إسلام ويب

مع إشراقة شهر هجري جديد يلوح في الآفاق موسم عظيم تمتزج فيه مختلف العبادات، التي حث عليها الشرع ورغب فيها؛ وذلك بدخول الأيام العشر من ذي الحجة؛ إيذاناً بقرب عبادة عظيمة هي حج بيت الله الحرام. في ظلال الأيام العشر من ذي الحجة وأيام الحج المباركة كان هذا اللقاء الشهري مع فضيلة الشيخ حيث وضح وبيَّن كثيراً من الأمور المهمة والمتعلقة بتلك العبادات، وما قد يتلبس بها من أخطاء لدى كثير من الناس.

فضل العشر الأول من ذي الحجة

الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين وخليل رب العالمين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فقد سمعتم كلام أخينا الشيخ: حمود بن عبد العزيز الصايغ ، بأن هذه المحاضرة عوض عن اللقاء الشهري الذي تقرر ولله الحمد في هذا العام، وكل من المحاضرة واللقاء ذو فائدة عظيمة؛ لأنه يحضره من شاء الله من عباد الله، يأتون إلى هذا المكان يلتمسون العلم وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة) والطرق التي يلتمس بها العلم، طرق للمشاة على الأرجل، وطرق للمشاة بالقلوب، أما الأول فظاهر أن يمشي الإنسان في الأسواق إلى مكان العلم في المساجد أو في المدارس أو في غيرها، وأما الثاني بأن يمشي الإنسان في طريق العلم بقراءة الكتب النافعة التي ألفها من يوثق بعلمهم ودينهم، ككتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والشيخ محمد بن عبد الوهاب وغيرهم من المحققين من أهل العلم، كل تلك طرق يلتمس فيها العلم، وهذه بشرى سارة أن من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة.

ونحن أيها الإخوة: في هذه الأيام، والليلة هي الخامسة والعشرون من شهر ذي القعدة عام ثلاثة عشر وأربعمائة وألف نستقبل موسماً عظيماً ألا وهو العشر الأول من ذي الحجة التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر) يعني: أن العمل الصالح في العشر الأول من ذي الحجة أحب إلى الله من العمل الصالح في عشر رمضان الأخيرة؛ لأن الحديث عام (ما من أيام) وأيام نكرة في سياق النفي، مؤكدة بـ(من) ، فتفيد العموم القطعي أنه لا يوجد أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه العشر.

والقائل بهذا القول هو رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق بشريعة الله وأعلم الخلق بالله وبما يحب الله، فلا تستغرب إذا سمعت من يقول: إن العمل الصالح في عشر ذي الحجة أفضل من العمل الصالح في عشر رمضان، لأن هذا له دليل من كلام رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهذا القول الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم لا يريد منا أن نفهم أن العمل الصالح في هذه الأيام أحب إلى الله من غيرها، وإنما يريد أن نفهم ونعمل، نكثر العمل الصالح في أيام العشر الأول من ذي الحجة.

والعمل الصالح متنوع: قرآن، ذكر، تسبيح، تحميد، تكبير، أمر بالمعروف، نهي عن منكر، صلاة، صدقات، بر بالوالدين، صلة للأرحام، والأعمال الصالحة لا تحصى، إذا تصدقت بدرهم في هذه العشر وتصدقت بدرهم في عشر رمضان فأيهما أحب إلى الله؟

الصدقة في عشر ذي الحجة أحب إلى الله من الصدقة في عشر رمضان (قالوا: يا رسول الله! ولا الجهاد في سبيل الله؟) والجهاد ذروة سنام الإسلام، قال: (ولا الجهاد في سبيل الله) إلا في صورة واحدة: (إلا رجلاً خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء).

خرج بنفسه وماله الذي يجاهد عليه، كالفرس والرحل فقتل فلم يرجع بنفسه، وعقر جواده فلم يرجع بجواده، وأخذ ماله فلم يرجع بماله، هذا هو الذي يكون أفضل من العمل في العشر الأول من شهر ذي الحجة، وما عدا ذلك فالعمل الصالح فيها أحب الله من أي وقت كان.

ما يشرع من العمل في عشر ذي الحجة

فلنستعرض ما الذي يُشرع في هذه الأيام بخصوصه، فنقول: يشرع فيها ذكر، الله لقول الله تعالى: وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ [الحج:28] والأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة فيكثر فيها من الذكر ومن ذلك: التكبير والتهليل والتحميد، تقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد.

تُكثر من هذا، تقوله في المساجد جهراً، وفي الأسواق والبيوت، وربما يكون ذكرك هذا في البيوت حرزاً لبيتك من الجن والشياطين؛ لأن الله وصف الشياطين والجن بأنهم: (خناس) يخنسون عند ذكر الله ويختفون ويبعدون.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد. تذكر ذلك في كل وقت، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحيانه.

ومن ذلك: صيام هذه الأيام العشر ما عدا يوم العيد، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصومها كما روى ذلك الإمام أحمد وأصحاب السنن عن حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهم: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدع صيامها) وهذا هو القول الراجح.

وأما حديث عائشة رضي الله عنها الذي في مسلم : (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصوم العشر) فإن العلماء قالوا: إذا تعارض عدلان ثقتان أحدهما مثبت والثاني نافٍ، يقدم المثبت؛ لأن معه زيادة علم.

وقد يكون نفي عائشة رضي الله عنها نفي علم لا نفي واقع وبهذا يجمع بين الحديثين.

ثم على فرض أن حديث حفصة غير محفوظ فإن الصيام من أفضل الأعمال فيدخل في قوله: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب الله من هذه الأيام العشر).

ومما يسن في هذه الأيام الرحيل إلى بيت الله الحرام لأداء العمرة والحج، وهذا أفضل ما يعمل في هذه الأيام بخصوصه، بمعنى أن الأعمال الخاصة في هذه الأيام أفضلها السير إلى بيت الله لأداء العمرة والحج، فإن الحج نوع من الجهاد في سبيل الله، سألت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم: (هل على النساء جهاد؟ قال صلى الله عليه وسلم: عليهن جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة).

ويشير إلى هذا قول الله عز وجل: وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:195-196].

فعطف إتمام الحج والعمرة على الإنفاق في سبيل الله وهو يشعر بأن الحج نوع من الجهاد في سبيل الله وعلى هذا فإنه يجدر بنا أن نتكلم ولو يسيراً على الحج والعمرة.

ومما يفعل في هذه الأيام العشر، في آخر يوم منها: التقرب إلى الله بالأضاحي، وهذا يكون لمن لم يحج من المسلمين في بلادهم، أما الحجاج فالمشروع في حقهم الهدي؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أهدى في حجه ولم يضح، وضحى في المدينة في غير سنة حجه.

الحج وشروطه

بالنسبة للحج: الحج أحد أركان الإسلام التي بني عليها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام).

وقد أجمع المسلمون على فرضيته ولم يختلف اثنان من المسلمين في أن الحج فريضة وهو من المعلوم بالضرورة من الدين، كل المسلمين يعلمون أن الحج فريضة ولكنه لا يجب إلا بشروط.

الشرط الأول: الإسلام وضده الكفر، فالكافر لا يجب عليه الحج ولا يؤمر به، يقال للكافر: أسلم أولاً ثم صل، ثم زك، ثم نأمره ببقية شرائع الإسلام، ولو حج الكافر لم يصح حجه.

وبناءً على ذلك نذكر مسألة قد تكون مشكلة وهي: حج من لا يصلي، هل يصح حجه ويقبل منه الحج أو لا؟

الجواب: لا يقبل؛ لأنه غير مسلم ولا يجوز أن يمكن من لا يصلي من دخول حدود الحرم؛ لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا [التوبة:28].

ومن كان معه من لا يصلي -أي: في رفقته- فإنه يجب عليه أن يقول له: أسلم وإلا منعناك من دخول حدود الحرم.

الشرط الثاني: البلوغ.

وضده الصغر، فالصغير لا يجب عليه الحج ولكن يصح منه ولا يجزئه، والدليل على أنه يصح منه أن امرأة رفعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم صبياً وقالت: (يا رسول الله! ألهذا حج؟ قال: نعم. ولك أجر) ولكن نسأل الآن: هل الأولى لمن كان معه أولاد أن يجعلهم يحجون أو لا؟

نقول: في عصرنا نرى ألا يجعلهم يحجون لمشقة الزحام عليهم وعلى أولياء أمورهم، وما دام الله عز وجل لم يفرض الحج عليهم فلنستمتع بهذه الراحة، ثم إن كثيراً من العلماء يقول: إن الإنسان إذا طاف بولده فإنه لا يجزئه الطواف، بل لا بد أن يطوف لنفسه أولاً ثم يطوف بولده ثانياً وهذا لا شك أن فيه مشقة شديدة وكبيرة؛ لهذا نشير على إخواننا الذين معهم أولاد ذكور أو إناث دون البلوغ ألا يمكنوهم من الحج راحة لهم وراحة لأهليهم، والله عز وجل يحب لعباده ويريد بهم اليسر ولا يريد بهم العسر.

الشرط الثالث: العقل.

وضده الجنون، فلو أن إنساناً من قبل أن يبلغ كان مجنوناً مخبولاً ليس عنده عقل، فإنه لا يجب عليه الحج؛ لأن القلم مرفوع عنه، حتى ولو كان من أبناء الأغنياء فإنه لا حج عليه ولا يلزمنا أن نُحجِّج عنه؛ لأن الحج ساقط عنه كما أن الصلاة والصيام ساقطة عنه، ولا يجب على المجنون من الأركان الخمسة إلا ركن واحد هو الزكاة.

الشرط الرابع: الحرية.

وضدها الرق، فالرقيق لا يجب عليه الحج، ويصح منه ولا يجزئه ويشبهه في ذلك الصغير، وهذا هو المشهور عند أكثر أهل العلم.

الشرط الخامس: الاستطاعة.

لقوله تعالى: مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً [آل عمران:97] فالفقير لا يجب عليه الحج إلا إذا كان قريباً من مكة يمكنه المشي على قدميه فإنه يجب عليه، أما إذا كان لا يمكنه المشي على قدميه، وليس عنده مال يشتري به راحلة توصله إلى مكة فإنه لا حج عليه، أي لا يجب عليه، لكن لو فرض أنه تجشم المشاق وذهب مع الناس وحج أيجزئه أم لا؟ يجزئه.

إذاً: من لا يستطيع بماله لو أنه حج وتكلف المشاق فإنه يصح منه الحج ويجزئه.

ومن الاستطاعة ألا يكون على الإنسان دين، فإن كان على الإنسان دين فإن الحج لا يجب عليه، لأنه غير مستطيع، والدين حق آدمي مبني على المشاحة، فالآدمي لا يسامح في حقه، إن أديته حقه في الدنيا وإلا أخذه منك يوم القيامة من أعمالك الصالحة، لكن حق الله مبني على العفو. ولهذا لا يجب الحج على من عليه دين إلا في حال واحدة إذا كان الدين مؤجلاً أي مقسطاً وكان المدين واثقاً من وفائه كلما حل قسط وجد الوفاء عنده، وبيده مال عند الحج فهذا يجب عليه الحج؛ لأنه مستطيع، أما إذا كان لا يثق من وفاء الدين، فإنه لا يجب عليه الحج حتى لو كان الدين كثيراً.

بعض الناس إذا صار الدين كثيراً قال: الدين كثير ولو وفرت نفقة الحج ما قضت من الدين شيئاً، نقول: هذه نظرية خاطئة، قدر أن الدين عشرة ملايين وأنك وفرت من نفقة الحج ألفين ريال، إذا أوفيتها كم يبقى عليك من الدين؟ عشرة ملايين إلا ألفين. إذن: سقط عنك الألفان وأنت متق لله ما استطعت، فمن العجب أن بعض الناس لشدة شوقه إلى المسجد الحرام تقول له: يا أخي! الحج ليس واجباً عليك؛ لأنك مدين وليس عندك قدرة على الوفاء، اقض دينك وحج، وأنت لو وافيت الله عز وجل ولم تحج فلا ذنب عليك، كما أن الفقير لا زكاة عليه ولو وافى الله عز وجل لا يعاقبه على عدم الزكاة، لأنه ليس له مال.

أيضاً هذا المدين الذي يريد أن يحج، نقول له: لو وافيت الله فإنه ليس عليك ذنب؛ لأن من شروط الحج أن يكون لديك مال فاضل عن الدين الذي عليك.

فإذا تمت الشروط؛ وجب على الإنسان أن يبادر بالحج ولا يؤخر، لقول الله تبارك وتعالى: (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ [المائدة:48].. وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ [آل عمران:133].

ولما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (من أراد الحج فليتعجل؛ فإن الإنسان لا يدري ما يعرض له) فإذا تمت شروط الوجوب؛ فإنه لا يجوز للإنسان أن يتأخر بل يحج.

كيفية أداء الحج

أما كيف نؤدي الحج وهو أمر مهم؛ لأن العبادات لا تصح إلا بأمرين: الإخلاص لله والموافقة لشريعة الله عز وجل.

إذاً: لا بد لكل من أراد الحج أن يعرف كيف يحج من أفواه العلماء، ومن الكتب المؤلفة في ذلك ممن يوثق بعلمه ودينه، وما أكثر الكتب -ولله الحمد- المؤلفة في المناسك، من مختصر جداً ومتوسط ومطول، ولكننا نوجز هذا الآن في الكلمات التالية:

صفة العمرة

إذا وصلت إلى الميقات فاغتسل كما تغتسل للجنابة، ثم تطيب، ثم البس الإزار والرداء وهما ثياب الإحرام، هذا بالنسبة للرجل، أما المرأة فتلبس ما شاءت من الثياب إلا أنها لا تلبس ثياب زينة تكون متبرجة بذلك.

ثم صل ركعتين سنة الوضوء أو إذا كانت الفريضة وقتها حاضر فصل الفريضة، ثم بعد ذلك اركب سيارتك وقل: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، لبيك عمرة، فتلبي بالعمرة وتستمر في التلبية وتكثر منها وترفع صوتك بها إذا كنت رجلاً، أما المرأة فتسر بها.

واعلم أنه لا يسمع صوتك شجر ولا حجر ولا مدر إلا شهد لك يوم القيامة.

فإذا وصلت إلى مكة فبادر بأداء العمرة.

اذهب إلى المسجد الحرام، وتدخل المسجد فتقدم رجلك اليمنى وتقول: باسم الله والسلام على رسول الله، اللهم افتح لي أبواب رحمتك، كسائر المساجد، ثم تتقدم إلى الكعبة، وتبدأ بالطواف فتحاذي الحجر الأسود، تتجه إليه وتستقبله، فإن قدرت على أن تصل إليه بسهولة بدون مشقة عليك ولا على الناس فافعل وقبله وامسحه باليد، وإن لم تقدر فالإشارة كافية، وفي هذا الطواف يسن للرجل شيئان:

الشيء الأول: الاضطباع وهو أن يجعل وسط الرداء تحت إبطه الأيمن، وطرفيه على كتفه الأيسر في جميع الطواف، ولا يضطبع قبل الطواف، ولا يضطبع إذا فرغ من الطواف.

الشيء الثاني: يسن الرمل، ولكن الرمل إنما يسن في الأشواط الثلاثة الأولى فقط، وأما الأربعة الباقية فيمشي فيها كما يمشي على عادته.

ماذا يقول عند استلام الحجر؟

يقول عند أول مرة: باسم الله والله أكبر، اللهم إيماناً بك، وتصديقاً بكتابك، ووفاءً بعهدك، واتباعاً لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، ثم إذا دار وحاذى الحجر يقول: الله أكبر فقط.

وماذا يقول عند استلام الركن اليماني؟

لا يقول شيئاً لا تكبيرة ولا تسمية؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وماذا يفعل في الركن اليماني؟

يستمله بيده فقط، يعني: يمسح عليه بيده اليمنى فقط، ولا تقبيل فيه، ولا تشر إليه لو لم تتمكن من الاستلام، وبين الركن اليماني والحجر الأسود يقول: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201] فإن كان المطاف زحاماً وانتهيت من هذا الدعاء قبل أن تحاذي الحجر الأسود فكرره؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا دعا ثلاثاً، كرر ثلاثاً .. أربعاً .. خمساً حتى تصل إلى الحجر الأسود.

وماذا تقول في بقية الطواف؟

تقول ما شئت من ذكر ودعاء وقراءة قرآن؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما جعل الطواف بالبيت وبـالصفا والمروة ، ورمي الجمار لإقامة ذكر الله) وأما الكتيب الذي بأيدي كثير من الحجاج والعمار الذي فيه لكل شوط دعاء؛ فإنه بدعة، وكل بدعة ضلالة، فما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يخصص كل شوط بدعاء.

فإذا أتممت سبعة أشواط فتقدم إلى مقام إبراهيم واقرأ: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة:125] وصل ركعتين خلف المقام تقرأ في الأولى: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1] وفي الثانية: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] ثم تنصرف ولا تمكث في هذا المكان لا لدعاء ولا لغيره؛ لأن غيرك من الطائفين أحق منك، إذا أديت السنة فلا تحجزه على غيرك.

ثم إذا فرغت من الركعتين فاذهب إلى الركن، أي: إلى الحجر الأسود واستلمه، أي: امسحه بيدك اليمنى بدون تقبيل وبدون تكبير، فإن لم يتيسر فلا تذهب ولا بإشارة، اخرج إلى الصفا ، فإذا دنوت من الصفا ، فاقرأ قول الله تعالى: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ [البقرة:158] واقرن ذلك بقولك: أبدأ بما بدأ الله به، واصعد الصفا ، حتى ترى الكعبة، ثم استقبلها رافعاً يديك رفع الدعاء هكذا، تكبر ثلاثاً، وتقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده. ثم تدعو بما شئت، ثم تعيد الذكر مرة ثانية، ثم تدعو، ثم تعيده مرة ثالثة، ثم تنزل متجهاً إلى المروة، وحينئذ تجد بين يديك عمودين أخضرين، فالسنة للرجل فيما بين هذين العمودين أن يسعى سعياً شديداً -أي: يركض ركضاً شديداً- إذا كان المسعى واسعاً، أما إذا كان ضيقاً فلا تتعب نفسك ولا تتعب غيرك، وامش كما يمشي الناس، فإذا وصلت إلى العلم الآخر فامش ولو كان في المسعى سعة، امش مشياً عادياً إلى أن تصل إلى المروة فتصعد عليها، وتستقبل القبلة وترفع يديك وتقول: ما قلته على الصفا ، هل يكرر الساعي قول الله تعالى: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ [البقرة:158] كلما أتى على الصفا أو كلما أتى على المروة ؟

لا. ولا تغتر بفعل العامة، هذه الآية لا تتلى إلا إذا دنوت من الصفا أول مرة فقط.

وماذا يقول الساعي في بقية سعيه؟

يقول ما شاء، إلا أنه يروى عن ابن مسعود أنه كان يقول بين العلمين وهو يركض: (رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم) فإن قلتها فحسن، وإن قلت غيرها فحسن، ليس فيه توقيت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا أتممت سبعاً وهنا أسأل: أين يكون الختام على الصفا أم على المروة؟

يكون على المروة ، لكن إن قالت لك نفسك عند الصفا: إنك قد أتممت فهذا خطأ؛ لأنك إما أن تكون زدت شوطاً أو نقصت، لا يمكن أن يكون آخر السعي إلا على المروة، فإذا أتممت السعي سبعاً فقصر من شعر رأسك، وليكن التقصير تقصيراً مجزئاً عاماً لكل الرأس، فلا يجزئ أن يقص شعرات من رأسه ولو من كل جانب، بل لا بد أن يشمل الرأس بحيث يظهر على الرأس أنه مقصر، وبذلك تحل الحل كله، وتعود كما كنت قبل الإحرام، تلبس ما شئت مما أباح الله، وتتطيب، وإذا كان أهلك معك فهم حلال، وتبقى محلاً إلى يوم الثامن من ذي الحجة.

صفة الحج

ماذا نفعل في اليوم الثامن؟ نغتسل في المكان الذي نحن فيه ونتطيب ونلبس ثياب الإحرام، ونقول: لبيك حجاً، لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، ونبقى في منى نصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصراً بلا جمع، فإذا طلعت الشمس فقد انتهى عمل اليوم الثامن.

ماذا نعمل في اليوم التاسع؟

إذا طلعت الشمس فإن الحاج يسير إلى عرفة ، فإن تيسر له أن ينزل في نمرة وهي مكان معروف فليفعل، وإن لم يتيسر فليستمر حتى يصل إلى عرفة وينزل في أي مكان كان من عرفة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقف في عرفة وقال: (وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف) فيقف في أي مكان لكن لا بد أن يتأكد أنه داخل حدود عرفة، وقد وضعت الدولة وفقها الله علامات واضحة بارزة تحدد عرفة، ولا تغتر بمن ينزل قبل الحدود ولو كثروا، بل سر حتى تتيقن أنك دخلت في حدود عرفة، وتبقى في عرفة فإذا زالت الشمس، فأذن وصل الظهر ركعتين والعصر ركعتين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في بطن عرنة الظهر ركعتين والعصر ركعتين وجمع بينهما جمع تقديم، فاتبع نبيك، ثم بعد هذا تتفرغ للذكر والدعاء وقراءة القرآن، ولو أن تكرر لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لو تكررها من صلاة العصر المجموعة مع الظهر إلى غروب الشمس لكان هذا خيراً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير)

مع أن أكثر المسلمين عندهم أذكار أخرى، عندهم القرآن، عندهم دعاء، يدعون الله بما شاءوا من خير الدنيا والآخرة، هذا مكان دعاء وزمان دعاء، ادع الله بما شئت ولا سيما في آخر اليوم.

إذاً: ماذا فعلنا في اليوم التاسع؟

صلاة الظهر والعصر جمعاً وقصراً، التفرغ للدعاء والذكر، فإذا لحقك ملل؛ لأن الإنسان قد يمل من الظهر إلى المغرب، إذا لحقك ملل فلا بأس أن تعطي نفسك حظها من الراحة إما بنوم أو بمطالعة كتاب أو ببحث مع إخوانك فيما ينفع بدون جدال، وينبغي إذا أراد الإنسان أن يقرأ كتاباً في هذا اليوم، أن يحرص على الكتب التي ترقق القلوب وتستدعي الخشوع؛ لأن المقام يقتضي ذلك.

وبعد غروب الشمس فقد انتهى العمل في عرفة، فيسير الحاج منها إلى مزدلفة ويصلي بها المغرب والعشاء جمعاً وقصراً -والتي تقصر هي العشاء، أما المغرب فلا تقصر- وينام في مزدلفة إلى أن يطلع الفجر، ثم إذا طلع الفجر صلى الفجر بعد الأذان، وسنة الفجر يصليها ولا يتركها،يصلي الفجر ويبقى يذكر الله عز وجل إما في مكانه؛ أو إن تيسر له أن يذهب إلى المشعر الحرام الذي فيه المسجد اليوم فليفعل، وإن لم يتيسر ففي مكانه لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وقفت هاهنا وجمع -يعني مزدلفة - كلها موقف)حتى يسفر فإذا أسفر جداً دفع قبل أن تطلع الشمس.

إذاً: ماذا نفعل في هذه الليلة؟ نتوجه من عرفة إلى مزدلفة ونصلي فيها المغرب والعشاء جمعاً وقصراً ونبيت إلى أن يطلع الفجر ثم نصلي الفجر بعد الأذان وركعتي الفجر، ثم بعد ذلك نبقى في مزدلفة إلى الإسفار جداً نذكر الله عز وجل ونستغفره، ثم ندفع إلى منى ، وهنا نسأل هل يجوز أن ندفع من مزدلفة قبل الفجر؟

نقول: نعم. يجوز لكن في آخر الليل، وكانت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما ترقب القمر فإذا غاب مشت إلى منى ، فيجوز أن يدفع من مزدلفة في آخر الليل، يعني: حول الساعة الثانية من الليل أو قريباً من ذلك، ولكن الأفضل أن تبقى في مزدلفة حتى تصلي الفجر وتذكر الله عز وجل، ثم تنصرف إلا إذا كان معك نساء أو صغار أو ضعفاء يشق عليهم مزاحمة الناس فانصرف أنت وإياهم قبل الفجر؛ لأجل أن تصلوا إلى منى قبل الفجر فترموا جمرة العقبة قبل أن يحصل الزحام من القادمين من مزدلفة ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للنساء ولا سيما الضعيفات أن ينصرفن من مزدلفة في آخر الليل.

وكان ابن عمر رضي الله عنهما يبعث بأهله من مزدلفة في آخر الليل حتى يوافوا منى في صلاة الفجر، أما هو فيبقى في مزدلفة فيرموا الجمرة هناك قبل الفجر أو مع الفجر، وهذا هو فائدة الترخيص، أن يرخص للناس الضعفة في الدفع في آخر الليل، وأما حديث ابن عباس رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه في أغيلمة بني عبد المطلب وقال أُبَيْنيَّ لا ترموا حتى تطلع الشمس) فهذا حديث اختلفت العلماء في صحته، فمنهم من ضعفه وقال: لا حجة فيه، ومنهم من صححه، وعلى القول بالتصحيح يكون هذا النهي من باب التنزيه والأولى لا من باب التحريم، إذ أننا لا نعلم أن للتقدم من مزدلفة فائدة إلا أن يرمي الإنسان قبل حطمة الناس، ثم إن رمي جمرة العقبة يكون من أول ما يأتي الإنسان إلى منى، ولهذا قال بعض العلماء: رمي جمرة العقبة تحية منى، كما أن الركعتين تحية المسجد، ويدل على ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم رمى جمرة العقبة يوم العيد على بعيره قبل أن يذهب إلى رحله، أي: ما نزل في رحله، بل مشى (على طول) سلك الطريق الوسطى التي تخرج على جمرة العقبة، ثم رماها وهو على بعيره، مما يدل على أن الأفضل لمن وصل إلى منى سواء كان بعد طلوع الشمس أو في آخر الليل أن يبادر بالرمي وهو كذلك.

ولننظر ماذا نفعل يوم العيد وهو أكثر الأيام أنساكاً، ولهذا يسمى يوم الحج الأكبر.

إذا وصل الحاج إلى منى فماذا يبدأ به؟

يبدأ برمي جمرة العقبة بسبع حصيات متعاقبات يكبر مع كل حصاة: الله أكبر، الله أكبر، حتى يتم سبع حصيات، ولا يشترط أن تصيب الحصاة الشاخص -العمود القائم- لأن هذا العمود إنما جعل علامة على المكان، الشرط الذي لا بد منه أن تقع الحصاة في الحوض في المرمى، أما أن تضرب العمود القائم فليس بشرط، بعد رمي جمرة العقبة نذبح الهدي، وبعد ذبح الهدي نحلق ثم نتحلل ونتطيب وننزل إلى مكة لطواف الإفاضة والسعي، والطواف هنا طواف الحج؛ لأن طواف العمرة سبق والسعي سعي الحج؛ لأن سعي العمرة قد سبق، ثم نرجع إلى منى ونبقى فيها، وحينئذ نجد أن الحاج يفعل يوم العيد خمسة أنساك:

الأول: رمي جمرة العقبة.

الثاني: النحر.

الثالث: الحلق والتقصير.

الرابع: الطواف.

الخامس: السعي.

والأفضل أن ترتبها هكذا، فإن قدمت بعضها على بعض فلا حرج عليك؛ فالأمر واسع، حتى لو قدمت السعي على الطواف فإن ذلك جائز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسأل في الرمي والتقديم والتأخير فما سئل عن شيء يومئذ قدم ولا أخر إلا قال: (افعل ولا حرج) وهذا من توسيع الله عز وجل على العباد أن جعل كل واحد يفعل ما يتيسر له، حتى لا يجتمع الناس على شيء واحد فيتضايقوا، ولهذا تجد الناس يوم العيد متفرقين، هذا يرمي، وهذا ينحر، وهذا يطوف، وهذا يسعى حتى يتسع المجال للأعمال.

إذاً نرجع إلى يوم العيد، ماذا يصنع الحاج يوم العيد؟

يدفع من مزدلفة إلى منى ، فيرمي جمرة العقبة، ثم النحر، ثم الحلق والتقصير، ثم الطواف والسعي، والأفضل أن تكون مرتبة هكذا وإن قدم بعضها على بعض فلا حرج.

مسائل في الحج

وهنا مسائل للأعمال التي تفعل في يوم العيد، أولاً: هل يجب أن نلقط الحصى من مزدلفة أو السنة أن نلقطه من منى؟

السنة أن يُلقط من منى ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ابن عباس أن يلقط له الحصى وهو على بعيره، وهذا يدل على أنه لقطه من منى ، والظاهر أنه لقطه له وهو واقف على الجمرة ؛ لأجل أن يرمي به.

ثانياً: لو سقطت الحصاة من يدك وأنت ترمي فهل يجوز أن تأخذ من الحصى الذي تحت قدمك وترمي به؟

الجواب: نعم، يجوز ولو كانت الحصاة قريبة من الحوض.

ثالثاً: لو أنه رمى خمساً وسقطت حصاتان من يده، ومع الزحام خرج وأخذ حصاتين ورمى بهما بعد أن أبعد عن الزحام هل يجوز هذا أو لا؟

الجواب: يجوز؛ لأن الموالاة في الرمي ليست بشرط عند كثير من العلماء، وإذا قلنا: إنها شرط فإن فواتها في مثل هذه الصورة ضرورة، فلا بأس.

رابعاً: هل يجوز أن يؤخر الرمي إلى ما بعد الظهر؟

نعم يجوز، وإلى ما بعد الغروب فيجوز لكنه سيتوقف على ذلك التحلل؛ لأنه إذا لم يرم فإنه لا يتحلل؛ لكن بعض الفقهاء يقول: إنك إذا فعلت اثنين من ثلاثة حللت التحلل الأول، والثلاثة هي الرمي والحلق والطواف، يقول: إذا فعلت اثنين من هذه الثلاثة حللت التحلل الأول، وإذا أضفت إلى ذلك السعي حللت التحلل كله.

خامساً: هل يتوقف الحل على ذبح الهدي أو لا يتوقف؟ بمعنى لو رمى الإنسان وحلق قبل أن ينحر هل يحل أو نقول لا تحل حتى تنحر؟

يحل ولا علاقة للذبح بالتحلل، بمعنى أنك تحل وإن لم تذبح الهدي، وبهذا يزول الإشكال الذي يشكل على بعض الحجاج الذين يعطون دراهمهم شركة الراجحي أو غيرها للهدي، فيقول مثلاً: هل أحل وأنا لا أدري هل ذبحوا الهدي أم لا؟ نقول: ليس لك شأن في هذا؛ سواء ذبحوها أم لم يذبحوها؛ لأن النحر لا علاقة له بالتحلل.

سادساً: هل يجوز أن يؤخر الطواف والسعي إلى الليل؟

الجواب: نعم يجوز إلى الغد وإلى ما بعد الغد وإلى آخر يوم من الشهر، ولا يجوز أن يؤخر عن شهر ذي الحجة؛ لأن الله قال: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ [البقرة:197] فلا يجوز أن تؤخر الطواف عن آخر شهر ذي الحجة، ومع ذلك ما دمت لم تطف، فإنه باق عليك التحلل الثاني، فلا يحل لك النساء حتى تكمل ما يكون به التحلل الثاني.

سابعاً: لو أن الإنسان طاف اليوم وأخر السعي إلى اليوم الثاني هل يجوز ذلك؟

الجواب: نعم يجوز؛ لأنه لا تشترط الموالاة بين الطواف والسعي، لكن الأفضل الموالاة، أما الوجوب فليس بواجب، ولهذا يجوز أن تطوف في أول النهار وتسعى في آخره، أو أن تطوف في النهار وتسعى في الليل أو بالعكس؛ لأن الأمر في هذا واسع والموالاة ليست بشرط.

ثم في اليوم الثاني من أيام منى وهو اليوم الحادي عشر يذهب الحجاج إلى رمي الجمرات الثلاث بعد زوال الشمس، أي: بعد دخول وقت الظهر، فيرمون الجمرة الأولى وهي التي تلي مسجد -الخيف وهي أبعد الجمرات الثلاث عن مكة- بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، ثم يتقدم فيقف مستقبلاً القبلة رافعاً يديه يدعو الله سبحانه وتعالى دعاء طويلاً، ثم يرمي الوسطى كذلك ويقف بعدها مستقبلاً القبلة رافعاً يديه، فيدعو الله سبحانه وتعالى دعاءً طويلاً ثم يرمي جمرة العقبة كذلك، أي: بسبع حصيات ولا يقف عندها، هكذا السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فإن شق عليه الوقوف طويلاً فليقف ولو يسيراً من أجل إحياء السنة.

وفي اليوم الثاني عشر كذلك يرمي الجمرات الثلاث بعد الزوال كما ذكرنا، ثم إن شاء بقي إلى اليوم الثالث عشر وإن شاء خرج، فإن خرج فهو المتعجل، وإن بقي فهو أفضل، لقول الله تعالى: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ [البقرة:203].

وهنا نسأل قوله: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ [البقرة:203] هل يدخل فيهما يوم العيد أو لا يدخل؟

لا يدخل؛ لأنه لو دخل فيهما يوم العيد لكان يجوز أن يتعجل في اليوم الحادي عشر وليس كذلك، وقد فهم بعض العامة أن قوله: (فمن تعجل في يومين) منهما يوم العيد وليس كذلك؛ لأن الله قال: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ [البقرة:203] والأيام المعدودات هي أيام التشريق.

وأيام التشريق لا تكون إلا بعد العيد، ثلاثة أيام بعده، سميت أيام التشريق؛ لأن الناس يشرقون فيهن اللحم، أي: ينشرونه في الشمس حتى ييبس ولا يتعفن.

وبهذا انتهى الحج فإذا أراد أن يرجع إلى بلده؛ فإنه لا يرجع حتى يطوف للوداع.

قال أهل العلم: وإن أخر طواف الإفاضة -طواف الحج- فطافه عند الخروج ونوى طواف الإفاضة أجزأ عن الوداع، وإن نواهما جميعاً أجزأ عنهما، وإن نوى الوداع وحده لم يجزئ عن طواف الإفاضة وهذه مسألة يجب أن ننتبه لها.

الذي يؤخر طواف الإفاضة حتى يطوفه عند خروجه له ثلاث حالات:

الأولى: إما أن ينوي به طواف الوداع، فهنا لا يجزئه عن طواف الإفاضة ويبقى عليه طواف الإفاضة، وهو ركن من أركان الحج.

الثانية: أو ينوي به طواف الإفاضة فقط فهذا يجزؤه عن طواف الوداع.

الثالثة: أو ينويهما جميعاً فيجزئ عنهما جميعاً.

وبهذا انتهت أعمال الحج.

العبادات التي يشارك فيها الناس الحجاج

ونعرج يسيراً إلى أهل البلاد الأخرى غير أهل مكة وهم أهل البلاد الذين لم يقدر لهم الحج فهل عوضهم الله عز وجل بعبادات أخرى ليشاركوا الحجاج في عباداتهم؟

الجواب: نعم، أهل البلاد الأخرى يشاركون الحجاج في الذكر في هذه الأيام العشر، فبينما الحجاج تعج أصواتهم بالتلبية تعج أصوات أهل البلاد الأخرى بالتهليل والتكبير.

وبينما الحجاج والعمار يعظمون الله عز وجل بترك أخذ الشعور، نجد أن أهل البلاد الذين يضحون ويتقربون إلى الله بترك أخذ الشعور والأظفار والجلود، فمن دخل عليه العشر وأراد أن يضحي؛ فإنه لا يأخذ من شعره ولا من بشرته ولا من ظفره شيئاً حتى يضحي.

أهل الحج يذبحون يوم العيد هداياهم، وأهل البلاد يذبحون يوم العيد ضحاياهم، ولهذا كانت الضحايا التي تذبح يوم العيد من شعائر الله عز وجل التي يتقرب بها الإنسان إلى الله، بالذبح لا بالصدقة باللحم، الصدقة باللحم لا شك أنها قربة؛ لكن أهم شيء هو الذبح تقرباً إلى الله عز وجل، ولهذا فرق النبي صلى الله عليه وسلم بين شاة اللحم وشاة الأضحية فقال: (من ذبح قبل أن يصلي فشاته شاة لحم، ومن ذبح بعد الصلاة فقد أصاب النسك وسنة المسلمين) ففرق بين اللحم وبين الأضحية، ولهذا كان من الخطأ أن بعض الناس يعطي هيئة الإغاثة أو غيرها دراهم ليضحى بها عنه في بلاد أخرى.

نقول: الأضحية شعيرة تتعلق بالإنسان نفسه فاذبحها أنت بيدك إن استطعت أو وكل من يذبحها واحضرها وكل منها؛ لأن الله أمر بالأكل منها، بل جعل الأكل قبل الإطعام، قال: (كلوا منها) وماذا؟ (وأطعموا) ولهذا ذهب بعض العلماء إلى وجوب الأكل من الأضحية، ومن دفع دراهم ليضحى بها في بلاد أخرى هل يمكن أن يأكل منها؟

لا. إذن: نقول ضح في بلدك وكل، أما إخوانك المسلمون المحتاجون، فابعث إليهم بالدراهم، ابعث إليهم بالأطعمة، ابعث إليهم بالأكسية، فضل الله واسع، أما أن تترك شعيرة من شعائر الإسلام لتقام في بلاد بعيدة عنك، فهذا خلاف ما تقتضيه السنة، ولا يضحي الإنسان إلا بما تحقق فيه أربعة شروط:

الأول: أن يكون من بهيمة الأنعام وهي الإبل، والبقر، والغنم.

الثاني: أن يبلغ بلغ السن المعتبر شرعاً؛ وهو نصف سنة في الضأن، وسنة في الماعز، وسنتان في البقر، وخمس سنين في الإبل، فما دون ذلك لا يضحى به.

الثالث: أن يكون سليماً من العيوب المانعة من الإجزاء، وقد بينها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ضلعها، والعجفاء التي لا تنقى) أي: الهزيلة ليس فيها مخ.

الرابع: أن يكون في الوقت المحدد وهو ما بعد صلاة العيد إلى ثلاثة أيام بعده.

فلو ذبح الأضحية قبل الصلاة لم تجزئ، ولو ضحى بعد مضي أيام التشريق لم يجزئ، فلا بد أن تكون في الأيام المعتبرة شرعاً.

هذا وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم ممن حجه مبرور، وذنبه مغفور، وسعيه مشكور، وأن يتقبل منا جميعاً بمنه وكرمه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

والآن مع الأسئلة التي عند الأخ الشيخ حمود بن عبد العزيز الصايغ.

الأسئلة

حكم الاستدانة للحج

السؤال: فضيلة الشيخ! ذكرتم أن من شروط الحج الاستطاعة، ونجد أن الكثير ممن يأتي من غير أهل هذه البلاد يأتون ولا استطاعة لهم، بل نجدهم يستدينون ويشق عليهم الحج أشد المشقة، ولكنهم يخشون ألا تتيسر لهم الفرصة، فهل يمنعون من أداء الحج بهذا السبب أم يقال لهم إذا جاءتكم الفرصة فحجوا ثم ييسر الله لكم سداد الديون فيما بعد؟

الجواب: نقول لهم: إن الرأي والشرع يقتضي ألا تحجوا وعليكم الدين، وألا تستقرضوا للحج، نقول: اقبلوا رخصة الله حيث خفف عنكم، وأنتم إذا وافيتم الله ولم تحجوا لعدم استطاعتكم فلا إثم عليكم.

حكم الذهاب إلى مكة لأداء العمرة في أيام الحج

السؤال: ذكرتم حفظكم الله أنه يشرع في أيام العشر الرحيل إلى بيت الله الحرام؛ لأداء العمرة أليس في هذا مشقة ومضايقة لمن أتى إلى مكة لأداء العمرة والحج؟ هذا فقط أريد أن يكون عليه التنبيه.

الجواب: نحن نريد لأداء العمرة والحج، ونريد أيضاً لأداء العمرة؛ لأن العمرة مشروعة في أشهر الحج التي أولها شوال وآخرها ذو الحجة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتمر إلا في أشهر الحج؛ حتى إن بعض العلماء تردد: هل العمرة في أشهر الحج أفضل أو العمرة في رمضان أفضل؟ لأن عمر الرسول صلى الله عليه وسلم كلها في أشهر الحج، عمرة الحديبية في ذي القعدة في أشهر الحج، عمرة القضاء في ذي القعدة في أشهر الحج، عمرة الجعرانة في ذي القعدة في أشهر الحج، عمرة حجة الوداع في ذي القعدة وذي الحجة في أشهر الحج، فلو أن الإنسان تيسر له أن يأتي للعمرة في أشهر الحج، في ذي القعدة في آخر شوال فذلك يكون طيباً؛ ونحن حيث قلنا يسير الناس أو يرتحل الناس إلى مكة فإنما قصدنا بذلك أن يؤدوا العمرة والحج جميعاً.

وأما مسألة التضييق فقد قال بعض المعاصرين: ينبغي للإنسان إذا أدى الفريضة ألا يحج؛ لأنه يضيق على الناس ولكننا لا نرى هذا الرأي، نقول: الحج رغب فيه الشرع وحث عليه لكن بعد القدرة، والزحام الذي يحدث للناس والمشقة التي تأتي للناس لا تكون إلا من سوء التصرف، ولو أن الناس عملوا بهدوء وطمأنينة وخشوع ما حصلت هذه الأذية، ولهذا نرى أن الناس إذا كانوا يؤدون المناسك بهدوء وخشوع وتعبد لله لا يحصل لهم أذية أبداً؛ لأن الأذية تحصل من الجدال والمخاصمة والمغالبة لا من الكثرة.

حج التطوع مع وجود المشقة والمزاحمة في الحج

السؤال: حول الموضوع الذي أشار إليه: فضيلة الشيخ هذا سائل يقول: شوقتمونا يا فضيلة الشيخ! للحج وفقنا لله ووفقكم لكل عمل صالح، ولكن ما قولكم بمقالة العامة: من حج فرضه فليقعد بأرضه، وكذلك النساء هل يمنع الولي زوجته أو ابنته أو أخته عن الحج بحجة الزحام وهي تريد التطوع لهذا السبب، أم أن الأفضل التزود وخصوصاً أن النبي صلى الله عليه وسلم سماه جهاداً والجهاد يرغب فيه ويتزود منه، وما رأيكم بمن يقول: لا تزاحموا الناس، أرجو التفصيل؟

الجواب: قلنا: الأفضل أن يحج ولكن يحرص على أن لا يتأذى ولا يؤذي بالمزاحمة، وأن غالب المشقة التي تحصل إنما هو من سوء التصرف فيما بين الناس.

حكم الطواف بالصبي وعمن تجزئ

السؤال: فضيلة الشيخ ذكرتم وفقكم الله أن من طاف بولده لم يجزئه الطواف حتى يطوف عن نفسه أولاً ثم يطوف بولده فما دليل ذلك من الكتاب أو السنة؟ وما رأيكم بمن يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل للمرأة التي رفعت صبيها للنبي صلى الله عليه وسلم وقالت: (ألهذا حج؟ قال: نعم) فلم يقل لها بالتفصيل هذا أرجو إقناع من يعترض على ذلك بهذا الحديث؟

الجواب: نحن قلنا إن بعض العلماء يقول بهذا، أما رأيي في الموضوع فإنه إذا كان الولد المحمول يعقل النية وقال له أبوه أو حامله الذي يطوف: انو الطواف فحمله ونوى الطواف عن نفسه والحامل نوى الطواف عن نفسه، نرى أن هذا يجزئ فيجزئ عن الاثنين؛ وذلك لأن المحمول استقل بنيته، أما إذا كان المحمول لا يعقل النية ونوى الحامل عنه وعن المحمول فلا يمكن أن تكون نيتان في فعل واحد ويجزئ عن اثنين، هذا ما نراه في هذه المسألة.

وأما حديث المرأة فالرسول عليه الصلاة والسلام لم يذكر لها إلا أن له حجاً فقط، ولم يقل غير ذلك، ولم يتعرض للطواف ولا للسعي، ولا للوقوف ولا لغيرها، فليس فيه دليل على أنه يجزئ أن يحمل الإنسان صبياً لا يعقل النية ثم ينوي عنه وعن الصبي.

المقصود بقوله تعالى: (وَلَيَالٍ عَشْرٍ)

السؤال: فضيلة الشيخ أشرتم إلى أن هذه الليالي العشر أفضل من العشر الأخيرة من رمضان فهل هي المرادة بقوله تعالى: وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ [الفجر:1-2] هل هي عشر ذي الحجة أم عشر رمضان، وإذا كان المراد عشر ذي الحجة فلماذا قال: (وليال) ولم يقل: وأيام، وتكون عشر ذي الحجة هي الأيام المعلومات في قوله تعالى: وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ [الحج:28] وهل لـشيخ الإسلام كلام في هذا؟

الجواب: نحن قلنا: إن هذه الأيام من أفضل أيام العشر، أما الليالي فسكتنا عنها، وذلك أن العلماء رحمهم الله قالوا: إن الأيام تطلق والمراد بها الليالي، والليالي تطلق ويراد بها الأيام، ففي قوله تعالى: وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ [الفجر:1-2] يرى بعض العلماء بل أكثر المفسرين أن المراد بها عشر ذي الحجة، ويرى آخرون أن المراد بها ليالي عشر رمضان، والقول الأول يقول: إنه يعبر في اللغة العربية بالليالي عن الأيام والليالي وحينئذ لا إشكال، لكن بعض أهل العلم رحمهم الله قال: إن ليالي عشر رمضان الأخيرة أفضل؛ لأن فيهن ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وأما أيام عشر ذي الحجة فهي أفضل من أيام عشر رمضان ففرق بين الليالي والأيام، وعلى كل حال نحن نحث إخواننا على أن يعملوا صالحاً في هذه الأيام العشر، عشر ذي الحجة ليلاً ونهاراً.

حكم حج من بلغ ولم يصل بعد

السؤال: فضيلة الشيخ! طفل بلغ منذ سبعة أيام ولم يصل صلاة واحدة إلى الآن وهو يريد الحج، فهل على الناس منعه من الحج لكونه كافراً أو لا يمنعوه؟

الجواب: الواجب على هذا الطفل الذي بلغ منذ سبعة أيام أن يصلي، والواجب على وليه أن يأمره بالصلاة، ولا أعتقد أن طفلاً بهذا السن يمتنع عن الصلاة، الذي يخشى عليه الامتناع من الصلاة الكبير، أما هذا بمجرد ما يقول له أبوه: صل ويلزمه بالصلاة فسيصلي، وعلى هذا فنلزمه بأن يصلي ولا أظن من له سبعة أيام على البلوغ أنه يمتنع عن أبيه إذا أمره بالصلاة.

حكم توزيع الأضحية بين الناس من باب المجاملات والمحاباة

السؤال: أشرتم وفقكم الله إلى الأضحية، والأضحية نجدها عند كثير من الناس تدخل فيها المجاملات والمحاباة، فنجد أن المسكين والفقير لا تصل إليه، بل أعطني وأعطك وهكذا فعل كثير من الناس، فمن أعطاه أحسن رد إليه الأحسن، فما هو المشروع في توزيعها؟ وهل من حث للناس على أن يغيروا هذه العادة؟ وما رأيكم وفقكم الله في جماعة أرادوا أن يجمعوا لحم الصدقة ويوزعوه على الفقراء فما رأيكم لو تأخر عن أيام الذبح الثلاثة؟

الجواب: أما الشق الأول من السؤال، وهو أن لحوم الأضاحي صارت يحابى فيها ويجامل، وأعطني أعطك، فلا شك أن هذا خلاف المشروع، هذا اللحم لحمٌ تُعبِّد بذبح البهيمة فيه إلى الله عز وجل؛ فينبغي أن يكون على مراد الله، يأكل الإنسان ما شاء ويهدي ما شاء ويتصدق بما شاء، واختار بعض العلماء أن يكون ذلك أثلاثاً: يأكل ثلثاً، ويهدي ثلثاً، ويتصدق بثلث، حتى ينفع نفسه بما يأكل، وينفع الفقراء بما يتصدق به عليهم، ويجلب المودة بينه وبين الناس بما أهداه إليهم، هذا هو الأفضل، ومع ذلك فليس بلازم أن يكون التوزيع هكذا، ثلثاً وثلثاً وثلثاً، بل لو أكل النصف وأهدى وتصدق بالباقي، أو أكل النصف وتصدق بالباقي فلا بأس، إنما اختار أكثر العلماء أن يجعلها أثلاثاً: ثلثاً له وثلثاً للهدية وثلثاً للصدقة.

أما الشق الثاني وهو أن تجمع لحوم الصدقة ثم تعطى الفقراء على حسب حاجتهم فهذا لا بأس به، المهم أن تذبح في وقت الذبح أما أكل اللحم وتوزيعه فلا حد له.

ظاهرة توزيع الأراضي على أصحاب الحملات وضررها

السؤال: فضيلة الشيخ: سمعنا أنه في هذا العام تم توزيع بعض الأراضي على أصحاب الحملات، ولكن خصم أكثر من النصف، فلا يعطى إلا (45%) من نصيبه حتى اضطر بعضهم إلى أن يستأجر عمائر في العزيزية ليجلس بها هو ومن معه في النهار، ويأتي إلى منى أول الليل ثم ينصرف نصف الليل، فما رأيك في هذا؟ وما حكم الحجاج الذين معه إذا فات شرطهم وقد شرط عليهم المبيت بـمنى أرجو توضيح الأمر خوفاً من الخطورة؟

الجواب: أما الشق الأول وهو أن تستأجر في العزيزية أو خارج منى بيوتاً يسكن فيها الحجاج فهذا فيه تفصيل: إذا كان لم يتيسر له أن يأخذ مكانين، ولم يتيسر له إلا هذا المكان الضيق الذي لا يسع إلا نصف الحجاج الذين معه فهذه ضرورة ولا بأس، ولكن يحرصون على أن يكون مبيتهم في منى وإقامتهم في المكان الآخر.

وأما الشق الثاني: وهو النزاع المتوقع بين صاحب الحملة وبين المحمولين فأرجو ألا يكون نزاع، وإن حصل النزاع فهناك جهات مختصة تفصل بين الناس.

حكم دخول مكة من غير طريق التفتيش

السؤال: فضيلة الشيخ! غير أهل هذه البلاد يمنعون أن يحجوا إلا بعد مضي خمس سنوات، السؤال: هل يجوز لنا أن نحج بالوصول إلى مكة من طريق ليس فيه تفتيش، أو نمشي على الأقدام، وإن منعنا هل نعتبر من المحصورين أو لا؟

الجواب: الأولى لمن حج ولم يحصل على الترخيص أن يقول عند الإحرام: إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني؛ حتى إذا منع تحلل ورجع بدون إحرام، أو تحلل وبقي في مكة ، المهم أنه يحل بدون أن يكون عليه دم الإحصار، هذا هو الأولى حتى يسلم من الأمور التي قد تكون عاقبته بالنسبة له غير حميدة.

ثم نقول: إذا أدى الإنسان الفريضة فالباقي تطوع، ولا ينبغي للإنسان أن يعرض نفسه للخطر أو أن يتخذ آيات الله هزواً فيحرم بثيابه المعتادة.

حكم نزع الأشجار من منى مع الجهل أنها من الحرم

السؤال: فضيلة الشيخ: حججت فلما نزلت إلى منى قمت بنصب الخيمة ثم نزعت الأشجار التي في مكان الخيمة ولم أكن أعلم أن منى من حدود الحرم، فما الحكم وفقك الله؟

الجواب: الحكم أنه لا شيء على الإنسان إذا فعل شيئاً من المحظورات جاهلاً أو ناسياً أو مكرهاً، وهذه قاعدة عامة، فكل المحظورات في الإحرام أو في الحرم إذا فعلها الإنسان ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً فلا شيء عليه، ولهذا لو انفرش الجراد في الطريق -والجراد صيد يحرم إذا كان داخل حدود الحرم أو إذا كنت محرماً ولو كان خارج حدود الحرم- ورأيت الأرض مملوءة بالجراد فهل نقول: توقف ولا تمش حتى يرتحل الجراد عن الأرض، أو نقول امش وإذا أصبت شيئاً لم تقصده فلا شيء عليك؟

الثاني: لأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، كذلك أيضاً الأشجار في منى أو في مزدلفة، إن قلعتها قصداً فهذا حرام عليك، وإن لم تقلعها ولكن فرشت عليها الفراش وتكسرت من أجل فرش الفراش وأنت ما أردت ذلك فلا حرج عليك.

كيفية تلبية الحاج الوكيل عن غيره

السؤال: ماذا يقول الإنسان في بداية الإحرام إذا كان الحاج وكيلاً عن غيره؟ وماذا يقول كذلك في يوم عرفة ويوم النحر وعند رمي الجمار وغير ذلك من المواقف هناك؟

الجواب: يقول: لبيك عن فلان؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً يقول: (لبيك عن شبرمة قال: ومن شبرمة ؟ قال: أخ لي أو قريب لي، فقال: أحججت عن نفسك؟ قال لا. قال: حج عن نفسك ثم حج عن شبرمة ) فتقول: لبيك عن فلان فإذا نسيت اسمه، فقل: لبيك عمن أعطاني وكالة في الحج عنه، أو ما أشبه هذا من العبارة والله تعالى يعلمه،ولا يلزم أن تقول هذا عند الطواف، أو السعي، أو الوقوف، أو المبيت بـمزدلفة، أو رمي الجمار، وإذا نويته من أول الإحرام كفى، ولذلك كان القول الصحيح: إنه لا يشترط في الطواف أن ينويه عن الحج أو العمرة ما دام محرماً بحج أو عمرة؛ لأنه إذا كان محرماً بحج فهذا الطواف للحج، وإذا كان محرماً بعمرة فالطواف للعمرة، فالطواف والسعي والوقوف كلها أجزاء في العبادة فتكفي النية الأولى، كما أنك في الصلاة هل تنوي الركوع؟ لا. بل تركع على أنه جزء من الصلاة والنية الأولى كافية.

حكم الحج عن الغير من أجل المال

السؤال: فضيلة الشيخ! رجل حج عن آخر نيابة بمبلغ وقدره خمسة آلاف ريال، وهو ما حج إلا من أجل هذا المال، فهل المبلغ حلال له؟ وهل الحجة تصل للمحجوج عنه وهو ميت إذا كانت هذه نية الحاج، نأمل الإجابة على هذا السؤال بالتفصيل، وذلك لشدة الحاجة إلى هذه الإجابة؛ لأن أحد الخطباء في إحدى المدن خطب حول هذا الموضوع وعارضه بعض العوام بعد الصلاة فكتبت هذا السؤال لفضيلتكم لتجيبوا عنه بالتفصيل لأرسله إليهم؟

الجواب: ماذا قال الخطيب؟ وأين السائل؟

على كل حال لنفرض أن الخطيب قال: هذا لا يجوز وأن الذي عارضه قال: هذا يجوز. لنفرض هذا ونحن لا ندري ماذا قال كل واحد.

يقول العلماء رحمهم الله ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية : من حج ليأخذ المال فليس له نصيب في الآخرة، لقول الله تعالى: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [هود:15-16].

وأما من أخذ ليحج ويقضي حاجة أخيه وينتفع هو بالدراهم أو بما زاد منها فلا بأس بذلك فالإنسان ونيته، فأنت إذا أخذت دراهم لتحج بها عن غيرك فاجعل نيتك أنك تريد قضاء حاجة أخيك، وتريد أيضاً أن تنتفع أنت بمشاهدة الأماكن المعظمة، وأن تستغل الوقت هناك بالدعاء ولكن إذا دعوت فاجعل لمن وكلك نصيباً من الدعاء.

تقديم الحج التطوع أم الحج عن الغير

السؤال: فضيلة الشيخ: أرجو النصيحة لي! لقد عرض عليَّ الحج هذا العام بتكلفة لا تذكر؛ لأنها يسيرة جداً، كما عرض عليَّ الحج عن غيري مقابل مبلغ من المال، مع العلم أني قد أديت الفريضة منذ سنوات، وأنا الآن عليَّ دين أي مدين وهذا المبلغ الذي سوف أتقاضاه مقابل قيامي بالحج عن غيري سوف يسدد أكثر ديني إن لم يكن كله، فما الأفضل في حقي الحج تطوعاً طلباً للمغفرة، وخصوصاً أن ذنوبي كثيرة، وأيضاً أنا مشتاق للحج، أم أن الأفضل الحج عن غيري حتى أسدد ديني وما رأيكم في قول شيخ الإسلام : (الارتزاق بأعمال البر ليس من شأن الصالحين)؟

الجواب: أرى أن تسلك الأول أي تحج بالمال اليسير لنفسك وأن تدع هذا، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، فأنت بتركك أخذ الوكالة التي فيها زيادة مال لا شك أنك تركته لله، وإذا تركته لله، فسوف يعوضك الله سبحانه وتعالى خيراً منه.

فالذي أشير به على الأخ السائل: أن يحج لنفسه بالمال الذي عنده وأن يسأل الله عز وجل أن يقضي دينه، أن يقول: اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الباطن فليس فوقك شيء، وأنت الظاهر فليس دونك شيء، اقض عني الدين وأغنني من الفقر.

حكم التمتع بعد دخول ثامن ذي الحجة

السؤال: هل يصح التمتع بعد دخول زمن الحج، أي بعد ظهر اليوم الثامن؟

الجواب: يقول الله عز وجل: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ [البقرة:196] وهذا يدل على أن العمرة تفعل قبل أوان الحج، فإذا قدمت مكة في اليوم الثامن فأمامك شيئان: الإفراد والقران، أما التمتع فقد فات، والإنسان لا ينبغي له أن يتشاغل عن الخروج إلى منى؛ لأنه إذا جاء ضحى اليوم الثامن فالمطلوب منك أن تكون في منى، فلو اعتمرت لمضى وقت أخللت به من أوقات الحج؛ لأن وقت الحج يدخل من ضحى اليوم الثامن، حيث إن الصحابة رضي الله عنهم أحرموا من ذلك الوقت، فإذا جئت متأخراً فالذي أختار له أن يأتي بحج مفرد أو بحج وعمرة مقرونين، أما التمتع فلا محل له في هذه الحال.

حكم من جامع زوجته بعد التحلل الأول

السؤال: فضيلة الشيخ: رجل حج هو وزوجته، وبعد التحلل الأول جامع زوجته وكانت هي غير موافقة بل منعته من ذلك، فاستفتى ولكن من يفتي بغير علم؛ حيث كان يظنه عارفاً بالحكم فقال له: حجك باطل وعليك الإكمال والقضاء فتكاسل لما علم ببطلان حجه، وقال: سأحج من العام المقبل، وهو الآن يسأل ماذا عليه قبل أن يأتي وقت الحج الآن؛ علماً أنهما لم يكملا السعي والطواف، وهما من أهل الحرم؟

الجواب: الفتوى التي أفتى بها خطأ؛ لأن الذي أفتاه قال: إن حجك فاسد، والحج لا يفسد إذا كان الجماع بعد التحلل الأول، ولكن الذي يفسد هو الإحرام، بمعنى أننا نقول له إذا جامع بعد التحلل الأول اذهب إلى الحل، يعني: إلى أدنى الحل، يعني: إلى عرفة أو إلى مسجد التنعيم وأحرم منه وطف وأنت في إحرامك، واسع وأنت في إحرامك ولا شيء عليك سوى هذا إلا أنك تذبح شاة توزعها على الفقراء، وإن شئت تصوم ثلاثة أيام، وإن شئت تطعم ستة مساكين كل مسكين نصف صاع، وحجك صحيح.

وإنني بهذه المناسبة أحذركم من شيئين:

الشيء الأول: أن تستفتوا من لا تعلمون أنه من أهل التقوى؛ لأنه مع الأسف صار كثير من الناس يكون معه نتفة من العلم ويرى أنه البحر العلامة الفهامة، فيفتي في كل شيء أتاه، مثل هذا الرجل أفتى بفساد الحج وهو لم يفسد، فاحذروا أمثال هؤلاء.

الأمر الثاني: أحذركم أن تحجوا دون أن تعرفوا أحكام الحج، أو إذا أخطأتم في الحج أن تسكتوا حتى إذا مضى سنوات جئتم تسألون، هذا ليس بصواب، إذا أردت أن تحج فاعرف أحكام الحج أولاً، ثم إذا وقع منك خطأ فلا تتأخر في السؤال، بادر بالسؤال حتى يمكنك أن تتلافى الخطأ في وقت قصير، فهذان أمران أحذركما منهما:

الأمر الأول: استفتاء من لا تعلمون أنه أهل للفتوى.

الأمر الثاني: أن تبادروا إذا أخطأتم بالسؤال عن حكم هذا الخطأ.

لكن قبل ذلك أن تتعلموا أحكام الحج والعمرة، وهذا السائل ليس عليه إلا كما قلت: ذبح شاة أو يصوم ثلاثة أيام أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، لكن الإطعام يكون في مكة.

وأنا أجبت الآن على أنهما قد مضيا في إتمام النسك وطافا وسعيا، أما إذا كانا لم يطوفا ولم يسعيا فالواجب عليهما -الآن- أن يذهبا إلى مكة ويأتيا بعمرة يحرمان من الميقات ويطوفان ويسعيان ويقصران، ثم يطوفان طواف الإفاضة وسعي الحج، يعني: يجب أن يذهبا -قبل أن يجامعها- وقبل كل شيء ويطوفا ويسعيا؛ لكن يتقدم الطواف والسعي عمرة.

الحكم إذن: إذا كانا لم يطوفا في السنة السابقة فالآن يجب أن يذهب -ولا يقرب الزوجة- يذهب هو وزوجته -ما لم تكن مكرهة- ويحرما بعمرة، فيطوفا ويسعيا ويقصرا، ثم بعد ذلك يطوفا طواف الإفاضة ويسعيا مع الفدية التي ذكرناها.

حكم من إحداث أثناء طواف الحج

السؤال: فضيلة الشيخ: رجل طاف بالبيت في طواف الحج -طواف الإفاضة- وخلال الطواف أحدث ثم ذهب فتوضأ ورجع فأكمل الطواف بدون استئناف الطواف ظناً منه أن هذا الفعل صحيح، فماذا عليه الآن أثابكم الله؟

الجواب: الطواف الذي أحدث فيه ثم ذهب وتوضأ، إذا قلنا: إن الطهارة شرط للطواف؛ فإن طوافه الذي حصل فيه الحدث بطل، وبناء آخره على أوله لا يصح، وعلى هذا فيعتبر الآن غير طائف طواف الإفاضة، أما إذا قلنا: إنه لا يشترط الوضوء للطواف فإننا ننظر هل طال طلبه للماء ووضوؤه، فإن طال فإن طوافه لم يصح أيضاً؛ لأنه يشترط للطواف الموالاة، أما إذا كان وجد الماء قريباً، ثم توضأ ورجع بسرعة فطوافه صحيح.

حكم الصلاة ركعتين بعد طواف الوداع

السؤال: هل بعد طواف الوداع يسن للإنسان أن يصلي ركعتين؟

الجواب: الظاهر أنه يسن أن يصلي ركعتين بعد طواف الوداع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما ودع البيت صلى صلاة الفجر ولم يجعل الصلاة قبل الطواف، بل طاف أولاً ثم صلى ثانياً، وقد ذكر العلماء قاعدة عامة قالوا: كل طواف فبعده ركعتان.

حكم الإتيان بعمرة في يوم عرفة

السؤال: في العام الماضي بسبب عدم استطاعتي للحج، قمت بأداء عمرة في يوم عرفة، وذلك بسبب خلو الحرم من الحجيج وكذلك لفضيلة العمل في العشر الأوائل من شهر ذي الحجة فقمت بعمل العمرة؟

فهل عملي هذا صحيح مع العلم أني فعلت ذلك مع اعتقادي بعدم فعلي للعمرة في مثل هذا الوقت في كل سنة.

الجواب: لا بأس أن يعتمر الإنسان يوم عرفة إذا كان غير حاج، والإنسان الذي أدى فريضة الحج لا يجب عليه أن يحج مرة أخرى، فإذا كان هذا الرجل من أهل جدة مثلاً، وقال: أريد أن أذهب إلى مكة ؛ لأؤدي العمرة في هذا اليوم الذي يكون فيه الحرم خالياً، فإنا نقول: لا بأس بذلك ولا حرج عليك؛ سواء فعل ذلك عاماً وتركه عاماً آخر أو داوم عليه.

حكم تقصير بعض الرأس بعد الطواف والسعي للعمرة

السؤال: رجل طاف للعمرة وسعى ثم قصر من جانب واحد من رأسه، ثم ذهب إلى أهله فماذا يلزمه في حال تعذر عودته إلى مكة وفي حال عدم تعذر ذلك؟

الجواب: الواجب عليه أن يحلق الآن أو يقصر، ويكون ما فعله من المحذورات قبل ذلك في محل العفو؛ لأنه كان جاهلاً، والحلق والتقصير لا يشترط أن يكون في مكة بل يجوز في مكة وغيرها، فنقول لهذا السائل: اخلع ثيابك التي عليك؛ لأنك لم تحل بعد، ثم قصر تقصيراً صحيحاً أو احلق، هذا ما لم تكن حين تقصيرك الأول تعتقد أن هذا هو الواجب عليك بناءً على فتوى سمعتها مثلاً، فإنه في هذه الحال ليس عليك شيء؛ لأن الله يقول: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:43] وبعض العلماء يرى أن التقصير من بعض الرأس كالتقصير من كل الرأس.

التلبية بعد ركوب السيارة أفضل منها قبل ذلك للاقتداء

السؤال: فضيلة الشيخ: هل الأفضل أن يلبي الإنسان نية النسك إذا صعد السيارة أو بعد الركعتين في الميقات؟ وما هي صيغة التلبية إذا صعد السيارة؟

الجواب: الأظهر أنه يلبي إذا ركب السيارة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لبى حين ركب، وإن لبى قبل ذلك بعد الصلاة فلا حرج، لكن ما دام الأمر فيه سعة فإنه إذا أخر حتى يركب السيارة يكون أفضل.

وصفة التلبية أن تقول: لبيك اللهم حجاً -إن كنت في حج- أو لبيك اللهم عمرة -إن كنت في عمرة- لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.

ذبح الفدية لمن خرج من مكة والتوكيل بها

السؤال: ذهبت في الطائرة إلى العمرة ولم أحرم حتى نزلت في مطار جدة ثم أحرمت وأتممت عمرتي فقيل لي عليك دم، لكني رجعت ولم أذبح وأردت هذه السنة أن أحج فمتى أذبح هذا الدم الذي وجب علي بترك الإحرام في الميقات؟ هل يجوز لي أن أذبحه في يوم النحر مع الهدي؟ وهل يجوز أن أشترك مع خمسة رجال في بدنة فيكون لي نصيبين من هذه البدنة نصيباً للهدي ونصيباً لما وجب علي من تجاوزي للميقات؟ ثم هل يجوز لي أن أوكل شخصاً غيري يذبح لي في الحرم وأنا في بلدي، وهل المقصود بالدم هي الشاة فقط؟

الجواب: نقول لهذا الأخ الذي ترك الإحرام من الميقات: عليك عند جمهور العلماء دم تذبحه في مكة إما بنفسك أو بوكيلك، ويجوز أن تشارك غيرك في بدنة ويكون لك منها سبعان وللآخرين خمسة أسباع؛ لأن سبعي البعير يجزئان عن شاتين، والبعير الكاملة تجزئ عن سبع شياه، ولكني كما قلت لكم قبل قليل: أحذر من ترك السؤال حتى مدة طويلة، وأنت إذا فعلت خطأ فبادر بتصحيحه؛ لأنك لا تدري ربما تموت قبل أن تبحث عن هذا الفعل فيلحقك في هذا إثم؛ لأنك مقصر.

من لا يصلي سنة الوضوء إلا عند إرادة الحج فلا حرج عليه

السؤال: فضيلة الشيخ: سنة الوضوء الآن لا تفعل إلا عند إرادة الحج أو العمرة فما رأيك في هذا؟

الجواب: رأيي لا بأس بهذا، يعني: لا يلزم أن الإنسان إذا فعل شيئاً فلا بد أن يفعله في كل حال، ما دامت السنة في الوضوء مشروعة وأراد أن يصلي فإن هذا لا بأس به ولا حرج، حتى ولو كان من عادته أنه لا يصليها.

حكم السعي في سطح المسعى أو الطابق الثاني

السؤال: فضيلة الشيخ: ما حكم السعي في سطح المسعى أو الطابق الثاني أو في الخلوة -القبو- وهل يصح السعي بها وهل تنصح به عند الزحام؟

الجواب: أما السعي فوق، سواء في السطح الأعلى أو في الأوسط فهذا لا بأس به، وأما في الخلوة أو في القبو فلا أعرف أن تحت المسعى قبواً، فليس تحته قبو، وعلى هذا يكون محل السعي ثلاثة:

الأرض، والسطح الذي فوقها، والسطح الأعلى، ولو بنوا سطحاً رابعاً فلا حرج، ولو بنوا خامساً فلا حرج؛ لأن الهواء تابع للقرار؛ كما أنه لو قدر أنه فتح قبو على طول المسعى فإنه يجزئ السعي فيه، والطواف أيضاً يجزئ في السطح الأعلى وفي السطح الأوسط.

وقت انتهاء رمي الجمرات

السؤال: متى ينتهي وقت رمي الجمرات في اليوم الأول والثاني والثالث؟

الجواب: في اليوم الأول ينتهي بطلوع الفجر وكذلك في اليوم الثاني ينتهي بطلوع الفجر، أما اليوم الثالث الذي هو الثالث عشر ينتهي بغروب الشمس؛ لأن ما بعد غروب الشمس خارج عن أيام التشريق التي قال الله تعالى فيها: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ [البقرة:203].

حكم الحج لامرأة لديها طفل رضيع

السؤال: زوجتي لم تؤد فريضة الحج إلى الآن، ولدينا طفل عمره أربعة أشهر وهو يرضع من أمه، فهل تحج أم تبقى عند طفلها، وهل الأفضل إذا حجت أن تأخذ حبوباً لإيقاف دم الحيض أم لا تأخذ أفيدونا وفقكم الله؟

الجواب: إذا كان الطفل لا يتأثر ولا يتضرر بسفرها عنه؛ بأن يرضع من لبن غير لبن أمه، وعنده من يحضنه حضانة تامة، فلا حرج عليها أن تحج خصوصاً إذا كانت فريضة، أما إذا كان يخشى على الطفل فإنه لا يحل لها أن تحج ولو كانت حجة الفريضة؛ لأن المرضع يباح لها أن تدع صيام الفرض إذا خافت على ولدها، فكيف لا تدع المبادرة بالحج إذا خافت على الولد؟ فإذا خافت على الولد فإن الواجب أن تبقى، وإذا كبر في العام القادم حجت، ولا حرج عليها إذا بقيت وتركت الحج؛ لأن الحج في هذه الحالة لا يجب عليها على الفور.

أما استعمال الحبوب في الحج أو في العمرة فلا بأس بها؛ لأن هذه حاجة، ولكن يجب أن تستأذن الطبيب وأن تراجعه؛ لأنه قد تكون الحبوب ضارة فتضرها.

حكم من أراد الحج ولديه بنتاً لها سبعة أشهر

السؤال: فضيلة الشيخ: عندي بنت لها سبعة أشهر وليس عندي من أضعها عنده، فهل لي أن أطوف عنها وآخذها معي للحج والعمرة أم ماذا أصنع؟

الجواب: اذهب أنت وزوجتك وطفلك، ولكن ليس بلازم أن تجعله يحرم، اتركه حراً بغير إحرام؛ لأن هذا يضيق عليكم ويضيق على نفسه.

سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , اللقاء الشهري [10]رقم1؛2 للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

https://audio.islamweb.net