إسلام ويب

كان موضوع لقاء الشيخ -رحمه الله تعالى- عن أصناف الناس في التعامل مع الإجازات، وقد قسّم الناس إلى ستة أقسام ما بين فائز وخاسر. وأجاب عن الأسئلة التي دارت حول مسائل في الزواج، وزيارة النساء للقبور، وغسل الميت وأحكام المولود.

أقسام الناس في الإجازة

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله تعالى على حين فترة من الرسل، وانطماس من السبل، وانغماس في الجهل والضلال والظلم والعدوان، فأزال الله به كل هذا، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فهذا هو اللقاء الأول من هذا العام، عام (1416هـ) وهو الذي يتم ليلة الأحد التاسع عشر من شهر المحرم من هذا العام.

إننا نرجو الله تبارك وتعالى ونحن في استقبال عامنا الجديد أن يجعله عام عز وتمكين للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، نسأل الله تعالى أن ينصر به إخواننا المسلمين في البوسنة والهرسك ، وأن ينصر به إخواننا المسلمين في الشيشان ، وأن ينصر به إخواننا المسلمين في كشمير ، وأن ينصر به إخواننا المسلمين في الحبشة وفي كل مكان إنه على كل شيء قدير.

وإننا أيها الإخوة ونحن في هذه الأيام نسمع أن إخواننا المسلمين في البوسنة والهرسك قد أعدوا العدة لهجوم من أجل أن يكسروا به الطوق الذي ضربه عليهم أولئك الصرب المعتدون، فنسأل الله تعالى أن يعينهم وأن يثبت أقدامهم وأن ينصرهم على عدوهم، حقهم علينا الدعاء، هم محتاجون إلى الدعاء، محتاجون إلى أن نرفع أكفنا إلى ربنا عز وجل بأن ينصرهم فلنكن قائمين بذلك، هذا أقل ما يجب علينا نحوهم.

أما موضوع هذا اللقاء فإنه يتصارع فيه موضوعان:

الموضوع الأول: الإجازة .. وماذا يصنع بها المسلم؟

الموضوع الثاني: الزواج لأن الغالب أن هذه الإجازة يكون فيها الزيجات كثيرة.

ولكن أخانا الشيخ حمود بن عبد العزيز الصائغ اختار أن يكون الكلام على الإجازة، وذلك لأن الإجازة ليس معناها كما يفهمه بعض الناس العطلة، العطلة معناها: تعطيل العمل والإنسان لا يمكن أن يتعطل عمله أبداً، الإنسان لا بد أن يعمل كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أصدق الأسماء حارث وهمام) الإنسان دائماً متحرك، دائماً مريد، ولكن إلى أين؟

تارة إلى صراط مستقيم ينجو به من النار ويكسب به الدنيا والآخرة، وتارة إلى خلاف ذلك، فنحن وإن انتهت الدروس النظامية فإن الدروس غير النظامية لم تنته، وإن انتهى العمل في هذه المدارس النظامية فإن عمل الإنسان لا ينتهي أبداً.

وإذا تأملنا أحوال الناس في هذه الإجازة وجدنا أنهم على طرق شتى:

القسم الأول: التفرغ لطلب العلم

من يكدح في طلب العلم ويجعل هذه الإجازة تفرغاً لطلب علوم لا يحصل عليها في المدارس النظامية، فيلزم العلماء ويستفيد منهم في بيوت الله عز وجل، وما أعظم البركة في العلم الذي يتلقى في المساجد، العلم الذي يتلقاه الإنسان في المساجد أبرك بكثير من العلوم التي يتلقاها في المدارس، هذا شيء مجرب؛ لأن المساجد بيوت الله ومأوى الملائكة الكرام، فكان أثر الطلب فيها أثراً بالغاً على طالب العلم، ولهذا نقول: إن هذا الصنف من الناس هم الذين كسبوا، هم الذين بقوا في طلب العلم ولكن ليس بين جدران المدارس والمعاهد وإنما في بيوت الله عز وجل على أهل العلم الموثوق بعلمهم وأمانتهم ودينهم، هؤلاء في الحقيقة هم الرابحون.

القسم الثاني: زيارة البلاد المقدسة

ومن الناس من يمضي هذه الإجازة بالسفر إلى البلاد المقدسة .. إلى مكة والمدينة، فيحصل له بذلك خير، يحصل له بذلك عمرة وزيارة إلى المسجد النبوي، وربما يلتقي بإخوان له وفدوا من هنا وهناك فيدلي كل واحد منهم إلى الآخر بما لديه من المشاكل وما لديه من الهموم، والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً، والإنسان لا بد أن يشكو إلى صديقه وإلى ذي النصح له .. لا بد أن يشكو إليه الحاجات التي في صدره حتى يبين له كيف يكشف هذه الحاجات.

وهؤلاء يحتاجون إلى أن يعلموا كيف يعتمرون وكيف يزورون المسجد النبوي، بحيث لا يذهبون إلى هناك سدى، أو في حالة غفلة، لا بد أن يعلم ماذا يصنع إذا أراد العمرة؟ ماذا يصنع إذا أراد الزيارة؟ ونحن نتعرض إلى هذا بشيء يسير من القول:

يذهب من بلده قاصداً العمرة حتى يكون مسيره من بلده إلى أن يقوم بالعمرة على خير، يأتي الميقات فيحرم، يقول: لبيك عمرة، ثم يأتي البيت فيطوف به سبعة أشواط، ثم يصلي خلف المقام، ثم يسعى بين الصفا والمروة، ثم يبقى هناك ما شاء الله، وإذا أراد أن يخرج من مكة إلى بلده فإنه يطوف طواف الوداع.

أما الزيارة فإنه يأتي المدينة فيصلي في المسجد النبوي ما شاء الله، ثم يذهب إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه: أبي بكر وعمر ، فيقف تجاه وجه الرسول صلى الله عليه وسلم ويسلم عليه، وأحسن صيغة للسلام عليه: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، ثم يخطو خطوة عن يمينه ليكون تجاه أبي بكر يقول له: السلام عليك يا خليفة رسول الله ورحمته وبركاته، جزاك الله عن أمة محمدٍ خيراً، ثم يخطو خطوة أخرى عن يمينه ليكون مقابل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فيقول: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، جزاك الله عن أمة محمدٍ خيراً، انتهت الزيارة.

وينبغي أن يخرج إلى قباء من بيته متطهراً فيصلي فيه ما شاء الله ركعتين أو أكثر؛ لأن قباء من المساجد التي تسن زيارتها، لكنه لا يشد إليه الرحل، لكن إذا كنت في المدينة فاخرج إليه متطهراً وصلِّ فيه ما شئت، فإنه قد روي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أن من توضأ في بيته ثم خرج إلى قباء كان كمن أدى عمرة).

فهذان مزاران: المزار الأول: في المدينة قبر الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقبرا صاحبيه.

الثاني: مسجد قباء.

الثالث: البقيع وهو مدفن الصحابة رضوان الله عنهم، فإنك تزور البقيع وتسلم عليهم عموماً بما كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يسلم به: (السلام عليكم دار قومٍ مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أنتم سلفنا ونحن في الأثر، يرحم الله المستقدمين منكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم) وتسلم على عثمان رضي الله عنه بالأخص، وقبره هناك معروف.

ثم المزار الرابع: شهداء أحد تذهب إلى أحد لتسلم عليهم، فتقف هناك عند الشبك عند باب المقبرة وتسلم عليهم، وشهداء أحد على رأسهم حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

وأما المساجد السبعة وما يقال عن مزارات هناك فهذا كله لا أصل له، ولا صحة له، ولهذا لا تنخدع بما يذكر من المزارات، فإن ذلك لا صحة له ولا أصل له.

يظن بعض الناس أنه لا بد لمن زار المدينة أن يبقى فيها خمسة أوقات وهذا غير صحيح، بل لو صليت وقتاً واحداً أو جئت في الضحى وصليت في المسجد وسافرت قبل الظهر فلا بأس، هذا الصنف الثاني من الناس، الصنف الأول: الذي تفرغ لطلب العلم.

الثاني: الذي سافر إلى مكة والمدينة.

القسم الثالث: السفر إلى أطراف البلاد للنزهة

من سافر إلى أطراف بلادنا للنزهة وإزالة التعب والسآمة والملل؛ لأن النفس تكل، فيحب أن يسافر إلى أطراف البلاد مع أهله يتمتع بما يرى ويزور إخواناً له هناك، هذا أيضاً طيب، وليس فيه بأس، والإنفاق فيه مع النية الطيبة إنفاق مخلوف إن شاء الله.

القسم الرابع: السفر إلى الخارج

الذين يسافرون إلى الخارج، ينقسمون إلى قسمين: إما أن يسافر إلى بلاد الكفر التي لا يسمع فيها إلا أبواق اليهود ونواقيس النصارى، لا يسمع فيها ذكراً ولا أذاناً ولا غير ذلك، ولا تقام الجماعات إلا في زوايا خاصة لبعض الجاليات الإسلامية هناك، فهذا خاسر، خسر الدنيا والآخرة.

أولاً: أنه سينفق على هذا مبالغ كثيرة.

ثانياً: أنه سيكون في ذلك مقوياً لاقتصاد الدول الكافرة، لأنهم يكتسبون من وراء السياحة أموالاً كثيرة في المنازل التي يؤجرونها، في الأكل والشرب .. في الملابس .. فيما يشتري من بلادهم من هدايا، إلى غير ذلك من الأموال الكثيرة الطائلة التي تصرف في جيوب اليهود والنصارى أو الوثنيين.

ثالثاً: أنه ربما يكتسب من أخلاقهم وآدابهم فيرجع إلى قومه بآداب وأخلاق هؤلاء الكفار، وربما يكون الأمر أكبر من ذلك، ربما يعتقد أن دين النصارى ودين اليهود ودين الإسلام شيء واحد -كما قاله الظالمون الذين هم كفرة- فأي إنسان يسوي بين دين اليهود والنصارى والمسلمين فإنه كافر؛ لأنه إذا سوى بين هذه الأديان لزم من تسويته أن دين النصارى مقبول عند الله وأن دين اليهود مقبول عند الله، والله عز وجل يقول في القرآن: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ [آل عمران:85] ويقول جل وعلا: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً [المائدة:3] ويقول تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ [البينة:6].

فأديان اليهود والنصارى اليوم أديان باطلة غير مقبولة عند الله، وأعمالهم أعمال ضائعة، قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً * أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً [الكهف:103-105] ربما يطرأ على باله أنهم أهل دين ونحن أهل دين ولا فرق بيننا وبينهم إلا كالفرق بين الحنابلة والشافعية والمالكية والأحناف! يقع عند بعض الناس هكذا، وربما يقول: إذا كان هؤلاء منعمين هذه النعمة العظيمة والترف العظيم إذاً: هم على الحق، ويأتي بشبهات من القرآن.

فخطر الذهاب إلى بلاد الكفر خطر عظيم، مع ما فيه من تنمية اقتصادهم، ورفع رءوسهم مما لا يليق بالمسلم أن يقوم به.

القسم الثاني: قسم يسافر إلى بعض البلاد العربية، ولا شك أن السفر إلى بعض البلاد العربية أهون من السفر إلى بلاد الكفر؛ لأن هؤلاء أكثرهم مسلمون، أو كلهم مسلمون، فالسفر إليهم أهون بكثير، لكنه أسوأ من السفر إلى أطراف بلادنا؛ وذلك لأن السفر إلى هناك يحتاج أول ما يحتاج إلى أن تصور بناتك وأخواتك وزوجاتك اللاتي يسافرن معك، يحتاج إلى نفقة كثيرة، وربما يكون هناك في بعض البلاد مسارح لهم وأشياء لا ترضى، فيقع الإنسان في فخها وشراكها.

القسم الخامس: الجلوس عند الأب ومساعدته

من يبقى مع أبيه يساعده في حراثته وزراعته إن كان حارثاً أو مزارعاً، أو مع أبيه في تجارته، أو مع أبيه في معمله، أو ما أشبه ذلك، وهذا لا شك أنه خير، وأنه معونة على بر الوالدين وصلة الأرحام، فليبق في هذا العمل فإنه خير.

القسم السادس: مرافقة جلساء السوء

من يبقى في بلده ولكن يقيض له شياطين الإنس، يصحبونه ويسحبونه، يقيض له شرذمة فاشلة ضائعة من الشباب فيكون معهم، في غفلة من أبيه الذي يجب عليه تربيته، وبعدم المبالاة في الأوقات، فتجده يضيع أوقاته يميناً وشمالاً، يتسكع في الأسواق، يخرج إلى أطراف البلد، يسهر الليالي ويترك الصلوات، فهذا لا شك أنه فاشل، مضيع لأوقاته التي هي أثمن من اللؤلؤ والذهب والفضة.

ولهذا نقول بهذه المناسبة: إنه يجب على أولياء أمور الشباب ملاحظتهم في هذه الإجازة، إذا غابوا يسألونهم: أين ذهبتم؟ إذا صحبوا أقواماً يسأل عن هؤلاء الأقوام: من هم؟ هل هم أهل خير أم أهل شر؟

إذا رأى من ابنه ما يشم منه رائحة الفساد يجب عليه أن يحاول الحيلولة بينه وبين هذا الشر بكل وسيلة، وذلك لأن الإنسان مسئول مسئولية مباشرة عن أهله، يقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6] فأنت مسئول، لو ضاعت لك شاة من البهائم لذهبت في طول البلاد وعرضها تسأل عنها فكيف بابنك الذي هو فلذة كبدك وسعادتك في الدنيا والآخرة إن كان صالحاً، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له).

فنسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقنا وإياكم اغتنام الأوقات في الأعمال الصالحات، وأن يعيننا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير.

الأسئلة

نصيحة في تربية الأبناء والزوجة

السؤال: فضيلة الشيخ: الأب في البيت عليه مسئولية تربية أولاده وأهل بيته، ولكن الآباء تجاه هذه المسئولية بين القسوة والتفريط، فما هي الطريقة المثلى التي تراها في تربية الزوجة والأولاد والبنات وفقك الله؟

الجواب: الغالب أن جميع الأعمال يكون الناس فيها ثلاثة أقسام: مُفرِّط، ومُفْرِط، ومعتدل، المُفرِّط هو المهمل، والمُفْرِط هو المشدد، والمعتدل هو الذي بين هذا وهذا، والإنسان العاقل يعرف كيف يربي أهله، يعاملهم تارة بالحزم وتارة باللين، حسب ما تقتضيه الأحوال، إذا رأى منهم شدة فليكن أمامهم ليناً، وإذا رأى منهم ليناً وقبولاً فليكن أمامهم حازماً ولا أقول: شديداً بل يكون حازماً لا يفوت الفرصة.

أما بعض الناس فإنه يريد أن يشق على أهله، يريد منهم أن يكون كل شيء كاملاً وهذا غلط، يقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا يفرك مؤمن مؤمنة؛ إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر) أتدرون ما معنى: (لا يفرك)؟ أي: لا يبغض ولا يكره مؤمنة أي: زوجته (إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر) وهكذا ينبغي للعاقل المؤمن أن يوازن بين الحسنات والسيئات، لا يحمل الشيء على السوء مع أن فيه أشياء حسنة، إن الإنسان الذي يجحد الحسنات ويظهر السيئات ما هو إلا كالمرأة، لما حدث النبي صلى الله عليه وسلم النساء بأنهن أكثر أهل النار، قالوا: لِمَ يا رسول الله؟ قال: (لأنكن تكثرن اللعن وتكفرن العشير، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله ثم وجدت منك سيئة واحدة لقالت: ما رأيت خيراً قط) وهكذا الإنسان ربما ينـزل بنفسه إلى مرتبة المرأة، إذا أحسنت إليه مدى الدهر ثم أسأت مرة واحدة محت جميع الحسنات، فنحن نقول: ارفق بأهلك، إن كرهت منهم خلقاً فارض منهم خلقاً آخر، لا تكن شديداً ولا مهملاً.

وأشد من ذلك من إذا خالفته امرأته في أدنى شيء بت طلاقها والعياذ بالله، لو كان الشاي متقدماً حلاوته أو مرارته، قال: ما هذا الشغل؟ أنت طالق ثلاثاً، نسأل الله العافية، والمرأة السهلة اليوم يتعب الإنسان ويشيب رأسه ما وجد امرأة كيف يبت طلاقها في كل شيء، وزد على ذلك أننا نسمع كثيراً من يقول: أنتِ طالق ثلاثاً وأنت عليَّ كظهر أمي، والله عز وجل يقول في حق من يقولون: إن نسائهم عليهم كظهر أمهاتهم يقول: وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً [المجادلة:2] منكر لا يرضاه الشرع، وزور: كذب، كيف تكون زوجتك التي هي حل لك مثل أمك التي هي حرام عليك؟!!

فنصيحتي لإخواني الذين يريدون تربية أهليهم وأولادهم: أن يكونوا بين اللين وبين الشدة، والعاقل يراعي الحال، ولكل حال مقال.

وصية للآباء والأبناء بشأن الزواج

السؤال: فضيلة الشيخ: أنا شاب لم أتزوج بعد، ولكن يا والدي عمري فوق العشرين ودون الثلاثين، وأريد الزواج ولكن لا أستطيع، فأرجو من الله ثم منك يا فضيلة الشيخ في هذا المقام المبارك أن تدعو الله لي ولإخواني الشباب لعل الله أن يفتح علينا أبواب رحمته، وأن يرزقنا الرزق الحلال، وما دور الآباء تجاهنا نحن الأبناء، وما دور الآباء أيضاً تجاه من عندهم من بناتهم في هذه المشكلة حيث مغالاة المهور، جعل الله فرجنا وفرج المسلمين بمنه وكرمه بسببك يا فضيلة الشيخ في دعوة الناس إلى تخفيف المهور وإعانة إخوانهم الشباب على هذا الزواج؟

الجواب: أما الدعاء فمبذول، وأوصي أخي السائل أيضاً أن يدعو الله هو بنفسه، فإن الله تعالى يقول في كتابه: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [البقرة:186] ويقول جل وعلا: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر:60].

ولا شك أن ما يصيب الشباب اليوم من العناء والعنت والمشقة في العجز عن الزواج لا شك أنه أمر محزن، وأنه يخشى من عواقبه الوخيمة، وإن لي وصيتين:

الوصية الأولى بالنسبة للشباب: أن يصبروا، ويسألوا الله العون وأن يعجل لهم بتيسير الأمور، وينتظروا الفرج من الله عز وجل.

وأوصي أيضاً الآباء بالنسبة لأبنائهم وبناتهم: أن يتقوا الله تعالى فيهم، لأن الأب إذا كان قادراً على تزويج ابنه وجب عليه أن يزوجه وجوباً كما يجب أن يكسوه ويطعمه ويسقيه ويسكنه يجب عليه أن يزوجه، والعجب أنه يوجد آباء أغنياء يقول له الولد: زوجني، فيقول: لا أزوجك، أنت اعمل وزوج نفسك، سبحان الله! الأمر بيده، هل الدراهم موجودة على الرمال ورءوس الجبال؟ أبداً، ولهذا نرى أن الرجل القادر على تزويج أبنائه يجب عليه أن يزوجهم وجوباً، فإن لم يفعل فهو ظالم آثم، ولست أقول هذا من عند نفسي بل قاله العلماء رحمهم الله، قالوا: إنه يجب على الرجل أن يعف أبناءه كما يجب عليه أن يسد جوعهم وعطشهم، بل قد تكون مسألة الزواج أخطر؛ لأنها قد تتعدى إلى الغير فيفسد غيره.

فيجب على الآباء أن يزوجوا أبناءهم إذا كانوا قادرين.

الوصية الثانية بالنسبة للآباء: أنه يوجد أناس عندهم بنات، بل عندهم عدد كثير من البنات ومع ذلك يأتيه الخاطب الكفء فيرده دون أن يستشير البنت، وقد جرى هذا كثيراً، وما أكثر البنات اللاتي يشكين من هذا، أن أباهن يرد الخطاب الأكفاء دون أن يرد العلم إلى البنت المخطوبة، وهذه والله خيانة للأمانة، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ [الأنفال:27-28].

وقد ذكر العلماء رحمهم الله: أن ولي المرأة إذا منعها كفئاً في دينه وخلقه فإن ولايته تسقط، وإذا تكرر ذلك منه فإن عدالته تزول، بمعنى: أن الرجل لو خطب منه عدة مرات وهو يرد الأكفاء فإنه يكون بذلك فاسقاً لا تقبل شهادته ولا ولاية له، بل قال العلماء: لا يصلح أن يكون إماماً في الناس؛ لأنه فاسق حيث عضل ابنته من الزواج، ومع ذلك تسقط ولايته، ويقال: إذا لم تزوج يزوجها ولي آخر، يزوجها من يليه من الأولياء، ولكن المشكلة أنه لا يمكن أن تتجاسر امرأة على رفع القضية إلى القاضي حتى يزوجها عمها بدل أبيها، وأقول: إذا لم يمكن هذا حسب العادة عند الناس فإن الأب سيزداد إثماً؛ لأنه هو الذي منع حقها.

ولقد حدثت قبل سنوات أن فتاة حضرها الموت وعمرها فوق ثلاثين سنة وعندها نساء يمرضنها، فلما حضرها الموت وهي في سياق الموت، قالت لهن: بلغو أبي سلامي، وقلن له: إنه قد ظلمني حيث لم يزوجنِ ولكني سأقف أنا وهو بين يدي الله عز وجل، تقول هذا في سياق الموت، ولعلها لم تمت إلا كمداً حيث منعها حقها، فوصيتي للآباء أن يتقوا الله في أبنائهم وبناتهم، أن يزوجوا الأبناء إذا كانوا قادرين ويزوجوا البنات إذا خطبهن الأكفاء.

ولكن لو تعارض رأي الأب ورأي البنت، الأب يريد إنساناً هيناً في دينه وإن لم يكن ذا دين واضح، والبنت تريد رجلاً ديناً فمن الذي يقدم: البنت أم الأب؟

البنت بلا شك، حتى لو فرض أن الذي اختاره الأب كان ذا مال وميسرة والثاني دون ذلك، فإن رأي البنت مقدم، ولو كان الأمر بالعكس اختارت البنت خاطباً ليس كفئاً في دينه واختار الأب خاطباً كفئاً في دينه .. من يقدم؟ الأب، ولهذا لو أن الأب منع ابنته إذا قالت: أنا لا أريد إلا فلان وفلان ليس ديناً وقال: لا أزوجك فلان؛ لأنه ليس أهلاً للتزويج وماتت وهي لم تتزوج، فهل على أبيها إثم؟

الجواب: لا، لأن منعه إياها بحق، حيث اختارت من ليس بكفء وترد من هو كفء.

أحكام رؤية الخاطب لمخطوبته

السؤال: فضيلة الشيخ: إذا خطب الإنسان امرأة فرفض والدها أن يراها الخاطب مع اقتناعه بذلك الخاطب، فهل يحل للوالد أن يرفض أمراً أتى به الشرع وليس له من عذر إلا أن العادة لم تجرِ بهذا، فأيهما أولى بالاتباع: العادة أم الشرع؟ فما نصيحتك لأولئك الآباء، خصوصاً وأنكم تعلمون وفقكم الله أن عاقبة الأمر هي السعادة إذا تمت الرؤية؟

الجواب: إنه إذا امتنع الأب من ذلك فلا إثم عليه؛ لأن نظر الخاطب إلى المخطوبة إما مباح على قول بعض العلماء وإما سنة، ولم يقل أحد من العلماء: إنه واجب حتى يكون رد طلبه إثماً، لكننا نشير على هذا الذي منع أن يمكن الخاطب من رؤية المخطوبة لأجل أن تراه هي أيضاً، تراه وتقتنع به، وهو أيضاً يراها ويقتنع بها، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (إن ذلك أحرى أن يؤدم بينهما) أي: أن يجمع بينهما.

وكم من إنسان خطب امرأة دخل عليها فلما رآها لم تعجبه، فبقي حائراً: أيطلقها ويخسر هذا المال الكثير.

ثم هي أيضاً إذا طلقت بناءً على أن الزوج لم يرضها ربما يقل خطابها أيضاً، فرؤية المخطوبة مستحب، لكن بشرط ألا يخلو بها، وألا تخرج متجملة أو متطيبة أو متمكيجة أو كاحلة بل تخرج على طبيعتها، لأنها لو خرجت عليه متزينة أو متمكيجة أو كاحلة ربما يكون لأول وهلة يشعر بأنها من أجمل بنات آدم، ثم إذا عادت إلى طبيعتها بدون هذا نقصت في عينه كثيراً، وأيضاً هو ليس بزوج الآن حتى تتجمل له بل هو رجل أجنبي، فلتخرج على طبيعتها.

كذلك أيضاً: إذا رضيها وتمت الخطبة فلا يكلمها، انتهى الموضوع، وبعض الخطاب يكلم خطيبته بالتليفون فتجده يجلس معها ساعات كثيرة يحدثها، وإذا قلت: هذا لا يجوز، المرأة أجنبية منك كيف تحدثها؟

قال: أنظر مدى ثقافتها، كيف تنظر مدى ثقافتها؟ ألستَ خطبتها ورضيت بها، لا حاجة إلى الثقافة، إذا كنت تريد اعقد عليها وحدثها ما شئت، أما أن تحدثها وهي أجنبية منك ولم يتم العقد فهذا لا يجوز، وقد ابتلي كثير من الناس بهذا، فتجده يفتح الهاتف عليها ويحدثها، ليلة كاملة تذهب والحديث مع الصديق يقتل الوقت قتلاً، فنحذر من هذا.

كذلك يسأل بعض الناس يقول: هل يجوز أن نعطي المرأة المخطوبة صورة الخاطب، ونعطي الرجل الخاطب صورة المخطوبة بدلاً من أن ينظر إليها مباشرة؟

فنقول: هذا لا يجوز، أولاً: أن الصورة لا تعطي الحقيقة تماماً، قد تشاهد صورة رجل تقول: ما شاء الله هذا من أحسن ما يكون، وإذا رأيته مباشرة فإذا هو خلاف الصورة، ثم إنه يخشى أن تكون صورة المرأة ألعوبة في يد هذا الرجل فيما إذا رغب عنها وتركها، لذلك نرى أنه لا يجوز تبادل الصور بين الخطيب والمخطوبة، بل إما أن تطبق السنة فينظر إليها مباشرة، وإما أن يرسل إليها من النساء من ينظر إليها ويتبين الأمر.

حكم الذهاب إلى الكوافيرا

السؤال: ما حكم الذهاب إلى الكوفيرا لتصفيف شعري أو قصة، وذلك طلباً من زوجي أن أفعل ذلك، حيث إني لا أعرف ذلك بنفسي، فهل أذهب مع أخذها لذلك المال؟

الجواب: الذي أسمع أن الكوفيرا تأخذ مالاً كثيراً على عمل يسير، مع أن هذه الكوفيرا بعضهن لا يؤتمن بالنسبة للشعر الذي تأخذه، ثم لا يؤتمن أن تصف الشعر على صف من جنس صف رءوس الكافرات.

فالذي أرى: أن النساء فيما بينهن في البيت يمكن أن تعلم هذه المرأة القصة التي عند الكوفيرا وتعرف كيف تقلدها، والأمر سهل في هذا، لو أن النساء بعضهن قام بإصلاح شعر البعض الآخر في البيت، وكل يعرف أن يقلد بدلاً من أن تصرف هذه الأموال الكثيرة لهذه الكوفيرا ثم لا تؤمن من كل ناحية.

حكم التلفظ بالنية في الحج وغيره

السؤال: خرج لكم وفقكم الله كتاب شرح رياض الصالحين ، نسأل الله أن يعم به النفع، ولقد قرأت في أول شرحكم للآيات التي تدل على وجوب النية في كل عمل، وذكرتم أن كل نية متلفظ بها في كل عمل بدعة، ومثلتم بالصلاة والصوم والحج، فهل التلفظ بنية الحج داخل في البدعة، أم أن ذلك سهواً؟

الجواب: هذا ليس بسهو، بل التلفظ بنية الحج كالتلفظ بنية الصوم والزكاة والصلاة، أي: أنه لا يقول الإنسان: اللهم إني نويت العمرة، اللهم إني نويت الحج، لكن ينوي بقلبه، ويعرب عما في قلبه بلسانه، فيقول: لبيك عمرة، وأما أن ينطق بالنية قبل أن يدخل في النسك فيقول: اللهم إني نويت كذا، فهذا بدعة، لأنه لم ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال حينما أراد الإحرام بالعمرة أو بالحج: اللهم إني نويت العمرة أو اللهم إني نويت الحج.

حكم الحج عن الأم إذا خشي عليها الموت

السؤال: حججت حجة الإسلام ولله الحمد، ونويت أن أحج لأمي هذا العام؛ لأنها مسنة مريضة بالقلب والسكر والضغط، فاتصلت بها هاتفياً طمعاً في توكيلها لي بالحج عنها، لكنها رفضت وقالت لي: أريد أن أحج بنفسي وأموت في مكة ، فهل أساعدها على المجيء والحج وهذه هي حالتها ونيتها، أرجو توجيهي في أمري وفقك الله؟

الجواب: التوجيه أن نقول: إذا كنت لا تخشى عليها أن تموت فإنها إذا رضيت بالمشقة لا بأس، دعها تحضر وتؤدي المناسك بنفسها، أما إذا كنت تخشى أن تموت إذا سافرت فإنها لا تتحمل السفر فلا تطعها، وفي هذا الحال لا تكون عاصياً ولا عاقاً، لأنك إنما تريد مصلحتها.

حكم زيارة المرأة للمقابر

السؤال: ذكرت وفقك الله زيارة البقيع وشهداء أحد ، فهل يجوز للرجل أن يذهب بأهله من النساء إلى تلك الأماكن، وهل يجوز أيضاً للمرأة أن تدخل في الروضة قريباً من قبر النبي صلى الله عليه وسلم؟

الجواب: هذا سؤال وفيه تنبيه يشكر عليه، النساء لا يزرن المقابر، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (لعن زائرات القبور) واللعن: هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله، ولا فرق بين البقيع والشهداء في أحد ، وغيرها من مقابر المسلمين، لا يجوز للمرأة أن تخرج من بيتها قاصدة زيارة المقبرة، فإن فعلت فهي ملعونة والعياذ بالله، لكن لو مرت بالمقابر بدون قصد الزيارة ووقفت ودعت لأهل القبور فلا بأس، أما زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه فقد رخص بعض العلماء في ذلك، وقال: إن زيارة المرأة لقبر الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقبري صاحبيه ليست زيارة، لأن مكان القبور الثلاثة محاط بثلاثة جدران، فهي لم تقف على القبر وبينها وبين القبور حائل، فهي وإن وقفت في الروضة كما يقول السائل فإنها لم تكن زائرة للقبر إذ بينها وبينه حجاب ثلاثة جدر، لكن مع ذلك نرى ألا تزور المرأة قبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقبري صاحبيه، لأنها إذا ذهبت إلى هناك يقال: إنها زارت القبر، فهي زيارة عرفية، وإن لم تكن حقيقة زيارة، لكنها زيارة عرفية فلا نرى أن تذهب.

ثم أليس المقصود من الوقوف على القبر أن يصل سلامها إلى الرسول؟

الجواب: بلى هذا هو المقصود، ومع هذا نقول: أنت لو سلمت عليه في أقصى الدنيا فإن سلامك سوف يبلغه، لأن الله وكَّل ملائكة سياحين في الأرض؛ إذا سلم أحد على الرسول عليه الصلاة والسلام نقلوا السلام.

نحن الآن إذا قلنا: اللهم صلِّ وسلم على رسول الله؛ نقل سلامنا إليه.

وفي الصلاة .. تقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ينقل السلام إليه -اللهم صلِّ وسلم عليه- إذاً لا ضرورة إلى أن تأتي المرأة إلى القبر.

سمعت بعض الناس يقول في المدينة: إن أبي أوصاني أن أسلم على الرسول عليه الصلاة والسلام، قال: سلم لي على الرسول، ما تقولون في هذه الوصية؟

الجواب: هذا غلط، الرسول ليس حياً حتى تنقل سلام الحي له، ثم إذا سلم أبوك على الرسول نقل سلامه من هو أقدر منك على إبلاغه وأوثق منك، وهم الملائكة، إذاً .. لا حاجة لذلك، أنت في مكانك في أي مكان من الأرض قل: السلام عليك أيها النبي وسيبلغه، بأسرع من هذا وأوثق وأحسن.

الأرحام الواجبة صلتهم

السؤال: من الواجب صلته من الرحم؟

الجواب: الواجب صلته من الرحم جميع الأقارب من جهة الأب ومن جهة الأم، وحد ذلك: الجد الرابع، فمثلاً: محمد بن عبد الله بن علي بن سليمان بن خالد، خالد وذريته هؤلاء قرابة الجد الرابع، ومن فوقهم ليسوا من القرابة لأننا لو أردنا أن نقول: كل أب لك فإنه يجب عليك صلته وصلنا إلى آدم.

حكم أخذ الوالد الغني مال أحد أبنائه ليعطيه غيره

السؤال: فضيلة الشيخ: أنا امرأة متزوجة ولدي أطفال، وأعمل معلمة في مدرسة، ولكن المشكلة تقوم بيني وبين والدي هداه الله، حيث أنه رجل محب للمال، فهو يريد مني راتباً شهرياً ولا يرضى بالقليل، فمثلاً ألف ريال لا يساوي عنده شيئاً، مع أنه ليس بحاجة إليه، بل لديه بيوت للإيجار، ولديه راتب للتقاعد، وأولاد غير أشقاء لي، وهو غير موفق في زواجه بعد وفاة والدتي، ففي كل فترة يأخذ ويطلق، كل هذا للعلم بأنه ليس بحاجة إلى المال، ولكن زوجي يرفض أن أعطيه شيئاً من راتبي، وأبي الآن غضبان مني، ولا يرضى بزيارتي ولا بكلامي معه بالهاتف، فهو يكيل بالسب والشتم عند إخواني الآخرين، علماً بأني لم أقصر معه في شيء في السنوات الماضية، حيث كنت أنا المحبوبة لديه، فماذا أصنع وفقك الله مع الحالة هذه؟

الجواب: أرجو أن يبلغ كلامي هذا الأب، فأقول له: اتق الله في نفسك ما دمت قد أغناك الله، ولك أولاد غير أشقاء لهذه البنت، فإنه يخشى أن تأخذ منها المال لترده في مصلحة إخوانها، وقد ذكر العلماء رحمهم الله: أنه لا يجوز للوالد أن يأخذ من أحد أولاده مالاً ليعطيه الولد الآخر، لأنه ظلم وجور، فكما أن الوالد لا يجوز أن يبر أحد أولاده ببريرة دون الآخر فكذلك لا يجوز أن يأخذ من فلان ويعطي فلاناً.

وإني أنصح هذا الأب وأقول له: دع هذه المرأة تعيش مع زوجها بسعادة، ومالها لها، وأنت قد أغناك الله، واذكر دائماً قول الله تعالى: وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الحشر:9] واذكر قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إياكم والشح، فإنما أهلك من كان قبلكم الشح).

أما بالنسبة للبنت فإني أرى أن تصبر وتحتسب، وتعطي والدها ما يرضيه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أنت ومالك لأبيك) وإذا أمكن أن تكلمه باللطف واللين، وتقول: أنا أخشى أن يكون إعطائي إياك سبباً لفراق زوجي، لأن زوجي يقول: لا تعطيه، وتقنعه لعل الله يهديه.

حكم اجتماع أكثر من سبب لسجود السهو

السؤال: فضيلة الشيخ: إذا اجتمع في الصلاة أكثر من سهو، وسبب أحدهما قبل السلام والآخر بعد السلام، فأين موضع السجود والحال هذه؟

الجواب: هذه المسألة تنبني على أن نعرف ما هو السجود -أي: سجود السهو- الذي يكون بعد السلام؟

كل ما كان سببه الزيادة، مثل: أن يسجد ثلاث مرات، أو يقوم إلى خامسة ثم يذكر فيرجع، هذا يكون بعد السلام، ويكون قبل السلام إذا ترك واجباً من واجبات الصلاة، مثل: أن يقوم عن التشهد الأول، أو ينسى أن يقول: سبحان ربي الأعلى في السجود، أو سبحان ربي العظيم في الركوع، فهذا يكون قبل السلام، فإذا اجتمع سهوان أحدهما يكون سجوده قبل السلام والثاني يكون سجوده بعد السلام فأيهما نقدم؟

قال العلماء: يقدم ما كان قبل السلام، من أجل أن ينصرف من صلاته وقد تمت، فهذا رجل مثلاً نسي التشهد الأول في الركعتين الأوليين، وجلس للتشهد الأول في الركعة الثالثة ظناً منه أنها هي الثانية، ثم ذكر فقام وأتم، فلدينا الآن سهوان، أحدهما: أنه نسي التشهد الأول، والثاني: أنه تشهد في غير موضع التشهد، فعندنا تشهد في غير موضع التشهد سجوده بعد السلام، وتركه التشهد سجوده قبل السلام فهنا نقول: اسجد قبل السلام.

تعلُّم كيفية تغسيل الميت عملياً بالتطبيق بشخص حي

السؤال: فضيلة الشيخ: أكتب رسالتي هذه وأنا واثقة بالله أنكم سوف تجيبون على سؤالي هذا: حيث إننا مجموعة من النساء نود أن نعمل محاضرة للمحتضر بعد وفاته، كيف يكون العمل معه، وكيف يكون تغسيله وتكفينه، فتقوم إحدى الأخوات بدور الميتة، ولقد سمعنا أنك منعت من هذا، وأشرت بأن تكون الميتة أو ما يطبق عليه لعبة أو غيرها من لعب الأطفال، ولا يتم شرح هذه المحاضرة بشخص عادي حي، أرجو أن تلبي لنا هذا؟

الجواب: أقول: إن تعلم النساء كيف يغسلن النساء أمر مهم كتعلم الرجال كيف يغسلون الرجال، لكن هذا يحصل بالتعليم النظري، بمعنى: أن يؤتى برسالة فيها كيف يغسل الميت، وكيف يكفن، والنبي عليه الصلاة والسلام قال في الرجل الذي وقصته ناقته في عرفة ومات في عرفة قال: (اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبين) وقال للنساء اللاتي يغسلن ابنته: (اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك، واجعلن في الغسلة الأخيرة كافوراً، وأمرهن أن يجعلن رأسها ثلاثة قرون، وقال: إذا فرغتن فآذنني، فلما فرغن من تغسليها قلن: يا رسول الله! غسلناها، فأعطاهن حقوه -أي: إزاره- وقال: أشعرنها إياه) أي: لفوا إزار النبي عليه الصلاة والسلام على بدن ابنته، ويكون هو المباشر للبدن، تبركاً بإزاره صلوات الله وسلامه عليه، فعلمهن بدون تطبيق عملي.

وأعتقد أننا إذا قتلنا الفكر حتى كنا لا نتصور إلا ما كان أمامنا بالتطبيق فهذا ضرر على أفكارنا، دعوا الفكر يعمل، لا تصوروا الأمر بصورة محسوسة فنأخذ على ألا نفهم إلا الشيء المحسوس، هذا ليس بجيد.

ثم هذه المرأة التي تمثل نفسها ميتة سوف يخلعن ثيابها، لأن الميتة تخلع ثيابها، ويؤتي بالماء وتدلك ويقال: انقلبي رحمك الله، وهلم جراً، وبعد ذلك المشكل هو الكفن، ويخشى أنها تموت هي بعد ذلك، يكون التطبيق عملي ثم تموت، كما يحكى عن رجل من قطاع الطريق، أقبل شخص على ناقته، فقال لصاحبه قاطع الطريق: هذا الرجل أقبل ومعه ناقته، وكن أنت ميتاً، وسنقول للرجل الراكب: أنخ البعير وساعدنا على هذا الميت، قال: طيب، قال: وإذا أقبل يأخذك أمسكه وأنا سأضربه، فجاء الرجل الراحل قالوا: جزاك الله خيراً، أنخ البعير عندنا ميت ونريد أن تساعدنا عليه، قال: طيب، فأناخ بعيره ثم جاء إلى هذا المضطجع على أنه ميت، لما أقبل عليه يأخذه، صاحبه يحركه برجله، يا فلان يا فلان يريد أن يتحرك وإذا هو ميت، سبحان الله! من حفر لأخيه حفرة وقع فيها، فصار ميتاً.

لكن على كل حال: هذا أراد السوء فأوقعه الله في السوء، أما التي تريد أن تجعل نفسها ميتة لكي تغسل فهذه ما أرادت السوء، لكن نقول: بدلاً من هذا إذا كان ولا بد يؤتى بشيء أمام النساء من البلاستيك أو غيره لكن ليست صورة كاملة، ثم يطبق التغسيل والتكفين عملياً.

أسئلة في أحكام المولود

السؤال: فضيلة الشيخ: كثر في هذا الزمن في تسمية الأولاد أسماء غريبة ذات معانٍ غريبة ليست من عادات المسلمين، ولي أسئلة عدة حول تسمية الأبناء والبنات:

أولاً: حق التسمية لمن: للزوج أم للزوجة؟

الجواب: حق التسمية للأب، هو الذي يسمي أولاده، فإذا تنازعت الأم والأب، الأم تريد اسماً وهو يريد اسماً آخر فالحكم للأب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الرجل راعٍ في أهله ومسئول عن رعيته).

ثانياً: هل للزوج أن يشترط على زوجته تسمية الأبناء له؟

الشيخ: على كل حال الحق للأب، لكن مع قولي: إن الحق للأب ينبغي للأب أن يكون مع زوجته ليناً ويتشاور معها حتى يقنعها بما يريد من الأسماء، وينبغي للإنسان أن يحسن اسم ابنه أو بنته، لأن الناس يدعون يوم القيامة بأسمائهم وأسماء آبائهم، كما ثبت ذلك عن النبي عليه الصلاة والسلام، (أحب الأسماء إلى الله: عبد الله وعبد الرحمن) وكل ما أضيف إلى الله فهو أفضل من غيره، مثل: عبد الله، عبد الرحمن، عبد الرحيم، عبد العزيز، عبد الوهاب، عبد الكريم، عبد المنان، وما أشبه ذلك، كل ما أضيف إلى الله فهو أفضل.

ويحرم أن يتسمى بأسماء الفراعنة، مثل: فرعون، أو بأسماء الشياطين، مثل: إبليس، قال العلماء: أو بأسماء القرآن فإنه لا يجوز أن يسمي ابنه: فرقاناً، أو ما أشبه ذلك، لأن هذه خاصة بالقرآن الكريم، والقرآن أسماؤه محترمة فلا يسمى به أحد من البشر، حتى بعض العلماء قال: يكره أيضاً أن يتسمى بأسماء الملائكة، مثل: جبريل، ميكائيل، إسرافيل.

ثالثاً: تسمية الأولاد على الوالدين، خصوصاً إذا كان الوالد يرى أن ذلك براً، وأنه إذا لم يفعل فإنه عاق لوالديه.

الشيخ: أقول: الأفضل أن يقول للأب: الأسماء المحبوبة إلى الله أحب إلي وإليك، فما دام الله تعالى يحب الأسماء المضافة إليه عبد الله وعبد الرحمن، فأعطني يا والدي فرصة أسمي بذلك، فإن أصر ورأيت أنه سوف يرى ذلك عقوقاً منك فلا بأس أن تسمي باسمه وإن كان مرجوحاً، فلو فرضنا أن اسمه محمداً وقال: سم ولدك محمداً، قال: يا أبت، عبد الله أحسن وأفضل، قال: لا، إن كنت تريد أن تبرني سمه محمداً، فهنا لا بأس أن يسميه محمداً؛ لأنه اسم مباح وطيب، وأسماء الرسل أفضل من أسماء غيرهم إلا ما كان أحب إلى الله فهو أفضل.

ما يبدأ به المبتدئ في طلب العلم

السؤال: أنا طالب علم مبتدئ أريد أن أبدأ بطلب العلم، فهل أبدأ بكتب العقيدة أم غيرها، أريد من فضيلتك وفقك الله أن تدلني على طريقة سهلة ميسرة أنتفع بها، وهل إذا بدأت بعلم لا أطبقه حتى أختمه أرجو توضيح ذلك الأمر لي ولإخواني المبتدئين؟

الجواب: أرى أن طالب العلم المبتدئ يأخذ بما يوجهه إليه أستاذه وشيخه، والناس يختلفون، وحاجات الناس إلى العلم تختلف، إذا كنت في بلد كثر فيه البدع والشرك ابدأ بالتوحيد، وفي بلد سالم من البدع والشرك لكن يحتاج الناس إلى فقه العبادات وفقه المعاملات ابدأ بالفقه، فابدأ بما الناس إليه أحوج.

وكذلك أيضاً أحث إخواني طلبة العلم: على أن يفهموا كتاب الله عز وجل؛ لأن القرآن هو أصل الأصول، وكان الصحابة رضي الله عنهم لا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل، رجل يقرأ عشر آيات يفهم معناها أولاً ثم يطبقها عملاً، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعاً، ثم يحفظ من ذلك من المتون مثل: عمدة الأحكام في الحديث، وإذا كان عنده همة أقوى بلوغ المرام في الحديث، ثم في الفقه يحفظ أيضاً متناً من المتون التي تناسبه، ومن المعلوم أن زاد المستقنع خدمه الناس خدمة عظيمة، له شروح وحواش، وهو المشهور بين أيدي القضاة الآن وبين أيدي العلماء في هذه المملكة.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , اللقاء الشهري [28] للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

https://audio.islamweb.net