الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
الشرط الأول: أن تكون معدة للدر والنسل والتسمين، لا للبيع والشراء.
الشرط الثاني: أن تكون سائمة الحول أو أكثره، يعني: أن تتغذى على السوم وهو الرعي كل الحول أو أكثره، وإن كانت غير معدة للدر والتسمين وإنما هي معدة للاتجار والتكسب فهي عروض تجارة وسيأتي الكلام عليها إن شاء الله تعالى، وإن كانت معدة للدر والتسمين فإنه لا زكاة فيها، فلو كان عند الفلاح عشرون بعيراً أبقاها للتناسل وللدر وللقنية، فإنه لا زكاة عليه في ذلك ما دام يعلفها أكثر الحول؛ لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه فيما كتبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه في فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بها رسوله صلى الله عليه وسلم، قال: ( وفي الغنم في سائمتها )، وفي حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده: ( أو إبل في سائمتها )، وهذا يدل على أن غير السائمة ليس فيها زكاة وهو كذلك.
وأما مقدار الزكاة في بهيمة الأنعام فإنه يختلف؛ وذلك لأن الأنصبة في بهيمة الأنعام مقدرة ابتداء وانتهاءً ولكل قدر منها واجب خاص بها، فمثلاً في الغنم: لكل أربعين شاة شاة واحدة، وفي مائة وإحدى وعشرين شاتان، وما بين الأربعين إلى مائة وعشرين ليس فيه إلا شاة واحدة، وفي مائتين وواحدة ثلاث شياه، فما بين مائة وإحدى وعشرين إلى مائتين ليس فيها إلا شاتان، ثم في كل مائة شاة، ففي مائتين وواحدة ثلاث شياه، وفي ثلاثمائة وواحدة ثلاث شياه، وفي أربعمائة أربع شياه.. وهلم جراً.
ولهذا لا يمكن أن يحدد الواجب في بهيمة الأنعام؛ وذلك لاختلاف النصاب فيه ابتداء وانتهاءً، ومرجع ذلك إلى كتب الحديث وأهل الفقه، أما غير السائمة كالخيل والحمير والبغال فهذه لا زكاة فيها ولو كثرت ولو سامت إذا لم تكن للتجارة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة )، فلو كان عند الإنسان مائة فرس يعدها للركوب والجهاد وغير ذلك من المصالح فإنه لا زكاة عليه فيها، ولو كانت تساوي دراهم كثيرة؛ إلا من كان يتجر في الخيل؛ يبيع ويشتري فعليه فيها زكاة العروض.
هذه ثلاثة أموال تجب فيها الزكاة: النقدان وهما: الذهب والفضة، والخارج من الأرض، والثالث: بهيمة الأنعام.
فإذاً: يكون مراد هذا المالك هو القيمة، وهي الذهب والفضة أو ما جرى مجراهما، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى )، ولأننا لو قلنا بعدم وجوب زكاة العروض لسقطت الزكاة عن كثير من أموال التجار؛ لأن غالب أموال التجار التي يتجرون بها إنما هي عروض التجارة.
هذه الأربعة أنواع من الأموال تجب فيها الزكاة.
الشيخ: الأراضي التي اشتراها أهلها للتجارة كما هو الغالب ينتظرون بها الزيادة، هذه عروض تجارة، وعروض التجارة تقوم عند حول الزكاة بما تساوي، ثم يؤخذ ربع العشر منها؛ لأن العبرة بقيمتها وقيمتها من الذهب والفضة، والذهب والفضة زكاتهما ربع العشر، ولا فرق بين أن تكون قيمة هذه الأراضي تساوي قيمة أو لا، فإذا قدرنا أن رجلاً اشترى أرضاً بمائة ألف وكانت عند الحول تساوي مائتي ألف، فإنه يجب عليه أن يزكي عن المائتين جميعاً، وإذا كان الأمر بالعكس اشتراها بمائة ألف، وكانت عند تمام حلول الحول تساوي خمسين ألفاً فقط، فإنه لا يجب عليه إلا خمسين ألفاً، يعني: العبرة بقيمتها عند وجوب الزكاة، فإن شك الإنسان ولا يدري هل تزيد قيمتها عما شراها به أو تنقص أو هي هي؟ فالأصل عدم الزيادة وعدم النقص، فيقومها بثمنها الذي اشتراها به، فإذا قدرنا أن هذه الأرض التي اشتراها بمائة ألف تساوي عند تمام الحول إن طلبت مائة وعشرين، وتساوي إن طلبت ثمانية آلاف، وهو متردد، نقول: قومها إذا اشتريت هذه؛ لأن الأصل عدم الزيادة والنقص، ولكن يشكل على كثير من الناس اليوم أن عندهم أراضٍ كسدت في أيديهم ولا تساوي شيئاً، بل إنهم يعدونها للبيع ولا يجدون من يشتريها، فكيف تزكى هذه الأراضي؟ نقول: إن كان عند الإنسان أموال يمكن أن يزكي من أمواله التي عنده، وإن لم يكن عنده إلا هذه الأراضي الكاسدة فإن له أن يأخذ ربع عشرها ويوزعها للفقراء إن كانت في مكان يمكن أن ينتفع بها الفقير ويعمرها، وإلا فليقيد قيمتها وقت وجوب الزكاة؛ ليخرج زكاتها فيما بعد إذا باعها، وتكون هذه الأراضي مثل الدين الذي عند شخص فقير لا يستطيع الوفاء، فالزكاة لا تجب عليه إلا إذا قبض الدين، والصحيح أنه إذا قبض الدين من مدين معسر فإنه يزكيه سنة واحدة فقط، ولو كان قد بقي سنين كثيرة عند الفقير، ويمكن أن يقال في هذه الأراضي التي كسدت ولم يجد من يشتريها: إنه لا يزكيها إلا سنة واحدة سنة البيع، ولكن الأحوط إذا باعها أن يزكيها بكل ما مضى من الثمرات؛ لأن الفرق بينها وبين الدين أن هذه ملكه بيده، والدين في ذمة فقير خرجت في كونه معسراً.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر