إسلام ويب

أمة الإسلام مكلفة بالقراءة، فهي مخاطبة في أول سورة أنزلت على نبيها محمد صلى الله عليه وسلم بأن تقرأ، فهي ضرورية وليست هواية، وللقراءة الصحيحة النافعة ضوابط ووسائل ومجالات لا بد للمسلم من معرفتها؛ حتى تكون قراءته نافعة.

أول أمر نزل به جبريل على محمد هو الأمر بالقراءة

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، إنه من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

أما بعد:

أبدأ هذه المحاضرة بشيء أستغرب له كثيراً، فكثيرًا ما نسمع من يسأل ما هي هوايتك؟

الحقيقة أنك تجد الناس تختلف كثيراً في إجابتها، فأحدهم يقول: أنا هوايتي السباحة، وآخر صيد الأسماك، وثالث السفر، ورابع القراءة، فكل إنسان يخبر عن هوايته، وهذا هو ما أستغرب له.

هل يصح أن يقول إنسان: أنا هوايتي -مثلاً- شرب الماء؟! كل الناس يشربون الماء، فهذه ليست هواية وإنما هي ضرورة.

ولا يصح أن يقال: أنا هوايتي الأكل! لأن كل الناس يجوعون ولا بد لهم أن يأكلوا، وربما تفضّل أكلة عن أكلة، لكن لا بد أن تأكل، أو أن تنام، أو أن تتنفس، ومن غير الممكن أن تعيش من غير هذه الأشياء.

وأنا أيضاً أرى أنه لا يصح أن تعيش من غير قراءة، يجب أن تقرأ ليس كتابًا أو اثنين فقط، يوم في الأسبوع أو شهر في السنة فحسب، بل يجب أن تكون القراءة منهج حياتك.

لا يمر عليك يوم دون أن تقرأ، وليست أي قراءة، لا بد أن تكون قراءة مفيدة، قراءة تبني ولا تهدم، قراءة تصلح ولا تفسد.

القراءة ليست هواية، فمن غير المناسب أن تقول أنا لا أحب القراءة، أو: لست متعوداً على القراءة، أو: أملّ سريعًا من القراءة، فهذا مثل الذي يقول: أنا أملّ من الأكل؛ لذلك فلن آكل! فهذا لا يصح ولا ينفع.

عندما تدرس السيرة النبوية تجد فيها أبعاداً ضخمة عن الظاهر البسيط لها، وعندما تتعمق فيها حينها ستعلم لماذا نقول أن القراءة ليست هواية، فعندما تقف وتتدبر بعمق شديد في موقف النزول الأول لجبريل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ترى أن أول كلمة يقولها جبريل عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم من وسط ملايين الكلمات التي من الممكن أن تقال في ذلك الوقت، يبدأ حديثه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي سيستمر مدة ثلاثة وعشرين سنة متصلة بكلمة واحدة هي: اقرأ!

والغريب أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمّيٌّ لا يقرأ! وأن أول كلمة تتوجَّه للرسول الذي لا يعرف القراءة هي اقرأ! والرسول الذي يتحلّى بآلاف الفضائل الحميدة، والخصال الكريمة كان من الممكن أن يبدأ رب العالمين سبحانه وتعالى بالحديث عن أحد هذه الصفات لكنه يبدأ بكلمة اقرأ! وكأنها تحمل منهج حياة أمة الإسلام، ومفتاح هذا الدين أن تقرأ.

والرسول صلى الله عليه وسلم لا يعرف القراءة, فيردَّ بوضوح على جبريل ويقول: (ما أنا بقارئ). والرسول عليه الصلاة والسلام ظن أن هذه الكلمة كافية لأن يبدأ جبريل عليه السلام في الكلام في موضوع آخر، أو على الأقل يوضح مقصوده من الكلمة.

لكن جبريل عليه السلام ضم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضمة شديدة وقوية حتى بلغ الجهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم, ثم يعيد عليه الأمر المختصر جداً: اقرأ فقط ولم يزد أي كلمة أخرى، والرسول صلى الله عليه وسلم لا يعرف ماذا يقرأ؟ ولا يعرف أصلاً من هذا؟ ولا ماذا يريد؟ ولا كيف جاء إليه في هذا المكان البعيد؟! هو لا يرى أمامه غير شخص واحد يؤكد على معنى معيّن واحد فقط لا ثاني له ولا ثالث وهو اقرأ!

الرسول صلى الله عليه وسلم قال للمرة الثانية: (ما أنا بقارئ). فيعود جبريل عليه السلام لنفس الفعل فيضم رسول صلى الله عليه وسلم ضمة قوية حتى يبلغ منه الجهد، ثم قال له للمرة الثالثة: اقرأ. فقال صلى الله عليه وسلم: (ما أنا بقارئ)، فضمه جبريل عليه السلام للمرة الثالثة ثم أرسله فقال له:

اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ [العلق:1-5].

فقبل أن يخبره أنه ملك مرسل من رب العالمين، وأن هذا قرآن، وأن هذا دين جديد سيبدأ اسمه الإسلام، قبل هذا كله يقول له وبصيغة الأمر: اقرأ!

ألا يحمل ذلك إشارة لأمة الإسلام؟

فهل يُعقل أن تكون أول كلمة في القرآن نزولاً إلى الأرض هي كلمة تتحدث عن هواية قد يحبها البعض، وينفر منها البعض أو يملّ منها البعض الآخر؟! فهذا مستحيل يا إخواني.

كلمات القرآن أكثر من سبعة وسبعين ألف كلمة، ومن بين كل هذه الكلمات الهائلة كانت كلمة اقرأ هي الأولى في النزول.

القرآن فيه آلاف الأوامر: أَقِمِ الصَّلاةَ ، وَآتُوا الزَّكَاةَ ، وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ ، أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ ، تُوبُوا إِلَى اللَّهِ ، أوامر كثيرة جداً ومن بين كل هذه الأوامر نزل الأمر الأول: اقرأ.

وليس هذا فقط بل إن الآيات الخمس الأولى تتكلم عن موضوع القراءة، فكلمة: اقرأ تكررت مرتين في أول خمس آيات في القرآن الكريم: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ [العلق:1-2]، وبعد ذلك يقول: اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ [العلق:3]، ثم يقول: الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ [العلق:4]، ويحدد القلم؛ لكي يتضح أن المقصود هو القراءة للشيء المكتوب بالقلم، وليس مجرد معنى نظري أو كناية عن شيء خفي غير مفهوم.

والقراءة وسيلة، ولهذا فإن الله سبحانه وتعالى لما ذكر الخمس الآيات لم يبدأها بكلمة تعلم ولكن حدد فقال: اقرأ، ووسائل التعلم كثيرة فمنها سماع أو رؤية أو خبرة أو تجربة، والوسيلة العظمى هي القراءة، فمهما تعددت وسائل التعليم، ومهما انتشرت السيديهات أو الأشرطة أو غيرها، ومهما ابتكر في المستقبل ستضل القراءة أهم وسائل التعلم.

ضوابط القراءة الصحيحة

وربنا سبحانه وتعالى يضع لك ضابطين هامين للقراءة في هذه الآيات الخمس الأولى:

يقول تعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ [العلق:1]، فلا بد أن تكون القراءة باسم الله، فلا يجوز أن نقرأ ما يغضب الله عز وجل، أو ما نهى الله عز وجل عن قراءته، إنما القراءة لله عز وجل، وعلى منهج الله عز وجل لنفع الأرض والبشر، لخير الدنيا والآخرة، أما القراءة التافهة أو المنحرفة أو الضالة أو المضلة فهذه ليست القراءة التي أمر الله عز وجل بها.

الضابط الآخر: هو ألا تخرجك هذه القراءة أو هذا العلم المنقول عن التواضع، فلا تكن متكبراً بالعلم الذي علمت، بل اعلم أن الله عز وجل كريم وهو الذي منّ عليك بالتعليم، يقول تعالى: اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ [العلق:3-5]، فهذا المعنى يجب ألا يغيب أبداً عن أذهان القارئين أو المتعلمين مهما وصلوا إلى أعلى درجات العلم في زمانهم، بل يعلموا دائماً أن الله عز وجل هو الذي علمهم، ومنّ عليهم بالعلم، يقول تعالى في كتابه الكريم: وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ [البقرة:282].

إذاً: لا تتكبر بما تعرف على من لا يعرف.

فداء أسارى بدر لأنفسهم بتعليم المسلمين القراءة والكتابة

ومن مواقف السيرة الرائعة والدالة على أهمية القراءة موقف فداء الأسرى في بدر، حيث كان الرسول صلى الله عليه وسلم يطلب من الأسير المشرك أن يفدي نفسه بتعليم عشرة من المسلمين القراءة والكتابة! وبالذات في ذلك الزمن الذي انتشرت فيه الأمية، والأمية لم تكن عيباً في ذلك الزمن، لكن مع ذلك فقد كانت القراءة والكتابة حاجتان أساسيتان لأي أمة تريد النهوض والقيام.

والمسلمون في بدر كانوا يحتاجون إلى الأموال، والاحتفاظ بالأسرى؛ للضغط على قريش، ولتبادل الأسرى إن حدث أن أسر أحد المسلمين، ومع ذلك فإن الرسول صلى الله عليه وسلم صنع ما هو أهم من كل ذلك، وهو أن يعلّم المسلمين القراءة.

والصحابي الذي كان يستطيع أن يقرأ في زمان الرسول صلى الله عليه وسلم كان يُقدَّم دائماً على غيره، فـزيد بن ثابت رضي الله عنه وأرضاه قُدم على كثير من الصحابة، وصار ملاصقاً لرسول صلى الله عليه وسلم ملاصقة شبه دائمة؛ لأنه يُتقن القراءة والكتابة، حتى صار كاتبًا للوحي والرسائل، ومترجماً للسريانية والعبرية، كل ذلك وعمره ثلاث عشرة سنة، أي: كأول إعدادي أو ثاني إعدادي في زمننا الآن.

وأبو هريرة رضي الله عنه وأرضاه، كان أكثر صحابي حفظ أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد روى أكثر من خمسة آلاف حديث، فقد قال عن نفسه كما جاء في البخاري : ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحد أكثر حديثاً عنه مني، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب، فهو يستثني واحداً ممن روى سنة النبي صلى الله عليه وسلم وهو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما؛ لأنه يقرأ ويكتب.

قيمة القراءة في الميزان الإسلامي

لهذه المواقف ولغيرها غُرس حب القراءة فعلاً في قلوب المسلمين، ولم يكن هذا فقط في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم أو في عهد الصحابة بل في مراحل التاريخ الإسلامي كله، فالمكتبات الإسلامية في التاريخ الإسلامي كانت من أعظم مكتبات العالم، وليس هذا لمدة سنين قليلة بل لمدة قرون طويلة، فعلى سبيل المثال: مكتبة بغداد وقرطبة وإشبيلية وغرناطة وفاس والقيروان والقاهرة ودمشق وصنعاء وطرابلس والمدينة ومكة والقدس وغيرها، فهذا تاريخ طويل من الثقافة والحضارة والعلم.

هذه هي قيمة القراءة في الميزان الإسلامي والتاريخ الإسلامي.

ومع كل هذا التاريخ وكل هذه القيمة إلا أنه وللأسف الشديد فإن أمة الإسلام الآن تعاني من أمية شديدة! وانتكاسة حقيقية في الأمة التي أول كلمة من دستورها: اقرأ.

فإن نسبة الأمية التامة في العالم الإسلامي 37% لا يعرفون القراءة أصلاً، فضلاً أن يقرءوا أشياء ويتركوا أشياء، فالعالم الإسلامي يُنفق على التعليم أقل من 4% من الناتج القومي الإجمالي، وهذه نسبة قليلة جداً بالقياسات العالمية، فالموضوع ليس في بؤرة الاهتمام عند المسلمين، وهذه مشكلة خطيرة جداً وتحتاج إلى وقفة.

وهنالك درجات من الأمية موجودة عند أناس يعرفون القراءة والكتابة، وقد يكونون أنهوا دراساتهم الجامعية، وأحياناً معهم دكتوراه وعندهم أمية، فهم لا يعرفون أشياء مهمة جداً عن أشياء كثيرة يحتاجونها في حياتهم.

هناك أناس عندهم أمية دينية وقد يكون أستاذاً في الجامعة، أو دكتوراً كبيراً، أو محامياً كبيراً وهو لا يعلم الأساسيات التي يقوم عليها دينه.

وهذا أستاذ في الجامعة بلغ الخامسة والأربعين سنة أو أكثر من ذلك لا يعلم ماذا يقرأ في التشهد في الصلاة!

وهذه أستاذة أخرى تصلي في المنزل جماعة مع زوجها، يؤم بها مرة وتؤم به مرة فهي لا تفهم شيئاً وهو لا يفهم شيئاً، فهذه الأخطاء تحدث في الصلاة التي هي عماد الدين فما بالك في الأمور الأخرى! فهذه أمية فاضحة.

وأقيمت مسابقة بين شباب الجامعة وكان أحد الأسئلة فيها عن ترتيب الخلفاء الراشدين الأربعة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ، فلم يستطع أحد منهم أن يجيب عن هذا السؤال.

وهنالك أناس لديهم أمية سياسية؛ فهم لا يعرفون ماذا يحدث من حولهم؟ لا يعرفون ما يحدث في فلسطين أو العراق، أو أمريكا أو أوروبا، بل إنهم لا يعرفون ما يحدث في بلادهم.

وهنالك أناس لديهم أمية في القانون، فلا يعلمون ما هي الحقوق التي لهم والواجبات التي عليهم.

وعلى ذلك فقس كل العلوم.

فالناس لا يقرءون القراءة التي تكفل لهم حياة سليمة، فضلاً عن تحصيل العلم, والقراءة المتخصصة، والثقافة العالية، فهذه أحلام عند أناس آخرين.

فهذه ردة حضارية خطيرة، نحن كنا أين؟ ووصلنا إلى ماذا الآن؟ سبحان الله!

إن مفتاح قيام هذه الأمة هو كلمة: اقرأ، ولا يمكن أن تقوم الأمة من غير قراءة، ولهذا قال أحد المسئولين اليهود: نحن لا نخشى أمة العرب؛ لأن أمة العرب أمة لا تقرأ، وصدق اليهودي وهو كذوب؛ فالأمة التي لا تقرأ أمة غير مهابة وغير مرهوبة، فهذا أمر لا بد أن نضعه في أذهاننا.

وأحياناً تجد مشكلة أخرى، فقد تجد بعض الشباب يقضون وقتًا طويلاً في القراءة، منهم من صرف عمره في قراءة عشرات الصفحات من أخبار الرياضة، ومنهم من صرف عمره في قراءة أخبار الفن، ومنهم من صرفت عمرها في قراءة القصص العاطفية والروايات الغرامية والألغاز البوليسية، فهم بالفعل يقرءون حروفاً كثيرة جداً وكلمات كثيرة جداً، وصفحات وكتب ومجلدات لكن بدون أي فائدة، وتمر الساعات والأيام والشهور والسنين والفائدة لا شيء!

فالأمر في غاية الخطورة؛ والقراءة في غاية الأهمية، والمادة التي تقرأها في غاية الأهمية.

إذاً: لدينا مشكلتان رئيسيتان:

المشكلة الأولى: إن هناك أناس لم يتعودوا على القراءة، ويملّون من القراءة، وكلما تعلو همتهم يعودوا من جديد إلى الكسل، وهؤلاء في حاجة إلى أن نخبرهم عن وسائل تعينهم على القراءة وعلى الاستمرار فيها.

والمشكلة الثانية: إن هناك أناس يقرءون فعلاً، ولا يملون من القراءة، ينفقون فيها وقتاً طويلاً، ولكنهم يقرءون بلا هدف، ولا يعرفون ماذا يقرءون لتصبح قراءتهم نافعة؟! وهؤلاء في حاجة إلى أن نخبرهم ماذا يجب أن يقرءوا؟

الوسائل المعينة على القراءة النافعة

والوسائل المعينة على القراءة عشر وسائل:

استحضار النية

الوسيلة الأولى وهي أهم الوسائل على الإطلاق: استحضار النية وتحديد الهدف.

فالناس لا يقرءون وعندهم مشكلة في القراءة؛ لأنهم لا يعرفون لماذا يقرءون؟

لو عندك امتحان في كتاب معيّن فستقرؤه، أو عندك وظيفة تحتاج إلى معلومات معيّنة ستذهب وتقرؤها، فالنية هي التي تحدد قدر الثواب الذي ستحصل عليه، فقد تعمل عملاً معيناً تأخذ عليه عشر حسنات، وقد تعمل نفس العمل بنية أفضل وأكثر تأخذ مائة حسنة أو ألف حسنة، وقد تعمل نفس العمل ويحبط تماماً إذا لم تكن النية سليمة.

فأنا أقرأ؛ لأن الله عز وجل أمرني بالقراءة، قال لي وقال لكل المسلمين بصيغة الأمر المباشر وبمنتهى الوضوح: (( اقْرَأْ ))؛ ولذلك فأنا أطيع الله عز وجل وأقرأ، بهذا سيتحول كل حرف تقرؤه إلى حسنات.

وأنا أقرأ؛ لأنفع نفسي في الدنيا والآخرة؛ فلا فلاح في الدنيا والآخرة بغير العلم.

وأنا أقرأ؛ لأنفع من حولي: أولادي وأمي وأبي وإخواني وأخواتي وأقاربي وأصحابي, ومن أعرف, ومن لا أعرف، فأصبح كحامل المسك لا يجاوره أحد إلا وشم من طيبه ورائحته.

وأنا أقرأ؛ لأنفع أمتي؛ لأن أمة لا تقرأ أمة غير مرهوبة، ومتخلفة عن الركب، ومتبعة لغيرها، لذلك أنا أقرأ لأجعل أمتي في مقدمة الأمم.

فارضاء رب العالمين بقراءتك، ونفعك لنفسك، ولأمتك ولمن تحب من الدوافع العظيمة التي ستُشعل حماستك للقراءة.

فطالما أن هذه النية في ذهنك فلن تغيب عنك الضوابط التي ذُكرت في صدر سورة العلق؛ فأنت تقرأ باسم الله فلا بد أن تكون قراءتك على هذا المستوى، وأنت لا تتكبر بقراءتك وعلمك؛ لأنك تعلم أن الله عز وجل هو الذي منّ عليك بهذا الفضل.

فلو حرصت على استحضار النية وتحديد الهدف ستكسب في كل قراءة أشياء في غاية الأهمية:

أولاً: ستحصل على الأجر والثواب، كلما تقرأ علماً نافعاً فإنه سيكون لك بكل حرف تقرؤه حسنة والحسنة بعشر أمثالها، ويزيد الله لمن يشاء، وستكسب ترسيخ المعلومة في ذهنك؛ لأن لها هدف معروف وهدف نبيل، وستستمتع استمتاعاً حقيقياً بكل ما تقرأ، وهذا ينطبق على العلوم الشرعية وغيرها، سيستمتع قارئ السياسة بما يقرأ، وقارئ الاقتصاد بما يقرأ، وقارئ التاريخ بما يقرأ.

بل سيستمتع كل طالب بالمذاكرة التي يذاكرها، وستختفي معظم مشاكل الآباء والمدرسين مع الأبناء والطلاب، فالآباء والمدرسون يوجبون على الطلاب المذاكرة دون توجيه النوايا وتحديد الأهداف فتضيع الساعات والأيام والشهور والسنوات ويخرج الطالب بعد دراسة ستة عشر أو سبعة عشر سنة أقرب إلى الأمية منه إلى العلم! فضياع الهدف كارثة حقيقية.

إن علماء الإدارة يضعون أول شيء يجب أن تعمله لأي مشروع في حياتك هو تحديد الهدف بوضوح، فهو أهم وسيلة في المحافظة على القراءة.

وضع خطة للقراءة وتجنب العشوائية

الوسيلة الثانية: هي وضع خطة للقراءة.

لا داعي للقراءة العشوائية، ضع خطة واضحة للقراءة، ولكي تضع خطة صحيحة لا بد أن تكون على علم بإمكانياتك جيداً، وبالوقت المتاح للقراءة، والكتب المتاحة لديك، وقدرتك على الاستيعاب، والهدف من القراءة.

بعد معرفة كل هذه العناصر ضع خطة واضحة: فمثلاً: سأقر الكتب الخمسة في خلال الأشهر الستة القادمة، أو الكتب العشرين خلال السنة القادمة أو السنتين القادمتين، فضع الخطة التي تناسبك، واقرأ الكتاب أولاً بأول، وحاول ألا تغيّر كثيراً في الخطة التي وضعتها لنفسك إلا عند حدوث طوارئ خاصة حقيقية، اتعب أولاً في وضع الخطة وبعد ذلك التزم بها، والزم الوسط في وضع خطتك، ولا داعي للتفاؤل الكبير جداً فتضع عشرات الكتب في وقت قليل ثم تفشل في الإنجاز فتحبط، أو تضع كتباً قليلة فيضيع عليك الوقت، كن متوسطاً في خطتك.

وليكن لك وقفة كل عدة أشهر مع نفسك للمتابعة والتقييم: هل كنتُ واقعياً في خطتي أم أن هناك أخطاءً؟ وإذا لم تحقق الإنجاز المطلوب هل هذا لأن الخطة ليست سليمة أو لأنه قد ظهرت معوقات تمنع من استمرار السير في الخطة بخطى سليمة؟ فكر وانظر وادرس الوضع الذي كنت فيه، وحاول تعديل خطتك حسب وضعك الذي أنت تستطيع أن تستوعب فيه الخطة الكاملة.

تحديد وقت ثابت واستغلال أوقات الفراغ للقراءة

الوسيلة الثالثة: تحديد وقت ثابت للقراءة واستغلال الفراغات البينية، وهذا يعني ألا تنتظر إلى آخر اليوم لكي تقرأ الذي كان يجب أن تقرأه في أول النهار، ليكن لك وقت معروف ومحدد قدر ما تستطيع تقرأ فيه، حاول أن يكون ذهنك نشيطاً في هذا الوقت، وتكون فيه مستريحاً حتى تستطيع التركيز وتخرج بنتيجة، وليس مجرد تأدية واجب.

ليكن وقت القراءة -مثلاً- بعد صلاة الفجر إلى الشروق، أو قبل المغرب بساعة، أو بين المغرب والعشاء، أو بعد العشاء مباشرة أي: حسب ظروفك، حدّد وقتاً معيّناً، وغيّر الوقت حسب الظروف التي تناسبك في حياتك بحيث لا يكون هذا التغيير متكرر وكثير.

استغل الفراغات البينية في حياتك، وهي الفراغات التي بين الأعمال، إذ أنه عادةً ما يكون هناك فراغ وقتي، حاول أن تستغله في القراءة، فمثلاً: في المواصلات أو في متجرك عند عدم وجود زبائن، أو في حال انتظارك في عيادة طبيب أو عند حلاق أو في مكتب أو غيره، ستجد أوقاتاً كثيرةً جداً اجتمعت لك، وليكن كتابك دائمًا معك في كيس أو في حقيبة أو في يدك، وبمجرد أن تجد ربع ساعة فارغة استغلها، وستجد أن اليوم صار طويلاً وبركته زادت وربنا معك.

التدرج في توفير الوقت المناسب للقراءة

الوسيلة الرابعة: التدرج.

أنا أعلم أن البعض سيتحمس جداً وسيشتري كذا كتاب، ويبدأ يفرّغ أوقاتًا طويلة جداً للقراءة؛ لأهمية القراءة، وقد يطغى وقت القراءة على أعمال أخرى هامة جداً في حياته! فمؤكد أن لديك أعمالاً أخرى غير القراءة أيضاً، وعندما تختل موازين حياتك ستشعر أن القراءة هي السبب، فيكون ذلك سبباً لهجر القراءة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن هذا الدين متين؛ فأوغل فيه برفق)، وخاصةً إذا لم تكن متعودًا على القراءة، وإلا ستجد نفسك قد مللت سريعًا, لتكن مثل لاعب الماراثون الذي يجري لمسافات طويلة فإنه يبتدئ أولاً ببطء, ثم يسرع بالتدريج، فالقراءة منهج حياة، وطريق القراءة مشوار حياتك كلها، يحتاج إلى أن تبتدئ فيه بتعقل وروية حتى تستطيع أن تصل بإذن الله.

فبعض الناس قد يكتبون، والبعض الآخر لا يكتبون إنما يسمعون العلم ويراجعونه مع أنفسهم، فالأفضل لهم تسجيل النقاط أولاً حتى يتمكنوا من مراجعة العلم.

الجدية في القراءة

الوسيلة الخامسة: الجدية.

القراءة ليست هواية، إنما هي عمل جاد يحتاج إلى مجهود وفكر، ووقت، ومال، وتضحية، فلا بد أن تأخذ الموضوع بجدية؛ أنت تقرأ لكي تستوعب كل كلمة تقرؤها، ولكي تستفيد وتفيد، فأنت تعمل عملاً كبيراً جداً عندما تقرأ، فليس لك من القراءة إلا ما عقلت؛ لذلك لا بد أن تفهم ما تقرأ، اقرأ أي كتابٍ وكأنك تذاكره، وليس مجرد قراءة، وليكن معك كشكولاً أو أوراقاً لتسجيل ملاحظاتك، فقد تجد معلومة تريد أن تخبر بها إخوانك وأصحابك، أو مسألة لم تفهمها فاكتبها لكي تسأل متخصصاً أو عالماً، أو هنا لك عناصر مهمة جداً في الموضوع، أو إضافة قرأتها في مكان آخر، أو اعتراض على نقطة معينة وهكذا، وستجد أن معك كشكولاً في غاية الأهمية وستركز جداً في كل كلمة تقرؤها، فلو أخذت الموضوع بجد ستجد إمكانياتك أكثر بكثير مما تتخيله، وتحصيلك أضعاف أضعاف ما تعتقد، والمتتبع لقصص الصحابة والتابعين وعلماء المسلمين يعرف المعنى الحقيقي للجدية التي أقصدها.

فمثلاً: زيد بن ثابت كان متقدماً على الصحابة لقراءته، وكذلك عبد الله بن عباس رضي الله عنه وأرضاه، والشافعي أو أحمد بن حنبل أو الخوارزمي أو جابر بن حيان أو أبو بكر الرازي رحمهم الله جميعاً، فإن كل واحد من هؤلاء قد تعب في مجاله، وأخذ الموضوع بمنتهى الجدية؛ حتى إلى المستوى الذي وصل إليه في المجال الذي هو متخصص فيه، إن إمكانيات البشر فوق تخيّل البشر بكثير جداً، وسبحان الذي خلق فسوّى.

تنسيق المعلومات وتسجيلها

الوسيلة السادسة: التنسيق للمعلومات, والتنظيم لكل شيء.

حاول أن تكون منظماً في كل شيء، المعلومات التي تقوم بتسجيلها في كشكول لا تسجلها مبعثرة، المسلم منظم في حياته، ليكن لديك كشكول للعلوم الشرعية، وكشكول للعلوم السياسية، وكشكول للقراءات الأدبية، وكشكول للتاريخ، وإذا كنت أكثر تخصصًا قسّم هذه الدفاتر إلى أقسام أكثر تفصيلاً، فمثلاً: كشكول العلوم الشرعية يكون فيه فقه، وحديث، وتفسير، وعقيدة وغيرها، وضع ذلك كله في صورة منظمة في البيت بحيث تستطيع أن ترجع بسهولة للمعلومة التي تريدها، وأن تضيف معلومات في المكان الذي ينبغي أن تضيف فيه، فهذا النظام سيوفر لك وقتاً طويلاً، وسيجعل بيتك وعقلك منظمين، إن بعض الناس عقولهم غير منظمة، فيأتون بمعلومة من الشرق والغرب، والبعض الآخر عقولهم منظمة، فكل شيء عندهم محسوب، ولا يبتعدون عن أهدافهم ولا يخرجون عن الموضوع كثيراً، والموضوع الذي يأتي بالتدريب والمران له فوائد لا تحصى.

أنا ألقي بعض المحاضرات من أوراق كتبتها منذ أكثر من عشر سنين أو من خمس عشرة سنة، ما تأتي سنة إلا وأضيف إليها معلومة، والمحاضرة التي كنت أؤديها منذ عشر سنين أصبحت الآن عشرًا أو عشرين محاضرة، ولا شيء ينقص بل يزيد، والفضل يرجع للتنظيم والترتيب والتنسيق، وهذا غير الراحة النفسية التي يضفيها النظام على حياتك وحياة الناس الذين معك، وربنا يوفقنا جميعاً إلى ما يحبه ويرضاه.

تكوين مكتبة متنوعة في البيت

الوسيلة السابعة: تكوين مكتبة متنوعة في البيت.

أتمنى للذين لديهم غرفة نوم، وغرفة طعام، وغرفة استضافة أن يفكروا في المكتبة، فهذا ليس عملاً ثانوياً، ووسيلة من وسائل الترف، بل هو شيء أساسي في البيت، ليس مهمًا أن تكون المكتبة فخمة أو فاخرة، لكن المهم الكتب التي فيها، ينبغي أن يكون في ذهنك مشروع واضح لشراء مجموعة ضخمة من الكتب، وهذا الكلام للناس كلهم للأغنياء والفقراء على حدٍ سواء، ضع جدولاً في شراء الكتب في غضون سنة أو سنتين أو عشر سنين أو عشرين سنة بقدر ما تستطيع، والإنسان إذا أحس بقيمة الكتاب سيوفر من أكله ويشتري الكتاب، فأحياناً قد يأكل الإنسان أكلة بثمن أربعة أو خمسة كتب، وقد يشتري قميصاً بثمنه عشرة كتب، وقد خرج في رحلة أسبوع بثمن مكتبة قيّمة جدًا.

ضع هذا الموضوع في ذهنك وكوّن مكتبة شاملة لكل أنواع المعارف، ولو كتاباً في كل فرع، فمثلاً: كتاب في العلوم السياسية، وكتاب في العلوم الاقتصادية، وكتاب في الفقه، وكتاب في الحديث، وكتاب في الأدب، وفي غيرها من الفروع المختلفة، فإذا ما احتجت كتاباً في فرع معين تجده، وأحياناً المعلومة التي تحصلها وتكون محتاجها يكون ثمنها أغلى من ثمن الكتاب ألف مرة، فلا بد أن يكون عندك مصدر في كل فرع من فروع العلم.

وأحياناً قد تمل من القراءة في مجال معين فتنتقل إلى كتاب في مجال آخر وهكذا، وضع في ذهنك أن المكتبة لن تنفعك فحسب لكنها ستنفعك أنت وزوجتك وأولادك وقد تنفع أحفادك وأحفاد أحفادك، وقد رأيت أناساً يقرءون كتباً اشتراها أجدادهم أو آباء أجدادهم، فهم لا يزالون يحصلون على الحسنات إلى الآن من جراء هذه المكتبة التي خلفوها وراءهم، فهذه تعد من الصدقات الجارية العظيمة جداً.

أما الوسيلة الثامنة والتاسعة والعاشرة، فهي علاقات بينك وبين الآخرين: إلى ومع ومن.

نقل ما تقرؤه إلى الآخرين

فالوسيلة الثامنة: انقل ما تقرأ إلى غيرك:

الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول: (بلغوا عني ولو آية)، فأي معلومة تقرؤها وصلها لغيرك وستستفيد ألف فائدة، فالمعلومة ستثبت في ذهنك إن شاء الله، وغيرك سيتعلم ويستفيد، وستأخذ مثل أجره دون أن ينقص ذلك من أجره شيئاً، وسيرضى الله عنك ويبارك لك في عملك.

وتذكر دائمًا: من عمل بما يعلم أورثه الله عز وجل علم ما لم يعلم، فكلما علّمت الناس شيئاً فإن ربنا سبحانه وتعالى سيعطيك ويزيدك علماً أكثر، قال تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ [البقرة:282].

التعاون مع الآخرين في القراءة

الوسيلة التاسعة: أن تتعاون مع أصحابك وإخوانك في القراءة:

كوّن مجموعةً من أصحابك للقراءة، كل واحد يقرأ في مجاله، وتلتقون مرة أو مرتين في الأسبوع، أو مرة كل أسبوعين حسب ظروفكم، وكلٌ واحد يلخص لإخوانه ما قرأ وتبادلوا المعلومات، فبدلاً من عينين اثنتين تقرآن ستصبح عشرة أعين، وبدلاً مما يستوعبه عقل واحد ستصبح خمسة عقول، وكلما كسل أحدهم فالآخر سيحفزه ويشجعه، والشيطان لن يستطيع أن يتغلب عليكم وأنتم مجتمعون، فالشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد.

النقل عمن سبقك من أهل الاختصاص

الوسيلة العاشرة: أن تنقل من العارفين السابقين المتخصصين، فابدأ من حيث انتهى الآخرون، واسأل متخصصاً: ماذا أقرأ؟ وبماذا أبدا؟ وما هو أفضل كتاب في هذا الموضوع وماذا أقرأ بعده؟ والإنسان قد يضيّع وقتاً كبيراً في قراءة كتاب غير مفيد، أو في قراءة كتاب صعب بينما هناك الأسهل، أو كتاب سطحي بينما هناك الأعمق.

فكل العلماء السابقون أخذوا عن غيرهم، وبدءوا من حيث انتهى الذين سبقوهم، ولذلك استفادوا وأفادوا غيرهم، وما تكبَّر أحد منهم أبداً على أن يتعلم ويسعى في طلب العلم ويسأل غيره، بل كانوا يسافرون المسافات الطويلة للتعلم وكانوا من أعظم العلماء فالإمام البخاري والنووي وابن القيم وابن الجوزي وغيرهم ما وصلوا إلى ما وصلوا إليه إلا بنقل علوم غيرهم، ثم الإضافة إليها والتطوير فيها فهداهم الله عز وجل, وهدى بهم أجيالاً وأجيالاً.

المجالات التي يوصى بالقراءة فيها

أما الموضوع الثاني المهم جداً وهو: ماذا يمكن أن نقرأ؟

فالمسلم يقرأ في أمور كثيرة ليكون إنساناً متوازنًا، والإسلام له دور في كل نقطة من نقاط الحياة، فكل قراءة في كل المجالات النافعة في الدنيا تعتبر قراءة في منهج الإسلام.

وهنا عشر مجالات نقرأ فيها، فهذه عينة مما يفترض أن نقرأه وهي بداية، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (وكل ميسر لما خلق له).

قراءة كتاب الله عز وجل وحفظه

أول شيء تقرؤه هو أعظم كلمات وأكرم كتاب: القرآن الكريم، فهو ليس مجرد كتاب سوف تقرؤه مرة أو مرتين، فالقرآن الكريم دستور للمسلمين، وقراءته يجب أن تكون دورية، قال العلماء: إن المسلم يجب أن يجتهد في أن يختم قراءة القرآن في شهر أو أقل.

وهنالك من المهتمين بدراسة العلوم المختلفة أو بالقراءة ينشغلون عن قراءة القرآن الكريم، وهذه مشكلة خطيرة، وربنا سبحانه وتعالى كريم فهو يشجعنا على قراءة دستورنا، والمفترض أننا نقرؤه من أجل مصلحتنا ومع ذلك فهو يشجعنا بإعطاء الحسنات على قراءة كل حرف من القرآن الكريم، ثم يضاعف الحسنة إلى عشر أمثالها، وهذا عجيب لأن الحرف في القرآن الكريم لا يستقيم المعنى به وحده, وإنما تفهم الكلمة من عدة حروف، ومع ذلك فالله عز وجل يعطي الحسنة على الحرف، وكان من الممكن أن يعطي على الكلمة، وهذا من كرمه سبحانه وتعالى، وهذا المعنى يؤكد عليه الرسول صلى الله عليه وسلم؛ حتى لا يفهم أحد غير المقصود.

يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي : عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه قال: (من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: الم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف)، فأول شيء نهتم بقراءته هو القرآن الكريم.

القراءة في كتب السنة وميراث النبي صلى الله عليه وسلم

المجال الثاني: أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، المصدر الثاني من مصادر التشريع بعد القرآن الكريم، والرسول صلى الله عليه وسلم أوتي جوامع الكلم، وهي الجمل القصيرة التي تحوي معاني هائلة وضخمة، فحديث واحد قصير فيه كم هائل من المعرفة والحكمة، فنحن عندنا قصور شديد في هذا الجانب، فبعضنا يقرأ كثيراً القرآن الكريم لكن القليل منا هو الذي يمتِّع عينيه وعقله بكلمات الرسول الحبيب صلى الله عليه وسلم، ولو قرأ أحدنا هذه الأحاديث الشريفة فإنه يقرؤها بصورة عشوائية غير منتظمة، أنا أريد أن يكون جزءاً رئيسياً من تكوينك أن تقرأ أحاديث نبوية شريفة.

ليكن في جدولك أن تقرأ كل يوم حديثاً أو اثنين، فالسنة كنز هائل من أعظم الكنوز بين أيدينا، وكتب السنة بفضل الله كثيرة جداً، وابدأ بالبسيط منها وتدرج، ابدأ مثلاً بالأربعين النووية، وبعد ذلك رياض الصالحين، وبعد ذلك اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان، وبعد ذلك مختصر البخاري ومختصر مسلم وغيرهما، فكتب الأحاديث كثيرة جداً وفيها من الخير ما لا يتخيل.

القراءة في مصنفات العلوم الشرعية

المجال الثالث للقراءة هو: العلوم الشرعية بشتى أنواعها، فاعمل لنفسك برنامجاً، واستعن بأحد العلماء في وضع ذلك البرنامج، فعلوم الإسلام كثيرة جدًا، واقرأ كتاباً في كل فرع من فروع العلوم الشرعية، فسيعطيك هذا خلفية رائعة، ويبني لك قاعدة متينة تستطيع أن تبني عليها بعد ذلك بنياناً ضخماً إن شاء الله، وابدأ بكتب بسيطة مختصرة, وتوسع بعد ذلك مع مرور الوقت.

فاقرأ مختصر تفسير ابن كثير ، وهو كتاب رائع لتفسير القرآن، وبسيط وسهل ومباشر، ابدأ منه بقراءة تفسير جزء عمّ وتبارك، وبعد ذلك تفسير السور التي تحفظها كالكهف ويس والواقعة والبقرة، واعمل لنفسك جدولاً كما اتفقنا.

واقرأ الجزء الأول من فقه السنة فهو يتحدث عن أحكام الصلاة والصوم والزكاة والحج، فهو مهم جدًا لأداء هذه العبادات الهامة بالصورة التي أمر الله عز وجل أن تتم بها.

واقرأ كتاب الإيمان للدكتور محمد نعيم ياسين ، فهو كتاب مبسط جدًا في العقائد الإسلامية، عن كيفية الإيمان بالله والملائكة والرسل والكتب واليوم الآخر والقضاء خيره وشره.

ومختصر منهاج القاصدين، وهو كتاب رائع في الرقائق والروحانيات وأمراض القلوب وعلاج أمراض القلوب: كالرياء والغضب والشح، وكيف تتوب إلى الله؟ وكيف تحب الله ويحبك الله؟ فهو كتابٌ جميلٌ حقًا، وهو مختصر إحياء علوم الدين للغزالي ، والذي اختصره هو ابن قدامة المقدسي رحمه الله فقد بذل فيه مجهوداً ضخماً، فقد حذف أحاديث كثيرة ضعيفة، وحذف منه بعض المشاكل حتى أصبح كتاباً في منتهى القيمة.

واقرأ كتاب خلق المسلم: للغزالي ، فهو كتاب رائع في فهم الأخلاق الأساسية لكل مؤمن.

واقرأ كتاب المرأة في التصور الإسلامي للدكتور عبد المتعال الجبري وهو كتاب مهم جداً في شرح قيمة المرأة ودور المرأة والشبهات التي أُثيرت حول المرأة والرد عليها، فهو كتاب مهم ليس للنساء فحسب بل للرجال أيضًا.

واقرأ في شرح الأحاديث النبوية مثل كتاب جامع العلوم والحكم لـابن رجب الحنبلي ، فقد شرح حوالي خمسين حديثاً من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسلوب جميل جداً ومنظم.

وكتاب العبادة في الإسلام للدكتور يوسف القرضاوي ، فهو كتاب عميق في شرح معنى العبادة في الإسلام وشمول كلمة العبادة لكل أمور الحياة.

القراءة في تخصصات العلوم الدنيوية

المجال الرابع: القراءة في مجال التخصص في العلوم الدنيوية، فالطبيب يقرأ في الطب، والمهندس يقرأ في الهندسة, والكيميائي في الكيمياء، والجغرافي في الجغرافيا وهكذا.

اقرأ الجديد دائماً، وحسن من مستواك، وارفع من قدراتك وإمكانياتك، فهذا مجال في غاية الأهمية، نحن لا نريد المهندس أن يترك الهندسة ويدرس الفقه، ولا نريد من الفيزيائي يترك الفيزياء ويتخصص في التفسير، نحن كما أننا في حاجة إلى علماء في الشريعة فإننا في حاجة إلى علماء في علوم الحياة.

وراجعوا محاضرة: أمة الإسلام بين علوم الشرع وعلوم الحياة.

دعيت إلى حفل تخريج دفعة من دفعات كلية العلوم، وكانوا يسألونني عن النصائح المهمة للخريج، ووجدت الكثير منهم بعث أسئلة مختصة بقضايا العمل والكسب والزواج ودخول الجيش، وهذه القضايا كلها في غاية الأهمية، ولم يذكر واحد منهم أن من مشاكلنا الرئيسية أو من قضاياه المهمة الرئيسية بعد أن ينتهي من كلية العلوم أن يحضر مثلاً الماجستير أو الدكتوراه أو دراسات متخصصة في مجال معيّن، فالذي يسجل دكتوراه وماجستير من غير المسلمين أو من المسلمين غير الملتزمين بالدين على العكس من المسلمين الملتزمين بدينهم والمتمسكين بشرعهم! فالمسلم المؤمن الملتزم بالدين لديه دوافع راقية جدًا للعلم والتفوق، فهو يطلب رضا الله سبحانه وتعالى والجنة، ويطلب عمارة الأرض، ونفع البشرية، وخدمة الإنسانية، وليس هذا إلا للمؤمن.

إذاً: هذا مجال في غاية الأهمية ونحن عندنا فيه قصور، ولا بد أن نركز عليه تركيزاً هاماً لرفعة هذه الأمة، وهو القراءة في مجال التخصص في مجال العلوم الحياتية.

القراءة في كتب التاريخ

المجال الخامس للقراءة قراءة التاريخ.

فالتاريخ في غاية الأهمية، فثلث القرآن قصص الأولين، وهو تاريخ، والهدف واضح وهو استخراج العبرة, والتفكر في الأحداث، واستنباط سنة الله عز وجل في خلقه وفي أرضه.

وأهم تاريخ تقرؤه هو تاريخ الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم تاريخ الخلفاء الأربعة، ثم بقية التاريخ الإسلامي، ثم التاريخ غير الإسلامي، فكل هذا مهم لكن هنالك أولويات، وأول ما تقرأ في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم كتاب الرحيق المختوم للمباركفوري ، فهو شرح بسيط للسيرة النبوية من الميلاد إلى الوفاة، وممكن بعد ذلك تستعين بسيرة ابن هشام المحققة حتى تعرف الضعيف من الصحيح، وأيضاً كتاب السيرة النبوية للصلابي ، وكتاب فقه السيرة للبوطي ، وكتاب فقه السيرة للغزالي وغيرها، فكتب السيرة في منتهى الأهمية، ومن المهم أيضًا قراءة تاريخ الخلفاء الأربعة ككتاب إتمام الوفاء في سيرة الخلفاء للخضري رحمه الله.

واقرأ عن الصحابة رضي الله عنهم أجمعين،وممكن أن تبدأ بكتاب صور من حياة الصحابة لـعبد الرحمن رأفت الباشا ، فهو كتاب رائع عن سيرة بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولغته جميلة جداً، ومعلوماته كثيرة، وأسلوبه سهل ومبسط.

ومن الكتب التي تلقي أضواء مهمة على التاريخ الإسلامي كتاب: ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟ للندوي رحمه الله، وكتاب من روائع حضارتنا للدكتور مصطفى السباعي رحمه الله، وكتاب حماة الإسلام لـمصطفى نجيب رحمه الله، فهذه الكتب في منتهى الروعة، فسوف توسع مداركك، وتفتح عينيك على أبواب كثيرة جداً حاول أعداؤك قدر ما يستطيعون أن يغلقوها.

قراءة الواقع بجميع مجالاته

المجال السادس قراءة الواقع.

وهذا المجال خطير ومهم جداً، وحتميٌ للمسلم المثقف الواعي، وهو قراءة الواقع الذي نعيشه، كالواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والعلمي، ليس فقط في بلدك بل في كل بلاد المسلمين، وفي العالم بصفة عامة.

إن المتغيرات السياسية التي تحدث في الأرض بكاملها لها تأثير كبير جداً على أمة الإسلام، فإذا كنت فعلاً تريد أن تبني أمة الإسلام فلا بد أن تعرف كيف تسير الأحداث من حولك، وليس كما يقال أن الكلام في القضايا السياسية شيء منكر وحرام، فمجالات السياسة والاقتصاد والتجارة والزراعة والحروب والمعاهدات لا تتجزأ عن الإسلام، وبعض الدعاة لا يهتمون بهذه الأمور, وبالتالي هم منعزلون عن حياة الناس وواقعهم فلا يؤثرون في الناس ولا يغيرونهم.

لا بد أن تتابع الصحف اليومية والجرائد المختلفة الحكومية والمعارضة، كالمصرية وغير المصرية، والإسلامية وغير الإسلامية، والعربية وغير العربية، والمواقع العالمية للأخبار مثل bbc والـ cnn مع الحذر عند قراءة الأخبار من التضليل المقصود وغير المقصود، وحاول أن تقارن الأخبار بعضها ببعض، وبعد فترة ستكتسب حسًّا مرهفًا تستطيع أن تفرّق به بين الصواب والخطأ، والحقيقة والافتراء.

الاستفادة من آراء الآخرين وقبول الحق والحكمة

المجال السابع قراءة الرأي الآخر.

للأسف الشديد كثير منا ليس عنده استعداد أن يسمع للرأي الآخر، أو يقرأ أو يسمع لعالم مسلم ليس من نفس مدرسته الفكرية أو على خط آخر! بينما الذي نعرفه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها).

نحن في حاجة إلى أن نقرأ عن غيرنا ماذا يقول؟ وما هي وجهة نظره؟ وما هي أدلته؟ وما هو رأيه؟

نحن في حاجة إلى أن نقرأ أيضًا للمدارس غير الإسلامية، فكثير من المسلمين توجهاتهم قومية، أو علمانية، أو اشتراكية، أو غربية، أو وطنية، أو مصلحية نفعية، فنقرأ كيف يفكرون؟ وكيف يكتبون؟ وما هي أطروحاتهم؟!

بل نقرأ ما هو أبعد من ذلك ككتابات غير المسلمين، وكتابات أعدائنا، لنعلم كيف يفكر اليهود والنصارى وحكام وعلماء وأدباء الغرب والشرق؟ كمذكرات نيكسون مثلاً: وريجان وبوش وكلينتون وجلودمائير وديفيد كوك ، فنقرأ ما هي نظرتهم لنا؟ وكيف يحكمون بلادهم؟ وكيف يحاربوننا أو يسالموننا؟ فهذا جانب في غاية الأهمية، فنفرغ له وقتاً، وستتسع مداركنا عندما نقرأ لغيرنا، وليكن في أذهاننا: بداية أن يسمع لنا غيرنا أن نسمع لهم.

قراءة الكتب التي ترد على الشبهات المثارة حول الإسلام

المجال الثامن: القراءة في الشبهات التي أثيرت حول الإسلام، والقراءة في الرد عليها.

ما أكثر الشبهات التي أثيرت حول الإسلام منذ نزول الرسالة وإلى الآن! والذي نعلمه ونوقن به حقيقةً أن الإسلام دين كامل بلا عيوب أو أخطاء؛ لأنه من عند رب العالمين سبحانه وتعالى، ولكن كثيراً ما نفتقد الحجة المقنعة لرد الشبهة، أو نجهل الحق الذي معنا والذي نحن عليه.

وفى زماننا هذا كثرت الشبهات المثارة حول إسلامنا العظيم، وانعقدت لذلك مؤتمرات، وأنفقت أموال، وجُندت طاقات ضخمة وكثيرة ومهولة في هذا الزمن، ومن واجبنا أن نرد على كل هذه الشبهات، ونقارع الحجة بالحجة والبرهان بالبرهان.

ما هو وضع المرأة في الإسلام؟

كيف نرد على من يقول إن الإسلام انتشر بالسيف؟

ما هو الرد على من يقول بأن الحدود ستخرج لنا شعبًا معوّقا مقطوع الأيدي؟

ما هو الرد على من يتهم الإسلام بالإرهاب أو بالقسوة أو بالجمود أو بالتخلف أو بغير ذلك؟

فهذا الكلام كله مردود عليه بردود عقلية منطقية قوية، فيجب علينا أن نقرأ، وأن نستعين بكتاب: شبهات حول الإسلام للأستاذ محمد قطب ، أو كتاب: حقائق الإسلام وأباطيل خصومه للعقاد ، أو كتاب: الإسلام في قفص الاتهام للدكتور شوقي أبو خليل وغير هذا كثير.

القراءة فيما يتعلق بتربية الطفل

المجال التاسع: تربية الأطفال.

كثيرًا ما يسقط من حساباتنا أن تربية الأطفال علم له أصوله وله فنون، وهنالك كتب كثيرة جداً مكتوبة في هذا المجال، ككتاب تربية الأولاد في الإسلام لـعبد الله ناصح علوان رحمه الله.

وتوجد كتب كثيرة جداً كتبها علماء تربية متخصصون في نفسيات الأطفال، واحتياجاتهم في طريق التربية، والكلام في هذا في منتهى الأهمية.

نحن بحاجة إلى أن نقرأ في قصص الأطفال؛ حتى إذا ما حكيت قصة لابنك أو لأخوك أو للأطفال في المسجد أو في النادي تحكي لهم قصصاً هادفة وبأسلوب مناسب.

فعقول الأطفال أكبر بكثير مما نتخيله، وعندهم طاقة لاستيعاب أضعاف ما نعطي لهم، وليس من المناسب أن يكون كل الذي في عقول أطفال المسلمين بعض أفلام الكرتون والعنف والإثارة، فهنالك علوم ضخمة يمكن أن يستوعبها الأطفال شرط أن تُعْطَى بصورة مناسبة.

ومهارة تعليم الأطفال سنكتسبها من قراءة كتب التربية، وقصص الأطفال، ولو أنتجنا جيلاً يحب القراءة والعلم من صغره، فإن وضع الأمة سيتغير وبسرعة.

القراءة الترويحية

المجال العاشر: القراءة الترويحية، فالنفس تملّ وتحتاج إلى ترويح وتسلية، ولا مانع أن المسلم يقضي بعض أوقاته في قراءة أشياء للترفيه والترويح، كقراءة شعر جميل أو قصة أدبية هادفة، أو بعض الأخبار الرياضية، أو كاريكاتير أو طرفة، لكن لا بد أن نضع في أذهاننا شيئين مهمين جداً:

أولاً: ألا يوجد فيه خروج عن المنهج الإسلامي، كقصة غير أخلاقية، تشجع على الرذيلة، قصة مثلاً تدفع البنت لأن تقابل حبيبها مع تسمية هذا بالحب الشريف، ولا يكون الشعر إباحياً أو فيه ذنوب، وهكذا.

ثانياً: ألا يكون الوقت المنفق في القراءة في الترويح والترفيه كبيراً، فنحن أمة جادة ترفّه عن نفسها أحيانًا، ولسنا أمة هزلية تعيش بعض لحظات الجد.

إذاً: المجالات التي نقرأ فيها ما يلي:

المجال الأول: القرآن الكريم، وهذا أهم المجالات مطلقاً.

المجال الثاني: الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا أيضاً مجال مهم جداً وفي غاية الأهمية بعد القرآن مباشرة، ولا بد أن نجعل لنا ورداً ثابتاً من قراءة الأحاديث كل يوم.

المجال الثالث: العلوم الشرعية بأنواعها المختلفة.

المجال الرابع: القراءة في التخصص: طب، هندسة، فلك، كيمياء، فيزياء، أو حسب تخصصك، أما بالنسبة للطلاب، فأهم شيء هو المذاكرة في كتب الدراسة التي عندهم.

المجال الخامس: قراءة التاريخ، وأهم تاريخ هو تاريخ المصطفى صلى الله عليه وسلم، وتاريخ الخلفاء الأربعة، ثم بقية التاريخ الإسلامي، ثم التاريخ غير الإسلامي.

المجال السادس: قراءة الواقع السياسي والاقتصادي والعلمي والاجتماعي الذي تعيش فيه في بلادك وفي بلاد المسلمين وفي بلاد العالم بصفة عامة.

المجال السابع: مجال قراءة الرأي الآخر، وقراءة المدارس غير الإسلامية كالمدارس العلمانية والغربية والشرقية، وكيف يفكرون ويدبرون خططهم لمواجهة الأمة الإسلامية؟!

المجال الثامن: القراءة في الشبهات التي أثيرت حول الإسلام وطرق الرد عليها.

المجال التاسع: طرق تربية الأطفال، وطرق التعامل معهم، وقراءة قصص الأطفال ومحاولة التعلم كيفية إيصال المعلومة بأفضل وسيلة إلى عقل الطفل، فعقل الطفل يستوعب أكثر بكثير من تخيلنا.

والمجال العاشر والأخير: مجال الترفية والترويح بالضوابط التي ذكرناها وهي: عدم الخروج عن المنهج الإسلامي، وعدم إنفاق وقت كبير في هذه القراءة.

إذاً: هذه عشرة مجالات ممكن أن نقرأ فيها، وهذا هو أول الطريق، فالطريق طويل جداً، لكن نهايته جميلة جداً.

والرسول صلى الله عليه وسلم وضّح لنا في الحديث الذي رواه مسلم : عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه أن نهاية طريق العلم الجنة فقال: (ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهّل الله له به طريقاً إلى الجنة)، وكلما ذكرناه من مجالات للقراءة ما هي إلا طرق واسعة جداً وأكيدة للوصول إلى الجنة.

نسأل الله عز وجل أن يسهّل لنا سبل العلم، وأن يسهّل لنا سبل الجنة. وأن يفقهنا في ديننا، وأن يعلمَنا ما ينفعنا، وأن ينفعَنا بما علمنا. إنه ولي ذلك والقادر عليه.

فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ [غافر:44].

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , القراءة منهج حياة للشيخ : راغب السرجاني

https://audio.islamweb.net