اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , فتاوى نور على الدرب (19) للشيخ : عبد العزيز بن باز
أيها السادة المستمعون! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في لقائنا هذا مع أسئلتكم واستفساراتكم.
أيها الإخوة! الأسئلة والاستفسارات التي وردت منكم نعرضها في لقائنا هذا على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مرحباً بفضيلة الشيخ في بداية لقائنا هذا.
====
السؤال: فضيلة الشيخ! هذه الرسالة التي بين يدينا من المرسل فائز سعيد غرمان الشهري، من بني شهر تنومة، قرية آل علبة، يقول في رسالته: نرجو الاستفسار عما يلي:
إذا دخل الرجل المسجد قبل أذان المغرب بشيء قليل، هل يجوز له أن يتسنن ركعتين قبل الأذان أو يجلس حتى يؤذن المؤذن، أم يقف حتى يؤذن المؤذن، فإن بعض الناس يقول: ما يجوز الركوع قبل أذان المغرب، وبعض الناس يقول: لا يجوز الجلوس حتى تصلي ركعتين تحية للمسجد، نرجو الإفادة وفقكم الله؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)، و(رأى رجلاً جلس يوم الجمعة ولم يصل فأمره أن يقوم يصلي ركعتين)، فهذا يدل على تأكد هاتين الركعتين في حق من دخل المسجد.
واختلف العلماء فيمن دخل في أوقات النهي؛ مثل: بعد العصر، أو عند غروب الشمس، أو بعد صلاة الفجر، هل يصلي هاتين الركعتين أم يجلس؟ على قولين للعلماء، أصحهما وأرجحهما: أنه يصليهما، ولو في وقت النهي؛ لأنهما من ذوات الأسباب، ولهذا شرع النبي صلى الله عليه وسلم أداءهما عند دخول المسجد، فإذا دخل المسجد بعد العصر أو بعد الصبح أو عند غروب الشمس فالأفضل أن يصليهما ثم يجلس، هذا هو الأفضل، وإن جلس ولم يصلهما فلا حرج؛ لأنهما سنة نافلة وليست واجبة عند عامة أهل العلم، فهي سنة وليست واجبة، فإن جلس فلا حرج، وإن صلاهما فهو أفضل، عملاً بهذا الحديث الصحيح.
أما أحاديث النهي عن الصلاة بعد العصر وبعد الصبح فهي عامة يستثنى منها تحية المسجد، ويستثنى منها ذوات الأسباب، مثل صلاة الطواف في مكة إذا طاف بعد العصر لا بأس أن يصلي بصلاة الطواف، ومثل صلاة الكسوف لو كسفت الشمس بعد العصر، فالسنة أن يصلي المسلمون صلاة الكسوف بعد العصر؛ لأنها من ذوات الأسباب، فهذا هو الراجح، وإن جلس فلا حرج، ولا ينبغي في مثل هذا التنازع والمخالفة، بل ينبغي في هذا التسامح، فمن صلى فقد أحسن، ومن جلس فلا حرج عليه خروجاً من خلاف العلماء.
الجواب: قد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلماً) يعني: إسلاماً، وفي لفظ آخر: (فأكبرهم سناً)، فالسنة في مثل هذا أن يتقدم من هو أقرأ وأفضل على من دونه، فإذا تقدم المفضول صحت الصلاة وأجزأت إذا كان يقيم الفاتحة ويقيم الصلاة فلا بأس لكنه خالف السنة، فالأفضل والأولى أن يقدموا من هو أفضل منه ومن هو أقرأ منه إذا تفاوتوا تفاوتاً بيناً، فالسنة أن يقدم الأقرأ ثم من ذكر بعده، هذا هو السنة، ولا يقدم المفضول مع وجود الأفضل، هذا هو الأفضل إلا أن يكون إمام الحي إماماً راتباً فلا بأس، أو السلطان فلا بأس.
والحاصل: أنه إذا كان يقيم الفاتحة ويجيدها ولا يلحن فيها لحناً يحيل المعنى فصلاته صحيحة، إذا كان يقيم الصلاة ولا ينقرها نقراً ولا يأتي فيها بما يبطلها فلا بأس، ولكن كونه يقدم في الصلاة من هو أولى حسب ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، هذا هو الذي ينبغي للمسلمين أن يقدموا من قدمه الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن يؤخروا من أخره عليه الصلاة والسلام، هذا هو الذي ينبغي في هذه المسائل.
الجواب: لا أعلم لهذا أصلاً؛ هز الرأس عند الغلطة لا أعرف لهذا أصلاً، ولكنه لا يبطل الصلاة، فهو عبث يسير لا يبطل الصلاة لكن لا ينبغي؛ يكره، العبث اليسير يكره في الصلاة إلا من حاجة، فينبغي لمثل هذا أن يفتح عليه إذا غلط، ينبهه ويفتح عليه، أما هز الرأس فلا حاجة إليه، ولكن يقرأ الآية التي غلط فيها أو ما قبلها أو ما بعدها حتى ينتبه القارئ، ولا حاجة إلى هز الرأس، ولا حاجة إلى أشياء أخرى من الأفعال، بل يكفي في هذا الفتح، يعني: التنبيه بالقراءة حتى ينتبه الإمام فيما غلط فيه.
الجواب: لا حرج في أن يصلي في الظلام إذا عرف القبلة وصار إلى القبلة، فلا حرج أن يصلي في الظلام، ولا يشترط له وجود النور، ولا يجب، بل ذلك جائز، إن صلى في النور أو في الظلام لا بأس، إذا كانت القبلة معروفة ولا يحتاج إلى النور في معرفة القبلة، فلا حاجة إلى النور، المقصود أنه لا يتعلق بهذا شيء، الصلاة صحيحة مطلقاً، سواء كان ذلك في نور أو في ظلمة إذا كان إلى قبلة واستوفت شروطها.
الجواب: الأفضل لمن دخل المسجد وقد شرع المؤذن في الأذان أن يقف حتى يجيب المؤذن ثم يصلي تحية المسجد، هذا هو الأفضل إذا تيسر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول) هكذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام، فالسنة لك يا أيها الداخل أن تقف وأن تجيب المؤذن ثم تصلي ركعتين إذا تيسر ذلك، فإن كان هذا يشق عليك لأن المؤذن يطول، أو لأنك لا تتحمل الوقوف، فابدأ بالركعتين ولا حرج والحمد لله، ثم تجيب المؤذن بعد ذلك إذا أمكنك، إذا أمكنك بأن انتهيت منها والمؤذن لا يزال يؤذن تجيب المؤذن والحمد لله، أما أن تجلس فلا، لا ينبغي لك الجلوس حتى تؤدي الركعتين، إما بعد الفراغ من الأذان حتى تجمع بين المصلحتين والفضيلتين، وإما أن تبدأ بالركعتين وتترك الاستجابة للمؤذن ولا حرج عليك في ذلك، لكن كونك تجمع بين مصلحتين وتتحمل الوقوف حتى تجمع بين إجابة المؤذن وبين صلاة ركعتين، هذا هو الأفضل لك وهو الأحسن إذا تيسر ذلك.
الجواب: الذي تعاطى القطرة حتى وصلت إلى حلقه ينبغي له أن يقضي؛ لأن كثيراً من أهل العلم يرى صومه يبطل بذلك، فإذا وصلت القطرة إلى حلقه فالأولى والأحوط له القضاء خروجاً من خلاف العلماء، وينبغي له تأجيل القطرة في مثل هذا إلى الليل إذا تيسر تأجيل القطرة والاكتحال والدواء إلى الليل، فهو يكون أفضل وأحوط، فإن استعمله في النهار لشدة الحاجة فلا بأس، لكن إن وصل الطعم إلى الحلق أفطر وإلا فلا، صومه صحيح ولا يقضي، أما الذي وصل طعم القطرة إلى حلقه فإنه يقضي ذلك على سبيل الاحتياط والخروج من خلاف العلماء.
أولاً: المضمضة عند الوضوء لصلاة العصر.
ثانياً: الاغتسال بالماء أو بالماء والصابون.
ثالثاً: دهن الشعر أو أي عضو من أعضاء الوضوء أو شم رائحة العطر، نرجو الإفادة عن ذلك؟
الجواب: كل هذه لا تفطر الصائم، المضمضة بعد العصر أو في النهار كلها لا تفطر الصائم ولا تضر الصوم، بل شرع الله المضمضة في الوضوء والغسل فلا تضر الصوم، وهكذا الاغتسال بعد العصر أو في الضحى أو بعد الظهر، كل هذا لا يضر الصائم، وقد اغتسل النبي عليه الصلاة والسلام وهو صائم، وتمضمض وهو صائم، وسأله عمر عن القبلة للصائم؟ فأخبر أنه بمثابة المضمضة؛ لأنه لا تضر الصائم، القبلة وهكذا المضمضة، وهكذا التنظف بالصابون، كله لا يضر الصائم، هكذا دهن الأعضاء، دهن الرأس بالزيت أو بغير الزيت من الأدهان، كل هذا لا يضر الصائم، هكذا شم العطر، شم العطر غير المسحوق مثل أنواع الطيب من العود، من الورد لا بأس به، لكن إذا كان سحيقاً، مثل سحيق المسك فإن هذا يطير في الدماغ فيترك، ينبغي تركه في حق الصائم، هكذا البخور لا يتنشقه الصائم؛ لأن بعض أهل العلم يراه يفطر الصائم، فينبغي ترك تنشق العود البخور، وترك تنشق الطيب الذي هو سحيق مثل سحيق المسك؛ لأنه تطير أجزاؤه إلى الدماغ فيفطر عند بعض أهل العلم، فينبغي تجنب ذلك.
الجواب: السنة في الوضوء مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثاً ثلاثاً، هذا هو الثابت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، توضأ مرة مرة في كل عضو، وتوضأ مرتين مرتين، وتوضأ ثلاثاً ثلاثاً، توضأ في بعض الأعضاء مرتين وبعضها ثلاثاً، هذا كله لا بأس به، أما الزيادة على الثلاث فلا ينبغي، على ثلاث غسلات، لا ينبغي الزيادة على ثلاث غسلات لا في الوجه ولا في اليدين ولا في الرجلين، أما الرأس فيمسح مسحة واحدة، أما الرأس يمسح ولا يغسل، يمسح مسحة واحدة، يبدأ بمقدمه إلى قفاه ثم يرد اليدين إلى المكان الذي بدأ منه، الرجل والمرأة سواء، هذه السنة، لكن المحافظة على الثلاث أفضل، كونه يغسل يديه ثلاثاً ووجهه ثلاثاً ويديه ثلاثاً فهذا هو الكمال، فإن اقتصر على غسلة واحدة أو غسلتين فلا بأس بذلك ولاسيما للتعليم وبيان أن هذا جائز، كل هذا لا بأس به، أو ليعود نفسه الأخذ بالرخصة، كل هذا لا بأس به، أو غسل بعض الأعضاء مرتين وبعضها واحدة، أو بعض الأعضاء مرتين وبعضها ثلاثاً، كل هذا لا حرج فيه والحمد لله، لكن لا تنبغي الزيادة؛ لأنه جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه ذكر الوضوء وغسل ثلاثاً ثلاثاً، قال: (فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم)، فهذا يدل على أنه لا ينبغي أن يزيد على الثلاث أبداً.
الجواب: سجود التلاوة ليس بواجب بل هو سنة، إذا قرأ آيات التلاوة يستحب له السجود، إذا قرأ آخر اقرأ، أو آخر النجم: فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا [النجم:62]، أو آخر سورة الأعراف يسجد، هذا السنة، وهكذا بقية السجدات يكبر ويسجد إذا كان خارج الصلاة، وإذا كان في الصلاة يكبر عند سجوده ويكبر عند رفعه في الصلاة، هذه سنة وليست واجبة، ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه (قرأ عليه زيد بن ثابت سورة النجم فلم يسجد فيها)، فدل ذلك على أن السجود ليس بواجب، وقال عمر رضي الله عنه: إن الله لم يفرض السجود إلا أن نشاء.
الحاصل: أن سجود التلاوة مستحب وسنة وليس بواجب، فمن سجد فله أجر، ومن ترك فلا إثم عليه، والحمد لله.
كذلك لا بأس بالزيادة، التسبيح في الركوع والسجود بل أفضل، أدنى الكمال ثلاث مرات، ولكن إذا زاد على ذلك فسبح أربعاً أو خمساً أو سبعاً كان أفضل وأكثر طمأنينة، فالثلاث أدنى الكمال، والواجب مرة؛ سبحان ربي العظيم في الركوع مرة، سبحان ربي الأعلى في السجود مرة، هذا الواجب مرة واحدة، ولكن كونه يكرر ذلك ثلاثاً هذا هو الأفضل والأحسن وهو أدنى الكمال، فإن زاد على ذلك فسبح أربعاً أو خمساً أو ستاً أو سبعاً كان أكمل وأكمل، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم ما يدل على أنه يعد له عشراً في سجوده وركوعه عليه الصلاة والسلام.
فالحاصل: أن الزيادة على الثلاث لا حرج فيها بل مستحبة؛ لما فيها من مزيد الذكر، ومزيد الطمأنينة في الصلاة، والأفضل للإمام أن يراعي حال المأمومين فلا يطول عليهم تطويلاً يشق عليهم ولا ينقر ولا يعجل، ولكن يكون بين ذلك، والثلاث أدنى الكمال، وإذا زاد عليها فهو أولى حتى يتلاحق الناس في أجزاء الصلاة في ركوعها وسجودها، وحتى يتمكن الثقيل والعاجز من السجود والركوع بسهولة، فالاقتصار على الثلاث فيه تعجيل، والأفضل أن يزيد على الثلاث فيسبح خمساً أو سبعاً حتى يتمكن الناس من الطمأنينة ومتابعة الإمام بسهولة، ويستحب له مع ذلك أن يقول: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي، في الركوع والسجود كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام، كذلك يستحب له أن يدعو في السجود كما جاء في السنة عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم) يعني: فحري أن يستجاب لكم، وقال عليه الصلاة والسلام: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء) فالإكثار من الدعاء في السجود أمر مطلوب، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو في سجوده ويقول: (اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره)، فالدعاء مستحب ومتأكد في السجود من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وترغيبه وحثه عليه الصلاة والسلام.
الجواب: قضاء رمضان واجب، ولكن لا يجب فيه التتابع، إن قضت متتابعة فهو أفضل، وإن فرقت فلا بأس، القضاء واجب والتتابع غير واجب، فإذا قضت رمضان مفرقاً فلا بأس، سواء كان إفطارها في رمضان لمرض أو لحيض أو نفاس، القضاء لا يجب فيه التتابع ولكن يستحب، فإذا فرقت القضاء فلا بأس أو فرقه الرجل لأنه مريض فأفطر في رمضان ثم صام بعد ذلك لا حرج في التفريق، وأما ست من شوال فلا يجب صيامها، بل هي سنة مستحبة، صيام ست من شوال مستحب ولا يجب، فمن تركه فلا بأس ومن صامه له أجر.
المقدم: بقي سؤال من أسئلة المستمعة (م. أ. ع) من اليمن من تعز؛ لأن رسالتها تحمل الكثير من الأسئلة ونرجئ السؤال الأخير للحلقة القادمة إن شاء الله تعالى.
شكراً لسماحة الشيخ، أيها السادة! استعرضنا في حلقتنا هذه أسئلة السادة المستمعين فائز سعيد غرمان الشهري من بني شهر مدينة تنومة، ومحمد عبد الله البكري من الدمام، ومهلهل سهيل المطيري من جدة، وأخيراً المستمعة (م. أ. ع) من اليمن من تعز.
نشكر سماحة الشيخ، كما نشكركم أيها الإخوة لرسائلكم ولاستفساراتكم.
حتى نلتقي إن شاء الله تعالى نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , فتاوى نور على الدرب (19) للشيخ : عبد العزيز بن باز
https://audio.islamweb.net