إسلام ويب

لصلاة الجمعة نافلة بعدها وليس لها نافلة قبلها، إذ يشرع قبلها أن يصلي المرء ما كتب الله تعالى له ويشغل نفسه بذكر الله تعالى، فإذا قضيت الصلاة صلى في المسجد أربع ركعات أو انصرف إلى بيته وصلى ركعتين، وينبغي للمرء في صلاة النافلة ألا يصليها في مكان الفريضة مباشرة دون أن يفصل بينهما بكلام أو خروج، والأولى له أن ينتقل إلى مكان آخر ليصلي فيه، ليفصل بين الفرض والنفل وليحوز شهادة البقعة له بالعبادة عليها.

الرجل يأتم بالإمام وبينهما جدار

شرح حديث (صلى رسول الله في حجرته والناس يأتمون به)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الرجل يأتم بالإمام وبينهما جدار.

حدثنا زهير بن حرب حدثنا هشيم أخبرنا يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجرته والناس يأتمون به من وراء الحجرة) ].

أورد أبو داود رحمه الله [باب الرجل يأتم بالإمام وبينهما جدار] والمقصود من هذا أن المأموم إذا ائتم بالإمام وبينهما جدار فإن الصلاة صحيحة، ولا بأس بأن يصلي المأموم وراء إمام وبينهما جدار، كما أنه لا بأس بأن يكون الإمام أعلى من المأمومين أو العكس، كل ذلك لا بأس به ما دام أن سماع القراءة ممكن، ولو حصل أن توقف مكبر الصوت ولم يمكن الائتمام فإنه يمكن أن ينفصل المأمومون وكل واحد منهم يكمل صلاته على حدة أو يتقدم شخص ويكون إماماً لهم في بقية الصلاة.

وأورد أبو داود رحمه الله حديث عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في حجرته والناس يأتمون به من وراء الحجرة)، وهذا يدل على أن وجود الفاصل أو الجدار بين الإمام والمأموم أو بعض المأمومين لا بأس به؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في حجرته والناس يصلون بصلاته خارج الحجرة، فهذا يدلنا على أن الصلاة إذا حصلت من المأموم وراء إمامه وبينهما جدار فلا بأس به، كما أنه لا بأس بأن يكون المأموم فوق السطح ويصلي بصلاة الإمام، أو يصلي في مكان منخفض ويصلي بصلاة الإمام، كل ذلك لا بأس به، كما أن الإمام لو كان في مكان أرفع من المأمومين فلا بأس به كما سبق أن مر بنا في الحديث أنه لما وضع المنبر فإن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى فوقه والناس يرونه.

تراجم رجال إسناد حديث (صلى رسول الله في حجرته والناس يأتمون به)

قوله: [ حدثنا زهير بن حرب ].

هو زهير بن حرب أبو خيثمة ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .

[ حدثنا هشيم ].

هو هشيم بن بشير الواسطي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرنا يحيى بن سعيد ].

يحيى بن سعيد الأنصاري المدني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عمرة ].

هي عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية ، وهي ثقة، أخرج لها أصحاب الكتب الستة، وهي مكثرة من الرواية عن عائشة .

[ عن عائشة ].

هي عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق ، وهي أحد سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم أبو هريرة وابن عمر وابن عباس وأبو سعيد وأنس وجابر وأم المؤمنين عائشة ، ستة رجال وامرأة واحدة.

تابع شرح حديث (صلى رسول الله في حجرته والناس يأتمون به)

وصلاته صلى الله عليه وسلم في حجرته قد تكون نافلة أو فريضة، وسواء أكانت نافلة أم فريضة فالحديث يدل على جواز صلاة المأموم مؤتماً بالإمام وبينهما جدار، لكن الذي يبدو -والله أعلم- أنها فريضة؛ لأن في الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي في بيته والناس يصلون وراءه، وأشار إليهم أن يجلسوا، فيحتمل أنها فريضة، لكن من ناحية الحكم فسواء أكانت فريضة أم نافلة فائتمام المأموم بالإمام وبينهما جدار جائز لهذا الحديث، وهذا حكم عام يشمل الجمعة وغير الجمعة، ولعل المصنف ذكره هنا لأن الجمعة هي التي يكثر فيها الناس، وقد يترتب على ذلك أن يكون هناك جدار يفصل بين الإمام والمأمومين.

الصلاة بعد الجمعة

شرح حديث صلاة ركعتين بعد الجمعة في البيت

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: الصلاة بعد الجمعة.

حدثنا محمد بن عبيد وسليمان بن داود المعنى، قالا: حدثنا حماد بن زيد حدثنا أيوب عن نافع : (أن ابن عمر رضي الله عنهما رأى رجلاً يصلي ركعتين يوم الجمعة في مقامه فدفعه، وقال: أتصلي الجمعة أربعاً؟ وكان عبد الله يصلي يوم الجمعة ركعتين في بيته، ويقول: هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم) ].

أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة [ باب: الصلاة بعد الجمعة ] يعني: صلاة النافلة بعد الجمعة، وقد وردت السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أن الصلاة بعد الجمعة ركعتان أو أربع، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي في بيته بعد أن ينتهي من صلاة الجمعة ركعتين، وثبت أنه صلى الله عليه وسلم أمر أن يصلى بعد الجمعة أربع ركعات، وهذا يدلنا على أن الجمعة لها سنة بعدها، وهي إما ركعتان أو أربع، وبعض العلماء قال: إن هذا من خلاف التنوع، والإنسان له أن يصلي ركعتين أو أربعاً، والأربع أكمل وأتم، وبعض أهل العلم -ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية- قال: إن صلى في بيته صلى ركعتين، وإن صلى في المسجد صلى أربعاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جاء عنه أنه كان يصلي في بيته ركعتين، وجاء عنه أنه أمر بأن يصلى بعد الجمعة أربع ركعات، والنبي صلى الله عليه وسلم داوم على صلاة ركعتين في بيته، فإذا صلى الإنسان في بيته يصلي ركعتين، وإذا صلى في المسجد صلى أربعاً، وقد جاء في الحديث ما يدل على ذلك، وإن صلى في البيت أربعاً فلا بأس بذلك، لكن كونه يأتي بالأربع في المسجد أو ركعتين في البيت -كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية- هو الأولى، وذلك لأنه لو صلى في المسجد ركعتين وكان في مصلاه الذي صلى فيه فيكون كأنه قد صلى الجمعة أربعاً، ولكنه إذا تحول من مكانه وصلى في مكان آخر ركعتين أو أربعاً فإن هذا الاحتمال أو هذا الإشكال يزول لكونه صلى في مكان آخر.

أما السنة قبل الجمعة فلم يأت في ذلك شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن تشرع النوافل المطلقة التي هي غير مقيدة بعدد، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك، فقد قال: (من اغتسل يوم الجمعة ثم أتى المسجد فصلى ما كتب له ثم أنصت للخطبة ...) ومعناه أنه يصلي ما أمكنه أن يصلي، وكان ابن عمر يصلي كثيراً في المسجد، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا إذا جاءوا إلى المسجد يصلون ما أرادوا أن يصلوا ثم يجلسون ولا يقومون إلا للصلاة، فليس هناك راتبة معينة محددة قبل الجمعة، لا ثنتين ولا أربع، وإنما الراتبة بعدها -كما جاء ذلك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام- إما ركعتان وإما أربع، وقبل الجمعة ليس هناك راتبة، ولكن هناك الصلاة المطلقة التي تكون من الإنسان إذا دخل المسجد، فله أن يصلي ما أمكنه أن يصلي ثم بعد ذلك يجلس ولا يقوم إلا للصلاة بعد ذلك.

وأورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه [رأى رجلاً يصلي ركعتين يوم الجمعة في مقامه فدفعه، وقال: أتصلي الجمعة أربعاً؟!]

ولعله دفعه ليتحول من مكانه حتى لا يكون كأنه صلى الجمعة أربعاً، بمعنى أنه صلى مع الإمام ركعتين ثم أتى بعد ذلك بركعتين بعدها، فتصير كأنها ظهراً، ولكنه إذا انتقل إلى مكان آخر وتحول إلى مكان آخر زال الإشكال.

قوله: [(وكان عبد الله يصلي يوم الجمعة ركعتين في بيته ويقول: هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم)] أي أنه كان يصلي في بيته ركعتين، لكنه إذا صلى ركعتين في المسجد في مقامه فإنَّه بذلك يكون كأنه صلى الجمعة أربعاً، ولكنه لو تحول من مكانه إلى مكان آخر يزول الإشكال؛ ولهذا قال: [فدفعه] ومعناه أنه أراد منه أن ينتقل، وبعض الشراح قال: منعه من الصلاة، ولكن ابن عمر رضي الله تعالى عنه جاء عنه أنه إذا كان بمكة وصلى الجمعة فإنه كان يتحول عن مكانه قليلاً ويصلي ركعتين، ثم يتحول عن مكانه قليلاً ويصلي أربعاً، وإذا كان في المدينة صلى الجمعة ثم صلى بعدها ركعتين في بيته كما جاء في الحديث الذي معنا وقال: [هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم] وذلك يرجع إلى الركعتين اللتين تكونا في البيت بعد الجمعة.

تراجم رجال إسناد حديث صلاة ركعتين بعد الجمعة في البيت

قوله: [ حدثنا محمد بن عبيد ].

محمد بن عبيد ثقة، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي .

[ وسليمان بن داود ].

هو سليمان بن داود العتكي أبو الربيع الزهراني البصري ، ثقة أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .

[ حدثنا حماد بن زيد ].

هو حماد بن زيد البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أيوب ] .

هو أيوب بن أبي تميمة السختياني ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن نافع ].

هو نافع مولى ابن عمر ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أن ابن عمر ].

هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما الصحابي الجليل أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث (كان ابن عمر رضي الله عنهما يطيل الصلاة قبل الجمعة)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا إسماعيل أخبرنا أيوب عن نافع أنه قال: (كان ابن عمر رضي الله عنهما يطيل الصلاة قبل الجمعة، ويصلي بعدها ركعتين في بيته، ويحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك) ]

أورد أبو داود أن ابن عمر كان يطيل الصلاة قبل الجمعة، ويصلي بعدها ركعتين في بيته ويقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك).

والمقصود بقوله: [كان يفعل ذلك] أي: الركعتين التي كان يصليهما في بيته، وابن عمر كان يأتي للجمعة مبكراً ويصلي ويطيل الصلاة، وأما الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه كان يأتي إلى المسجد عندما يصعد على المنبر، وكذلك في بقية الصلوات كان يخرج من منزله فتقام الصلاة، وكان يصلي النافلة في بيته ثم بعد ذلك يصلي ويرجع ويصلي النافلة في بيته صلى الله عليه وسلم.

فالحاصل أن المرفوع هو كونه يصلي ركعتين في بيته كما سبق أن مر في الحديث السابق أنه كان يصلي ركعتين في بيته ويقول: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك) أي: الركعتين، وليس المقصود من ذلك الصلاة قبل الجمعة، فإطالة الصلاة قبل الجمعة إنما هو من فعل ابن عمر ، وهذه من النوافل المطلقة، وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يأتون مبكرين ويصلون ما أرادوا أن يصلوا، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك حيث قال: (من اغتسل يوم الجمعة ثم أتى المسجد وصلى ما كتب له ثم أنصت...) إلى آخر الحديث، فهذه نوافل مطلقة، وليست سنة راتبة معينة بركعتين أو أربع كما جاء ذلك بعد الجمعة.

تراجم رجال إسناد حديث (كان ابن عمر رضي الله عنهما يطيل الصلاة قبل الجمعة...)

قوله: [ حدثنا مسدد ].

مسدد مر ذكره.

[ حدثنا إسماعيل ].

هو إسماعيل بن إبراهيم المشهور بـابن علية ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرنا أيوب عن نافع عن ابن عمر ].

مر ذكرهم.

شرح حديث (لا توصل صلاة بصلاة حتى تتكلم أو تخرج)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن علي حدثنا عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج أخبرني عمر بن عطاء بن أبي الخوار أن نافع بن جبير أرسله إلى السائب بن يزيد ابن أخت نمر يسأله عن شيء رأى منه معاوية رضي الله عنه في الصلاة فقال: (صليت معه الجمعة في المقصورة، فلما سلمت قمت في مقامي فصليت، فلما دخل أرسل إلي فقال: لا تعد لما صنعت، إذا صليت الجمعة فلا تصلها بصلاة حتى تكلم أو تخرج؛ فإن نبي الله صلى الله عليه وسلم أمر بذلك، أن لا توصل صلاة بصلاة حتى تتكلم أو تخرج) ]

أورد أبو داود حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنه أنه صلى في المقصورة، والمقصورة حجرة كانت في المسجد، وكان قد اتخذها معاوية بعدما اعتدى عليه الخارجي، فكان يصلي في المقصورة، فصلى السائب بن يزيد معه، وحصل من السائب بن يزيد أنه قام يتنفل في مكانه بعد الجمعة، ثم إن معاوية دعاه وقال: (لا تعد إلى ما صنعت؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن توصل صلاة بصلاة حتى تتكلم أو تخرج)، يعني: ليس للإنسان أن يصلي بعد الجمعة في مقامه؛ لأن هذا من وصل الصلاة بالصلاة، وهذا دليل على أن الإنسان يصلي النافلة في مكان آخر غير المكان الذي صلى فيه الفريضة، وفائدة ذلك أن لا يصل فرضاً بنفل، ولتشهد له البقاع المتعددة التي يصلي فيها؛ لأن الأرض تشهد يوم القيامة على ما فعل على ظهرها من خير وشر، وهو معنى قول الله عز وجل: يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا [الزلزلة:4] يعني: تخبر عما حصل على ظهرها من خير أو شر، فإذا صلى الإنسان في مكان آخر تعددت البقع التي صلى فيها، وتشهد له البقع المتعددة والأماكن المتعددة.

والحاصل أن حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه يدل على أن الإنسان إذا تنفل يوم الجمعة في المسجد فلا يتنفل في مكانه الذي صلى فيه حتى يتكلم أو يخرج أو يتحول إلى مكان آخر كما سيأتي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه، وفيه أن الفصل بين الفرض والنفل يكون بالكلام ويكون -أيضاً- بالفعل والانتقال، ولكن الانتقال أولى من الاقتصار على الكلام؛ لأن فائدة الانتقال تعدد البقع وكونها تشهد له كما أشرت إلى ذلك آنفاً.

وهذا الحكم ليس خاصاً بالجمعة، بل الجمعة وغيرها من ناحية الانتقال سواء، وهذا الحديث: فقوله: [(فإن نبي الله صلى الله عليه وسلم أمر بذلك، أن لا توصل صلاة بصلاة عام)].

تراجم رجال إسناد حديث (لا توصل صلاة بصلاة حتى تتكلم أو تخرج)

قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ].

هو الحسن بن علي الحلواني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي .

[ حدثنا عبد الرزاق ].

هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرنا ابن جريج ].

هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عمر بن عطاء بن أبي الخوار ].

هو عمر بن عطاء بن أبي الخوار ثقة أخرج له مسلم وأبو داود .

[ عن السائب بن يزيد ].

هو السائب بن يزيد صحابي صغير رضي الله عنه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[ عن معاوية ].

هو أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث صلاة ركعتين في البيت بعد الجمعة من طريق ثانية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة المروزي أخبرنا الفضل بن موسى عن عبد الحميد بن جعفر عن يزيد بن أبي حبيب عن عطاء عن ابن عمر أنه قال: (كان إذا كان بمكة فصلى الجمعة تقدم فصلى ركعتين ثم تقدم فصلى أربعاً، وإذا كان بالمدينة صلى الجمعة ثم رجع إلى بيته فصلى ركعتين، ولم يصل في المسجد، فقيل له فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يفعل ذلك) ]

أورد المصنف حديث ابن عمر أنه كان إذا كان بمكة فصلى الجمعة تقدم فصلى ركعتين، ثم تقدم أكثر من ذلك فصلى أربعاً، وإذا كان في المدينة وصلى الجمعة ذهب إلى بيته وصلى فيه ركعتين، ولم يصل في المسجد، وقال: [(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك)] يعني: يفعل هذا الأخير الذي هو كونه يصلي ركعتين في بيته وليس في المسجد؛ لأن هذا هو هدي رسول عليه الصلاة والسلام المعروف عنه، فالمرفوع من حديث ابن عمر إنما هو: (كون النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في بيته ركعتين بعد الجمعة)، وابن عمر رضي الله عنه كان إذا كان في المدينة يصلي ركعتين في بيته بعد الجمعة، لكنه إذا كان بمكة كان يفعل ذلك ويصلي ستاً: يصلي ركعتين ثم يتحول بعد ذلك إلى مكان آخر ويصلي فيه أربعاً، فيصير المجموع ست ركعات، وفعل ابن عمر رضي الله عنه ثابت كما جاء في هذا الحديث، وبعض أهل العلم قال به، وأنه يصلي بعد الجمعة ستاً، ولا أدري وجه هذا التفريق في كونه بمكة كان يفعل هذا الفعل، وفي المدينة يرجع إلى بيته ويصلي ركعتين كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، والذي ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي ركعتين في بيته بعد الجمعة وأمر بالصلاة بعد الجمعة أربعاً كما سيأتي في حديث عند أبي داود .

تراجم رجال إسناد حديث صلاة ركعتين في البيت بعد الجمعة من طريق ثانية

قوله: [ حدثنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة المروزي ].

محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة المروزي ثقة، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن.

[ أخبرنا الفضل بن موسى ].

الفضل بن موسى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الحميد بن جعفر ].

عبد الحميد بن جعفر صدوق ربما وهم، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن يزيد بن أبي حبيب ].

هو يزيد بن أبي حبيب المصري ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عطاء ].

هو عطاء بن أبي رباح المكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن عمر ].

ابن عمر مر ذكره.

شرح حديث (من كان مصلياً بعد الجمعة فليصل أربعاً)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير ، ح: وحدثنا محمد بن الصباح البزاز حدثنا إسماعيل بن زكريا عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -قال ابن الصباح قال: (من كان مصلياً بعد الجمعة فليصل أربعاً)، وتم حديثه، وقال ابن يونس : (إذا صليتم الجمعة فصلوا بعدها أربعاً) قال: فقال لي أبي: يا بني! فإن صليت في المسجد ركعتين ثم أتيت المنزل -أو: البيت- فصل ركعتين].

أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(من كان مصلياً بعد الجمعة فليصل بعدها أربعاً)]، وهذه رواية أحد شيخي أبي داود، ورواية شيخه الثاني: [(إذا صليتم الجمعة فصلوا بعدها أربعاً)] فهذا دليل على أن السنة بعد الجمعة أنه يصلي بعدها أربعاً، وكان هديه صلى الله عليه وسلم أن يصلي في بيته ركعتين بعد الجمعة، وقد أشرت أن شيخ الإسلام ابن تيمية رجح أنه إن صلى في المسجد صلى أربعاً، وإن صلى في بيته صلى ركعتين، ويجوز أن يصلي في المسجد أربعاً أو ركعتين، أو يصلي في البيت أربعاً أو يصلي فيه ركعتين، كل ذلك جاء ما يدل عليه بالنسبة لإطلاق الأربع.

ثم إن في رواية أحمد بن يونس زيادة، وهي أن أبا صالح قال لابنه سهيل الراوي عنه: يا بني! إذا صليت في المسجد ركعتين وأتيت البيت فصل ركعتين. وذلك ليكمل الأربع التي جاءت في هذا الحديث: [(إذا صليتم الجمعة فصلوا بعدها أربعاً)]، والإنسان إذا ما أتى بالأربع في المسجد بل أتى ببعضها فإنه يكمل الأربع في البيت، ومعناه تنفيذ النص.

تراجم رجال إسناد حديث (من كان مصلياً بعد الجمعة فليصل أربعاً)

قوله: [ حدثنا أحمد بن يونس ].

هو أحمد بن عبد الله بن يونس الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا زهير بن معاوية ].

هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ وحدثنا محمد بن الصباح البزاز ].

هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا إسماعيل بن زكريا ].

هو صدوق يخطئ قليلاً، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[ عن سهيل ].

سهيل بن أبي صالح صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة، والبخاري ما أخرج له استقلالاً وإنما أخرج له متابعة ومقروناً، وكذلك خرج حديثه في ترجمة حديث: (الدين النصيحة) حيث أتى بالترجمة فقال: (باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)، ولم يسند الحديث؛ لأن سهيل بن أبي صالح ليس على شرطه، ولذا لم يرو عنه مستقلاً، وإنما روى عنه مقروناً.

[ عن أبيه ] .

هو أبو صالح ذكوان السمان ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي هريرة ].

هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.

شرح حديث (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن علي حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته) .

قال أبو داود : وكذلك رواه عبد الله بن دينار عن ابن عمر ].

أورد أبو داود حديث ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته، وهو مثل الأحاديث المتقدمة عن ابن عمر أنه كان يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته.

تراجم رجال إسناد حديث (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته)

قوله: [ حدثنا الحسن بن علي عن عبد الرزاق عن معمر ].

معمر هو ابن راشد الأزدي البصري، ثم اليماني، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن الزهري ].

هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سالم ].

هو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، وهو ثقة أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

قوله: [ قال أبو داود : وكذلك رواه عبد الله بن دينار عن ابن عمر ].

عبد الله بن دينار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، ويعني أنه رواه كما رواه سالم .

شرح حديث صلاة ابن عمر بعد الجمعة ست ركعات

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا إبراهيم بن الحسن حدثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج أخبرني عطاء أنه رأى ابن عمر يصلي بعد الجمعة فينماز عن مصلاه الذي صلى فيه الجمعة قليلاً غير كثير، قال: فيركع ركعتين، قال: ثم يمشي أنفس من ذلك فيركع أربع ركعات، قلت لـعطاء : كم رأيت ابن عمر يصنع ذلك؟ قال: مراراً.

قال أبو داود : رواه عبد الملك بن أبي سليمان ولم يتمه ].

أورد أبو داود هذا الأثر أن عطاء بن أبي رباح رأى ابن عمر إذا صلى الجمعة انماز -يعني: تميز- عن مكانه وانحاز عن مكانه قليلاً وصلى ركعتين، ثم مشى أنفس من ذلك -يعني: مسافة أكثر من المسافة السابقة- وصلى أربع ركعات، فقيل لـعطاء : كم رأيته يفعل ذلك؟ فقال: مراراً، وسبق عن عطاء هذا أنه قال: كان ابن عمر إذا كان بمكة وصلى الجمعة صلى بعدها ركعتين ثم تقدم وصلى أربعاً، وإذا كان بالمدينة صلى في بيته ركعتين ولم يصل في المسجد، وقال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك) وقد مر الكلام على هذا في الحديث السابق.

تراجم رجال إسناد حديث صلاة ابن عمر بعد الجمعة ست ركعات

قوله: [ حدثنا إبراهيم بن الحسن ].

هو إبراهيم بن الحسن المصيصي ، وهو ثقة أخرج له أبو داود والنسائي.

[ حدثنا حجاج بن محمد ].

هو حجاج بن محمد المصيصي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن جريج ].

ابن جريج مر ذكره.

[ أخبرني عطاء أنه رأى ابن عمر ].

عطاء بن أبي رباح وابن عمر مر ذكرهما.

قوله: [ قال أبو داود : ورواه عبد الملك بن أبي سليمان ولم يتمه ].

يعني أنه ما أتى به كالرواية السابقة، وإنما أتى به بأقل من ذلك، وعبد الملك بن أبي سليمان صدوق له أوهام، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

صلاة العيدين

شرح حديث (قدم رسول الله المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما.. )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب صلاة العيدين.

حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن حميد عن أنس رضي الله عنه أنه قال: (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما يوم الأضحى ويوم الفطر) ].

أورد أبو داود رحمه الله: [باب صلاة العيدين] والعيدان: هما عيدا المسلمين عيد الأضحى وعيد الفطر، وكل منهما يأتي في موسم عظيم، فعيد الفطر يأتي بعد إكمال صيام شهر رمضان، ويسمى عيد الفطر؛ لأن سببه الفطر من رمضان وإكمال شهر رمضان، ويؤتى به شكراً لله عز وجل على نعمة إكمال الصيام، ولهذا قيل له: عيد الفطر من رمضان، وكون الإنسان أكمل شهر رمضان وأتمه نعمة عظيمة، ويشكر الله عز وجل عليها بأمور، منها: أنه يخرج زكاة الفطر، ولهذا قيل لها: (زكاة الفطر) وهي شكر لله عز وجل على إتمام هذه النعمة التي هي إكمال الصيام، ولهذا جاء في الحديث: (للصائم فرحتان يفرحهما: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه) ومعنى قوله: (عند فطره) أنه أتم هذا العمل الصالح، وأتم هذا الصيام، فيفرح لأنه أتم الصيام، وليس المقصود أنه يفرح بالأكل والشرب، وإنما يفرح بإكمال العمل الصالح وكونه وفق لإتمام العمل الصالح، فإذا أكمل شهر رمضان يحصل الفرح الأكبر لكونه أتم الشهر كاملاً، وهو كل يوم عندما يفطر يفرح لأنه أكمل هذه العبادة، وإذا أكمل ثلاثين يوماً أو تسعة وعشرين يوماً فإنه يفرح لأنه أدى هذه العبادة وأفطر منها بعد إتمامها، ولهذا وجب إفطار يوم العيد وحرم صيامه، ولا يجوز صيامه بحال من الأحوال، بخلاف أيام التشريق فإنه رخص لمن لم يجد الهدي أن يصومه، لكن يوم العيد ليس لأحد أن يصومه، سواء عيد الفطر أو عيد الأضحى، فيجب إفطارهما، وعيد الفطر نسب إلى الفطر لأنه شكر لله عز وجل على تلك النعمة، وهو ليس في الشهر، ولكنه خارج الشهر، وقد جاء في الحديث: (شهرا عيد لا ينقصان) سميا شهرا عيد مع كون العيد ليس فيه؛ لأنه متصل به وقريب منه، وإن لم يكن منه؛ لأن العيد في أول يوم من شوال، فأضيف إليه لأنه سببه الشهر ولأنه متصل به، وقد يضاف الشيء إلى ما يقاربه، كما قيل لصلاة المغرب: (وتر النهار) مع أنها ليست من النهار، وإنما هي في أول الليل، ولكنها قريبة من النهار ومتصلة بالنهار، فقيل لها: وتر النهار.

وعيد الأضحى يأتي في موسم ذبح الهدي بالنسبة للحجاج، وذبح الأضاحي بالنسبة للحجاج وغير الحجاج؛ لأن المسلمين يضحون في كل مكان، فنسب العيد إلى الأضحى؛ لأن الناس يضحون فيه، ويتقربون فيه بالقرابين لله سبحانه وتعالى، فهما عيدان اثنان للمسلمين أنعم الله عز وجل بهما على المسلمين، وشرعهما للمسلمين.

وأورد أبو داود رحمه الله حديث أنس رضي الله عنه [(أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال: ما هذان اليومان؟ فقالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال: إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما، يوم الأضحى ويوم الفطر)] فهذان عيدا المسلمين، والأعياد التي كانت في الجاهلية قضى عليها الإسلام وأبطلها، ولم يأت في الشرع إلا عيد الأضحى وعيد الفطر.

وقوله صلى الله عليه وسلم: [(أبدلكم الله بهما خيراً منهما)] هو لأجل أن هذين اليومين يفرح فيهما في الإسلام بسبب العبادة والتقرب إلى الله عز وجل، فاليوم الذي أدى الناس فيه العبادة وأكملوها يفرحون فيه لكونهم أتموا العبادة التي شرعها الله، فيوم العيد هو يوم شكر لله عز وجل على إتمام تلك النعمة، فشرعت صلاة العيد وشرعت زكاة الفطر، وأضيف العيد إلى الفطر لأن سببه الفطر، فصار المسلمون يفرحون في هذين اليومين بالعبادة، وهو يوم فرح للأطفال الصغار، ولذا يمكنون من اللعب في يومي العيد، وأما الكبار فليسوا أهلاً للعب، وإنما هم أهل للجد والعبادة والإقبال على الله عز وجل والاشتغال بالطاعة، والفرح بإكمال النعمة التي هي نعمة إتمام الصيام، وكذلك التقرب إلى الله عز وجل بذبح الأضاحي.

وقوله: [(أبدلكم بهما)] الباء تدخل على المتروك؛ لأن هناك شيئاً مأخوذاً وشيئاً متروكاً، والمتروك هما اليومان اللذان كانا في الجاهلية، فقوله: [أبدلكم بهما] أي: بيومي الجاهلية، فالباء تدخل على المتروك، كقول الله عز وجل: أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ [البقرة:61] فالذي هو خير هو المتروك، فبنو إسرائيل أخذوا ما هو أقل منه وما هو دونه، فالقاعدة أن الباء تدخل على المتروك.

وقوله: [(أبدلكم بهما خيراً منهما)] يعني: في الإسلام، وهما يوما فرح بالعبادة وبالقربى وإكمال العمل الصالح.

وهذان العيدان هما المشروعان في الإسلام، والأعياد الأخرى محدثة، لكن الجمعة جاء في الشرع ما يدل على تسميتها عيداً، ولكنها عيد أسبوعي؛ لأنها تتكرر كل أسبوع، وقد مر الحديث الذي فيه اجتماع العيدين، أي: اجتماع العيد والجمعة في يوم واحد، وكذلك الأثر الذي في صحيح البخاري عن عثمان رضي الله عنه أنه خطب الناس يوم عيد الأضحى فقال: (إنه قد اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان).

تراجم رجال إسناد حديث (قدم رسول الله المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما.. )

قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ].

هو موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا حماد ].

هو حماد بن سلمة بن دينار البصري ، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن، وإذا جاء موسى عن حماد، وحماد غير منسوب فالمراد به حماد بن سلمة .

[ عن حميد ].

هو حميد بن أبي حميد الطويل ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أنس ].

هو أنس بن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وقت الخروج إلى العيد

شرح حديث (إنا كنا قد فرغنا ساعتنا هذه.. )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: وقت الخروج إلى العيد.

حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا أبو المغيرة حدثنا صفوان حدثنا يزيد بن خمير الرحبي قال: (خرج عبد الله بن بسر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الناس في يوم عيد فطر أو أضحى فأنكر إبطاء الإمام، فقال: إنا كنا قد فرغنا ساعتنا هذه. وذلك حين التسبيح) ].

أورد أبو داود [باب: وقت الخروج إلى العيد] يعني أنه يخرج إلى العيد في أول النهار، والخطيب يخرج إذا ارتفعت الشمس، وجاء الوقت الذي تحل فيه الصلاة بعد وقت النهي، وذلك بعد أن ترتفع الشمس قيد رمح، وقد جاء في حديث فيه كلام أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعجل الأضحى ويؤخر الفطر، فصلاة عيد الفطر إذا أخرت قليلاً بعد دخول الوقت يتسع الوقت لإخراج زكاة الفطر، وصلاة عيد الأضحى إذا قدمت يتسع للناس وقت ذبح الأضاحي.

فالحاصل أن صلاة العيد تبدأ من ارتفاع الشمس قيد رمح، ولكنها لا تؤخر كثيراً كما جاء في حديث عبد الله بن بسر الذي أورده أبو داود أنه خرج فأبطأ الإمام في الخروج، فقال: إنا كنا في هذه الساعة نكون انتهينا من صلاة العيد. يعني: في هذا الوقت الذي خرج الإمام فيه الآن، وكان وقت التسبيح، أي: وقت صلاة الضحى، والمقصود من ذلك أنه قدم الصلاة، وإلا فوقت صلاة الضحى من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى الزوال، وصلاة الضحى أفضل ما تكون إذا اشتدت الشمس واشتدت الحرارة كما جاء في الحديث: (صلاة الأوابين حين ترمض الفصال) يعني: وقت شدة الحرارة.

والمقصود بالتسبيح هنا صلاة النافلة التي هي سبحة الضحى، كما جاء في الحديث في فضل صلاة الضحى: (كل سلامى من الناس عليه صدقة) وذكر جملة من الأمور ثم قال: (ويجزئ عن ذلك ركعتان من الضحى) ويقال لها: سبحة، أي: نافلة، وفي الحديث: (كان إذا جمع بين الصلاتين لم يسبح بينهما)، أي: لم يتنفل، والتسبيح هو التنفل.

تراجم رجال إسناد حديث ( إنا كنا قد فرغنا ساعتنا هذه.. )

قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ].

هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتاب الستة.

[ حدثنا أبو المغيرة ].

هو عبد القدوس بن حجاج ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا صفوان ].

هو صفوان بن عمرو السكسكي ، وهو ثقة أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.

[ حدثنا يزيد بن خمير الرحبي ].

يزيد بن خمير الرحبي صدوق أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن عبد الله بن بسر ].

هو عبد الله بن بسر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح سنن أبي داود [141] للشيخ : عبد المحسن العباد

https://audio.islamweb.net