إسلام ويب

صفة الحج وكذا العمرة .. واجب على من أراد أن يحج أو يعتمر أن يتعلم أحكامهما حتى يؤديهما على الوجه الشرعي الصحيح؛ حتى يكون عمله مقبولاً مبروراً.. هذا وقد بين الشيخ -رحمه الله- صفة الحج والعمرة على التفصيل، ثم أردف ذلك بالأجوبة المقنعة الممتعة على الأسئلة التي وردت إليه.

أنواع أنساك الحج

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فهذا هو اللقاء الأخير في شهر ذي القعدة عام: (1413هـ) الذي يتم في يوم الخميس، أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعله وسابقاته لقاء خير وبركه.

في الأسبوع الماضي تكلمنا عن شروط وجوب الحج والعمرة.

أما اليوم فسنتكلم عن صفة العمرة والحج.

فالأنساك الشرعية ثلاثة أقسام:

- حج مفرَد.

- وحج قِران.

- وحج تمتع.

فأما الحج المفرَد: فأن يحرم الإنسان بالحج مفرداً، فيقول: لبيك حجاً.

وأما القِران: فأن يحرم بالعمرة والحج جميعاً، فيقول: لبيك عمرة وحجاً، أو يحرم بالعمرة أولاً، ثم يُدْخِل الحج عليها قبل الشروع في طوافها، كما جرى ذلك لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حين أحرمت بالعمرة فأصابها الحيض، فأمرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن تُدْخِل الحج على العمرة، وكان ذلك قبل أن تطوف للعمرة.

أما التمتع فهو: أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج -أي: بعد دخول شوال- بِنِيَّة أن يحج هذا العام، ثم يتحلل منها، ويحرم بالحج في وقته.

وهذا الأخير -أعني: التمتع- هو الأفضل؛ لأنه الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، ولأنه أكثر عملاً، فإن المتمتع يأتي بالعمرة كاملة ويتحلل منها، ثم يأتي بالحج، إلا إذا ساق الهدي معه بِأَن اصطحب معه هدياً إلى مكة فإنه لا سبيل له إلا القِران فقط، أو الإفراد؛ لأن مَن ساق الهدي لا يمكن أن يتحلل إلا يوم العيد، ودليل ذلك: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما حج أمر أصحابه أن يجعلوا إحرامهم عمرة إلا من ساق الهدي، وبقي هو صلى الله عليه وسلم على إحرامه؛ لأنه قد ساق الهدي.

صفة العمرة

أما كيفية العمرة: فالإنسان إذا وصل إلى الميقات تجرَّد من ثيابه واغتسل وتطيب في رأسه ولحيته، كمـا فعـل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم يلبس إزاراً ورداءً أبيضين نظيفين أو جديدين، وتفعل المرأة كما يفعل الرجل إلا في اللباس، فإنها تلبس ما تلبسه عادةً، وتلبس ما شاءت من الثياب إلا أنها لا تتبرج بالزينة، ولا تتطيب بالطيب الذي تظهر رائحتُه؛ لئلا يكون في ذلك فتنة.

فإذا أتم ذلك فليحرم.

وإذا ركب السيارة فليقل: لبيك اللهم عمرة، ولا حاجة إلى أن يقول: متمتعاً بها إلى الحج، بل يقول: لبيك اللهم عمرة، ونيته كافية.

ولا يزال يلبي حتى يصل إلى مكة.

ثم يعمد إلى الكعبة فيطوف، وهذا الطواف هو الطواف الأول، وفيه ينبغي للرجل أن يضطبع من أول الطواف إلى آخره، وأن يرمُل في الأشواط الثلاثة الأولى.

فالاضطباع: أن يجعل وسط ردائه تحت إبطه الأيمن، وطرفيه على كتفه الأيسر في كل الطواف؛ لكن لا يضطبع قبل الطواف ولا بعده، وأما الرَّمَل فيكون في الأشواط الثلاثة الأولى فقط، وهو أن يسرع في المشي مع مقاربة الخُطَا.

وفي ابتداء الطواف يستلم الحَجَر الأسود ويقبِّله، فإن لم يستطيع استلمه وقبَّل يده، فإن لم يستطيع أشار إليه ولا يقبِّل يده، ويقول في ابتداء الطواف: باسم الله والله أكبر، اللهم إيماناً بك، وتصديقاً بكتابك، ووفاءً بعهدك، واتباعاً لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم، ويجعل البيت عن يساره.

ويمسح الركن اليماني بيده اليمنى، فإن لم يستطع فإنه لا يشير إليه؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والعبادات لا تثبت بالقياس.

ويقول بينه وبين الحَجَر الأسود: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201] فإن قالها قبل أن يصل إلى الحَجَر الأسود وذلك فيما إذا كان الطواف زحاماً فإنه يكررها، ولو كررها عشر مرات لا يضر.

فإذا حاذى الحَجَر الأسود كَبَّر، ثم يكبِّر كلما حاذى الحَجَر الأسود، ولا يكبر عند الركن اليماني؛ لعـدم وروده عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

فإذا أتم سبعة أشواط التي ينبغي أن يدعو فيها، ويذكر الله، ويقرأ القرآن إن أحب، وإذا رأى منكراً أنكره، وإذا رأى إخلالاً بواجب أمَرَ به؛ لأن هذا من الخير؛ لكن لا يشْغَله عن طوافه، فإذا أتمها صلى ركعتين خلف المقام، يقرأ في الأولى: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ[الكافرون:1]، وفي الثانية: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ[الإخلاص:1] مع الفاتحة، ويُسَن تخفيفهما.

ثم ينصرف بعدهما فوراً، ولا يجلس للدعاء؛ لعدم وروده عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ثم يتجه بعد ذلك إلى المسعى، فإذا دنا من الصفا قرأ: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ [البقرة:158] أبدأ بما بدأ الله به، فيرقى على الصفا ويستقبل القبلة، ويرفع يديه داعياً، ويقول: الله أكبر ثلاثاً (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير, لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده) ثم يدعو بما أحب، ثم يعيد الذكر مرة ثانية، ثم يدعو بما أحب، ثم يعيد الذكر مرة ثالثة.

ثم ينزل متجهاً إلى المروة حتى يصل إلى العمود الأخضر، فيسعى سعياً شديداً -أي: يركض- إلا إذا كان هناك زحام وتأذَّى بالركض، أو آذى غيرَه فلا يفعل.

فإذا وصل إلى المروة صعد عليها، وقال ما قاله على الصفا وهذا شوط.

وإذا رجع من المروة إلى الصفا فهذا شوط آخر، حتى يكمل سبعة أشواط.

سؤال: ماذا يقول في هذه الأشواط الطويلة؟

الجواب: يقول ما شاء من ذكر، ودعاء، وقرآن، وغير ذلك.

وأنبِّه هنا أنه يوجد كتيبات فيها الدعاء لكل شوط في الطواف، والدعاء لكل شوط في السعي، وهذه بدعة لا أصل لها ولا يُعمل بها؛ لأن كل بدعة ضلالة.

ويوجد أيضاً بعضُ الناس كلما صعد الصفا أو أقبل عليه قال: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ[البقرة:158]، وكذلك في المروة ، وهذا خطأ، وإنما يقرأ هذه الآية إذا خرجَ من المسجد الحرام ودنا من الصفا قبل أن يصعد عليها، يقرأها مرة واحدة في أول مرة فقط.

ثم بعد السعي يقصِّر من جميع الرأس.

وبذلك تمت العمرة وأحلَّ التحلل كله.

صفة الحج

إذا كان اليوم الثامن من ذي الحجة أحرم بالحج، فماذا يصنع؟

نقول: أيام الحج هي: الثامن، والتاسع، والعاشر، والحادي عشر، والثاني عشر (خمسة أيام) وإن شاء زاد الثالث عشر فتكون ستة، ولننظر ماذا يفعل في اليوم الأول!

أعمال الحج في اليوم الثامن

في اليوم الأول -يوم الثامن- يحرم بالحج ضُحَىً قبل الظهر من مكانه الذي هو فيه، إن كان في مكة فمن مكة ، وإن كان في مِنى فمن مِنى، وإن كان في عرفة فمن عرفة ، من أي مكان كان، فيحرم بالحج من مكانه في أي مكان كان.

ثم يخرج إلى مِنى ويبقى فيها، يصلي الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر قصراً بلا جمع؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يجمع في حَجِّه حين خرج إلى الحج إلا في عرفة ومزدلفة فقط.

أعمال الحج في اليوم التاسع

فإذا طلعت الشمس يوم عرفة -وهو اليوم التاسع- فماذا يفعل؟

الجواب: يذهب إلى عرفة ، وإن تيسَّر له أن ينزل بـنَمِرة نزل إلى زوال الشمس، ثم يركب إلى عرفة ، وإن لم يتيسر -كما هو الغالب في الوقت الحاضر- فليستمر في سيره إلى عرفة وينزل فيها، فإذا زالت الشمس صلى الظهر والعصر جمع تقديم، ثم تفرغ بعد ذلك للدعاء والذكر؛ يدعو الله سبحانه وتعالى ويذكره بما شاء إلى أن تغرب الشمس.

وبهذا تنتهي أعمال اليوم التاسع.

أعمال الحج في اليوم العاشر

وفي اليوم العاشر -ومنه ليلة العاشر بعد غروب الشمس- يدفع من عرفة إلى مزدلفة ، فيصلي بها المغرب والعشاء جمعاً وقصراً، ويبيت بها حتى يصلي الفجر، ثم يذكر الله عزَّ وجلَّ إلى أن يُسْفِر.

ثم ينصرف إلى مِنى، فماذا يفعل في هذه الليلة؟

الجواب: يصلي المغرب والعشاء في مزدلفة ويبيت بها، ويصلي الفجر، ويدعو، حتى يُسْفِر، وله أن يدفع في آخر الليل من مزدلفة إذا غاب القمر؛ لكن إن كان قوياً لا يشق عليه مزاحمة الناس فإنه يبقى حتى يصلي الفجر ويدعو، وإن كان ضعيفاً يشق عليه مزاحمة الناس، أو كنَّ نساء؛ فإنه لا حرج عليه أن ينصرف في آخر الليل، وليس الحكم معلقاً بنصف الليل، بل في آخر الليل، وكانت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها ترتقب غروب القمر فإذا غاب دَفَعَت.

أما يوم العيد وبعد أن يصل إلى مِنى فعليه أن يفعل ما يأتي:

أولاً: رمي جمرة العقبة، بسبع حصيات متعاقبات، يكبر مع كل حصاة، ثم ينصرف ولا يقف.

ثانياً: النحر، ينحر الهدي أو يذبحه، إن كان من الإبل فنَحْرٌ، وإن كان من غيرها فذَبْح.

ثالثاً: الحلق أو التقصير.

رابعاً: الطواف بالبيت.

خامساً: السعي بين الصفا والمروة .

خمسة أنساك تُفْعَل في اليوم العاشر، ولهذا سُمِّي هذا اليوم (يوم الحج الأكبر) لأنه أكثر الأيام أنساكاً، وهي أنساك متنوعة: رمي، ونحر أو ذبح، وحلق أو تقصير، وطواف، وسعي.

وهذه الأنساك مرتبة كما عرفتم:

- فيبدأ أولاً بالرمي.

- ثم بالنحر أو الذبح.

- ثم بالحلق أو التقصير.

- ثم بالطواف.

- ثم بالسعي.

فتُرَتَّب هكذا.. وإن قدَّم بعضها على بعض فلا حرج، أعني: لو أنه حين دَفَعَ من مزدلفة استمر في السير حتى وصل إلى مكة وطاف، وسعى، وخرج إلى مِنى فرمى، ونحر أو ذبح، وقصر أو حلق فلا حرج عليه، ولو أنه رمى ثم حلق أو قصر، ثم نزل إلى مكة وطاف وسعى، ثم عاد إلى مِنى ونحر أو ذبح فلا بأس، ولو أنه رمى ثم نحر أو ذبح، ثم نزل إلى مكة وطاف وسعى، ثم حلق فلا بأس.

المهم أن تقديم هذه الأفعال الخمسة بعضِها على بعض لا بأس به؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسأل يوم العيد في التقديم والتأخير، فما سئل عن شيء قُدِّم ولا أُخِّر إلا قال: (افعل ولا حرج).

إذاً.. في اليوم العاشر ماذا يفعل؟

الجواب: يفعل خمسة أنساك:

- الرمي.

- ثم النحر أو الذبح.

- ثم الحلق أو التقصير.

- ثم الطواف.

- ثم السعي.

مرتبةً هكذا.

وإن قدَّم بعضها على بعض فلا بأس، وإن أخر الطواف والسعي حتى ينزل من مِنى فيطوف ويسعى عند سفره فلا بأس، وفي هذه الحال يجزئ عن طواف الوداع.

وإن نزل من مِنى ليلاً وطاف وسعى في الليلة الحادية عشرة أو الليلة الثانية عشرة فلا بأس؛ لكن لِيُلاحِظ أن لا ينزل من مِنى إلا بعد منتصف الليل؛ لأنه لو نزل قبلُ فربما يحجزه السير عن الرجوع إلى مِنى، فيفوته المبيت، فليكن محتاطاً، إما أن ينزل مبكراً في النهار ليتمكن من الطواف والسعي والرجوع إلى مِنى قبل منتصف الليل، أو أن يتأخر حتى يمضي أكثرُ الليل، ثم ينزل ليطوف ويسعى.

أعمال الحج في اليوم الحادي عشر

في اليوم الحادي عشر يرمي الجمرات الثلاث: الأولى، ثم الوسطى، ثم العقبة.

- فيرمي الأولى بسبع حصيات متعاقبات، يكبر مع كل حصاة، ثم يقف بعد ذلك مستقبِلَ القبلة، رافعاً يديه يدعو دعاءً طويلاً، كما جاءت بذلك السنة.

- ثم يرمي الوسطى بسبع حصيات متعاقبات، يكبر مع كل حصاة، ثم يتقدم ويقف طويلاً مستقبِلَ القبلة، رافعاً يديه يدعو الله عزَّ وجلَّ.

- ثم يرمي جمرة العقبة، ولا دعاء بعدها، فجمرة العقبة ليس بعدها دعاء، ولا يوم العيد، ولا الأيام التي بعده.

أعمال الحج في اليوم الثاني عشر

-وفي اليوم الثاني عشر يرمي أيضاً الجمرات الثلاث متعاقبات: الأولى، ثم الوسطى، ثم العقبة، ثم ينصرف.

ولا يرمي في هذين اليومين -أعني: الحادي عشر، والثاني عشر- إلا بعد الزوال؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يرمِ إلا بعد الزوال، وقال: (خذوا عني مناسككم).

وبعد رمي الجمرات في اليوم الثاني عشر إن شاء تعجَّل ونزل إلى مكة وأنهى حجَّه، وإن شاء تأخَّر إلى اليوم الثالث عشر؛ لأن الله تعالى يقول: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى [البقرة:203].

أعمال الحج في اليوم الثالث عشر

فإذا كان اليوم الثالث عشر، وهو متأخر في مِنى رمى الجمرات الثلاث، كما يرميها في اليوم الحادي عشر، واليوم الثاني عشر.

وبذلك تنتهي أعمال الحج.

وإذا أراد الخروج إلى بلده فإنه لا يَخرج حتى يطوف للوداع طوافاً بدون إحرام، وبدون سعي.

تقبل الله منا ومنكم ومن جميع المسلمين، ووفقنا وإياكم لما يحب ويرضى، إنه جواد كريم.

الأسئلة

حكم المبيت بمنى

السؤال: بالنسبة للمبيت بـمِنى هل يلزم المبيت إلى الفجر أم نذهب قبل الفجر؟

الجواب: يقول العلماء: لا بد أن يبيت الحاج بـمنى فيها معظم الليل، أي: ثلثا الليل، إما من الأول، أو من الآخر، بمعنى أنه يزيد على النصف.

حكم بيع محصول مزرعة بصك مزرعة أخرى

السؤال: هناك شخص عنده مزرعتان؛ مزرعة في المدينة ومزرعة هنا في القصيم للقمح، فإذا أراد أن يبيع المحصول يبيعه بصك المدينة للدولة، والدولة لا تجيز ذلك، فهل هذا يجوز؟

الجواب: لماذا لا يبيعه بصك القصيم ؟!

السائل: مزرعة القصيم ليس لها صك.

الشيخ: أولاً: هذا السائل -كما عرفتم- يزرع في أرض ليس فيها صك، ويقدم المحصول باسم أرض فيها صك؛ ولكن ليس فيها زرع.

سؤالي الآن: هل هذا كَذِبٌ أم صِدْقٌ؟! أسألك!

السائل: كَذِبٌ.

الشيخ: كَذِبٌ! وتحصيل المال عن طريق الكذب حلالٌ أم حرام؟!

السائل: حرام.

الشيخ: حرام! إذاً.. لا يحل هذا الشيء، والرزق لا يُسْتَجْلَب بالمعاصي، فإذا عرفتَ فاتقِ الله وأطعه، لقول الله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3].

السائل: والصك من كلتا الأرضين ملكه؟

الشيخ: نعم؛ لكنه ما قدَّم إلا باسم الأرض التي لم تُزرع، فسيقول -مثلاً-: زرعتُ في الأرض الفلانية في المدينة وهو لم يزرع، نعم لو قبلوا بلا تعيين لو قال: هذا زرعتُه في ملكي بلا تعيين فلا بأس لو قال: هذا الزرع من أرضٍ لي أو بستان لي ولم يعين فلا بأس؛ وفي هذه الحالة لا بد أن يعين.

السائل: لكن لو قدَّم صك المدينة فسيتضح أنه زرع في المدينة.

الشيخ: نعم، بلا شك فيكون هذا كذباً.

حكم الحج عن الغير

السؤال: فضيلة الشيخ! مرَّ في درس ماض مسألة إعطاء الحِجَّة إلى الغير، وجاء سؤال على الموضوع، وأفتيتم -جزاكم الله خيراً- بأن مَن أخذ دراهم ليحج بها عن الغير فله أن ينوِّب عنه إنساناً آخر، فيكون هذا مدعاةً إلى أن يختار الناسُ شخصاً بعينه، ولا يختارون الحِجَّة نفسها؛ لأن بعض الأشخاص يطلبون بالمعروف، ويحج بنيته، وبعضهم يطلب بالمعروف أن يحج هو فلا يسمحون له!

الجواب: الظاهر لي أنك فهمتَ خطأً؛ لأنه لا يجوز للإنسان إذا أُعْطِي حجاً أن يقيم غيره مقامَه إلا بعد مراجعة صاحبه، أو إذا قيل له: خذ هذه الدراهم وأعطها من تراه صالحاً، أما إذا عَقَدَ معه على أنه هو الذي سيحج، فإنه لا يجوز أن يعطيها غيره؛ لأنني ربما أختار هذا الرجل ولا أختار الآخر. هذا هو الواقع.

أما ما ذكرتَ فربما فاتك شيء من الكلام.

السائل: سأعطي -يا شيخ- مثالاً على هذا: للإنسان أن يستأجر بيتاً، وله هو بدوره أن يؤجر هذا البيت من الباطن بأكثر مما استأجره لنفسه!

الشيخ: هذا قياس مع الفارق.

السائل: لكن هذا المثال مرَّ مع السؤال نفسه في الدرس المذكور.

الشيخ: ولكنه قياس مع الفارق؛ لأن سُكْنى البيت لا يهم المؤجر إن سكنه زيدٌ أو عبيد، ولهذا قلنا: بشرط أن لا يكون المستأجر الثاني أكثر ضرراً من المستأجر الأول. فهذا غير هذا.

فالمهم أنه إذا كان الشيء المؤجَّر تتفاوت فيه الرغبات؛ فإنه لا يجوز للمستأجر أن يعطيه غيره، مثال ذلك: افرض أني استأجرتك لتنسخ لي كتاباً، فحينئذٍ لا يجوز أن تعطيه غيرك لينسخه؛ لأنني ربما أختار كتابتك ولا أختار كتابة الآخر، وهكذا الحج.

مداخلة: يا شيخ! تكملة لهذا السؤال: لو أن إنساناً أتاني وطلبني بالمعروف، وقال: حج عني بنيتي، فهل لي من أجر؟

الشيخ: أنا قلتُ لكم في أثناء الدرس: أن الإنسان إذا أخذ الحج لأجل قضاء حاجة صاحبه، فما يحصل له هو من الخير في المشاعر فهذا طيب، يؤجر عليه الإنسان.

عدة المرأة المتوفى عنها زوجها

السؤال: هناك رجل توفي، وله زوجتان، وبعد وفاته أنجبت إحدى زوجاته ولداً، والزوجة الثانية عاقر لا تنجب منذ أن تزوجها، فهل للولد أن يُخْرِج أمه بولادته هذه عن العدة؟

الجواب: إذا كان لرجل زوجتان إحداهما حامل، ثم مات، فوضعت الحامل بعد مُضْي أسبوعٍ مثلاً.

السائل: يومين!

الشيخ: أو يومين، انقضت عدتها، وانقضى إحدادها، والثانية تبقى حتى تتم أربعة أشهر وعشرة أيام، وإن كانت حاملاً فحتى تضع، فربما لا تضع إلا بعد عشرة أشهر، المهم أن كل واحدة لها حكم نفسها.

السائل: أي: لا تمنعها الزوجة الثانية الباقية في عدتها!

الشيخ: لا تمنعها الزوجة الثانية.

فضيلة صلاة الجماعة وإن كانت في البيت

السؤال: رجلان صاحبا مزرعة، ولهما مسجد صغير، فمرض أحدهما ولم يستطع الذهاب إلى المسجد، والآخر هل يذهب ويصلي في المسجد منفرداً أم يصلي مع صاحبه في بيته؟

الجواب: هل المسجد يأتيه أحد؟

السائل: لا. المسجد صغير لهما فقط.

الشيخ: وليس هناك مارَّة يمرُّون من عند المسجد؟

السائل: لا. هما في مزرعة بعيدة عن الإسفلت.

الشيخ: إذاً: يأتي مع صاحبه، ويصلي معه جماعة في بيته أفضل من كونه يصلي في المسجد منفرداً.

حكم رفع القدمين أثناء السجود

السؤال: يُشاهَد على بعض المصلين أنه في أثناء سجوده يرفع إحدى قدميه أو كليهما، فما حكم هذا الفعل؟

الجواب: لا يجوز للساجد أن يرفع شيئاً من أعضائه السبعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (أُمِرْنا أن نسجد على سبعة أعظم: على الجبهة -وأشار بيده إلى أنفه- والكفين، والركبتين، وأطراف القدمين)، فإذا رفع رجليه أو إحداهما، أو يديه أو إحداهما، أو جبهته أو أنفه أو كليهما، فإن سجوده يبطل، ولا يُعْتدُّ به، وإذا بطل سجوده ولم يأتِ ببدله على وجهٍ مشروع فإن صلاته باطلة.

الاشتراط في الحج

السؤال: فضيلة الشيخ! بالنسبة للاشتراط في الحج، هل هناك حالات معينة يَشْتَرِط فيها الحاج ويقول: إن حَبَسَنِي حابسٌ فمحلي حيث حَبَسْتَنِي؟

الجواب: الاشتراط في الحج أن يقول عند عقد الإحرام: إن حَبَسَنِي حابسٌ فمحلي حيث حَبَسْتَنِي.

وهذا الاشتراط لا يُسَنُّ إلا إذا كان هناك خوف مِن مرض أو امرأة تخاف من الحيض، أو إنسان متأخر يخشى أن يفوته الحج، ففي هذه الحالة ينبغي أن يشترط، وإذا اشترط وحصل ما يمنع من إتمام النسك، فإنه يتحلل وينصرف ولا شيء عليه.

أما إذا كان الإنسان غير خائف فالسنة أن لا يشترط، بل يعزم، ويتوكل على الله، ويحسن الظن بالله عزَّ وجلَّ.

حكم صلاة المغرب والعشاء بعد منتصف الليل في المزدلفة

السؤال: فضيلة الشيخ! إذا وصلتُ إلى مزدلفة بعد منتصف الليل، فهل يجوز لي أن أصلي المغرب والعشاء هناك، أم الأفضل أن أصليها قَبْلُ؟

الجواب: إذا خشي الإنسان بعد انصرافه من عرفة أن لا يصل إلى مزدلفة بعد منتصف الليل فإن الواجب عليه أن يصلي ولو في الطريق، ولا يجوز له أن يؤخر الصلاة إلى ما بعد منتصف الليل؛ لأن وقت العشاء إلى منتصف الليل.

التفصيل في تداخل السنن

السؤال: هل السنن تتداخل في بعضها؟ مثل مَن أراد سنة الوضوء فإنه يدخلها في سنة الضحى!

الجواب: نعم. يصح ذلك؛ لأن بعض السنن تكون مقصودة بذاتها، فهذه لا تتداخل، وبعض السنن يكون المقصود منها تحصيل الصلاة فقط، فمثلاً: سنة الوضوء المقصود بها أن تصلي ركعتين بعد الوضوء؛ سواء سنة الوضوء أو ركعتي الضحى، أو راتبة الظهر أو راتبة الفجر، أو السنة التي تكون بين الأذان والإقامة؛ لأن بين كل أذانين صلاة، وكذلك تحية المسجد يجوز إذا دخلتَ المسجد أن تصلي بنية الراتبة وتغني عن تحية المسجد.

أما إذا كانت العبادة مقصودة بذاتها فإنها لا تتداخل، ولهذا لو قال قائل: سأجعل راتبة الظهر الأولى -التي هي أربع ركعات- ركعتين وأنويها عن الأربع، نقول له: لا يصلح؛ لماذا؟

لأن السنة هنا مقصودة بذاتها، بمعنى أن تصلي ركعتين ثم ركعتين.

وهكذا أيضاً سنة الطواف مع سنة الفجر، مثلاً: لو انتهى الإنسان من طوافه بعد أذان الفجر وقبل الإقامة، فنوى بالركعتين سنة الطواف وراتبة الفجر فإنها لا تغني إحداهما عن الأخرى؛ لأن سنة الطواف سنة مقصودة بذاتها، وسنة الفجر سنة مقصودة بذاتها.

حكم تقديم اليدين على الركبتين عند السجود

السؤال: عندما يخر العبد للسجود، هل يقدم يديه أم ركبتيه؟ وما الراجح في هذا؟

الجواب: إذا خر الإنسان للسجود فإنه يقدم ركبتيه، ولا يقدم يديه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، فقال: (إذا سجد أحدكم فلا يبرُك كما يبرك البعير)، والبعير إذا برك يقدم يديه كما هو مشاهَد، فالحديث ليس لفظه: فلا يبرك على ما يبرك عليه البعير، بل لفظه: (فلا يبرك كما يبرك البعير)، وفرق بين العبارتين.

فإذا قيل: (فلا يبرك كما يبرك البعير) فهو نهي عن الهيئة والكيفية.

وإذا قيل: فلا يبرك على ما يبرك عليه البعير، فهو نهي عن العضو الذي يسجد عليه.

وعلى هذا لو كان لفظ الحديث: فلا يبرك على ما يبرك عليه البعير لقلنا: لا تقدم الركبتين؛ لأن البعير يقدم الركبتين؛ ولكنه قال: (فلا يبرك كما يبرك البعير) أي: في الكيفية والهيئة، ومعلوم أن البعير عندما يبرك أول ما يقدم يديه؛ لكن إذا كان الإنسان فيه أوجاع في ركبته، أو فيه مرض، أو كان ثقيل الجسم، وكان نزوله على يديه أسهل فلا بأس أن يقدم يديه.

الجمع بين حديثي: (فر من المجذوم) وحديث: (لا عدوى ولا طيرة)

السؤال: كيف نجمع بين الحديثين: (فر من المجذوم فرارك من الأسد) و(لا عدوى ولا طِيَرة

الجواب: الجمع بين قوله صلى الله عليه وسلم: (فر من المجذوم فرارك من الأسد)، وقوله: (لا عدوى ولا طِيَرة) هو أنه عند التأمل لا تعارض بينهما.

فالحديث الأول: (فر من المجذوم) أراد به النبي عليه الصلاة والسلام أن يتجنب الإنسان أسباب الخطر.

والحديث الثاني: أراد أن يبين أنه لو فرض أنه حصل له عدوى فإن هذه العدوى حصلت بإذن الله، وليست كما يعتقده العرب، من أنها تعدي بنفسها، بل هي بأمر الله عزَّ وجلَّ، فيكون النفي في قوله: (لا عدوى ولا طِيَرة) أي: نفي تأثيرها إلا بإذن الله لا نفي وجودها، بل العدوى موجودة، كلٌّ يعرف أن بعض الأمراض سريعة العدوى.

حكم من هم بسيئة فلم يعملها أو هم بها فعملها

السؤال: يقول الله تبارك وتعالى: وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ [الحج:25]، ويقول صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى في آخر الحديث: (وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله تعالى عنده حسنة كاملة) كيف نجمع بين الآية والحديث؟

الجواب: الجمع بين الآية والحديث من أحد وجهين:

الوجه الأول: أن قوله: وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ [الحج:25] أي: من يهم فيفعل، لقول الله تبارك وتعالى في سورة الأنعام وهي مكية: وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا [الأنعام:160] ولم يقل: ومَن هَمَّ، بل قال: وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ [الأنعام:160] فيكون المعنى: مَن يرد فيه بإلحاد بظلم ويفعل، وعلى هذا فلا تعارض.

الوجه الثاني: أن يقال: إن قوله: (ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة) هذا في غير مكة وتكون مكة مستثناة من ذلك، أي: أنه يؤاخذ الإنسان فيها بالهم، وفي غيرها لا يؤاخذ.

ولكن هنا نسأل: إذا هم بالسيئة وتركها، هل يؤجر على كل حال؟

لا. يؤجر إذا تركها لله، ولهذا جاء في تعليل هذا الحديث: (فإنه إنما تركها من جرائي) أي: من أجلي؛ لأن من هم بالسيئة ولم يعملها تختلف أحواله:

الأولى: إذا هم بالسيئة فتركها لله عزَّ وجلَّ فإنه يُثاب، ولا سيما إذا كانت هذه السيئة تدعو إليها النفس دعوة شديدة فإنه يثاب أكثر، ولهذا جاء في الحديث: أن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله (ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله) ترك المعصية مع قدرته عليها خوفاً من الله.

الثانية: أن يترك السيئة التي هَمَّ بها خجلاً من الناس لا خوفاً من الله، فهذا لا أجر له، بل قد يأثم على ذلك؛ لأن الترك -أعني: ترك المعصية- عبادة، والعبادة لا تكون إلا لله.

الثالثة: أن يدعها عجزاً عنها، فهذا يعاقب على نيته السيئة، ولا ينفعه عدم الفعل؛ لأنه غير قادر.

الرابعة: أن يدعها عجزاً عنها مع فعل الوسائل التي توصل إليها، فهذا يُكْتَب عليه وزر الفاعل، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار! قالوا: يا رسول الله! هذا القاتل، فما بال المقتول؟! قال: لأنه كان حريصاً على قتل صاحبه).

فترك المعصية ينقسم إلى أربعة أقسام:

الأول: أن يتركها خوفاً من الله، فهذا يؤجر.

الثاني: أن يتركها خوفاً من الناس، فهذا يأثم.

الثالث: أن يتركها عجزاً دون أن يفعل الوسائل التي توصل إليها، فهذا أيضاً يأثم بالنية.

الرابع: أن يتركها عجزاً مع فعل الوسائل التي توصل إليها؛ لكن لا يتحقق مراده، فهذا يكتب عليه إثم الفاعل.

أما مَن لم يهم بالسيئة، ولم تطرأ له على بال، فهذا ليس عليه إثم وليس له أجر.

تخصيص الصحابة بوجوب التمتع في الحج دون غيرهم

السؤال: فضيلة الشيخ! قلتم: إن أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالتمتع واجب على الصحابة فقط، ما دليل الصرف هذا مع أن القاعدة: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب؟

الجواب: الدليل: حديث أبي ذر في صحيح مسلم: كانت لنا خاصة، وأن أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً وأكابر الصحابة لم يَمْنَعوا من غير التمتع، ولا شك أنهم هم أعلم منا بمراد الرسول عليه الصلاة والسلام، وأعلم من ابن عباس بمراد الرسول عليه الصلاة والسلام، وأعلم ممن بعد ابن عباس إلى يومنا هذا.

ضابط في معرفة البدعة

السؤال: فضيلة الشيخ! في الأسبوع الماضي قدمنا سؤالاً، وكنتُ رسولاً ممن خلفي، وسألنا عن اللوحات في الشوارع، وهي: سبحان الله، والحمد لله، فقال قائل منا: أليست بدعة؟! أفعلها الصحابة؟! فما هو ضابط البدعة عفا الله عنك؟

الجواب: البدعة أن يتعبد الإنسان لله بما لم يشرعه الله عزَّ وجلَّ هذه هي البدعة.

أما وسائل العبادة فإنها ليست ببدعة، فهناك فرق بين المقاصد والوسائل، فلو قال قائل -مثلاً-: مكبر الصوت في الصلاة والخطبة والمواعظ كان غير موجود في عهد الرسول، فهو بدعة! لقلنا: هذا غلط؛ لأن ذلك وسيلة لإيصال الخير إلى الناس.

وهذه اللافتات التي توجد في الطرقات وسيلة لتذكير الناس بذكر الله عزَّ وجلَّ.

استنقاذ أموال الناس من اللصوص

السؤال: ثَمَّة عصابةٌ في بلدةٍ تسرق الناس، وقد استفحل خطرها، وليس في تلك البلدة رجال أمن، وأحد الناس يعرف وكرها ومخبأها، فهل يجوز لهذا الرجل الذي يعرف وكرها مع أناس شجعان أن يأخذوا هذه الأموال خِلْسَةً منهم، ويعرِّفونها أو يعرِفون أصحابها فيرسلونها إلى أصحابها، أم أن خِلْسَتَهم هذه تعتبر سرقة كذلك؟

الجواب: الرجل إذا رأى المال المسروق وهو يعرف صاحبه، فإنه يجب عليه وجوباً أن يستنقذه من السارق، فإذا ذهب هؤلاء الجماعة إلى أوكار هؤلاء السُّرَّاق، وأخذوا أموال الناس ليردوها إلى الناس فهم على خير كثير، ولهم أجر كبير، فليفعلوا ذلك ما استطاعوا.

حكم المبيت خارج منى

السؤال: بالنسبة لحدود مِنى، بعض الناس مِن الذين لا يعرفون مِنى وليسوا من أهل مكة يسكنون خارج سيل الجبال داخل مِنى، أي: عند حد السيارات الآن، الذي يتم فيه إخراج السيارات من داخل مِنى، فلستُ أدري هل هذا المكان يعتبر من مِنى؟! وهل يُعفى عنهم في ذلك أم لا؟! المهم أنه قد أنكر عليهم بعض الناس، ولم يستجيبوا، وقالوا: إلا أن يكون هناك فتوى من سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن باز ، أو من هيئة كبار العلماء!

الجواب: الواجب على الإنسان أن يحتاط لدينه بأن يبحث بحثاً دقيقاً عن مكان له في مِنى، فإذا لم يجد فقد قال الله عزَّ وجلَّ: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، فإذا لم يجد سقط عنه الوجوب؛ لأنه عاجز.

وقال بعض العلماء: إذا مُنع المبيت في مِنى فإنه يسقط عنه وجوب المبيت؛ لكن يجب عليه البدل، وهو فدية يذبحها ويوزعها على فقراء مكة .

أفضل الأدعية في يوم عرفة

السؤال: ما أفضل الأدعية في يوم عرفة؟

الجواب: أفضل الذكر يوم عرفة وغيره: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير.

والذكر دعاء؛ لكنه دعاء ضمني؛ لأن مَن أثنى على الله بذكره عزَّ وجلَّ فلسان حاله يقول: يا رب، أثبني على هذا الذكر؛ ولهذا قال بعض العلماء: إن الذكر دعاء في الواقع؛ لأنك لو سألتَ ذاكراً: لماذا ذكرتَ الله؟ لقال: ليثيبني.

لكن إذا دعا الإنسان بالدعاء الذي يريد، مثل: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201] أو يختار أدعية من القرآن، أو من السنة، فهذا طيب، ولا أعلم دعاءً خاصاً لعرفة، بل يقول الإنسان ما تيسر، إن علم من الأدعية التي في القرآن أو في السنة شيئاً فلْيَدْعُ بها؛ لأنها خير الأدعية، وإن لم يعلم فبما أراد.

كيفية فتنة الكفار للمؤمنين

السؤال: يقول الله سبحانه وتعالى: رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا [الممتحنة:5] فكيف يكون المسلم فتنة للذين كفروا؟

الجواب: يكون فتنة للذين كفروا بتسلُّط الكفار عليه؛ لأن تسلط الكفار على المؤمن فتنة، حيث إنهم يؤزَرون على ذلك ويأثمون عليه، فيكون ذلك فتنة لهم.

ويحتمل أن معنى فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا [الممتحنة:5] أي: أن يفتنونا هم عن ديننا، كقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ [البروج:10].

والآية تشتمل المعنيين جميعاً؛ لأن المعنيين لا ينافي أحدهما الآخر، والقاعدة في التفسير: أن الآية إذا احتملت معنيين لا ينافي أحدهما الآخر فإن الواجب حملها على المعنيين جميعاً.

التوسل بالعمل الصالح لأكثر من حالة

السؤال: هل للإنسان أن يتوسل بالعمل الصالح لأكثر من شيء ولأكثر من حالة؟

الجواب: نعم. يمكن أن يتوسل بالعمل الصالح لعدة أمور رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ [آل عمران:173-194] هذه عدة أشياء توسلوا إلى الله بالإيمان لتحصل لهم.

مشروعية التجارة مع أداء فريضة الحج

السؤال: هل يجوز أن يذهب رجل إلى مكة للتجارة بجانب أداء فريضة الحج؟

الجواب: نعم. يجوز للإنسان أن يذهب إلى مكة بنية التجارة والحج، لقول الله تبارك وتعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ [البقرة:198]؛ لكن ينبغي له أن يُغلِّب جانب الحج.

الهيئة التي يجب بها سجود السهو

السؤال: هل يشترط للإمام في الصلاة الرباعية أن يسجد سجود السهو بمجرد قيامه، أو بوصوله إلى القيام؟

الشيخ: قصدُك الزيادة؟

السائل: نعم، الزيادة.

الشيخ: الزيادة لا تتحقق إلا إذا وصلتَ إلى الركن الذي بعد الذي قمتَ منه، فمثلاً: لو أن الإنسان نهضَ في الرباعية ليقوم إلى الخامسة، ثم ذكر قبل أن يعتمد، فإنه يجلس ولا سهو عليه؛ لأنه لم ينتقل إلى الركن الذي يليه.

حكم إجبار الإمام على جمع الصلاة

السؤال: ما الحكم إذا أجبر الإمام على جمع الصلاة؟

الشيخ: من يجبره؟!

السائل: جماعة المسجد!

الشيخ: لا يمكن أن يجبر الإمام على الجمع؛ الإمام إمام، وهو سلطان في مسجده، فإذا قال له الناس: اجمع، نظر، إن كان الناس في حال يسوغ لهم فيها الجمع وجب عليه أن يجمع؛ لأنه ولي، والولي يجب عليه أن يفعل ما هو أرفق بمن هم تحت يده، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا أمَّ أحدُكم الناس فليخفف، وإذا صلى لنفسه فليطوِّل ما شاء).

فإذا طلب منه الجماعة أن يجمع والجمع سائغ وَجَب عليه أن يجيب؛ لكنه بنفسه يجوز له أن يجمع ويجوز له ألا يجمع، مع وجود المسوِّغ، وإذا طلب منه الجماعة أن يجمع وليس الحالُ بِمُسَوِّغ للجمع، فإنه لا يجوز له أن يقبل منهم، ويقول: أنا لا أجمع؛ لأني لا أرى الجمع، فإن أصروا وقالوا: إما أن تصلي بنا جمعاً وإلا صلينا نحن، يقول: صلوا أنتم، أما أنا فلا أجمع.

وإن خاف من فتنة في مثل هذه الحال فليصلِّ بهم، وينويها نفلاً، هذا إذا خاف من فتنة، والمسألة ممكنة ولو على وجه بعيد، أن يكون هناك مسوِّغ للجمع.

أما إذا لم يكن هناك مسوِّغ فإنه لا يجوز أن يجمع، وعليه أن يقول لهم: يا جماعة، هذا حرام؛ أن أجمع بدون مسوِّغ؛ لأن الله قال: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً [النساء:103] والنبي عليه الصلاة والسلام فسَّر هذا الوقت، وجعل لكل صلاة وقتاً معيناً.

وجوب العدل بين الأولاد في العطية

السؤال: هناك رجل لديه ثلاث عمارات، ولديه زوجتان، وله من إحدى الزوجتين بنت، وله من الزوجة الثانية عدة أبناء، فكتب إحدى هذه العمارات باسم ابنته الوحيدة التي من إحدى زوجاته، وكان ذلك سراً بينه وبين هذه البنت، دون أن يعلم إخوانها من الزوجة الأخرى! فهل هذا جائز؟

الشيخ: تعني: أنه أوصى لها بها، أم أعطاها لها هبة؟

السائل: هبة.

الشيخ: حال حياته.

السائل: نعم.

الشيخ: ما فعله هذا الرجل حرام عليه، بمعنى أنه لا يجوز له أن يخصص أحداً من أبنائه أو بناته بشيء من ماله؛ لأن البشير بن سعد رضي الله عنه حينما أعطى ابنه النعمان عطية، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فسأله: (هل فعلت ذلك بكل ولدك؟ قال: لا. فقال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)، فرجع البشير في هبته للنعمان ، وأخذها منه.

فإذا كان الرجل حياً فبلغه أن هذا حرام، فيجب أن يعود فيما فعل، وأن يمزق الوثيقة، وأن يجعل المسألة راجعة إلى حكم الله عزَّ وجلَّ، فإذا قدر الله عليه أن يموت، وكانت البنت باقية ورِثَت مع إخوانها ما تستحقه في دين الله، وربما تموت قبله.

فأنت على كل حال بلِّغ -إن شاء الله- وانصح.

السائل: وإذا أصرَّ؟

الشيخ: أنت بلِّغه فحسب، إنما عليك البلاغ.

السائل: قصدي إذا أصر على أنه لن يرجع في هذه الهبة، ثم توفي، هل تنفُذ؟

الشيخ: تُرَدُّ في الميراث، ويُجعلُ الميراثُ سواء.

تفسير المتأخرين للقرآن

السؤال: هل إذا فسر أحد الخلف آيات قرآنية بآيات أُخَر، وكان مقنِعاً مفحِماً، هل نرد تفسيره؛ لأن السلف كان لهم تفسير مخالف لهذا؟

الجواب: إذا فسر المتأخرون الآية بتفسير لم يتكلم فيه السابقون، وكان لا يخالف، فإنه يؤخذ به، مثل تفسير كثير من الآيات الكونية بما ثبت الآن مما كان مجهولاً من قبل.

أما إذا كان يخالف ما كان عليه السلف مخالفةً واضحة كتفسير (الاستواء على العرش) بـ(الاستيلاء على العرش)، فهذا يجب أن يُرَدَّ، ولا يجوز قبوله.

السائل: التفسير كان في سورة يوسف بالنسبة ليوسف عليه السلام، حيث قال السلف : إنه كان وزيراً للمالية، وقال المعاصرون: إنه لم يكن وزيراً للمالية وإنما كان هو الملك أو العزيز.

الشيخ: أما العزيز فليس هو العزيز؛ لأن الله قال: قَالَتْ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ [يوسف:51].

السائل: ولكن صار فيما بعد هو العزيز.

الشيخ: ربما، فهذه المسألة هل كان ملكاً أو كان وزيراً للمالية فقط، إن نظرنا إلى قوله تعالى: قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ [يوسف:55]، قلنا: إنه وزير مالية.

وإذا نظرنا إلى قول الملك: ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي [يوسف:54] قلنا: هو أيضاً مستشار خاص.

وإذا نظرنا إلى تصرفه فيما بعد: وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ [يوسف:62]، وما أشبه ذلك من التصرفات، قلنا: لعله في النهاية صار هو الملك، سواءً بموت العزيز، أو بتخليه عن الملك، والله أعلم.

السائل: عفواً يا شيخ! هو لَمَّا قال: اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ [يوسف:55] استدل هذا الرجل المفسِّر المعاصر بأن الخزائن هي: السلطة العليا، واستدل بآيات كثيرة، منها: وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ [المنافقون:7]، وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ [الحجر:21] فاستدل بأنها هي السلطة العليا، وليست مجرد وزارة المالية.

الشيخ: هذا غلط منه؛ لأن قوله: خَزَائِنُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ [المنافقون:7] مضاف ومضاف إليه، والمضاف ليس هو المضاف إليه، فالسماوات شيء، وخزائنها شيء آخر.

وقوله: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ [الحجر:21] نفس الشيء، فالمضاف والمضاف إليه شيئان مختلفان.

حكم حلق الشعر في الحج

السؤال: الجمهور قاسوا في أيام الحج بقية الشعر على حلق شعر الرأس أنها لا تُنْتَف ولا تُحْلَق، ألا يمكن أن يُستدل لدخول بقية الشعر في النهي عن حلقه بقول الله سبحانه وتعالى: ثُمَّ لِيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ [الحج:29]، لا سيما أن ابن عباس ذكر في تفسير هذه الآية أن المقصود: حلق الشعر، وتقليم الأظفار، ونحو ذلك؟ وهذا إباحة بعد نهي!

الجواب: لا يُستدل به، ولا يدل على المنع، بل يدل على أنه يُطْلَب من الإنسان أن يتنظف بعد فراغه من الحج، كما لو قلنا -مثلاً-: يُطلب يوم الجمعة أن تتنظف بتقليم الأظفار أو نحو ذلك، فلا يعني ذلك أنه ممنوع في بقية الأسبوع، فليس فيه دليل.

لكن لا شك أن القول للناس بأن يتركوا هذه الأشياء من باب الاحتياط، وتعويدِهم على تعظيم الشعائر لا شك أنه خير.

حكم وضوء من كان على جسمه زيت ونحوه

السؤال: ما صحة وضوءِ مَن لَبَّدَ رأسه بزيت أو وضع على جسمه شيئاً من الزيت؟

الجواب: مَن لَبَّدَ رأسه بزيت أو حناء أو نحوهما فلا بأس، ويمسح عليه، وإن لم يصل الماء إلى الشعر؛ لأن هذا مما يُتَسامَح فيه؛ بدليل أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان في إحرامه مُلَبِّداً.

والحمد لله رب العالمين.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , لقاء الباب المفتوح [25] للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

https://audio.islamweb.net