إسلام ويب

التصوير نوعان: ما له روح كالإنسان والحيوان وما ليس له روح كالبنيان والنبات، أما الأول فمحرم بالأدلة الصريحة الثابتة، وأما الثاني فجائز، والأحكام المتعلقة بالتصوير في الشريعة الإسلامية كثيرة، وتجد غالبها مبثوثاً في ثنايا هذه المادة.

الصور

شرح حديث (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة ولا كلب ولا جنب)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الصور.

حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن علي بن مدرك عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن عبد الله بن نجي عن أبيه عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة ولا كلب ولا جنب).

أورد أبو داود باباً في الصور، والمقصود بالصور صور الآدميين والحيوانات وما فيه روح؛ فإن ذلك لا يجوز تصويره، وأما تصوير ما لا روح فيه كالبنيان والجدران والأشجار وما إلى ذلك فإنه لا بأس به، وإنما الذي فيه بأس هو تصوير ما له روح من الإنسان والحيوان، هذا هو المقصود بالصور التي يحرم تصويرها.

وأورد أبو داود أحاديث علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة ولا جنب) والكلب والصورة جاء ذكرها في بعض الأحاديث، وأما الجنب فقد جاء في هذا الحديث، وفيه رجل فيه ضعف وهو نجي بن سلمة الذي جاء ذكره في الإسناد وهو مقبول.

وقال بعض أهل العلم: إن المقصود بالجنب هو الذي لا يتطهر من الجنابة، وأنه اعتاد ألا يغتسل من الجنابة بالوضوء -كما جاء في بعض الأحاديث-.

والحديث فيما يتعلق بذكر الجنب ضعيف غير ثابت؛ لأن فيه ذلك الرجل الذي جاء من طريقه وهو نجي بن سلمة، فإذاً ما يتعلق بالصورة والكلب قد جاء في بعض الأحاديث، فله شواهد، وأما الجنب فهو إنما جاء في هذا الحديث وهو غير ثابت عن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، ومن العلماء أيضاً من تأوله على أن المقصود به من كان ليس من عادته أن يغتسل من الجنابة.

تراجم رجال إسناد حديث (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة ولا كلب ولا جنب)

قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ].

حفص بن عمر ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي .

[ حدثنا شعبة ].

شعبة بن حجاج الواسطي البصري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن علي بن مدرك ].

علي بن مدرك ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير ].

أبو زرعة بن عمرو بن جرير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن عبد الله بن نجي ].

عبد الله بن نجي صدوق أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ عن أبيه ].

واسمه نجي وهو مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .

[ عن علي ].

علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أمير المؤمنين ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة، رضي الله عنه وأرضاه.

شرح حديث (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا تمثال)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا وهب بن بقية أخبرنا خالد عن سهيل ، يعني: ابن أبي صالح ، عن سعيد بن يسار الأنصاري، عن زيد بن خالد الجهني عن أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه أنه قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا تمثال.

قال: انطلق بنا إلى أم المؤمنين عائشة نسألها عن ذلك، فانطلقنا فقلنا: يا أم المؤمنين! إن أبا طلحة حدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا وكذا، فهل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر ذلك، قالت: لا، ولكن سأحدثكم بما رأيته فعل: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه، وكنت أتحين قفوله، فأخذت نمطاً كان لنا فسترته على العرض، فلما جاء استقبلته، فقلت: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته! الحمد لله الذي أعزك وأكرمك، فنظر إلى البيت فرأى النمط، فلم يرد علي شيئاً، ورأيت الكراهية في وجهه فأتى النمط حتى هتكه، ثم قال: (إن الله لم يأمرنا فيما رزقنا أن نكسو الحجارة واللبن. قالت: فقطعته وجعلته وسادتين وحشوتهما ليفاً فلم ينكر ذلك علي)].

أورد أبو داود حديث أبي طلحة وحديث عائشة رضي الله تعالى عنهما، وحديث أبي طلحة : (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا تمثال) ، وهذا الحديث ذكر فيه الكلب كما ذكر في الحديث الذي قبله وفيه ضعف وهنا ذكر (التمثال) وفي الذي قبله قال: (صورة) والتمثال هو صورة إلا أنها على هيئة مجسمة.

فحدث أبو طلحة رضي الله عنه بهذا الحديث، فقالوا: نذهب إلى عائشة نسألها عما حدث به أبو طلحة فذهبوا إليها رضي الله عنها، وسألوها: هل سمعته يذكر شيئاً من ذلك فقالت: لا، ولكن أحدثكم بالذي حصل أنه كان الرسول صلى الله عليه وسلم قدم من سفر، وأنها عمدت إلى نمط فعلقته أو رفعته على عرض أو على عرص، فالرسول صلى الله عليه وسلم جاء تغير فهتك الستر وقطعه، ثم إنها اتخذت من ذلك وسادتين وحشتهما ليفاً فلم ينكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: (إن الله لم يأمرنا فيما رزقنا أن نكسو الحجارة واللبن)، والحجارة واللبن هي الجدران يعني: سواء كانت من حجارة أو من لبن، يعني: وهذا يتعلق بالكسوة فقد سبق أن مر في الستور، وهو يدل على أن كسوة الجدران بالسجاد وغيره لا ينبغي، وفي ذلك خلاف بين أهل العلم، منهم من قال: بكراهته، وأنها كراهة تنزيه، ومنهم من قال: بتحريمه.

وقد جاء في بعض هذا أن فيه صورة فيكون المنع من الجهتين، من جهة ما فيه من الصور، ومن جهة الكسوة للجدر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم علل بكسو الجدران والحجارة واللبن، فهو يدل على منع ذلك، والذي ينبغي هو أن لا يفعل؛ لأن فيه إسرافاً واستعمالاً للشيء فيما لا حاجة إليه ولا داعي له.

قول عائشة : (فقلت: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، الحمد لله الذي أعزك وأكرمك، فنظر إلى البيت فرأى النمط) ليس في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم رد عليها السلام، وليس فيه ما يدل على أنه ما رد عليها السلام؛ ويمكن أنه رد عليها السلام ولكنها لم تذكر ذلك، فالحديث لا يدل على أنه لم يرد عليها السلام؛ لأن أكثر ما فيه السكوت، وليس فيه أنه لم يرد عليها السلام، حتى يقال: إن رد السلام مثبت أو منفي، وإنما كان مسكوتاً عنه، فيحتمل أنه رد السلام ولكنه سُكِتَ عنه.

قوله: [ (لم يأمرنا فيما رزقنا أن نكسو الحجارة واللبن) ].

باستثناء كسوة الكعبة فقد كانت كسوتها ثابتة، وكانت موجود قبل الإسلام، وجاء الإسلام وأقرها، وهي مما أُقر في الإسلام، وكون الكعبة خصصت بذلك؛ هناك دليل يدل على التخصيص، وهو أنها كانت مكسوة، والرسول صلى الله عليه وسلم أقر الكسوة، وقد جاء في حديث فتح مكة: (اقتلوا ابن خطل ولو وجدتموه متعلقاً بأستار الكعبة).

وقول عائشة : [ (فلم يرد علي شيئاً) ].

كأنه ما تكلم عن الشيء الذي رآه والذي ساءه إذ نظر إليه، ومن فوره جاء وهتكه صلى الله عليه وسلم، لكن لا يدل على أنه ما رد عليها السلام.

تراجم رجال إسناد حديث (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا تمثال)

قوله: [ حدثنا وهب بن بقية ].

وهب بن بقية الواسطي ثقة أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .

[ أخبرنا خالد ].

خالد بن عبد الله الواسطي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سهيل يعني: ابن أبي صالح ].

سهيل بن أبي صالح صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة، ورواية البخاري له مقروناً.

[ عن سعيد بن يسار الأنصاري].

سعيد بن يسار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن زيد بن خالد الجهني ].

زيد بن خالد الجهني ، صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أبي طلحة ].

أبو طلحة هو زيد بن سهل أبو طلحة ، مشهور بكنيته، وهو زوج أم سليم ، والدة أنس بن مالك ، وهو صحابي مشهور، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عائشة ].

عائشة أم المؤمنين، وقد مر ذكرها.

ذكر حديث (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا تمثال) من طريق ثانية وتراجم رجاله

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا جرير عن سهيل بإسناده مثله، قال: فقلت: يا أمه! إن هذا حدثني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: .. وقال فيه: سعيد بن يسار مولى بني النجار ].

قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة عن جرير ].

جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سهيل بإسناده مثله ].

شرح حديث (إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن بكير عن بسر بن سعيد عن زيد بن خالد عن أبي طلحة رضي الله عنهما أنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة، قال بسر : ثم اشتكى زيد ، فعدناه، فإذا على بابه ستر فيه صورة، فقلت لـعبيد الله الخولاني ربيب ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: ألم يخبرنا زيد عن الصور يوم الأول؟! فقال عبيد الله: ألم تسمعه حين قال: إلا رقماً في ثوب).

أورد أبو داود حديث أبي طلحة مرفوعاً قال: [ (إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة) ].

وهذا جاء في أحاديث متعددة، أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة، والمقصود بذلك صورة ما فيه روح.

[ قال بسر : ثم اشتكى زيد فعدناه ].

يعني: زيد بن خالد الجهني ، فعادوه في مرضه، من باب: عيادة مريض.

[ (فإذا على بابه ستر فيه صورة) ].

هذا يحمل على أساس أنها ليست محرمة، وإنما هي من غير ذوات الأرواح، أو أنها من ذوات الأرواح ولكنها عمل فيها شيء أزال الهيئة التي كانت عليها والتي لا يجوز أن تقرّ.

[ فقلت لـعبد الله الخولاني ربيب ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: ألم يخبرنا زيد عن الصور يوم الأول؟! فقال: ألم تسمعه حين قال: (إلا رقماً في ثوب).

أي: كتابة في ثوب، ويكون محمولاً على أنها ليست صورة ممنوعة أو صورة باقية على تحريمها، فإما أنها ليست من ذوات الأرواح أو أنها من ذوات الأرواح ولكن قطع رأسها وأزيل شيء منها يرفع حكمها..

تراجم رجال إسناد حديث (إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة)

قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ].

قتيبة بن سعيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا الليث ].

الليث بن سعد المصري ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن بكي ].

بكير بن عبد الله الأشج ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن بسر بن سعيد ].

بسر بن سعيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن زيد بن خالد عن أبي طلحة ].

هما صحابيان رضي الله عنهما، وقد مر ذكرهما.

شرح حديث (أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عمر بن الخطاب أن يأتي الكعبة فيمحو كل صورة فيها)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن الصباح ، أن إسماعيل بن عبد الكريم حدثهم قال: حدثني إبراهيم -يعني ابن عقيل - عن أبيه عن وهب بن منبه عن جابر رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه زمن الفتح، وهو بالبطحاء أن يأتي الكعبة فيمحو كل صورة فيها، فلم يدخلها النبي صلى الله عليه وسلم حتى محيت كل صورة فيها) ].

أورد أبو داود حديث جابر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عمر رضي الله عنه أن يذهب إلى الكعبة ويمحو كل ما فيها من صور، فذهب ومحا جميع ما فيها من الصور، فلم يدخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وقد طهرت من هذه الصور، طهرت من هذه الصور.

وقد جاء أن في تلك الصور صورة إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام وهما يستقسمان بالأزلام، وهذا من الافتراء والكذب، وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنهما ما فعلا ذلك قط، وإنما ذلك من الكذب.

تراجم رجال إسناد حديث (أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عمر بن الخطاب زمن الفتح أن يأتي الكعبة فيمحو كل صورة فيها)

قوله: [ حدثنا الحسن بن الصباح ].

الحسن بن الصباح صدوق يهم، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .

[ أن إسماعيل بن عبد الكريم حدثهم ].

إسماعيل بن عبد الكريم ، صدوق، أخرج له أبو داود وابن ماجة في التفسير.

[ حدثني إبراهيم يعني ابن عقيل ].

ابراهيم بن عقيل صدوق، أخرج أبو داود .

[ عن أبيه ].

أبوه صدوق، أخرج له أبو داود .

[ عن وهب بن منبه ].

وهب بن منبه ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، إلا ابن ماجة فقد أخرج له في التفسير.

[ عن جابر ].

جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث أن جبريل قال (إنا لا ندخل بيتاً فيه كلب ولا صورة)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح ، حدثنا ابن وهب ، أخبرني يونس عن ابن شهاب عن ابن السباق، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: حدثتني ميمونة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (إن جبريل عليه السلام كان وعدني أن يلقاني الليلة فلم يلقني، ثم وقع في نفسه جرو كلب تحت بساط لنا، فأمر به فأخرج، ثم أخذ بيده ماء فنضح به مكانه، فلما لقيه جبريل عليه السلام قال: إنا لا ندخل بيتاً فيه كلب ولا صورة، فأصبح النبي صلى الله عليه وسلم فأمر بقتل الكلاب حتى إنه ليأمر بقتل كلب الحائط الصغير، ويترك كلب الحائط الكبير) ].

أورد أبو داود حديث أم المؤمنين ميمونة رضي الله تعالى عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان وعده جبريل أن يلقاه، وتأخر فلم يأت، ووقع في نفس النبي صلى الله عليه وسلم أن في البيت كلباً، فوجد جرواً ، وهو ولد الكلب الصغير وجده تحت بساط، فأخرجه النبي صلى الله عليه وسلم، وأتى بماءٍ ونضح فيه مكانه، فجاءه جبريل، وقال: (إنا لا ندخل بيتاً فيه كلب ولا صورة)، وهذا يدل على ابتعاد الملائكة عن البيوت والأماكن التي فيها الكلاب والصور، ولكن يستثنى من الكلاب ما جاء في السنة استثناؤها، مثل: كلب الصيد، وكلب الزرع، وكلب الماشية، فإن هذه مستثناة بالسنة، وما عداها فإن الكلاب لا تتخذ.

والرسول صلى الله عليه وسلم، أمر بقتل الكلاب، يعني بعد تلك الحادثة، فكانوا يقتلون الكلاب حتى إنهم يقتلون الكلب يكون في الحائط الصغير، ويتركون كلب الحائط الكبير الذي يتخذ للحراسة، ولكنه جاء بعد ذلك ما يدل على نسخ قتل الكلاب وأنها لا تقتل، وإنما يقتل منها ما حصل منه أذى.

تراجم رجال إسناد حديث أن جبريل قال (إنا لا ندخل بيتاً فيه كلب ولا صورة)

قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ].

أحمد بن صالح المصري ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي في الشمائل.

[ حدثنا ابن وهب ].

عبد الله بن وهب المصري ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ أخبرني يونس ].

يونس بن يزيد الأيلي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن شهاب ].

محمد بن مسلم بن عبيد الله بن مسلم بن شهاب الزهري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن السباق].

هو عبيد بن السباق، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن ابن عباس ].

عبد الله بن عباس وقد مر ذكره رضي الله عنه.

[ عن ميمونة ].

أم المؤمنين وقد مر ذكرها.

شرح حديث (أتاني جبريل عليه السلام فقال لي أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى حدثنا أبو إسحاق الفزاري عن يونس بن أبي إسحاق عن مجاهد قال: حدثنا أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتاني جبريل عليه السلام، فقال لي: أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل، وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل، وكان في البيت كلب؛ فمر برأس التمثال الذي في البيت يقطع فيصير كهيئة الشجرة، ومر بالستر فليقطع فليجعل منه وسادتين منبوذتين توطأان، ومر بالكلب فليخرج، ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا الكلب لـحسن أو حسين كان تحت نضد لهم فأمر به فأخرج).

قال أبو داود : والنضد شيء توضع عليه الثياب شبه السرير ].

أورد أبو داود حديث أبي هريرة ، وهو مثل الذي قبله فيما يتعلق بامتناع الملائكة عن دخول البيوت التي فيها كلاب وصور.

وقوله:[ (أتاني جبريل عليه السلام فقال لي: أتيتك البارحة، فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل، وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل، وكان في البيت كلب، فمر برأس التمثال الذي في البيت يقطع فيصير كهيئة الشجرة) ].

يعني التماثيل التي في الستور، أو في القماش، فأمر بها أن تقطع حتى تكون كهيئة الشجرة، ويقطع ذلك القماش حتى يكون فرشاً، ويخرج الكلب.

قوله:[ (ومر بالستر فليقطع فليجعل منه وسادتين منبوذتين توطأان) ].

(منبوذتين) يعني: ممتهنتين.

تراجم رجال إسناد حديث (أتاني جبريل عليه السلام فقال لي أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل...)

قوله: [ حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى ].

صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي .

[ حدثنا أبو إسحاق الفزاري ].

أبو إسحاق الفزاري وهو إبراهيم بن محمد بن الحارث ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن يونس بن أبي إسحاق ].

يونس بن أبي إسحاق صدوق يهم قليلاً أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.

[ عن مجاهد ].

مجاهد بن جبر المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا أبو هريرة ].

أبو هريرة هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.

الأسئلة

حكم الاتجار بالفيز للعمل

السؤال: ما حكم التجارة بفيز الإقامة، حيث إن الدولة تمنحها بألفي ريال، وتباع بمبلغ يبدأ من ثمانية إلى عشرة آلاف أو أكثر؟

الجواب: هذا لا يجوز؛ لأن هذه التراخيص التي منحت لأناس من أجل حاجتهم، فكونهم يأخذونها وهم غير محتاجين، ثم يتاجرون بها؛ فهذا لا يجوز، لكن من كان محتاجاً ومضطراً استصدر فيزة لمن يعمل لديه، ومن كان غير محتاج فليترك.

حكم دخول الحمام بهاتف جوال مكتوب على شاشته ذكر الله تعالى

السؤال: هل يجوز الدخول بالجوال المكتوب على شاشته (لا إله إلا الله) أو أي ذكر آخر إلى الحمام؟

الجواب: لا ينبغي أن يكون في شيء من تلك الأدوات كتابة ذكر الله؛ لأن هذا يؤدي إلا امتهان ذكر الله سبحانه وتعالى، وامتهان اسم الله سبحانه وتعالى؛ فالواجب أن يمسح، وألا يبقى شيء في مثل هذه الآلات التي ينتفع بها الناس.

ثم أيضاً مما ينبغي التنبيه عليه: أن الذي ينبغي أن تقفل تلك الجوالات، بحيث لا يحصل تشويش على الناس في الصلاة، أحياناً الجوال يرن لمدة وصاحبه يتركه، وأسوأ من ذلك بعض الجوالات التي يكون فيها موسيقى، وتكون في المسجد، وتشتغل هذه الموسيقى في الجوال، وهذا من أسوأ ما يكون.

حكم إرسال رسائل جوال تحث على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وتحث على إرسال الرسالة لعدة أشخاص

السؤال: أصحاب الجوالات الآن عندهم رسائل فيها: صل على النبي صلى الله عليه وسلم عشر مرات وأرسلها إلى عشرة آخرين، أمانة عليك أن تفعل ذلك؟

الجواب: لا يفعل هذا، وإنما هو يصلي على الرسول صلى الله عليه وسلم، ويكثر من الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يشغل نفسه برسائل على الجوالات، افعلوا كذا؛ لا تفعلوا كذا.

من علامات الخوارج الإكثار من الحلق للرأس

السؤال: جاء في الخوارج أن سيماهم التحليق فهل هذا صحيح، وما معناه؟!

الجواب: الخوارج علامتهم التحليق، وهذه سمة وعلامة لهم، ولكن قد جاء في السنة ما يدل على أن التحليق في غير الحج والعمرة سائغ وأنه لا بأس به، وإنما المحذور أن يتخذ اقتداءً بالخوارج وتشبهاً بهم.

حكم تكلم حارس الحرم أثناء خطبة الجمعة مع الحجاج الحاملين لبعض العفش

السؤال: بواب الحرم يضطر إلى أن يتكلم يوم الجمعة أثناء الخطبة مع الحجاج الذين معهم شيء من العفش، فهل تلغى جمعته؟

الجواب: الحراس الذين هم مكلفون بأعمال لهم أن يتكلموا في الشيء الذي فيه المصلحة، فهذا من جنس الحارس المؤتمن على شيء فإنه يؤدي الأمانة، فإذا حصل شيء لا يناسب أو نبه على خطأ، فهذا لا بأس به؛ لأن هذا قائم بالحراسة ويمنع من الشيء الذي لا ينبغي أن يدخل في المسجد.

حكم المسح على عضو من أعضاء الوضوء عليه رباط أو ضمادة على جرح

السؤال: المريض الذي يضع على ذراعه شيئاً لمرضه بحيث لا يتمكن من غسل هذا الموضع، هل يتوضأ أم يتيمم؟

الجواب: إذا كان الشيء ثابتاً على محل الوضوء مثل الجبيرة، أو كان في نزعه مضرة، فإنه يغسل البارز ويمسح على المكان المغطى، هذا إذا كان المسح ممكناً ولا يترتب عليه ضرر، وإذا كان الجرح مكشوفاً فله أن يتيمم عن هذا الموضع ويتوضأ عما بقي، وإذا كان مغطى والمسح ممكن فإنه يمسح على المغطى ولا يتيمم.

حكم الصلاة على من أسلم في آخر حياته ودفنه ذووه على طريقتهم الكتابية

السؤال: رجل مسلم له أخوان شقيقان على دين النصارى، أسلمت الأم في آخر حياتها دون أولادها النصارى، عرفوا إسلامها وتوفيت على الإسلام، ولكن ابنها المسلم لم يتول دفنها على طريقة الإسلام، بل دفنها أولادها النصارى، على الطريقة النصرانية بالذهاب بها إلى الكنيسة، وإلى الآن لم يصل عليها صلاة الجنازة، بل دفنت على طريقة النصارى فما الحكم؟

الجواب: إذا كان ابنها ما عرف إسلامها، وإسلامها بالنسبة له مجهول، فالأصل بقاؤها على ما كانت عليه، وأما إذا ثبت إسلامها، فالواجب على ابنها المسلم أن يتولى دفنها مع المسلمين، وعلى طريقة أهل الإسلام.

وإذا كان الابن المسلم يعلم بإسلام أمه، ولكن يقول: إذا توليت دفنها على طريقة الإسلام فقد يحدث لي مشاكل مع إخواني النصارى، فلأجل ذلك تركهم؛ فلا ينبغي له ذلك؛ لأنه سيرثها، أما إخوانه النصارى فليس لهم دخل بها.

على كل هذا العمل غير صحيح، وكان الواجب عليه أن يقوم بما يلزم؛ لأنه وليها، والكفار أولادها ليسوا أولياء لها.

وإذا أمكن التدارك بأن يحملها من مقابر الكفار إلى مقابر المسلمين، فهذا هو الذي عليه أن يفعله.

وإذا كانت لم تغسل ولم تكفن التكفين الصحيح، ولم يصل عليها، وإنما دفنت على طريقة النصارى؛ فليدع لها بدل الصلاة عليها، وأما التغسيل فقد يكون جسدها تغير فالتغسيل عندئذٍ يؤثر، ولذا فإنها تُيمم بدلاً عن التغسيل.

حكم التنكيس في قراءة القرآن

السؤال: هل التنكيس في القراءة في الصلاة يجوز؟

الجواب: إذا كان المقصود بالتنكيس تنكيس الآيات فهذا لا يجوز، بمعنى أنه تقرأ آية ثم تقرأ الآية التي قبلها.

فهذا لا يجوز؛ لأن قراءة الآيات لابد أن تكون على ترتيبها، تقرأ الآية ثم التي تليها.

إذاً: التنكيس فيما يتعلق بالآيات غير سائغ، ولا يجوز أن تقرأ آية ثم تقرأ الآية التي قبلها، وإنما يقرأ كل آية بعد التي قبلها.

وأما تقديم السور بعضها على بعض فالأصل أن كل سورة تقرأ بعد التي قبلها، فلا يقدم سورة متأخرة على سورة متقدمة، هذا هو الأصل والذي ينبغي، لكن إذا حصل فإنه لا بأس به، وهو جائز، ولكن الأولى عدمه.

والأصل أن يؤتى بالقراءة على ترتيب القرآن، ومما يدل على جوازه قصة الرجل الذي جاء في الحديث أنه كان يقرأ شيئاً من القرآن ويقرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] فإنه من المعلوم أن: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] ليس بعدها في المصحف إلا سورتان، وهما: سورة الفلق وسورة الناس، ومعنى ذلك أنه سيحصل قراءة شيء متقدم مع قراءة تلك السورة المتأخرة، والأصل الترتيب في السور كما يكون الترتيب للآيات، لكن يختلف حكم ترتيب السور عن ترتيب الآيات.

حكم الانتعال قائماً

السؤال: هل النهي عن الانتعال قائماً للتحريم أو الكراهة؟!

الجواب: حديث ابن عمر : (نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن ينتعل الرجل قائماً)، قال المناوي : والأمر في الحديث للإرشاد؛ لأن لبسهما قاعداً أسهل وأمكن، ومنه أخذ الطيبي وغيره تخصيص النهي بما في لبسه قائماً تعب، كالخف وغيره.

وحديث: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن ينتعل الرجل قائماً) رواه أبو داود من حديث جابر ، وقال النووي في رياض الصالحين: رواه أبو داود بإسناد جيد، مع أن فيه عنعنة، لكن الشيخ الألباني ذكره عن غير جابر .

ورواه ابن ماجة في سننه: كتاب اللباس، باب الانتعال قائماً، فقال:

حدثنا علي بن محمد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نهى..الحديث.

هذا حديث أبي هريرة ، قال الشيخ الألباني رحمه الله: صحيح.

وقال ابن ماجة : حدثنا علي بن محمد حدثنا وكيع عن سفيان عن عبد الله بن دينار عن عمر قال: نهى..الحديث.

قال الشيخ الألباني : صحيح.

وقال الشيخ عبد العزيز السدحان في محاضرة له عن الشيخ الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله بالجامعة الإسلامية قال: قرئ على الشيخ ابن باز رحمه الله هذا الحديث من السلسلة الصحيحة، وبعد البحث أعل الشيخ ابن باز رحمه الله الحديث بعلة، وهي أن شيخ ابن ماجة في الحديث هو علي بن محمد وهو يرويه عن وكيع بن الجراح ، ووكيع إمام مشهور وطلابه كثر، فكيف يتفرد هذا الراوي علي بن محمد بهذه السنة عن وكيع دون بقية طلاب وكيع ففي النفس منه شيء هكذا قال الشيخ ويقال: هل هذه علة قادحة في الحديث مع وجود رواية أبي داود من طريق أخرى، وله شواهد من حديث أبي هريرة وعبد الله بن عمر وأنس !

الذي يظهر أنه لو كان ما فيه إلا هذا يمكن أن يقال ذلك، لكن ما دام له شواهد وجاء من طرق أخرى غير هذه الطريق، فالذي يظهر أنه صحيح.

حكم الدعاء في الركوع والجمع بين أذكار عدة في الركوع والسجود

السؤال: هل يجوز الجمع بين الأدعية الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في السجود أو الركوع مثل قول: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي) مع: سبوح قدوس رب الملائكة والروح؟

الجواب: معلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي) في ركوعه وسجوده، وهذا يدل على أن السجود يمكن أن يثنى على الله فيه، وأن الركوع يمكن أن يدعى فيه؛ لأن قوله: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي) مشتمل على ثناء ودعاء، والأصل أن يكون في الركوع التعظيم والثناء، والأصل في السجود أن يكون للدعاء، وإذا أثنى على الله عز وجل في السجود أو دعا الله في الركوع، فإن ذلك سائغ، وقد جاء في الحديث (أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم).

أما جمع أذكار عدة من الأذكار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموطن فلا بأس بذلك، لكن الركوع يكثر فيه التعظيم، والسجود يكثر فيه الدعاء.

حكم دعاء الله بغير الأسماء الحسنى الواردة

السؤال: قوله تعالى: وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [الأعراف:180] هل معنى هذه الآية أنه لا يدعى الله عز وجل إلا بما ورد من أسمائه الحسنى، وهل يجوز قول الرجل: يا ستار أو يا فراج أو يا دايم؟

الجواب: أولاً: لا يضاف إلى الله عز وجل من الأسماء إلا ما جاء في كتاب الله أو ثبت في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما الألفاظ الأخرى التي لم ترد، ولكن الله عز وجل هو المتصف بها، فهذا يقولون عنه إنه من باب الإخبار عن الله، وليس من باب الإثبات للصفات أو الأسماء لله عز وجل.

حكم الاستثناء في السلام

السؤال: عندنا أحد المدرسين في المدرسة إذا دخل الفصل يقول: السلام عليكم جميعاً إلا واحداً، فما حكم هذا القول؟!

الجواب: هذا كلام باطل، كيف يحرم بعض الناس من السلام؟! فهذا كلام غير مستقيم.

حكم تعليق صور الحرمين وغيرها من المساجد على الجدران للزينة

السؤال: ما حكم إلصاق صور المساجد كصورة الحرمين -المسجد النبوي والمسجد الحرام- على الجدران؟

الجواب: لا بأس بذلك.

كيفية صلاة من يعجز عن السجود

السؤال: رجل حصل له كسر في إحدى رجليه، وهو لا يستطيع السجود، فكان يصلي قائماً حيث يقرأ قائماً ويركع قائماً وفي حال السجود يفعل كهيئة الركوع، ويتشهد وهو قائم، فما الحكم فيما يفعل؟!

الجواب: إذا كان لا يشق عليه أن يقوم فيصلي قائماً ويركع قائماً، وفي حال سجوده يشير إذا كان لا يستطيع أن يصل إلى الأرض.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح سنن أبي داود [466] للشيخ : عبد المحسن العباد

https://audio.islamweb.net