إسلام ويب

يخبر الله تعالى عباده المؤمنين بما أعد لهم من نعيم مقيم، فلهم في الجنة ما تشتهي أنفسهم، ولا يمكن للإنسان أن يتخيل ما يعطاه المؤمن في الجنة لأنه لا تشابه بين ما خلق الله في الدنيا وما خلق في الآخرة من النعيم إلا بالأسماء فقط، وكل ذلك أعده الله لمن آمن به ولم يخرج عن طاعته وينقض عهده.

تفسير قوله تعالى: (وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات ...)

قال الله تعالى: وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:25].

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ لما ذكر تعالى ما أعده لأعدائه من الأشقياء الكافرين به وبرسله من العذاب والنكال عطف بذكر حال أوليائه من السعداء المؤمنين به وبرسله، الذين صدقوا إيمانهم بأعمالهم الصالحة، وهذا معنى تسمية القرآن مثاني على أصح أقوال العلماء، كما سنبسطه في موضعه ].

مثاني: يعني تثنى فيه القصص والأخبار، وتذكر فيه صفة أهل الجنة، ثم بعدها صفة أهل النار، ويذكر فيه حال السعداء وحال الأشقياء، وتثنى فيه قصة موسى عليه السلام، وقصة إبراهيم، كذلك قصة ثمود قوم صالح.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وهو أن يذكر الإيمان ويتبع بذكر الكفر أو عكسه، أو حال السعداء ثم الأشقياء أو عكسه، وحاصله: ذكر الشيء ومقابله، وأما ذكر الشيء ونظيره فذاك التشابه كما سنوضحه إن شاء الله ].

ذكر الشيء ومقابله كالسعداء يقابلهم الأشقياء، والمؤمنون يقابلهم الكفار.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ فلهذا قال تعالى: وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ [البقرة:25] فوصفها بأنها تجري من تحتها الأنهار، أي: من تحت أشجارها وغرفها، وقد جاء في الحديث: (أن أنهارها تجري في غير أخدود) وجاء في الكوثر: (أن حافتيه قباب اللؤلؤ المجوف

ولا منافاة بينهما، فطينها المسك الأذفر، وحصباؤها اللؤلؤ والجوهر، نسأل الله من فضله إنه هو البر الرحيم.

وقال ابن أبي حاتم : قرأ عليَّ الربيع بن سليمان حدثنا أسد بن موسى حدثنا أبو ثوبان عن عطاء بن قرة عن عبد الله بن ضمرة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنهار الجنة تفجر من تحت تلال -أو من تحت جبال-المسك)، وقال أيضاً: حدثنا أبو سعيد حدثنا وكيع عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق قال: قال عبد الله : أنهار الجنة تفجر من جبل مسك ].

والمسك أحسن أنواع الطيب، وأنهار الجنة تفجر من تحت جبال المسك، نسأل الله من فضله، ثم أيضاً مسك الآخرة ليس كمسك الدنيا، فالمسك في الدنيا الآن من أحسن أنواع الطيب؛ ولهذا فإن المسك يؤخذ أصلاً من دم الغزال، من ورمة تخرج في الغزال تسقط وتؤخذ ثم تشق، وتسمى الفأرة مثل الكرة يخرج منها المسك، ولهذا يقول الشاعر يمدح بعض الخلفاء:

فإن تفق الأنام وأنت منهم فإن المسك بعض دم الغزال

تخرج ورمة في الغزال مثل الكرة، ثم تسقط أو تؤخذ، فإذا فتحت في وسطها المسك.

قال ابن أبي حاتم : قرئ على الربيع بن سليمان قال في الحاشية: هو أبو محمد الربيع بن سليمان المرادي ، قال ابن أبي حاتم : سمعناه منه وهو صدوق ثقة.

إذاً: يحتمل أنه قرئ عليه وهو يسمع، ويكون من القراءة؛ لأن القراءة على الشيخ أو السماع من الشيخ نوعان: نوع يقرأ التلميذ والشيخ يسمع، وأحياناً يقرأ الشيخ والتلميذ يكتب، أو يقرأ وهو يسمع ويكون مع غيره، كما يقول الإمام مسلم : حدثنا، يعني: مع غيره، ومحتمل أنه قرأ هو عليه، وعلى هذا يكون من شيوخه، ويحتمل أنه قرأ عليه أحد أقرانه وهو يسمع.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقوله تعالى: كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ [البقرة:25]، قال السدي في تفسيره عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة قالوا: هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ [البقرة:25]) قال: إنهم أتوا بالثمرة في الجنة، فلما نظروا إليها قالوا: هذا الذي رزقنا من قبل في الدنيا، وهكذا قال قتادة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ونصره ابن جرير .

وقال عكرمة : (قالوا هذا الذي رزقنا من قبل) قال: معناه: مثل الذي كان بالأمس، وكذا قال الربيع بن أنس وقال مجاهد : يقولون ما أشبهه به، قال ابن جرير : وقال آخرون: بل تأويل ذلك: هذا الذي رزقنا من قبل ثمار الجنة من قبل هذا؛ لشدة مشابهة بعضه بعضاً لقوله تعالى: وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا [البقرة:25] قال سنيد بن داود : حدثنا شيخ من أهل المصيصة عن الأوزاعي ].

المصيصة بالتشديد.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير قال: يؤتى أحدهم بالصحفة من الشيء فيأكل منها ].

والصحفة هي الإناء الذي يوضع فيه الشيء.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ثم يؤتى بأخرى فيقول: هذا الذي أتينا به من قبل، فتقول الملائكة: كل، فاللون واحد، والطعم مختلف ].

وسنيد بن داود بن السجزي : اسمه حسين ، وهو ضعيف مع إمامته ومعرفته، لكونه كان يلقن الحجاج بن محمد وسنيد يحتمل أين يكون لقباً.

وخبره فيه جهالة؛ لأنه حدث عن شيخ من أهل المصيصة مجهول ومبهم، إذاً: فالخبر ضعيف لكنه يتقوى بالآثار الأخرى.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي حدثنا سعيد بن سليمان حدثنا عامر بن يساف عن يحيى بن أبي كثير قال: عشب الجنة الزعفران، وكثبانها المسك، ويطوف عليهم الولدان بالفواكه فيأكلونها ثم يؤتون بمثلها، فيقول لهم أهل الجنة: هذا الذي أتيتمونا آنفاً به، فتقول لهم الولدان: كلوا، فاللون واحد، والطعم مختلف. وهو قول الله تعالى: وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا [البقرة:25]. وقال أبو جعفر الرازي : عن الربيع بن أنس عن أبي العالية : وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا [البقرة:25]قال: يشبه بعضه بعضاً ويختلف في الطعم.

قال ابن أبي حاتم : وروي عن مجاهد والربيع بن أنس والسدي نحو ذلك.

وقال ابن جرير بإسناده عن السدي في تفسيره عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة، في قوله تعالى: وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا [البقرة:25]يعني: في اللون والمرأى، وليس يشتبه في الطعم. وهذا اختيار ابن جرير ].

وهذا هو الأقرب، فهم يؤتون بأنواع الفواكه والأطعمة، وتتشابه في اللون وتختلف في الطعم واللذة والرائحة، قالوا: هذا الذي رزقنا من قبل أي: في الجنة. أما القول بأن قوله تعالى: هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ [البقرة:25] يعني: في الدنيا فهو قول مرجوح، فأهل الجنة يؤتون مثلاً بالفواكه والأطعمة اليوم، ثم يؤتون بها غداً، فيقولون: هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ [البقرة:25]، أي: بالأمس، وذلك أن التشابه موجود في اللون، ولكن الطعم واللذة والرائحة مختلف. نسأل الله الكريم من فضله.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقال عكرمة وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا [البقرة:25] قال: يشبه ثمر الدنيا، غير أن ثمر الجنة أطيب.

وقال سفيان الثوري عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس : لا يشبه شيء مما في الجنة ما في الدنيا إلا في الأسماء ].

فإن في الجنة نخيلاً، وفي الدنيا نخيلاً، وفي الجنة أعناباً وفي الدنيا أعناباً، لكنها تختلف عن بعضها، فنخيل الجنة ليست من الحطب ولا من الخشب، بل من الذهب، وكذلك اللون والطعم والرائحة فإنه مختلف، فقوله: ليس في الدنيا مما في الآخرة إلا في الأسماء، أي: لا يتفقان إلا في الأسماء.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وفي رواية: ليس في الدنيا مما في الجنة إلا الأسماء، ورواه ابن جرير من رواية الثوري وابن أبي حاتم من رواية الثوري وابن أبي حاتم من حديث أبي معاوية كلاهما عن الأعمش به، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قوله تعالى: وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا [البقرة:25] ] قال: يعرفون أسماءه كما كانوا في الدنيا: التفاح بالتفاح، والرمان بالرمان، قالوا في الجنة: هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ [البقرة:25] في الدنيا، وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا [البقرة:25]، يعرفونه وليس هو مثله في الطعم ].

إذاً: ففي معنى الآية قولان لأهل العلم:

القول الأول: هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ [البقرة:25] أي: في الدنيا.

والقول الثاني: هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ [البقرة:25] أي: في الجنة قبل أمس، وهذا اختيار ابن جرير وهو الأقرب، فالتشابه في اللون، أما الطعم واللذة والرائحة فمختلفة، أما ما في الدنيا فيشبهه في الاسم فقط، وقد انتهى وانتهت الدنيا.

أقوال أهل العلم في معنى (أزواج مطهرة)

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقوله تعالى: وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ [البقرة:25] قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما: مطهرة من القذر والأذى. وقال مجاهد : من الحيض والغائط والبول والنخام والبزاق والمني والولد.

وقال قتادة : مطهرة من الأذى والمأثم. وفي رواية عنه: لا حيض ولا كلف ].

والكلف هو: مرض يكون في الوجه كالصفرة وغيرها، ويحتمل أنها لا كلاف، أي: لا مشقة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وروي عن عطاء والحسن والضحاك وأبي صالح وعطية والسدي نحو ذلك.

وقال ابن جرير : حدثني يونس بن عبد الأعلى أنبأنا ابن وهب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: المطهرة: التي لا تحيض، قال: وكذلك خلقت حواء عليها السلام، فلما عصت قال الله تعالى: إني خلقتك مطهرة وسأدميك كما أدميت هذه الشجرة. وهذا غريب ].

لأنها أكلت من الشجرة، أما نساء أهل الجنة فلا شك أنها مطهرة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقال الحافظ أبو بكر بن مردويه : حدثنا إبراهيم بن محمد قال: حدثني جعفر بن محمد بن حرب وأحمد بن محمد الخوري ].

في لسان الميزان خوري ، وفي الميزان جوري، فيحتمل أن له نسبتين.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ قالا: حدثنا محمد بن عبيد الكندي حدثنا عبد الرزاق بن عمر البزيعي حدثنا عبد الله بن المبارك عن شعبة عن قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ [البقرة:25]، قال: (من الحيض والغائط والنخاعة والبزاق) هذا حديث غريب. وقد رواه الحاكم في مستدركه عن محمد بن يعقوب عن الحسن بن علي بن عفان عن محمد بن عبيد به، وقال: صحيح على شرط الشيخين. وهذا الذي ادعاه فيه نظر؛ فإن عبد الرزاق بن عمر البزيعي قال فيه أبو حاتم بن حبان البستي : لا يجوز الاحتجاج به. قلت: والأظهر أن هذا من كلام قتادة كما تقدم، والله أعلم ].

قول الحاكم إنه صحيح على شرط الشيخين فيه نظر، فـالحاكم رحمه الله كان متساهلاً، فقد ألف المستدرك على الصحيحين وله فيه أوهام كثيرة، فقد يقول: هذا على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وهو موجود في الصحيحين، وأحياناً يقول: على شرط الشيخين، وليس على شرط الشيخين. ولذلك قيل: إنه رحمه الله كتب المستدرك مسودة، وأراد أن ينقحه ويغيره فاخترمته المنية، ولهذا حصل فيه أغلاط كثيرة. أما البزيعي فقد جاء في التقريب أنه عبد الرزاق بن عمر البزيعي بموحدة مفتوحة وزاي، صدوق من العاشرة.

وهنا قال فيه أبو حاتم بن حبان البستي : لا يجوز الاحتجاج به، فاختلفت فيه أقوال الأئمة، واختار الحافظ أنه صدوق، وقد يكون حاله أقل من هذا؛ لأن الحافظ رحمه الله في التقريب قد لا يوافق في حكمه على بعض الرجال.

والصواب أن معنى مطهرة أي: مطهرة من البول والغائط والحيض والنفاس.

اختلاف أهل العلم في حصول الولد في الجنة

اختلف أهل العلم: هل تكون الولادة في الجنة أو لا تكون؟ على قولين ذكرهما العلامة ابن القيم في الكافية الشافية، فمن العلماء من قال: إنه يكون في الجنة ولادة؛ لما جاء في بعض الأحاديث: أن المؤمن إذا اشتهى الولد كان حمله وفطامه وشبابه في ساعة. وقال آخرون: ليس في الجنة ولد، والأقرب أنه ليس هناك حمل ولا ولادة في الجنة وهو ظاهر الأدلة كما ذكر ابن القيم .

إن نساء الجنة مطهرة من البول والغائط والحيض والنفاس والنخاع.. إلى آخره، ولو قيل: بأن الجنة فيها ولد فلا يلزم منه الحيض والنفاس فالله تعالى على كل شيء قدير، وقد جاء في بعض الآثار أن الحمل والولادة يكون في ساعة واحدة، وفي قصة الرجل الذي اشتهى الزرع فكان نباته وحصاده في ساعة واحدة أو في لحظات، ولكن أهل الجنة عندهم أولادهم الذين كانوا في الدنيا، وعندهم من الولدان ومن الحور ما يغنيهم.

يقول تعالى: وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنفُسُ [الزخرف:71]؟

قد لا يشتهون فعندهم ما يكفيهم، كما قال بعض السلف، وقال بعضهم في قوله صلى الله عليه وسلم: (من شرب الخمر لم يشربه في الآخرة): إنه إذا دخلها لا يشربها ولا يشتهيها، والأقرب أن هذا من باب الوعيد، ومن تاب تاب الله عليه.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقوله تعالى: وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:25] هذا هو تمام السعادة، فإنهم مع هذا النعيم في مقام أمين من الموت والانقطاع، فلا آخر له ولا انقضاء، بل في نعيم سرمدي أبدي على الدوام، والله المسئول أن يحشرنا في زمرتهم، إنه جواد كريم، بر رحيم ].

إن الدنيا ليس فيها خلود، ولهذا قال بعض السلف: إن هذا الموت قد أفسد على أهل النعيم نعيمهم فالتمسوا نعيماً لا موت فيه. والجنة ليس فيها موت، ولا نوم -لأن النوم أخو الموت- ولا مرض، ولا هموم ولا غموم ولا شيخوخة ولا هرم، بل صحة دائمة وشباب دائم، وسرور دائم. نسأل الله الكريم من فضله.

إن شيخ الإسلام يرى أن النار لا تفنى، ولكن ابن القيم رحمه الله في كتابه الروح ذكر أقوالاً لبعض السلف أنها تفنى وكلها ضعيفة، وحملها بعض أهل العلم -على فرض صحتها- على الطبقة التي فيها العصاة فإنها هي التي تفنى، أما طبقة الكفرة فلا تفنى، وذكر في ابن القيم رحمه الله في شفاء العليل أقوالاً وأطال فيها الكلام وكأنه يميل إلى أنها تفنى، وله قول آخر على أنها تبقى، ويحتمل أن له في المسألة قولان وأنه رجع عن أحد القولين. أما شيخ الإسلام فقد صرح بأبديتها.

وقد كتب أحد الإخوان رسالة نوقشت ونفى نفياً قاطعاً هذا القول عن الشيخين، لكن ابن القيم كما تقدم قد نقل نقولاً وأيدها بتأييدات تدل على أنه يختار القول بفناء النار، وله مباحث أخرى تدل على أنه لا يختاره، ويحمل على أنهما قولان له كما تقدم، وأنه رجع عن أحد القولين، وهذا هو الأقرب.

تفسير قوله تعالى: (إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً ما بعوضة...)

قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ * الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ [البقرة:26-27].

قال المصنف رحمه الله: [قال السدي في تفسيره عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة: لما ضرب الله هذين المثلين للمنافقين -يعني قوله تعالى: مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا [البقرة:17]، وقوله: أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ [البقرة:19] الآيات الثلاث- قال المنافقون: الله أعلى وأجل من أن يضرب هذه الأمثال، فأنزل الله هذه الآية إلى قوله تعالى: هُمُ الْخَاسِرُونَ [البقرة:27].

وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة : لما ذكر الله تعالى العنكبوت والذباب، قال المشركون: ما بال العنكبوت والذباب يذكران؟ فأنزل الله: إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا [البقرة:26]، وقال سعيد عن قتادة : أي إن الله لا يستحيي من الحق أن يذكر شيئاً مما قل أو كثر، وإن الله حين ذكر في كتابه الذباب والعنكبوت قال أهل الضلالة: ما أراد الله من ذكر هذا؟ فأنزل الله: إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا [البقرة:26] ].

وفي هذه الآية إثبات صفة الحياء لله عز وجل كما يليق بجلاله وعظمته، وكذلك في قول الله تعالى: إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ [الأحزاب:53] قالت أم سليم للنبي صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله، إن الله لا يستحيي من الحق، فهل على المرأة غسل إذا هي احتلمت؟ قال: نعم. إذا رأت الماء) وفي الحديث الذي رواه البخاري في قصة الثلاثة الذين أتوا وهو يحدث الناس، قال: (أما أحدهما: فآوى فآواه الله، وأما الثاني: فاستحيا فاستحيا الله منه، وأما الثالث: فأعرض، فأعرض الله عنه). فالحياء ثابت لله كما يليق بجلاله وعظمته، وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ [الأحزاب:53] ولا يستحي أن يضرب مثلاً ما بعوضة، ولا يستحي من الحق سبحانه وتعالى؛ ولهذا أدب الله المؤمنين بأنهم إذا جاءوا النبي صلى الله عليه وسلم وانتهوا من الطعام أن ينتشروا؛ لأن ذلك يؤذي النبي وهو يستحي، والله لا يستحي من الحق.

نزلت هذه الآية في قصة زواج النبي صلى الله عليه وسلم بـزينب كما في البخاري وأنه أشبعهم عليه الصلاة والسلام في ذلك اليوم خبزاً ولحماً، وأنهم دخلوا وأكلوا، ولما انتهوا جلس جماعة يتحدثون، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يستريح فوجدهم يتحدثون، فذهب إلى بيت عائشة وتبعه أنس ولم ينتبهوا له، ثم رجع فوجدهم، ثم لما جاء في المرة الثانية قاموا، فأنزل الله هذه الآية: وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ [الأحزاب:53] ففيه إثبات الحياء لله عز وجل كما يليق بجلاله وعظمته.

أقوال أهل العلم في قوله تعالى: (إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً ما بعوضة)

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ قلت: العبارة الأولى عن قتادة فيها إشعار أن هذه الآية مكية وليست كذلك، وعبارة رواية سعيد عن قتادة أقرب والله أعلم. وروى ابن جرير عن مجاهد نحو هذا الثاني عن قتادة . وقال ابن أبي حاتم : روي عن الحسن وإسماعيل بن أبي خالد نحو قول السدي وقتادة . وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس في هذه الآية قال: هذا مثل ضربه الله للدنيا أن البعوضة تحيا ما جاعت فإذا سمنت ماتت، وكذلك مثل هؤلاء القوم الذين ضرب لهم هذا المثل في القرآن إذا امتلئوا من الدنيا رياً أخذهم الله عند ذلك، ثم تلا: فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ [الأنعام:44] هكذا رواه ابن جرير ورواه ابن أبي حاتم من حديث أبي جعفر عن الربيع بن أنس عن أبي العالية بنحوه، فالله أعلم.

فهذا اختلافهم في سبب النزول، وقد اختار ابن جرير ما حكاه السدي ؛ لأنه أمس بالسورة، وهو مناسب، ومعنى الآية: أنه تعالى أخبر أنه لا يستحيي، أي: لا يستنكف، وقيل: لا يخشى أن يضرب مثلاً ما ].

مثلاً ما يعني: أي مثل، وما: نكرة ويحتمل أنها وصف لمثل.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقيل: لا يخشى أن يضرب مثلاً ما، أي: أي مثل كان بأي شيء كان صغيراً كان أو كبيراً، و(ما): هاهنا للتقليل وتكون بَعُوضَةً [البقرة:26]منصوبة على البدل، كما تقول: لأضربن ضربًا ما، فيصدق بأدنى شيء، أو تكون (ما) نكرة موصوفة ببعوضة، واختار ابن جرير أن (ما) موصولة، وبَعُوضَةً معربة بإعرابها ].

وهذا الذي اختاره ابن جرير مرجوح، فليست بموصولة، والصواب أنها نكرة، فلو قلت: إن الله لا يستحي أن يضرب مثلاً الذي بعوضة، فلا يستقيم الكلام، فقوله: (مثلاً ما بعوضة) الصحيح فيه أن بعوضة بدل من (ما) أو وصف لـ(ما).

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ قال: وذلك سائغ في كلام العرب أنهم يعربون صلة (ما) و(من) بإعرابهما؛ لأنهما يكونان معرفة تارة، ونكرة أخرى، كما قال حسان بن ثابت :

يكفى بنا فضلاً على من غيرناحب النبي محمد إيانا ].

الشاهد: أنه جعل غيرنا صلة لمن.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ قال: ويجوز أن تكون بَعُوضَةً منصوبة بحذف الجار، وتقدير الكلام: إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً ما بين بعوضة إلى ما فوقها، وهذا الذي اختاره الكسائي والفراء . وقرأ الضحاك وإبراهيم بن عبلة : بعوضة بالرفع، قال ابن جني : وتكون صلة لـ(ما) وحذف العائد، كما في قوله: تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ [الأنعام:154] أي: على الذي هو أحسن وحكى سيبويه : ما أنا بالذي قائل لك شيئاً ].

ابن جني هذا نحوي معروف له كتاب الخصائص.

وقد أطال الحافظ ابن كثير رحمه الله في الإعراب إطالة ليس لها لزوم.

أقوال أهل العلم في قوله تعالى: (فما فوقها..)

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ فَمَا فَوْقَهَا [البقرة:26] فيه قولان: أحدهما: فما دونها في الصغر والحقارة، كما إذا وصف رجل باللؤم والشح فيقول السامع: نعم، وهو فوق ذلك، يعني فيما وصفت. وهذا قول الكسائي وأبي عبيد قاله الرازي وأكثر المحققين، وفي الحديث: (لو أن الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء).

والثاني: فَمَا فَوْقَهَا لما هو أكبر منها؛ لأنه ليس شيء أحقر ولا أصغر من البعوضة. وهذا قول قتادة بن دعامة واختيار ابن جرير ، فإنه يؤيده ما رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا كتب له بها درجة ومحيت عنه بها خطيئة). فأخبر أنه لا يستصغر شيئًا يضرب به مثلاً ولو كان في الحقارة والصغر كالبعوضة، كما لا يستنكف عن خلقها كذلك لا يستنكف من ضرب المثل بها، كما ضرب المثال بالذباب والعنكبوت في قوله: يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ [الحج:73] وقال: مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [العنكبوت:41]، وقال تعالى: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ * يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ [إبراهيم:24-27]، وقال تعالى: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ.. [النحل:75] الآية، ثم قال: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهُّ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ.. [النحل:76] الآية، كما قال: ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ.. [الروم:28] الآية.

وقال: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ [الزمر:29] الآية ].

فكل هذه الأمثال ضربها الله في القرآن، وذلك لأن الأمثال فيها فوائد عظيمة ينتقل الإنسان بها من الحس إلى الأمر المعنوي.

انقسام الناس تجاه الأمثال التي ضربها الله في القرآن

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقال: وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ [العنكبوت:43] وفي القرآن أمثال كثيرة. قال بعض السلف: إذا سمعت المثل في القرآن فلم أفهمه بكيت على نفسي؛ لأن الله قال: وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ [العنكبوت:43]. وقال مجاهد في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا [البقرة:26] الأمثال صغيرها وكبيرها يؤمن بها المؤمنون ويعلمون أنها الحق من ربهم، ويهديهم الله بها. وقال قتادة : فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ [البقرة:26]أي: يعلمون أنه كلام الرحمن، وأنه من عند الله. وروي عن مجاهد والحسن والربيع بن أنس نحو ذلك. وقال أبو العالية : فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ [البقرة:26]يعني: هذا المثل: وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا [البقرة:26] كما قال في سورة المدثر: وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ [المدثر:31] ].

وهذا السؤال فيه اعتراض على الله سبحانه. نسأل الله العافية. فلما قالوا: مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا [البقرة:26]، أنكر الله عليهم، فالواجب على المسلم الإيمان والتسليم، وأن يقول: سمعنا وأطعنا وليس له أن يعترض.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وكذلك قال هاهنا: يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ [البقرة:26] قال السدي في تفسيره: عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة: يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا [البقرة:26]. يعني به: المنافقين، وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا [البقرة:26]، يعني به: المؤمنين، فيزيد هؤلاء ضلالة إلى ضلالتهم؛ لتكذيبهم بما قد علموه حقاً يقيناً من المثل الذي ضربه الله بما ضرب لهم، وأنه لما ضرب له موافق فذلك إضلال الله إياهم به. وَيَهْدِي بِهِ [البقرة:26] يعني: بالمثل، كثيرًا من أهل الإيمان والتصديق، فيزيدهم هدى إلى هداهم وإيمانًا إلى إيمانهم، لتصديقهم بما قد علموه حقاً يقيناً أنه موافق لما ضربه الله له مثلاً وإقرارهم به، وذلك هداية من الله لهم به: وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ [البقرة:26] قال: هم المنافقون. وقال أبو العالية : وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ [البقرة:26] قال: هم أهل النفاق. وكذا قال الربيع بن أنس .

وقال ابن جريج عن مجاهد عن ابن عباس : وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ [البقرة:26] قال: يقول: يعرفه الكافرون فيكفرون به. وقال قتادة : وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ [البقرة:26] فسقوا، فأضلهم الله على فسقهم. وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي عن إسحاق بن سليمان عن أبي سنان عن عمرو بن مرة عن مصعب بن سعد عن سعد يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا [البقرة:26] يعني: الخوارج. وقال شعبة عن عمرو بن مرة عن مصعب بن سعد قال: سألت أبي فقلت: قوله تعالى: الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ [البقرة:27] إلى آخر الآية، فقال: هم الحرورية. وهذا الإسناد وإن صح عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه فهو تفسير على المعنى، لا أن الآية أريد منها التنصيص على الخوارج الذين خرجوا على علي بالنهروان، فإن أولئك لم يكونوا حال نزول الآية، وإنما هم داخلون بوصفهم فيها مع من دخل؛ لأنهم سموا بالخوارج لخروجهم عن طاعة الإمام والقيام بشرائع الإسلام ].

هذه الآية الكريمة: وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ [البقرة:26] عامة لكل من انطبق عليه هذا الوصف، والفاسق يشمل الكافر والعاصي، والفاسق: من الفسق وهو الخروج عن طاعة الله عز وجل.

أنواع الفسق

الفسق ينقسم إلى قسمين:

القسم الأول: فسق أكبر: وهو فسق الكفر، كما في هذه الآية فإنه يشمل الكفار، والحرورية وهم الخوارج، وسموا بالحرورية لأنهم سكنوا في بلدة تسمى: حروراء في العراق، فنسبوا إليها، والمعنى ما ثبت عن سعد بن أبي وقاص أن الخوارج يشملهم هذا الوصف، وإلا فإنهم ما وجدوا إلا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي زمن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وهكذا فأهل الإيمان يزدادون إيماناً بما أنزل الله من الآيات والحجج، وبما ضرب الله من الأمثال، أما الفاسقون والخارجون عن طاعة الله فإنهم يزدادون ضلالاً والعياذ بالله، كما قال الله تعالى عن اليهود والنصارى: وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا [المائدة:64] فما أنزل الله من الهدى والوحي يزداد به أهل الإيمان إيماناً، وأما أهل الكفر فيزدادون به كفراً إلى كفرهم، فالقرآن الذي هو هدى وشفاء ونور لا يزداد به الكفرة إلا كفراً وطغياناً، قال سبحانه: وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ [التوبة:124-125] نسأل الله السلامة والعافية، ونسأله أن يهدي قلوبنا، وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ والفاسق في اللغة: هو الخارج عن الطاعة أيضًا. وتقول العرب: فسقت الرطبة: إذا خرجت من قشرتها؛ ولهذا يقال للفأرة: فويسقة؛ لخروجها عن جحرها للفساد.

وثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم: الغراب، والحدأة، والعقرب، والفأرة، والكلب العقور)، فالفاسق يشمل الكافر والعاصي ].

وسميت هذه فواسق لأنها خرجت على غيرها وعن طبيعتها بالأذى، فهي مؤذية. ومادة الفاء والسين والقاف تدل على الخروج، وفسقت الرطبة: خرجت من قشرتها، وسميت الفارة فويسقة: لأنها خرجت من جحرها وخرجت عن طبيعتها وذلك بالأذى فتفسد وتخرب، وكذلك جميع هذه الخمس كلها فواسق، ولهذا جاز قتلها في الحل والحرم، فالغراب فاسق لأنه يأكل سنبل الزرع، وينقض الدبرة التي على ظهر البعير، فكلما بدأ الجرح يندمل نقره فعاد من جديد، وهذا من فسقه، والعقرب معروف أنها تلدغ، والحية كذلك، والكلب العقور يعقر الناس، وكذلك الحدأة فإنها تخطف الأشياء وتأخذ ما تراه من الأحمر كاللحم وغيره، فكل هذه فواسق، وسميت فواسق لخروجها عن غيرها بالأذى، وكل ما هو فاسق يلحق بها، مثل السام ويسمى: ظافور فهو كذلك فاسق لما فيه من مادة السم وغيرها، فيقتل أيضاً، وكل مؤذٍ فاسق، فليحق به جميع المؤذيات من الفواسق.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ولكن فسق الكافر أشد وأفحش ].

لأن فسق الكافر فسوق كفر، والقسم الثاني: فسق أصغر وهو فسق المعصية: فالعاصي فسقه فسق معاصي مع وصف الإيمان؛ لخروجه عن الطاعة وارتكابه لبعض المعاصي، أما الكافر ففسقه كامل، أي: فسق كفر والعياذ بالله، وهو أشد وأفحش.

ذكر اختلاف المفسرين في معنى العهد الذي وصف الفاسقون بنقضه

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ والمراد به من الآية الفاسق الكافر والله أعلم، بدليل أنه وصفهم بقوله تعالى: الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ [البقرة:27]، وهذه الصفات صفات الكفار المباينة لصفات المؤمنين كما قال تعالى في سورة الرعد: أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنقُضُونَ الْمِيثَاقَ * وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ [الرعد:19-21] الآيات، إلى أن قال: وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ [الرعد:25]، وقد اختلف أهل التفسير في معنى العهد الذي وصف هؤلاء الفاسقين بنقضه، فقال بعضهم: هو وصية الله إلى خلقه وأمره إياهم بما أمرهم به من طاعته، ونهيه إياهم عما نهاهم عنه من معصيته في كتبه وعلى لسان رسله، ونقضهم ذلك هو تركهم العمل به.

وقال آخرون: بل هي في كفار أهل الكتاب، والمنافقين منهم، وعهد الله الذي نقضوه: هو ما أخذ الله عليهم في التوراة من العمل بما فيها، واتباع محمد صلى الله عليه وسلم إذا بعث، والتصديق به وبما جاء به من عند ربهم، ونقضهم ذلك: هو جحودهم به بعد معرفتهم بحقيقته، وإنكارهم ذلك، وكتمانهم علم ذلك عن الناس بعد إعطائهم الله من أنفسهم الميثاق ليبيننه للناس ولا يكتمونه، فأخبر تعالى أنهم نبذوه وراء ظهورهم، واشتروا به ثمنًا قليلا. وهذا اختيار ابن جرير رحمه الله وهو قول مقاتل بن حيان ].

وهذا هو القول الثالث.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقال آخرون: بل عنى بهذه الآية: جميع أهل الكفر والشرك والنفاق، وعهده إلى جميعهم في توحيده: ما وضع لهم من الأدلة الدالة على ربوبيته، وعهده إليهم في أمره ونهيه: ما احتج به لرسله من المعجزات التي لا يقدر أحد من الناس غيرهم أن يأتي بمثله الشاهدة لهم على صدقهم، قالوا: ونقضهم ذلك: تركهم الإقرار بما قد تبينت لهم صحته بالأدلة، وتكذيبهم الرسل والكتب مع علمهم أن ما أتوا به حق، وروي عن مقاتل بن حيان أيضاً نحو هذا، وهو حسن، وإليه مال الزمخشري فإنه قال: فإن قلت: فما المراد بعهد الله؟ قلت: ما ركز في عقولهم من الحجة على التوحيد، كأنه أمر وصاهم به ووثقه عليهم، وهو معنى قوله: وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا [الأعراف:172]إذ أخذ الميثاق عليهم من الكتب المنزلة عليهم كقوله: وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ [البقرة:40].

وقال آخرون: العهد الذي ذكره تعالى: هو العهد الذي أخذه عليهم حين أخرجهم من صلب آدم الذي وصف في قوله: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا [الأعراف:172] الآيتين ].

وهذا هو القول الرابع.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ونقضهم ذلك: تركهم الوفاء به. وهكذا روي عن مقاتل بن حيان أيضاً، حكى هذه الأقوال ابن جرير في تفسيره ].

والراجح هو القول الأول. وهو أن المراد وصية الله وعهده إلى جميع عباده من المؤمنين والكفار، عهد إليهم أن يستجيبوا لأمره، وأن يتبعوا الرسل، وأن ينقادوا لشرعه وأوامره ونواهيه.

والقول الثاني: أنه في أهل الكتاب.

والثالث: أنه في جميع الكفار.

والرابع: أنه الميثاق الذي أخذه الله على بني آدم حين أخرجهم من صلب أبيهم آدم.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله: الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ [البقرة:27]إلى قوله: أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ [البقرة:27]قال: هي ست خصال من المنافقين، إذا كانت فيهم الظهرة على الناس أظهروا هذه الخصال: إذا حدثوا كذبوا، وإذا وعدوا أخلفوا، وإذا اؤتمنوا خانوا، ونقضوا عهد الله من بعد ميثاقه، وقطعوا ما أمر الله به أن يوصل، وأفسدوا في الأرض، وإذا كانت الظهرة عليهم أظهروا الخصال الثلاث: إذا حدثوا كذبوا، وإذا وعدوا أخلفوا، وإذا اؤتمنوا خانوا. وكذا قال الربيع بن أنس أيضًا. وقال السدي في تفسيره بإسناده قوله تعالى: الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ [البقرة:27] قال: هو ما عهد إليهم في القرآن فأقروا به ثم كفروا فنقضوه ].

وهذا هو القول الخامس أي: شرك المنافقين.

فالأقول كلها إذاً قيل: إنها في أهل الكتاب، وقيل في جميع الكفار، وقيل: في المنافقين. وقيل: إن المراد به الميثاق الذي أخذه الله على بني آدم وهو أشمل، وقيل: إنها وصية الله إلى جميع الناس.

أقوال أهل العلم في قوله تعالى (ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل)

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقوله: وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ [البقرة:27] قيل: المراد به: صلة الأرحام والقرابات كما فسره قتادة ، كقوله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ [محمد:22] ورجحه ابن جرير ، وقيل: المراد أعم من ذلك، فكل ما أمر الله بوصله وفعله فقطعوه وتركوه ].

وهذا هو الصواب، وهو أنه عام يشمل صلة الأرحام وغيرها من كل ما أمر الله به أن يوصل، ومما أمر الله أن يؤتى به، فدخل في ذلك صلة الأرحام وغيرها.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقال مقاتل بن حيان في قوله تعالى: أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ [البقرة:27] قال: في الآخرة، وهذا كما قال تعالى: أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ [الرعد:25]، وقال الضحاك عن ابن عباس : كل شيء نسبه الله إلى غير أهل الإسلام من اسم مثل: خاسر، فإنما يعني به: الكفر، وما نسبه إلى أهل الإسلام فإنما يعني به: الذنب ].

والخسران: يكون خسران كامل: وهو خسران الكفار، وخسران ناقص: وهو خسران المؤمن العاصي.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وقال ابن جرير في قوله تعالى: أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ [البقرة:27] الخاسرون: جمع خاسر: وهم الناقصون أنفسهم حظوظهم بمعصيتهم الله من رحمته، كما يخسر الرجل في تجارته بأن يوضع من رأس ماله في بيعه، وكذلك المنافق والكافر خسر بحرمان الله إياه رحمته التي خلقها لعباده في القيامة أحوج ما كانوا إلى رحمته، يقال منه: خسر الرجل يخسر خسراً وخسراناً وخساراً، كما قال جرير بن عطية :

إن سليطاً في الخسار إنه أولاد قوم خلقوا أقنة ].

وسليط قبيلة من القبائل، والأقنة: جمع قن: وهو العبد إذا ملكه أبوه.

فالعبد يسمى قن، ومنه الحديث: (أن العبد قن ما بقي عليه درهم) أي: لا يزال عبداً حتى ولو اشترى نفسه من سيد فهو لا يزال عبد ما بقي عليه درهم، فإذا خلص نفسه خرج من العبودية وصار حراً، وقن جمعها: أقنه.

والمعنى: أنهم خلقوا أرقاء وعبيد.

وفي القاموس المحيط: السليط: الزيت، وكل دهن عصر من حب، والفصيح مدح للذكر ذم للأنثى، والحديد من كل شيء، واسم وأبو قبيلة والسلطان: الحجة وقدرة الملك، وتضم لامه والوالي مؤنث لأنه جمع سليط للدهن كأن به يضيء الملك أو لأنه بمعنى الحجة، وقد يذكر ذهاباً إلى معنى الرجل.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , تفسير سورة البقرة [25-27] للشيخ : عبد العزيز بن عبد الله الراجحي

https://audio.islamweb.net