إسلام ويب

مختصر التحرير [55]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • التكليف الشرعي يعني إلزام مقتضى الخطاب الشرعي، وذلك يشمل كل خطاب من حيث قبوله، والملتزم به هو المحكوم به، وهو فعل المكلف، وهل يشترط فيه الإمكان؟ للعلماء في ذلك كلام.
    قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ فصل: التكليف لغة: إلزام ما فيه مشقة ].

    التكليف له معنيان لغوي وشرعي:

    فاللغوي هو: إلزام ما فيه مشقة، ولهذا يقول القائل: هذا الفعل كلفني، يعني: شق علي، فلو قلت لشخص: احمل هذه الصخرة، فحملها مع التعب قلنا: هذا تكليف، ولو قلت لشخص: احمل هذا القلم فحمله، فهذا ليس بتكليف؛ لأن التكليف لغة: إلزام ما فيه مشقة.

    ويختلف هذا أيضاً باختلاف الناس، رب شاق على شخص ليس شاقاً على غيره، ضعيف البدن والمريض قد يشق عليه أن يحمل شيئاً يسيراً يحمله غيره بكل سهولة.

    فالحكم يدور مع علته، متى كان شاقاً على شخص فهو تكليف، وإذا لم يكن شاقاً عليه فليس بتكليف وإن شق على غيره.

    أما شرعاً فقال: [ وشرعاً: إلزام مقتضى خطاب الشرع ].

    والملزم هو الله عز وجل، إذاً: فهو الذي يكلف عباده، ولهذا قال الله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286].

    فإلزام مقتضى خطاب الشرع هو التكليف، ولا فرق بين أن يكون هذا المقتضى واجباً أو مسنوناً، حتى إلزام مقتضى خطاب الشرع في أمر مسنون يعتبر تكليفاً، مع أن المسنون يجوز للإنسان فعله وتركه، لكن هو مكلف به من حيث قبوله شرعاً لله وأنه من شرع الله، ومن حيث قبوله مسنوناً لا واجباً، أما من حيث الفعل فليس بمكلف به لأنه ليس بواجب، وليس فيه إلزام، ولهذا قال المؤلف: (إلزام مقتضى خطاب الشرع)، ولم يقل (فعل ما دل عليه الشرع).

    وعليه: إذا أمر الله بشيء على سبيل الوجوب، فمقتضى هذا الأمر أولاً قبوله، ثانياً: اعتقاد أنه واجب، ثالثاً: فعله، وكل هذه الثلاثة واجبة، والإنسان مكلف بها.

    أما إذا كان مستحباً فوجه التكليف به أن يعتقد بأن الشارع أمر به فيقبله، والثاني: أن يعتقد أنه سنة لا واجب، فلا يجوز للإنسان أن يعتقد أن راتبة الظهر مثلاً فريضة كصلاة الظهر؛ لأنه مكلف من قبل الشرع أن يعتقد المسنون مسنوناً، ولا يجوز أيضاً أن يعتقد أن صلاة الظهر مسنونة ولو صلاها؛ لأنه ملزم من قبل الشرع أن يعتقد بأنها واجبة، ولهذا قال المؤلف: إلزام مقتضى خطاب الشرع.

    وقوله: (خطاب الشرع) المراد بخطاب الشرع كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا لا إشكال فيه، وهل الإجماع والقياس من مقتضى خطاب الشرع؟

    نقول: نعم؛ لأن الإجماع والقياس قد دل على اعتبارهما الكتاب والسنة، فهما من مقتضى خطاب الشرع باعتبار دلالة الشرع على اعتبارهما دليلاً، فإذا دل الإجماع على شيء فهو كدلالة القرآن عليه، لكن ليس بالنص، بل باللازم؛ لأن القرآن دل على أن الإجماع حجة، وإذا دل القياس الصحيح على شيء فهو من مقتضى دلالة القرآن والسنة؛ لأن القرآن والسنة دلا على اعتبار القياس.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3087832025

    عدد مرات الحفظ

    774289043