اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , اللقاء الشهري [11] للشيخ : محمد بن صالح العثيمين
أما بعد:
فإننا نفتتح عامنا الهجري عام أربعة عشر وأربعمائة وألف، في هذا اللقاء في الثلث الأخير من شهر محرم، وهذا اللقاء كما تعرفون قد قرر كل شهر في يوم السبت ليلة الأحد الثالث من الشهر، وهذا شيء مقرر ومعلوم، ومعروف للجميع.
ولا شك أن المواضيع التي يحب الناس أن يعرفوا فيها الحكم الشرعي من خلال هذا اللقاء كثيرة، ولكن ما هو الأهم ثم ما هو المهم؟ إننا نستعين بالله عز وجل على معرفة الأهم الذي يختلج في قلوب كثير من الناس ويريدون أن يعرفوا حكم الله فيه بواسطة هذه اللقاءات مني ومن غيري من أهل العلم.
ولكن لا حرج أن يبين لنا بعض الناس، إما مشافهة وإما كتابة عن المواضيع الحساسة التي تهمهم، والتي يحتاج الناس إلى فقهها ومعرفة حكم الله تعالى فيها؛ لأن الإنسان مهما بلغ من دراية لأحوال الناس فلا يمكن أن يطلع على كل ما يختلج في صدورهم من المشاكل، فهناك مشاكل خاصة، وهناك مشاكل عامة، وهناك مشاكل اجتماعية، وهناك مشاكل سياسية، وهناك مشاكل قريبة، وهناك مشاكل بعيدة في البلاد الإسلامية؛ كما هو مشاهد الآن في بلاد البوسنة والهرسك التي يجب أن تكون عبرة وموعظة للناس، يعرفون بها أن اليهود والنصارى يد واحدة على المسلمين، وأن النصارى مهما تظاهروا بالولاية للمسلمين والمودة فإنهم كاذبون، إنما يسعون لمصالحهم الخاصة فقط، وأحبارهم وعلماؤهم يسعون لإضلال المسلمين بما يبذلونه من الشكوك، بل بما ينشرونه من الشكوك عبر محطات الإذاعة، بل أبلغ من ذلك أنهم يصدرون أشرطة الكاسيت إلى المسلمين للدعوة إلى النصرانية، والمسلمون ضعاف الدين قد يغترون بهذه الأساليب التي إذا سمعها الإنسان قال هذا هو الحق، ولكني أقول لكم: لا يوجد خير في أي دين من الأديان وهو خير حقيقي للعباد إلا وفي الدين الإسلامي ما هو خير منه مهما كان.
فالتسامح موجود في الدين الإسلامي، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ [البقرة:178].. وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى [البقرة:237].
ليس التسامح خاصاً بما ينشر عن دين المسيح عيسى بن مريم، بل التسامح في الإسلام، لكن تسامح الإسلام في حزم، أي أنه يشرع التسامح في الموضع الذي يكون فيه التسامح خيراً، وأحياناً لا يكون التسامح خيراً، ولهذا قيد الله عز وجل العفو بالإصلاح فقال: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [الشورى:40] لأن العفو أحياناً لا يكون حميداً، أحياناً يكون العفو سبباً لتسلط الأشخاص واستمرارهم في شرورهم، وإذا أخذوا بالحزم وعوقبوا بما تقتضيه جرائمهم من العقوبة، كان في هذا خير كثير وكف أذى، ولهذا يجب ألا نحكم العاطفة في العفو عن الجناة في كل حال، بل يجب أن يكون لدينا رأفة ورحمة، وأن يكون لدينا حزم وعزيمة وقوة، ألم تسمعوا قول الله عز وجل: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ [النور:2] فنهى الله تعالى عن الرأفة للزاني والزانية، مع أن الرأفة مطلوبة، ومن أسماء الله الرءوف، لكن الرأفة لها محل، والحزم والأخذ بالعقوبة له محل آخر.
أقول: إن من ينظر إلى واقع المسلمين اليوم وإلى واقع النصارى يعرف تماماً شدة عداوة النصارى للمسلمين، وإلا فهل من المعقول أن توجد جمهورية إسلامية معترف بها بين الدول، ثم تمزق أشلاءً، وليته -أيضاً- على وجه كريم بل على وجه لئيم، يذبحون الرجال المسلمين كما تذبح الخراف، يؤتى بالإنسان الصبي اليافع الذي قلب أبيه وأمه متعلق به غاية التعلق فيذبح أمام والديه، ويقال: إنهم يجبرون الوالدين على شرب دم الولد والعياذ بالله.
هل وجدتم أشنع من هذا؟ ومع ذلك فإننا نسمع بين حين وآخر وعوداً من الأمم الكافرة السافلة، لكنها وعود كاذبة، لعب بعقول المسلمين، لكن هل نأخذ من هذا عبرة بحيث نحذر منهم كما أمر الله عز وجل وَخُذُوا حِذْرَكُمْ [النساء:102] وألا نساندهم أو نساعدهم في الأمور الاقتصادية التي يسلبون بها أموالنا ثم يحولونها إلى رصاص تصوب نحو صدورنا، وكما تعلمون أنهم بالأمس اختتموا المؤتمر الاقتصادي على مستوى الرؤساء، وماذا تظنون بهذا المؤتمر؟ أهو خير للبشرية أم شر؟ نجزم بأنه شر، وأنهم يريدون أن يحتكروا العالم اقتصادياً، ولهذا أرى أنه يجب على الأمة الإسلامية -وهي كثيرة ولله الحمد- أن تُكوِّن نفسها، وأن تكوّن لها اقتصاداً مبنياً على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإذا كان اقتصاد الأمة مبنياً على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فإنه الاقتصاد الناجح، ولكن مع الأسف أن بعض الناس يظنون أن الاقتصاد هو اتباع ما كان عليه الناس، سواء وافق الشريعة أم خالف الشريعة، ولهذا نجدهم يتسابقون الآن إلى أشياء محرمة تحريماً واضحاً، وإما مشتبهاً فيها، وكأنما خلقوا للدنيا والاستكثار منها؛ فلا يبالي الواحد أسقط في شرك الربا أم الميسر أو غير ذلك مما حرمه الله عز وجل.
وخلاصة القول: إنه يجب علينا نحن المسلمين أن نحذر أعداءنا، وأن نعلم علم اليقين أنهم لن يسعوا لما فيه سعادتنا أبداً، وأن ننتبه وأن ننبه الشباب على خطورة الموقف وألا نغتر بما اغتر به كثير من الناس، مما يظهره أعداء المسلمين من المودة والموالاة والشفقة علينا؛ لأنهم إنما يريدون بذلك مصالحهم فقط، وما أيسر أن يتأمل الإنسان ثم يعرف حقيقة الأمر.
فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل قلوبنا يقظة وأن يقينا شر أعدائنا.
فمن المحرمات أن يختلط الرجال بالنساء في هذه الحفلات، بل شباب يختلطون بالشابات، وربما يحصل فوق الاختلاط من الرقص -ولا أقول هذا في بلدنا هذه- لكن سمعت أنه يوجد الاختلاط بين الرجال والنساء ويحصل رقص من الرجال والنساء في هذه المناسبة، وهذا لا شك أنه كفر بالنعمة، والواجب علينا أن نبعد الرجال عن النساء، نجعل هؤلاء في مكان وهؤلاء في مكان، ولا حرج أن تقوم النساء بضرب الدف والأغاني النظيفة الطاهرة، التي تنبئ عن الترحيب بالحاضرين وعن السرور بهذا النكاح وما أشبه ذلك.
أما أن تتخذ المعازف والأغاني الخليعة؛ فلا يجوز أن نتوسع ونقول: إن الغناء وضرب الدف في الزواج من الأمور المشروعة ثم نتوسع ونأتي بالمعازف والمغنيات الخليعات، فإن هذا لا يجوز، إذا رخص الله لنا في شيء فلنقتصر على الرخصة، ولم يرخص الشرع في هذه المناسبة بهذا النوع من العزف -أي: عزف الدف- وهذا النوع من الأغاني إلا من أجل إدخال شيء من السرور على النفس بهذه المناسبة، أما أن نحولها إلى شيء آخر فإن هذا لا يجوز.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم من المتواصين بالحق والصبر والمرحمة، وأن يجعل عامنا هذا عام خير وبركة لنا وللمسلمين جميعاً إنه جواد كريم.
الجواب: الدف والطبل كلاهما من المعازف، لكن الفرق بينهما أن الدف يكون من وجه واحد، والطبل يكون من الوجهين أي: فالطار من الخشب أو غيره إذا ختم من الوجهين فهو طبل، وإذا كان من وجه واحد بحيث يكون كالصحن فإن هذا يسمى دفاً، والدف أهون من الطبل، لأن الطبل لما كان مستوراً من الوجهين سيكون له صوت ونغمة أقوى من صوت الدف، فلهذا قال العلماء: الدف جائز والطبل غير جائز.
الجواب: نعم يجوز استئجار من يضرب الدف من النساء؛ لأن هذا عمل مباح بل هو عمل مشروع، وكل عوض يكون على شيء جائز أو مشروع فإنه حلال؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه) ويؤخذ من هذا الحديث قاعدتين:
القاعدة الأولى: أن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه.
القاعدة الثانية: أن الله إذا أحل شيئاً أحل ثمنه.
فعلى هذا يجوز استئجار المرأة التي تدف، لكن لا بد أن يكون الاستئجار معقولاً، أي أن الأجرة تكون معقولة، أما أن تأخذ خمسة آلاف على ضربها لمدة ساعة أو ساعتين، فهذا من التبذير والإسراف، فإذا كانت المرأة لا تأتي تغني لمدة ساعة أو ساعتين إلا بخمسة آلاف فلا تأت بها، خذ منها خمسمائة وسوف تجد من يغني ولو كان الغناء ليس كغناء المغنية المعروفة، يكفي ما في فتح الفم، والباقي أربعة آلاف وخمسمائة تجعلها لإخوانك الجياع في البلاد الإسلامية، وكذلك لإخوانك المحصورين في البلاد الإسلامية.
الجواب: التعدد أفضل من الواحدة لما فيه من كثرة النسل لهذه الأمة وكثرة تحصين الفروج من النساء اللاتي بقين بلا أزواج، ولكن بشرط أن يكون عند الإنسان قدرة مالية وقدرة بدنية، وقدرة عملية وذلك بالعدل بين النساء، أما أن يتزوج وهو يخشى ألا يعدل، فإن ذلك حرام عليه؛ لأن الله تعالى يقول: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً [النساء:3] أمر الله أن يقتصر على واحدة: أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النساء:3] يعني: من الإماء؛ فإن الإماء لا يجب العدل بينهن، له أن يجامع من شاء من إمائه إن كان عنده إماء ولا يجب عليه العدل، أما الزوجات فيجب أن يعدل بينهن، فمن كان له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل، إلا أن الله سبحانه وتعالى رخص للزوج أن يبقى مع الجديدة، إذا كانت بكراً سبعة أيام، ومع الثيب ثلاثة أيام ثم إذا تمت الثلاثة خيرها قال: إن شئت أكملت لك السبع ولكن تعطي زوجاتك الأخريات سبعاً سبعاً ثم تعود إلى الزوجة الجديدة مثاله: تزوج امرأة ثيباً ولما مضى ثلاثة أيام خيرها، قالت: أريد أن تكمل لي السبعة أيام، فكمل لها السبعة وعنده زوجة أخرى، فيبقى سبعة أيام مع الزوجة الأخرى، ثم يعود للزوجة الجديدة، لكن لو قالت: يكفيني ثلاثة أيام، فإنه يذهب إلى الأولى يوماً واحداً ثم يعود إلى الزوجة الجديدة؛ لأن ثلاثة أيام للزوجة الجديدة حق لها، من أجل أن الزوج في الغالب لا تطيب نفسه في أول ليلة من هذه الزوجة الجديدة، ثم من أجل أن تطمئن الزوجة لهذا الزوج وتأنس به؛ لأن ليلة واحدة قد لا يحصل بها الطمأنينة والأنس، فلهذا من حكمة الشرع أنه جعل للبكر سبعة أيام وجعل للثيب ثلاثة أيام، لكن الثيب تخير كما سمعتم، إن اختارت تكميل السبعة فله أن يكمل لها السبعة لكن يقسم للزوجة الأولى سبعة أيام.
الغالب أن المرأة تختار الثلاثة، لأنها إذا اختارت إكمال السبعة بقي مع الأخرى سبعة أيام، لكن إذا اقتصرت على الثلاثة بقي يوماً واحداً ويرجع لها، وإذا قدرنا أن له ثلاث زوجات قبل هذه الزوجة، واختارت السبعة فبعد كم يرجع؟ يرجع بعد واحد وعشرين يوماً، فالغالب أن النساء لا تختار إلا الثلاثة التي لها فيها حق.
الجواب: نحن نتكلف الآن من النساء ومجاوزتهن الحد في ضرب الدف، فكيف إذا أجزنا ذلك للرجال؟
الجواب: صلاة الفجر لا يدخل وقتها حتى يتبين الفجر، وكذلك الإمساك عن الأكل والشرب للصائم، لا يجب حتى يتبين الفجر، وهذا هو السر في أن الله قال: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ [البقرة:187] ولم يقل حتى يطلع الفجر.
وهذا يعني أنه لا بد أن يبين النور في الأفق وقد حدث كلام حول هذا قبل سنتين أو ثلاث، فراقب بعض الإخوة الفجر فوجدوا أن بين تبين الفجر وبين الوقت الموقت خمساً وعشرين دقيقة، وجاء إلي جماعة من بعض البلاد المجاورة في الأسبوع الماضي، وقالوا: إنهم راقبوا الفجر فوجدوا أنه لا يتبين إلا بعد التوقيت حالياً بعشرين دقيقة.
وقالوا: إن هذا التوقيت مخالف لما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إذ يقول: حصة ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس تابعة لليل، يعني: إذا طال الليل طالت وإذا قصر الليل قصرت.
والذي يوجد عندنا من المواقيت بالعكس، في الشتاء يقصر ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس، وفي الصيف يطول، فقلت لهم: راقبوا الليلة وكانت ليلة لا يغيب القمر فيها قبل الفجر، راقبوها واكتبوا محضراً بهذا الشيء وأرسلوه للجهات المسئولة، ونحن إن شاء الله نتكلم بما يسعنا؛ لأن المشكلة ليست مشكلة القصيم فقط، بل كل المملكة على هذا، ولكن على كل حال لو تأخر الناس ولو في الصلاة لكان أبرأ للذمة، وأنا سمعت أن بعض الناس الآن يصلي الساعة الرابعة إلا خمس دقائق، وهذا على خطر عظيم؛ لأن معنى ذلك أن الفجر لم يطلع.
الجواب: أنا حقيقة يسوؤني جداً أن تبحث مثل هذه الأمور؛ لأن الناس كانت نساؤهم في الماضي على تستر وحجاب وحياء، لكن لما كثر اختلاط الناس مع غيرهم من الوافد، أو من الذين ذهب الإنسان إلى بلادهم صارت هذه المشاكل وهذه البحوث، ولا شك أنه كلما تحجبت المرأة ولو عن محارمها في مثل هذه الأمور التي قد تثير الغرائز فهو خير.
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في في رسالته لباس المرأة، أن نساء الصحابة في البيوت كن يلبسن ثياباً تسترها من كفها إلى كعبها.
من كفها في اليد إلى كعبها في الرجل، ولا تخرج ساقاً ولا ذراعاً، ولكن لو فرض أن المرأة كشفت عن ذراعها لشغل في البيت وعندها محارمها أو نساء فلا بأس، أو رفعت عن ساقها لشغل وعندها محارمها أو نساء فإن هذا لا بأس به، أما أن تتخذ لباساً قصيراً لا يستر إلا إلى الركبة، أو لا يستر إلا إلى المرفق فإن هذا يخشى أن يكون داخلاً في قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (صنفان من أهل النار لم أرهما بعد: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا)
فنصيحتي لأخواتي من النساء أن يتجنبن هذه الألبسة، وأن تكون ألبستهن ساترة، ونصيحتي لأولياء أمورهن ألا يمكنوا النساء من الثياب المخالفة لما تقتضيه الشريعة.
الجواب: الأولى عدم ذلك؛ لأن الناس إنما حضروا للأنس والفرح والسرور، وربما يكون بعضهم لم يشاهد الآخر إلا في هذه المناسبة، ويكون في نفسه شيء يريد أن يتحدث به إليه، وما أشبه ذلك، ولكن إذا دعي الإنسان إلى أن يتكلم بكلمة فحينئذ يتكلم، إذا قيل: يا فلان! جزاك الله خيراً عظنا بما أعطاك الله، فلا حرج، أو رأى منكراً فإنه يجب عليه أن يقوم ويتكلم ويعظ ويدعو إلى ترك هذا المنكر، وأما ما دام لم يسأل ولم يطلب منه أن يتكلم ولم ير منكراً يحتاج معه إلى الكلام، فالأولى أن يترك الناس وشئونهم وأن يتحدث بعضهم إلى بعض.
ولا ينبغي للإنسان أن يثقل على الناس ويملهم، بل متى رآهم متشوفين إلى الكلمة فليتكلم وإذا رأى أنهم غير متشوفين فالأولى ألا يتكلم، لأنه إذا تكلم والناس في شوق لكلامه فإن قلوبهم تشرب هذا الكلام كالأرض اليابسة يأتيها الماء، وأما أن يشق عليهم ويملهم فإن هذا لا ينبغي.
الجواب: لا شك أن المغالاة في المهور خلاف السنة، وأن أعظم النكاح بركة أيسره مئونة، وكلما كان المهر قليلاً صار أقرب إلى الألفة بين الزوجين، وأيسر في الفراق إذا لم تتم الألفة، وأضرب لكم مثلاً لو أن إنساناً أمهر زوجته خمسين ألفاً استقرضها من فلان وفلان، أو ضيق على نفسه جداً حتى أدركها، فإن هذه الخمسين ستكون أمام عينه حتى عند معاشرة أهله، فتجده يفكر فيها، وإن ساءت العشرة بينه وبين زوجته، فإنه لن يُطْلِقها بسهولة؛ لأنه خسر عليها هذا المهر الكبير، وإذا طلقها فإنه لن يطلقها إلا بعد أن يطلب ما أمهرها.
وإذا طلب ما أمهرها فربما يكون ذلك شاقاً عليها وعلى أهلها، لكن إذا كان المهر خفيفاً جعل الله فيه بركة، وصار سبباً للألفة بين الزوجين إن قدر بينهما ألفة، أو صار سبباً لسهولة الفراق إذا لم يحصل بينهما ألفة، أما تحديده فإنه صعب ولا يمكن القدرة عليه إلا بواحد من أمرين: إما أن تتفق القبيلة فيما بينها على التحديد، وإما أن يأتي من جهة المسئولين.
الجواب: أشرنا إليه في كلامنا السابق وقلنا: يجب أن نتحاشى الغناء الماجن أو أن نغني على نغمة الغناء الماجن حتى لو كان نزيهاً ونقل على نغمات الغناء الماجن فإننا لا نرى جوازه.
لأن التشبه يؤثر في النفوس، وربما يقع في قلب بعض النساء محبة من يتغنى بهذا الغناء من أصحاب الغناء الماجن.
الجواب: لا يأثم من يمنع أهله من حضور الأفراح التي تشتمل على محرم؛ بل يجب عليه أن يمنع أهله، لأن هذا من الرعاية والولاية، ولكن يبقى الإشكال إذا كان هذا الفرح من أقاربه فلا بد أن يحضر وإذا حضر فلم يطيعوه في ترك ما حرم الله، ففي هذه الحال له الخيار بين أمرين: إما أن يقول لهم: أنا لا أحضر شيئاً فيه معصية، وإذا أصررتم على المعصية فليس لكم حق الإجابة؛ لأن من شروط الإجابة ألا يكون في المكان معصية لا يستطيع إزالتها.
وإما أن يحضر -ومعلوم أن هذا الغناء لا يكون من أول الأمر- ويراه الناس ويكون قد أدى الواجب، ثم يخرج إذا جاءت هذه الأغاني المحرمة.
الجواب: أم الزوجة حلالٌ لها أن تكشف لزوج ابنتها، لكن ليس واجباً عليها أن تكشف، وفرق بين أن نقول: حلال، وبين أن نقول: واجب.
فإذا كانت امرأة خجولاً وغطت وجهها حياءً وخجلاً لا كرهاً للشرع فلا حرج عليها.
الجواب: أنا لا أدري هل هذه الأطعمة تذهب هباءً أو إنها تجمع وتعطى الفقراء.
إذاً لا بد أن تجتمع البلدية وجمعيات البر الخيرية للنظر في هذه المسألة، وعمل ما يكون فيه حفظ مالية الطعام ونعطي الفقراء، وقد علمت أنه في بعض البلاد من خصصوا سيارات مبردة لحفظ هذه الفضلات من الطعام، ثم يوزعونه على الفقراء والمحتاجين، فلو أنه وجد مشروع كهذا لكان طيباً وهو سهل، الجمعية الخيرية هذا من شئونها لأنه خير، والبلدية أيضاً من شئونها لأنه خير، وبقية الناس الذين يحبون الخير يمكنهم المساهمة في ذلك.
الجواب: الأناشيد الإسلامية كثر الكلام حولها، وأنا لم أستمع إليها إلا من مدة طويلة، وهي أول ما خرجت لا بأس بها، ليس فيها دفوف وتؤدى تأدية ليس فيها فتنة، وليست على نغمات الأغاني المحرمة، لكنها تطورت وصارت يسمع منها قرع يمكن أن يكون دفاً ويمكن أن يكون غير دف.
ثم تطورت باختيار ذوي الأصوات الجميلة الفاتنة، ثم تطورت أيضاً إلى أنها تؤدى على صفة الأغاني المحرمة، لذلك: بقي في النفس منها شيء وقلق، ولا يمكن للإنسان أن يفتي بأنها جائزة على كل حال ولا بأنها ممنوعة على كل حال، لكن إن خلت من الأمور التي أشرنا إليها فهي جائزة، أما إذا كانت مصحوبة بدف، أو كانت مختاراً لها ذوو الأصوات الجميلة التي تفتن، أو أديت على نغمات الأغاني الهابطة، فإنه لا يجوز الاستماع لها.
الجواب: الواجب على هذه الفتاة أن تتقي الله -عز وجل- في نفسها، وفي بنات جنسها؛ لأنها إذا تبرجت صارت مفتاح سوء، وصارت ممن قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: (من سن في الإسلام سنة سيئة؛ فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة)
والواجب على وليها منعها من أن تخرج إلى الأسواق كاشفة وجهها أو متبرجة بزينة.
والمرأة إذا رأت من ولي أمرها الحزم والقوة والنشاط، فإنها تخضع له، أما إذا رأت منه التهاون فإنها سوف تفعل ما تشاء، أما بالنسبة لخطبة هذه المرأة فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (تنكح المرأة لأربع لمالها وحسبها وجمالها ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك)
والمرأة التي تتبرج وتخرج إلى الأسواق متبرجة لا شك أنها ناقصة الدين، فليختر امرأة تكون خيراً من هذه المرأة.
الجواب: الواجب على المسلم أن ينتهز الفرصة في كل مكان وفي كل وقت للدعوة إلى الله عز وجل احتساباً للثواب العظيم، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (والله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم)يعني: من الإبل الحمر، وكانت أفضل الأموال عند العرب، فإذا وجد فرصة فليدع إلى الإسلام، حتى لو فرض أنه دعا الرجل الكافر إلى بيته وعرض عليه الإسلام، وأعطاه أشرطة أو كتيبات فيها الدعوة إلى الإسلام فإن هذا خير.
أما بالنسبة للاختلاط في المستشفيات فهذا أمر يحتاج إلى دراسة من فوق ولا تكفي فيه الفتوى، لا بد أن يعالج الأمر من فوق، ونحن قد عالجنا وغيرنا أيضاً قد عالج، لكن كل شيء له منتهى، ونرجو الله سبحانه وتعالى أن ييسر فتفتح مستشفيات خاصة بالنساء، ومستشفيات خاصة بالرجال، وهذا الأمر ليس بصعب لكن: قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً [الطلاق:3].
ونسأل الله تعالى أن ييسر حتى نصل إلى هذه الحال التي فيها البعد عن الفتنة.
الجواب: أما المسألة الأولى: وهي زيارة المرأة أقاربها، فكلما قرت المرأة في بيتها فهو أفضل، والآن ولله الحمد يمكن للإنسان الزيارة بسهولة وهو في بيته، وذلك بواسطة الهاتف، فممكن أن يتصل الإنسان على أقاربه في اليوم مرتين، لكن إذا دعت الحاجة إلى الزيارة بالبدن مثل أن تزور قريباً لها أصابه المرض، أو ما أشبه ذلك مما تدعو الحاجة إلى زيارته فلتزره ولتكن غير متبرجة بزينة ولا متطيبة، وأن تمشي مشية المرأة المستحية البعيدة عن مظاهر الفتنة.
وأما ذهاب المرأة إلى السوق وحدها فلا بأس، ولكن غير متطيبة ولا متبرجة بزينة، ومع هذا فالأفضل ألا تذهب إلى السوق وأن تصف الحاجة التي تريدها لزوجها أو لأخيها أو لابنها، وتقول: اشتر الحاجة الفلانية (وتصف الحاجة) ويؤتى بها إليها.
فإن كان لا بد أن تذهب هي بنفسها فلا حرج مع أمن الفتنة، ولكن لو ذهبت بأحد من محارمها فهو أفضل لا شك في هذا، وإذا دعت الأم ابنها إلى أن يذهب معها إلى السوق وكان بهابها إلى السوق على وجه مباح، فإن من برها أن يطيعها وأن يذهب معها، لأن في ذلك طاعة لها، وفيه أيضاً حفظ لها من العبث.
الجواب: صوت المرأة ليس بعورة لكن المرأة تنهى أن تخضع بالقول، فيطمع الذي في قلبه مرض، بمعنى ألا تتكلم كلاماً ليناً سواء في كلماته، أو ليناً في أدائه، أو تكون حين أداء الصوت متغنجة أو ما أشبه ذلك فإن هذا حرام، أما الكلام العادي فإنه ليس بحرام وليس بعورة.
الجواب: أرى أن من أنعم الله عليه بالمال ألا يسافر إلى البلاد الخارجية، وأما من لم ينعم الله عليه بكثرة المال بل ابتلاه بالفقر، فهو ليس بذاهب، لكن المشكل من أغناه الله، أرى ألا يذهب إلى البلد الخارجية؛ لأن في ذلك مفاسد.
أولاً: أن أهله سيتغيرون بما يشاهدونه، سواء تغيروا فجأة أو على المدى الطويل.
ثانياً: أنه كما قال السائل: ربما تغطي جميع بدنها إلا وجهها، أي: تغطي البدن وتبقي ما فيه الفتنة.
لأن إظهار الوجه هو الفتنة في الواقع وجمال المرأة في وجهها، ومحل الفتنة وجهها، ولا شك في هذا، والرجل عندما تتعلق نفسه بالمرأة، لا يهمه شيء وراء الوجه، ولهذا تجد الذي يسأل عن الجمال، لا يقول: كيف رجلها؟ كيف أصبعها؟ إنما يقول قبل كل شيء كيف وجهها؟ فهو محل الرغبة وموضع الفتنة.
ولا يجوز للإنسان أن يعبد الله سبحانه وتعالى على هواه، فإذا كان في بلده عبد الله على قول من يقول إنه يجب تغطية الوجه، وإذا ذهب إلى بلد آخر عبد الله على قول من يقول بجواز كشف الوجه، هذا من باب التلاعب بدين الله، ما دمت تعتقد بأن دين الله كذا وكذا، فلا تحد عنه ولا تتحول إلى غيره، وإلا صرت متلاعباً متتبعاً للرخص، وقد قال العلماء: من تتبع الرخص فهو فاسق، ولكنني -والحمد لله- أسمع من الذين يحتاجون إلى السفر للخارج أنه إذا لبست المرأة نقاباً فإنه لا ينظر إليها ولا تكون شهرة بين الناس، والنقاب أن تغطي وجهها وأن تفتح لعينيها فقط -بقدر العينين- ما تبصر به طريقها وهذا جائز، فإذا احتاجت المرأة إلى السفر إلى الخارج واستعملت هذا النقاب فلا بأس.
والآخر يقول: هناك بعض الناس يرى تحريم الذهاب إلى قصور الأفراح مطلقاً حتى ولو لم يكن فيها منكرات؟
الجواب: أما إجابة وليمة العرس إذا عين الداعي من دعاه بأن كتب إليه خطاباً خاصاً أو ذهب إليه وكلمه مشافهة، فإنها تجوز بشرط ألا يكون هناك منكر لا يقدر على تغييره، فإن كان هناك منكر يقدر على تغييره حضر إجابة للدعوة وإزالة للمنكر، وإن كان لا يقدر فلا يحضر.
أما البطاقات العامة، فإن الإجابة إليها لا تجب؛ لأن الواقع أنها عامة، لكن ترسل إلى الإنسان للإحاطة، والدليل على ذلك أن الذي يرسلها لا يتابعها ولا يأتي لك ويقول: هل وصلتك البطاقة؟ أرجو ألا تغيب، وإذا لم تحضر وقابلك من بعد لم يعاتبك في عدم الحضور، فالذي أرى أن مجرد البطاقة التي ترسل إلى الإنسان ما هي إلا بطاقة للإحاطة أو خوفاً من أن يغضب منك، ويقول: لماذا لم ترسل لي البطاقة؟ ولكن إذا عينه وذهب إليه أو كتب إليه كتاباً خاصاً، فإنه تجب عليه الإجابة إذا لم يكن هناك منكر، فإن كان هناك منكر، وإذا حضر قدر على إزالته وجب عليه الحضور، وإن كان لا يقدر على إزالته فلا يحضر.
أما القول بأنه لا يجوز الذهاب إلى قصور الأفراح مطلقاً، فلا أرى له وجهاً، ومن رأى ذلك ورأى له وجهة شرعية فعليه أن يعمل بما ظهر له.
الجواب: أوصيت عليها في الخطبة، وأرى أنها من نعمة الله علينا -ولله الحمد- أن يسر الله عز وجل هذه المراكز، وأن يسر -أيضاً- أن يكون القائمون عليها ممن نثق بهم حسب ما بلغنا، وكون الشاب يذهب إلى هذه المراكز، ينتفع وينفع، ويقضي وقته في غير اللعب وفي غير اللهو، بلا شك أن هذا خير كثير، وكذلك أحث أيضاً على الالتحاق بحلقات تحفيظ القرآن الكريم؛ لأن الصغير يسهل عليه الحفظ.
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , اللقاء الشهري [11] للشيخ : محمد بن صالح العثيمين
https://audio.islamweb.net