إسلام ويب

من سنن الصلاة: وضع اليد اليمنى على اليد اليسرى حال القيام، وقد وردت به الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما وردت الأحاديث ببيان كيفية وضعهما، وموطن النزاع في ذلك هو في محل وضعهما، فمثل هذه السنة ينبغي للمسلم أن يحافظ عليها.

وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة

شرح حديث صف القدمين ووضع اليد على اليد

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة.

حدثنا نصر بن علي أخبرنا أبو أحمد عن العلاء بن صالح عن زرعة بن عبد الرحمن سمعت ابن الزبير رضي الله عنهما يقول: (صف القدمين ووضع اليد على اليد من السنة) ].

أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي [باب وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة]، فـأبو داود رحمه الله رتب الأبواب التي أوردها على وفق تنفيذ أعمال الصلاة؛ لأنه أولاً ذكر استفتاح الصلاة وأنه يكون بالتكبير ويكون فيه رفع اليدين، ثم لما فرغ من ذلك انتقل إلى وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة؛ لأن الإنسان أولاً يكبر ويرفع يديه ثم يضع اليد اليمنى على اليسرى، ثم بعد ذلك يأتي بالاستفتاح، فترتيبه رحمه الله للموضوعات أو للأبواب التي أوردها موافق لهيئة الصلاة ولكيفية الصلاة.

وأورد المصنف هنا حديث ابن الزبير أنه قال: [ (صف القدمين ووضع اليد على اليد من السنة) ].

ومعنى صف القدمين أن الإنسان في الصلاة يصف قدميه متساويتين ليس في إحداهما تقدم ولا تأخر، وليس المراد إلصاقهما، بل المراد تساويهما في مكان الوقوف.

وبعد ذكر صف القدمين ذكر وضع اليد على اليد في الصلاة ثم قال: [(من السنة)] والصحابي إذا قال: (من السنة) فإن قوله يكون من قبيل المرفوع؛ لأن المقصود بذلك سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، فهذا فيه ذكر وضع اليد على اليد.

قيل: والحكمة من ذلك أن فيه خضوعاً وتذللاً لله سبحانه وتعالى، ولهذا فإن هذه الهيئة من خصائص الصلاة ولا تفعل أمام أحد من الخلق، وإنما تفعل والإنسان يناجي ربه في الصلاة، وهي هيئة ذل وخضوع لله سبحانه وتعالى، فإذا دخل الإنسان في صلاته يناجي ربه فإنه يكون على هذه الهيئة التي هي تذلل وخضوع لله سبحانه وتعالى.

وهذه الهيئة تفعل في سائر أحوال المصلين، سواء أكان المصلي منفرداً أم في جماعة، ويمكن أن يكون معنى قوله: [(صف القدمين)] تراص الصفوف واتصالها في صلاة الجماعة، إلا أن قوله: [(صف القدمين)] يشمل جميع أحوال المصلي، فيكون المعنى هو تساويهما.

تراجم رجال إسناد حديث صف القدمين ووضع اليد على اليد

قوله: [ حدثنا نصر بن علي ].

هو نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي ، ثقة ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرنا أبو أحمد ].

هو أبو أحمد الزبيري محمد بن عبد الله بن الزبير ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن العلاء بن صالح ].

العلاء بن صالح صدوق له أوهام، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي.

[ عن زرعة بن عبد الرحمن ].

زرعة بن عبد الرحمن مقبول، أخرج له أبو داود.

[ سمعت عن ابن الزبير ].

هو عبد الله بن الزبير بن العوام صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومعلوم أن أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام رضي الله عنهم وأرضاهم يكفي الواحد منهم أن يقال عنه: إنه صحابي.

شرح حديث وضع النبي صلى الله عليه وسلم يد ابن مسعود اليمنى على اليسرى

قال رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن بكار بن الريان عن هشيم بن بشير عن الحجاج بن أبي زينب عن أبي عثمان النهدي عن ابن مسعود رضي الله عنه (أنه كان يصلي فوضع يده اليسرى على اليمنى، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده اليمنى على اليسرى) ].

أورد أبو داود حديث ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يصلي وقد وضع يده اليسرى على اليمنى، فالرسول صلى الله عليه وسلم أطلقها وجعل اليمنى على اليسرى، فأرشده وفعل به الهيئة الصحيحة، وهي وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، إذ كان قد وضع اليسرى على اليمنى، فالرسول صلى الله عليه وسلم أخذ يديه وجعل اليمنى فوق اليسرى.

تراجم رجال إسناد حديث وضع النبي صلى الله عليه وسلم يد ابن مسعود اليمنى على اليسرى

قوله: [ حدثنا محمد بن بكار بن الريان ].

محمد بن بكار بن الريان ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود.

[ عن هشيم بن بشير عن الحجاج بن أبي زينب ].

هشيم بن بشير مر ذكره، وهو من المدلسين، قال العراقي في الألفية:

وفي الصحيح عدة كـالأعمش وكـهشيم بعده وفتش

والحجاج بن أبي زينب صدوق يخطئ، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ عن أبي عثمان النهدي ].

هو عبد الرحمن بن مل ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن مسعود ].

قد مر ذكره.

شرح حديث ( من السنة وضع الكف على الكف في الصلاة )

قال المصنف رحمه الله تعالى:

[ حدثنا محمد بن محبوب حدثنا حفص بن غياث عن عبد الرحمن بن إسحق عن زياد بن زيد عن أبي جحيفة أن علياً رضي الله عنهما قال: (من السنة وضع الكف على الكف في الصلاة تحت السرة) ].

أورد المصنف حديث علي رضي الله عنه أنه قال: [(من السنة وضع الكف على الكف في الصلاة تحت السرة)].

والحديثان الأولان فيهما ذكر وضع اليدين، ولكن ليس فيهما ذكر الموضع الذي تكون اليدان عليه تحت السرة أو فوق السرة، فهما مطلقان ليس فيهما تعيين المكان الذي تكون عليه اليدان في حال وضع إحداهما على الأخرى، وفي هذا الحديث بيان أنه تحت السرة، لكن ما ورد من أنه تحت السرة غير صحيح، بل الذي صح أنه على الصدر، وجاء في بعض الرويات: (فوق السرة) لكن ما تحت السرة لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا الحديث من الأحاديث التي لم تثبت؛ لأن فيه عبد الرحمن بن إسحاق ، وهو ضعيف.

تراجم رجال إسناد حديث ( من السنة وضع الكف على الكف في الصلاة )

قوله: [ حدثنا محمد بن محبوب ].

محمد بن محبوب ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي.

[ عن حفص بن غياث ].

حفص بن غياث ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الرحمن بن إسحاق ].

عبد الرحمن بن إسحاق ضعيف، أخرج له أبو داود والترمذي .

[ عن زياد بن زيد ].

زياد بن زيد مجهول، أخرج له أبو داود وحده.

فالحديث فيه ضعيف وفيه مجهول.

[ عن أبي جحيفة ].

هو وهب بن عبد الله السوائي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ أن علياً ].

هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث إمساك علي رضي الله عنه شماله بيمينه فوق السرة

قال رحمه الله تعالى:

[ حدثنا محمد بن قدامة -يعني ابن أعين - عن أبي بدر عن أبي طالوت عبد السلام عن ابن جرير الضبي عن أبيه قال: رأيت علياً رضي الله عنه يمسك شماله بيمينه على الرسغ فوق السرة .

قال أبو داود : وروي عن سعيد بن جبير : فوق السرة. وقال أبو مجلز : تحت السرة. وروي عن أبي هريرة وليس بالقوي ].

أورد أبو داود حديث علي من طريق أخرى وفيه الاختلاف فوق السرة وتحت السرة.

قوله: [ رأيت علياً رضي الله عنه يمسك شماله بيمينه على الرسغ فوق السرة ].

الرسغ هو المفصل بين الكف والساعد، وقد سبق أن ذكرنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يجعل يده اليمنى على ثلاثة أشياء من اليسرى: على الساعد والرسغ والكف.

تراجم رجال إسناد حديث إمساك علي رضي الله عنه شماله بيمينه فوق السرة

قوله: [ حدثنا محمد بن قدامة -يعني ابن أعين -].

محمد بن قدامة ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .

وكلمة (يعني ابن أعين ) زادها من دون أبي داود ، وفاعل (يعني) ضمير مستتر يرجع إلى أبي داود نفسه، وأما قائلها فهو من دون أبي داود .

[ عن أبي بدر ].

هو شجاع بن الوليد الكوفي ، صدوق له أوهام، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي طالوت عبد السلام ].

أبو طالوت عبد السلام ثقة، أخرج له أبو داود .

[ عن ابن جرير الضبي عن أبيه ].

هو غزوان بن جرير الضبي ، مقبول، أخرج له أبو داود .

وأبوه جرير الضبي -أيضاً- مقبول، أخرج له أبو داود.

و جرير الضبي هذا غير جرير بن عبد الحميد الذي في طبقة شيوخ شيوخ أبي داود ، وهو الذي يأتي ذكره كثيراً في الأسانيد فيقال قال أبو داود : حدثنا فلان حدثنا جرير . وأما هذا فهو جرير الضبي في طبقة عالية؛ لأنه في طبقة التابعين.

[ قال أبو داود : وروي عن سعيد بن جبير : فوق السرة ].

سعيد بن جبير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ وقال أبو مجلز : تحت السرة ].

أبو مجلز هو لاحق بن حميد ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

قوله: [ وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه وليس بالقوي ].

يعني كونه تحت السرة، وقوله: [ وليس بالقوي ] يعني الحديث.

شرح حديث أخذ الأكف على الأكف في الصلاة تحت السرة

قال المصنف رحمه الله تعالى:

[ حدثنا مسدد حدثنا عبد الواحد بن زياد عن عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي عن سيار أبي الحكم عن أبي وائل قال: قال أبو هريرة رضي الله عنه: أخذ الأكف على الأكف في الصلاة تحت السرة.

قال أبو داود : سمعت أحمد بن حنبل يضعف عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي ].

أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة أنه قال: [ أخذ الأكف على الأكف في الصلاة تحت السرة ].

يعني أن الإنسان إذا أخذ بيمينه على شماله يجعلهما تحت السرة، وهذا غير ثابت، وفيه عبد الرحمن بن إسحاق الذي سبق أن مر، وهو ضعيف.

قوله: [ قال أبو داود : سمعت أحمد بن حنبل يضعف عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي ].

ذكر هنا تضعيف الإمام أحمد لـعبد الرحمن بن إسحاق .

تراجم رجال إسناد حديث أخذ الأكف على الأكف في الصلاة تحت السرة

قوله: [ حدثنا مسدد عن عبد الواحد بن زياد ].

عبد الواحد بن زياد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي عن سيار أبي الحكم ].

سيار أبي الحكم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي وائل ].

هو شقيق بن سلمة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي هريرة ].

قد مر ذكره.

شرح حديث ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع يده اليمنى على يده اليسرى )

قال رحمه الله تعالى:

[ حدثنا أبو توبة حدثنا الهيثم -يعني ابن حميد - عن ثور عن سليمان بن موسى عن طاوس قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع يده اليمنى على يده اليسرى، ثم يشد بينهما على صدره وهو في الصلاة) ].

أورد أبو داود الحديث مرسلاً من طريق طاوس بن كيسان أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضع يده اليمنى على يده اليسرى ثم يشد بينهما على صدره.

وهذا فيه التنصيص على أنه يكون وضعهما على الصدر، لكن الحديث مرسل، ولكنه قد جاءت أحاديث أخرى، من أصحها حديث وائل بن حجر في صحيح ابن خزيمة : (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضع يده اليمنى على اليسرى على صدره) فالثابت هو على الصدر.

تراجم رجال إسناد حديث ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع يده اليمنى على يده اليسرى )

قوله: [ حدثنا أبو توبة ].

أبو توبة هو الربيع بن نافع ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .

[ عن الهيثم -يعني ابن حميد - ].

الهيثم بن حميد صدوق، أخرج له أصحاب السنن.

[ عن ثور ].

هو ثور بن يزيد الحمصي ، ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.

[ عن سليمان بن موسى ].

سليمان بن موسى صدوق، أخرج له مسلم في المقدمة وأصحاب السنن.

[ عن طاوس ].

هو طاوس بن كيسان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

والحديث مرسل؛ لأن قول التابعي: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) هو من قبيل المرسل، لكن هذا المرسل مطابق لما جاء من حديث وائل بن حجر وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم في ثبوت وضع اليد اليمنى على اليسرى على الصدر.

الأسئلة

حكم الدعاء بقول (اللهم لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه)

السؤال: ما صحة قول الداعي: (اللهم لا أسألك رد القضاء، ولكن أسألك اللطف فيه)؟

الجواب: هذا ينسب إلى عمر رضي الله تعالى عنه ولا أدري بثبوته، والذي يبدو أن مثل هذا لا يصلح، فلا يقل الإنسان: اللهم إني لا أسألك كذا. بل يسأل الله عز وجل ما يريد بدون أن ينفي، بل يثبت ويسأل الله عز وجل ما يريد، فيقول: اللهم إني أسألك كذا وكذا. ولا يقول: اللهم إني لا أسألك كذا وإنما أسألك كذا.

وقد يقال: ما الحكم لو قال: اللهم أسألك اللطف فيما جرت به المقادير؟

فالجواب أن هذا لا بأس به؛ لأن كل شيء مقدر، والإنسان يسأل الله أن يلطف به فيما قدره.

أجر العمرة بصلاة الفريضة في مسجد قباء

السؤال: من أتى مسجد قبا وصلى فيه صلاة فريضة فهل يثبت له أجر العمرة؟

الجواب: من توضأ في بيته ثم ذهب وأدرك الصلاة في مسجد قبا وصلى ثم رجع يدخل تحت قوله: (من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قبا فصلى فيه صلاةً كان كأجر عمرة) وذلك يشمل الفرض ويشمل النفل.

حكم تخصيص آيات من القرآن للسكينة عند اضطراب القلب

السؤال: قال ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين في منزلة السكينة: كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إذا اشتدت عليه الأمور قرأ آيات السكينة، وسمعته يقول في واقعة عظيمة جرت له في مرضه تعجز العقول عن حملها من محاربة أرواح شيطانية ظهرت له إذ ذاك في حال ضعف القوة، قال: فلما اشتد علي الأمر قلت لأقاربي ومن حولي: اقرءوا آيات السكينة. قال: ثم أقلع عني ذلك الحال وجلست وما بي قلبة.

وقد جربت أنا -أيضاً- قراءة هذه الآيات عند اضطراب القلب مما يرد عليه فرأيت لها تأثيرًا عظيماً في سكونه وطمأنينته.

قال ابن القيم : آيات السكينة في ستة مواضع في القرآن:

الأول: قوله تعالى: وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ [البقرة:248]،

وقوله: ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ [التوبة:26]، وقوله: إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا [التوبة:40]، وقوله: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا [الفتح:4]،

وقوله: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا [الفتح:18]، وقوله: إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ [الفتح:26].

فهل قراءة آيات السكينة عند اضطراب القلب مما يرد عليه مشروع؟

الجواب: لا أعلم شيئاً يدل على مشروعيته.

وقد يقال: هل قول ابن تيمية رحمه الله: اقرءوا آيات السكينة طلبٌ للاسترقاء، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب: (لا يسترقون) فكيف سيكون ابن تيمية رحمه الله من الذين يطلبون الرقية من غيرهم؟

والجواب: والرقية -كما هو معلوم- بالقرآن كله مشروعة، ولكن التخصيص بأشياء معينة بأنها يرقى بها ولم يأت فيها نص في النفس منه شيء.

وما فعله ابن تيمية رحمه الله يمكن أن يكون اجتهاداً، ومثله بعض الأشياء التي ذكرها كالكتابة والمحو، حيث تكتب آيات من القرآن في كتاب ويمحى بالماء ويشرب، وما نعلم شيئاً يدل على ثبوته، فالأولى تركه، وإنما يؤتى بالرقية المشروعة، فـابن القيم وابن تيمية جاء عنهما الكتابة والمحو، والأولى ترك ذلك.

حكم تحري القائم من نومه وقت الصلاة بقاءً وخروجاً

السؤال: إذا استيقظ الرجل وقد نام عن الصلاة فهل عليه أن يتحرى إذا كان قد خرج الوقت أم لا، أم ينوي إيقاعها بمجرد الاستيقاظ؟ وهل يشترط أن ينوي أنها أداء أو قضاء أم أنه يكفيه أن ينوي أنها أداء لصلاة الفريضة؟

الجواب: الإنسان إذا قام يجب عليه أن يبادر إلى الإتيان بالصلاة، ففي الحديث: (من نسي صلاةً أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك) والإنسان بمجرد أن يقوم وينظر في الساعة سيعرف أن الوقت خرج أو أنه لا يزال باقياً.

وإذا كان قد عرف أن الوقت باق فلا شك في أنها أداء، وإن كان الوقت قد خرج فهي ليست إلا قضاءً، وإذا قام ولم يدر بالوقت فصلاها ولم يتبين أنها قبل خروج الوقت أو بعده فقد أدى ما عليه.

مسألة دوران الأرض بين الاعتقاد والاجتهاد

السؤال: هل تعتبر مسألة دوران الأرض وكرويتها من المسائل العقدية التي ينبني عليها ولاء وبراء أم أنها من المسائل الاجتهادية؟

الجواب: هي من المسائل الاجتهادية كما هو معلوم، لكن النصوص التي وردت في الدلالة على الكروية ما فيها إشكال، وإنما الكلام في الدوران، فهو الذي فيه الإشكال، وأما كونها كروية فهذا أمر مفروغ منه، ومن قديم الزمان ذكره العلماء، وليس هو من مبتكرات القرن العشرين، فإنه جاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وقد ذكره ابن كثير عند تفسير قول الله عز وجل: يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ [فاطر:13] في آخر سورة فاطر نقلاً عن تفسير ابن أبي حاتم ، ونقل بإسناد صحيح أنه قال عن الشمس: إنها تظهر على أناس وتغيب عن أناس. وهذا لا يكون إلا عن طريق الكروية؛ لأنه لو كانت الأرض سطحاً لطلعت الشمس على الناس دفعةً واحدة، لكن كونها تغيب عن أناس وتظهر على أناس يدل على كرويتها، وهذا جاء عن ابن عباس بإسناد صحيح من قديم الزمان.

وكذلك -أيضاً- جاء عن أبي محمد الجويني والد إمام الحرمين في النصيحة التي نصح بها زملاءه ومشايخه ليخرجوا من مذهب الأشاعرة كما خرج؛ لأنه كان أشعرياً ثم هداه الله لمذهب أهل السنة، وكتب نصيحةً يشفق فيها على شيوخه وعلى زملائه، وكان مما ذكر فيها أن الإنسان لو انطلق من نقطة من الأرض متجهاً إلى الغرب وواصل فإنه سيأتي إلى مكان انطلاقه من الشرق، وأبو محمد الجويني متقدم.

والجغرافيون يستدلون على كروية الأرض بأشياء، يقولون: إذا أقمنا ثلاثة أعمدة متوازية ثم نظرنا إليها في المنظار سنجد إنها ليست متساوية. قالوا: وهذا دليل كروية الأرض.

حكم لعن المعين

السؤال: ما حكم لعن المعين من المبتدعة، فقد ورد عن بعض السلف لعن بشر وعمرو بن عبيد وواصل ؟

الجواب: لا يجوز لعن المعين مطلقا، إلا من عرف أنه مات كافراً، ولهذا كان ابن كثير رحمه الله تعالى في كتابه البداية والنهاية عندما يأتي إلى شخص سيء يعلق اللعن بالموت على الكفر، فإنه لما ذكر أبا نصر الفارابي وذكر عنه أنه كان يقول بعدم معاد الأجساد وأن المعاد معاد الأرواح دون معاد الأجساد. قال: فعليه -إن كان مات على ذلك- لعنة رب العالمين.

و ابن عساكر في كتابه تاريخ دمشق -وهو كتاب واسع لدمشق- لم يذكر فيه أبا نصر الفارابي مع أنه من أهل دمشق، وقيل: ولعله إنما تركه لنتنه وخباثته.

وقد ذكر ابن كثير شخصاً نصرانياً أنشأ قصيدة طويلة فيها ذم الإسلام وذم المسلمين وذم الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر عن ابن حزم قصيدة رد على النصراني بها، وهي قصيدة مطولة، ولما ذكر قصيدة النصراني قال: عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين إن كان مات كافراً.

وثبوت ما ذكر في السؤال محل نظر.

حكم النوم على البطن

السؤال: هل يجوز لأحد أن ينام على بطنه؟

الجواب: جاء ما يدل على منع ذلك.

حكم الاستلقاء أو الاستناد حال الأكل

السؤال: هل يجوز أكل الإنسان مستلقياً أو مستنداً على جدار؟

الجواب: كون الإنسان يستند على جدار أو علي شيء لا بأس به، وإنما الممنوع أن يكون متكئاً، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا آكل متكئاً) وفسر الاتكاء بتفسيرين: الأول التربع الذي فيه الشره وفيه كثرة الأكل. والثاني: التمايل وهو أن الإنسان يكون مائلاً.

حكم أداء صلاة الجمعة قبل الزوال

السؤال: ما حكم إقامة صلاة الجمعة قبل الزوال؟

الجواب: بعض أهل العلم أجاز ذلك، ولكن القول الذي عليه جمهور العلماء أنها تكون بعد الزوال، ولا شك في أن الاحتياط هو الإتيان بها بعد الزوال، وبعضهم جعل الخطبة قبل الزوال والصلاة بعد الزوال، ومنشأ اختلافهم الحديث الذي فيه: (كنا ننصرف من الصلاة وليس للحيطان ظل يستظل به) فالذين قالوا: إنها تكون بعد الزوال قالوا: إن النفي راجع إلى القيد لا إلى المقيد، أي أن الظل موجود لكن لا يكفي للاستظلال به، فالقيد هو قوله: (يستظل به)، والذين قالوا: إنها تكون قبل الزوال قالوا: النفي للقيد والمقيد. أي: نفي للظل من أصله، ومعنى هذا أن الصلاة كانت قبل الزوال.

فعلى القول بأن النفي للقيد -وهو قوله: (يستظل به)- يكون المعنى أن هناك ظلاَّ ولكنه لا يستطيع الإنسان أن يستظل به لأنه قليل جداً لا يكفي، ومن يقول: إنه للقيد والمقيد يقول: إن الصلاة كانت قبل الزوال.

وقطع الشك باليقين وكون الإنسان يأتي بها بعد الزوال هذا هو الذي لا شك فيه وهو الاحتياط.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح سنن أبي داود [099] للشيخ : عبد المحسن العباد

https://audio.islamweb.net