اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , فتاوى نور على الدرب (28) للشيخ : عبد العزيز بن باز
أيها السادة المستمعون! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ومرحباً بكم في لقائنا هذا الذي نستضيف فيه سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
مرحباً بسماحة الشيخ.
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
====
السؤال: سماحة الشيخ! هذه ورقة توزع في بعض الدوائر الحكومية وفي المنتديات مكتوب فيها: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من تهاون في الصلاة عاقبه الله بخمس عشرة عقوبة، منها في الدنيا ست، وثلاث عند الموت، وثلاث في القبر، وثلاثة التي تصيب يوم القيامة. أما الست التي تصيبه في الدنيا، فهي: ينزع الله البركة من عمره، لا يرفع الله له دعاء إلى السماء، يمسح الله سيما الصالحين من وجهه.. وإلى آخر هذه الست، ثم في الثلاث عند الموت يقول: إنه يموت ذليلاً، إنه يموت خائفاً..
يقول الذي يوزعها: كنت أوزعها وأنا ما أدري عن صحتها من عدمه، أرجو إفادتي، إذا كانت صحيحة هذه الأشياء عن الرسول صلى الله عليه وسلم فهل أستمر في توزيع هذه الورقة؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الورقة التي يوزعها بعض الناس وتحمل هذا الحديث الذي يروى عن النبي عليه الصلاة والسلام في عقوبة تارك الصلاة، بخمس عشرة عقوبة، ست في الحياة.. إلى آخره، هذا الحديث ذكر أهل العلم أنه باطل وموضوع على النبي صلى الله عليه وسلم وليس بصحيح، فلا يجوز توزيعها ولا يجوز تعليقها في الجدران؛ لأن هذا الحديث غير صحيح وليس بثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام، وقد نبه الحافظ ابن حجر رحمه الله في لسان الميزان على أن هذا الحديث باطل، ونبه عليه أيضاً الذهبي رحمه الله في الميزان، وبين أنه باطل، وقد وقع للذهبي -رحمه الله- في الكبائر ذكر هذا الحديث في كتابه المعروف الكبائر، وكان هذا من تساهله رحمه الله، والصواب: أن هذا الحديث باطل ولا يجوز نشره ولا توزيعه بين الناس، بل يجب إتلاف الأوراق التي يكون فيها هذا؛ لأنه مكذوب على النبي عليه الصلاة والسلام، ليس له صحة، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وقبل ذلك أوراق توزع بين الناس، وتكتب بين الناس، منها ورقة يكتبون فيها أن خادم حجرة النبي صلى الله عليه وسلم رأى رؤيا وأن فيها كذا وكذا وكذا وكذا، هذه باطلة ولا صحة لها ولا أساس لها، وقد كتبنا فيها رداً على صاحبها بينا بطلانها، وأن هذا الخادم لا وجود له، وأن هذه الرؤيا لا صحة لها، بل هي باطلة، فينبغي التنبه لهذه الأكاذيب وهذه الأشياء التي يوزعها بعض الناس، وهكذا أوراق يوزعها بعض الناس فيها ذكر آيات وفيها أن من وقعت في يده يكتبها ويوزعها على كذا وكذا، ولا يجوز له تركها، هذه أيضاً باطلة، كلها لا أساس لها، ولا يجوز الأخذ بهذه الأشياء التي لا أساس لها من الصحة.
الجواب: لا. ليس بصحيح، الذي عليه الجنابة يكفيه تيمم واحد، النبي صلى الله عليه وسلم أمر عماراً أن يتيمم تيمماً واحداً للصلاة وهو عليه جنابة، فإذا ضرب التراب بيديه ومسح بهما وجهه وكفيه كفى ذلك عن الجنابة وعن الحدث الأصغر؛ لأن الله قال: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ [المائدة:6] فالتيمم للحدث الأصغر والأكبر تيمم واحد، وكذلك المرأة التي أصابها الحيض أو النفاس ثم طهرت من حيضها ونفاسها، فإنه يكفيها تيمم واحد عن الحيض وعن الحدث الأصغر، وبعدها تصلي، هذا الواجب، ولا يلزم تيممان: واحد عن الحدث الأصغر، والثاني عن الأكبر، لا، لا يلزم هذا، النية تكفي عن الجميع، إذا نوى الجميع كفى بالتيمم الواحد، مثل الغسل.. مثل الماء، إذا نوى الغسل للطهارتين كفى، وإن كان الأفضل في الغسل أنه يتوضأ وضوء الصلاة ثم يغتسل، أما التيمم فيكفي تيمماً واحداً، يضرب التراب بيديه ضربة واحدة ثم يمسح بهما وجهه وكفيه بنية الحدث الأكبر والأصغر جميعاً، ويكفيه ذلك والحمد لله.
الجواب: الوالد له حق كبير، وكونه إذا كان يسرق هذه معصية، والمعاصي لا تمنع الإحسان للوالدين، فإذا كان في قول والدته (إنه يسرق) لا يمنع هذا من التضحية عنه ووفاء الدين الذي عليه، وأنت مأجور في التضحية عنه وفي الإحسان إليه بالصدقة والدعاء ولو كان ينهب بعض الناس؛ لأن هذه من المعاصي، لا تخرجه من دائرة الإسلام، ما دام معروفاً بالاستقامة في المسائل الأخرى يصلي ويوحد الله، ولكن قد يقع منه نهب بعض الأموال، هذا لا يمنع من الضحية له، ولا يمنع من الصدقة عنه بالمال، من النقود ونحو ذلك، ولا يمنع من الدعاء له، كل هذا لا بأس به؛ لأن الميت يدعى له ويتصدق عنه ولو كان فيه فسق، ولو كان عنده معاصي.
أما الكافر فلا، المعروف بالكفر الذي مثل اليهودي والنصراني والوثني، مثل الذي يدعو الأموات ويستغيث بالأموات وينذر لهم، هذا لا يدعى له إذا مات، ولا يضحى عنه ولا يتصدق عنه، وإنما الضحية والصدقة والدعاء للمسلم وإن كان عنده معاص، ينبغي التفطن لهذا.
الجواب: الكافر إذا مات لا بأس أن تقول: (إنا لله وإنا إليه راجعون) الحمد لله، من أقربائك لا بأس، كل الناس إلى الله راجعون، كل الناس ملك لله سبحانه وتعالى، لا بأس بهذا، ولكن لا يدعى له، ما دام كافراً لا يدعى له، ولا يقال: يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي [الفجر:27-28] لأن النفس ما هي مطمئنة، نفس فاجرة، ما يقال لها، وإنما يقال هذا في المؤمن.
فالحاصل أن الكافر إذا مات لا بأس أن تقول: (إنا لله وإنا إليه راجعون) ولا بأس أن يقول لك غيرك: أعظم الله أجرك فيه، وأحسن عزاءك فيه، ما في بأس، قد يكون لك مصلحة في حياته، قد يكون في حياته يحسن إليك، ينفعك، فلا بأس، لكن لا يدعى له ولا يستغفر له، ولا يتصدق عنه إذا مات كافراً.
الجواب: نعم، وإن كانت لا تصلي، الواجب عليك الإحسان إليها، وبرها ومصاحبتها بالمعروف حتى يتوفاها الله، ولكن مع هذا تنصحها كثيراً وتوصيها بالصلاة، وتعلمها أن الصلاة أمرها عظيم وأنها عمود الإسلام، وأن من تركها كفر، لعلها تهتدي، تحسن إليها بالمعروف.. بالكلام الطيب.. بالمواساة.. بالمال، هكذا ينبغي؛ لأن الله جل وعلا أوصى بالوالدين وإن كانا كافرين، أوصى بهما خيراً وإحساناً، والإحسان قد يكون سبباً لهدايتها وقيامها بالصلاة، فعليك بالإحسان إليها والصبر عليها ومخاطبتها بالتي هي أحسن ونصيحتها لعل الله يهديها.
وبعد:
أفيدكم أنني أحد المستمعين لبرنامجكم الغالي الذي حل كثيراً من المشاكل، وأنار الطريق أمام كثير من الناس، أدامه الله وأدام العاملين عليه، وأمدهم بالخير والثواب، هذا وإني قد كتبت لكم هذه الرسالة وضمنتها بعض الأسئلة، راجياً منكم عرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز أثابه الله وسدد خطاه، آمين.
السؤال الأول: هل يجوز للمرأة المتزوجة أن تلبس اللبس الخفيف مثل الشلحة، أو تكشف عن شعر رأسها وهي جالسة مع أبيها أو إخوانها أو عمها، أفيدونا وفقكم الله؟
الجواب: ينبغي للمرأة أن تكون حريصة على صيانة جسمها، وعلى حفظ مفاتنها وصيانتها حتى عن المحارم حذراً من الفتنة، ولكن لا بأس أن يبدو شعرها أو ساعدها أو شيء من ساقها، لا بأس لمحرمها كأبيها وأخيها وعمها ونحو ذلك، لكن كونها تتحفظ وتستر شعرها وساعديها وساقيها عن المحارم من باب الاحتشام، ومن باب الحذر من بعض المحارم الذين قد يخشى منهم الشر؛ لأن المحارم بعضهم فيه فسق وفيه خطر، فإذا احتشمت وسترت نفسها عند محارمها ولم تبدي إلا وجهها وكفيها أو قدميها مثلاً، هذا يكون أحسن وأحوط وأبعد لها عن الخطر؛ لأن بعض المحارم يخشى شرهم لفسقهم وانحرافهم أو كفر بعضهم -ولا حول ولا قوة إلا بالله- ولكن يجوز للمحرم أن ينظر شعرها وساقها -مثلاً- وساعدها، كما ينظر وجهها وكفيها، لكن كونها تحتشم وكونها تستر هذه الأمور ولا تبدي إلا الوجه والكفين، أو القدمين مثلاً، هذا يكون أفضل لها وأحوط؛ حذراً من بعض المحارم الذين ليس عندهم من الإيمان والتقوى ما يحجزهم عن الشر، هذا هو الذي ينبغي، ولا سيما إذا خلا بها محرمها كأخيها وعمها؛ فإن الحشمة في هذا المقام أولى وأفضل وأحوط.
أما الثياب الرقيقة التي لا تستر العورة فلا تلبس الثياب الرقيقة التي تبين أفخاذها أو تبين عورتها أو ضيقة، هذا لا يجوز لها حتى عند المحارم، ما يجوز، يعني تلبس ملابس ساترة، والشلحة وحدها كذلك ما ينبغي أن تفعلها عند المحارم؛ لأن الشلحة تكشف الكثير من جسمها، فلا ينبغي لها ذلك، ولكن تلبس ثياباً ساترة وتبدي وجهها وكفيها، لا بأس مع محارمها.
الجواب: أما الكشف لابن عمها وابن خالها سواء قبل الزواج أو بعد الزواج لا يجوز هذا؛ لأنه ليس محرماً لها ، فلا يجوز للبنت أن تكشف وجهها أو شيئاً من زينتها لابن خالها أو لابن عمها أو لجيرانها أو لأخي زوجها، أو زوج أختها، كل هذا لا يجوز؛ لأنه ليس بمحرم، وهي مأمورة بالحجاب والستر، فليس لها أن تكشف وجهها ولا شيئاً من زينتها لهؤلاء، بل عليها أن تحتجب حجاباً كاملاً عن هؤلاء.
والوجه أعظم الزينة، فليس لها أن تكشف وجهها إلا لمحارمها، أما ابن عمها وابن خالها وزوج أختها وأخو زوجها كلهم أجانب ليسوا محارم لها، فليس لها أن تكشف لهم، ولكن تكلمهم.. ترد عليهم السلام، تكلمهم الكلام العادي، لا حرج في ذلك، لكن من غير خلوة، لا يخلو أحد بها.
الجواب: هذا ربا، إذا أخذ من البنك -مثلاً- عشرة آلاف قرضاً على أن يرده اثني عشر ألفاً، هذا من الربا الصريح، لا شك في ذلك عند جميع أهل العلم، هو ربا لا شك في ذلك، سواء كان من البنك أو من غير البنك، وهذه الفوائد الربوية قد نص أهل العلم على تحريمها، فلا يجوز لأحد أن يتعاطاها لا مع البنك ولا مع غير البنك، أن يقترض شيئاً ليرد أكثر منه، هذا لا يجوز أبداً ولو درهماً واحداً، لكن إذا أخذ قرضاً من دون فائدة ثم رد خيراً منه، تبرعاً منه ومعروفاً منه، فلا بأس لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن خياركم أحسنكم قضاء) فإذا اقترض من زيد عشرة آلاف من دون شرط فائدة معروفاً، ثم لما ردها عليه زاده شيئاً هذا لا بأس، معروفاً من دون شرط، (إن خيار الناس أحسنهم قضاء)، كان النبي عليه الصلاة والسلام يرد أحسن وأفضل إذا اقترض.
المقدم: لكن لو كان فيه التواطؤ -مثلاً- اشترط المقرض قال: تزودني مثلاً أو من هذا القبيل ولم يحدد شيئاً؟
الشيخ: التواطؤ ما يجوز، ولو ما كتب، ما دام فيه التواطؤ لا يجوز، لا تجوز الزيادة، بل يرد مثل ما أخذ سواء، هذا الواجب عليه.
الجواب: إذا قال: عليه الطلاق لزوجته أنها ما تفعل هذا الشيء، فله حالان:
إحداهما: أن يقصد إيقاع الطلاق بها إذا فعلت، فمثل هذا يكون طلقة تحسب عليه، إن كان قبلها طلقتان بانت منه، وإن لم يكن قبلها طلقتان تحسب عليه طلقة، إذا كان قال: عليه الطلاق إن كلمتي فلاناً أو إن لم تفعلي كذا أو إن زورتي فلاناً أو ما أشبه ذلك، وهو يقصد إيقاع الطلاق إذا فعلت، ونيته إيقاع الطلاق عليها، هذا يقع طلقة، أما إذا كان قصده منعها وتخويفها وليس قصده طلاقها وإيقاع الطلاق عليها، إنما قال ذلك ليمنعها من هذا الشيء: عليه الطلاق إن كلمتي فلاناً أو إن دخلت بيت فلان أو ما أشبه ذلك، يقصد منعها وتخويفها وزجرها، ولم يقصد ولم ينو إيقاع الطلاق عليها ولا فراقها، هذا يكون له حكم اليمين، حكمه حكم اليمين في أصح قولي العلماء، وعليه كفارة اليمين وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، والإطعام لكل واحد نصف صاع من التمر أو الرز.. من قوت البلد، نصف صاع يقوم مقامه كيلو ونصف من ذلك، هذا فيه كفارة اليمين في مثل هذا.
المقدم: أحسنتم وأثابكم الله، أيها السادة! إلى هنا نأتي على نهاية لقائنا هذا الذي استعرضا فيه أسئلة السادة: محمد النقية من الرياض، وسليمان محمد التميمي من الرياض أيضاً، ومهدي أبو صالح العايذي من الجمهورية العراقية محافظة واسط، وأخيراً رسالة عواض رده الحارثي من ميسام بلاد بني الحارث.
عرضنا هذه الأسئلة والاستفسارات على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
شكراً لسماحة الشيخ، وشكراً لكم أيها الإخوة! وإلى أن نلتقي بحضراتكم إن شاء الله تعالى نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , فتاوى نور على الدرب (28) للشيخ : عبد العزيز بن باز
https://audio.islamweb.net