إسلام ويب

نعم الله على الخلق من الإنس والجن تترى، ويظهر ذلك جلياً من خلال تفسير أوائل سورة الرحمن، والتي زخرت بكثير من الآلاء والنعم في السماء والأرض في البر والبحر، وقد كان للشيخ وقفة مباركة عند تفسير تلك الآيات وإماطة اللثام عن بعض الإشكالات التي قد تطرأ على ذهن قارئ القرآن.

تفسير آيات من سورة الرحمن

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فهذا هو اللقاء التاسع والثمانون بعد المائة من اللقاءات التي تسمى لقاء الباب المفتوح التي تتم في كل يوم خميس من كل أسبوع، هذا الخميس هو الخامس والعشرون من شهر جمادى الآخرة عام (1419هـ).

نبتدئ هذا اللقاء كالعادة بتفسير كلام الله عز وجل الذي أنزله الله سبحانه وتعالى لنتدبر آياته وليتذكر أولو الألباب.

تفسير قوله تعالى: (والأرض وضعها للأنام)

يقول الله تبارك وتعالى: وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ [الرحمن:10] أي: أن من نعم الله عز وجل أن وضع الأرض للأنام، أي: للخلق.

تفسير قوله تعالى: (فيها فاكهة والنخل ذات الأكمام)

قال تعالى: فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ * وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [الرحمن:11-13] وضع الله الأرض للأنام، أي: أنزلها بالنسبة للسماء، والأنام هم الخلق، ففيها الإنس وفيها الجن، وفيها الملائكة تنزل بأمر الله عز وجل من السماء وإن كان مقر الملائكة في السماء، لكن ينزلون إلى الأرض مثل الملكين اللذين عن اليمين وعن الشمال قاعدين، والملائكة الذين يحفظون من أمر الله المعقبات، والملائكة الذين ينزلون في ليلة القدر، وغير ذلك.

(فيها فاكهة) أي: في الأرض فاكهة، أي: ثمار يتفكه بها الناس، وأنواع الفاكهة كثيرة كالعنب والرمان والتفاح والبرتقال وغيرها.

(والنخل ذات الأكمام) نص على النخل؛ لأن ثمرتها أفضل الثمار، فهي حلوى وغذاء وفاكهة، وشجرتها من أبرك الأشجار وأنفعها، حتى أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم شبه المؤمن بالنخلة، فقال: (إن من الشجر شجرة مثلها مثل المؤمن) فخاض الصحابة في الشجر حتى أخبرهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنها النخلة.

وقوله: (ذات الأكمام) جمع كم، وهو غلاف الثمرة، فإن ثمرة النخل أول ما تخرج يكون عليها (كم) قوي، ثم تنمو في ذلك الكم حتى يتفطر وتخرج الثمرة.

تفسير قوله تعالى: (والحب ذو العصف والريحان)

قال تعالى: وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ [الرحمن:12] الحب: أي الذي يؤكل من الحنطة والذرة والدخن والرز وغير ذلك، وقوله: (ذو العصف) أي: ما يحصل من ساقه عند يبسه وهو ما يعرف بالتبن؛ لأنه يعصف، أي: تطأه البهائم بأقدامها حتى ينعصف، (والريحان) هذا الشجر ذو الرائحة الطيبة، فذكر الله في الأرض الفواكه والنخل والحب والريحان؛ لأن كل واحد من هذه الأربع له اختصاص يختص به، وكل ذلك من أجل مصلحة العباد ومنفعتهم.

(فبأي آلاء ربكما تكذبان) الخطاب للجن والإنس، والاستفهام للإنكار، أي: إي نعمة تكذبون بها.

تفسير قوله تعالى: (خلق الإنسان من صلصال كالفخار)

خَلَقَ الْأِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ * وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ [الرحمن:14-15] (خلق الإنسان) أي: جنسه، (من صلصال) أي: الطين اليابس الذي له صلصلة، أي: صوت عندما تنقره بظفرك يكون له صوت (كالفخار) هو الطين المشوي، وهذا باعتبار خلق آدم عليه السلام، فإن الله خلقه من تراب.. من طين.. من صلصال كالفخار.. من حمأٍ مسنون، كل هذه أوصاف للتراب ينتقل من كونه تراباً، إلى كونه طيناً، إلى كونه حمأً، إلى كونه صلصال، إلى كونه كالفخار، حتى إذا استتم نفخ الله فيه من روحه فصار آدمياً.

(وخلق الجان) وهم الجن (من مارج من نار) المارج: المختلط الذي يكون في اللهب إذا ارتفع صار مختلطاً بالدخان، فيكون له لونٌ بين الحمرة والصفرة فهذا هو المارج من نار.

وأيهما خلق أولاً؟ الجان خلق قبل الإنس، ولهذا قال إبليس لله عز وجل: أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ[الأعراف:12].

قال تعالى: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [الرحمن:16] أي: بإي نعمة من نعم الله تكذبون، حيث خلق الله عز وجل الإنسان من هذه المادة، والجن من هذه المادة، وأيهما خير، التراب أم النار؟ التراب خير لا شك فيه، ومن أراد أن يطلع على ذلك فليرجع إلى كلام ابن القيم رحمه الله في كتابه إغاثة اللهفان من مكائد الشيطان.

تفسير قوله تعالى: (رب المشرقين ورب المغربين)

رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ [الرحمن:17] (رب) خبر مبتدأ محذوف، والتقدير: هو رب المشرقين ورب المغربين، أي: أنه مالكهما، ومدبرهما، فما من شيءٍ يشرق ولا يغرب إلا بإذن الله، وما من شيءٍ يحوزه المشرق والمغرب إلا لله عز وجل، وثنى المشرق هنا باعتبار مشرق الشتاء ومشرق الصيف؛ لأنه يختلف، فالشمس في الشتاء تشرق من أقصى الجنوب، وفي الصيف بالعكس، القمر في الشهر الواحد يشرق من أقصى الجنوب ومن أقصى الشمال، وفي آيةٍ أخرى قال الله تعالى: فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ[المعارج:40] فجمعها، وفي آيةٍ ثالثة: رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً[المزمل:9] فكيف نجمع بين هذا؟

نقول: أما التثنية فباعتبار مشرقي الشتاء والصيف (المشارق) الجمع باعتبار مشرق كل يوم ومغربه؛ لأن الشمس كل يوم تشرق من غير مكانها الذي أشرقت منه بالأمس، وكذلك الغروب، أو باعتبار الشارقات والغاربات؛ لأنها تشمل الشمس والقمر والنجوم وهذه لا يحصيها إلا الله عز وجل، فصار الجمع باعتبار مشرق لكل يوم ومغربه؛ لأن كل يوم يختلف عن اليوم الآخر في الشروق والغروب، أو باعتبار الشارقات والغاربات لأنها كثيرة، الشمس والقمر والنجوم التي لا يحصيها إلا الله عز وجل.

أما قوله: (رب المشرق والمغرب) فباعتبار الناحية؛ لأن النواحي أربع: مشرق ومغرب وشمال وجنوب والتثنية باعتبار مغربي الشتاء والصيف، ومشرقي الشتاء والصيف، والجمع إما باعتبار مشرق الشمس كل يوم ومغربها كل يوم، وهذا يختلف، ولا يخفى عليكم الآن كيف تجدون الشمس يتغير طلوعها وغروبها كل يوم، لا سيما عند تساوي الليل والنهار، تجد الفرق دقيقة أو دقيقة ونصف بين غروبها أمس واليوم، أو باعتبار الشارق والغارب، والشارقات والغاربات كثيرات لا يحصيها إلا الله عز وجل، الإفراد باعتبار الجهة؛ لأن الجهات أربع: مشرق ومغرب وشمال وجنوب.

قال تعالى: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ[الرحمن:18] أي: بأي شيءٍ من نعم الله تكذبان يا معشر الجن والإنس؟ فما جوابنا على هذه الاستفهامات في هذه الآيات كلها؟

جوابنا: ألا نكذب بشيءٍ من آلاءك يا ربنا، ولهذا ورد حديث في إسناده ضعف: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لما تلاها على الصحابة، كانوا يستمعون إلى قراءة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا يردون شيئاً، فقال كلمة معناها: إن الجن خيرٌ رداً منكم، فإنهم كانوا كلما قرءوا آية قالوا: لا بشيءٍ من آلائك ربنا نكذِّب) لكن هذا الحديث ضعيف، إنما يذكره المفسرون هنا.

ما هي النعم والآلاء في المشرقين والمغربين؟

انتبهوا! كل آية أعقبت: (فبأي آلاء ربكما تكذبان) فهي تتضمن نعماً عظيمة، فما النعم التي يتضمنها اختلاف المشرق والمغرب؟

النعم التي يترتب على ذلك من مصالح الخلق، صيف وشتاء، ربيع وخريف، وغير ذلك مما لا نعلمه، فهي نعمٌ عظيمة باختلاف المشرق والمغرب.

ثم قال سبحانه وتعالى: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ[الرحمن:19] (مرج) بمعنى: أرسل، (البحرين) أي: المالح والعذب، (يلتقيان) يلتقي بعضهما ببعض، البحر مالح، هذه البحار العظيمة: البحر الأحمر، البحر الأبيض، البحر الأطلسي، هذه البحار جعلها الله تبارك وتعالى مالحة؛ لأنها لو كانت عذبة لفسد الهواء وأنتن، لكن الملح يمنع الإنتان والفساد، البحر الآخر العذب هو الأنهار، وهي التي تأتي إما من كثرة الأمطار، وإما من ثلوجٍ تذوب وتسيح في الأرض، المهم أن الله سبحانه وتعالى أرسلهما بحكمته وقدرته، حيث شاء الله عز وجل، (يلتقيان) أي: يلتقي بعضهما ببعض، عند مصب النهر في البحر فيمتزج بعضهما ببعض، لكن حين سيرهما أو حين انفرادهما يقول الله عز وجل: بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ[الرحمن:20] (البرزخ) هو اليابس من الأرض، (لا يبغيان) أي: لا يبغي أحدهما على الآخر، ولو شاء الله تعالى لسلط البحار ولفاضت على الأرض وأغرقتها؛ لأن البحر الآن عندما تقف على الساحل هل تجد جداراً يمنع انسيابه إلى اليابس؟ لا تجد، مع أن الأرض كروية، ومع ذلك لا يسيح البحر لا هاهنا ولا هاهنا بقدرة الله عز وجل، ولو شاء الله سبحانه وتعالى لساحت مياه البحار على اليابس من الأرض ودمرتها.

إذاً.. البرزخ الذي بينهما هو اليابس من الأرض، هذا قول علماء الجغرافيا، ولا يؤمنون بقولٍ آخر.

وقال بعض أهل العلم: بل البرزخ أمرٌ معنوي يحول بين المالح والعذب أن يختلط بعضهما ببعض.

وقالوا: إنه يوجد الآن في عمق البحار عيونٌ عذبة تنبع من الأرض، حتى إن الغواصين يغوصون إليها ويشربون منها كأعذب ماء، ومع ذلك لا تفسدها مياه البحار، فإذا ثبت هذا فلا مانع من أن نقول بقول علماء الجغرافيا وقول علماء التفسير، والله على كل شيءٍ قدير.

تفسير قوله تعالى: (يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان)

قال تعالى: يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ [الرحمن:22] أي: من البحرين العذب والمالح (اللؤلؤ والمرجان) وهو قطعٌ من اللؤلؤ الأحمر جميل الشكل واللون، مع أنها مياه، وقوله تعالى: (منهما) أضاف الخروج إلى البحرين العذب والمالح، وقد قيل: إن اللؤلؤ لا يخرج إلا من المالح، ولا يخرج من العذب، والذين قالوا بهذا اضطربوا في معنى الآية: كيف يقول الله: (منهما) وهو من أحدهما؟

فأجابوا: بأن هذا من باب التغليب، أن يغلب أحد الجانبين على الآخر مثلما يقال: العمران لـأبي بكر وعمر، ويقال: القمران للشمس والقمر، فهذا من باب التغليب، والمراد من واحدٍ منهما.

وقال بعضهم: بل هذا على حذف مضاف والتقدير (منهما) أي: من أحدهما.

وهناك قولٌ ثالث: أن تبقى الآية على ظاهرها لا تغليب ولا حذف، ويقول: (منهما) أي: منهما جميعاً اللؤلؤ والمرجان وإن امتاز المالح بأنه أكثر وأطيب.

فبأي هذه الأقوال الثلاثة نأخذ؟

نأخذ بما يوافق ظاهر القرآن، وهذه قاعدة يجب أن تفهموها، فالله عز وجل يقول: (يخرج منهما) فمن خالقهما وهو يعلم ماذا يخرج منهما، فإذا كانت الآية ظاهرها: أن اللؤلؤ والمرجان يخرج منهما جميعاً وجب الأخذ بظاهره، لكن لا شك أن المالح أكثر وأطيب، لكن لا يمنع أن نقول بظاهر الآية، بل يتعين أن نقول بظاهر الآية، وهذه قاعدة في القرآن والسنة: أننا نحمل الشيء على ظاهره ولا نؤول، اللهم إلا إذا كان هناك ضرورة لا بد أن نسير على ما تقتضيه الضرورة، أما بدون ضرورة فيجب أن نحمل القرآن والسنة على ظاهرهما.

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [الرحمن:21] لأن ما في هذه البحار وما يحصل من المنافع العظيمة فيهما نعمٌ كثيرة لا يمكن للإنسان أن ينكرها أبداً.

الأسئلة

سر وجود الملائكة

السؤال: هل الملائكة فيهم سر وجود؟

الجواب: هذا السؤال لا ينبغي؛ لأن فيه تعمقاً وتنطعاً، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (هلك المتنطعون) وسنأتيك يا أخي بقاعدة: أمور الغيب لا تسأل عنها، اقتصر على ما سمعت وما بلغك من الوحي واترك الباقي.

الذكور والإناث في الملائكة

السؤال: هل الملائكة فيهم ذكور وإناث أم ذكور فقط، أم إناث فقط؟

الجواب: هناك قاعدة للمؤمن الذي يريد أن يرتاح ويريح، ويتأدب مع الله ورسوله ألا يسأل عن شيء من أمور الغيب، نؤمن بها كما جاءت، ولذلك لو كان هذا السؤال فيه خير لكان أول من يسأل عنه الصحابة رضي الله عنهم، وإن شاء الله سؤالك جيد؛ لأننا استفدنا هذه النصيحة، إن أمور الغيب لا تسأل عنها، لما قال رجلٌ للإمام مالك بن أنس رحمه الله: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5] غضب، كيف تسأل كيف استوى؟ وقال له: ما أراك إلا مبتدعاً، وأمر به أن يخرج من مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام من المسجد النبوي.

شرح حديث (بعث النار)

السؤال: هل ورد حديث أن الله عز وجل قال: (يا آدم! أخرج بعثك من النار، قال: وما بعثي من النار؟ قال: من كل ألفٍ تسعمائة وتسعة وتسعين) وهل وردت رواية: أن من كل مائة تسعة وتسعين؟

الجواب: لا، هذا الحديث الذي ذكره أن الله تعالى يقول يوم القيامة لآدم: (يا آدم! فيقول: لبيك وسعديك، فيقول: أخرج من ذريتك بعثاً إلى النار، فيقول: يا رب! وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين) كلهم في النار إلا واحد من الألف، فلما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام بهذا عظم ذلك على الصحابة: (قالوا: يا رسول الله! أينا ذلك الواحد؟) واحد من ألف في الجنة والباقي في النار، فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أبشروا! فإنكم في أمتين ما كانتا في شيءٍ إلا كثرتاه: يأجوج ومأجوج، منكم واحد ومنهم ألف، فكبر الصحابة وفرحوا فرحاً عظيماً) أما من كل مائة تسعة وتسعون فهذا غلط، ولا يصح.

حكم من ركع والإمام ساجد سجود التلاوة لعدم العلم بذلك

السؤال: والدتي تصلي التراويح مع الإمام، فالإمام قرأ آية فيها سجود، والوالدة لا تراه لأنها تكون في الخلوة فهي تركع لأنها تظن أنه ركع ولا تدري إلا إذا قام الإمام قال: الله أكبر، فماذا تفعل؟

الجواب: تستمر معه ولا تسجد؛ لأن هذا سجود تلاوة وليس داخل الصلاة، لكن إذا كانت ترى النساء التي حولها فعليها أن تسجد.

حكم تكفير الرافضة عموماً

السؤال: هل يكفر عامة الرافضة؟

الجواب: أهل البدع ليسوا على قولٍ واحد، فهم يختلفون اختلافاً كثيراً، منهم من يكفر، ومنهم من هو دون ذلك، ومنهم العامي الذي لا يدري عن شيء، فلا يمكن الحكم عليهم بحكمٍ عام حتى ينظر في كل شخصٍ بعينه، وهكذا المعتزلة والجهمية وغيرهم من أهل البدع.

حكم السلام على أهل المقابر عند المرور بجانب السور

السؤال: ما حكم السلام على أهل المقابر عند المرور من عند سور المقبرة؟

الجواب: قال العلماء رحمهم الله: إنه يسن السلام على أهل المقابر سواءً مررت أو وقفت، لكن كونك تقف وتدعو بما ورد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم خيرٌ من أنك تمر، لا سيما أن مرور الناس الآن بالسيارات في الغالب يكون سريعاً، فلا يكمل الإنسان ربع الذكر إلا وقد تعدى المقبرة.

خصوصية إبراهيم عليه السلام بدعوة التوحيد

السؤال: لماذا خص إبراهيم عليه السلام بدعوة التوحيد مع أن جميع الأنبياء دعوا إلى التوحيد؟

الجواب: كل الأنبياء جاءوا بالتوحيد، قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء:25] لكن إبراهيم أبو العرب وأبو الإسرائيليين، وهو يدعو إلى التوحيد الخالص، واليهود والنصارى ادعوا أنهم أتباعه، والمسلمون هم أتباعه، فكان هو عليه الصلاة والسلام قد خص بأنه أبو الأنبياء، وأنه صاحب الحنيفية وأمرنا باتباعه؛ لأننا نحن أولى بإبراهيم، كما قال عز وجل: إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا [آل عمران:68] وقال رداً على اليهود والنصارى: مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [آل عمران:67].

حكم إعطاء الحجام مالاً على الحجامة

السؤال: ما حكم إعطاء الحجام مالاً على الحجامة؟

الجواب: لا بأس أن تعطي الحجام أجرته، كما قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: [إن أجرة الحجام ليست حراماً، ولو كانت حراماً ما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم الحجام أجرته] وصدق رضي الله عنه، لكن كسب الحجام خبيث -بمعنى: أنه رديء- لأنه ينبغي للحجام أن يتطوع ويتبرع؛ لأن في هذا إنقاذاً لإخوانه من الضرر والهلكة، فكونه يأخذ على هذا أجراً نقول: إن هذا الأجر رديء وليس حراماً، وهل يطلق الخبيث على الرديء وهو حلال؟ نعم، قال الله تعالى: وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا [البقرة:267].

حكم العمل كمحامٍ خاص أو عام

السؤال: عندنا في الكويت المحامي إما أن يكون خاصاً أو عاماً، والمحامي الخاص هو الذي يشتغل عادةً لحساب الدولة، ويقوم في الدفاع عن حقوق الدولة، ومن هذه الحقوق ما قد يختلج في النفس من حيث الحلال والحرام، فمثلاً من حيث متابعة الباعة المتجولين التي تحرم الدولة هذا النوع من التجارة، فهو يقوم بدور الشخص الذي يدافع عن الدولة تجاه الشخص الذي يشتغل بالتجارة، ولكن حرمتها السلطة.

أما المحامي العام فهو يشتغل في كل الأنواع، فنرجو البيان فيما يتعلق بالمحامي الخاص والمحامي العام من حيث الشريعة؟

الجواب: على كل حال المحامي معناه: المدافع الذي يحمي الحقوق، إذا كان بحق فلا بأس، أي: إذا كان هناك شخص له حق على آخر، ويعلم أنه محق، لكنه لا يستطيع أن يعبر، فوكل شخصاً آخر أقوى منه في العبارة ليدافع عنه، فهذا لا بأس به، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إنكم تختصمون إليَّ، ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض، فأقضي له بنحو ما أسمع، فمن قضيت له بشيءٍ من حق أخيه فإنما أقتطع له جمرةً من النار، فليستقل أو يستكثر).

أما المحامي الذي يريد أن ينتصر لمن وكله بحق أو بباطل، فهذا لا يجوز.

وأما التجول للبيع والشراء في بلدٍ تمنع الحكومة من ذلك، فأرى أنه لا يجوز أن يتجول ويبيع ويشتري؛ لأن السلطان له أن يأمر وينهى بما لا يخالف الشرع، ويرى أن من مصلحة التجارة ألا تكون فوضى ومنعاً من التجول، أو من التسوق في التجول، فلا حرج؛ لأننا لو قلنا: إن الإنسان يكون حراً في كل شيء، لا يمتثل لأمر الحكومة ولا يلتفت له لكان فوضى، بقي علينا أن نقول: على الحكومة أن تنظر في الموضوع، وألا تظلم أحداً، فإذا رأت مثلاً أن أصحاب الدكاكين يحتكرون السلع ويبيعونها بأكثر من ثمنها وأن المتجولين يبيعونها بأقل قطعاً؛ لأنهم ليس عليهم إيجارات ولا مسئولية، فيجب أن توفق بين هؤلاء وهؤلاء، فهنا نظران: النظر الأول: للحكومة، والثاني: للمتجول، المتجول لا يجوز أن يتجول والحكومة قد منعت من ذلك، والحكومة يجب عليها أن تنظر في أصحاب الدكاكين حتى لا يحتكرون السلع ويبيعونها بما شاءوا.

لكن الشبه قد تقع على بعض المحامين باعتبار أنهم يمارسون هذه المهنة وهم يحتكمون إلى القوانين الوضعية، وهذا ليس بقانون وضعي، هذا قانون رأت الدولة أنه من المصلحة، وأما القوانين العامة فقد يحتاج أن ينظر الإنسان إلى كل قانون على حدة.

حكم رد السلام على الجار المنتمي إلى الإسماعيلية

السؤال: لي جار من الطائفة الإسماعيلية يسلم عليَّ فهل لي أن أرد عليه السلام، وهل لي أن أسلم عليه أيضاً؟

الجواب: نعم رد عليه السلام، عاملوهم بما يعاملونكم به، وادعوهم إلى الله عز وجل؛ لأن الإنسان مسئول عن الدعوة إلى الله عز وجل، والجار أحق بالدعوة إلى الله، فأنت ادعه إلى الله، إما أن تطلبه يزورك، أو تزوره أنت، وتدعوه إلى الله عز وجل، وتبين له الحق، والإنسان بفطرته مجبول على الحق، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (كل مولودٍ يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه).

حكم تحنيط الميت وإنزاله القبر بالتابوت

السؤال: هل يجوز تحنيط الميت وإنزاله القبر في تابوت، وهذا يحصل عند بعض البلاد الإسلامية؟

الجواب: لا يجوز أن يحنط، الميت إذا مات انتقل إلى الدار الآخرة، فلا يمكن أنه يحاول أن يبقى بدنه، وما الفائدة من بقاء بدنه؟ وربما يحنط ليبقى بدنه ويسلط الله عليه دواب أو هوام في قبره ويأكله.

أما إذا كان من أجل أن ينتقل إلى بلد آخر، وإذا ما حنط فإنه يتغير، فإن الأرض واحدة.

أما إنزاله القبر في التابوت فإنه لا يجوز إلا لحاجة، مثل أن تكون الأرض كلها ماء، هذا لا بأس، أما بدون حاجة فلا.

المقصود بقوله تعالى: (تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها)

السؤال: ما المقصود بقوله تعالى: تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا [إبراهيم:25]؟

الجواب: المراد هذه الشجرة الطيبة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء، فلا تفوت سنة من السنوات أو وقت من الأوقات يكون فيها ثمر إلا أتته، أي: تؤتي ثمرها الذي يؤكل كل حين من وقت الثمار، وليس معنى (كل حين) بالليل والنهار كل السنة، لا.

هالك عن ثلاث بنات وابنين وزوجة ثم مات أحد الأبناء

السؤال: مات أب عن ثلاث بنات وابنين وزوجة، والزوجة لها ابن وبنت من زوج آخر، ثم لحق به ابنه ولم يوزع الورث، هل يسقط حق الورثة من أبناء الأم؟

الجواب: أولاً: أبناء الزوجة من غير زوجها الذي مات ليس لهم دخل في الميراث، والميراث للأبناء الذين هم من صلبه، وابنه الذي مات إن كان له ورثة كأبناء وزوجة فميراثه لهم، وإن لم يكن له أبناء كان أولى الناس به إخوانه.

حكم استجواب الطلاب لإدارة المدرسة من غير سبب

السؤال: بالنسبة لأحوال المدارس الآن وما يقع من الأخطاء السلوكية من الطلاب، فهل لإدارة المدرسة الحق في الجلوس مع طلاب لم تظهر منهم أي بوادر خطأ أو معصية، هل يجوز لهم الجلوس معهم والاستفسار عن أشياء لم تبدر أصلاً منهم، يعني: من باب التأكد أو البحث عن العناصر المفسدة بين الطلاب، مع أن هذا الطالب لم يظهر منه شيء، فهل يجوز أن أسأله عن أحواله، وماذا عنده، وماذا وراءه وماذا ..؟

الجواب: لا بد أن يكون هناك قرينة قوية توجب تهمته، فحينئذٍ لا بأس أن نبحث، ولكن لا يكون هذا بين الطلاب؛ لأنه إذا كان بين الطلاب يخشى على هذا المسئول أن يكون بريئاً فيتهمه الطلاب، أما إذا لم يكن إلا كلام التلاميذ بعضهم ببعض فهذا لا يقبل، فالتلاميذ كلامهم مشكل، هم أقران، بعضهم يحسد بعض، يتكلم فيه وهو غير صادق، إذا لم يكن هناك قرين لا يستدعى، فهذا لا يجوز.

حكم وصف المدينة النبوية بالمنورة

السؤال: ما حكم قول: المدينة المنورة، وما العلة في ذلك؟

الجواب: المدينة المنورة هذا اسم حادث ما كان معروفاً عند السلف وهم يقولون: إنها منورة، أي: إنها استنارت بالدين الإسلامي؛ لأن الدين الإسلامي ينور البلاد، ولا أدري قد يكون أول من وضعها يعتقد أنها نورٌ إلى الآن، وأنها تنورت بوجود الرسول صلى الله عليه وسلم فيها، ما ندري عن نيته، لكن خيرٌ من هذه التسمية أن نقول: المدينة النبوية أفضل من المدينة المنورة، وإن كان ليس بلازم أيضاً، لو قلت المدينة كفى، ولذا تجد عبارات السلف كلهم مثلاً: ذهب إلى المدينة ، رجع من المدينة ، سكن المدينة ، والرسول يقول: (المدينة خيرٌ لهم) ولم يقل: المنورة ولا النبوية، لكن إذا كان لا بد من وصفها، فإن النبوية خيرٌ من المنورة ؛ لأن تميزها بالنبوة أخص من تميزها بالمنورة، إذ أننا إذا قلنا: المنورة التي استنارت بالإسلام صار ذلك شاملاً لكل بلد إسلامي فهو منور بالإسلام، فإذا كان لا بد أن تصف بها بشيء فصفها بالنبوية.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

وسبحانك اللهم ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , لقاء الباب المفتوح [189] للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

https://audio.islamweb.net