إسلام ويب

إن الله سبحانه وتعالى حرم علينا ما يضرنا في حياتنا ومجتمعاتنا من إباحية وسفور وتحلل، وأحل لنا أمراً مشروعاً به تحفظ الأنساب والأعراض ألا وهو النكاح، ولكن لابد أن نعرف ما يشترط وما يجب وما يصلح في النكاح، وما يترتب عليه من أمور مهمة، حتى يصير نكاح نعمة وشكر لا نكاح نقمة وكفر.

شروط النكاح

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وخليله وأمينه على وحيه، أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق، وجعله خاتم النبيين وإمام المتقين، بل وإمام المرسلين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

هذا اللقاء يتجاذبه أمران، الأمر الأول: الكلام عن الإجازة، وماذا يفعل الإنسان في هذه الإجازة الطويلة الصيفية. والثاني: النكاح.

أما الأول فقد تكلمنا عنه في خطبة الجمعة الماضية وأرجو أن تكون مسموعةً لكثير منكم، ومن لم يسمعها فإنها موجودة -والحمد لله- في الأشرطة، وأما الثاني وهو مهم بل قد يكون أهم وهو النكاح وما يتعلق به.

اعلم أخي المسلم أن النكاح من أخطر العقود وأهمها وأشدها ضرورة وأشدها ضرراً، فالنكاح من سنن المرسلين عليهم الصلاة والسلام، قال الله تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً [الرعد:38].

النكاح استجابة لداعي الفاطر؛ فإن كل إنسان مفطور على ذلك إلا ما ندر، فهو استجابة للفطرة التي خلق الناس عليها، ومن المعلوم أن استجابة الإنسان لما تقتضيه الفطرة من الأمور المطلوبة، يعني: ما تقتضيه فطرتك فإنه من الأمور المطلوبة بل قد يكون واجباً، أرأيتم الأكل والشرب أتستدعيه الفطرة أو لا؟ تستدعيه، ومع ذلك قد يكون واجباً أحياناً، حتى إنه قد يجب عليك أن تأكل الميتة، فإذا خفت الهلاك وجب عليك أن تأكل ما تسد به رمقك ولو من الميتة.

النكاح تستدعيه الفطرة، فالقيام به استجابة لما تستدعيه الفطرة وتقتضيه، ففي النكاح غض البصر، وتحصين الفرج، وتكثير الأمة وتقارب الأمة بعضها إلى بعض، كم من أناس ليس بينهم صلة ويكون النكاح هو سبب الصلة، ولهذا قال الله تعالى: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً [الفرقان:54] فالنسب القرابة، والصهر: التقارب بين الناس بسبب الزواج.

ولهذا أكثر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من التزوج من أجل أن يكون له في كل بطن من قريش صلة، وليس إكثار النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من التزوج من أجل إشباع رغبته، ولذلك لم يتزوج بكراً إلا امرأةً واحدة، وهي عائشة رضي الله عنها، ولو كان تعدد الزوجات للرسول عليه الصلاة والسلام من أجل إشباع الرغبة لتزوج الأبكار، ومن الذي يرده؟ أي إنسان يشير عليه الرسول صلى الله عليه وسلم سيجيبه، لكن يريد أن يكون له في كل بطن من بطون قريش صلة؛ لأن التناكح بين الناس من أسباب التقارب والصلة، حتى إن أقارب زوجتك يكونون بالنسبة لأولادك أخوالاً، أو آباءً وأجداداً، أو أمهات وجدات، لذلك نقول: من مصالح النكاح أن يتقارب الناس بعضهم إلى بعض.

من شروط النكاح: رضا الزوج والزوجة

ولكن هذا النكاح لا بد له من شروط نذكر أهمها:

أهمها: رضا كل من الزوج والزوجة، فلا يصح النكاح إلا برضا الزوجين، لا يصح النكاح مع إجبار أحدهما، فلو أن الرجل أجبر ولده على أن يتزوج بنت عمه الذي هو أخو أبيه وقال: لا بد أن تتزوج فإن لم تفعل فسأقاطعك أو سأحبسك أو سأقتلك، لأنه قد تصل الحال إلى القتل -والعياذ بالله- فإذا تزوج الرجل بهذا الإكراه فنكاحه غير صحيح؛ ولهذا يجب على المسلم أن يراعي هذه الحقيقة، وألا يجبر ابنه على أن يتزوج بنت عمه، بل يجعل الخيار له إن شاء تزوج وإن شاء لم يتزوج.

كذلك لا يجوز إكراه البنت أن تتزوج من لا تريده حتى لو كانت بنته، لو كانت ابنته حرم عليه أن يجبرها أن تتزوج من لا تريد التزوج به، فإن فعل وأجبر ابنته على أن يزوجها من لا تريد التزوج به فالنكاح غير صحيح، هو الآن قد سلط هذا الرجل على أن يزني بابنته -والعياذ بالله- لأن النكاح غير صحيح، فإجباره ابنته على أن تتزوج هذا الرجل يعني إجباره إياها على أن يطأها هذا الرجل بغير موجب شرعي، والمسألة خطيرة!

ضد ذلك من يمنع أن يتزوج ابنه بامرأة، كما يوجد ممن عندهم أنفة وكبرياء؛ فلا يمكن أن يتزوج ابنه بمن دونهم سواء في النسب أو في الغنى أو فيما يقال: خضيري وقبيلي، تجد الولد يريد أن يتزوج بهذه المرأة لأنها أعجبته في جمالها وخلقها ودينها ويقول أبوه: لا، لا تتزوج. هذه ما هي من قبيلة فلان، ليست من قبيلتنا، أو نحن أشراف من ذرية النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهم ليسوا أشرافاً -سبحان الله!- أو يقول: نحن قبايل وأولئك غير قبايل (خضيريين) من قال هذا؟ لا يحل للإنسان أن يمنع ابنه أن يتزوج امرأة يريدها إلا أن تكون كافرة من غير اليهود والنصارى فله أن يمنعها؛ لأن نكاح الكفار حرام إلا اليهود والنصارى فيجوز للمسلم أن يتزوج من نسائهم.

كذلك -أيضاً- من الناس من يمنع ابنته أن يزوجها بخاطب كفء، خاطب مستقيم في دينه وخلقه والبنت تريده ويقول: لا، إما لأغراض شخصية بينه وبين الرجل، أو لأغراض نفسية أو غير ذلك، يمنع ابنته أن يزوجها ممن خطبها وهو كفء وهذا حرام عليه، ويعتبر خيانة للأمانة، قال أهل العلم: ومن تكرر منه ذلك صار فاسقاً من الفاسقين، وسقطت ولايته، وانتقلت الولاية إلى من بعده. هذا كلام العلماء رحمهم الله، كتبهم بين أيدينا، يعني: لو يخطب من الرجل ابنته، تخطب ابنته، والخاطب كفء في دينه وخلقه ويأبى، ويأتي آخر مثله ويأبى، ويأتي ثالث ويأبى قلنا: الآن اجلس في حبسك، لا ولاية لك؛ لأنك الآن فاسق، من يزوجها؟ أقرب الناس إليها، بعد أبيها مثلاً يزوجها أخوها، يزوجها عمها، لكن إذا أبت القرابة أن تزوج إما احتراماً لأبيها، وإما خوفاً من المشاكل فمن يزوجها؟ يزوجها القاضي، ترفع القضية إلى القاضي وهو يزوجها غصباً على أبيها وأخيها وعمها، لأن الحق في النكاح للمرأة، الحق لها.

هذا من أهم الشروط، الرضا من الزوج أو من الزوجة؟ من الاثنين جميعاً، لا بد أن يرضى الزوج والزوجة، فبدون رضا لا يصح.

من شروط النكاح: وجود الولي

من الشروط المهمة: الولي، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (لا نكاح إلا بولي) لو أن امرأة عاقلة رشيدة زوجت نفسها فالنكاح غير صحيح، ولو باعت بيتها فالبيع صحيح، لماذا؟

لأن النكاح عقد خطير، والمرأة قاصرة العقل قد تنظر إلى القريب ولا تنظر للبعيد، ووليها لا شك أنه أبصر منها وأدق منها نظراً فلا بد من ولي، وهم مرتبون: أولهم وأولاهم الأب وإن علا، ثم الابن وإن نزل، ثم الأخ الشقيق وأبناؤه، ثم الأخ لأب وأبناؤه، لكن الأخ لأب مقدم على أبناء الأخ الشقيق، ثم العم الشقيق وأبناؤه، ثم العم لأب وأبناؤه.

الإخوة من الأم هل لهم ولاية في النكاح؟

الأخ من الأم لا ولاية له حتى لو لم يوجد عاصب فالقاضي يزوج ولا يزوج الأخ من الأم، لو كان هناك امرأة ليس لها إلا أخوها من أمها وليس لها عصبة وخطبت من أخيها من أمها فمن يزوجها؟

يزوجها القاضي، والخطبة الآن موجهة إلى من؟ إلى الأخ من الأم لأنه قريب لكن ليس له ولاية النكاح، يزوجها القاضي.

فمن أولياء المرأة في النكاح؟

نقول: أولياؤها العصبة، ولا حق لذي فرض ولا حق لذي رحم في ولاية النكاح، إنما هو للعصبة، وترتيبهم أن يبدأ بالأصول ثم بالفروع ثم بالإخوة وأبنائهم ثم بالأعمام وأبنائهم.

أمور يجب الاهتمام بها في النكاح

من الأمور التي يجب الاهتمام بها في النكاح تيسير المهور

ومما يجب الاهتمام به في باب النكاح الصداق -المهر- فالأفضل أن يخفف بقدر الإمكان، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (أعظم النساء بركة أيسرهن مؤنة) وما مقدار الصداق؟ لو تزوج الإنسان امرأة على درهم واحد لكفى، لكن هل له حد أعلى؟ ليس له حد أعلى؛ لكن كلما كان أقل فهو أفضل وأعظم بركة وأهون.

انظر ماذا يترتب على تخفيف الصداق:

يترتب عليه أنه أفضل، هذه واحدة.

يترتب عليه أنه أيسر للرجال، ولولا غلاء المهور ما بقيت النساء في البيوت الآن، كل امرأة تريد أن تتزوج لكن الحائل والمانع هو كثرة المهر.

قلة المهر فيه تخفيف على الإنسان من جهة أخرى وهي: لو قدر الله عز وجل ألا يكون بين الزوجين وفاق -وهذا واقع، فقد يكون الزواج غير موفق، أليس كذلك؟ إذا كان المهر سهلاً ويسيراً سهل على الزوج أن يطلق زوجته: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ [النساء:130] لكن إذا كان المهر كثيراً لا يمكن أبداً أن يطلقها لأنه خسر عليها، وربما استدان أموالاً كثيرة فيصعب عليه جداً أن يطلقها، فيحصل الشر والبلاء.

كثرة المهر توجب كراهة المرأة لأنه ليس كل أنثى يتزوجها الإنسان تعجبه الإعجاب الكامل، أليس كذلك؟ إذا كانت لم تعجبه الإعجاب الكامل فهو يقدر على الصبر عليها لكن يصبر عليها على مضض، وكلما تفرغ قام يفكر: كيف أخسر هذه الأموال العظيمة على هذه المرأة؟ وهو الآن لا يستطيع أن يطلقها لأن المهر كثير، ثم إذا طلقها متى يجد زوجه فتجده يفكر: كيف أخسر هذا المال الكثير على هذه المرأة فيحصل عدم الألفة! وبهذا يصدق الحديث وهو صادق؛ لكن يكون شاهداً لصدق الحديث: (أعظم النكاح بركة أيسره مؤونة)لذلك ندعو إخواننا المسلمين كل من يسمع كلامنا هذا أن يحرص على تقليل المهر طلباً للأفضل والأيسر، ولئلا تبقى النساء عوانس، ويبقى الرجال لا يتزوجون.

من الأمور التي يجب الاهتمام بها في النكاح

مما يهتم به في باب النكاح: عكس النكاح وهو الطلاق، إذا كان النكاح مرغباً فيه فالطلاق يكون بالعكس، لأن النكاح جمع والطلاق تفريق؛ ولهذا لا ينبغي للإنسان أن يطلق إلا في حال لا يمكن الصبر معها، وإلا فما دام يمكن الصبر فليصبر، يقول الله تبارك وتعالى: فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً [النساء:19] لا تطلق إلا عند الحاجة الملحة، اصبر، قد يقول الإنسان: كيف أصبر على امرأة تعصيني ولا تطيعني؟ نقول: اصبر، وتذكر قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا يفرك مؤمن مؤمنة -يعني: لا يكرهها وينفر منها- إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر) إذا كره خلقاً ينظر إلى الخلق الآخر الذي يرضى به فيقابل بين هذا وهذا ويحصل الرضا.

إن بعض الحمقى من الناس يطلق على أسهل سبب، لو دخل إلى بيته وهو يظن أن المرأة قد صنعت الشاي ولم يجد الشاي قد جهز تجده أحمق: إلى هذا الحين ما جهزت الشاي؟ أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، وهذا واقع يا إخواني، نحن لا نقول عن فراغ، هذا واقع.

كذلك بعض الناس إذا نزل به ضيف وأراد أن يكرمه، يريد الضيف أن يرأف به ويرحمه فيقول: إياك أن تذبح شيئاً، علي الطلاق ما تذبح، سبحان الله! المرأة سهلة حتى تطلقها لأجل أن يذبح لك أو ما يذبح؟!

وأنكى من ذلك أنه إذا قال: علي الطلاق ما تذبح قال الثاني: علي الطلاق لأذبحن فمن تبقى غير المطلقة؟ وكل هذا من الحمق ومن تعدي حدود الله عز وجل، اسمع الله يقول: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ [الطلاق:1] وتأمل يا أخي كيف وجه الخطاب للنبي والمراد الأمة: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ [الطلاق:1] اضبطوها تماماً: وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ [الطلاق:1] إذاً لا تسرع في الطلاق، ولذلك يحرم على الإنسان أن يطلق المرأة التي تحيض وهي حائض أو في طهر جامعها فيه، يحرم عليه ذلك سواء علم أم لم يعلم، مثاله: رجل قال لزوجته: أنت طالق، وهي حائض، نقول: هذا حرام عليك، وقد علم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن ابن عمر رضي الله عنهما طلق زوجته وهي حائض فتغيض عليه الصلاة والسلام وقال لـعمر : (مره فليراجعها، ثم ليتركها حتى تطهر، ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق).

ضوابط عدة المرأة المفارقة

كذلك لو طلقها في طهر جامعها فيه وهي ممن يحيض وليست بحامل فإن الطلاق حرام، لأنه إذا طلق وهو قد جامعها في هذا الطهر لا يدرى فلعلها حملت منه، وحينئذ لا ندري أطلقها لعدة الحيض أو لعدة الحمل.

الطلاق في حال الحمل واقع أو غير واقع؟ والغريب أن بعض العوام يظنون أن الطلاق في الحمل لا يقع، ولا أدري من أين أتاهم هذا، الطلاق في الحمل يقع، حتى لو جامعها الإنسان وهي حامل وطلقها قبل الغسل من الجنابة وقع الطلاق، إذاً طلاق الحامل من أوكد الطلاق وقوعاً، وإذا تم الطلاق فلا بد من عدة، فما هي العدة؟ العدة إذا كان الإنسان قد دخل بزوجته أو خلا بها لمن تحيض ثلاث حيض طالت المدة أم قصرت، فإذا كانت المرأة لا تحيض إلا في الشهرين مرة كم تكون عدتها؟ ستة أشهر، وإذا كانت المرأة ترضع والعادة أن التي ترضع لا يأتيها الحيض إلا إذا فطمت الصبي، وبقيت ترضع هذا الصبي سنتين كم تكون العدة؟ تكون العدة سنتين، وبعد أن يأتيها الحيض تعتد بثلاث حيض.

غالب الناس -مع الأسف الشديد- يظنون أن عدة الطلاق ثلاثة أشهر سواء تحيض أم لا تحيض، هذا غلط، التي عدتها ثلاثة أشهر صنفان من النساء ذكرهما الله عز وجل في سورة الطلاق فقال: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ [الطلاق:4] إذاً صنفان: التي يئست من الحيض إما لكبرها أو أنها أجرت عملية في الرحم انتزع الرحم منها أو غير ذلك، المهم أنها آيسة، هذه عدتها ثلاثة أشهر.

وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ [الطلاق:4] يعني: الصغيرات اللاتي لم يأتهن الحيض عدتهن ثلاثة أشهر، إذاً نقول -وانتبهوا للضوابط-: المرأة المفارقة الحياة إن كان فراقها قبل الدخول والخلوة فلا عدة عليها، مثاله: رجل عقد على امرأة وتأخر الدخول، ثم بدا له أن يطلقها قبل أن يدخل بها وقبل أن يخلو بها فطلقها، أعليها عدة؟ لا، لقول الله تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا [الأحزاب:49] هذه ما عليها عدة.

القسم الثاني: طلقها وهي حامل، فعدتها إلى وضع الحمل طالت المدة أم قصرت لقول الله تعالى: وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:4].

الثالث: امرأة تحيض فعدتها ثلاث حيض طالت المدة أم قصرت.

الرابعة: امرأة طلقها وهي لا تحيض لصغر أو إياس فعدتها ثلاثة أشهر.

أما بالنسبة للمعتدة من الوفاة فإنهن صنفان فقط: حامل وغير حامل، الحامل عدتها وضع الحمل، وغير الحامل عدتها أربعة أشهر وعشرة أيام، تبدأ المدة من موت الزوج حتى لو تأخر دفنه أياماً فإن العدة من حين مات لقوله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً [البقرة:234] وهو يذرها -أي: يتركها- من حين أن يموت.

إذاً المفارقة بالموت صنفان: فإن كانت حاملاً فعدتها وضع الحمل، أو غير حامل فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام.

لو فرض أن الرجل ما دخل عليها ولا خلا بها، تزوج امرأة عقد له عليها، ثم مات قبل أن يدخل عليها، هل تعتد أو لا؟ الجواب: تعتد، هذا غير الطلاق، انظر سبحان الله! الوفاة تعتد وإن لم يدخل عليها، فلو عقد له على امرأة وهو في مكة والمرأة في المدينة ثم مات في أثناء الطريق وجب على امرأته في المدينة أن تعتد لقول الله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً [البقرة:234] فإذا كانت حاملاً ومات عنها زوجها فعدتها وضع الحمل.

رجل توفي وزوجته في حالة طلق الولادة ثم وضعت قبل أن يدفن انتهت عدتها أو لا؟ انتهت عدتها وإحدادها، ما بقي شيء؛ لقول الله تعالى: وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:4] ويدل لذلك أن امرأةً في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهي سبيعة الأسلمية رضي الله عنها؛ مات عنها زوجها ثم ولدت بعده بليال، فدخل عليها رجل يقال له أبو السنابل بن بعكك ورآها متهيئة للخطَّاب، قال لها: ما هذا؟ لا يمكن أن تتزوجي حتى يمضي عليك أربعة أشهر وعشر؟ وهي نفست في ليال، هي رضي الله عنها لما قال لها أبو السنابل هذا الكلام ذهبت إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وأخبرته أنها وضعت، وأن هذا الرجل قال لها: لا يمكن أن تتزوجي إلا بعد أربعة أشهر وعشر. فقال لها: (كذب أبو السنابل ) يعني أخطأ، كذب في لغة الحجازيين في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام بمعنى أخطأ، يعني: أخطأ الرجل (لقد حللت للأزواج) وهي لم تلبث إلا ليالي.

إذاً عدة الوفاة صنفان فقط: إما أن تكون حاملاً فعدتها بوضع الحامل، أو لم تكن حاملاً فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام، ابتداءً من موت زوجها لا من دفنه ولا من علمها بموته، من موته تحسب أربعة أشهر وعشرة أيام.

وبماذا تحسب الأشهر؟ تحسب أربعة أشهر وإن كان الشهر تسعة وعشرين يوماً لأن الله قال: أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً [البقرة:234] فإذا قدر أن الشهر الأول والثاني والثالث ناقصات كم ينقص من الثلاثين؟ ثلاثة أيام، العبرة بالأشهر لا بالأيام لأن الله يقول: وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً [البقرة:234].

والعبرة بالأشهر الهلالية.

ما يترتب على النكاح من نفقة

ثم إن النكاح يترتب عليه نفقات من الزوج على الزوجة، فالواجب على الزوج أن ينفق على زوجته من حين أن يتسلمها، أي: من حين يدخل عليها، وهل ينفق عليها إنفاق غني أو إنفاق فقير أو وسط؟

الجواب: حسب حاله، قال الله عز وجل: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ [الطلاق:7] فلو تزوجت غنية بفقير وقالت له: ائتني بذهب، ائتني بأفخر الثياب، أسكني بأحسن القصور. فهل يلزمه ذلك أو لا يلزمه؟ الجواب: لا يلزمه.

ولو تزوجت فقيرة بغني وقالت: أعطني حلياً، هات لي اللباس. فقال لها: أنت ابنة فقراء، أنت عند أهلك ليس لك اللباس الجميل ولا الحلي وتسكني في حفش بيت. هل يوافق على هذا الكلام؟ لا، نقول: أنت أغناك الله، والله عز وجل قال: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ [الطلاق:7].

إذا لم يقم الزوج بالإنفاق الواجب عليه فهل للمرأة أن تطالبه؟ الجواب: نعم، حقها، فإن قام بالواجب وإلا فلها فسخ النكاح؛ لأن الرجل فرط ولم يقم بالواجب عليه فلها أن تفسخ النكاح.

لو كانت المرأة لا تقوم بحق زوجها، وإن قامت قامت على مضض وكره وتثاقل، فهل له أن يحبس النفقة عنها؟

نعم، أعط وخذ، ولذلك إذا كان الزوج لا ينفق عليها فلها أن تمنعه حتى من الفراش: جَزَاءً وِفَاقاً [النبأ:26] إن قام بحقها وجب أن تقوم بحقه وإن لم يقم بحقها لم يجب، وهي إن قامت بحقه وجب أن يقوم بحقها وإن لم تقم بحقه لم يجب عليه أن يقوم بحقها، حق متبادل.

يوجد بعض الناس -والعياذ بالله- يهين المرأة إلى أبعد الحدود، لا يتكلم معها ولا يلقي لها بالاً، وهي عنده كخادم من أسوأ الخدم، وهذا والله لا يجوز أبداً، ألم تعلموا أن نبيكم محمداً صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يقول: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي).

ألم تعلموا أنه كان يسابق زوجاته يجاريهن في المشي؛ كما سابق عائشة رضي الله عنها؟ كل ذلك من حسن خلقه، وتأمل قوله: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) أي: فتأسوا بي.

فالواجب على الزوجين أن يتعاشرا بالمعروف، يقوم الزوج بحق زوجته والزوجة بحق زوجها حتى تكون الحياة بينهما سعيدة، أما إذا كانا في نزاع وخصام فإن الحياة ستكون جحيماً -والعياذ بالله- وسيؤثر ذلك على أولادهما إن كان لهما أولاد.

ونرجو الله تعالى أن يكون فيما حصل من الذكرى كفاية، ونسأل الله تعالى أن يكثر تزويج بناتنا وأبنائنا، وأن يخفف المهور، وأن يخفف القصور إنه على كل شيء قدير.

الأسئلة

جواز أخذ المال من الآخرين للاستعانة به

السؤال: فضيلة الشيخ.. أنا شاب أعاني من الشهوة فصارت تغلبني مرة وأغلبها مرة، وأخاف على نفسي الوقوع في معاصي تفسد القلب والدين، وأريد الزواج وليس عندي مال، سؤالي يا فضيلة الشيخ: هناك من يعطني مالاً للزواج ولكن نفسي تأبى أن آخذ مالاً من غيري، فأي الأمر أحب إلى الله: آخذ المال، أم أستعف حتى يغنيني الله من فضله؟ أسأل الله أن يحبك كما أحببتك فيه.

الجواب: جزاك الله خيراً، قال الله عز وجل: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً [النور:33] إلى متى؟ حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ [النور:33] ولكن بماذا يغنيهم الله من فضله؟ أتظنون أنه يمطر عليهم من السماء ذهباً وفضة؟ أبداً، بل حتى ييسر الله لهم الغنى بأي سبيل مباح؛ سواء بإرث، أو بهبة، أو بتكسب، أو غير ذلك، لأن الله تعالى لم يبين بأي سبيل يكون الغنى فأقول للأخ: ما دام المال أتاك من غير استشراف نفس ومن غير سؤال فخذه وتزوج به، وأسأل الله أن يبارك له في زواجه، وإذا كان يتزوج قريباً فليدعنا إلى الوليمة إن شاء الله.

تحريم الاختصاء في الشرع

السؤال: فضيلة الشيخ.. سؤالي عن حكم الاختصاء في الحالة الآتية: رجل لم يتيسر له الزواج وهو مبتلى ببعض المعاصي ويخاف على نفسه من ذلك، وكلما وقع في شيء من ذلك تاب منه وأقلع عنه فوراً، وحلف أو نذر ألا يعود مرةً ثانية، ثم لا يلبث أن يقع مرة أخرى، وقد تكرر هذا منه مراراً، ثم إنه عزم على الاختصاء فاستشار بعض طلبة العلم فذكر له أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن ذلك وقال له: إنك إذا تبت توبةً نصوحاً فإن هذه التوبة تجب ما قبلها، حتى لو فرض أنك وقعت في شيء من ذلك من غير إسراف ثم تبت مرة أخرى لم يضرك هذا بإذن الله، وذكر له حديثاً في ذلك، إلا أن هذا الرجل رد عليه بقوله: إن كان الله سيغفر لي ويتجاوز عني؛ فإني أخاف أن ينكشف أمري وأفتضح عند الناس، وهم لن ينسوها لي أبداً، وستكون وصمة عار في وجهي ما بقيت؛ لأجل هذا فهو عازم على الاختصاء درأً لهذه المفسدة وحتى يتفرغ لطاعة الله وطلب العلم، فما توجيهك له في هذا الأمر جزاك الله خير الجزاء؟

الجواب: توجيهي له أن يتقي الله في نفسه، وألا ينفذ ما هم به من الاختصاء؛ لأن ذلك محرم، وإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم) فليصبر وليحتسب.

ثم إننا في الوقت الحاضر يسر الله سبحانه وتعالى من الأدوية ما يكون مخففاً للشهوة، فبإمكانه أن يتصل بطبيب ناصح ثقة ويشكو إليه هذا الأمر على أني -أيضاً- لا أحبذ هذا، وأرجو الله تعالى أن ييسر له النكاح عن قريب حتى يزول عنه ما يجد.

حكم من أراد إعانة صديقه بمال اقترضه

السؤال: فضيلة الشيخ.. رجل تسلف من صندوق إقراض الزواج مبلغاً من المال، لكنه بقي من هذا المبلغ حوالي النصف، وله صديق سوف يتزوج، فهل يعطي ما بقي لصديقه أو يرجعه إلى صندوق الإقراض؟

الجواب: الواجب عليه أن يرده إلى صندوق الإقراض لأنه مدين وقد قدر على الوفاء، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (مطل الغني ظلم) إلا إذا كان الدين الذي لصندوق الإقراض مؤجلاً -أي: مقسطاً- وهو واثق من نفسه أنه إذا جاء وقت التسليم سيجد ما يسلمه، فهنا لا بأس أن يقرض صديقه أو يساعده تبرعاً، وإذا حل أجل الأقساط عليه أن يوفيه، أما إذا كان ليس عنده ما يوفي به ولا يؤمل ذلك فالواجب عليه أن يقضي دينه ولا يعين هذا الرجل؛ لأن إعانة إخوانه سنة، ووفاء الدين واجب.

نصيحة لمن ترك الزواج خوفاً من عدم بر والديه

السؤال: فضيلة الشيخ.. أريد أن أتزوج ولكني أتركه خوفاً من عدم الوفاء ببر والدي، فماذا أفعل؟

الجواب: غلط، أقول: تزوج وربما يكون التزوج سبباً لبر الوالدين، لأنك إذا تزوجت تزوجت بأمر الله، والطاعات يجر بعضها بعضاً، فتزوج وبادر بالزواج، وربما يكون من بر الوالدين أن تتزوج لتخدم المرأة والديك، وإن كان خدمة المرأة لوالديك ليست واجبة؛ لكنها من باب الأخلاق الفاضلة، فقد ييسر الله لها أن تخدم هذين الأبوين.

لا يحق للمرأة المعتدة عن طلاق أن تستعجل عدتها

السؤال: هل يحق للمرأة المطلقة التي تحيض في كل شهرين أن تتناول حبوباً لإنزال الحيض لئلا تطول عدتها؟

الجواب: لا تفعل؛ لأن لزوجها الحق، لأنه ربما مع طول مدة العدة يراجعها، والإنسان إذا راجع زوجته في العدة يراجعها بدون مهر وبدون عقد، فكونها تستعجل الحيض لتنتهي العدة هذا فيه ضرر على الزوج وإسقاط لحقه، فلا تستعمل هذا.

نعم. لو فرض أنه لا رجعة لزوجها عليها كما لو كانت تعتد لآخر طلقة فقد يقال: إنه لا بأس أن تستعجل الحيض من أجل أن تستريح من العدة وتتزوج غير زوجها.

حكم اشتراط تمليك الزوجة الأثاث عند الطلاق

السؤال: يقول السائل: فضيلة الشيخ.. في بعض البلدان لا يتم الزواج إلا بما يسمى بالقائمة، وهي أن يقوم الزوج بكتابة كل ما يحتويه بيت الزوجية من أثاث وغيره ليكون ملكاً للزوجة في حالة الطلاق، وربما يجبر الزوج على كتابة أشياء غير موجودة الآن، فهل هذا يعتبر من الشرع لأنه عرف في تلك البلاد؟ أفدنا جزاك الله خيراً.

الجواب: هذا يرجع إلى العادة والعرف، إذا كان عندهم أن من تمام المهر أن الزوج يسرد جميع ما في بيته ليكون ملكاً للزوجة فعلى حسب العادة، أما إلزامه بذلك بدون أن يكون هناك عرف مطرد فلا يجوز.

وقت انتهاء عدة المرأة التي توفي عنها زوجها

السؤال: امرأة توفي زوجها قبل أربعة أشهر وثمانية أيام، وما بقي عليها إلا يومان من العدة، ولكن لا تعلم يا فضيلة الشيخ متى تخرج من العدة هل في وقت خروج روحه أم متى يكون ذلك؟ آمل توضيح الحكم.

الجواب: إذا تمت أربعة أشهر وأربعة أيام من موته انتهت العدة، لكن إذا كان قد مات في نصف النهار مثلاً فإ نها تكمل إلى الغروب.

وهنا مسألة أحب أن أنبه عليها: أن بعض العوام يقولون: إذا انتهت العدة من الوفاة فإن المرأة تخرج بطعام أو دراهم، وأول من يصادفها تعطيه إياه ولو كان غنياً، هذا غلط، وهذه عادة سيئة وليس لها أصل من الشرع.

لكن معنى انتهاء العدة: أنه إذا تمت خرجت من الإحداد، لأن المرأة في عدة الوفاة يجب عليها الإحداد بأن تتجنب الأمور التالية:

أولاً: تتجنب جميع أنواع الزينة فلا تلبس الحلي، ولا تلبس الثياب الجميلة التي يقال لها إنها متزينة، ولا تتطيب، ولا تكتحل، ولا تخرج من البيت إلا لحاجة في النهار أو لضرورة في الليل، وأما مكالمة الرجال في الهاتف أو عند الباب فهذا لا بأس به.

حكم نداء أم الزوجة بخالة ونداء الزوجة لأبي الزوج بعم

السؤال: ما حكم نداء أم الزوجة من قبل الزوج بخالة، ونداء الزوجة لأبي زوجها بعم، فإذا كانت هذه العبارة ليست بصحيحة فبماذا ينادى كل واحد منهما؟

الجواب: لا بأس أن ينادي الرجل أم زوجته فيقول: يا خالة أو ما أشبه ذلك، لكن لا يعبر عنها بالخالة؛ مثل لو تكلم مع شخص آخر وقال: اليوم زارتني خالتي؛ لأنه إذا تكلم مع شخص آخر وقال: اليوم زارتني خالتي أوهم أن خالته أخت أمه، أما أن يخاطبها ويقول: يا خالة أو تقول الزوجة لأبي الزوج: يا عم، فهذا لا بأس به، وهو من الأدب.

جواز التعدد في الزواج إذا توفرت الشروط

السؤال: أمر مهم كثر في المجتمع وهو: حصول العقم في بعض النساء، ولعل لذلك سبباً خلقياً أو أسباباً منها: استعمال بعض حبوب منع الحمل في أول الزواج. ثانياً: استعمال موانع الحيض. ثالثاً: أمور يكيد بها الأعداء لا نعلم بها. سؤالي يا فضيلة الشيخ: هل للزوج أن يتزوج أخرى لتأخر الذرية لعدة سنوات وهو يحب زوجته، ولكنه يخاف من ظلمها في أمر لا دخل لها فيه، فما توجيهك يا فضيلة الوالد؟ وهل تعلمون علاجاً شرعياً لذلك نفعنا الله بك؟

الجواب: أقول: سبحان الله! في هذا العهد أو في هذا العصر كثر العقم وكثر التشوه -أيضاً- في الأجنة، وذلك لأن بعض النساء -هداهن الله- تستعمل العقاقير لإيقاف الحيض أو لإيقاف الحمل فتعاقب المرأة بهذا، ويعاقب الزوج الذي يأذن لها بهذا، لذلك أشير على إخواني أن يدعوا الأمور على طبيعتها، وإذا كثر النسل فهذه من نعمة الله عز وجل، وهذا هو الذي أراده النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لهذه الأمة حيث قال: (تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة).

أما قوله: هل له أن يتزوج عليها فنقول: نعم تزوج عليها ولو كانت تلد، تزوج ثانية، فإن أردت وصار عندك قدرة مالية وبدنية فتزوج ثالثة، وإن كان عندك قدرة فتزوج رابعة، كلما تعددت الزوجات فهو أفضل إذا كان عند الإنسان قدرة مالية وبدنية، وقدرة عدلية -يعني: يعدل بينهن- أما إذا كان يخاف ألا يعدل أو كان فقيراً أو ليس عنده قدرة فهنا نقول: اقتصر على واحدة.

ليس على المرأة ولاية من أقاربها بالرضاع

السؤل: هل يجوز للأخ من الرضاعة أن يزوج أخته من الرضاعة إذا لم يوجد لها ولي يزوجها أم أن زواجها بيد القاضي؟

الجواب: جميع الصلة بالرضاعة ليس لهم حق أن يزوجوا، الأب من الرضاع لا يزوج، والأخ من الرضاع لا يزوج؛ لأنه ليس بينه وبين المرأة نسب، ونحن نقول: لا يزوج المرأة إلا ذكور عصبتها، هذه القاعدة.

حكم الزواج من أهل الكتاب في عصرنا هذا

السؤال: فضيلة الشيخ.. ذكرت حفظك الله أنه يجوز الزواج من أهل الكتاب، فهل يطلق على اليهود والنصارى في هذا الوقت بأنهم أهل كتاب لما يقومون به من تحريف وتجديد لكتبهم في كل عشر سنوات وانتسابهم لعيسى عليه الصلاة والسلام وهو بريء منهم؟

ثانياً: كيف الجمع بين جواز الزواج من أهل الكتاب والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: (لا يبقى دينان في جزيرة العرب ، أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب ) أرجو توضيح ذلك لي.

الجواب: أقول: من آخر ما نزل في القرآن سورة المائدة، حتى قال العلماء رحمهم الله: إن سورة المائدة ليس فيها شيء منسوخ. وسورة المائدة فيها حل نساء أهل الكتاب فقال الله تعالى: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ [المائدة:5] مع أن السورة نفسها قال الله تعالى فيها: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ [المائدة:73] والنصارى يقولون: إن الله ثالث ثلاثة. واليهود يقولون: عزير ابن الله. وقد أحل الله نساءهم.

أما قوله: (لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب ) فمعلوم أن المرأة تابعة لزوجها، فهي وإن بقيت في جزيرة العرب فهي تبع وليست مستقلة، ولذلك لو تزوج إنسان من جزيرة العرب بامرأة من النصارى في بلادهم وأتى بها إلى الجزيرة فله أن يبقيها وذلك لأنها تعتبر تابعة، حتى إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سمى الزوجات عواني -يعني: أسرى- فقال: (اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم) والعاني: هو الأسير.

حكم جماع المرأة أثناء الحيض أو في دبرها

السؤال: سائلة تقول: فضيلة الشيخ زوجي يجبرني على الجماع في أثناء الحيض، وعندما أبين له حرمة ذلك في القرآن ينهرني بشدة ويقول: إنك بامتناعك هذا تدفعينني للحرام ولا تعفيني. فما توجيهك يا فضيلة الشيخ لهذا الرجل وأمثاله، وأولئك الذين ربما يجبرون زوجاتهم على أن يطئوهن في أدبارهن.

الجواب: أقول: وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ [النور:40] وطأ المرأة في حال الحيض حرام لأن الله تعالى قال: فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ [البقرة:222] وإذا كان الزوج يريد المتعة فليتمتع بدون الوطء، له أن يطأها بين الفخذين مثلاً، أو أن يعجل شهوته بأي سبب لكن لا يطأ في الفرج.

أما الوطء في الدبر فهو أخبث، إذا كان الله تعالى قد نهى عن الوطء في الحيض في محل الوطء وهو الفرج فكيف يدنو الإنسان بنفسه حتى يطأها في محل الخبث (الغائط) -والعياذ بالله- لكن هذه انتكاسة، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: من عرف بهذا -أي: بوطء المرأة في دبرها- فإنه يجب أن يفرق بينهما غصباً عليه، لأن هذا منتهك لحرمات الله ولم يشكر نعمة الله عليه، والأمر -ولله الحمد- واسع، يستطيع الإنسان أن يتمتع بما بين الفخذين ويقضي شهوته بذلك.

أما بالنسبة للمرأة فيجب عليها أن تمتنع إذا طلب أن يجامعها في الحيض أو في الدبر.

حكم إجراء عملية أطفال الأنابيب

السؤال: هل يجوز للزوجين العقيمين استعمال عملية أطفال الأنابيب؟

الجواب: أنا لا أفتي بهذا؛ لكن غيري قد يفتي به، أما أنا فلا أفتي به.

تحريم رفع أصوات النساء بالغناء

السؤال: هل من كلمة يا فضيلة الشيخ إلى أصحاب صالات الأفراح والأعراس فيما يحصل من رفع أصوات الغناء بمكبرات الصوت، ويجلس الرجال يستمعون غناء الفتيات فما رأيكم؟

الجواب: رأيي أن هذا حرام أن تظهر أصوات النساء عند الرجال الذي يجلسون يستمعون إليهن ويتلذذون بأصواتهن. وفيه -أيضاً- إفزاع للجيران، وقلق عليهم، والواجب علينا إزاء هذه النعمة أن نشكر الله عز وجل، وألا نجعل من الفرح سبباً لمعصية الله، ومن المنكرات في هذا أن بعض الأزواج السفهاء يأتون إلى النساء في مجتمعهن ويجلس مع زوجته في مكان مرتفع ويتحدث إليها والنساء أمامه كاشفات الوجوه، وهذا لا شك في تحريمه، وأنه لا يجوز، وإني لأعجب من أهل المرأة كيف يمكنون الزوج من الحضور إلى النساء؟!

أفلا يخشون أن تكون امرأة في النساء أجمل من زوجته؟ وإذا كانت أجمل من زوجته فسوف تنحط رغبته في زوجته بلا شك، يعني: الإنسان إذا رأى امرأة أجمل من زوجته وأبهى وأحسن جسماً فستقل رغبته في الزوجة، وتنقلب سعادته شقاوة، فلذلك أنهى عن هذا وأقول: ليتق الله عباد الله، وليتجنبوا هذه السفاسف، والنكاح ليس شيئاً غريباً لا يحدث في السنة إلا مرة، النكاح -والحمد لله- كل ليلة زواجات، فلا حاجة إلى أن نحتفل به هذا الاحتفال الذي يخرج عن السنة، أما ما وافق السنة من ضرب النساء بالدف بأصوات غير مزعجة ولا مثيرة للشهوة فهذا لا بأس به.

لا يشترط رضا الزوجة في الطلاق

السؤال: أنا رجل أعمل في جهة رسمية يراجعها من يريد توثيق طلاق، فيكلفني المسئول عن تلك الجهة بسماع لفظ المطلقة وشهادة الشهود، ويكتفي بهذا بوقوع الطلاق دون التأكد من حال المرأة حين الطلاق لأن ذلك متعذر، فهل هذا الإجراء سائغ شرعاً أم لا؟ وماذا يجب علي للتأكد من حال المرأة جزاك الله خيراً؟

الجواب: أولاً: هل يشترط حضور المرأة ورضاها بالطلاق؟ لا يشترط، للرجل أن يطلق زوجته ولو كانت غير حاضرة ولو كانت غير معروفة، هو إذا كتب عند القاضي أو عند كاتب العدل أو عند من قلمه معروف أنه طلق زوجته انتهى سواء حضرت أو لم تحضر، وسواء رضيت أم لم ترض، وأما ظن بعض الناس أنه لا يمكن أن يقع الطلاق حتى يواجه زوجته به فهذا ظن لا أصل له، الطلاق يحصل متى أقر الزوج به وأثبته، وحينئذ لا حاجة أن تذهب المرأة إلى المحكمة، ولا حاجة أن تصدق زوجها، ولا شيء.

ولمن أراد أن يكتب وثيقة الطلاق إذا ظن أن هذا الشخص لا يعرف أحكام الطلاق أن يقول له مثلاً: هل الزوجة مدخول بها أو لا؟ إذا قال: نعم. قال: هل جامعتها بعد الحيض؟ إذا قال: نعم. يقول: انتظر حتى يتبين حملها أو تحيض ثم تطهر. إذا قال: هي حائض. قال: انتظر حتى تطهر. هذا لا بأس أن يتحرى منه الكاتب حتى يقع الطلاق طلاق سنة.

خطر السفر إلى البلاد الكافرة والمتحللة

السؤال: بعض الناس في الإجازة يذهب إلى خارج المملكة بحجة أو بغير حجة سواء إلى بلاد عربية متحللة أو غربية كافرة، فإذا نصح بعدم السفر قال: إن هذا من الترفيه المباح، والأسعار عندنا غالية ونحو ذلك. فما واجبي تجاهه إن كان قريباً لي؟ وما نصيحتك له وأمثاله عسى الله أن ينفع بك؟

الجواب: نصيحتي لإخواني المسلمين ألا يبدلوا نعمة الله كفراً، نحن -ولله الحمد- في خير، في أمن، في رغد من العيش، وإذا سمعنا الأخبار والقتال بين الناس، والفقر والخوف وجدنا أننا -ولله الحمد- في نعمة، فكيف نقابل هذه النعمة بكفرها..؟ السفر إلى بلاد الكفر أو إلى بلاد متحللة -كما يقول السائل- خطر على العقيدة، خطر على الأخلاق، خطر على العائلة؛ لأن الإنسان إذا رأى الكفر هناك فإنه لن ينفر منه مثل نفوره لو لم يكن رآه، ومن الأمثال العامية: (كثرة الإمساس يقلل الإحساس) فإذا رأى الكفر، وسمع أصوات النواقيس، وأبواق اليهود خف الكفر في نفسه، وهذا إخلال بالعقيدة.

كذلك يرى هناك بيوت الدعارة والزنا واللواط ويرى شرب الخمر، وهذا يؤثر على أخلاقه.

كذلك العائلة الصغار، الصغير لن ينسى الصورة التي رآها في صغره، سوف تتمثل هذه الصورة في رأسه ولو كبر وتباعد الزمن، فيكون هذا الرجل أساء إلى نفسه وأساء إلى عائلته، ثم هذا فيه تنمية لأموال الكفار وتقوية لاقتصادهم. وفيه -أيضاً- إخلال باقتصاد البلاد؛ لأن الدراهم التي تخرج منا إلى هناك نقصتنا ووفرت الدراهم للبلاد الأخرى.

ثم إن هؤلاء الكفرة يفرحون إذا رأوا الناس اتخذوا بلادهم موئلاً، يفرحون ويخسرون الخسائر الكبيرة لكون الناس يقصدونهم في بلادهم، كل هذه المفاسد العاقل فضلاً عن المؤمن لا يفعلها، فأسأل الله سبحانه وتعالى أن يهدي شعبنا لما فيه خيرنا في ديننا ودنيانا.

حكم لبس الإحرام الذي خيط عليه ربقة

السؤال: فضيلة الشيخ.. سمعنا عنكم جواز لبس الإحرام الذي قد خيط عليه ربقة كالإزرة.

الجواب: صحيح، الإزار جائز سواء كان مربوطاً بتكة -يعني: بالربقة كما يقول السائل- أو مخاطاً أو فيه مخابئ -أيضاً- فيجوز أن يلبس الإنسان إزاراً فيه ربقة وأيضاً مخاطاً كالإزار المعروف، وأما توهم بعض العوام أن كل ما فيه خياطة فهو حرام غلط، وغير صحيح، ولذلك يسألون كثيراً عن الحذاء المخروزة هل يجوز لبسها أم لا لأن فيها خياطاً؟ فيقال: الإزار جائز على أي صفة كان، والقميص حرام على الرجال على أي صفة كان.

تحريم الغش بالتلميح أو الإشارة أو التصريح أو التعريض

السؤال: أنا مدرس وأضطر إلى توزيع الأسئلة وأراقب على الطلاب، وعندي أكثر من حالة: أولاً: إذا قلت لطالب محدد: أعد حل السؤال. فهل هذا يعتبر غشاً؟

ثانياً: إذا قلت للطالب: انظر إلى هذا السؤال هل هو صحيح. لكي ألفت انتباهه لإعادة حل السؤال لأنه أخطأ فيه.

ثالثاً: إذا جعلت الكلام عاماً لجميع الطلاب بدون تحديد. فما حكم الحالات الثلاث؟

الجواب: كل هذا غش، سواء قلت: انظر للجواب، أو انظر للسؤال تعميماً أو تخصيصاً، اللهم إلا إذا كان السؤال غامضاً فالواجب أن يبين للطالب، أما إذا كان السؤال واضحاً فإن الإشارة إلى الجواب تعتبر غشاً.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , اللقاء الشهري [55] للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

https://audio.islamweb.net