت المظلمة كبيرة أخذ من حسناتك الكثيرة, وإن كانت صغيرة بقدرها, فلابد أن تستحله, لكن إذا كنت لا تستطيع مواجهته, فإنه يمكنك أن تكتب إليه رسالة بغير قلمك بل بالمطبعة, وتقول: رجل نادم حزين على ما صنع إليك من الإساءة في عرضك, أو مالك, أو ما أشبه ذلك, يطلبك العذر ولك من الله الأجر, وهو بنفسه إذا ورد إليه مثل: هذا الخطاب, فالذي ينبغي له أن يعفو ويعذر لقول الله تبارك وتعالى: وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى [البقرة:237]. ولقوله تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [الشورى:40]. وهذا الرجل النادم لاشك أن العفو عنه إصلاح, فإذا عفا عنه, فإن أجره على الله, وكون أجره على الله أعظم من كون أجره يؤخذ من حسنات الظالم, ثم يَرِدُ سؤال: هل يجب أن أعين ما ظلمته فيه أم يكفى أن يحللني عن المظالم مطلقا؟ الذي يظهر لي: إذا كانت المظلمة قد بلغته, فلابد أن يعين, وأما إذا لم تكن بلغته, فإنه لا حرج أن يطلب منه العفو على سبيل الإطلاق.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر