إسلام ويب

يختلف الناس في استغلالهم لإجازة الصيف، فمنهم من يقضيها في النافع المفيد، ومنهم من يقضيها في الضار الخبيث، ومنهم من يقضيها في المباح. وقد صنف الشيخ الناس في الإجازات إلى خمسة أصناف، وبيّن أحكام كل صنف من حيث الجواز أو التحريم. كما أجاب عن كثير من الأسئلة المتعلقة بهذا الموضوع وغيره.

أصناف الناس في استغلال إجازة الصيف

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وخليله وأمينه على وحيه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فإننا نحمد الله عز وجل أولاً وقبل كل شيء أن يسر لنا مثل هذه اللقاءات في بيوت الله عز وجل من أهل العلم، يجتمع إليهم فيها طلاب العلم والعامة، يتدارسون بينهم ما يحتاجون إليه في أمور دينهم ودنياهم وهذه من نعمة الله عز وجل.

هذا اللقاء يتم في عنيزة في الجامع الكبير كل شهر مرة في مساء السبت الثالث من كل شهر، وهذا هو السبت العشرون من شهر صفر عام (1417هـ).

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يحيينا جميعاً حياةً طيبة نستغلها فيما يرضي الله تبارك وتعالى.

نحن في مطلع إجازة الصيف لعام (1417هـ) فكلمة (إجازة) معناها: أن الإنسان يتجوز من شيء إلى شيء، أو يجتاز من شيء إلى شيء، وليس معناها (عطلة) كما يعبر عنها بعض الناس، هي في الواقع ليست عطلة، والإنسان ليس في حياته عطلة إطلاقاً، الإنسان دءوب كادح إلى أن يلقى الله عز وجل، كما قال الله تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ [الانشقاق:6] أتت (الفاء) بعد قوله: (إنك كادح) إشارةً إلى أن هذا الكدح سوف يستمر إلى ملاقاة الله عز وجل وذلك بحلول الأجل، الإنسان دائماً لا بد أن يكون كادحاً عاملاً، ولهذا جاء في الحديث: (أصدق الأسماء حارث وهمام) لأن كل إنسان له همة وإرادة، وكل إنسان له حرث وعمل، فلا بد أن يكون الإنسان دائماً في عمل لكننا نجتاز من عمل إلى عمل.

استغلال الإجازة في طلب العلم

في الأيام الماضية كان التلاميذ والشباب من ذكور وإناث مشتغلين بالدراسات النظامية، ثم جاءت هذه الإجازة من أجل أن يستعيدوا ما فات مما قصروا فيه، لأن الإنسان ربما لا يستوعب جميع المعلومات التي درسها؛ لأن الوقت قصير، والمقررات طويلة ومتنوعة، فربما يركز في هذه الإجازة على شيء مما فاته مما سبق، وقد تكون بعض المواد التي قرأها في وقت الدروس النظامية قد يكون لم يهضمها ولم يتقنها تماماً فيعود عليها مرةً ثانية في هذه الإجازة، وقد يكون في هذه الإجازة يستعد للسنة القادمة فيراجع ما تيسر من دروسه المستقبلية، وقد يكون له دروس أخرى غير الدروس النظامية يستغل هذه الإجازة فيها، وقد يكون الإنسان ممن لا يهتم بالعلم كثيراً ولكنه يهتم بالزراعة والبيع والشراء وغير ذلك من الأشياء.

ولهذا نرى الناس في هذه الإجازة يختلفون، فمنهم من يستغلها بالعلم إما دراسةً لما مضى أو دراسةً لما يستقبل وهذا لا شك أنه خير الأقسام، لأن العلم لا يعدله شيء، كما قال الإمام أحمد رحمه الله: (العلم لا يعدله شيء لمن صحت نيته) فالذي يستغلها في العلم إما بحفظ كتاب الله أو سنة الرسول عليه الصلاة والسلام أو شيء من كتب العلماء في العقيدة أو في الأخلاق أو في الفقه هذا لا شك أنه خير الأقسام أن يستغل أي: هذه الإجازة في العلم.

استغلال الإجازة في زيارة مكة والمدينة

من الناس من يستغلها في زيارة مكة والمدينة إما منفرداً أو مع صحبة أو مع أهله، وهذا أيضاً لا شك أنه خير، وبناءً على ذلك نود أن نقول: إن العمرة في السفر الواحد عمرة واحدة بمعنى: أنه لا يمكن أن يكرر الإنسان عمرة في سفر واحد، لأن هذا ليس من هدي الرسول عليه الصلاة والسلام ولا من هدي السلف، خلافاً لما يتوهمه كثير من الناس.

وهذه صفة العمرة: قبل أن تعمل أي عمل من الأعمال تطوف وتسعى وتقصر أو تحلق والحلق أفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا للمحلق ثلاثاً وللمقصر مرة. انتهت العمرة ثم إذا أردت أن تعود إلى أهلك فطف للوداع وارجع إلى أهلك.

وينبغي في هذا السفر أن يكون الإنسان مكثراً في الطاعة والإنابة إلى الله وبذل المال فيما يرضي الله عز وجل، وإذا أردت أن تذهب إلى المدينة من أجل الصلاة في المسجد النبوي وتزور بعد ذلك قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه -والثلاثة في مكان واحد معروف- وتخرج أيضاً إلى البقيع لتزور أهل البقيع، وتبدأ بأفضلهم عثمان بن عفان رضي الله عنه؛ فإن أفضل أهل البقيع هو عثمان لأنه أحد الخلفاء الراشدين الأربعة، تزور قبره وهو معروف، ثم تزور بقية قبور أهل البقيع، وتخرج أيضاً إلى قباء متطهراً وتصلي فيه ما شاء الله، وتخرج كذلك إلى شهداء أحد لتسلم عليهم وتدعو لهم، فهذه خمسة أشياء:

1- زيارة المسجد النبوي.

2- ثم زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه.

3- ثم زيارة البقيع.

4- ثم زيارة قباء.

5- ثم زيارة أحد، وما سوى ذلك مما يقال: إنه يزار في المدينة فلا أصل له، المدينة ما فيها شيء يزار إلا هذه المواضع الخمسة.

هذان صنفان من الناس: الأول: من يشتغل بالعلم وهو أفضل الأصناف، والثاني: من يذهب إلى مكة والمدينة لزيارة مكة والمسجد النبوي.

استغلال الإجازة في النزهة في البلاد

الثالث: من يخرج إلى نزهة، يذهب بأهله إلى نزهة في البلاد أياماً أو أسبوعاً أو أكثر أو أقل، هذا أيضاً لا بأس به، لا بأس أن يخرج الإنسان إلى بلد مجاور في بلاده -أي: في المملكة - من أجل أن يرفه عنه وعن أهل بيته، ولكن في هذه الحالة يحرص على أن يكون داعياً إلى الله عز وجل آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر؛ لتكون رحلته رحلة خير، فكم من أناسٍ في أطراف البلاد لا يفهمون إلا القليل مما يفهمه بعض الناس في أواسط البلاد، فيدلهم على الخير ويأمرهم به ويبين لهم الشر وينهاهم عنه وهذا خير.

ومن الناس من يخرج إلى نزهةٍ قريبة من بلده، شباب يخرجون إلى نزهة قريبة من البلد وهذا أيضاً لا بأس به، ولكن بشرط: ألا يمارسوا شيئاً من المحرمات، وينبغي لهؤلاء أن يتخذوا لهم مسجداً؛ أي: أن يجعلوا لهم مخيماً كبيراً للمسجد ويحسن أن يكون فيه مكتبة للمراجعة والمطالعة حتى تكون هذه النزهة رحلة علم وإخاء ومودة، وليحرصوا على أداء الصلاة في جماعة؛ لأن الجماعة لا تسقط لا عن المقيمين ولا عن المسافرين، إن الجماعة لم تسقط حتى عن المقاتلين، يقول الله عز وجل: وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمْ الصَّلاةَ [النساء:102] أي: في الحرب فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ [النساء:102].

استغلال الإجازة في مساعدة الأب في تجارته

هناك أيضاً صنف يستغل هذه الإجازة بمساعدة أبيه في تجارته أو حراثته أو ما أشبه ذلك، وهذا لا شك أنه خير؛ لأنه من البر بالوالدين، ولكن في هذه الحالة إذا كان الإنسان له أولاد منهم من يساعده في حرثه وتجارته ومنهم من لم يساعده، فهل يجوز أن يفضل الذي يساعده على الآخر بشيء من المال؟

الجواب: إذا كان هذا الذي يساعده يريد بذلك بر والديه وثواب الآخرة فلا حاجة أن يعطيه شيئاً؛ لأن هذا الذي ساعد والده أراد بذلك ثواب الآخرة فليكن له ثواب الآخرة، وأما إذا رأى منه أنه يتطلع إلى أن يعطيه أبوه شيئاً يختص به؛ لأنه يساعد أباه ويعمل معه في الحرث أو في التجارة أو في غيرها، فحينئذٍ يعطيه مثلما يعطي رجلاً من غير أولاده، بمعنى: أنه يفرض له كل شهر كذا، أو يجعل له نصيباً مشاعاً من الربح فيما إذا عمل بالتجارة أو بالزراعة أو ما أشبه ذلك، لماذا؟

لئلا يفضل بعض أولاده على بعض، فإن تفضيل بعض الأولاد على بعض في غير النفقة الواجبة محرم، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم تبرأ من الشهادة عليه حيث نحل بشير بن سعد الأنصاري رضي الله عنه ابنه النعمان بن بشير نحلة -أعطاه عطية- فقالت أم النعمان : لا أرضى حتى تشهد النبي صلى الله عليه وسلم، فذهب بشير إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بأنه نحل ابنه النعمان نحلة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (أكل ولدك أعطيتهم مثل ذلك؟ قال: لا. قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم، أشهد على هذا غيري فإني لا أشهد على جور) فامتنع النبي صلى الله عليه وسلم من الشهادة عليه؛ لأن هذا جورٌ وتبرأ منه، وقال: (أشهد على هذا غيري).

وكان السلف رحمهم الله يعدلون بين أولادهم حتى في التقبيل، فمثلاً: إذا قبل الصبي الذي له خمس سنين أو ست سنين وأخوه عنده قبَّل الثاني، لماذا؟

لئلا يجور حتى في هذه الحالة، وكذلك أيضاً في الكلام يجب أن تسوي بين أولادك بالكلام، لا تتكلم مع هذا بغضب ومع هذا برضا، لا تنظر إلى هذا بوجه عابس والآخر بوجه راضٍ، يجب أن تعدل ما استطعت.

استغلال الإجازة في الذهاب إلى بلاد الكفر والفجور

وصنفٌ من الناس يمضون هذه الإجازة فيما يغضب الله عز وجل، فيكونون من الذي بدلوا نعمة الله كفراً، تجدهم يذهبون إلى خارج البلاد: إلى بلاد الكفر والفجور والدعارة والأخلاق السيئة، هؤلاء خسروا دينهم ودنياهم، أما دينهم فإنه لا شك أن هذه المشاهد التي يشاهدونها سوف تؤثر عليهم تأثيراً بالغاً ولا سيما الصغار، فإن الصغير إذا انطبع في ذهنه شيء لم يكد يخرج منه، وخسروا دنياهم؛ لأنهم يبذلون أموالاً طائلة في مثل هذا السفر: فنادق، سيارات نقل، وغير ذلك من الأموال الباهظة، ثم هم مع ذلك ينمون أموال الكفار؛ لأن الكفار يدخل عليهم فائدة كبيرة من السياح الذين يصلون إلى بلادهم، ولهذا أرى وخذوا عني: أن السفر إلى بلاد الكفار محرم إلا بثلاثة شروط:

الأول: أن يكون عند الإنسان علمٌ يدفع به الشبهات.

والثاني: أن يكون عنده دين يحميه من الشهوات.

والثالث: أن يكون محتاجاً إلى ذلك.

فأما الإنسان الذي ليس عنده علم ويخشى عليه من الشبه التي يسمعها هناك أو يقرؤها فإنه لا يذهب؛ لأنه إذا ذهب زعزع عقيدته وشك بعد الإيمان وتردد بعد اليقين، وهذا دمارٌ للإنسان.

كذلك إذا كان ليس عنده دينٌ قوي بمعنى: أنه يفسد مع الفاسدين وتغريه المناظر فيفسد، هذا أيضاً لا يذهب؛ لأن المحافظة على الدين أولى من المحافظة على البدن.

والثالث: الحاجة إلى هذا، أن يحتاج إلى ذلك إما لعلم لا يوجد له نظير في المملكة، أو ذهب لمرضٍ يتداوى، أو لتجارة لا بد منها، وأما إذا لم يكن له حاجة فلا يذهب، وكم من أناسٍ يذهبون إلى الخارج باسم التمشي والنزهة فتفسد أخلاقهم وتنحل عقائدهم -والعياذ بالله- ويرجعون ممسوخين، ولا شك أن هذا لا يحل للمسلم أن يتعرض له لما فيه من الشر والفساد.

هذا ما يتعلق بأصناف الناس في هذه الإجازة، وإنني أكرر على إخواني: أن يستغلوا هذه الإجازة بما فيه الخير إما في الدين وإما في الدنيا، وأفضل ما تقضى فيه هذه الإجازة هو طلب العلم، قال الإمام أحمد رحمه الله: (العلم لا يعدله شيء).

أسأله الله تعالى أن يرزقنا وإياكم اغتنام الأوقات بما يرضي الله عز وجل.

الأسئلة

حكم الطواف بالبيت بعد العمرة مباشرة

السؤال: ذهبت الصيف الماضي لأداء العمرة أنا وقريبٌ لي، وعندما انتهينا من أداء العمرة ذهبنا فوراً إلى جدة وجلسنا يومين تقريباً، وعندما أردنا السفر إلى أبها لكي نقضي فيها بقية العطلة، مررنا بـمكة فقال لي قريبي: كيف نمر بـمكة ولا نطوف للوداع؟ فقلت له: لقد خرجنا منها بعد العمرة فوراً، والذي يخرج من مكة فوراً بعد العمرة ليس عليه طواف الوداع، والحاصل: أننا طفنا للوداع ثم سافرنا، فهل الصواب مع قريبي أم معي؟ مع العلم أني سأذهب في هذا الصيف إن شاء الله تعالى وسأجلس في جدة ثم أرجع؟

الجواب: الصواب هو مع من قال: إن الإنسان إذا خرج بعد العمرة مباشرة فلا وداع عليه، ودليل ذلك: أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لما اعتمرت بعد الحج خرجت بدون طواف وداع؛ لأن الطواف الذي كان قبل السعي يكفي، ولكن طوافكم بعد مروركم بـمكة لا شك أنه خير تكسبون به أجراً إن شاء الله عز وجل، فمن ناحية الحكم الصواب مع السائل الذي قال: إنه لا وداع علينا، ومن ناحية الأجر والثواب الصواب مع الذي قال: إننا نريد أن نطوف للوداع، لكن في الحقيقة أن هذا ليس طواف وداع بل هو طواف تطوع.

حكم الإسراف في الذبائح لإكرام الضيف والزواج

السؤال: فضيلة الشيخ! بمناسبة عطلة الصيف أحببت أن أعرض مشكلة يقع فيها بعض الناس وهي في المناسبات، وهي أن بعض الناس يريد أن يكرم ضيفه فتجده يذبح ذبيحةً فتكون زائدةً عن الحاجة فيرمي الباقي، فما نصيحتك لهؤلاء، خصوصاً ونحن مقبلون على موسم الزواجات ونحو ذلك؟ فهل من نصيحة لهؤلاء؟ وهل من نصيحة للذي لا يرضى إلا بالذبيحة ولا يرضى بسائر الطعام؟

الجواب: النصيحة لمن أراد إكرام ضيفه في الذبيحة، نقول: إذا كان الضيوف كثيرين يحتملون الذبيحة فلا بأس، هذا خير من كونك تذهب وتشتري لحماً، وأما إذا كان الضيف واحداً أو اثنين لا يحتملون الذبيحة فلا تذبح لهم؛ لأن هذا من الإسراف الذي نهى الله عنه، حيث قال سبحانه وتعالى: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأعراف:31] نعم لو فرضنا أن الرجل الذي نزل ضيفاً بالإنسان رجلٌ كبير له قيمته، فلا بأس أن تذبح له ذبيحة، إذا كنت تجد من ينتفع بها بعد إكرام الضيف كما ذبح الأنصاري ذبيحة للرسول صلى الله عليه وسلم حين نزل به ضيفاً ومعه أبو بكر وعمر ، فأخذ المدية ليذبح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إياك والحلوب) وأذن له في ذبحها، لكن من المعلوم أنه كان في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام لا يرمى اللحم والطعام بل ينتفع به الناس.

أما بالنسبة للضيف الذي لا يرى أن إكرامه إلا بالذبح له فإن نصيحتي له أن يدع عنه هذا الجهل؛ لأن هذا من أعمال الجاهلية، وإكرام الضيف يكون بما جرت به العادة التي ليس فيها إسراف، فأنت لا تشره على الناس أن يكرموك بالذبائح، يكفي إذا لاقاك بوجه طلق وصدر منشرح وأحسن لك الكلام والتحية هذا فيه الكفاية.

حكم الإتيان بأكثر من عمرة بعد الخروج من مكة ثم الرجوع إليها

السؤال: فضيلة الشيخ! ذكرت أنه لا يعتمر الإنسان في سفره أكثر من عمرة، فهل يجوز أن يعتمر بعد رجوعه من أبها وقد اعتمر قبل خروجه إليها كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حين رجوعه من الطائف وهو لم ينشئ سفراً من بلده؟

الجواب: لا بأس إذا كان الإنسان خرج من مكة لحاجة ثم عاد إلى مكة فلا بأس أن يأتي بعمرة، لكن كلامنا في هؤلاء القوم الذين يأتون بالعمرة ويبقون في مكة ثم يخرج إلى التنعيم ويأتي بعمرة، هذا لم يفعله الصحابة ولم يفعله النبي عليه الصلاة والسلام، غاية ما هنالك أنه حصل لـعائشة رضي الله عنها عذر حين جاءت من المدينة وهي محرمة بالعمرة، وفي أثناء الطريق حاضت، فدخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي، فأخبرته أنها حاضت، فقال لها: (افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت) ففعلت وقرنت بين الحج والعمرة، ولما أنهت حجها قالت: [يا رسول الله! يرجع الناس بحج وعمرة وأرجع بحج] فلما ألحت على الرسول عليه الصلاة والسلام أمرها أن تخرج ومعها أخوها عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم وتأتي منه بعمرة، فذهبت إلى التنعيم وأتت منه بعمرة وأخوها عبد الرحمن معها ولم يأخذ عمرة؛ لأن أخذ العمرة من التنعيم لم يكن معروفاً عندهم، فإذا قدر أن امرأة وقع لها مثلما وقع لـعائشة رضي الله عنها ولم تطب نفسها إلا أن تأتي بعمرة مستقلة فلا حرج عليها.

حكم فوات الإحرام من الميقات

السؤال: فضيلة الشيخ! ذهبت لأداء العمرة بالطائرة من القصيم وأعلن المضيف: أن المرور بالميقات سيكون في الساعة الفلانية. فانشغلت عن ذلك حتى مضى الوقت وكان بين إعلانه وبين الوقت خمس دقائق من الموعد المحدد فماذا أفعل؟ علماً بأني عند وصولي إلى مكة ذهبت إلى التنعيم ونويت مرةً أخرى للإحرام بالعمرة ثم أديت العمرة؟

الجواب: الواجب على الإنسان أن يحتاط لدينه، فإذا كان في الطائرة وقال المضيف: إنه بقي عشر دقائق على الميقات فلتحرم من الآن وتحتاط؛ لأنك إذا تقدمت قبل الميقات بخمس دقائق فلا ضرر عليك، لكن لو تأخرت بعد الميقات بدقيقة واحدة فاتك الإحرام من الميقات؛ لأن الطائرة سريعة، هذا هو الذي ينبغي للإنسان.

ينبغي لمن سافر بالطائرة أن يتأهب ويلبس الإزار والرداء وإذا أعلن المضيف بأنه بقي عشر دقائق فلا حرج عليه أن يحرم ولو قبل الوصول إلى الميقات لئلا يقع في مثل هذا الخطأ الذي ذكره السائل.

أما بالنسبة للجواب على سؤاله فنقول: إن الواجب عليك أن تذبح فديةً في مكة وتوزعها على الفقراء، هكذا قال العلماء رحمهم الله: إن من ترك واجباً من واجبات الحج أو العمرة وجب عليه فدية تذبح في مكة وتوزع على الفقراء، فإن كنت تريد أن تذهب إلى العمرة هذا العام، فالأمر واضح، تذبحها أنت بنفسك هناك وتوزعها على الفقراء، وإلا فلا حرج عليك أن توكل أحداً يقوم بالواجب سواءً ممن سافروا من بلدك أو ممن كانوا في مكة.

أما من لم يسمع المضيف ولم يحرم إلا بعد تجاوز الميقات، فعليه الدم لكن ليس عليه إثم؛ لأنه جاهل، ولكن عليه الفدية.

فوارق أحكام الصلاة بين الرجل والمرأة

السؤال: في السجود في الصلاة هل هناك فرق بين المرأة والرجل؟

الجواب: لا فرق بين المرأة والرجل في السجود، ولا فرق بين المرأة والرجل في الركوع، ولا فرق بين المرأة والرجل في الجلوس، الرجال كالنساء إلا أنهن لا يجهرن بالقول، أي: ليس من السنة أن تجهر المرأة في الصلاة ولو في صلاة الليل، وكذلك إذا أخطأ الإمام فإنهن لا يسبحن ولكن يصفقن، لأن التسبيح للرجال والتصفيق للنساء، والأصل: أن الرجال والنساء في أحكام الله تعالى سواء إلا إذا وجد دليل على التفريق، وهذا ضابط وإن شئت فقل قاعدة ينتفع بها المسلم: الأصل أن الرجال والنساء سواءٌ في أحكام الله وشريعة الله إلا إذا وجد دليل صريح يدل على التفريق بين الرجال والنساء، ولذلك من قذف رجلاً محصناً أيجلد ثمانين جلدة؟ نعم يجلد مع أن الآية في النساء: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [النور:4-5] وأجمع العلماء على أن قذف الرجل المحصن كقذف المرأة المحصنة؛ لأن الأصل أن الرجال والنساء في شريعة الله سواء.

حكم زيارة النساء لمقبرة البقيع

السؤال: هل يجوز للنساء زيارة مقبرة البقيع ؟

الجواب: لا يجوز للمرأة أن تزور القبور، بل زيارتها القبور من كبائر الذنوب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم (لعن زائرات القبور) والحديث هذا روي على وجهين: زائرات وزوارات، فالزوارات: اللاتي يكثرن الزيارات، والزائرات: اللاتي يزرن ولو مرةً واحدة، وكلاهما -أي: كلا الحديثين- في الصحة سواء أو على حد قريب بعضهما من بعض، وهما في مرتبة الحسن، والمستدل بالأول زوارات يلزمه أن يستدل بالثاني زائرات؛ لأن إسنادهما متقارب، ومرتبتهما في الحديث متقاربة، وعلى هذا فلا يجوز للمرأة أن تزور البقيع ولا شهداء أحد.

لكن هل تزور قبر النبي عليه الصلاة والسلام وقبري صاحبيه: أبي بكر وعمر أم لا؟

من العلماء من قال: لا بأس أن تزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه؛ لأن زيارتها ليست زيارة حقيقية؛ إذ أنها لا يمكن أن تصل إلى القبر وتقف عليه، فبينها وبين القبر جدر لا يمكن الوصول إلى القبر.

ومن العلماء من قال: ما دام ذهابها إلى القبر يسمى زيارة وهي تعتقده زيارة؛ فإنه لا يجوز لها أن تزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبري صاحبيه.

وهذا أحوط ألا تزور قبر الرسول صلى الله عليه وسلم ولا قبري صاحبيه.

فإن قالت: أنا أود أن أسلم على الرسول؟

قلنا: سلمي عليه وأنتِ في مكانك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن تسليمكم يبلغني أينما كنتم).

حكم تأخير دفع مؤخر الصداق عن الموعد المشروط

السؤال: الزوج يرفض دفع مؤخر الصداق مع أنه ميسور؛ لأنه اتفق مع الولي على أنه إلى أحد الأجلين: الموت أو الطلاق، والزوجة في حاجة شديدة إليه فما الحكم؟

الجواب: الحكم أن الشرط أملك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (المسلمون على شروطهم) وما دام الزوج قد شرط له أن المهر مؤجلٌ في أحد الأجلين: الموت أو الفراق فهو على ما شرط له، واللوم في الحقيقة على المرأة وعلى وليها الذي زوجها، إذ أن الواجب أن المرأة عند العقد رفضت هذا الشرط، والواجب على وليها إذا كان يريد أن يشترط هذا الشرط أن يشاورها أولاً؛ لأن المهر ليس للأب ولا للأخ ولا للعم المهر للمرأة، قال الله تعالى: وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً [النساء:4] فلتصبر ولتحتسب، فإن تيسر للزوج أن يقدم المؤجل فهذا خير بلا شك، وإن لم يتيسر أو تيسر ولكن يقول: لا أوفي بناءً على الشرط. فالأمر إليه.

حكم استئجار من يقوم بالغناء في حفلات زواج النساء

السؤال: ما حكم استئجار من يقوم بالغناء في حفلات زواج النساء؟

الجواب: إذا كان الغناء غناءً مباحاً فلا بأس أن نستأجر امرأة تغني ولكن بشرط: أن تكون الأجرة معقولة مناسبة للعمل، لا كما يفعله بعض الناس، يعطيها على الليلة الواحدة ثلاثة آلاف أو أربعة آلاف، لماذا يا أخي؟!

وأما إذا كان الغناء محرماً كغناء الفاسقات والعاهرات فهذا حرام لا بأجرة ولا بغير أجرة، والفرق أن الغناء المباح عملٌ مباح، وما كان مباحاً جاز أخذ الأجرة عليه، بل ما كان مباحاً جاز أخذ العوض عليه، والغناء المحرم حرام، وإذا حرم الله شيئاً حرم ثمنه.

حكم الإحرام من الميقات بعد انقضاء الحاجة من جدة

السؤال: فضيلة الشيخ! زميلٌ لي يريد أن يذهب إلى جدة مع عائلته وذلك لزواج أحد أقاربه، وعنده نية بعد الزواج أن يعتمر، فهل يجوز له أن يتعدى الميقات ويحرم بعد الزواج من جدة أم ماذا يفعل؟

الجواب: لا يجوز له أن يؤخر الإحرام من الميقات ما دام عازماً على العمرة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في المواقيت: (يهل أهل المدينة من ذي الحليفة ، وأهل اليمن من يلملم ، وأهل نجد من قرن ، وأهل الشام من الجحفة ) فأمر بالإهلال من هذه المواقيت، أما من سافر لحاجة وقال: إن تيسر لي أتيت بالعمرة وإلا فلا، فهذا نقول له: إن تيسر لك أن تأتي بالعمرة، فأحرم من المكان الذي تيسر لك منه، وإن لم يتيسر فلا شيء عليك، ولكن لو سألنا هذا الرجل فقال: إنه قدم إلى جدة لحاجة وهو قد عزم على العمرة، وهو الآن في جدة وانتهت حاجته فماذا يصنع: أيحرم من جدة أم يلزمه أن يذهب إلى الميقات؟

قلنا: يلزمه أن يذهب إلى الميقات ويحرم منه، وإذا ذهب إلى الميقات وأحرم منه سقط عنه الدم.

حكم النذر والوفاء به

السؤال: فضيلة الشيخ: نذرت والدتي أن تذبح بعيراً بعدما نسكن بيتاً يكون ملكاً لنا، والحمد لله قد نزلنا في البيت الذي هو ملك لنا، فما هو البعير أهو الجمل الكبير أم (الحاشي) أم يكون من أي نوع من أنواع الإبل؟ وإذا ذبحت هذا البعير فماذا نصنع به: هل يوزع أم نأكله أو نجعله في البيت أو نجعله عشاءً؟ أرجو التفصيل وفقك الله.

الجواب: قبل أن أجيب على الوفاء بهذا النذر أقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر وقال: (إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل) وقال: (إنه لا يرد قضاءً) وما أكثر الذين ينذرون ولا يوفون، وعدم الوفاء بالنذر إذا كان نذر طاعة له عواقب وخيمة، اسمعوا قول الله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنْ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ [التوبة:75-76] أي: ولم يتصدقوا وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ [التوبة:76] ولم يكونوا من الصالحين فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ [التوبة:77] عاقبة وخيمة جعل الله في قلوبهم نفاقاً إلى الموت؛ لأنهم لم يفوا بالعهد.

وإذا كان النذر منهياً عنه وقد تكون عاقبته وخيمة فإن المؤمن العاقل لا ينذر، إذا كان الله قد أذن لك بالشفاء شفيت بدون نذر، وإذا كان الله لم يأذن لك بالشفاء؛ فإنك لا تشفى ولو نذرت.

كذلك أيضاً إذا كان الله قد يسر لك بيتاً يكون ملكاً لك تسكنه فإنه سيكون بلا نذر، وإذا لم يأذن الله بذلك فلن يكون.

أما بالنسبة للجواب على هذا السؤال: فإن الواجب أن تذبح بعيراً كما نذرت، ثم إن كان في ذهنها ونيتها في ذلك الوقت أنه أي بعير فلتذبح أي بعير ولو (حاشياً) صغيراً، وإن لم يكن في ذهنها شيء، فإنها تذبح بعيراً تصح أن تكون أضحية أي: ثنية لها خمس سنين، وإذا ذبحتها فرقتها على الفقراء؛ لأن هذا شكرٌ لله على تيسيره، إلا إذا كان من نيتها أنها تذبحها لإظهار الفرح والسرور كما يفعله بعض الناس إذا نزل بيتاً جديداً صنع وليمة، فهنا نقول: لا بأس أن تأكل منها وتطعم وتتصدق (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى).

حكم الجمع والقصر للمسافر إذا جد به السير

السؤال: فضيلة الشيخ نرجو توضيح ما ورد في السنة أنهم كانوا يقصرون إذا جد بهم السير، وهل إذا كان قد وقف للراحل ينقطع به السير أو أنه جادٌ في الطريق؟ وما الحكم إذا كان بينه وبين بلده ما يقارب ما سيلحق به الوقت الثاني فهل يقصر ويجمع أم لا؟

الجواب: الصواب أن يقال: يجمعون؛ وذلك أن القصر سنة للمسافر سواء جدَّ به السير أم لا، أما الجمع فهو سنةٌ للمسافر إن جدَّ به السير، أي: إن كان يسير -أي: يمشي- أما إذا كان نازلاً في مكان أو في بلد فإنه لا يجمع، وإن جمع فلا بأس، فصار الآن القصر سنة بكل حال والجمع سنةٌ إن جدَّ به السير، وإلا فالأفضل ألا يجمع وإن جمع فلا بأس.

أما إذا كان قد أقبل إلى بلده ويعرف أنه سيصل إلى بلده قبل دخول وقت الثانية فهل له أن يجمع؟

نقول: نعم له أن يجمع، لكن الأفضل في هذه الحالة ألا يجمع لأنه لا حاجة به إلى الجمع.

حكم الزواج ببنت الأخ من الرضاع

السؤال: فضيلة الشيخ: تزوجت ابنة عمي منذ عشر سنين ورزقت -ولله الحمد- بخمسة أبناء، وقد أخبرتني والدتي بأني قد رضعت من زوجة جدي الثانية غير أم والدي، وقد سألت والدتي عن تلك الرضعات فأخبرتني أنني دائماً أرضع منها أي: من زوجة جدي، وقد فهمت من كلامها بأن والدتي تذهب وتتركني عندها باستمرار وترضعني مع ابنتها باستمرار، فضيلة الشيخ! ماذا أفعل الآن علماً بأنه لم يعلم عن تلك القضية إلا أنا ووالدتي فقط؟

الجواب: هذا لا بد فيه من شيئين:

الشيء الأول: أن تكون المخبرة ثقة في عقلها ودينها، أما إذا كانت كبيرة يخشى أنه قد حصل لها النسيان، فهذا لا عبرة بكلامها، فإذا كانت ثقة يؤخذ بقولها.

الشيء الثاني: أن تشهد بأن هذا رضع خمس مرات فأكثر، فإن قالت: رضع مرة، فلا شيء، مرتين لا شيء، ثلاث مرات لا شيء، أربع مرات لا شيء، إذا قالت: لا أدري أرضع خمس مرات أو أقل؟ فلا شيء أيضاً؛ لحديث عائشة رضي الله عنها: (نسخن بخمس معلومات) فلا بد من العلم فمع الشك لا شيء، فإذا وجد أن المخبرة ثقة وأنها شهدت بأن الرضاع خمس مرات فإن ابنة عمك لا تحل لك؛ لأن بنت عمك قد صارت بنت أخيك من الرضاع، عمه هو ابن جده وهو قد رضع من زوجة جده فيكون هذا الزوج ابناً للجد وأخاً للعم، وتكون بنت العم بنت أخيه وهو عمها، لكن لا بد من التأكد، وإذا تأكدنا فإنه يجب التفريق بينهما؛ لأنه تبين أن النكاح الذي وقع بينهما كان باطلاً بإجماع المسلمين، وإذا تم الرضاع فإنه يبطل هذا العقد.

حكم الرجوع إلى الميقات بعد تعديه للإحرام

السؤال: فضيلة الشيخ من نسي الإحرام أو انشغل عنه في الطائرة حتى تعدى الميقات هل يجوز له الرجوع من البر إلى الميقات ويحرم منه عند ذلك؟

الجواب: يجوز، والقاعدة تقول: إذا تجاوز الإنسان الميقات ولم يحرم منه، فإن أحرم من مكانه الذي دون الميقات لزمه الدم، وإن رجع إلى الميقات وأحرم منه فلا شيء عليه. وبناءً على ذلك: لو فرضنا أنه ركب طائرة من مطار القصيم وهو يريد العمرة ثم نزل في جدة قبل أن يحرم، نقول له: إما أن تذهب إلى ذي الحليفة ميقات أهل المدينة وتحرم منه، وإلا فإن أحرمت من جدة فعليك دم.

حكم الكدرة أو الصفرة بعد انقضاء دم الحيض

السؤال: أنا امرأة أجتهد كثيراً في أمر الطهارة ولكني لا أرى القصة البيضاء غالباً فتكون المدة التي أحيض فيها مدة أسبوعين، وأنا لا أرى الدم إلا مدة سبعة أيام تنقص يوماً أو تزيد يوماً، ثم تخرج مادة بنية اللون أو كدرة، ثم بعد ذلك صفرة، ثم أرى الرطوبة التي تخرج من المرأة في الأيام العادية، وكما ذكرت لا أرى القصة البيضاء في غالب الأمر، أرجو من فضيلتكم الإيضاح في هذا الأمر: متى يكون الاغتسال من الحيض في مثل هذه الحالة، كفاك الله هموم الدنيا والآخرة ووالديك وجميع المسلمين؟

الجواب: دم الحيض إذا انقطع وخلفه صفرة أو كدرة فإنه لا عبرة بذلك، أي: لا عبرة بالكدرة والصفرة بعد انقطاع الدم؛ لأن الله تعالى يقول: وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى [البقرة:222] والأذى هو الدم، وقالت أم عطية : [كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئاً] هكذا رواية البخاري ولـأبي داود : [بعد الطهر شيئاً] لكن يحصل الطهر إذا انقطع الدم.

وعلى هذا فنقول لهذه المرأة: ما دامت ترى الحيض -أي: الدم- سبعة أيام ثم يخلفه كدرة أو صفرة؛ فإنها تغتسل عند انقطاع دم الحيض -أي: عند تمام سبعة أيام- ثم تصلي وتصوم، ويأتيها زوجها إن كان لديها زوج ولو كان عليها صفرة أو كدرة.

مراعاة التنقل للدعوة إلى الله

السؤال: فضيلة الشيخ الحق أن يؤتى إلى العلم وأنتم أهلٌ إلى أن يؤتى إليكم، ولكن يا شيخنا لنا أهلٌ كبارٌ في السن ولنا نساءٌ وبيوتٌ بعيدة عن هذا الجامع العامر، نفوسهم تضعف عن الحضور، وأنتم لكم قدوةٌ بنبينا صلى الله عليه وسلم وسلفنا الصالح في تنقلهم للدعوة إلى الله، وأنتم على هذا -ولله الحمد- سائرون، لكن هذا اللقاء المبارك هل يمكن أن يتنقل من حي إلى حي في الجوامع الكبيرة في البلد بعد نهاية الدروس أي: في وقت الأسئلة؟ نحن نتشرف بذلك، ولا تقل: يا فضيلة الشيخ الشريط يكفي فليس راءٍ كمن سمعا؟

الجواب: هذا السائل احتاط لنفسه، أنا كنت أقول: إني آتي إليكم وأحضر إليكم بالشريط، لكن الرجل احتاط لنفسه، لا شك أنه لا يستوي من سمع ومن رأى، ولكني إذا احتج عليَّ بالشريط أو بهذه الكلمة أحتج إليه بأن العلم يؤتى إليه ولا يذهب إلى العلم، لكن لنا في رسول الله أسوة حسنة؛ فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قالت له إحدى النساء: (يا رسول الله! غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يوماً تأتينا فيه) فواعدهن النبي صلى الله عليه وسلم يوماً وأتى إليهن ووعظهن وذكرهن.

وفي ظني أن البلاد -والحمد لله- متقاربة الآن ويقرب بعضها إلى بعض السيارات، فالأمر سهل إن شاء الله، وأقول: احتسبوا واحضروا إلى العلم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة).

حكم قراءة خطابات الزوجة من غير إذنها

السؤال: فضيلة الشيخ! زوجي يفتح ما يصلني من أهلي من خطابات ويقرأها وأنا أكره ذلك، ويمنع منها ما فيه عزاء وأنا كنت في حاجة إلى ذلك هل يحق له ذلك؟

الجواب: لا يحل للزوج ولا لغير الزوج أن يفتح ظروف الكتب؛ لأن هذا عدوان على أخيه على صاحب الكتاب، الكتب المظرفة لا شك أنها سر، فلا يحل لأحد أن يطلع عليها، وإني أنصح هذا الزوج وأخوفه بالله عز وجل وأقول له: أترضى أن أحداً يفتح مظاريف كتبك؟ أعتقد أنه لا يرضى، وإذا كان هو لا يرضى أن أحداً يفتح مظاريف كتبه فلماذا يبيح لنفسه أن يفتح مظاريف زوجته؟! فأحذره من ذلك وأقول: استحل زوجتك مما مضى وتب إلى الله فيما يستقبل.

وقت الانصراف للمأموم من الصلاة

السؤال: فضيلة الشيخ: (من قال قبل أن ينصرف أو يثني رجليه -كما جاء في الحديث-: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير بعد المغرب والفجر ..) إلى آخر الحديث.

والحديث الآخر الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه كان يلتفت بعد أن يقول: اللهم أنت السلام) هل هذا خاصٌ بالإمام، أم بالإمام والمأموم والمنفرد؟

الجواب: الإمام لا يبقى متوجهاً إلى القبلة إلا بقدر الاستغفار ثلاثاً، (واللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام) فإذا قال الإمام: أستغفر الله .. أستغفر الله .. أستغفر الله (اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام) فلينصرف، وذلك لأن المأمومين مربوطون به، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تسبقوني بالانصراف) وإذا كانوا مربوطين به فلا ينبغي له أن يبقى فيسجن الناس، بل يقول بقدر ما كان النبي صلى الله عليه وسلم ثم ينصرف، هذا هو السنة في حق الإمام.

أما المأموم فإذا انصرف إمامه فله أن ينصرف، وأما ما جاء في الحديث: (قبل أن يثني رجليه) فالمعنى: أنه إذا قال ذلك وهو في مكانه سواءٌ ثنى رجليه اتباعاً للسنة كالإمام أم لا.

العداوة والشحناء .. ورفع أعمال المتخاصمين

السؤال: صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المتخاصمين لا ترفع أعمالهم، فأحياناً تحدث الخصومة بين الناس وتكون هذه الخصومة بسبب سب أو شتم أو كلام جارح من أحدهما فيغضب الآخر ويمتنع عن كلامه ويكون هذا مظلوماً فعلاً بهذا السب أو الشتم، فهل أعمالهم فعلاً لا ترفع إلى الله، أم أن هذا من أحاديث الترهيب أطال الله عمرك ونفع بك؟

الجواب: لا شك أن النزاع والخصومة بين الناس سببٌ لمنع الخير، ودليل ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج ذات ليلةٍ إلى أصحابه في رمضان ليخبرهم بليلة القدر فتلاحى رجلين من الصحابة -أي: تخاصما- فرفعت، أي: رفع العلم بها في تلك السنة.

كذلك أيضاً: الأعمال تعرض على الرب عز وجل كل إثنين وكل خميس إلا رجلين بينهما شحناء وفي قلوبهما شيء من الكراهية والعداوة فإنه يقال: (أنظرا هذين حتى يصطلحا) ولذلك ينبغي للإنسان أن يحاول ألا يكون في قلبه غلٌ على أحدٍ من المسلمين، حتى لو أن النفس الأمارة بالسوء قالت له: إن فلاناً فعل كذا وفعل كذا وقال كذا، يجب أن يمحو ذلك من قلبه وأن يكون قلبه نظيفاً بالنسبة لإخوانه المسلمين.

دور الآباء تجاه أبنائهم في الإجازة

السؤال: ما نصيحتك للآباء نحو أبنائهم في هذه الإجازة في حلق الجماعة والمراكز الصيفية؟

الجواب: نصيحتي للآباء: أن يتقوا الله عز وجل فيما ولاهم الله عليهم من الأبناء والبنات، وأن يراقبوهم مراقبةً شديدة، وأن ينظروا أين ذهبوا وأين رجعوا؛ لأنهم مسئولون عنهم يوم القيامة.

أما بالنسبة للمراكز الصيفية وحلق تحفيظ القرآن فأنا أشير على أولياء الأمور أن يلحقوا أبناءهم بذلك حتى لا يقتلهم الفراغ النفسي والفكري والجسدي، وربما يجرهم هذا الفراغ إلى أمور لا تحمد عقباها.

فنصيحتي لأولياء الأمور: أن يلحقوا أبناءهم إما في جماعة تحفيظ القرآن وإما في المراكز الصيفية.

حكم خروج المؤذن إلى بيته للوضوء بعد الأذان

السؤال: فضيلة الشيخ! أنا مؤذنٌ عندما أنتهي من الأذان أذهب وأتوضأ في البيت هل آثم لأنه عندما يؤذن المؤذن لا يجوز أن يخرج أحدٌ من المسجد؟ وأرجو يا فضيلة الشيخ أن تنبه على المؤذنين من حيث أذان الفجر؛ لأن هناك تفاوتاً بين المؤذنين قد يصل إلى ثمان دقائق.

الجواب: أما بالنسبة للفقرة الأولى من السؤال: فالأفضل للمؤذن ألا يؤذن إلا على طهر؛ وذلك لأن الأذان من ذكر الله عز وجل، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إني أحب ألا أذكر الله إلا على طهر) وقد قال العلماء رحمهم الله: يكره أن يؤذن وعليه جنابة. هذا إذا كان الأذان في غير المسجد، أما في المسجد فلا يجوز أن يؤذن وعليه جنابة إلا بعد الغسل.

وأما إذا أذن بدون وضوء، مثل: أن يقوم من نومه متأخراً فيذهب ويؤذن فوراً، أو يكون منشغلاً فذهب عليه الوقت، ولم يشعر إلا والناس يؤذنون فذهب على عجل وأذن وهو على غير وضوء فأذانه صحيح، ولا حرج عليه إذا انتهى من الأذان أن يخرج من المسجد ويتوضأ؛ لأن خروج الإنسان من المسجد بعد الأذان من أجل الوضوء ثم الرجوع لا بأس به، وإنما جاء الحديث في التحذير من خروج الإنسان بعد الأذان بدون رجعة، وأما إذا كان في نيته أن يرجع ورجع فلا حرج عليه في هذا إطلاقاً.

وأما الفقرة الثانية من السؤال وهي تفاوت ما بين المؤذنين في أذان الفجر فنعم .. الأمر كما قال، قد يكون بعضهم بينه وبين المؤذن الأول نحو ثمان دقائق أو عشر دقائق أيضاً؛ وذلك أن بعض المؤذنين يؤذن على التوقيت الموجود في الأوراق في التقاويم، وأذان الفجر خاصة بالنسبة للتقاويم متقدم خمس دقائق، وعليه فنقول: إذا وجدت التقويم أن الأذان مثلاً: على كذا وكذا فزد خمس دقائق، هذا خاص بأذان الفجر، أما بقية الأوقات فالتقويم لا بأس به، لكن في الفجر متقدم، فمثلاً: إذا كان هذا الرجل أذن على التقويم والآخر تأخر خمس دقائق صار بينهما خمس دقائق، وإذا تأخر دقيقتين أو ثلاثاً صار بينهما ثمان دقائق.

عواقب التفجيرات

السؤال: فضيلة الشيخ! أزعجنا وأزعج كل غيور حادث الانفجار كما نبهتم وفقكم الله في الخطبة وقرار مجلس هيئة كبار العلماء، ولكن أزعجنا أكثر انفجار الصحف ووسائل الإعلام في الهجوم على المتدينين، فما نصيحتك في مثل هذا الأمر وفقك الله تعالى؟

الجواب: أقول: إن الهجوم من أهل الشر والفساد على الملتزمين بهذه المناسبة أمر متوقع؛ لأن مثل هؤلاء ينتهزون الفرص حتى يتكلموا بما يريدون، وهذا من مفاسد هذه الانفجارات، فإن من مفاسدها: أن الناس صاروا ينظرون شزراً إلى كل متدين، مع أننا نعلم أن صاحب الدين الحق لا يمكن أن يفعل مثل هذه الفعلة الشنيعة، وأن الملتزمين حقيقةً يتبرءون من هذا الفعل وينكرونه بقلوبهم وألسنتهم، لكن أهل الشر يستغلون كل موقف يرون لهم فيه مدخلاً فيتكلمون بما يريدون، ولكننا نقول: إن الله تعالى قال في كتابه: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنْ الْيَمِينِ وَعَنْ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق:16-18].

ولكن هناك شيء آخر: وهو أن بعض الجهال من العوام ينهى ابنه عن الالتزام والتدين ويقول: انظر إلى ما فعل الملتزمون والمتدينون، وهذا غلط؛ لأن هؤلاء الذين فعلوا هذه الأفعال لم يملِ عليهم هذا الشيء دينهم، ولو أنهم رجعوا حقيقةً إلى نصوص الكتاب والسنة لعلموا علم اليقين أن هذا الفعل حرام، وأنه ليس ديناً يقرب إلى الله، بل هو عدوان على عباد الله عز وجل، فلا ينبغي للعوام أن يتخذوا من هذا سبيلاً لتحذير أبنائهم من الالتزام المبني على المنهج الصحيح.

حكم قص شعر البنات

السؤال: فضيلة الشيخ! ما حكم قص شعور البنات قصة فرنسية؟ ومتى يبدأ سن التحريم، لأن الناس يقولون عن الطفلة التي عمرها سنتين أو ثلاث: إنها صغيرة؟

الجواب: أخذ المرأة من شعرها فيه خلاف بين العلماء:

- منهم من يقول: إنه حرام.

- ومنهم من يقول: إنه مكروه.

- ومنهم من يقول: إنه جائز.

لكن إذا كان أخذ الشعر على وجه التشبه بالفرنسيين أو غير الفرنسيين من الكفار فهو حرام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من تشبه بقومٍ فهو منهم) قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم : أقل أحوال هذا الحديث التحريم وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم.

كثيرٌ من النساء يقلن: إننا ما أردنا التشبه، فيقال: التشبه إذا حصل لا يشترط له إرادة؛ لأن التشبه هو المظهر، فإذا وجد المظهر الذي يكون كمظهر الكفار حصل التشبه سواءٌ أردت أو لم ترد، هذا ليس عبادة هذا زي، إذا كان عليه الكفار فإنه لا يحل للإنسان أن يتزيا به، وعلى هذا فنقول: إنه لا يجوز للمرأة أن تقص رأسها كقص رءوس الفرنسيات أو غيرهن من الكافرات، وأما القص اليسير للتجمل للزوج بشرط ألا يكون كثيراً بحيث يشبه شعر الرجال فأرجو ألا بأس به.

أحكام عورة المرأة بالنسبة لغيرها

السؤال: ما هو المقدار الجائز للمرأة أن تخرجه عند محارمها بالنسبة للكم هل يجوز إلى نصف العضد، كذلك النحر الذي قبل الثديين، والصدر -أعني: فتحة الصدر- أيجوز أن تخرج منها بداية الثديين، كذلك الفتحات في أسفل الثوب؟ وما هو الجائز خروجه عند النساء من الأشياء السابقة؟ وما حكم التكشف للطبيبة الكافرة أو الممرضة؟

الجواب: هذا سؤال طويل عريض، لكن نقول: إن نساء الصحابة كن يلبسن من الثياب ما يسترهن من الكعب إلى الكف في البيت، أما في الخارج فقد علم حديث أم سلمة رضي الله عنها أنه لما قال النبي عليه الصلاة والسلام في ذيول النساء -أي: أطراف الثياب التي تسحب على الأرض- لما قال: (ترخينه شبراً، قلنا: يا رسول الله! إذاً تنكشف أقدامهن. قال: يرخينه ذراعاً ولا يزدن) وهذا يدل على أن المرأة يجب عليها أن تستر حتى قدميها إذا خرجت إلى السوق.

أما في البيت ومع النساء فالأمر أسهل بلا شك، تخرج المرأة رأسها ووجهها وكفيها وذراعيها ولا حرج، لكن الثياب لا بد أن تكون ضافية، فإذا كان على المرأة ثياب ضافية وأخرجت ذراعيها لعمل من الأعمال وحولها نساء أو محارم فلا بأس، لكن نحن لا نرخص الثياب القصيرة إطلاقاً، وهناك فرق بين أن يخرج الذراع أو أن تخرج الرقبة أو الرأس أو أعلى الصدر أو ما أشبه ذلك وبين أن تكون الثياب مهتكة الأستار خفيفة أو ضيقة أو قصيرة فهذا النوع من الثياب دل الدليل على أنه حرام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (صنفان من أهل النار لم أرهما قط: قومٌ معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساءٌ كاسيات عاريات مميلات مائلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا).

حكم مساعدة الأب لابنه الذي يعمل معه في زواجه

السؤال: فضيلة الشيخ! إذا كان أحد الأبناء يعمل مع والده في الزارعة وباقي الإخوة قد تعلموا، فهل للأب أن يساعد ابنه هذا في زواجه من إنتاج الأرض ومما لديه من ماشية؟

الجواب: إذا كان الرجل له ولد مستغنٍ بنفسه عنده راتب أو عنده تجارة، والآخر ليس عنده شيء، واحتاج الذي ليس عنده شيء إلى زواج؛ وجب على الأب أن يزوجه، ولا يعطي الآخرين مثله إلا إذا احتاجوا إلى الزواج وليس عندهم شيء فليزوجهم كما زوجه، وهنا نعطيكم شيئاً من الضوابط: ما كان من أجل النفقة فالعدل فيه أن يعطي كل واحد ما يحتاج، والنكاح من النفقة.

حكم إعطاء الأب لأولاده الناجحين وترك الراسبين

السؤال: فضيلة الشيخ: إذا نجح الأولاد وأعطى الأب أولاده الناجحين وترك الراسبين فهل يكون هذا خلاف العدل؟

الجواب: هذا ليس خلاف العدل؛ لأن إعطاء الناجحين من باب تشجيعهم على الدروس والتحصيل، وإذا نجح الآخرون يعطيهم، لكن إذا نجح أحدهم في الدور الأول والثاني في الدور الثاني هل تكون الجائزة سواءً؟ لا، مقتضى العدل ألا تكون سواءً؛ لأن الناجح في الدور الأول أسبق من الناجح في الدور الثاني.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , اللقاء الشهري [36] للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

https://audio.islamweb.net