إسلام ويب

من الأمور الشرعية التي يجب معرفتها -وخاصة على النساء- مسائل العدد والطلاق، فمعرفة هذه المسائل مهمة؛ حتى لا يقع الرجل أو المرأة في الحرام وفيما لا يحل؛ فإن مسائل الزواج إذا لم يتحر فيها قد يقع فيها محاذير عظيمة، لذا يجب معرفتها حتى لا يقع الإنسان فيها.

ما تجتنبه المعتدة في عدتها

شرح حديث أم عطية ( لا تحد المرأة فوق ثلاث إلا على زوج ... )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب فيما تجتنبه المعتدة في عدتها.

حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي حدثنا يحيى بن أبي بكير حدثنا إبراهيم بن طهمان قال: حدثني هشام بن حسان ح وحدثنا عبد الله بن الجراح القهستاني عن عبد الله -يعني: ابن بكر السهمي - عن هشام -وهذا لفظ ابن الجراح - عن حفصة عن أم عطية رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تحد المرأة فوق ثلاث إلا على زوج، فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشراً، ولا تلبس ثوباً مصبوغاً إلا ثوب عصب، ولا تكتحل، ولا تمس طيباً إلا أدنى طهرتها إذا طهرت من محيضها بنبذة من قسط أو أظفار).

قال يعقوب مكان عصب: (إلا مغسولاً)، وزاد يعقوب : (ولا تختضب) ].

أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى هذه الترجمة وهي: باب فيما تجتنبه المعتدة في عدتها، وقد ذكرنا فيما مضى أن الإحداد هو الامتناع من الزينة والطيب، فالمرأة المعتدة للوفاة تجتنب الطيب، وتجتنب استعمال الزينة في الثياب وغيرها، ولا تلبس ثياب الزينة سواءً كانت مصبوغة أو غير مصبوغة، وإنما تلبس لباساً لا زينة فيه، ولا تتجمل، ولا تتطيب، ولا تكتحل ولا تختضب، فكل هذه الأمور التي هي زينة تجتنبها المرأة المعتدة للوفاة.

وأورد أبو داود حديث أم عطية رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت أكثر من ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً)، وقد سبق أن مر هذا الحديث عن زينب بنت أبي سلمة عن أمها، وعن زينب بنت جحش ، وعن أم حبيبة كل منهما جاء عنها مثل ما جاء في حديث أم عطية : (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد أكثر من ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً).

وذكرنا فيما مضى أن قوله: (أربعة أشهر وعشراً) إنما هو لغير الحامل، وأما الحامل فإن انتهاء عدتها يكون بوضع الحمل، وأجلها هو وضع الحمل طالت المدة أم قصرت، وأما غير الحامل فسواء كانت ممن تحيض أو كانت صغيرة أو آيسة، أو كانت مدخولاً بها أو غير مدخولاً بها فكل واحدة منهن تعتد أربعة أشهر وعشراً.

وقوله: (ولا تلبس ثوباً مصبوغاً إلا ثوب عصب)، يعني: أنه مصبوغ للزينة، وقوله: (إلا ثوب عصب) قيل: هو الذي جمعت خيوطه قبل أن ينسج وحزمت وصبغت ثم بعد ذلك نسجت، يعني: أنه لم يصبغ وهو منسوج فيكون مصبوغاً للزينة، وإنما صبغت خيوطه قبل أن ينسج، وقد ربط وحزم وصبغ محزوماً مربوطاً ثم فك الحزام ونسج، فمثل ذلك مستثنى؛ لأن الصبغ لم يكن بعد النسيج ولم يفعل للزينة، وإنما فعل في أول الأمر بحيث كانت خيوطه مصبوغة.

قوله: (ولا تكتحل)، لأن الاكتحال زينة، وقد سبق أن مر في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أن امرأة جاءت تسأل عن بنتها توفي زوجها فقالت: إنها اشتكت عينها أفنكحلها؟ قال: (لا)، ثم ذكر قصة المرأة في الجاهلية وأنها كانت تمكث المدة الطويلة، وأن الإسلام إنما جاء بأربعة أشهر وعشر) وهي قليلة.

قوله: (ولا تمس طيباً إلا أدنى طهرتها) يعني: إذا جاء طهرها من الحيض فإنها تستعمل نوعاً من الطيب تضعه في مكان النتن حتى يذهب أثر الرائحة المنتنة، وإلا فإنها لا تتطيب، وهذا مستثنى من منع استعمالها للطيب، ويكون قوله: (طيباً) مخصوصاً وليس أي طيب تستعمله المرأة في هذه الحال.

قوله: (بنبذة من قسط أو أظفار) يعني: بشيء يسير من قسط أو أظفار، والمقصود بذلك: نوع من الطيب معروف عندهم.

[ قال يعقوب مكان عصب: (إلا مغسولاً).

يعقوب هو شيخ أبي داود الأول، وهو: يعقوب بن إبراهيم الدورقي .

وقوله: [ وزاد يعقوب : (ولا تختضب) ].

يعني: أن يعقوب زاد على الشيخ الثاني قوله: (ولا تختضب)، وهذا فيه النهي عن الخضاب؛ لأن الخضاب زينة وجمال تتجمل المرأة به.

تراجم رجال إسناد حديث أم عطية ( لا تحد المرأة فوق ثلاث إلا على زوج ... )

قوله: [ حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي ].

يعقوب بن إبراهيم الدورقي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، فقد رووا عنه مباشرة وبدون واسطة، وهو من صغار شيوخ البخاري ؛ لأنه توفي سنة (252هـ)، ومثله محمد بن بشار ومحمد بن المثنى فهؤلاء الثلاثة من شيوخ أصحاب الكتب الستة، وهم من صغار شيوخ البخاري، وكانت وفاتهم جميعاً في سنة واحدة قبل وفاته بأربع سنوات.

[ حدثنا يحيى بن أبي بكير ].

يحيى بن أبي بكير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا إبراهيم بن طهمان ].

إبراهيم بن طهمان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ قال: حدثني هشام بن حسان ].

هشام بن حسان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ ح وحدثنا عبد الله بن الجراح القهستاني ].

لفظة (ح) للتحول من إسناد إلى إسناد، وعبد الله بن الجراح القهستاني صدوق يخطئ، أخرج له أبو داود والنسائي في مسند مالك وابن ماجة .

[ عن عبد الله يعني: ابن بكر السهمي ].

عبد الله بن بكر السهمي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن هشام،وهذا لفظ ابن الجراح ].

يعني: عبد الله بن الجراح الذي في الإسناد الثاني، والإسناد الأول أنزل من الإسناد الثاني؛ لأن أبا داود بينه وبين هشام بن حسان ثلاثة أشخاص، وفي الإسناد الثاني بينه وبينه شخصان اثنان، والغالب أن الإسناد العالي يذكر أولاً، ثم يذكر الإسناد النازل، ولكنه هنا عكس القضية، ولعل السبب في ذلك أن الإسناد النازل فيه شخص متكلم فيه وهو: عبد الله بن الجراح وهو شيخه، وأما رجال الإسناد الأول: يعقوب بن إبراهيم الدورقي عن يحيى بن أبي بكير عن إبراهيم بن طهمان فكل هؤلاء ثقات خرج لهم أصحاب الكتب الستة.

إذاً: ففي النازل قوة؛ فأحياناً يقدم النزول على العلو لقوة في النازل ولضعف في العالي، أو لشيء من الكلام في العالي، ولهذا يقول -أظنه السيوطي-:

وربما يعرض للمفوق ما

يجعله مساوياً أو قدما

يعني: أن النازل قد يعرض له شيء يجعله مقدماً، كأن يكون الرجال كلهم ثقات، والعالي يكون فيه شيء من الضعف.

[ عن حفصة ].

حفصة بنت سيرين ثقة، أخرج لها أصحاب الكتب الستة.

[ عن أم عطية ].

أم عطية هي نسيبة بنت كعب رضي الله تعالى عنها صحابية، أخرج لها أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث ( لا تحد المرأة فوق ثلاث إلا على زوج ... ) من طريق أخرى وتراجم رجال إسنادها

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا هارون بن عبد الله ومالك بن عبد الواحد المسمعي قالا: حدثنا يزيد بن هارون عن هشام عن حفصة عن أم عطية رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث، وليس في تمام حديثهما.

قال المسمعي : قال يزيد : ولا أعلمه إلا قال فيه: (ولا تختضب)، وزاد فيه هارون : (ولا تلبس ثوباً مصبوغاً إلا ثوب عصب) ].

أورد أبو داود حديث أم عطية من طريق أخرى وأحال على الرواية السابقة فقال: بهذا الحديث وليس بمثل حديثهما، يعني: ليس مماثلاً له تماماً؛ لأن قوله: (بهذا الحديث) قد يفهم منه أنه مساوٍ له، ولكنه قال: وليس في تمام حديثهما، يعني: أنه ليس مطابقاً له تماماً.

وقوله: [ قال المسمعي : قال يزيد : ولا أعلمه إلا قال فيه: (ولا تختضب) ].

يزيد هو ابن هارون شيخ المسمعي هذا، قال: ولا أعلمه إلا قال: (ولا تختضب)، يعني: أن هذه زيادة من جهة المسمعي ، وهناك زيادة من جهة يعقوب بن إبراهيم الدورقي ، وهنا قال: (لا أعلمه إلا قال) وكأن المسألة فيها شك وليس فيها جزم من جهة المسمعي .

وقوله: [ وزاد فيه هارون : (ولا تلبس ثوباً مصبوغاً إلا ثوب عصب) ].

هارون هو شيخه الأول، وهو هارون بن عبد الله الحمال البغدادي ، وروايته هذه مثل رواية الشيخ الثاني في الإسناد الأول الذي قال: (إلا ثوب عصب)، يعني: أنه استثنى ثوب عصب.

قوله: [ حدثنا هارون بن عبد الله ].

هارون بن عبد الله الحمال البغدادي ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.

[ ومالك بن عبد الواحد المسمعي ].

مالك بن عبد الواحد المسمعي ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود .

[ قالا: حدثنا يزيد بن هارون ].

يزيد بن هارون الواسطي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن هشام عن حفصة عن أم عطية ].

هشام وحفصة وأم عطية قد مر ذكرهم في الإسناد السابق.

شرح حديث أم سلمة ( المتوفى عنها زوجها لا تلبس المعصفر من الثياب ... )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا زهير بن حرب حدثنا يحيى بن أبي بكير حدثنا إبراهيم بن طهمان قال: حدثني بديل عن الحسن بن مسلم عن صفية بنت شيبة عن أم سلمة رضي الله عنهما زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (المتوفى عنها زوجها لا تلبس المعصفر من الثياب، ولا الممشقة، ولا الحلي، ولا تختضب، ولا تكتحل) ].

أورد أبو داود حديث أم سلمة رضي الله عنها في بيان أمور تجتنبها المحدة وهي: أنها لا تلبس المعصفر من الثياب، وهو الذي صبغ بالعصفر، ولا الممشق: وهو الذي صبغ بصبغ يقال له: المشق أو الممشق.

وقوله: (ولا الحلي) يعني: لا تلبس الحلي ولا تلبس الزينة.

وقوله: (ولا تختضب) يعني: لا تختضب بالحناء في اليدين أو الرجلين.

وقوله: (ولا تكتحل) الكحل قد مرت روايات متعددة فيه؛ ونهي عنه لأنه زينة.

تراجم رجال إسناد حديث أم سلمة ( المتوفى عنها زوجها لا تلبس المعصفر من الثياب ... )

قوله: [ حدثنا زهير بن حرب ].

زهير بن حرب أبو خيثمة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .

[ حدثنا يحيى بن أبي بكير حدثنا إبراهيم بن طهمان قال: حدثني بديل ].

يحيى بن أبي بكير وإبراهيم بن طهمان مر ذكرهما، وبديل هو ابن ميسرة ، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.

[ عن الحسن بن مسلم ].

الحسن بن مسلم بن يناق ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .

[ عن صفية بنت شيبة ].

صفية بنت شيبة لها رؤية، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ عن أم سلمة ].

هي هند بنت أبي أمية أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث أم سلمة في نهي النبي لها عن الكحل والطيب والحناء والصبر حال عدتها

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني مخرمة عن أبيه قال: سمعت المغيرة بن الضحاك يقول: أخبرتني أم حكيم بنت أسيد عن أمها: أن زوجها توفي وكانت تشتكي عينيها فتكتحل بالجلاء -قال أحمد : الصواب: بكحل الجلاء- فأرسلت مولاة لها إلى أم سلمة رضي الله عنها فسألتها عن كحل الجلاء، فقالت: لا تكتحلي به إلا من أمر لابد منه يشتد عليك فتكتحلين بالليل وتمسحينه بالنهار، ثم قالت عند ذلك أم سلمة : (دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفي أبو سلمة وقد جعلت على عيني صبراً فقال: ما هذا يا أم سلمة ؟! فقلت: إنما هو صبر يا رسول الله! ليس فيه طيب، قال: إنه يشب الوجه، فلا تجعليه إلا بالليل وتنزعيه بالنهار، ولا تمتشطي بالطيب ولا بالحناء فإنه خضاب، قالت: قلت: بأي شيء أمتشط يا رسول الله؟! قال: بالسدر تغلفين به رأسك) ].

أورد أبو داود حديث أم سلمة رضي الله عنها وفيه: أن المغيرة بن الضحاك قال: أخبرتني أم حكيم بنت أسيد عن أمها: أن زوجها توفي وكانت تشتكي عينيها فتكتحل بالجلاء، والجلاء قيل: هو الأثمد الذي يجلو العينين ويجملهما، وقد سبق أن مر الحديث الذي فيه المنع من ذلك، وفيه: أن امرأة جاءت وقالت: إن ابنتها مات زوجها وأنها تشتكي عينها أفنكحلها؟ فقال عليه الصلاة والسلام: (لا، ثم قال: إنما هي أربعة أشهر وعشر)، ثم ذكر العمل الذي كانوا يعملونه في الجاهلية من أن المرأة كانت تمكث سنة كاملة في حالة سيئة، وأن الإسلام جاء بأمر يسير وشيء سهل ومدة تعتبر ثلث المدة التي كانت في الجاهلية تقريباً.

وهذا الحديث فيه أنها تستعمل الكحل إذا كان في أمر لابد منه، وأنها تضعه بالليل وتمسحه بالنهار، وكذلك ما ذكرته أم سلمة عن استعمالها للصبر في عينيها عندما مات أبو سلمة وهي في عدتها منه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنه يشب الوجه) يعني: أنه يجمل ويظهر الوجه بمظهر حسن، وأمرها بأن تفعله بالليل وتمسحه بالنهار.

ولكن هذا الحديث مخالف للحديث الذي مر وهو صحيح فقد منعها فيه من الاكتحال، وأيضاً هذا الحديث في إسناده مجهولان ومقبول، إذاً فهو ليس بحجة ولا ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عن أم سلمة ؛ لأن الإسناد إليها فيه هاتان المجهولتان والرجل المقبول الذي دونهما، والمقبول لا يحتج به إلا إذا وجد من يعضده، ولو وُجد من يعضد هذا فإنه لا حجة فيه؛ لأن الإسناد فيه هاتان المرأتان المجهولتان، إذاً فالحديث غير صحيح فلا يعارض الحديث الذي سبق أن تقدم في أن المرأة لا تكتحل، وأنها إنما كانت تريد أن تفعل ذلك للعلاج في أمر لابد منه، ولهذا قالت: اشتكت عينها أفنكحلها؟ فقال: (لا).

تراجم رجال إسناد حديث أم سلمة في نهي النبي لها عن الكحل والطيب والحناء والصبر حال عدتها

قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ].

هو أحمد بن صالح المصري ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي في الشمائل.

[ حدثنا ابن وهب ].

هو عبد الله بن وهب المصري ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرني مخرمة ].

هو مخرمة بن بكير ، وهو صدوق، أخرج له البخاري في (الأدب المفرد) ومسلم وأبو داود والنسائي .

[ عن أبيه ].

أبوه هو بكير بن عبد الله بن الأشج المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ قال: سمعت المغيرة بن الضحاك ].

المغيرة بن الضحاك مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي .

[ يقول: أخبرتني أم حكيم بنت أسيد عن أمها ].

أم حكيم بنت أسيد مجهولة، أخرج لها أبو داود والنسائي ، وكذلك أمها مجهولة، أخرج لها أبو داود .

[ عن أم سلمة ].

أم سلمة مر ذكرها.

عدة الحامل

شرح حديث سبيعة الأسلمية في عدة الحامل

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في عدة الحامل.

حدثنا سليمان بن داود المهري أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب قال: حدثني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن أباه كتب إلى عمر بن عبد الله بن الأرقم الزهري يأمره أن يدخل على سبيعة بنت الحارث الأسلمية رضي الله عنها فيسألها عن حديثها وعما قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استفتته، فكتب عمر بن عبد الله إلى عبد الله بن عتبة يخبره أن سبيعة أخبرته أنها كانت تحت سعد بن خولة -وهو من بني عامر بن لؤي، وهو ممن شهد بدراً- فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل، فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته، فلما تعلت من نفاسها تجملت للخطاب، فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك -رجل من بني عبد الدار- فقال لها: ما لي أراك متجملة؛ لعلك ترتجين النكاح؟ إنك والله! ما أنت بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشر، قالت سبيعة : فلما قال لي ذلك جمعت علي ثيابي حين أمسيت فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عن ذلك، فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي، وأمرني بالتزويج إن بدا لي.

قال ابن شهاب : ولا أرى بأساً أن تتزوج حين وضعت وإن كانت في دمها غير أنه لا يقربها زوجها حتى تطهر ].

أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: باب في عدة الحامل، والأربعة الأشهر والعشر التي مرت هي في عدة الحوائل اللاتي هن غير حوامل، سواءً كانت الواحدة منهن آيسة من الحيض بأن تجاوزت سن المحيض أو أنها لم تبلغ سن المحيض لصغرها، وسواء كانت مدخولاً بها، أو غير مدخولاً بها فإن هؤلاء يعتددن بأربعة أشهر وعشر.

أما الحوامل فإن عدتهن تختلف عن عدة الحوائل؛ وذلك بأن عدتهن وضع الحمل طالت المدة أو قصرت، فقد تكون ساعة وقد تكون ثلاث سنين، وذلك إذا بقي الحمل هذه المدة الطويلة، فقد وجد في بعض الرواة من مكث في بطن أمه ثلاث سنين، كما ذكروا ذلك في ترجمة محمد بن عجلان المدني .

فالحاصل: أن الحامل عدتها وضع الحمل طالت المدة أو قصرت، فقد تكون ساعة واحدة وقد تكون ثلاث سنين، فالمعتبر هو وضع الحمل، أي: أن انتهاء العدة يكون بوضع الحمل، وإذا كانت في النفاس فلها أن تتزوج كما ذكره المصنف عن الزهري ؛ لأنها ليست في العدة، والزواج يكون بعد العدة؛ إلا أنها لا يقربها زوجها؛ لأن النفساء مثل الحائض لا تجامع.

وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث سبيعة الأسلمية رضي الله عنها أن زوجها توفي، وزوجها هو سعد بن خولة رضي الله عنه توفي في حجة الوداع، وذكرت أنها ما لبثت حتى ولدت، أي: أنها ولدت بعده بوقت يسير، وأنها لما تعلت -يعني: انتهت- من نفاسها وطهرت تجملت، فجاءها أبو سلمة بن بعكك وقال: لعلك تريدين النكاح؟ لست بفاعلة حتى تمضي عليك أربعة أشهر وعشر.

وقال بعض العلماء: إنها تعتد أكثر الأجلين، فإن بلغت مدة الحمل أربعة أشهر وعشراً فإنها تكون متفقة مع المدة، وإن زادت فإنها تنتظر حتى تضع، ومعنى هذا: أنها لو وضعت قبل أن تبلغ أربعة أشهر وعشراً فإنها تنتظر حتى تكمل أربعة أشهر وعشراً، ولكن حديث سبيعة الأسلمية هذا واضح الدلالة في أن النبي صلى الله عليه وسلم أفتاها بأنها قد خرجت من عدتها بوضع الحمل، وأن لها أن تنكح إذا أرادت ولو لم تبلغ أربعة أشهر وعشراً؛ لأن الأربعة الأشهر والعشر هذه إنما تكون للحوائل دون الحوامل، وأما الحوامل فعدتهن وضع الحمل طالت المدة أو قصرت.

تراجم رجال إسناد حديث سبيعة الأسلمية في عدة الحامل

قوله: [ حدثنا سليمان بن داود المهري ].

سليمان بن داود المهري المصري ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .

[ أخبرنا ابن وهب ].

ابن وهب مر ذكره.

[ أخبرني يونس ].

هو يونس بن يزيد الأيلي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن شهاب ].

هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ قال: حدثني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ].

عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ثقة فقيه، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين الذين يأتي ذكرهم كثيراً فيقال: الفقهاء السبعة، أو قال به الفقهاء السبعة، أو هذه المسألة قال بها الفقهاء السبعة، وهذا يغني عن عدهم وسردهم، ومنهم عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود هذا، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ أن أباه كتب إلى عمر بن عبد الله بن الأرقم الزهري ].

عمر بن عبد الله بن الأرقم الزهري مقبول، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .

[ يأمره أن يدخل على سبيعة بنت الحارث الأسلمية ].

سبيعة الأسلمية رضي الله تعالى عنها صحابية، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .

العمل بالمكاتبة عند المحدثين

هذا الحديث فيه العمل بالكتابة والمكاتبة، وهذا شيء معروف عند المحدثين، وهي من طرق التحمل والأداء، وكيفية ذلك أن يكتب الواحد إلى الآخر بالحكم أو بالحديث، وقد سبق أن مرت قصة وراد كاتب المغيرة الذي كتب إلى معاوية في قصة الذكر بعد السلام من الصلاة، ففيها الكتابة، وهذا أيضاً فيه الكتابة، وهي تأتي في أعلى الأسانيد وفي أوساط الأسانيد وفي أول الأسانيد، وسبق أن مر إسناد قال فيه أبو داود : كتب إلي فلان، وهو أحد شيوخه، والبخاري أيضاً له في صحيحه موضع واحد عن محمد بن بشار قال فيه: كتب إلي محمد بن بشار ، وهو من صغار شيوخه، فالمكاتبة طريق من الطرق التي يعول عليها في تحمل وأداء الحديث.

شرح أثر ابن مسعود ( من شاء لاعنته، لأنزلت سورة النساء القصرى ... )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء ، قال عثمان : حدثنا وقال ابن العلاء : أخبرنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن مسلم عن مسروق عن عبد الله رضي الله عنه قال: (من شاء لاعنته، لأنزلت سورة النساء القصرى بعد الأربعة الأشهر وعشر) ].

أورد أبو داود هذا الأثر عن عبد الله بن مسعود قال: من شاء لاعنته، يعني: باهلته، وهذا معناه أنه متوثق ومطمئن إلى الشيء الذي يتكلم فيه، وأن نزول سورة النساء القصرى -وهي سورة الطلاق- بعد الأربعة أشهر وعشر، يعني: كما هو في سورة البقرة، وجاء في سورة الطلاق: وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:4]، فقال: إن هذه متأخرة عن هذه، وليس هذا نسخاً وإنما هو تخصيص.

ثم أيضاً الواضح الجلي أن سورة الطلاق فيها علامة طلاق وليس فيها عدة وفاة، والذي في سورة البقرة هي عدة وفاة، وأما سورة الطلاق فليس فيها ذكر شيء عن الوفاة، وإنما هي كلها في المطلقات، لكن الأمر الواضح في الدلالة على أن المتوفى عنها زوجها تعتد بوضع الحمل إذا كانت حاملاً هو حديث سبيعة الصحيح الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو العمدة وهو الذي يعول عليه، وأما ذاك فهو محتمل؛ لأنه جاء عن طريق القياس والإلحاق، وأما هذا فهو نص في عدة المتوفى عنها زوجها إذا كانت حاملاً، والنبي صلى الله عليه وسلم أفتاها بأنها قد انتهت عدتها بوضع حملها، وأن لها أن تنكح إذا شاءت.

تراجم رجال إسناد أثر ابن مسعود ( من شاء لاعنته، لأنزلت سورة النساء القصرى ... )

قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ].

عثمان بن أبي شيبة الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فإنه أخرج له في عمل اليوم والليلة ولم يخرج له في السنن.

[ ومحمد بن العلاء ].

هو محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ قال عثمان : حدثنا، وقال ابن العلاء : أخبرنا أبو معاوية ].

أبو معاوية هو محمد بن خازم الضرير الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا الأعمش ].

هو الأعمش سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن مسلم ].

هو مسلم بن صبيح أبو الضحى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن مسروق ].

هو مسروق بن الأجدع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الله ].

هو عبد الله بن مسعود الهذلي صحابي جليل، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

الفرق بين حدثنا وأخبرنا

قوله: (قال عثمان : حدثنا، وقال ابن العلاء : أخبرنا) هذا من القليل عند أبي داود أو من النادر عند أبي داود ، أعني: أن يذكر الفرق بين الروايات فيما إذا كانت بالتحديث أو بالإخبار، نعم قد يذكر كثيراً الفرق بين (عن) و(حدثنا وأخبرنا)، لأن الرواية بالعنعنة والرواية بالتحديث بينهما فرق كبير، فيقول: قال فلان كذا، وقال فلان كذا، لكن كونه يقول: قال فلان: حدثنا، وقال فلان: أخبرنا فهذا قل أن يذكره، والغالب أن حدثنا يستعملونها فيما سمع من لفظ الشيخ، فإذا كان الشيخ يقرأ وهم يسمعون فإنهم يستعملون حدثنا، وإذا كان يُقرأ عليه وهو يسمع وهم يسمعون فإنهم يعبرون عنه بأخبرنا.

ومن العلماء من لا يفرق بين (حدثنا) و(أخبرنا) بل يجعل التعبير واحداً، فيستعمل حدثنا أو أخبرنا في هذا وفي هذا، لكن من العلماء من يفرق بين (حدثنا) و(أخبرنا)، والذي يستعمل هذا التفريق بكثرة هو الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه، فإنه كثيراً ما يقول: قال فلان: حدثنا، وقال فلان: أخبرنا، والإمام مسلم رحمة الله عليه عنده عناية تامة في سوق الأسانيد والمتون بألفاظها والمحافظة على الألفاظ، وعدم الاشتغال بالرواية بالمعنى بالنسبة للمتون.

والحافظ ابن حجر في ترجمته في (تهذيب التهذيب) قال: حصل للإمام مسلم حظ عظيم مفرط في هذا؛ بحيث إنه يحافظ على ألفاظ الأحاديث ولا يشتغل بالرواية بالمعنى، وذكر أعمالاً تميز بها في صحيحه فقال: إنه حصل له حظ عظيم مفرط في صحيحه في المحافظة على الألفاظ وسياقها في أسانيدها ومتونها، وبيان كون هذا يعبر بكذا وهذا يعبر بكذا.

باب في عدة أم الولد

شرح حديث عمرو بن العاص ( لا تلبسوا علينا سنة نبينا ... )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في عدة أم الولد.

حدثنا قتيبة بن سعيد أن محمد بن جعفر حدثهم ح وحدثنا ابن المثنى حدثنا عبد الأعلى عن سعيد عن مطر عن رجاء بن حيوة عن قبيصة بن ذؤيب عن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه قال: لا تلبسوا علينا سنة -قال ابن المثنى - سنة نبينا صلى الله عليه وسلم، عدة المتوفى عنها أربعة أشهر وعشر) يعني: أم الولد ].

ثم أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: باب عدة أم الولد، وأم الولد هي: الأمة التي وطأها سيدها وحملت منه وولدت، فإذا ولدت فإنها تكون أم ولد ليس له أن يبيعها، وإنما تبقى في ملكه وبعد موته تعتق، ولهذا احتاج الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم في بعض الغزوات إلى العزل فكان الواحد منهم يعزل عن الأمة؛ لأنه يخشى أنها تحمل؛ لأنها إذا حملت صارت أم ولد فلا يتمكن من بيعها والتصرف فيها، فتبقى معه ولكنها أمة، ولا تصير حرة إلا بعد وفاته، أي: أنها تعتق بعد وفاته، وقد قال بعض أهل العلم بمقتضى ما جاء في حديث عمرو بن العاص هذا الذي فيه: (سنة نبينا: عدة أم الولد أربعة أشهر وعشر).

وقال بعض أهل العلم: إن هذا إنما يكون فيما لو أعتقها وجعل عتقها صداقها فإنها تكون زوجة، وأما ما دام أنها ليست بزوجة له فإنها من الإماء، والنص الذي جاء في القرآن في قوله عز وجل: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا [البقرة:234] إنما هو في عدة الأزواج وليس في الإماء.

وقال بعض أهل العلم قال: إن عدتها حيضة واحدة يستبرأ بها رحمها؛ لأنها ليست زوجة، والاعتداد بأربعة أشهر وعشر إنما هو للزوجات كما جاء في القرآن.

فالحديث فيه أن عدتها -أي: أم الولد- أربعة أشهر وعشر، ولكن قيل: إن هذا فيما لو أعتقها وجعل عتقها صداقها وهي أم ولده فإنها بذلك تكون من الزوجات، وعند ذلك تكون عدتها عدة غيرها من الزوجات، وأما إذا كانت من الإماء وليست من الزوجات فإن عدتها ليست عدة الزوجات، وإذا أرادت أن تتزوج فإنها تستبرئ بحيضة بعد وفاة سيدها؛ لاستبراء رحمها.

تراجم رجال إسناد حديث عمرو بن العاص ( لا تلبسوا علينا سنة نبينا ... )

قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ].

هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

أن محمد بن جعفر حدثهم ].

محمد بن جعفر غندر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ ح وحدثنا ابن المثنى ].

هو محمد بن المثنى العنزي أبو موسى الملقب: الزمن ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا عبد الأعلى ].

هو عبد الأعلى بن عبد الأعلى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سعيد ].

هو سعيد بن أبي عروبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن مطر ].

مطر الوراق صدوق كثير الخطأ، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن رجاء بن حيوة ].

رجاء بن حيوة ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن قبيصة بن ذؤيب ].

قبيصة بن ذؤيب الخزاعي المدني له رؤية، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عمرو بن العاص ].

عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه صحابي مشهور، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

المبتوتة لا يرجع إليها زوجها حتى تنكح زوجاً غيره

شرح حديث ( .... لا تحل للأول حتى تذوق عسيلة الآخر ويذوق عسيلتها)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب المبتوتة لا يرجع إليها زوجها حتى تنكح زوجاً غيره.

حدثنا مسدد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل طلق امرأته -يعني: ثلاثاً- فتزوجت زوجاً غيره فدخل بها، ثم طلقها قبل أن يواقعها أتحل لزوجها الأول؟ قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تحل للأول حتى تذوق عسيلة الآخر ويذوق عسيلتها) ].

أورد أبو داود باب المبتوتة لا يرجع إليها زوجها حتى تنكح زوجاًغيره، أي: ويطلقها، ويكون ذلك النكاح نكاح رغبة لا نكاح تحليل، فعند ذلك يحل لزوجها الأول أن يرجع إليها بثلاث تطليقات يستأنفها؛ لأنه استنفذ ثلاث تطليقات فلا تحل له إلا بعد زوج، فإذا رجع إليها بعد أن يتوفى عنها الزوج الثاني أو يطلقها وتخرج من العدة ويكون الزواج زواج رغبة وليس زواج تحليل تحل له، أي: أنها لا تحل للأول إلا بعد أن يطلقها أو يموت عنها زوجها الثاني الذي ذاقت عسيلته وذاق عسيلتها، وذوق العسيلة قالوا: إنما يكون بالاستمتاع بها بالجماع في الفرج الذي يكون معه إيجاب الغسل، والذي يكون فيه الحد، هذا هو المقصود بذوق العسيلة، ومنهم من قال: إنه المني، يعني: حصول الإنزال، لكن الحد يمكن أن يكون من غير إنزال، فما دام أنه أولج وحصل منه الإيلاج والجماع فإنه يحصل الحد بذلك، والله تعالى يقول: فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ [البقرة:230] يعني: إن طلقها الطلقة الثالثة فإنها لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، ويطلقها ذلك الزوج الثاني.

تراجم رجال إسناد حديث ( ... لا تحل للأول حتى تذوق عسيلة الآخر ويذوق عسيلتها )

قوله: [ حدثنا مسدد ].

مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم ].

أبو معاوية والأعمش قد مر ذكرهما، وإبراهيم هو ابن يزيد بن قيس النخعي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن الأسود ].

الأسود بن يزيد بن قيس النخعي ثقة مخضرم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عائشة ].

عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ما جاء في تعظيم الزنا

شرح حديث ( يا رسول الله! أي الذنب أعظم؟ قال: أن تزاني حليلة جارك...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في تعظيم الزنا.

حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن منصور عن أبي وائل عن عمرو بن شرحبيل عن عبد الله رضي الله عنه قال: قلت: (يا رسول الله! أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك، قال: فقلت: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك مخافة أن يأكل معك، قال: قلت: ثم أي؟ قال: أن تزاني حليلة جارك، قال: وأنزل الله تعالى تصديق قول النبي صلى الله عليه وسلم: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا [الفرقان:68] الآية) ].

أورد أبو داود باب تعظيم الزنا، يعني: بيان خطورته؛ لأن فيه إفساد الفراش، وفيه اختلاط الأنساب، ويلحق بالزوج من ليس من أولاده، ففيه أمور خطيرة وسيئة تترتب على ذلك، فهو أمر خطير وعظيم وليس بالأمر الهين.

وأورد أبو داود حديث ابن مسعود رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: أي الذنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله نداً وهو خلقك)، وهذا هو أعظم ذنب، فأظلم الظلم وأبطل الباطل وأعظم الذنوب الشرك بالله عز وجل، وهو أن يعبد العبد مع الله غيره وأن يشرك مع الله غيره بالعبادة، وهنا في هذه الجملة قال صلى الله عليه وسلم: (أن تجعل لله نداً وهو خلقك)، فأشار إلى الخلق؛ لأن الخالق هو الذي يجب أن يعبد، وكيف يعبد الإنسان مع الله من كان مخلوقاً كائناً بعد أن لم يكن؟! فالمخلوق كان معدوماً فأوجده الله، والعبادة إنما تكون للخالق وحده لا شريك له.

فقوله صلى الله عليه وسلم: (أن تجعل لله نداً وهو خلقك) فيه تنبيه إلى سوء وفساد عقول الذين يشركون مع الله غيره مع أنه هو الخالق وحده لا شريك له، كما أنه المتفرد بالخلق والإيجاد، فهو الذي يجب أن يفرد بالعبادة وحده لا شريك له.

ولهذا فإن كون الإقرار بأن الله هو الخالق الرزاق المحيي المميت هذا مما أقر به الكفار الذين بعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن ذلك لم يدخلهم في الإسلام ولم ينفعهم؛ لأنهم لم يفردوا العبادة لله عز وجل، ولم يخصوا الله عز وجل بالعبادة التي هي مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله، والتي هي معنى لا إله إلا الله، أي: لا معبود بحق إلا الله سبحانه وتعالى.

فالكفار الذين بعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا مقرين بتوحيد الربوبية، وأن الله هو الخالق الرازق المحيي المميت، ولكنهم كانوا غير مقرين بالألوهية، ولهذا يقولون كما حكى الله عز وجل عنهم: أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ [ص:5] أي: أنهم يجعلون مع الله آلهة أخرى، ويعبدون مع الله مخلوقات كانت بعد أن لم تكن، والعبادة لا تكون مقبولة عند الله إلا إذا كانت خالصة لله، ومطابقة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن فقد شرط الإخلاص وحصل الشرك ردت على صاحبها ولو كان العمل الذي أتي به حسناً ومطابقاً للسنة، فإنه يرد لكونه أشرك مع الله فيه غيره، وكذلك لو أن العمل كان خالصاً لله ولكنه مبني على بدعة وعلى مخالفة السنة فإنه يكون مردوداً على صحابه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، وهذه الرواية متفق عليها، وفي لفظ لـمسلم : (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) يعني: فهو مردود عليه.

فلابد من الإخلاص ولابد من المتابعة، فتجريد الإخلاص لله وحده هو مقتضى: (أشهد أن لا إله إلا الله)، وتجريد المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم هو مقتضى: (أشهد أن محمد رسول الله)، فالشهادتان متلازمتان لابد منهما ولا تكفي واحدة عن الأخرى، وكذلك مقتضى الشهادتين: إخلاص العبادة لله، والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لابد منهما جميعاً، وإذا اختل أحد هذين الشرطين فإن العمل يكون مردوداً على صاحبه وغير مقبول عند الله عز وجل.

ثم إنه يأتي كثيراً في القرآن تقرير توحيد الربوبية، وليس المقصود من تقريره إثباته على أحد ينكره، بل الذين خوطبوا بذلك هم أناس مقرون به، وهم كفار قريش الذين بعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنهم كانوا مقرين بتوحيد الربوبية، ولكنه يقرر ذلك من أجل الإلزام بتوحيد الألوهية، ولهذا يقولون: توحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الألوهية، وتوحيد الألوهية متضمن لتوحيد الربوبية، ومعنى مستلزم: أن من أقر بأن الله خالق رازق يلزمه أن يعبد الله وحده، ولهذا قال في الحديث: (أن تجعل لله نداً وهو خلقك)، وتوحيد الألوهية متضمن لتوحيد الربوبية، أي: أن الذي يعبد الله وحده ويخصه بالعبادة لا يمكن أن ينكر أن يكون الله هو الخالق والرازق وحده، بل هو مقر بهذا ضمناً، فتوحيد الألوهية إذا وجد فإن توحيد الربوبية موجود، وتوحيد الربوبية قد يوجد ولا يوجد توحيد الألوهية كما هو شأن الكفار الذين بعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولهذا يأتي في القرآن كثيراً تقرير توحيد الربوبية للإلزام بتوحيد الألوهية، كما قال الله عز وجل: أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا [النمل:60]، هذا السياق كله من أجل: أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ [النمل:60]، أَمَّنْ جَعَلَ الأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا [النمل:61]، أتُي بهذا كله من أجل أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ ، أي: هل الذي يتفرد ويستقل بهذا ولا يشاركه أحد يجعل معه آلهة؟ فأين العقول؟ وكيف تضيع العقول؟ وكيف تعبد آلهة كانت بعد أن لم تكون؟ فالآلهة التي عبدها الكفار كانت عدماً فأوجدها الله، ثم مع هذا يجعل لها نصيب من العبادة! بل العبادة يجب أن تكون للذي استقل، وانفرد بالخلق والإيجاد، فكما أن الله عز وجل هو المتفرد بالخلق والإيجاد فيجب أن يفرد بالعبادة، ولهذا يأتي كثيراً في القرآن تقرير هذا المعنى، والمقصود منه الإلزام لهؤلاء؛ لأن توحيد الربوبية يستلزم توحيد الألوهية.

فقوله: (أن تجعل لله نداً وهو خلقك) هذا تنبيه وإشارة إلى أن الخالق هو الذي يجب أن يفرد بالعبادة وحده لا شريك له.

وقوله: (أن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك)، فقد كانوا يقتلون أولادهم خشية الفقر، والله عز وجل يقول: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ [الإسراء:31]، وهذا في سورة الإسراء، وقال في سورة الأنعام: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ [الأنعام:151]، ففي سورة الإسراء قال: خَشْيَةَ إِمْلاقٍ يعني: أن الفقر متوقع وليس بواقع، ولهذا قدم الأولاد فقال: نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ فالأولاد قد يكونون سبباً في رزق الوالد، فقدم الأولاد على الوالدين للإشارة إلى أن الأولاد قد يكونون سبباً في رزق الوالدين.

وفي سورة الأنعام قال عز وجل: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ [الأنعام:151] يعني: من الفقر، فلما كان الفقر واقعاً قدم الوالدين على الأولاد فقال: نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ .

قوله: (قال: ثم أي؟ قال: أن تزاني بحليلة جارك)، فالزنا خطير، ولكنه إذا كان مع حليلة الجار فإنه يكون أسوء وأسوء؛ لأن الجار له حق، وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه)، وقال عليه الصلاة والسلام: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره)، وجاءت أحاديث كثيرة في إكرام الجار والنهي عن إيذائه، فإذا كان الزنا في حد ذاته أمر خطير وأمر عظيم فإنه إذا كان مع حليلة الجار يكون أسوأ وأسوأ، ويكون أشد وأعظم.

وقوله: (وأنزل الله تصديق ذلك -أي: تصديق نبيه- فقال: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ )، وهذه الآية فيها نفس الترتيب الذي جاء في الحديث.

وقوله: (تصديق ذلك) لا يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول ويتكلم من عند نفسه، وأن كلامه ليس من عند الله، لا، فالحديث والسنة من عند الله، والقرآن من عند الله، فالكل من عند الله، كما قال عز وجل: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم:3-4]، وقد جاءت أحاديث كثيرة تدل على أن السنة وحي من الله، كما في الحديث الصحيح الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يغفر للشهيد كل شيء) ثم قال: (إلا الدين سارني به جبريل آنفاً)، يعني: أن هذا الاستثناء جاء به جبريل منبهاً ومبيناً أنه يستثنى الدين، فالسنة وحي من الله عز وجل، والحديث قد يكون في القرآن ما يطابقه، كما جاء عن بعض السلف عند قوله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده! لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بالذي جئت به إلا كان من أصحاب النار)، جاء أنه قال: إن هذا الحديث تأملته فوجدت مصداقه في كتاب الله، قال الله عز وجل: وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ [هود:17] يعني: أن هذا الحكم تطابق عليه القرآن والسنة، وليس معنى ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم يأتي بشيء ليس من عند الله، بل كل ما يأتي به الرسول صلى الله عليه وسلم فهو من عند الله، ولهذا جاء في قصة الرجل الذي قال له صلى الله عليه وسلم: (اسق أخاك عسلاً)، في الآخر قال: (صدق الله وكذب بطن أخيك)، يعني: أن الذي يأتي به الرسول هو من عند الله وليس من عند نفسه صلى الله عليه وسلم.

والمقصود من قوله: (مصداق ذلك) أي: أنه يوجد في القرآن ما يطابق ما جاء في الحديث، والكل من الله عز وجل، إلا أن السنة وحي غير متعبد بتلاوتها والقرآن متعبد بتلاوته، وأما العمل فإن الكتاب والسنة كل منهما متعبد بالعمل به.

تراجم رجال إسناد حديث ( يا رسول الله! أي الذنب أعظم؟ قال: أن تزاني حليلة جارك...)

قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ].

محمد بن كثير العبدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرنا سفيان ].

سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ثقة فقيه وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ عن منصور ].

منصور بن المعتمر الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي وائل ].

هو شقيق بن سلمة مشهور بكنيته، وهو ثقة مخضرم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عمرو بن شرحبيل ].

عمرو بن شرحبيل ثقة مخضرم، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة.

[ عن عبد الله ].

عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قد مر ذكره.

الأسئلة

حكم دعاء الأبناء على والدهم الظالم لأمهم

السؤال: ما حكم دعاء الأبناء على والدهم بحجة أنه ظلم أمهم الكفيفة؛ حيث يقول لها: هؤلاء أولادك أولاد زنا وليسوا بأولادي، فيشتمها ويضربها، فهم يدعون عليه، فهل يعتبر هذا من العقوق ومن كبائر الذنوب؟

الجواب: هذا الذي يقوله من سوء الخلق ومن الكلام القبيح، وبدل أن يأتوا بشيء فيه سب له أو دعاء عليه عليهم أن ينصحوه، وبذلك يكونون قد بروا به حيث أحسنوا إليه بأن يبتعد عن هذا الكلام القبيح الذي يقوله والذي يتسبب في كونهم يدعون عليه، فالأولى في حقهم ألا يدعوا عليه، وإنما ينصحونه ويدعون الله له أن يوفقه، وأن يهديه، وأن يجنبه سوء الخلق، وأن يجعله على خلق حسن.

حكم استبدال الذهب بذهب أقل مع دفع الفارق نقداً

السؤال: اشتريت ذهباً وتبين أن مقاسه ليس صحيحاً لمن اشتريته له، ثم استبدلته بذهب أصغر منه وأرجع لي الباقي للفرق بين السعرين نقداً، فما الحكم؟

الجواب: هذا معناه أنه استقاله البيعة السابقة، ثم اشترى شيئاً آخر أصغر، فيبدو أنه لا بأس بهذا؛ لأن هذا استقاله البيعة ثم اشترى منه شيئاً جديداً، ودفع إلى المشتري المبلغ الزائد.

حكم أخذ الولي من مال اليتيم

السؤال: هل يجوز للولي أن يأخذ من مال اليتيم إذا كان مضطراً بالمعروف؟ وهل يرد المال الذي أخذه إذا أيسرت في حالته المادية؟

الجواب: ولي اليتيم كما جاء في القرآن يأكل بالمعروف في مقابل قيامه بالمحافظة عليه، ولكنه يحسن إليه ويحفظ ماله، والأولى ألا يأخذ شيئاً، ولكن إذا أكل بالمعروف في مقابل عمله وكان ذلك باعتدال وعدم زيادة، فلا بأس بذلك كما جاء في القرآن.

وإذا أيسر لا يرده؛ لأن هذا في مقابل عمله، وأما إذا اقترض منه شيئاً فيرده.

عدة الأمة

السؤال: أليست عدة الإماء على النصف من عدة الحرائر؟

الجواب: هذا في الإماء المزوجات، وأما الإماء المملوكات فليس عليهن عدة وإنما عليهن استبراء الرحم فقط، والمزوجات هن اللاتي يكون عليهن عدة كما سبق أن مر في كلام بعض أهل العلم، فالطلاق ينظر فيه إلى الرجال ولا ينظر إلى النساء، والعدد ينظر فيها إلى النساء ولا ينظر إلى الرجال.

عدة أم الولد

السؤال: ما الذي ترجحونه في عدة أم الولد؟

الجواب: الذي يظهر أن عدتها حيضة؛ لأنه ليس هناك نص يدل على أنها أكثر من ذلك؛ والآية التي جاءت في العدد إنما هي في الزوجات وهذه ليست زوجة، إلا إذا صارت زوجة باعتبار المعنى الذي أشرت إليه، وقد قاله بعض أهل العلم أنه إذا أعتقها وجعل عتقها صداقها فإنها تكون أم ولد إذا مات عنها.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح سنن أبي داود [264] للشيخ : عبد المحسن العباد

https://audio.islamweb.net