اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , اللقاء الشهري [23] للشيخ : محمد بن صالح العثيمين
أما بعد:
فهذا هو اللقاء الثالث والعشرون من اللقاءات الشهرية التي تتم في ليلة الأحد الثالث من كل شهر، إلا أن يكون هناك مانع، هذا اللقاء هو الموافق لليلة الأحد، السابع عشر من شهر جمادى الآخرة عام (1415هـ) أسأل الله تعالى أن يجعل في هذه اللقاءات بركة لنا ولإخواننا المستمعين إليها.
أيها الإخوة: إن موضوع هذا اللقاء هو الكلام على ما تبقى من خطبة الحاجة التي كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعلم أصحابه إياها، ولكني رأيت أن نجعل موضوع هذا اللقاء ما الناس في حاجة إليه حتى نعود إن شاء الله تعالى في الشهر القادم إلى إكمال الكلام على خطبة الحاجة.
هذا الذي أريد أن يكون بدلاً عما نحن بصدده هو الكلام على مسح الجوارب والخفين؛ لأن الناس بدءوا يحتاجون إليه، حيث بدأ البرد يفتح علينا أبوابه.
نقول: من عقيدة أهل السنة والجماعة : جواز المسح على الخفين، بعض أهل السنة يجعلون من العقيدة اعتقاد جواز المسح على الخفين، لماذا؟ لأنه يخالفهم في ذلك بعض أهل البدع كـالرافضة وكبعض الخوارج الذين لا يرون جواز المسح على الخفين.
فنقول: المسح على الخفين أو على الجوربين -وهما الشراب- ثابت بالقرآن وبالسنة المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وبإجماع أهل السنة، لم يختلف فيه اثنان:
أما القرآن:
ففي قوله تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ [المائدة:6].
والقراءة المشهورة بين أيدينا هي: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ [المائدة:6] (أرجلَ) بالنصب، عطف على قوله (وجوهكم) فتكون الأرجل مغسولة، لكن هناك قراءة سبعية صحيحة يجوز للإنسان أن يقرأ بها ثابتة عن الرسول عليه الصلاة والسلام: وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ [المائدة:6] بالجر، عطفاً على (رءوسكم) أي: وامسحوا بأرجلكم، فهل يعني: أنه يجوز للإنسان أن يغسل رجليه مرة ويمسح عليهما مرة؟
نقول: لولا أن السنة بينت ذلك لقلنا: نعم. إن الآية تُجوِّز للإنسان أن يمسح رجليه أحياناً ويغسلها أحياناً، لكن السنة بينت متى يكون الغسل ومتى يكون المسح.
يكون الغسل إذا كانت الرجلان مكشوفتين، لا يمكن أن يقتصر على المسح ما دامت الرجلان مكشوفتين، والدليل على هذا: أن الصحابة كانوا مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في سفر، فأرهقتهم صلاة العصر، فجعلوا يمسحون على أقدامهم، وربما يتركون بعضها، فنادى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأعلى صوته: (ويل للأعقاب من النار) وهذا دليل على أنه يجب استيعاب الرجل بالغسل.
وثبت عنه ثبوتاً كالشمس في رابعة النهار المسح على الخفين حيث كانت الرجلان مستورتين.
وبناءً على ذلك: ننزل القراءتين على اختلاف حال الرجل، إن كانت مكشوفة فالواجب الغسل، وإن كانت مستورة بالجوارب أو الخفين فالواجب المسح، هذا وجه الدلالة من كتاب الله العزيز.
أما السنة:
فقد تواترت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في المسح على الخفين، قال الإمام أحمد : ليس في قلبي من المسح شيء، فيه أربعون حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه. وصدق رحمه الله أنه لا شيء في قلوبنا من المسح، نؤمن بأنه حق.
إذاً: لو أن رجلاً لبس على غير طهارة ناسياً ثم جاء -وقت الصلاة فمسح عليهما وصلى، ثم ذكر أنه لبسهما على غير طهارة، فبماذا نحكم على وضوئه وصلاته؟
نحكم أن وضوءه غير صحيح والصلاة غير صحيحة، ويجب عليه أن يتوضأ من جديد، ويغسل رجليه، ويعيد الصلاة؛ لأنه لبسهما على غير طهارة.
من القرآن: قال الله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا [المائدة:6] فأمر بتطهير كل البدن.
وفي السنة: حديث صفوان بن عسال رضي الله عنه قال: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا كنا سَفْرَاً -أي: مسافرين- ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم).
والقاعدة: أنه لا مسح في الطهارة الكبرى -أي: طهارة الجنابة- إلا في الضرورة، ولهذا لا يمسح فيها الرأس، والوضوء يمسح فيه الرأس، لا يمسح على الخفين والجوارب، والوضوء يمسح على الخفين والجوارب.
إذاً.. نضرب مثلاً: لو أن رجلاً أصابته جنابة، وعليه جوارب لبسهما على طهارة، ثم اغتسل ومسح على الجوارب وصلى، فما تقولون في صلاته؟
غير صحيحة؛ لأنه مسح على الجوارب في الجنابة، والجنابة ليس فيها مسح على الجوارب، إذا أصابت الرجل الجنابة وعليه الجوارب أو الخفان وجب عليه أن يخلعهما ثم يغسل سائر جسده ولا بد؛ لأن القاعدة هي: لا مسح في غسل الجنابة إلا للضرورة كالجبيرة، وإلا فليس فيها مسح خفين، ولا مسح رأس، ولا مسح عمامة، لا يوجد مسح في غسل الجنابة إلا للضرورة.
- بعضهم يقول: من اللبس.
- وبعضهم يقول: من الحدث بعد اللبس.
- وبعضهم يقول: من المسح بعد الحدث، وإن كان أحد يقول: من المسح ولو لم يحدث كالذي يتوضأ تجديداً إن كان أحد يقول فقوله صحيح إلا أن يخالف الإجماع، فإن خالف الإجماع فالإجماع مقدم، ويظهر أثر هذا الخلاف بالمثال: رجل لبس الجوارب حين توضأ لصلاة الفجر في الساعة الخامسة، ثم أحدث في الساعة العاشرة، ثم توضأ لصلاة الظهر في الساعة الثانية عشرة، فمتى تبتدئ المدة؟
القول الصحيح: أنها تبتدئ من المسح، أي: من الساعة الثانية عشرة، وما قبل المسح لا يحسب، وعلى هذا فالذي مسح الثانية عشرة أن يمسح إلى الغد إن كان مقيماً الساعة الثانية عشرة، إذا قلنا: إنه من الحدث بعد اللبس .. متى تبتدئ المدة؟ من الساعة العاشرة، وإذا قلنا: من اللبس؟ تبتدئ الساعة الخامسة، لكن أرجح الأقوال: أنها من المسح؛ لأن الأحاديث تدل على ذلك، يمسح المقيم يوماً وليلة.
إذاً .. واضح أن المسح هو ابتداء المدة.
رجل لبس الساعة الخامسة يوم السبت، وأحدث الساعة العاشرة يوم السبت، وتوضأ الساعة الثانية عشرة يوم السبت، وفي يوم الأحد توضأ الساعة السابعة وصلى، ما تقولون في صلاته؟
إذا قلنا: ابتداء المدة من الساعة الخامسة فصلاته غير صحيحة؛ لأن الوضوء لم يصح، وإذا قلنا: من الحدث والحدث كان يوم السبت الساعة العاشرة فصلاته صحيحة؛ لأنه مسح قبل تمام المدة، وإذا قلنا: من المسح فهي من باب أولى تصح.
إذا لبس في الساعة الخامسة يوم السبت، وأحدث في الساعة العاشرة ومسح في الساعة الثانية عشرة، وتوضأ يوم الأحد الساعة الواحدة نهاراً؟ الصحيح: غير صحيحة؛ لأنه بعد انتهاء المدة على كل الأقوال، وفي الساعة الحادية عشرة، على القول بأن ابتداء المدة من الحدث غير صحيحة، وعلى القول بأنها من المسح صحيحة.
إذاً.. امسحوا كل الأقوال التي قلنا والاعتماد على القول الراجح: أن ابتداء المدة من المسح، فيكون ابتداء المدة من الساعة الثانية عشرة.
وهل المعتبر الزمن أم عدد الصلوات؟
الزمن وإن صلى أكثر من خمس، بعض العامة يقول: المعتبر الصلوات، وإذا صليت خمس صلواتٍ فإنه لا يمكن أن تمسح بعد ذلك، وهذا لا أصل له، لأن الأحاديث جاءت يوم وليلة، ما جاءت بعدد الصلوات، وبناء على ذلك: يمكن أن يصلي الإنسان أكثر من عشر صلوات وهو مقيم، يمكن؟ إذا لبس يوم السبت الساعة الخامسة ثم بقي على وضوئه كل اليوم لم يحدث ثم نام، وأصبح من الغد أي: من ليلة الأحد، فمسح في الساعة الخامسة وبقي على وضوئه أو توضأ وفي يوم الإثنين الساعة الرابعة والنصف مسح يصح مسحه أم لا يصح؟ مسحه صحيح لأنه قبل تمام المدة، فبقي طول يوم الإثنين على طهارته، يصح أم لا يصح؟ يصح المسح.
إذاً.. انظر الآن لبس الجوارب صباح يوم السبت، ولم تنته المدة إلا بعد صلاة العشاء ليلة الثلاثاء وهو مقيم، صلى خمس صلوات يوم السبت، وخمس صلوات يوم الأحد، وخمس صلوات يوم الإثنين، خمس عشرة صلاة، والسبب في ذلك أن ابتداء المدة من أول مرة مسح بعد الحدث.
هنا مسائل:
المسألة الأولى: إذا ابتدأ المسح في الحضر ثم سافر فهل يتم مسح مقيم أم مسافر؟ مسافر على القول الراجح.
وإذا ابتدأ المسح مسافراً ثم أقام فماذا يتم؟ مسح مقيم. فإذا كانت المدة قد انتهت يجب أن يغسل قدميه، مثال ذلك: مسح وهو مسافر يومين، وقدم في اليوم الثالث قبل تمام المدة ماذا نقول له؟ انتهت المدة، يجب أن تتوضأ وتخلع الجوارب أو الخفين؛ لأن المدة قد انتهت.
والقاعدة تقول: إذا ابتدأ المسح مقيماً ثم سافر أتم مسح مسافر، وإذا ابتدأ مسافراً ثم أقام أتم مسح مقيم، فإن كانت المدة قد انتهت انتهى المسح لا بد أن يخلع.
المسألة الثانية: إذا انتهت المدة وأنت على طهارة هل تنتقض طهارتك أم لا؟
الجواب: لا تنتقض، ما دمت لم تحدث فطهارتك باقية. ووجه بقائها أن نقول: هذا الرجل الذي مسح هل تم وضوءه بمقتضى الدليل الشرعي؟
رجل مسح قبل أن تتم المدة، هل تم وضوءه بمقتضى الدليل الشرعي؟ نعم. لا شك، إذا انتهت المدة فإنه لا يمكن أن ننقض هذا الوضوء الذي تم بمقتضى الدليل الشرعي إلا بدليل شرعي، وليس عندنا دليل شرعي يدل على أن الإنسان إذا تمت مدة مسحه انتقض وضوءه، بل الدليل الشرعي على أن الإنسان إذا انتهت مدة مسحة امتنع المسح فقط؛ لأن الشرع لم يحدد الطهارة وإنما حدد المسح، وأنا بعد انتهاء المدة أقول: سمعنا وأطعنا لن أمسح، لكن أين الدليل على أن الطهارة تنتقض لا يوجد دليل.
المسألة الثالثة: رجل بعد أن مسح على الجوارب أو الخفين، رأى أن الوقت حار، فنزع الجوارب، فهل ينتقض وضوءه أم لا؟
الجواب: الصحيح أنه لا ينتقض، ودليلنا على أنه لا ينتقض أن نقول: هذا الرجل حينما مسح تمت طهارته بمقتضى دليل شرعي فلا يمكن أن ننقضها إلا بدليل شرعي، ولا دليل شرعي على أن من خلع الجوارب أو الخفين انتقض وضوءه، فإن قالوا: إن العضو الذي وقعت الطهارة عليه قد زال، قلنا: هذا لا يضر، أليس الرجل يتوضأ ويمسح على رأسه وفيه الشعر الكثيف، ثم يحلق رأسه قبل أن يصلي، فهل انتقض وضوءه؟
الجواب: لا ينتقض، وقد زال الممسوح الذي تعلقت به الطهارة، والقول بأن مسح الرأس أصلي ومسح الرجل بدل هذا غير مؤثر؛ لأن كلا المسحين طهارة شرعية ثابتة بالشرع، فلا يمكن أن يزول مقتضاها إلا بدليل من الشرع.
المسألة الرابعة: هل يجوز للإنسان الذي يمسح أن يكون إماماً لمن لا يمسح؟
الجواب: يجوز، كما يجوز أن يكون المصلي المتيمم إماماً للمصلي بالوضوء، ولا شيء في هذا.
المسألة الخامسة: هل الأفضل أن يمسح الخفين، أو أن يغسل الرجلين؟ بمعنى: إذا كان على الإنسان خفان أو جوارب، هل نقول: الأفضل أن تخلعها ثم تغسل الرجل، أو الأفضل أن تمسح ولا تخلع؟
الجواب: الأفضل أن تمسح ولا تخلع، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال للمغيرة لما أراد أن يخلع خفيه قال: (دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين).
المسألة السادسة: هل يجوز أن يمسح الإنسان على الجوارب في أيام الصيف؟
الجواب: يجوز؛ لأنه ليس في السنة تقييد ذلك بأيام البرد، وإذا جاءت السنة مطلقة فإنه لا يجوز لنا أن نقيدها بأي شيء، إذ أن الشرع متلقى من الكتاب والسنة، وليس في القرآن ولا في السنة أنه لا يمسح على الجوارب أو الخفين إلا إذا كان في زمن الشتاء.
المسألة السابعة: إذا كان في الجوارب شقوق هل يمسح عليهما؟
كأن يكون الظفر ظاهراً أو العرقوب، يمسح أم لا؟
الجواب: بعض العلماء يقول: لا يمسح، يقول: الشق الذي هو مبط الخرز إذا كان في الجوارب أو الخفين لا يمسح عليهما، لا يجوز المسح، لكن هذا القول ضعيف، والصواب: أنه ما دام اسمه باقياً أي: ما دام يسمى جورباً وستر غالب الرجل فإن المسح يجوز عليه، حتى لو فيه خروق في الأصابع، أو في العراقيب، أو في وسط الرجل، أو في ظهر الرجل، كل ذلك جائز.
لو كان على الإنسان جوارب خفيفة، أو جوارب شفافة يرى من ورائها الجلد، الخفيفة أي: التي من خرق خفيفة، والثانية التي تكون من نوع البلاستيك -مثلاً- شفافة لكن ليس فيها هواء، إنسان اتخذ لقدمه جوارب من البلاستيك، كيس الرجل تراها رؤية تامة، لكن ليس فيها خروق، والماء لا ينفذ منها، هل يجوز المسح عليها أم لا؟
الجواب: نعم. يجوز المسح على هذه وعلى التي قبلها، على الخفيفة وعلى الشفافة، وذلك لأنه لا دليل على اشتراط أن تكون ثخينة أو ساترة، وإذا لم يكن هناك دليل فالواجب علينا أن نطلق ما أطلقه الله ورسوله؛ لأننا لو أضفنا شرطاً واحداً لكنا ضيقنا على عباد الله.
أيهما أوسع للناس الشيء المطلق أم المقيد؟ المطلق. فإذا أضفنا شرطاً لم يكن في كتاب الله ولا في سنة رسوله، فهذا يقتضي أننا نضيق على عباد الله، والشرع ليس إلينا، إنما هو إلى الله ورسوله، أي دليل يدل على أنه لا بد من ستر القدم، وأن مبط الخرز يؤثر؟ ليس فيه دليل، بل العلة -والعلم عند الله- هي مشقة النزع، ومشقة النزع حاصلة بالجورب الخفيف والجورب الثقيل، ولهذا وردت السنة بجواز المسح على النعل، والنعال في عهد الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليس كنعالنا، نعال مسيرة يشق نزعها إلا بالاستعانة بالأيدي أو الأرجل، فدل هذا على أن العلة ليست الستر إنما مشقة النزع، وهذا حاصل في الجوارب الخفيفة والجوارب الثقيلة، كله واحد.
المسألة الثامنة: هل المسح على أعلى الجوارب أم على أسفلها، أم عليها جميعاً؟
الجواب: على الأعلى، امسح على الأعلى من أطراف الأصابع إلى الساق ويكفيك، وكيفية المسح؟ أن تبل اليد وتمرها أي: على ظهر اليد والأصابع مفرقة، وعلى أي وجه مسحت فلا بأس، وعلى أي كيفية مسحت فهو جائز، ولكن هل تبدأ باليمنى قبل اليسرى أم بهما جميعاً؟ أنت بالخيار، إن مسحتهما جميعاً أي: مسحت الرجل اليمنى باليد اليمنى والرجل اليسرى باليد اليسرى فلا بأس؛ لأن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: مسح عليهما ولم يقل: بدأ باليمين، وإن بدأت باليمنى قبل اليسرى فلا بأس أيضاً؛ لأن المسح بدل عن الغسل، والغسل تقدم فيه اليمنى، فالأمر في هذا واسع، إن مسحتهما جميعاً جاز، وإن مسحت اليمنى أولاً ثم اليسرى ثانياً جاز أيضاً.
لكن لو قال إنسان: أنا لا أستطيع أن أمسح إلا بيد واحدة، فبأيهما أبدأ؟ قد يكون الإنسان إما أنه مقطوع اليد اليسرى، أو مجبورة بكسر أو بغيره، المهم أنه يقول: أنا لا أستطيع أن أمسح إلا بيد واحدة فيبدأ باليمنى؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (كان يعجبه التيامن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله).
المسألة التاسعة: لو أن الإنسان مسح على الجوارب، ثم بدا له أن يلبس على الجورب جورباً آخر وهو على طهارته، يعني: اشتد البرد وأراد أن يضيف جورباً آخر إلى الأول بعد مسح الأول، وهو على الطهارة الآن هل يجوز أم لا؟
الجواب: يجوز ويمسح الثاني -الأخير- لكن متى ابتداء المدة: هل هي من مسح الأول أم من مسح الثاني؟
الجواب: ابتداء المدة من مسح الأول، وعلى هذا فلو أنه لبس الثاني على طهارة مسح الأول ولم يبق عليه إلا أربع ساعات فإنه إذا تمت أربع ساعات من مسح الأول انتهت المدة.
الجواب: ننصح بالمسح على الجوارب؛ لأن الإنسان إذا مسح على الجوارب لا يضره خلع الجزمة، لكن إذا مسح على الجزمة فإنه لا بد أن يخلع الجوارب عند الوضوء مرة ثانية ليغسل القدمين، هذا هو الذي عليه جمهور العلماء، ولم أعلم أن أحداً من العلماء قال: إنه إذا خلع ما يمسحه وهو على طهارة يبقى على طهارته وله أن يمسح ما تحته، فإن كان أحد من العلماء قال بذلك فهو أقرب إلى الصواب، وعلى هذا فأشير بأن الإنسان يعتاد المسح على الجوارب، حتى لا يهمه أن يخلع الجزمة أو لا يخلعها.
الجواب: أما الشق الأول من السؤال فقد أجبنا عنه، وقلنا: الأمر فيه سعة، يبدأ باليمنى قبل اليسرى أو يمسح عليهما مرة واحدة جميعاً.
وأما الشق الثاني يقول: هل يكرر المسح أم لا؟
فنقول: كل ممسوح في الطهارة فلا تكرار فيه، الرأس لا يكرر، الرأس يمسح مرة واحدة، لكن يقبل ويدبر؛ لأن الشعر فيه مقبل وفيه مدبر، الناصية منحدرة نحو الوجه، والقفا منحدر نحو الظهر، فهذا كان من السنة: أن يذهب أولاً كذا ثم يرجع، لأجل أن يكون المسح على ظهور الشعر وعلى بطون الشعر، ولو مسح مرة واحدة كفى، فهذه قاعدة: كل ممسوح فإنه لا يكرر؛ لأنه لما خفف الشرع في تطهيره وهو مسح بدل غسل خفف في عدده، الجبيرة كم نمسح عليها؟ مرة واحدة، وكذا العمامة؟ والخف.
الجواب: هذا فيه خطأ واضح، ولو أن الإنسان يترك العبادة من أجل اشتباهها عليه لقلنا: إذا كنت تسهو في صلاتك فاترك الصلاة، لا تصلي، فنصيحتي لهذا الأخ ولأمثاله: أن يتبع السنة، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم للمغيرة: (دعهما) ومسح عليهما وقال عليه الصلاة والسلام: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي).
ولكن يمكن أن تخفف الأمر فتلبس لصلاة الفجر وتخلع عند النوم وحينئذٍ لا يكون عليك اشتباه؛ لأنك إذا لبست عند صلاة الفجر ومسحت عند النوم لم تكمل المدة ولا يحصل عليك سهو، وتنام ورجلاك مكشوفتان وتستريح.
الجواب: نعم. عليك إثم في ذلك؛ لأن الواجب على من في يده جبيرة أن يغسل البدن كله إلا محل الجبيرة، لقول الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]وقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) لا بد أن يغسل بقية البدن، أما الجبيرة فلا يلزمه غسلها؛ لقول الله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286] ولكن ماذا يصنع؟
يتيمم بدلاً عن غسلها، فإذا برئت اغتسل.
الجواب: العمامة لا يشترط أن تكون من شيء معين، كلما أدير على الرأس فإنه عمامة يجوز المسح عليه، إلا أن بعض العلماء اشترطوا شرطاً ليس عليه دليل وهو: أن تكون العمامة محنكة، أي: يدار منها دورة تحت الحنك أو تكون ذات ذؤابة، أي: يتدلى طرفها من عند الظهر، ولكن الصحيح أن ذلك ليس بشرط، وأنه متى وجدت العمامة على الرأس فإنه يمسح عليها؛ وذلك لمشقة نزعها ثم طيها مرة أخرى.
الجواب: هذا حله سهل والحمد لله تقدر قيمة هذه الأبواب التي أخذ إذا لم تكن الآن موجودة، ثم يعطينا إياها لنصرفها في مصالح المسجد، وبذلك تبرؤ ذمته مع التوبة إلى الله عز وجل.
وأنا أضيف إليه: لعلنا نجد عنده -أيضاً- أبواباً كبيرة كانت للمكتبة، إذا كانت الأبواب موجودة يعطينا إياها ونبيعها، وإلا يقدر قيمتها بما تساوي اليوم، في ظني أن هذه الأبواب القديمة تساوي كثيراً الآن، فالأمر يسير ولله الحمد، ولكن أحب أن يتفطن للنقطة الأخيرة؛ لأن الأبواب التي أخذت من المكتبة ثلاثة دواليب بعضها مكون من أربعة أبواب، وهما اثنان وواحد من بابين، وباب كبير جداً مثل الحجر من قوته.
الجواب: لا حرج أن تكوى بهيمة الأنعام في آذانها، سواء من الإبل أو من البقر أو من الغنم ضأنها ومعزها؛ لأن الأذنين ليستا من الوجه، الكي الذي ينهى عنه أن يكون في الوجه .. في الخد مثلاً، أو على الأنف، أما إذا كان في الرأس أو في الرقبة أو في الآذان فلا بأس بذلك، وليس هذا من التعذيب بالنار، هذا من حفظ المال بهذه العلامة الخاصة بهؤلاء القوم، وبهذه القبيلة، ولا بأس بها، وحديث النهي عن التعذيب بالنار معناه: أننا نعذب الحيوان بالنار، وهذا ليس قصدنا التعذيب، ما الذي نقصد؟ العلامة، ولهذا كان الخلفاء الراشدون يسِمُون إبل الصدقة ولا يعدون ذلك تعذيباً بالنار.
وهنا مسألة يسأل عنها بعض المزارعين: إذا انتهى الزرع أوقدوا ناراً بما بقي من الزرع من أجل ألا يحدث نوابت ضارة بالزرع في المستقبل، مع أن المكان قد يكون فيه حشرات أو طيور أو ما أشبه ذلك، فهل هذا جائز؟
الجواب: نعم جائز؛ لأن هذا وإن كان يحتمل أن يكون فيه حيوان، فإن الذي أحرق المكان بالنار ليس قصده الحيوان، وإنما وقع ذلك تبعاً، ولهذا حرَّق النبي صلى الله عليه وسلم نخل بني النضير في المدينة ، مع أن النخل لا يخلو من فراخة للعصافير أو لغير العصافير أو من حشرات، وذلك لأن هذا غير مقصود، ففرق بين المقصود وغير المقصود، بل إنه يجوز أن نرمي بلاد الكفار المحاربين بالمدافع مع أنه قد يكون في هذه البلاد من لا يحل قتله من النساء والذرية، لكن هذا تبع، فينبغي للإنسان أن يعرف أنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في الشيء المستقل.
والخلاصة: أن وسم الإبل في آذانها لا بأس به، وليس هذا مما يأمر به الشيطان، حيث قال: وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ [النساء:119] لأن تبتيك آذان الأنعام هو أن الإبل إذا تمت سناً معيناً أو أتت بأولاد معينة يكوونها أو يقطعون آذانها علامة على أنها أصبحت الآن حراماً؛ لأنها أدت ما عليها من البطون فيحرم أكلها وركوبها، هذا هو المقصود بالآية.
الجواب: الصلاة في هذه الحالة يُقدر لها، وقد أورد هذا الإشكال على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين أخبر أن الدجال يُبعث، فيبقى في الأرض أربعين يوماً، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة -أي: كأسبوع- وباقي أيامه كالأيام المعتادة، قال الصحابة: (يا رسول الله! اليوم الذي كسنة يكفينا فيه صلاة يوم واحد، قال: اقدروا له قدره) أي: لا يكفينا فيه صلاة يوم واحد، كم يكفينا فيه صلاة؟ صلاة سنة، وهو يوم واحد، لكنه طويل.
إذاً: البلاد التي يكون فيها الليل طويلاً يزيد على أربعة وعشرين ساعة أو النهار يقدر له قدرها، والآن التقدير والحمد لله موجود، أي: سهل، يقدر بالساعات.
الجواب: الإقامة ليس بعدها دعاء، وإنما يشرع الإمام بالصلاة بعد انتهاء الإقامة وبعد أن يسوي الصفوف بنفسه أو بنائبه؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يمكن أن يكبر للصلاة حتى تستوي الصفوف، حتى أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يجوب الصف من أوله إلى آخره يمسح بالمناكب والصدور، يقول: استووا، ولما كثر الناس في زمن عمر وعثمان ، صار الخليفة يوكل رجالاً يجوبون الصفوف يتفقدونها بعد الإقامة، فإذا جاءوا وقالوا: إن الصفوف على ما ينبغي كبروا للصلاة، وليس بعد الإقامة دعاء.
وأما قوله: أقامها الله وأدامها مادامت السماوات والأرض. فإن قوله: (ما دامت السماوات والأرض) لم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام، وأما قول: (أقامها الله وأدامها) فهذه تقال عند قول: (قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة) لأن فيها حديثاً ضعيفاً، وهذا الحديث الضعيف لا يعمل به عند جماعة من العلماء، ولهذا فلا يقال: أقامها الله وأدامها لا بعد قوله: قد قامت الصلاة، ولا بعد انتهائه من الإقامة.
وأما الدعوة بدعوة إبراهيم: رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي [إبراهيم:40] فهذه أيضاً لا أصل لها إطلاقاً، ولم يرد الدعاء بها عن السلف ، فتركها أولى وأحسن.
الجواب: أما صلاة المأمومين فصحيحة؛ لأنهم فعلوا ما أمروا به، ما الذي أمروا به؟ (إذا كبر الإمام فكبروا) فكبروا بعد تكبير الإمام، فهم فعلوا ما أمروا به ومن فعل ما أمر به فقد برئت ذمته، فصلاة المأمومين صحيحة.
وأما صلاته هو فصحيحة أيضاً؛ لأنه أعاد التكبير على وجهٍ مجزئ.
لكن في ظني: أن هذا الرجل عنده وسواس، وأنه قد كبر تكبيرة تامة لكنه موسوس، والمبتلى بالوسواس -نسأل الله العافية- يفعل الشيء ويقول: لعلي لم أفعله، فيقول: إذاً أعد إبراءً للذمة، فيعيد، ثم يقول: لعل الإعادة فيها شيء، فيقول له الشيطان: أعد إبراءً للذمة، فيعيد، فيقول: في النفس من هذا شيء، أحتاط، فيعيد للمرة الخامسة، حتى إن بعض الناس -أسال الله لي ولهم العافية ولكم- يبقى ساعة أو ساعتين وهو لم يكبر تكبيرة الإحرام، يلعب به الشيطان، والواجب على من ابتلي بالوسواس أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وليمضِ وليبتعد عن هذا ولا يهتم به.
يقال: إن رجلاً جاء إلى أحد العلماء وقد اغتسل من الجنابة في نهر دجلة ، فجاء إليه فقال: يا سيدي! إنني أذهب إلى دجلة وأغتسل من الجنابة ثم آتي لأصلي فأقول: إنني لم أغتسل ولم ترتفع جنابتي فماذا تقول أيها الشيخ؟
قال: أقول لك: لا تصلي، قال: كيف لا أصلي؟ قال: نعم؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق) وأنت مجنون، كيف تغتسل في وسط النهر وتقول: ما ارتفع حدثي؟!! هذا جنون.
ولهذا -نسأل الله السلامة والعافية- الذين ابتلوا بالوسواس يصبحون كالمجانين، يعيد الشيء مرات ويقول: ما فعلت، أو يكرر التكبير الله أكبر (أككككك) نعم عدة مرات، ثم يتجرح حلقه من التكرار ويقول: ما كبرت.
الواجب من الإنسان إذا ابتلي بهذا -وأسأل الله السلامة- أن يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ويبتعد.
ثم إن الذي يتدرج مع الوسواس ربما ينتقل إلى وسواس أشد، إلى أن يفكر أن يطلق زوجته، لو يقول: طال عمركِ، قال: قلت: (ط) و(ط) يعني الطلاق، فيقول: طلقت زوجتي، ثم لا يزال به الشيطان معه يعالجه في نفسه، فيقول: لماذا أتعب أطلق كلاماً صريحاً وأنتهي، فيطلق.
ونظير ذلك من يقول وهو متطهر: شككت هل أحدثت أم لا؟ فيقول: بلى. قلق، فيقول: أحدث الآن، ثم يحدث.
هذا كله موجود بسبب الشيطان، يتلاعب بالإنسان حتى يوصله إلى حد المجانين -نسأل الله لنا ولكم العافية- والإنسان المبتلى بالوسواس ليس باختياره، بعضهم يبكي بكاء الصبي ليتخلص ولكنه يعجز، ولهذا يجب أن نلجأ إلى الله عز وجل أن يعيذنا وإخواننا المسلمين من الوسواس.
الجواب: ليس عليها شيء في ذلك؛ لأن المخاطب بالعقيقة هو الأب، وإذا جاء زمن العقيقة وهو غير قادر سقطت عنه؛ لأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، إذا كان الرجل الذي ليس عنده مال يسقط عنه الحج وتسقط عنه الزكاة، فهذا من باب أولى.
فنقول: إن أباهم إذا كان حين ولادتهم غير قادر على العق عنهم فليس عليه شيء، وإذا كان غنياً فقد ترك مستحباً، وأما أنتِ أيتها المرأة وأولادك فلا شيء عليكم إطلاقاً؛ لأنكم غير مخاطبين بالعق، المخاطب هو الأب.
الجواب: الحل في هذا: أن ما لا يمكن تداركه يكفي فيه التوبة والاستغفار، فمثلاً: إذا قدر أن هذا الرجل قد زنا بامرأة فيما سبق باختيارها، ومعلوم أنها ظالمة لنفسها وهو ظالم لنفسه ثم تاب فإن الله يتوب عليه، لقول الله تبارك وتعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان:68-70] فتوبته إن شاء الله تجزئ.
لكن هناك حقوق غير مالية يمكن تداركها، مثل: أن يكون قد اغتاب شخصاً، أي: ذكره في غيبته بما يكره، فهذا قال بعض العلماء: لا بد أن تذهب إليه وتستحله، ولا توبة لك إلا بذلك.
وقال بعض العلماء بالتفصيل: إن كان قد علم أنك قد اغتبته فلا بد أن تستحله، وإن لم يكن قد علم فلا يشترط أن تستحله، لكن اذكره بالخير في الأماكن التي كنت تغتابه فيها، والحسنات يذهبن السيئات.
الجواب: أما النهي عن وضع الرِّجل على القبر المجاور فهذا صحيح؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى أن يوطأ على القبر.
وأما الحثيات فهي للمشاركة في الدفن، وقد استحبها كثير من العلماء، وورد فيها حديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لكن من العلماء من ضعفه، وهذه لا ينكر على من فعلها؛ لأنها من مسائل الاجتهاد، وما زال علماؤنا يفعلون ذلك بناءً على ما ذهب إليه بعض العلماء من استحباب الحثيات الثلاث.
وأنا أشير على إخواننا الطلبة: ألا يتعجلوا في الأمور التي تتعلق بغيرهم؛ لأنهم ربما ينكرون ما يظنونه منكراً وليس بمنكر، والتأني في الأمور خير من التعجل والتسرع، ولهذا قال بعض السلف لطلبة العلم: لا تعجلوا السؤدد والشرف. معناه: لا تتعجل في الأمور لطلب السؤدد والشرف، فإن السؤدد والشرف سوف يأتيك إذا ترعرعت في العلم، وعرفت ما لم يعرفه غيرك، وشرعت في تعليم الناس.
وإلى هنا ينتهي هذا اللقاء، وإلى لقاء آخر إن شاء الله تعالى في الشهر القادم.
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , اللقاء الشهري [23] للشيخ : محمد بن صالح العثيمين
https://audio.islamweb.net