إسلام ويب

مختصر التحرير [41]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • للمباح تسميات عدة، والإباحة قد تكون شرعية، وقد تكون عقلية، وأما فعل غير المكلف فليس من المباح.

    1.   

    فعل غير المكلف ليس من المباح

    قال المؤلف: [ولا منه فعل غير مكلف]، يعني: وليس من المباح فعل غير المكلف من المأمورات، فمثلاً المكلف يصلي صلاة الفريضة، ويصلي صلاة النافلة، ويتصدق إذا جاز أن يتصدق، يقول المؤلف: لا نصف هذا بأنه مباح؛ لأن هذا مأمور به أمر إيجاب في حق المكلف، ولكنه في حق الصغير ليس أمر إيجاب؛ لأن الصغير قد رفع عنه القلم، فيقول: إذا لم يكن أمر إيجاب وأنه رفع عنه القلم فمعنى ذلك أنه غير مكلف، فلا يوصف فعله بإباحة، ولا بواجب، ولا مستحب، ولكن هذا أيضاً خلاف التحقيق، بل فعل غير المكلف يوصف بالإباحة، وبالمشروعية، وبالنهي، فغير المكلف إذا فعل شيئاً مباحاً كلبس الثوب نصفه بأنه مباح.

    إذا صلى نقول: هذا مشروع، ومأمور به، ومثاب عليه، لكنه لا يأثم بالترك؛ لعدم قابليته للعقوبة؛ لأنه صغير، كذلك إذا فعل المحرم نقول: هذا فعل منهي عنه، ولا نقول: إن هذا مباح له، ولا نقول: ليس بمباح ولا محرم، بل نقول: هو محرم لكن لا يعاقب عليه؛ لأنه غير أهل للعقوبة.

    وغير المكلف هو الصغير والمجنون؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: (رفع القلم عن ثلاثة: عن الصغير حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ) .

    تسميات المباح

    قال: [ويسمى طلقًا وحلالًا].

    يعني: أن المباح له عدة أسماء، يسمى طلقاً، فإذا سألت: ما حكم الثوب؟ تقول: طلق، يعني: مباحاً، (وحلالاً)، فنقول: يحل للإنسان أن يلبس ثوب، يحل للإنسان أن يشتري، يحل للإنسان أن يبيع، أن يستأجر، أن يركب السيارة وما أشبه ذلك، نقول: نعم هذا من أسماء المباح، وسيأتي أنه يسمى أيضاً جائز.

    ثم قال: [ويطلق وحلال على غير الحرام] يعني: يطلق المباح والحلال على غير الحرام، وهو الواجب، والمستحب، والمكروه، ولكن هذا بالمعنى الأعم، فيقال مثلاً: هذا حلال، يعني: غير حرام، والغالب أن هذه العبارة إنما تقال في مقام النزاع بين العلماء، فيقول: هذا حلال دفعاً لقول من يقول: إنه حرام، وإن كان في نفس الأمر مطلوباً شرعاً، مثل قول بعض الفقهاء: ويحل للقارن والمفرد إذا لم يسوقا هدياً أن يجعلا إحرامهما عمرة؛ ليصيرا متمتعين، فقولهم: ويحل لهما أن يجعلا إحرامهما عمرة، إذا قرأه قارئ ظن أن هذا من باب الحلال المتساوي الطرفين، ولكن الواقع أنه ليس من باب الحلال المتساوي الطرفين، ولكنه من باب التعبير بالحلال لدفع قول من يقول: إنه حرام؛ لأن بعض العلماء يقول: إنه لا يجوز للقارن والمفرد أن يفسخا نسكهما إلى العمرة ولو من أجل التمتع، فإذا عبر بعض العلماء: يحل للقارن والمفرد أن يفسخا نسكهما إلى العمرة ليصيرا متمتعين فمراده بذلك أن هذا ليس بممنوع.

    والمهم أنه يأتي في عبارة بعض الفقهاء ذكر الحلال مراداً به غير الحرام، فيشمل ما قد يكون واجباً أو مستحباً.

    الإباحة الشرعية والإباحة العقلية

    قال: [والإباحة: إن أريد بها خطاب فشرعية، وإلا فعقلية].

    الإباحة إن أريد بها مدلول خطاب الشرع فهي شرعية، وإن أريد بها مطلق الإذن فهي عقلية، أما الأول فإذا قال الإنسان: هذا الشيء مباح، يعني: أن هذا مقتضى خطاب الشرع، فإن الإباحة حينئذ تكون شرعية، وأما إذا أراد بها أنه غير ممنوع من ذلك فهي عقلية؛ لأن الأصل هو عدم المنع.

    والخلاصة: أن الإباحة إن كانت مستندةً إلى دليل من الشرع فإنها شرعية، وإن كانت مستندةً إلى الأصل وهو براءة الذمة فهي عقلية؛ لأن الأصل عدم التكريه، وعدم القول بالإلزام فعلاً أو تركاً.

    ثم قال: [وتسمى شرعيةً بمعنى التقرير، أو الإذن].

    أي: تسمى الإباحة شرعية بمعنى: أن الشارع كره أو أن الشارع أذن فيها، وكلام المؤلف في الحقيقة هذا كله كلام منطقي، الفائدة منه قليلة؛ لأننا نقول: إن الإباحة إذا كان مستندها العقل فهي عقلية، وإن كان مستندها الشرع فهي شرعية، ومعلوم أن الشرع فيه قاعدتان عظيمتان: القاعدة الأولى في العبادات، والأصل فيها الحظر حتى يرد إذن المشروع بها، والقاعدة في غير العبادات أن الأصل فيها الحل حتى يقوم دليل من الشرع على المنع. والله أعلم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718712

    عدد مرات الحفظ

    765794117