إسلام ويب

من الضوابط التي وضعها الشرع لانضباط الحياة الاجتماعية في الأمور الزوجية والعائلية أنه اعتمد أقوال القافة في معرفة من أبو الولد، كما أنه نسب ولد الزنا إلى أمه، حتى لا تختلط الأنساب، وإذا حصل نزاع على الولد بين الأب والأم فإنه ينظر إلى أصلحهما، أو يخير الولد بين أبيه وأمه إذا كان مميزاً، فإن لم يكن مميزاً فإنه يعطى لأمه، وهي أحق به ما لم تنكح.

وجوه النكاح التي كان يتناكح بها أهل الجاهلية

شرح أثر عائشة في ذكر أنواع الأنكحة في الجاهلية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في وجوه النكاح التي كان يتناكح بها أهل الجاهلية.

حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عنبسة بن خالد قال: حدثني يونس بن يزيد قال: قال محمد بن مسلم بن شهاب : أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته: أن النكاح كان في الجاهلية على أربعة أنحاء، فكان منها نكاح الناس اليوم، يخطب الرجل إلى الرجل وليته فيصدقها ثم ينكحها، ونكاح آخر كان الرجل يقول لامرأته إذا طهرت من طمثها: أرسلي إلى فلان فاستبضعي منه ويعتزلها زوجها ولا يمسها أبداً حتى يتبين حملها من ذلك الرجل الذي تستبضع منه، فإذا تبين حملها أصابها زوجها إن أحب، وإنما يفعل ذلك رغبة في نجابة الولد، فكان هذا النكاح يسمى نكاح الاستبضاع، ونكاح آخر يجتمع الرهط دون العشرة، فيدخلون على المرأة كلهم يصيبها، فإذا حملت ووضعت ومر ليالٍ بعد أن تضع حملها أرسلت إليهم، فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع حتى يجتمعوا عندها، فتقول لهم: قد عرفتم الذي كان من أمركم وقد ولدت، وهو ابنك يا فلان! فتسمي من أحبت منهم باسمه، فيلحق به ولدها، ونكاح رابع يجتمع الناس الكثير فيدخلون على المرأة لا تمتنع ممن جاءها، وهن البغايا كن ينصبن على أبوابهن رايات يكنّ علماً لمن أرادهن دخل عليهن، فإذا حملت فوضعت حملها جُمعوا لها، ودعوا لهم القافة ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون، فالتاطه، ودُعي ابنه، لا يمتنع من ذلك، فلما بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم هدم نكاح أهل الجاهلية كله إلا نكاح أهل الإسلام اليوم ].

أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة وهي: باب في وجوه النكاح التي كان يتناكح بها أهل الجاهلية.

وقد أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أن نكاح الجاهلية كان على أربعة أنحاء، أي: على أربعة وجوه وأقسام:

أحدها: النكاح الذي عليه المسلمون اليوم والذي جاء به الإسلام، وهو: أن الرجل يأتي إلى الرجل ويخطب موليته منه ويصدقها ثم ينكحها إياه، وهذا هو النكاح الشرعي الذي جاء به الإسلام، وهذا مما كان في الجاهلية وأقره الإسلام، وهذا هو النكاح الصحيح الشرعي.

الثاني: وهو أن الرجل إذا كان له امرأة ثم طمثت -يعني: حاضت- لا يقربها بعد الحيض، ويطلب منها أن تستبضع من شخص يكون معروفاً بالشهامة، أو معروفاً بعلو المنزلة فيجامعها، فإذا حملت وتحقق حملها بعد ذلك إن شاء أن يطأها هو وإلا تركها، ثم ينسب الولد إليه، أي: إلى زوجها، وهذا النكاح يسمى: نكاح الاستبضاع.

الثالث: أن المرأة الزانية يأتيها الرهط دون العشرة فيدخلون عليها ويجامعونها في طهر واحد، فإذا حملت فإنها تدعو هؤلاء بعد أن تلد ثم تخبرهم بالذي حصل منهم وتقول: الولد لك يا فلان! أي: تعين واحداً منهم فيأخذه ويصير ابناً له بذلك، أي: أنه ابنه من الزنا.

والرابع: أن البغايا كنّ ينصبن رايات على بيوتهن يدعون الرجال إلى أنفسهن، وكل من أراد دخل، ويعرف الذين دخلوا عليها وحصل منهم جماع لها وهم كثيرون، ثم بعدما تلد يدعون ويعرض الولد على القافة، فينظر فيهم القائف ويلحقه بواحد منهم، فيستلحقه ويكون ابناً له بذلك، فجاء الإسلام وهدم كل ما كان في الجاهلية إلا النكاح الذي عليه الناس اليوم، وهو القسم الأول من هذه الأقسام الأربعة.

وقوله: (فالتاطه) يعني: لصق به وأخذه.

تراجم رجال إسناد أثر عائشة في ذكر أنواع الأنكحة في الجاهلية

قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ].

هو أحمد بن صالح المصري ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي في الشمائل.

[ حدثنا عنبسة بن خالد ].

هو عنبسة بن خالد الأيلي ، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري وأبو داود .

[ حدثني يونس بن يزيد ].

هو يونس بن يزيد الأيلي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ قال: قال محمد بن مسلم بن شهاب ].

محمد بن مسلم بن شهاب ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرني عروة بن الزبير ].

هو عروة بن الزبير بن العوام ، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أن عائشة ].

هي عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

الولد للفراش

شرح حديث (الولد للفراش وللعاهر الحجر)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الولد للفراش.

حدثنا سعيد بن منصور ومسدد قالا: حدثنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: اختصم سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة رضي الله عنهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ابن أمة زمعة، فقال سعد : أوصاني أخي عتبة إذا قدمت مكة أن أنظر إلى ابن أمة زمعة فأقبضه فإنه ابنه، وقال عبد بن زمعة : أخي ابن أمة أبي ولد على فراش أبي، فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم شبهاً بيناً بـعتبة فقال: (الولد للفراش، وللعاهر الحجر، واحتجبي منه يا سودة !).

زاد مسدد في حديثه وقال: (هو أخوك يا عبد !) ].

أورد أبو داود هذه الترجمة بعنوان: باب الولد للفراش، والمقصود بكون الولد للفراش: أن المرأة إذا كانت فراشاً لرجل -سواءً كان زوجها أو سيدها- فولدت من زنا، أو وطء بشبهة، أو نحو ذلك فإن الولد يكون لصاحب الفراش، فيلحق به وينسب إليه، سواءً كان صاحب الفراش زوجاً أو سيداً، أي: أن تكون فراشه أمة له يملكها، فهذا هو المقصود بالولد للفراش، فيغلب جانب الزوجية أو جانب التسري، أي: يغلب جانب الوطء الشرعي والوطء بحق.

وأورد أبو داود رحمه الله حديث عائشة رضي الله عنها: أن سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه وعبد بن زمعة أخو سودة بنت زمعة اختصما في الولد الذي ولدته أمة زمعة، فقال سعد : إن أخي عتبة عهد به إلي وقال: إذا ذهبت إلى مكة فانظر إلى ولد أمة زمعة فاقبضه فإنه ولدي. يعني: أنه وطئها زناً، وكانوا في الجاهلية يلحقون الولد بالزاني.

وقال عبد بن زمعة : إنه ابن أمة أبي ولد على فراش أبي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (الولد للفراش، وللعاهر الحجر)، وأعطاه لـعبد بن زمعة وقال: (هو أخوك يا عبد !)، فالحقه بصاحب الفراش وقال: (للعاهر الحجر)، والعاهر هو: الزاني، والحجر معناه: أن له الخيبة وله التراب، وقيل: إن المقصود بقوله: (وللعاهر الحجر) أنه يرجم بالحجارة، وقيل: ليس المقصود به الرمي بالحجارة؛ لأنه ليس كل زانٍ يرمى بالحجارة، فالذي يرمى بالحجارة هو الثيب المحصن، وأما من كان بكراً فإنه لا يرمى بالحجارة وإنما يجلد مائة جلدة ويغرَّب كما جاء بذلك الكتاب والسنة.

فالرسول صلى الله عليه وسلم ألحقه بالفراش، ولما رأى شبهاً بيّناً بـعتبة قال لـسودة : (احتجبي منه)، أي: أنه لما غلب جانب الفراش معناه أنه سيكون ابناً لزمعة، وهذا يعني أنه سيكون أخاً لـسودة بنت زمعة ، ولما رأى شبهه بيناً بـعتبة قال لها: (احتجبي منه).

وهذا يفيد تقسيم الحكم إلى قسمين: ما يتعلق بإلحاق النسب، وإلى المحرمية، فبالنسبة للنسب فإنه يلحق بالفراش، وأما جانب المحرمية فلا يكون محرماً بسبب الشبهة وقوة الشبه الذي كان لـعتبة بن أبي وقاص .

تراجم رجال إسناد حديث (الولد للفراش وللعاهر الحجر)

قوله: [ حدثنا سعيد بن منصور ].

سعيد بن منصور ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ ومسدد ].

مسدد مر ذكره.

[ قالا: سفيان ].

هو سفيان بن عيينة المكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن الزهري عن عروة عن عائشة ].

الزهري وعروة وعائشة قد مر ذكرهم.

شرح حديث (الولد للفراش) من طريق ثانية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا زهير بن حرب حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: (قام رجل فقال: يا رسول الله! إن فلاناً ابني؛ عاهرت بأمه في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا دعوة في الإسلام، ذهب أمر الجاهلية، الولد للفراش، وللعاهر الحجر) ].

أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما: (أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إن فلاناً ابني؛ عاهرت بأمه في الجاهلية) يعني: أنه زنى بأمه في الجاهلية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا دِعوة في الإسلام) أي: لا إلحاق ولا استلحاق ولد بما حصل من أعمال الجاهلية المحرمة كالزنا، فهذا هو المقصود بالدِعوة، وهي بكسر الدال.

وقوله: (ذهب أمر الجاهلية) يعني: أُبطل وأُلغي، والحكم هو: الولد للفراش وللعاهر الحجر.

تراجم رجال إسناد حديث (الولد للفراش) من طريق ثانية

قوله: [ حدثنا زهير بن حرب ].

هو زهير بن حرب أبو خيثمة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .

[ حدثنا يزيد بن هارون ].

يزيد بن هارون الواسطي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرنا حسين المعلم ].

هو حسين بن ذكوان المعلم، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عمرو بن شعيب ].

هو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، صدوق، أخرج له البخاري في (جزء القراءة) وأصحاب السنن.

[ عن أبيه ].

هو شعيب بن محمد ، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في (الأدب المفرد) و(جزء القراءة) وأصحاب السنن.

[ عن جده ].

جده هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث (الولد للفراش) من طريق ثالثة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا مهدي بن ميمون أبو يحيى حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب عن الحسن بن سعد مولى الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رباح قال: زوجني أهلي أمة لهم رومية، فوقعت عليها فولدت غلاماً أسود مثلي فسميته عبد الله، ثم وقعت عليها فولدت غلاماً أسود مثلي فسميته عبيد الله، ثم طبن لها غلام لأهلي رومي يقال له: يوحنة، فراطنها بلسانه، فولدت غلاماً كأنه وزغة من الوزغات، فقلت لها: ما هذا؟ فقالت: هذا ليوحنة، فرفعنا إلى عثمان -أحسبه قال مهدي - قال: فسألهما فاعترفا، فقال لهما: أترضيان أن أقضي بينكما بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن الولد للفراش)، وأحسبه قال: فجلدها وجلده، وكانا مملوكين ].

أورد أبو داود هذا الحديث عن عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه: أن رجلاً يقال له: رباح كان مملوكاً فتزوج بأمة، وأنه وطئها فولدت له غلاماً أسود مثله، فسماه عبد الله، ثم وطئها فولدت له غلاماً أسود مثله فسماه عبيد الله، ثم إن عبداً رومياً طبن لها، أي: أنه خدعها وأفسدها، أو أنه راودها عن نفسها حتى وقع عليها، فولدت غلاماً كأنه وزغة من الوزغات، أي: أن لونه يختلف عن لون رباح فـرباح هذا كان أسود، فولدت له غلاماً يشبه الرومي الذي وطئها، وهو الذي يقال له: يوحنة، فرفعوا الأمر إلى عثمان رضي الله عنه وأرضاه، فقال: إني أقضي بينكما بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الولد للفراش) وجلده وجلدها، وكانا مملوكين، أي: جلدهما نصف الحد الذي يكون على المؤمنين والمؤمنات.

وقوله: (أترضيان أن أقضي بينكما بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم؟) المقصود به بيان أن عنده في ذلك سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهذا الحديث ضعيف؛ لأن فيه رباحاً هذا وهو مجهول، وهو صاحب القصة، لكن كون الولد للفراش وللعاهر الحجر هذا ثابت في أحاديث أخرى، وكون المملوكين يجلدان الحد هذا ثابت أيضاً.

تراجم رجال إسناد حديث (الولد للفراش) من طريق ثالثة

قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ].

هو موسى بن إسماعيل التبوذكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا مهدي بن ميمون أبو يحيى ].

مهدي بن ميمون ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب ].

محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن الحسن بن سعد ].

الحسن بن سعد ثقة، أخرج له البخاري في (الأدب المفرد) ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ عن رباح ].

رباح مجهول، أخرج له أبو داود .

[ عن عثمان ].

هو عثمان بن عفان ، وهو أمير المؤمنين، وثالث الخلفاء الراشدين الهاديين المهديين، وصاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

أحق الناس بالولد

شرح حديث (أنتِ أحق به ما لم تنكحي)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب من أحق بالولد؟

حدثنا محمود بن خالد السلمي حدثنا الوليد عن أبي عمرو -يعني: الأوزاعي - قال: حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أن امرأة قالت: يا رسول الله! إن ابني هذا كان بطني له وعاءً، وثديي له سقاءً، وحجري له حواءً، وإن أباه طلقني وأراد أن ينتزعه مني، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (أنت أحق به ما لم تنكحي) ].

أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: باب من أحق بالولد؟ يعني: من أحق بحضانته وأخذه ليكون معه، هل هو الأب أو الأم؟

أورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما: أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: إن ابني هذا كان بطني له وعاءً، تعني: لما كان حملاً، فإنه كان يحويه، قالت: وثديي له سقاءً، تعني: أنها ترضعه منه، قالت: وحجري له حواءً، تعني: أنها تضعه عليه وتحويه به، وهذه الأمور تتميز بها الأم عن الأب، فهما يشتركان أن كل واحد منهما حصلت منه الولادة، فهذا والد وهذه والدة إلا أن الأم اختصت بهذه الأمور.

ثم ذكرت أن زوجها طلقها وأنه يريد أن ينتزع ابنها منها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أنتِ أحق به ما لم تنكحي)، أي: أنت أولى منه به ما لم تنكحي، فإذا نكحتِ وتزوجتِ فإنه يكون أحق به، أي: أن الأحقية لا تكون لها بعد أن تتزوج.

تراجم رجال إسناد حديث (أنتِ أحق به ما لم تنكحي)

قوله: [ حدثنا محمود بن خالد السلمي ].

هو محمود بن خالد السلمي الدمشقي ، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ حدثنا الوليد ].

هو الوليد بن مسلم ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي عمرو ].

هو أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي هو فقيه الشام ومحدثها، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ قال: حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو ].

وهذا فيه نص على أن الجد هو عبد الله ، وليس محمد بن عبد الله ؛ لأنه لو كان محمد بن عبد الله الذي هو والد شعيب لكان الحديث مرسلاً؛ لأنه تابعي وليس بصحابي، ولكن شعيباً روى عن جده عبد الله ، وقد صح سماعه منه فيكون الحديث متصلاً، وقد سبق أن مرت هذه الترجمة.

شرح حديث (... هذا أبوك وهذه أمك فخذ بيد أيهما شئت..)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن علي الحلواني حدثنا عبد الرزاق وأبو عاصم عن ابن جريج قال: أخبرني زياد عن هلال بن أسامة أن أبا ميمونة سلمى مولى من أهل المدينة رجل صدق قال: بينما أنا جالس مع أبي هريرة رضي الله عنه جاءته امرأة فارسية معها ابن لها فادعياه، وقد طلقها زوجها، فقالت: يا أبا هريرة ! -ورطنت له بالفارسية- زوجي يريد أن يذهب بابني، فقال أبو هريرة : استهما عليه -ورطن لها بذلك- فجاء زوجها فقال: من يحاقني في ولدي؟ فقال أبو هريرة : اللهم! إني لا أقول هذا إلا أني سمعت امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا قاعد عنده فقالت: يا رسول الله! إن زوجي يريد أن يذهب بابني وقد سقاني من بئر أبي عنبة، وقد نفعني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (استهما عليه)، فقال زوجها: من يحاقني في ولدي؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (هذا أبوكَ وهذه أمكَ فخذ بيد أيهما شئت)، فأخذ بيد أمه فانطلقت به ].

أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة أن امرأة فارسية جاءت إلى أبي هريرة وقالت: إن زوجها يريد أن يأخذ ابنها، أي: أن الزوج يريده والزوجة تريده، فقال لهما: (استهما عليه)، فقال الزوج: من يحاقني في ابني؟ يعني: من ينازعني فيه فأنا أولى به، فروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه جاءته امرأة وقالت مثل هذا، فقال لهما: (استهما عليه)، فقال الزوج: من يحاقني في ابني؟ وكان قد سقاها من بئر أبي عنبة، أي: أنه قد كبر واحتاجت إليه، وكان يفيدها، وأنه قد تجاوز سن التمييز، فخير الابن بين أبيه وأمه فاختار أمه، فذهبت به.

وهذا الحديث يدل على الاستهام إذا وافقوا واتفقوا عليه ورضوا بأن يأخذه من تخرج له القرعة؛ لأن الحق لهما لا يعدوهما، فإذا اتفقا عليه فلا بأس بذلك، وإذا لم يحصل اتفاق على ذلك فإنه يخير بين أبيه وأمه، لكن ينبغي أن يعلم أن مثل هذا التخيير ومثل هذا الاستهام إنما يكون فيما إذا كان كل من الأب والأم فيه سلامة، وأن وجوده عند أي واحد منهما يكون في صالحه، وأما إذا عرف أن أحدهما سيئ وأنه ليس أهلاً لأن يكون معه، وأن الثاني أولى فإنه يلحق بمن كان أولى؛ لئلا يضيع مع من كان سيئاً، وأما إذا كان في زمن الحضانة فأمه أولى به؛ لأنها هي التي تقوم بإرضاعه، والصبر عليه، وتحمل المشاق في سبيل تنشئته وراحته.

ولعل أبا هريرة كان يعرف كلمات يسيرة في الفارسية.

تراجم رجال إسناد حديث (... هذا أبوك وهذه أمك، فخذ بيد أيهما شئت...)

قوله: [ حدثنا الحسن بن علي الحلواني حدثنا عبد الرزاق وأبو عاصم ].

أبو عاصم هو الضحاك بن مخلد النبيل ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن جريج ].

هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ قال: أخبرني زياد ].

وهو زياد بن سعد ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن هلال بن أسامة ].

هلال بن أسامة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أن أبا ميمونة سلمى ].

أبو ميمونة سلمى، ويقال: سليم ، ويقال: سلمان ويقال غير ذلك وهو ثقة، أخرج له أصحاب السنن.

[ قال: بينما أنا جالس مع أبي هريرة ].

هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.

الجمع بين حديث (... هذا أبوك وهذه أمك...) وحديث (أنت أحق به ما لم تنكحي)

والجمع بين هذا الحديث وحديث: (أنت أحق به ما لم تنكحي) أن يقال: لعل الأول كان، طفلاً رضيعاً دون التمييز، وأما هذا فإنه كبير، ولهذا قال: (سقاها من بئر أبي عنبة)، وعلى هذا فالذي يظهر أن حد التخيير هو التمييز.

شرح حديث علي في قصة حضانة ابنة حمزة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا العباس بن عبد العظيم حدثنا عبد الملك بن عمرو حدثنا عبد العزيز بن محمد عن يزيد بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن نافع بن عجير عن أبيه عن علي رضي الله عنهما قال: خرج زيد بن حارثة رضي الله عنه إلى مكة فقدم بابنة حمزة فقال جعفر رضي الله عنه: أنا آخذها أنا أحق بها؛ ابنة عمي وعندي خالتها، وإنما الخالة أم، فقال علي رضي الله عنه: أنا أحق بها؛ ابنة عمي وعندي ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي أحق بها، فقال زيد : أنا أحق بها، أنا خرجت إليها وسافرت وقدمت بها، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فذكر حديثاً قال: (وأما الجارية فأقضي بها لـجعفر تكون مع خالتها؛ وإنما الخالة أم) ].

أورد أبو داود رحمه الله حديث زيد بن حارثة رضي الله عنه أنه ذهب بابنة حمزة بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأن عبد الله بن جعفر طلبها وقال: إن خالتها عندي، وخالتها هي أسماء بنت عميس ، وقال علي : أنا أحق بها ابنة عمي، وابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم عندي، وقال زيد : أنا جئت بها، وكل واحد يريد أن تكون حضانتها عنده، فأعطاها النبي صلى الله عليه وسلم لـجعفر؛ لأن زوجته هي خالتها، وقال: (الخالة بمنزلة الأم)، وهذا يدلنا على أن الخالة هي الأولى بالحضانة بعد الأم؛ لقربها منها، وكذلك أم المرأة أيضاً هي من أولى الناس بحضانتها.

تراجم رجال إسناد حديث علي في قصة حضانة ابنة حمزة

قوله: [ حدثنا العباس بن عبد العظيم ].

هو العباس بن عبد العظيم العنبري، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ حدثنا عبد الملك بن عمرو ].

هو عبد الملك بن عمرو أبو عامر العقدي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا عبد العزيز بن محمد ].

هو عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن يزيد بن الهاد ].

يزيد بن الهاد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن محمد بن إبراهيم ].

هو محمد بن إبراهيم التيمي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن نافع بن عجير ].

نافع بن عجير قيل: له صحبة، وذكره ابن حبان وغيره في التابعين، أخرج له أبو داود .

[ عن أبيه ].

أبوه هو عجير بن يزيد بن هاشم ، وهو صحابي أخرج له أبو داود .

[ عن علي ].

هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين الهاديين المهديين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة فرضي الله عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث علي في قصة حضانة ابنة حمزة من طريق ثانية وتراجم رجال إسنادها

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عيسى حدثنا سفيان عن أبي فروة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى بهذا الخبر وليس بتمامه، قال: وقضى بها لـجعفر، وقال: (إن خالتها عنده) ].

أورد المصنف رحمه الله تعالى الحديث من طريق أخرى، وهي مثل الذي قبله.

[ قوله: حدثنا محمد بن عيسى ].

هو محمد بن عيسى الطباع ، وهو ثقة أخرج حديثه البخاري تعليقاً وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة .

[ حدثنا سفيان ].

هو سفيان بن عيينة ، وقد مر ذكره.

[ عن أبي فروة ].

هو الهمداني .

و عبد الرحمن بن أبي ليلى روى عنه أبو فروة الهمداني وأبو فروة الجهني ، وفي ترجمة ابن عيينة من شيوخه أبو فروة الهمداني ، وأبو فروة الهمداني أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .

والثاني صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .

[ عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ].

عبد الرحمن بن أبي ليلى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

طريق ثالثة لحديث علي في قصة حضانة ابنة حمزة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عباد بن موسى أن إسماعيل بن جعفر حدثهم عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن هانئ وهبيرة عن علي رضي الله عنه قال: لما خرجنا من مكة تبعتنا بنت حمزة تنادي: يا عم! يا عم! فتناولها علي فأخذ بيدها وقال: دونكِ بنت عمك فحملتها، فقص الخبر، قال: وقال جعفر : ابنة عمي وخالتها تحتي، فقضى بها النبي صلى الله عليه وسلم لخالتها وقال: (الخالة بمنزلة الأم) ].

أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى وهي مثل السابقة، وفي الحديث السابق: أن زيد بن حارثة خرج إلى مكة فقدم بابنة حمزة ، وهنا في الحديث هذا قال علي رضي الله عنه: لما خرجنا من مكة تبعتنا بنت حمزة تنادي: يا عم! يا عم! فتناولها علي .

فيمكن أن يجمع بينهما: بأن هذا أتى بها فصارت تنادي تقول: يا عم! يا عم! فتناولها وأعطاها لـفاطمة وقال: دونك ابنة عمك، فاختصموا فيها، فالرسول صلى الله عليه وسلم قضى بها لـجعفر ؛ وقال: (الخالة بمنزلة الأم)، وخالتها هي أسماء بنت عميس زوجة جعفر بن أبي طالب، وهذا كان بعد مقتل حمزة رضي الله عنه، ويحتمل أن هذا وقع عند فتح مكة.

والأقرب هو ما ذكره عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب في كتابه (مختصر السيرة النبوية) أن هذا وقع عند الخروج من مكة بعد عمرة القضاء.

تراجم رجال إسناد الطريق الثالثة لحديث علي في حضانة ابنة حمزة

قوله: [ حدثنا عباد بن موسى ].

هو عباد بن موسى الختلي ، وهو ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .

[ أن إسماعيل بن جعفر حدثهم ].

إسماعيل بن جعفر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن إسرائيل ].

هو إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي إسحاق ].

هو أبو إسحاق عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن هانئ ].

هو هانئ بن هانئ ، وهو مستور، أخرج له البخاري في (الأدب المفرد) وأصحاب السنن.

[ وهبيرة ].

هو هبيرة بن يريم ، وهو لا بأس به، وذلك بمعنى صدوق، أخرج له أصحاب السنن.

[ عن علي ].

علي رضي الله عنه قد مر ذكره.

الأسئلة

معنى الاستبضاع

السؤال: ما معنى الاستبضاع؟

الجواب: الاستبضاع هو الجماع، ولذا قال: (كان الرجل يقول لامرأته إذا طهرت من طمثها: أرسلي إلى فلان فاستبضعي منه) يعني: تذهب إليه لكي يجامعها، وهو مأخوذ من البضع.

مناسبة ذكر أبي داود لهذه الأبواب في كتاب الطلاق

السؤال: ما مناسبة إيراد الإمام أبي داود لهذه الأبواب في كتاب الطلاق وحقها أن تذكر في كتاب النكاح؟

الجواب: كأنه جاء بكل ما يتعلق بمسائل الطلاق والنكاح، ثم في آخر كتاب الطلاق ذكر أشياء تترتب على النكاح وعلى الطلاق.

سبب أمر النبي سودة بالاحتجاب من ابن أمة زمعة

السؤال: لماذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم سودة رضي الله عنها أن تحتجب عن ابن أمة زمعة وهو يعتبر أخوها؟

الجواب: لأن فيه احتمالَ عدم كونه لزمعة لقوة الشبه بـعتبة بن أبي وقاص أخي سعد بن أبي وقاص ، فألحقه بالفراش حفظاً للأنساب؛ ولأن الحكم للفراش وإن وجد الشبه في غير صاحب الفراش، لكن حيث إن المسألة فيها شبهة فقد جاء بهذا الحكم، فيثبت النسب ويثبت الإلحاق ويتبعض الحكم كما قال ابن القيم ، ومعنى: يتبعض الحكم : أن القسم الأول منه هو: إلحاق النسب، وهذا أمر مطلوب وفيه مصلحة عدم ضياع الأنساب، والقسم الثاني منه هو: الاحتياط من أجل الشبه، فلا يكون محْرماً.

حكم استعمال الوسائل الطبية الحديثة لمعرفة من هو أبو الولد

السؤال: هل يجوز استعمال الوسائل الطبية الحديثة لمعرفة لمن هو الولد بحيث إنها تحدد ذلك بدقة متناهية وهي أقوى من قضية القيافة؟

الجواب: لا أدري عن صحة هذا الكلام من حيث كونها تحدد من يكون له الولد برقة متناهية، لكن القيافة طريق شرعي معروف، وإذا عرف في الطب شيء يحصل به التحقق فسيكون من جنس القافة ويمكن أن يحكم به، لكن لابد من صحة حصول ذلك.

جواز ملك الأمة لأكثر من واحد

السؤال: كيف تكون الأمة مملوكة لثلاثة نفر في وقت واحد؟

الجواب: لا شيء يجعل هذا غريباً، فيمكن إذا مات أبوهم أن يرثوها منه، فكلهم يصير له نصيب منها، أو إنهم اشتروها كلهم جميعاً ودفعوا ثمنها مشتركين فيه، ولهذا قال عز وجل: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ [الزمر:29].

حكم التصرف في أم الولد

السؤال: ما معنى قول علي رضي الله عنه للرجل: (يدفع ثلثي الدية) هل معنى ذلك أن الأمة أصبحت حرة؟

الجواب: لا؛ وإنما صارت أم ولد، ويدفع الدية لأنه أفسدها عليهم بإيلادها، وضيع حقوقهم عليها بإيلادها، فلا يمكن أن تباع بعد أن ولدت، فلما صارت أم ولد صارت له وتعتق بعد موته، وبهذا يكون قد فوت عليهم التصرف فيها، ولذا ألزمه لهما بدفع ثلثي القيمة حتى يأخذا نصيبهما؛ لأنها الآن لا سبيل إلى بيعها ولا التصرف فيها، فاختص بها هذا، فصارت أم ولده تعتق بعد موته، وهؤلاء الذين فوت عليهم ملكهم إياها ألزم هو بثلثي القيمة؛ لكل واحد له ثلث.

بيان متى تكون القرعة

السؤال: هل القرعة مشروعة مطلقاً في الأشياء التي يتنازع فيها جماعة؟

الجواب: القرعة ليست مشروعة في كل شيء، فهناك أشياء يفصل فيها بشيء أقوى من القرعة وقبل القرعة، والقرعة إنما تكون في الأشياء التي تكون متساوية ويراد أن يميز بعضها من بعض، فالقرعة إذاً فيها تفصيل وليست في كل شيء.

حكم تجاوز الميقات والإحرام من ميقات آخر

السؤال: نوينا أداء العمرة ونحن مقيمون بالمدينة، ولكن أحرمنا من جدة وأدينا العمرة، فهل علينا شيء، علماً أننا لا نعرف هل ذلك من محظورات الإحرام أم لا؟

الجواب: إذا كان هؤلاء عازمين على العمرة وهم في المدينة، وذهابهم من المدينة إلى مكة إنما هو للعمرة ولكنهم ذهبوا إلى جدة وأحرموا منها فعليهم فدية؛ لأنهم تجاوزوا الميقات، وأما إن كانوا ذهبوا من المدينة ولم يكونوا يريدون عمرة، ولما كانوا في جدة طرأ عليهم أن يعتمروا فيحرمون من جدة ولا شيء عليهم.

بيان نوع الأمر في قوله عليه الصلاة والسلام (احتجبي عنه يا سودة!)

السؤال: قوله صلى الله عليه وسلم: (احتجبي عنه يا سودة !)، هل هو للوجوب أو للاستحباب من باب التنزه عن الشبه؟

الجواب: الذي يظهر أنه للوجوب.

حكم النية في العمرة عن الصبي

السؤال: رجل يريد العمرة ومعه صبي غير مميز، فهل يجوز للرجل أن ينوي عن هذا الصبي؟ وهل عليه أن يطوف مرة ثانية؟ وهل يجوز النية لشخصين في آنٍ واحد؟

الجواب: إذا كان صغيراً فينوي عنه، ويعمل له جميع الأعمال، فيطوف ويسعى به، ويقصر له، وهو يطوف وهذا يطوف، وإذا كان محمولاً فينوي أنه طائف وينوي أن هذا أيضاً طائف، ولا يحتاج أن يطوف به مرة ثم يطوف لنفسه مرة أخرى، بل كل منهما يعتبر قد دار حول الكعبة إلا أن هذا حامل وهذا محمول، فإذا نوى عن نفسه أنه طائف ونوى عن محموله أنه طائف فكل منهما طائف.

اغتفار مسألة الطهارة للصبي الذي يُعتمر به

السؤال: هل تغتفر الطهارة في الصبي إذا اعتمر به؟

الجوب: لا شك أنها تغتفر، ولابد في أول الأمر أن يكون طاهر الثياب ويبعد عن النجاسة، وإذا حصل له شيء كما هو شأن الأطفال الصغار فإنه يغتفر.

حكم منع أقارب الزوج زوجته المطلقة من رؤية أبنائها

السؤال: هل لأقارب الزوج الذي طلق زوجته وتزوجت بعده أن يمنعوها من رؤية أبنائها؟

الجواب: ليس لهم ذلك.

تقديم الوالد صاحب الدين في الحضانة

السؤال: سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن وضع الولد بعد طلاق الأم، فأجاب بأنه يوضع حيث الدين عند أيهما كان، فما رأيكم في هذا الكلام؟

الجواب: هذا الجواب صحيح، فإذا كانوا صالحين ومستقيمين فإنه يخير بينهما، وأما إذا كان أحدهما سيئاً وبقاؤه عنده يلحق به مضرة فإنه يكون عند الأصلح منها.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح سنن أبي داود [260] للشيخ : عبد المحسن العباد

https://audio.islamweb.net