اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , اللقاء الشهري [32] للشيخ : محمد بن صالح العثيمين
أما بعد:
ومما يدل على ذلك أيضاً ما ثبت في الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: دخل رجل المسجد يوم الجمعة والإمام يخطب، فقال: (يا رسول الله! هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله أن يغيثنا، فرفع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يديه وقال: اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا -ثلاث مرات، ما زاد على ذلك- قال أنس : فوالله ما في السماء من سحاب ولا قزعة -أي: أن السماء صحو ليس فيها سحاب واسع، ولا قزعة وهي قطعة السحاب- وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار -وسلع جبل معروف في المدينة يأتي السحاب من جهته- قال: فأنشأ الله سحابة من روائه مثل الترس -أي: كالتبس الكبير- فارتفعت في السماء، فلما توسطت السماء انتشرت ورعدت وبرقت، وأمطرت فما نزل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من منبره إلا والمطر يتحادر من لحيته) سبحان الله! إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس:82].
ثم إن المطر استمر أسبوعاً كاملاً، فجاء رجل من الجمعة الثانية، أو الرجل الأول وقال: (يا رسول الله! تهدم البناء، وغرق المال، فادع الله أن يمسكها عنا) فدعا النبي صلى الله عليه وسلم لكنه لم يقل: اللهم أمسكها عنا، وإنما دعا بما فيه حصول الخير واندفاع الضرر، قال: (اللهم حوالينا ولا علينا، وجعل يشير بيده إلى النواحي فما أشار إلى ناحية إلا انفرجت بإذن الله) إن النبي صلى الله عليه وسلم لا يدبر السحاب، ولكن الذي يدبره هو الله عز وجل، (فدعا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ربه: اللهم حوالينا ولا علينا، فانفرج السحاب وخرج الناس يمشون في الشمس، قال: حوالينا ولا علينا، اللهم على الضراب والآكام وبطون الأودية ومنابت الشجر).
وإذا كان الله تعالى هو الذي ينزل الغيث، فإن الواجب علينا أن نعترف له بقلوبنا وألسنتنا بالشكر، وأنه المنعم حقاً، وأن نقوم بطاعته بجوارحنا، لأن الشكر هو القيام بطاعة المنعم.
لكن لا يجوز التهاون في الجمع، فيجمع بدون سبب؛ لأن بعض الناس بمجرد أن يأتي المطر يقول: هذا مطر نجمع، وهذا غلط كبير؛ لأن الجمع بدون سببه محرم ولا تقبل به الصلاة المجموعة إلى ما قبلها أو ما بعدها، فمثلاً: لو جمع العشاء إلى المغرب بدون سبب صحت صلاة المغرب ولم تصح صلاة العشاء؛ لأنها صارت قبل وقتها في حال لا يجوز فيه الجمع، وقد قال الله تبارك وتعالى في الكتاب العزيز: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً [النساء:103] أي: محدودة بوقت، الفجر من كذا إلى كذا، والظهر من كذا إلى كذا، والعصر من كذا إلى كذا، والمغرب من كذا إلى كذا، والعشاء من كذا إلى كذا، محدد، وبين النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تلك الأوقات، فمن صلى الصلاة في غير وقتها بغير حجة شرعية فهو آثم، والصلاة التي صليت في غير وقتها باطلة، فإذا جمع الإنسان بمجرد نزول المطر الذي ليس فيه مشقة وليس بالأرض وحل ولا مناقع من الماء فإن صلاته العشاء لا تصح، ويجب عليه أن يعيدها، فإذا شك الإنسان هل هذا المطر مبيح للجمع أم ليس بمبيح فما الواجب؟
الواجب ترك الجمع؛ لأن الأصل وجوب فعل الصلاة في وقتها، ولا يجوز العدول عن هذا الأصل إلا بدليل شرعي، فإذا شك الإنسان قال: هذا المطر لا أدري أيبيح الجمع لي أم لا؟
قلنا: لا تجمع، حتى تتيقن أن هذا المطر يبيح الجمع أو يغلب على ظنك أيضاً، لأنه إذا غلب على الظن كفى.
فإن قال قائل: أرأيتم لو صلوا المغرب وليس هناك مطر، ثم نزل المطر بعد أن تفرق الناس؟
قلنا: إذا شق عليهم الحضور إلى العشاء فليصل كل واحد في بيته ولا حرج، لكن في هذه الحالة إذا كان الإنسان معه رجال فليصلوا جماعة في البيت لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله) فالأمر والحمد لله واسع، لكن لا بد من تحقق العذر الذي يبيح الجمع، وإلا أقدم الإنسان على أمرٍ لا يحل له.
فهنا احتمالات ثلاثة، والأخير هو أولاها أن تدخل معهم بنية المغرب وإن كانوا يصلون العشاء.
ولكن إذا دخلت في أول ركعة فإنه إذا قام الإمام إلى الرابعة فقد انتهت صلاتك، يجب أن تجلس وتقرأ التشهد وتسلم، ثم تدخل مع الإمام فيما بقي من صلاة العشاء إن أدركته.
فإن دخلت معه في الركعة الثانية فماذا تصنع؟
تتابعه وتسلم معه؛ لأنك تكون قد صليت ثلاثاً.
فإن دخلت معه في الركعة الثالثة تتابعه، وإذا سلم تقوم وتأتي بركعة واحدة؛ لأن صلاته ثلاث وإن كانت صلاة الإمام أربعاً لكن صلاته ثلاث.
فإذا دخل معه في الثالثة أدرك مع الإمام ركعتين فإذا سلم الإمام أتى بركعة، وإن دخل في الرابعة أتى بركعتين.
قد يشكل على الإنسان أنه بمتابعة إمامه إذا دخل معه في الثانية اختلت الصلاة، يكون تشهد في أول ركعة ولم يتشهد في الركعة الثانية؟
نقول: لا حرج؛ لأنه تشهد تبعاً لإمامه وترك التشهد تبعاً لإمامه، ولهذا نظائر، أرأيت لو دخلت معه في صلاة الظهر وهو يصلي الظهر ودخلت معه في الركعة الثانية؟!
سوف تجلس في الركعة الأولى ولا تجلس في الركعة الثانية، لكن كل هذا من أجل متابعة الإمام، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه).
فإن قال الإنسان: يشكل عليَّ إذا دخلت معه في الركعة الأولى وهو يريد صلاة المغرب والإمام يصلي العشاء ثم جلس في الثالثة وانفرد عن الإمام يشكل عليه لماذا ينفرد؟
قلنا: هذا الانفراد لعذر، وهو أن صلاته تمت، فلا بد أن ينفرد، وله نظير في الشرع، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في صلاة الخوف كان يصلي بأصحابه، بطائفة أول الصلاة، ثم تكمل صلاتها وتنصرف، وتأتي الأخرى وتدرك النبي صلى الله عليه وسلم في آخر الصلاة.
ثم إن العلماء رحمهم الله قالوا: لو أن الإنسان دخل مع الإمام وفي أثناء الصلاة حُصِرَ ببول أو غائط أو ريح، ولا يستطيع أن يكمل مع الإمام قال العلماء: له أن ينفرد عن إمامه، ويكمل وينصرف، ونقول: الأمر واسع، انوِ الانفراد وأكمل صلاتك خفيفة واقض حاجتك، هذا انفراد لعذر، والأعذار ليست كغير الأعذار فهذا عذر حسي، والذي جلس ليتشهد ويسلم في صلاة المغرب عذر شرعي.
وخلاصة القول في هذا اللقاء: أولاً: أنه يجب علينا أن نشكر الله سبحانه وتعالى على ما أنعم به علينا من هذه الأمطار، وأن نسأل الله أن يجعل فيها بركة.
ثانياً: لا يجوز لنا أن نتساهل في الجمع، ولكن إذا وجد سبب الجمع فالأفضل الجمع؛ اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
الجواب: أما إذا أردنا المقاصة والمحاقة، فالواجب إعطاء كل ذي حق حقه، من كان له أربعون هللة أو خمسون هللة فليعطى إياها، لأن هذا حق، لكن إذا سامح وأسقط فلا حرج لأن الحق له، وأما إذا صار الأمر على وجه المسامحة وجبرت الكسر أو هو أسقط الكسر عن الموظف فلا بأس بهذا، فإذا كانت هذه الطريقة -أعني: المسامحة- أسهل للجميع وكل منهم لم يطلب المحاقة فلا بأس.
الجواب: أولاً: نخاطب صاحب المحل الذي يضع الجائزة: هل هو إذا وضع الجائزة زاد في قيمة السلع أم لا؟
إن قال: نعم إنه يزيد في قيمة السلع. قلنا: هذا حرام؛ لأنه من الميسر.
وإذا قال: إنه لا يزيد وإن سعره كسعر غيره.
قلنا: هذا لا بأس به، إلا إذا تضمن ضرراً بحيث صار الناس يتنافسون أيهم أكثر جائزة بحيث يقول صاحب الدكان: أنا أضع سيارة، وقال الثاني: إذاً أنا أضع سيارتين، وقال الثالث: وأنا أضع ثلاثاً، فهنا يجب على ولي الأمر أن يتدخل ويمنع هذه الجوائز؛ لأن هذا يفضي إلى النزاع والخصومة والعداء، أما إذا كانت المسألة فردية واحد في السوق مثلاً وضع هذه الجائزة، فنقول: هل أنت بمقابل وضع الجائزة تزيد في السلعة؟
إن قال: لا، نقول: لا بأس.
الاتجاه الثاني بالنسبة للمشترين، إذا كان الإنسان لا يشتري إلا من أجل الجائزة لا من أجل الرغبة في السلعة، لكن يقول: أشتري بخمسين ريالاً وأدخل المسابقة لعلي أغنم وأربح، فهذا لا يجوز له، وأما إذا كان يشتري حاجته فلا بأس؛ لأنه إذا اشترى لحاجته لم يخسر شيئاً، فتكون الجائزة من باب: (إما غانم وإما سالم) ما فيه غرم، لأن الرجل لا يشتري إلا ما يحتاجه، والقيمة لم ترفع من أجل الجائزة، فإذاً نخاطب صاحب المعرض واضع الجائزة أولاً ثم نخاطب المشترين ثانياً، فإذا قال المشتري: أنا لم أشترِ إلا ما أحتاج إليه قلنا: لا حرج اشتر بخمسين ريالاً أو بمائة ريال، وأنت إن ربحت الجائزة فأنت غانم، وإن لم تربحها فأنت سالم.
ولا مانع من اشتراط خمسين ريالاً -قيمة للمشتريات-.
الجواب: أما شكر النعمة فقلت لكم: إن الشكر يكون باللسان والقلب والجوارح، أما شكر القلب فأن يعترف الإنسان بقلبه ويؤمن بأن هذا من فضل الله ورحمته، وأما اللسان فأن يقول: مطرنا بفضل الله ورحمته، فعن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الحديبية فأنزل الله مطراً، فلما صلى النبي صلى الله عليه وسلم الصبح أقبل علينا وقال: هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: قال الله تعالى: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر -انقسموا إلى قسمين: مؤمن وكافر- فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب) فالمشروع أن تقول: مطرنا بفضل الله ورحمته، وتقول أيضاً: اللهم اجعله صيباً نافعاً، لأن المطر قد ينزل ولا ينفع، ولهذا جاء في صحيح مسلم : (ليس السنة ألا تمطروا، وإنما السنة أن تمطروا فلا تنبت الأرض شيئاً) والسنة: الجدب، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما ما يقال عند الرعد أو عند البرق، فقد جاء عن بعض الصحابة والتابعين أنه يقال عند الرعد: [سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته] ويقول عند البرق: [سبحان الله وبحمده] وأما عن النبي صلى الله عليه وسلم فلم يبلغنِ أنه يقال شيء عند البرق أو الرعد، لكن من قال: [سبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته] اتباعاً لبعض الصحابة كـعبد الله بن الزبير رضي الله عنهما فحسن، وكذا من قال: (سبحان الله وبحمده) فإنه يذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما بسند ضعيف جداً أنه قال: [من قال حين يرى البرق: سبحان الله وبحمده لم تصبه صاعقة] فهذا حسن.
الجواب: رأيي في هذا الجمع أنه حرام، لو كان له شغل ما نام عنه، فكيف ينام عن صلاة الظهر؟! فالواجب عليه أن يصلي الظهر في وقتها، وأن يصلي العصر في وقتها، ولو أنَّا أمهلنا للناس وقلنا: من كان به نوم فلينم وليجمع لحصل شر كثير عند بعض الناس، فنقول لهذا الطالب: صلِّ الظهر في وقتها والعصر في وقتها ودع عنك الكسل.
الجواب: هذه المسألة مما اختلف فيها العلماء:
فمن العلماء من قال: إن الجمع في السفر لا يجوز إلا لمن جدَّ به السير، فإذا سار قبل دخول وقت الأولى أخرها إلى الثانية، وإن سار بعد دخول وقت الأولى قدم الثانية، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى العصر، وإن زاغت الشمس قدم العصر مع الظهر، هذا إذا كان قد جد به السير، أما النازل فلا يجمع، واحتجوا بحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع إذا جدَّ به السير) وبأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجمع وهو نازل في منى أيام الحج، بل كان يصلي كل صلاة في وقتها، لأنه كان نازلاً، وهذا القول هو اختيار شيخ الإسلام رحمه الله.
وقال بعض العلماء: للمسافر أن يجمع ولو كان نازلاً ماكثاً في مكانه؛ لأن السفر عذر، واحتج هؤلاء القوم بأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في تبوك وهو نازل، وبأن أبا جحيفة ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم (كان نازلاً في الأبطح في مكة في عام حجة الوداع، وأنه خرج صلوات الله وسلامه عليه من قبة حمراء من أدم قال: وكأني أنظر إلى بياض ساقيه، فركزت له عنزة، ثم تقدم فصلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين)، وهذا يدل على أنه جمع مع أنه نازل، لكننا مع ذلك لا نحبذ للنازل المسافر أن يجمع إلا إذا كان هناك سبب، مثل: أن يكون الماء قليلاً، ولا يتمكن من أن يتوضأ مرتين، أو يكون الجو بارداً لا يتمكن من الوضوء مرتين إلا بمشقة، أو يكون على تعب فينام ويجمع من أجل أن يطول نومه.. وما أشبه ذلك، وإلا فالأفضل ألا يجمع، هذا إذا كان في البر، أما إذا كان في البلد فإن الواجب على المسافر أن يصلي مع الجماعة، وحينئذٍ لا بد أن يتم الصلاة، ولا بد أن يصلي كل صلاة في وقتها.
السائل: القصر هل يجوز؟
الشيخ: القصر يجوز ما دمت مسافراً ولو كنت نازلاً، ليس كالجمع.
وهنا ننبه: الجمع أوسع من القصر من وجه، والقصر أوسع من الجمع من وجه، فمثلاً: الجمع يجوز لكل عذر يشق معه ترك الجمع، حتى في البلد، حتى في المرض، ومن هذه الناحية يكون أوسع من القصر، القصر لا يجوز إلا في السفر خاصة، سواء كنت نازلاً أم سائراً، لكن في غير السفر لا يجوز، فلو سألني سائل: مريض في المستشفى يجمع ويقصر لأنه يشق عليه أن يصلي كل صلاة في وقتها، هل جمعه صحيح؟ صحيح، هل قصره صحيح؟ الجواب: إن كان في بلده فإنه لا يقصر، وإن كان في غير بلده فإنه يقصر.
الجواب: الصحيح في هذا أنه إذا دخل الإنسان سواء كان وحده أو معه جماعة والناس يصلون صلاة التراويح أنهم يدخلون مع الإمام بنية العشاء، فإذا سلم الإمام أتوا بما بقي من صلاة العشاء كلٌ يأتي بها على انفراده بدون جماعة، هذا هو الصحيح، أما أن تقام جماعتان في مسجد واحد، فهذا ليس بمشروع بلا شك، ولكن نقول: ادخلوا مع الإمام بنية العشاء.
فإن قال قائل: هل يصح أن يأتم المفترض بالمتنفل؟
قلنا: نعم يصح، وهذا وقع في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، فإن معاذ بن جبل رضي الله عنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلاة العشاء، ثم يذهب إلى قومه فيصلي بهم نفس الصلاة، فهي له نافلة ولهم فريضة، وكان هذا في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، أقره عليه الله عز وجل، بل الظاهر أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعلم بذلك فأقره، وقد نص الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: أن الرجل إذا دخل والإمام يصلي التراويح فإنه يدخل معهم بنية العشاء.
الجواب: لا حرج في هذا، يجوز للإنسان أن يضع المسجل خارج الحمام وهو يستمع إليه، وقد ذُكِرَ عن جد شيخ الإسلام ابن تيمية وهو عبد السلام، أنه كان يأمر فتاه أو ابنه أن يقرأ عليه وهو في بيت الخلاء؛ حفاظاً على الوقت، ولعل هذا من الأمر النادر، لأني لا أظن أن عالماً يفعل هذا دائماً، لكن لعله يريد أن يراجع مسألة من المسائل يريد أن يحققها ففعل هذا الفعل، مع أننا نقول بالجواز لكن تركه أفضل، لماذا؟
لأن الإنسان إذا كان يستمع إلى حديثٍ يعجبه فربما يطيل الجلوس على قضاء الحاجة؛ لأنه انسجم مع هذا الذي يسمع، ربما يجلس ساعة أو ساعتين، كما يذكر أن دول الكفر إذا أراد الإنسان أن يطالع الجرائد والصحف دخل بها معه في الحمام، وتعرفون أن كرسيهم في الجلوس فرنجي، فيجلس على هذا الكرسي على فخذيه والجرائد معه، وإن كان بعد السيجارة معه الله أعلم.
السائل: مكتبة صغيرة معه أيضاً.
الشيخ: يضعون مكتبة في الحمام! -نسأل الله العافية- إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً [الفرقان:44].
الجواب: إذا كان الخوف حقيقة ويخافون أن هؤلاء الرعاة إذا ذهبوا عن الغنم ضاعت أو سرقت فلا بأس أن يبقوا عند أغنامهم ويصلوا الظهر بدلاً عن الجمعة، ولكن خير من ذلك أن نشير على أهل الأغنام أن يجعلوا هؤلاء الرعاة يتناوبون، فيقال مثلاً: إذا كانوا اثنين يقال: واحد الجمعة هذه، والثاني يصلي الجمعة الأخرى، لأن بعض العمال يحبون أن يصلوا الجمعة لأداء الجمعة وحضور جماعة المسلمين، ولهم أقارب من العمال الآخرين يحضرون الجمعة فيحبون أن يتحدثوا إليهم، فللجمع بين المصلحتين نقول: الأفضل والأولى أن تجعلوهم متناوبين هذا يدخل جمعة، وهذا يدخل الجمعة الأخرى حتى يحصل الخير، والله تعالى يحب من عباده أن ييسر بعضهم على بعض.
الجواب: نعم رأيتها ولكن وقانا الله وإياكم شر الصواريخ!! أقول: أنا أوافق سماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز بأنها حرام، لما فيها من التلاعب والغرر والربا أيضاً، شخص يدفع أربعين ويأخذ خمسة وعشرين ألف ريال مثلاً، وكل هذا من التلاعب بالناس، فأنا رأيي كما يرى الشيخ حفظه الله بأنها محرمة، ونسأل الله تعالى أن يسلط ولاة الأمور على منع مثل هذا التلاعب.
- بقية السؤال يقول: بماذا تنصح من يتعامل معهم وقد تحصل على بعض المبالغ ولم يتحصل عليها إلا بنشاطه في بيع الاستمارات؟
- أقول: إن الله تعالى قال في الربا: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ [البقرة:275] إن كان غير محتاج فالأفضل أن يجعلها في سبيل الخير من بناء المساجد، أو إعانة الفقراء، أو قضاء الدين عن المدينين أو ما أشبه ذلك، وإن كان محتاجاً فما حصل قبل أن يعلم بالتحريم فهو له.
- نص جواب الشيخ عبد العزيز بن باز :
يقول: الدولار الصاروخي من الميسر وهو محرم شرعاً هذا كلام الجريدة وهو العنوان، يقول: قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية، ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء: أنه يرد كثير من الاستفتاءات إلى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن مسابقة ما يسمى بنظام الدولار الصاروخي التي يتداول قسائمها الناس في الآونة الأخيرة، وهي تشتمل على عبارات مثيرة تغرر بالناس وتحملهم على الاشتراك في هذه المسابقة مقابل دفع مبلغ معين من كل مشترك.
وأوضح سماحته أن مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية سبق أن أصدر قراراً برقم: (162) وتاريخ (26/2/1410هـ) يقضي بتحريم هذه المسابقة ومثيلاتها؛ لأنها من الميسر وهو محرم شرعاً، وقد رغب سماحته تذكير الناس بهذا القرار، وفيما يلي نصه:
"الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فقد اطلع مجلس هيئة كبار العلماء في دورته الرابعة والثلاثين المنعقدة في الطائف ابتداء من (16/2/1410هـ) إلى (26/2/1410هـ) على كتاب معالي الأمين العام لـرابطة العالم الإسلامي رقم (16) وتاريخ 5/1409هـ والموجه إلى سماحة الرئيس العام لإدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد والمحال من سماحته إلى المجلس، وقد جاء في كتاب معاليه:
أود إحاطة سماحتكم بأن أحد الإخوة الغيورين على الدين أبدى ملاحظة حول المسابقات التي تقيمها بعض الشركات تحت مفهوم: (اليانصيب) المحرم شرعاً، وإذ أرفق لسماحتكم بطيه قسيمة المسابقة التي وافانا بها، وهي باسم: مسابقة ( جا . سا . با ) الدولية، وتروج لها مؤسسة العقيلي للتجارة الدولية في جدة ، أرجو التكرم باتخاذ ما ترونه مناسباً لإصدار فتوى في الموضوع لإرشاد إخواننا المسلمين من الوقوع في مصائد تلك الشركات التي تروج للكسب الحرام، واطلع المجلس على قسيمة المسابقة المرفقة بكتاب معاليه، ومما جاء فيها:
مسابقة ( جا . سا . با ) الدولية، اربح إحدى أشهر السيارات في العالم بقيمة خمسة وعشرين ألف دولار من غير أي التزام مالي على عاتقك خلال ثلاثة أشهر.
هنا: المكسب أصبح حقيقة بواسطة الاشتراك بكيبونات مسابقات ( جا . سا . با ) الدولية، التي أثر ما جاء فيها من الإغراءات التي تحث كل إنسان على المبادرة إلى الاشتراك في هذه المسابقة مقابل دفع خمسة وستين دولاراً، واطلع المجلس أيضاً على قسيمة مسابقة ما يسمى بنظام الدولار الصاروخي ومما جاء فيها:
استرخِ وأصبح غنياً، القمار مكلف ولكن هناك وصفة للنجاح بواسطة هذه الوصفة تستطيع أن تربح رأس مال قدره: خمسة وعشرين ألف دولار أمريكي من غير أي التزامات مالية على عاتقك خلال أربعة إلى ستة أسابيع، وفيها أيضاً: الدولار الصاروخي هي لعبة أموال وليست: (يا نصيب) تعمل بسرعة وسرية تامة حيث ما يوجد مكتب بريد، وتشتمل القسيمة على عبارات مثيرة تغرر بالناس وتحملهم على الاشتراك في هذه المسابقة مقابل دفع مبلغ خمسة وسبعين دولاراً من كل مشترك.
واطلع المجلس على عدد من الرسائل التي يتساءل مرسلوها عن حكم هذه المسابقات، أو يستنكرون السماح لترويجها وأمثالها في هذه البلاد، واطلع المجلس أيضاً على الاستفتاء المقدم عن حكم المسابقة التي تقوم بها مؤسسة رشا للتجارة المؤرخ في: (29/10/1409هـ) وعلى الإيضاح المرفق به عن هذه المسابقة وعلى نموذج من الإعلانات عن هذه المسابقة، وهو منشور في جريدة المدينة المنورة بعدد وتاريخ (20/9/1409هـ) ولأهمية الموضوع وخطورته دينياً ودنيوياً درس المجلس موضوع المسابقات التجارية بصفة عامة التي يُروج لها بواسطة بعض وسائل الإعلام أو بواسطة بعض المؤسسات التجارية كالتي سبق ذكرها آنفاً.
وبعد دراسة المجلس لموضوع هذه المسابقات التي لجأت إليها بعض الشركات والمؤسسات لطلب الحصول على الأموال الكثيرة دون مقابل، اعتماداً على التغرير والخداع لعامة الناس، وبعد اطلاعه على البحث المعد في الموضوع وتأمله للأدلة الشرعية التي تنص على تحريم الميسر القمار، وكل معاملة فيها مقامرة أو تغرير أو أكل للمال بالباطل أو إضرار بالآخرين اتضح للمجلس تحريم مسابقة ( جا . سا . با ) الدولية، ومسابقة ما يسمى بالدولار الصاروخي، ومسابقة مؤسسة رشا التجارية وأمثالها لما تشتمل عليه هذه المسابقات من أكل أموال الناس بالباطل، لأن كل مشترك يدفع مبلغاً من المال مخاطرة، وهو لا يدري هل يحصل على مقابل أم لا، وهذا هو القمار، ولما فيها من التلاعب بعقول الناس والتغرير بهم وخداعهم وجميع هذه المسابقات من الميسر، وهو محرم شرعاً كما في قول الله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ [المائدة:90-91] والله الموفق، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه... هيئة كبار العلماء.
- تبين الحكم والحمد لله، والواجب تجنب ما كان حراماً، لا سيما أنه بلغ إلى درجة أن يقرن بالخمر والأنصاب والأزلام، والأنصاب ما ينصب ليعبد، فهو بمعنى الأوثان.
الجواب: هذا الشك لا محل له ولا وجه له، لأن النفوس بيد الله عز وجل، قال الله تعالى: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا [الزمر:42] والقاعدة الشرعية: أن الأصل براءة الذمة، فإذا شك الإنسان في أمر هل يجب عليه أم لا، فالأصل براءة الذمة وعدم الوجوب، وبناءً على ذلك نقول: ليس على هذه الأم شيء لا دية ولا كفارة.
الجواب: أقول: أبشر، فإن الله سبحانه وتعالى يحب التوابين ويحب المتطهرين، وهو يقول جل وعلا: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ [الزمر:53-55] ويقول جل وعلا في أعظم الذنوب الشرك: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان:68-70] فالحمد لله الذي ردك إلى ما كنت عليه سابقاً، وأسأل الله تعالى أن يثبتك عليه.
وأما نسيان القرآن فأظن أنك لو عدت لتحفظه مرة ثانية سوف يكون سهلاً عليك، فعليك به فإن الله تعالى سيعينك إذا علم من نيتك الصدق والإخلاص.
الجواب: أولاً هذا الرجل لم يعلق الطلاق على ذهابها إلى أهلها، بل قال: فسأطلقك، وهذا وعد وليس بتنفيذ، وعلى هذا فلو ذهبت إلى أهلها فإنها لا تطلق إلا إن طلقها، فالخيار بيده حتى لو ذهبت إلى أهلها، وما دام الأمر كذلك فالزوجة باقية في عصمته ولا إشكال في هذا.
ولكني أنصحه وغيره من التهاون في أمر الطلاق، فإن بعض الناس يتهاون به جداً حتى إنه يقول لأخيه: خذ هذا الفنجان، فإذا قال أخوه: انتهيت رويت، قال: علي الطلاق أنك تأخذه، فنجان من الشاي يعلق طلاق امرأته عليه، هذا غلط، وهذا يوجد كثيراً بالبادية وانتقل إلى الحاضرة، وصار الناس يتلاعبون. وسبب ذلك: أنه ظهرت فتوى أن الطلاق المعلق إذا قصد به اليمين صار يميناً يكفر عنه كفارة يمين ولا تطلق المرأة، فمثلاً: لو قال لزوجته: إن ذهبت إلى أهلك فأنت طالق، فذهبت، ظهرت فتوى أنه يكفيه أن يكفر كفارة يمين والزوجة في عصمته باقية لا تطلق، ولكن هذه الفتوى أتدرون ما قيمتها في العالم الإسلامي، هذه الفتوى مخالفة للمذاهب الأربعة كلها، مذهب الإمام أحمد بن حنبل ، والشافعي ، ومالك ، وأبي حنيفة ، كلهم يقولون: إن المرأة تطلق، ولو قصد اليمين ولو قصد التهديد ولو قصد المنع تطلق المرأة، لأنه تكلم باختياره ولم يكره وقال: إن ذهبت فأنت طالق، ذهبت فتطلق، فالأمر خطير، وليس الأمر بالسهل الهين، حتى وإن كان ظهر في الفتوى اتباعاً لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فإن الإنسان لا ينبغي له أن يتهاون.
وعامة الأمة أئمتها وعلماؤها يقولون: إن هذا طلاق واقع، ولنفرض أنه الطلاق الثلاث أن هذه آخر طلقة، قال لها: إن ذهبت إلى أهلك فأنت طالق، ثم ذهبت إلى أهلها وهذه آخر طلقة، ثم قلنا: راجعها، هل يملك المراجعة؟ لا. الآن بقينا إما أن نأخذ بالقول إما أن هذا يمين فيكفر كفارة يمين والزوجة ترجع إليه، وإما أن يقول بقول جمهور الأمة: إنها بانت منه ولا تحل له إلا بعد زوج، فإذا أخذ بالقول الأول وردها على أنه يكفر كفارة يمين، فإن جماعه إياها زنا على رأي أكثر الأمة؛ لأنها بانت منه، وعلى رأي أنه يمين يكفرها يكون وطؤه إياها حلالاً؛ لأنها لم تطلق، وإنما قلت هذا تحذيراً من هذا التهاون الذي وقع فيه اليوم كثير من الناس.
ولو سد هذا الباب ليتقيه الناس لكان له وجه، فإن هذا من السياسة الشرعية، كان الطلاق الثلاث في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، وفي عهد أبي بكر ، وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، أي: أن الرجل إذا قال لزوجته: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، أو قال: أنت طالق ثلاثاً؛ فإنه واحدة له أن يردها.
فلما رأى عمر أن الناس قد تتايعوا في هذا الأمر وهو حرام أن يطلق الإنسان ثلاثاً، لما رآهم تتايعوا فيه وهلكوا قال: [أرى الناس قد تتابعوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم، وقال: من طلق ثلاثاً في مجلس واحد فزوجته حرام عليه]، ومنعه من الرجوع سياسة عمرية شرعية، فلو أن الناس أفتوا بوقوع الطلاق المعلق اتباعاً لقول جمهور الأمة من أجل أن ينكف الناس عن هذا التلاعب لكانت هذه الفتوى لها وجه والله المستعان.
الجواب: ليس لشهر رجب ميزة عن سواه من الأشهر الحرم، ولا يخص لا بعمره ولا بصيام ولا بصلاة ولا بقراءة قرآن بل هو كغيره من الأشهر الحرم، وكل الأحاديث الواردة في فضل الصلاة فيه أو الصوم فيه فإنها ضعيفة، لا يبنى عليها حكم شرعي.
الجواب: هذا السؤال سبق نظيره وقلنا: إن المسافر يقصر الصلاة ما دام في سفره حتى يرجع إلى بلده، فإذا سافرت المرأة ونزلت في بلد لمدة يومين أو ثلاثة أو أربعة أو عشرة أو أكثر من ذلك وهي بنية الرجوع إلى بلدها ففي هذه الحالة تقصر الصلاة لأنها مسافرة، لكن لا تجمع إلا لحاجة لأننا ذكرنا أن الجمع في السفر ليس بسنة إلا لمن جد به السير أو كان محتاجاً لذلك، وإذا كانت في البلد لا تحتاج إلى الجمع فالأفضل ألا تجمع.
الجواب: ظاهر الأدلة أن الإنسان إذا لبس الجوارب فله المسح عليها، سواء قصد وقاية الرجل من البرد، أو كان في رجله حساسية قصد بذلك ألا يصيبها الغبار، أو لغير ذلك من الأغراض، فإنه لا بأس أن يمسح عليها، لكنها في مدة محددة، للمقيم يوم وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام بلياليها، وتبتدئ المدة من أول مرة مسح بعد الحدث ولا بد أن يكون على طهارة.
الجواب: أما الشق الأول من السؤال: وهو ما إذا دخل الوقت وأنت في البلد ثم سافرت، فإنك تصلي الصلاة قصراً وإن كان أذن وأنت في البلد -أعني في بلدك- لأن العبرة بفعل الصلاة لا بدخول وقتها، وبالعكس لو أنه دخل عليك الوقت وأنت في السفر ثم وصلت بلدك فإنك تصلي تصلي أربعاً كاملة، فالعبرة إذاً بفعل الصلاة.
أما الجمع فإنا نكرره ونقول: الجمع الأفضل للمسافر ألا يجمع إلا إذا جد به السير أو احتاج إلى ذلك.
الجواب: اصنع أموراً:
الأمر الأول: أن تنام مبكراً. ولهذا (كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها)، لأجل أن ينام الإنسان مبكراً حتى يستيقظ مبكراً.
ثانياً: أن يكون عندك نية عند النوم وعزم وتصميم على أنك سوف تقوم لصلاة الفجر، فحينئذٍ سوف يسهل عليك القيام.
ثالثاً: أن تستعمل منبهاً، ساعة تجعلها عند رأسك تنبهك، وإن خشيت أنها إذا صوتت غمزتها وسكتها وبقيت نائماً أبعدها عنك قليلاً، وكان بعض الناس من حرصه على الصلاة يجعل الساعة المنبهة في تنكة، ويبعدها عنه، من أجل أن يكون صوتها قوياً حتى يقوم. افعل هذا فلا مانع.
رابعاً: إذا لم يتيسر لك هذا فاجعل الهاتف عند رأسك إن كان عندك هاتف، وقل لأحد إخوانك: إذا أذن الفجر فاتصل بي.
المهم أن الإنسان يستطيع أن يفعل الأسباب التي يتوصل بها إلى الاستيقاظ حتى يؤدي صلاة الفجر في وقتها، ومن عود نفسه الكسل فإنه لن يزال على كسل.
وأما صلاته في غير وقتها فإن كان يتعمد هذا فصلاته غير مقبولة مردودة عليه ولو صلى ألف مرة، لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) أي: مردود عليه.
الجواب: فيه التفصيل:
إن كان في مستشفى بلده فعليه أن يعيد ما صلى قصراً، وإن كان في بلد آخر فعمله صحيح ولا شيء عليه.
- هو قال: سأل فأفتي.
- أفتاه جاهل، وبلاء الناس من إفتاء الجهال، من أفتاه؟ هذه فتوى باطلة؛ لأنها مخالفة لإجماع المسلمين إذ أن القصر لا يكون إلا في السفر، أما الجمع فلا بأس، فلو كان يتم ويجمع لقلنا: لا بأس، لكنه لا يتم، وهذه الفتوى غلط، والمشكل ليس في الجاهل البسيط، المشكل في الجاهل المركب، ومن هو الجاهل المركب؟ الذي لا يعلم ولا يدري أنه لا يعلم، يفتي بغير علم.
ولهذا سأضرب ثلاثة أمثلة لنعرف من الجاهل من العالم:
رجل سئل: متى كانت غزوة بدر؟ فقال: في السنة الثانية.
ورجل سئل: متى كانت غزة بدر؟ قال: في السنة الرابعة.
والثالث سئل: متى كانت غزة بدر؟ قال: لا أدري. الأول عالم لأن غزوة بدر في السنة الثانية.
والذي قال في السنة الرابعة جاهل جهله مركب.
والذي قال لا أدري: جاهل بسيط، والجاهل البسيط خير من المركب، لأن المركب يريد أن يركب رأساً، ويرى أنه عالم.
يقال: إن رجلاً -إما حكاية أو حق- كان يسمى توما الحكيم ، كل من جاءه أفتاه بأي فتوىً كانت، وكان راكباً على أتان -حمار- فقال الحمار، والقائل على لسان الحمار لأن الحمار لا يتكلم:
قال حمار الحكيم توما>>>>>لو أنصف الدهر كنت أركب
لأنني جاهل بسيط>>>>>وصاحبي جاهل مركب
أي: كنت أركب: أركبه هو لأنني جاهل بسيط وصاحبي جاهل مركب، والجاهل البسيط خير من الجاهل المركب.
ويقول الثاني:
ومن رام العلوم بغير شيخ>>>>>يضل عن الصراط المستقيم
وتلتبس العلوم عليه حتى>>>>>يكون أضل من توما الحكيم
تصدق بالبنات على رجال>>>>>يريد بذاك جنات النعيم
جاءه شباب قالوا: ما عندنا زوجات، قال: باسم الله هذه زوجة صدقة، وهذه زوجة صدقة، فتصدق بدون عقد، بدون مهر بدون شيء!! لأنه يظن أن التصدق بالنساء كالتصدق بالدراهم، وهذا من جهله.
الجواب: يحل لهم أن يأكلوا؛ لأن من كسب مالاً على وجه محرم وليس المال محرماً لعينه فإنه يجوز لمن أخذه منه بطريق شرعي أن يأكل منه، وهؤلاء أخذوها بطريق شرعي وهو الهدية، لكن إذا كانوا امتنعوا من قبول هديته صار سبباً لبعده عن الربا فإنه في هذه الحالة يجب عليهم أن يردوا الهدية، وأن يبينوا له أنهم إنما ردوا الهدية لكونه يتعامل بالربا حتى يتوب، أما إذا كان لن يقلع عما هو عليه فلا حرج عليهم في قبول هديته، ونحن نعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قبل هدية اليهود، ففي خيبر قبل هدية المرأة التي أهدت له الشاة، وفي المدينة دعاه غلام يهودي إلى خبز شعير وإهالة سنخة فأجاب عليه الصلاة والسلام، وكذلك عامل رجلاً يهودياً اشترى طعاماً لأهله، ورهنه النبي صلى الله عليه وسلم درعه، ومات النبي صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند هذا اليهودي.
فعلى هذا نقول لهؤلاء الجماعة: إذا كان ردكم لهديته يفضي إلى تركه التعامل بالربا فردوها، وإذا كان لا يفضي إلى ذلك، وأن الرجل لن يهتم بردكم أو قبولكم فلا بأس بقبول هذه الهدية.
الجواب: أما من مسح ثم سافر فإنه يتم مسح مسافر، مثال ذلك: رجل مسح يوماً كاملاً، وقبل أن تتم مدة المسح سافر، فهنا يبقى عنده يومان يمسح فيهما، وأما من مسح وهو مسافر ثم أقام فيتم مسح مقيم، وعلى هذا إذا قدم البلد وقد مضى عليه يوم وليلة يجب عليه الخلع ويتوضأ وضوءاً كاملاً، إذاً.. العبرة بالنهاية.
لكن إذا مسح وهو مقيم وتمت المدة فمعلوم أنه لا بد أن يخلع ويلبس من جديد.
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , اللقاء الشهري [32] للشيخ : محمد بن صالح العثيمين
https://audio.islamweb.net