إسلام ويب

إن كل أمة لا بد أن تدرس سيرة عظمائها وقوادها ليكونوا نبراساً لهم أمام أعينهم، فيقتدون بهم وإن محمداً صلى الله عليه وسلم هو قدوة المسلمين وقائدهم، وما من عظيم من عظماء البشر إلا ويتضاءل أمام عظمة محمد عليه الصلاة والسلام.

وفي هذا الدرس قطوف من حياته صلى الله عليه وسلم، يتبين للناظر فيها ما في حياته من السمو والرفعة، جنباً لجنب مع الوسطية والاعتدال، ولا جرم فقد كان صلى الله عليه وسلم معداً إعداداً خاصاً ليقود البشر -وهم بشر- ويسمو بهم دون أن يتعدوا طبيعتهم البشرية.

حب النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسولنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أمَّا بَعْـد:

كما سلف في درسين من دروس التربية النبوية التي تتحدث عن جوانب شخصيته عليه الصلاة والسلام، وآثرت هذا الموضوع؛ لأن الحديث في الأحكام يطول، وقد أوعبت الأمة في هذا الجانب إيعاباً عظيماً، ولكن مما يلمح -خاصة في هذه العودة إلى الله عز وجل- أن جانب الآداب وجانب التربية لا زال يحتاج إلى أمور وإلى نقولات كثيرة واستنباطات من سيرته عليه الصلاة والسلام، وهذا الدرس بعنوان: معالم شخصيته عليه الصلاة والسلام، وكما ذكرت لكم في الدرس الماضي إننا لا نتحدث عن الرسول عليه الصلاة والسلام حديثاً مجرداً عن العاطفة، أو مجرداً عن الحب، إن هذا التجرد التاريخي الذي يطالبنا به بعض الكتبة إذا تحدث عن الرسول عليه الصلاة والسلام فهو باطل، صحيح أننا نتجرد إذا كتبنا عن إنسان غير الرسول عليه الصلاة والسلام، أما إذا كتبنا عنه صلى الله عليه وسلم، فمن الذي يجردنا عن حبنا وعاطفتنا؟ ومن الذي يجردنا من اتباعه صلى الله عليه وسلم؟ إن من يكتب أو يتكلم عنه إنما هو تلميذ يتحدث عن شيخ درس عليه وتعلم منه، أو جندي عن قائد، فكان لزاماً علينا أن نعيش هذه الروح روح الإيمان.

النبي صلى الله عليه وسلم بشر ولكنه معصوم

المسألة الثانية: أن الرسول عليه الصلاة والسلام بشر ولكنه معصوم، فالله سُبحَانَهُ وَتَعَالى عصمه، وهذا عند أهل السنة هو القول المقدم، ولا عبرة بقول المعتزلة في ذلك، قال تعالى: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى [النجم:1-2].

عصمه في التبليغ لأنه لا يزال عليه الصلاة والسلام بشر، لكي لا تدعى ألوهيته، يسقط صلى الله عليه وسلم من على الفرس كما في صحيح البخاري فيدحش شقه، ويجرح صلى الله عليه وسلم، ويقول أهل العلم: ليثبت الله أنه عبد ضعيف ولا يملك موتاً ولا حياة ولا نشوراً.

يأتيه الأعراب فيتوهمون أن له منزله فوق البشر، فيقول أحدهم: كما صح ذلك {يا رسول الله! قحطت البلاد، فادع الله، فإنا نستشفع بك إلى الله ونستشفع بالله إليك، فيغضب عليه الصلاة والسلام، ويقول: سبحان الله أتدري ما شأن الله؟ إن شأن الله أعظم من أن يستشفع به إلى أحد من خلقه} أو كما قال عليه الصلاة والسلام، ويقول آخر: {ما شاء الله وشئت، فغضب عليه الصلاة والسلام، وقال: سبحان الله! سبحان الله! سبحان الله! أجعلتني لله نداً؟! بل ما شاء الله وحده}.

وكان أكبر اعتراض الكفار لماذا كان بشراً؟ لماذا يأكل الطعام؟ لماذا يمشي في الأسواق ويكسب الرزق؟ فقال الله: وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ [الفرقان:7] والله يبين أنه لا بد أن يكون بشراً ولو كان ملكاً ما استطاع، لأن البشر يعيش حياة الناس وآلامهم.

من معالم شخصيته صلى الله عليه وسلم

كمال النبي صلى الله عليه وسلم البشري

المسألة الثالثة: أن الرسول صلى الله عليه وسلم مرت به أطوار الحياة، ولا بد أن تتنبه إلى هذه القاعدة التربوية، وقد أشار إليها أبو الحسن الندوي، لكن السلف يعبرون عنها بالأبواب، وهؤلاء المتأخرون يعبرون عنها بالأطوار.

خذا جنب هرشى أو قفاها فإنه>>>>>كلا جانبي هرشى لهن طريق

فقد مرت به الأطوار عليه الصلاة والسلام، فراعي الغنم له قدوة بمحمد عليه الصلاة والسلام، فقد رعى الغنم، وصح عنه أنه قال: {ما من نبي إلا رعى الغنم} والتاجر له قدوة فيه صلى الله عليه وسلم إذا اشتغل في التجارة، والجندي والإداري والقائد والمفتي والخطيب والواعظ، حتى الزواج، لعلك تفجع بشاب يرى من النسك ترك الزواج، وهذا نسك هندوكي، وليس نسكاً إسلامياً فقد وجد الرسول صلى الله عليه وسلم شباباً من شباب أمته المباركة، أحدهم لا يأكل اللحم، ومن يقدم البطاطس على اللحم فلن يجد دليلاً من الكتاب والسنة، والثاني يرى ألا يتزوج، وهذا يرى أن ترك اللذائذ دائماً قاعدة مطردة مقربة إلى الله، والثالث: يقوم الليل ولا ينام، فالرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بمنهج رباني اختص به؛ لأن الناس في هذه الأبواب -في أبواب المباحات- ثلاثة أصناف: فاليهود ومن سار في منهجهم، هم أهل عبادة للشهوات، لا يعرف الواحد منهم إلا فرجه وبطنه، والنصراني قاتل للإرادات، قال تعالى: وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا [الحديد:27] فأتى عليه الصلاة والسلام فتوسط بين الجانبين، وأعطى الروح حقها من العبادة والتبتل، وأعطى الجسم حقه من المباح، فهو وسط بين هذه الطريقة وتلك: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً [البقرة:143] فرفض عليه الصلاة والسلام هذا المنهج، وأخبرهم أنه يصوم ويفطر، ويقوم وينام، ويتزوج النساء ويأكل اللحم، فمن رغب عن سنته فليس منه عليه الصلاة والسلام، والرسول عليه الصلاة والسلام تزوج.

وقد ورد أن الإمام أحمد سأل شاباً، هل تزوجت؟

قال: لا. قال: ولم؟ قال: إبراهيم بن أدهم لم يتزوج، هذا الجواب ينبئ أن الطالب ما فهم الدرس، ولا عنده وعي كامل بالكتاب والسنة، فقال الإمام أحمد: أوه -وهذه الكلمة يقال بها للزجر- ويقول العرب: أوه سقطت من يديه، أوه خررت على وجهك، فقال الإمام أحمد: أوه، وقعنا في بنيات الطريق، رجعنا إلى إبراهيم وإلى فلان وعلان، ومالك بن دينار، يقول الله: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً [الرعد:38].

فالرسول عليه الصلاة والسلام تزوج النساء، ولو لم يتزوج لما كان للمتزوجين به قدوة وإنما للعزاب فقط، لكنه عاش عزباً وعاش متزوجاً، وجاهد وعبد الله، وقام الليل ونام، وأكل اللحم وتقشف، وتقدم في المعركة، وسالم يوم رأى السلم هو الحل السليم مع الأعداء، إذاً فأطوار الحياة في حياته تكاملية، وغيره لا تجده يعيش مثلما عاش صلى الله عليه وسلم في هذه الجوانب.

فإنه يحمل الأطفال -كما مر معنا- ويحضر الجنائز، ويبكي وقت سكرات الموت إذا رأى المسلم، بكى كما في حديث زينب وغيرها كثير، ويحضر الأفراح ويتبسم، ويجيد الفكاهة في وقار، وينفق المال، ويجود بنفسه في المعركة، وهذه هي معالم تربيته صلى الله عليه وسلم، أما الأحكام فهي تحتاج إلى كلام طويل وهي جزئيات لا تنتهي، لكن التربية لها معانٍ منها أن تحصر في دروس.

من معالم شخصيته صلى الله عليه وسلم: العبادة، التواضع، الكرم، الصبر، الحلم، الشجاعة، الزهد، وأنا لا أسرد قصصاً فإن القصص ستطول، لكن آتي -إن شاء الله- بضوابط على هذه الأمور لتميز بين تربيته صلى الله عليه وسلم وتربية غيره، ولذلك تجده كاملاً في هذه الأبواب، فأصحابه الذين معه عليه الصلاة والسلام كـأبي بكر وعمر وعثمان وعلي لا يكتملون في بعض الجوانب، وأما هو فمكتمل، خذ مثلاً: اللين، تجد عمر رضي الله عنه وأرضاه يوصف في السيرة بالشدة، ويوصف أبو بكر بالحدة، لكن محمداً عليه الصلاة والسلام يجمع هذه الكماليات جميعاً لأن الذي ثبته هو الله -وقد أعجبتني كلمة لـسيد قطب رحمه الله، وما أدري هل قالها في سورة التحريم أو في سورة الطلاق في الظلال، يقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم مهيأ لقيادة البشرية، حتى جسم النبي صلى الله عليه وسلم مهيأ، فالناس والزعماء يقولون: إن من مواهبهم الجسمانية أن يكونوا أقوياء، وهو كان من أقوى الناس في هذا الجانب، يقولون: أوتي قوة ثلاثين صلى الله عليه وسلم، وهل هذا عند العلماء في الجماع أو في الشجاعة، أو في غيرها؟ ورد ذلك في الجماع والظاهر أنه كان قوي الجسم ومهيأ، يقول أنصاري من الأنصار: [[عرضت لنا صخرة في الخندق، فحاولناها ونحن جمع من الناس نحفر الخندق فما استطعنا لها، فرآهم صلى الله عليه وسلم فاقترب من الصخرة قال: فكأني أرى بياض ساعديه يوم كشف صلى الله عليه وسلم ساعديه -وهو يعيش على شربة اللبن، وحفنة التمر، ولم يعرف ما عرفنا من المأكولات، وعاش في صحراء بني سعد- قال: فأخذ الصخرة بيديه ثم ألقاها]].

أنت الشجاع إذا لقيت كتيبة>>>>>أدبت في هول الردى أبطالها

وإذا وعدت وفيت فيما قلته>>>>>لا من يكذب فعلها أقوالها

فهو صلى الله عليه وسلم يتميز بجانب القوة، وهذا استطراد جسماني، وكذلك هو متناسق الأعضاء، من يرى إلى وصفه، لا يرى أنه تربى في جزيرة العرب وفي مكة مع الشمس القاحلة والجدابة والفقر، ومع ذلك كان وجهه كالبدر ليلة أربعة عشر، من أجمل الناس على الإطلاق، وكان فيه بياض الله أعلم به، بل قال بعضهم: كأن الشمس تجري في وجهه، وقال بعضهم: كأن الثريا علقت في جبينه، وسئل بعضهم -وهو البراء هل كان وجهه صلى الله عليه وسلم مثل السيف؟

قال: لا. بل مثل القمر، وصح عن أنس قال: [[والذي نفسي بيده، لقد نظرت للقمر ليلة أربعة عشر ولوجهه صلى الله عليه وسلم، فكان وجهه أجمل من القمر ليلة أربعة عشر]] فأوتي صلى الله عليه وسلم تأهيلاً من الله عز وجل حتى في جسمه، يقول شوقي:

والحسن من كرم الوجوه وخيره>>>>>ما أوتي القُوَّاد والزعماء

فإن بعض الناس قد يقال في ترجمته قصير قميء، أو طويل باهت، أو كانت له يد واحدة مثل عضد الدولة كانت عنده يد واحدة وهو سلطان الدنيا، ولذلك كلما ترجموا له أتوا بهذه القضية، وهذه لا تزيد العبد أو تنقصه في الآخرة، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام أعطاه الله عز وجل الكمال في كل شيء حتى الجسماني، ولما اعترض اليهود على ملك طالوت، وأخبر نبيهم عليه السلام أن الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى زاده بسطة في العلم والجسم.

التوسط في اللباس

وللرسول صلى الله عليه وسلم ميزات تدرك في السيرة بالتأمل، منها: الأناقة، وقد أشار إليها سعيد حوى في كتاب الرسول صلى الله عليه وسلم وأجاد في ذلك، وقد ذكرت أنه قارن بينه وبين نابليون وهذا خطأ، فالرسول صلى الله عليه وسلم شيء آخر، ولا يقارن بينه وبين أحد، حتى بينه وبين أصحابه، لا يجوز أن تأتي إلى صحابي وتقارن بينه وبين الرسول عليه الصلاة والسلام، لكن من الميزات التي أشار إليها:

الأناقة: فقد كان أنيقاً في ملبسه صلى الله عليه وسلم، وكان جميلاً، وهذا درس تربوي، فإن بعض الناس قد يظن أن التبذل دائماً وأن الدروشة دليل على الزهد في الدنيا، وهذا لا يلزم؛ لأن بعض الناس يلبس الرخيص ولكن قلبه قلب قارون أو هامان، وإن بعض الناس قد يتدروش لكن في نفسه عزة وجبروتاً، وقالوا في ترجمة أيوب بن أبي تميمة السختياني: كان يلبس الجميل، وكان يقال له في ذلك، قال: كانت الشهرة فيما مضى في لبس الجميل، واليوم أصبح في لبس التقشف أو كما قال، أيوب هذا الولي الكبير المحدث شيخ حماد بن زيد، الذي يقول فيه الإمام مالك: ما ظننت أن في أهل العراق خيراً حتى رأيت أيوب بن أبي تميمة السختياني يبكي في مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام حتى كادت أضلاعه تختلف، وهو سيد شباب أهل البصرة، وهو راوية في الصحيحين.

فالمقصود أن التبذل والتقشف قد تكون طريقاً للشهرة من حيث لا يدري الإنسان، وقد وجد من الناس من يلبس الرخيص المقطع وكأنه يقول للناس: أنا الزاهد، أنا العابد انظروا إلي، وعند ابن ماجة، أن الرسول صلى الله عليه وسلم ذم لباس الشهرتين، والحديث في سنده نظر، والشهرتان عند أهل العلم: أن يلبس الغالي الذي يلحقه بالسلاطين، أو الرخيص الذي يلحقه بالشحاذين، تجد أن النووي رحمه الله على زهده وتقشفه يبوب في رياض الصالحين، باب التوسط في اللباس، ولا يقتصر على ما يزري به، لماذا؟

لأنه قد تكون الأصابع تشير إلى هذا أن فيه عباده وزهداً، ولذلك لا يتميز الإنسان في العرف المباح، مثل العمامة، قد يلبسها الإنسان؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لبسها فيؤجر عليها؛ والنبي صلى الله عليه وسلم جعل اللباس مطلقاً ولم يضيق على الناس فيه، فنحن لنا زي، وللمغاربة زي، وللمصريين زي، فما دام أنه في حدود الشريعة، فهو سهل وميسر وقريب، لكن لا نلبس الذهب ولا الحرير للرجال، ولا الطويل المسبل، ولا نلبس كل ما يمت إلى خرم المروءة، والمروءة تختلف بحسب المكان، فإن عندنا مثلاً في عرفنا هنا وفي مناطقنا هذا اللبس الذي نراه، فمن خوارم المروءة في العرف من يخرج إلى السوق كاشفاً رأسه.

لكن في تلك المجتمعات لو أن شاباً لبس عمامة فإنه يخاف على قلبه أن تشير إليه العيون، فكأنه يقول: أنا العبد الزاهد، أنا المتميز عن الناس انظروا إليَّ كيف لبست عمامة، وبعضهم تجده يتكيف في جلسته تكيفاً ما أتت به السنة، حتى إنه يصمت في المجلس فلا يتبسم إذا تبسم الناس، ولا يمزح ولو بمزحات سهلة مباحة إذا مزح الناس، ويظهر الخشوع، وقلبه ليس على هذا المستوى، وقد كان الإمام أحمد يتبسم إذا جلس مع أصحابه، فإذا جلس وحده خشع، وابن الجوزي أشار إلى هذه القضية في كتابه الجميل، صيد الخاطر، يقول: بعض الناس يتكلف التخشع، والصمت الكثير والقلوب تنبو عنه -تبتعد عنه- وهو صامت خاشع لكن يعلم الله أن قلبه ما طابق ظاهره، وبعض الناس يمزح ويهش ويبش، والقلوب تنهال عليه.

عبادة النبي صلى الله عليه وسلم

عبادة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه تناسب أحوالهم

أبدأ بعبادته صلى الله عليه وسلم: فمن ضوابط عبادته صلى الله عليه وسلم التربوية، أنها كانت تناسب الأحوال، وكان يفتي بذلك، ولابد أن تكون عبادتك الحالية تناسب ذلك، وهذه فاتتنا فترى بعض الناس في هذه الصحوة المباركة لا يواكب ظرفه ولا حاله بعبادته، مثل أن تجد مهندساً تخصصه الهندسة، وبإمكانه أن ينصر الإسلام عن طريق الهندسة، فيترك تخصصه ويريد أن يكون مفتياً للناس، وهذا صاحب الشريعة منذ أن ولدته أمه وهو يقرأ أبواب الفتيا، فأتى هذا المهندس فزاحمه على الفتيا، يا فلان أنت تخصصك تخطيط معماري في كلية الهندسة، اتركنا نفتي، قال: لا. الفتيا لها فرسان، وأنا من فرسان الفتيا، ويأتي الطبيب فيترك عيادته، ويريد أن يكون خطيباً مسقعاً من خطباء الدنيا، فيمسك المنبر ويقول: أنا أولى الناس بالخطابة، ولا يدري أن للخطابة أناساً تفرغوا لها، ونصروا الإسلام من هذا الجانب، وأنت انصر الإسلام من جانب الطب، أو تجد إنساناً يترك عمله ويأتي فيتنفل، يدخل في غرفة فيتنفل نوافل طويلة ويقرأ القرآن، فيقال له: مالك؟ يقول: قراءة القرآن أفضل من هذا العمل، لكنك أنت في عملك عابد لله ولا يعفيك خروجك للصلاة النافلة من عملك إلا في حد منضبط، فإنك تأخذ راتباً ودخلاً على هذا العمل، فلماذا تتركه؟

وكذلك لو أن رجلاً نفع الله به في جانب التدريس فيقول: لا بد أن أذهب إلى الجهاد الأفغاني، فيترك التدريس والفائدة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإذا ذهب إلى مكان الجهاد أصبح جندياً لكنه في حال التدريس كان في مقام ألف واحد، وأنا لا أقصد التثبيط عن الجهاد الأفغاني أو غيره من جهاد المسلمين، لكن معالم يلمحها كل إنسان، لابد من إعطاء الإنسان قدره وحجمه، لأن كلاً ميسر لما خلق له.

وبعضهم يدرس إلى المستوى الخامس في الطب ثم يأتي ويبدأ من أولى في أصول الدين، فيضيع خمس سنوات، فيقال له: مالك؟ يقول: أريد أن أنصر الإسلام من هذا الطريق، أما ذلك علم لا يستنفع به!! لا. أراد الله عز وجل يوم بدأت أن تكون في هذا الجانب، ولعلك تنصر الدين في هذا الجانب، والرسول عليه الصلاة والسلام قبل التخصصات، فما تجد صحابياً إلا وبإمكانك أن تصنفه في تخصص، أتظن أن خالد بن الوليد كان يعرف تفاصيل تقسيم الفرائض، قد يكون لا يدري، ونحن لا نتهمه بالجهل، بل هو من أذكى عباد الله ويكفيه تلك الوقفات العظيمة في الإسلام، غفر الله له ورفع الله منـزلة أبي سليمان.

فإن خالداً كان مشغولاً بأعظم من الفرائض، حتى يقول بعضهم -من باب المزاح- أما خالد فيفصل الرءوس عن الأكتاف، فإذا ذبحهم قسم زيد بن ثابت الفرائض، فقسمه هو قسم العسكرية، فهو قائد عسكري، يعرف كيف يفصل الرءوس عن الأكتاف، وبهذا صنفه الرسول صلى الله عليه وسلم، فلم يقل لـخالد: خالد أعظم فرضي، ولا قال: اطلبوا القرآن من خالد، ولا أعلمكم بالحلال والحرام خالد، لكنه قال على المنبر: أما خالد فسيف من سيوف الله سله على المشركين، فهذا معلم لـخالد يعرف به بين الناس، تخصصه أن يدخل الجنة بالسيف، يدخل الجنة بما قدم لله من قربان، وبما فلق في سبيل الله من هامات.

رمى بك الله جنبيها فحطمها>>>>>ولو رمى بك غير الله لم يصب

وزيد بن ثابت ماذا قال له صلى الله عليه وسلم؟ لم يوله قيادةً عسكرية؛ لأن مؤهلاته وتيسير الله له لم يكن عسكرياً، صحيح أنه كان يجاهد في المعركة، لكن ما كان يملك إقدام وحنكة خالد واستكشافه وصرامته، يقول صلى الله عليه وسلم: {أفرضكم زيد} فكان الصحابة إذا أعضلت مسألة في المناسخات أحالوها إلى زيد بن ثابت.

وحسان بن ثابت يؤثر عنه أنه ما كان يخوض غمار المبارزة، لكن تعال إليه، يتقدم صلى الله عليه وسلم إليه ويقدم له المنبر -في هذا درس- ويقدم إليه المنبر بيديه الشريفة ويصعد حسان على المنبر ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: {اهجهم وروح القدس معك} ولذلك أما ترى شباب الصحوة ماذا يفعلون اليوم؟

أحدهم أديب يريد أن ينصر الإسلام بالقصائد وهذا مطلوب، لأنا دُخلنا في ديننا -بواسطة الحداثة المتزندقة الملحدة التي أخذت من لينين واستالين معاني لرجسها وكفرها في الساحة، فنحن بحاجة إلى طاقم من الشعراء يبيدون هذا؛ لأن أمتنا تعيش على الشعر، وتجد كتبه فغفر الله لهم وأثابهم الله.

فقد بدءوا يكتبون، وما أحسن جمال أسلوبهم وعباراتهم القوية وهم يكتبون في الصحف بإيمان؛ ليأخذوا منـزلهم الطبيعي، ويقولون لغيرهم: لا مكان لكم هنا فاخرجوا من هذه الأماكن.

فكان صلى الله عليه وسلم يؤهل أصحابه المؤهلات الخاصة بهم، فرجل الإدارة أبو بكر، وتدوين الدواوين وتجنيد الجنود عمر، والحياء والبذل عثمان، والخطابة والإقدام علي، وقد علم كل أناس مشربهم، وهذه قاعدة معروفة لا تخفى عليكم.

عنايته صلى الله عليه وسلم بجودة العبادة أكثر من كميتها

عبادته عليه الصلاة والسلام كانت جودة أكثر من أن تكون كماً، وحسنة أكثر من أن تكون كثيرة، قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً [الملك:2] وقد تطرق الإمام ابن القيم لهذه المسألة، وقال في كلام معناه، لم يقل أكثر عملاً، وضرب لهذا مثلاً برجل صلى لله ركعتين فأقبل بقلبه على الصلاة، وجاهد شيطانه في الركعتين، وحاول أن يخلص وأن يخشع، ترى أنه لا ينتهي من الركعتين إلا بكل كلفة، حتى ما يستطيع أن يزيد ركعتين أخريين، وهكذا الخاشع في الصلاة، الذي يستلهم مراقبة الله في الصلاة، ويجاهد شيطانه في الصلاة، تأتي عليه الصلاة شديدة حتى ما ينتهي إلا وهو فاتر، فقد ذكروا في ترجمة إبراهيم النخعي: أنه كان إذا صلى لله فريضة ذهب فاتكأ كالمتعب، من كثرة المجاهدة، لكن الذي لا يستحضر قلبه في الصلاة، وليس عنده خشوع ولا يطارد شيطانه فباستطاعته أن يعمل خمسين ركعة، يسلم ويقوم، ويسلم ويقوم، ويسلم ويقوم، ومثل ذلك قراءة القرآن بأنه لو ألزمت نفسك في قراءة واحدة أن تقرأ القرآن من أوله إلى آخره وتتدبر كل آية وتقف وتتأمل كل كلمة، فلن تنتهي من الختمة إلا بشق الأنفس، بل السورة الواحدة لو تأملتها وتدبرتها لطالت عليك، لكن تعال إلى الذين لا يتدبرون ولا يتأملون، يفتح أحدهم المصحف ويقرأ، حتى إن بعضهم يقرأ ستة أجزاء يوم الجمعة، إلى عشرة أجزاء قبل دخول الخطيب، لكنه في أثناء القراءة يبني عمارة، ويضارب أطفاله ويؤدبهم في البيت، ويشتري سمناً وعسلاً وهو يقرأ في المسجد، ويبيع ويفكر، حتى يطوف العالم، ولكن سُهلت عليه القراءة لأنه ما استحضر الجودة، وقد كان عليه الصلاة والسلام أجود الناس في العبادة، وأنتم تعرفون وصفه بالخشوع صلى الله عليه وسلم.

وفي القرن الثالث ذكروا أن بعض الصوفية كان يصلي ثمانمائة ركعة، وهذا أمر عجيب فقد كانوا يصلون النوافل حتى يقول ابن الجوزي في تلبيس إبليس: رؤي بعضهم يصلى الظهر وهو ينعس، قيل له في ذلك، قال: من كثرة ما صليت في النوافل، بقي من الصباح من طلوع الشمس إلى الظهر يصلي، فلما أتت الفريضة تعب ونعس وهو يصلي، وبعضهم يقومون الليل فإذا أصبح قبل الفجر نام عن الفريضة وهو قائم في الليل، وتجدونهم يأتون بأمور ما أنزل الله بها من سلطان، ويجعلون أسباباً للتفاضل ما جعلها الله سبباً للتفاضل، ولا سبباً للتقدم وحده مجرداً من التقوى.

مثل البلح هذا الذي يباع في السوق، يقول أحدهم: الحمد لله، والله ما أكلت الرطب أربعين سنة، هذا ذكره ابن الجوزي في صفة الصفوة، ونقول له: ومن حرم عليك أكل الرطب؟ والرسول صلى الله عليه وسلم أكل الرطب، وماذا لو أكلت الرطب وأطعت الله؟! إن الله يقول: كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً [المؤمنون:51] ولماذا خلق الله الرطب؟ ليبقى في المتاحف أو ليرسم، أو ليحرق، لا. بل ليؤكل، فأكله جائز بالإجماع، وتجد آخر ذكره الخطابي في كتاب العزلة، وربما مر هذا، أعطاه الله عينين فأراد هذا الرجل الذكي الأريب أن يقتصد، فأخذ لصقة ووضعها على عينه، هذه هي الهلوسة التي لا تنضبط بالكتاب والسنة، فقيل له في ذلك؟ فقال: إسراف أن أنظر إلى الدنيا بعينين، فتح الله عليه! إن الله يقول: أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ [البلد:8-10] وأنت تقول: إسراف أن تنظر إلى الدنيا بعينين!

إن عدم الانضباط في مسألة معرفة نعم الله أو أسباب التمايز ومتى يتقدم العبد ومتى يتأخر؛ تتعب ولا تنفع؛ لأنهم ما انضبطوا مع العلم، يقولون: إذا لم تؤسس نفسك بالعلم، فأنت كالجمل الهائج في الصحراء، وما قيدوا أنفاسهم وألحاظهم بالعلم.

وانظر إلى عبادته عليه الصلاة والسلام مثلاً، يقول ابن القيم: كان عليه الصلاة والسلام يصلي في اليوم والليلة أربعين ركعة، لكن أولئك يصلون ثمانمائة ركعة، بل يقول الذهبي في ترجمة زين العابدين: إنه كان يصلي في الليل ألف ركعة، لكن هذه لا تدخل في العقل، فمتى يقرأ الفاتحة ويتدبر ويخشع في ألف ركعة، ولماذا؟

أما رسول الهدى صلى الله عليه وسلم فقد كان يصلي أربعين ركعة غالباً، منها النوافل والفرائض وذلك في أربع وعشرين ساعة، لكن كل ركعة خير من الدنيا وما فيها، يقول ابن القيم: ومن طرق الباب أربعين مرة يوشك أن يفتح له، فالمسألة مسألة جودة لا مسألة كثرة، حتى تجد بعضهم يقول: ختمت القرآن في رمضان سبع مرات، وهو يشكر على ذلك، لكن هل عرفت التدبر؟ هل زاد الإيمان في قلبك مع تلاوتك؟ هل رأيت خطأً كنت ترتكبه ونبأك القرآن عليه؟ ربما يقول: لا.

فالمسألة مسألة الجودة ومسألة الحسن في العبادة، وهي معلم من معالمه صلى الله عليه وسلم، ومن معالمه صلى الله عليه وسلم في جوانب العبادة: أنه كان يعطي العبادة المناسبة في الوقت المناسب، يقولون: إذا حضرت في الجبهة فجهادك قتل أعداء الله، أما أن تحضر في الجبهة وتظل تقرأ في المصحف، وتترك الجهاد وحمل السلاح فما أصبت، وإذا حضرت والناس في المسجد يصلون صلاة الجماعة، وأخذت تلقي خطبة على المصلين، فهذا هو الهوس، كان صلى الله عليه وسلم كما قال الأول:

البس لكل حالة لبوسها >>>>>إما نعيمها وإما بوسها

كان وقت الجهاد مجاهداً ووقت الخطابة خطيباً، ووقت الصلاة مصلياً، ووقت الإنفاق منفقاً، لأن أسهل العبادة عند الناس يقولون: ما خالف ما هم عليه.

وبعض التجار الآن لا يريدون أن تحدثهم في الإنفاق في الغالب، إنما يريدون أن تحدثهم عن قيام الليل، فأسهل شيء على التجار قيام الليل، لكن لو جاء ينفق لأتى الشيطان فقبض على يديه بأربع أيادٍ، ولذلك تراه يقول: حدثونا عن النوافل، واتركونا من المسائل الخلافية التي اختلف فيها أهل العلم، مثل الربا، وهذه الأمور، مسائل خلافية، لأن كرشه أصبح متراً بسبب الربا، وتجد طالب العلم أحياناً إذا كسل عن الدعوة يريد أن يتنفل يقول الشيطان: تنفلك في بيتك أحسن، والشيطان يعلم أنه لو خرج كل طالب علم يدعو إلى الله لانتهى الجهل في الدنيا، فيكسله عن الدعوة، ويقول الشيطان للعابد: أرى أن تدعو إلى الله، لأنه عابد جاهل ما عنده علم، قال: أرى أن تدعو إلى الله، فلذلك تجد عامياً يدعو، وتجد طالب علم قد أغلق على نفسه بثلاثة أقفال داخل البيت، حتى إن بعض الناس -ولا نتنقص من أحد- وقد بلغ في العلم منـزلة عظيمة، يمنع الطلبة أن يأتوا إليه، وإذا طرق عليه طالب، قال: ماذا تريد، أي خدمة؟

خدمتنا -يا شيخ- أن تخرج لنا، خدمتنا أن تلقي علينا دروساً وفوائد، وتنهال علينا بالعلم، وأن تكون إماماً تلقي هذه الأمانة التي على كاهليك، أما أن تقطر علينا بالقطارة أو تبقى في البيت حتى يؤتى إليك ويطرق عليك الباب تستفتى، فهذه مسألة ليست بصحيحة، فيخرج حينها العامي يدعو إلى الله عز وجل، ويتكلم في القضايا الكبار حتى إن بعضهم يتكلم في أشراط الساعة وعلم الغيب بجهل، وبعض الناس الجهلة لما تكلموا في الوعظ، ما تركوا سؤالاً حتى أجابوا عليه، بعضهم يسأل هل تدور الأرض؟ قال: الأرض لا تدور، ومن قال: تدور الأرض، فهو كذاب مفترٍ على الله، والدليل على ذلك -اسمع الدليل العقلي والاستنباط-.

يقول: إنني منذ خلقني الله في المدينة التي أنا فيها ما دارت بي، هذا إشراق ولموع، وهذا فتح من الله عز وجل، وبعض الناس يورط نفسه في كل مسألة وينبغي له ألا يتدخل في مثل هذه الأمور ورحم الله امرأً ترك ما لا يعنيه.

تواضع النبي صلى الله عليه وسلم

حال بعض المتكبرين

التواضع خصلة من أعظم الخصال، والعرب في الجاهلية والإسلام لا تريد المتكبر، ويقولون: من طلب الشرف فعليه بالتواضع، وأصدق من ذلك قوله الله؛ لأنه إذا جاء المثل العربي والقرآن، قلنا: إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل، يقول سبحانه: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً [الفرقان:63] وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {من تواضع لله رفعه، ومن تكبر على الله وضعه} ومن الكلمات الجيدة في هذا الباب ما نقل عن أبي بكر الصديق، أنه قال لـخالد: يا خالد! فر من الشرف يتبعك الشرف، والسادات عند العرب كانوا أكثر الناس تواضعاً، والقلوب تبغض المتكبر ولا تحبه، وتمقته وتزدريه، ويسمى في أبواب الأدباء: الأحمق، وأحمق الناس المتكبر.

من المتكبرين ما ذكر ابن الجوزي: أن أحدهم كان أميراً فأراد أن يمر على الجسر إلى خراسان، وهو جسر كان على نهر سيحون، فتوقف عند الجسر وتوقف أصحابه، وقالوا: مالك لا تمر على الجسر؟ قال: أخشى أن ينكسر الجسر من شرفي، الله أكبر، ليس من قوته ولا من حجمه ولكن من شرفه.

وأحدهم كان في الشمال وزيراً أمر الناس أن يبسطوا العمائم إذا دخل في طريقه إلى المسجد، وبعض الناس لا يفقه ولا يعقل، فأخذوا العمائم وفرشوها في الطريق، فأخذ يتبسم وينظر إلى أصحابه ويقول: لمثل هذا فليعمل العاملون، إلى غير ذلك من ألفاظ الكبر التي وردت من بعضهم حتى أبلغته في درجة الفجور والعياذ بالله.

وأحياناً قد تجد الناسك ناسكاً ولكن تجده متكبراً، لو سأله فقير أو مسكين فتراه لا يقف ولا يتحدث معه، ويرى أنك لا بد أن تزوره وهو لا يزورك، وأن الحق له دائماً، وأن عليه أن يُخاطب بلفظ يا شيخ، وسماحتكم، وفضيلتكم، فإذا قطع عن هذه الألفاظ غضب، بل روي عن بعض الناس، أنه إذا سُلِّم عليه يرخي رأسه للقبل، يعني أصبح عنده مرونة لإرخاء الرأس من كثرة تعوده، ولذلك تجد الناس لا يقبلون رأسه؛ لأنه يريد هذا ويطلبه ويجعلها من الطرق التي توصله إلى المكانة في قلوب الناس.

تواضع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه

أيها الإخوة: أكثر الناس تواضعاً محمد عليه الصلاة والسلام.

جاء عند مسلم من حديث عياض بن حمار، قوله صلى الله عليه وسلم: {إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد، ولا يفخر أحد على أحد} وكانت هذه المدرسة -مدرسة التواضع- لم تعرف واضحة إلا في الإسلام، أما أهل الجاهلية فكانوا أعظم الناس كبراً وعتواً وعلواً في الأرض.

فمن كان سيجعل عمر رضي الله عنه وأرضاه قبل الإسلام يصنع الطعام للمساكين والفقراء؟ فهل بالإمكان أن يأتي عمر رضي الله عنه وأرضاه، ويحمل الماء للفقراء والمساكين ويطلي إبل الصدقة ويحلب الشياة؟ لا. لكن هذبه محمد عليه الصلاة والسلام.

وأبو بكر في القصة المشهورة: [[يدخل على امرأة فيحلب شاتها، ويصنع إفطارها ويكنس كوخها ويخرج، فيأتي عمر بعد دخوله ويقول للمرأة: من هذا الذي يأتيكم؟ قالت: لا أعرفه، قال: لِمَ يأتيكم؟ قالت: يصنع لنا إفطارنا ويحلب شاتنا فيجلس عمر يبكي، ويقول: أتعبت الخلفاء بعدك يا أبا بكر]].

هذه منـزلة في التواضع لا يعلمها إلا الله، وهذه مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم ومن أرادها وجدها، والتواضع يكون باللحظ وباللفظ وفي الطريق وفي المشي والكلام.

صفات المتكبرين

من صيغ المتكبرين أنهم يحبون ألفاظ التفخيم مثل: نحن، وفعلت وصنعت وقلت وخرجت ودخلت، ودائماً يترجم لنفسه في المجالس، ومنها أنه بعيد عن الناس، حتى إذا سلمت عليه كأنه يتصدق عليك إذا مد إليك يده، وبعضهم لا يمد يده وإنما يعطيهم رءوس الأصابع، وبعضهم لا يرد السلام ولا يشمت العاطس، كبراً وعلواً فتراه يسقط من القلب سقوطاً عجيباً، وفي الآخرة، صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: {يحشر المتكبرون يوم القيامة، في صورة الذر يطؤهم الناس بأقدامهم} يقول ابن القيم: تجنب ثلاث كلمات: أنا، ولي، وعندي.

فأنا استخدمها الشيطان، فقال، كما حكى الله تعالى عنه: أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ [الأعراف:12] ولي استخدمها فرعون وقال، كما حكى الله عنه: أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي [الزخرف:51] وقارون قال كما قال تعالى: إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي [القصص:78] لكن أنا تستخدم، في مثل: أنا مقصر، مثلما يفعل ابن تيمية:

أنا الفقير إلى رب السموات>>>>>أنا المسيكين في مجموع حالاتي

وعندي ذنوب وخطايا ولي تقصير ولي إساءة، إلى غير ذلك من الأحوال.

التواضع يكسب قلوب الناس

التواضع -أيها الإخوة- نكسب به شيئاً عظيماً، وهو قلوب الناس، لا نكسب قلوب الناس إلا باللين والتواضع كيف نصل إلى الناس ونحن لا نتواضع، ولعلك تجد ناسكاً وعابداً ومصلياً، لكنه متكبر، ولذلك يخفق في دعوته كثيراً، وإذا وصف الناس الرجل بالكبر فلا تقبل منه القلوب شيئاً.

كرمه عليه الصلاة والسلام

وكان كرمه صلى الله عليه وسلم منضبطاً بضوابط:

أولاً: أن كرمه كان لوجه الله، وحاتم كريم، لكنه رياء، وابن جدعان كريم، لكن لطلب الشهرة في الناس تقول عائشة، كما في صحيح مسلم: ( يا رسول الله! إن ابن جدعان كان يتصدق وينفق ويعتق -إن عبد الله بن جدعان كريم مكة كان صعلوكاً ما عنده شيء، فخرج يرعى الغنم، فوجد في عرفات آجوراً من ذهب فأخذها فجعل ينفق منها ليطلب الصيت في العرب، وكان جاهلياً، وهو المقصود، بقول الشاعر:

أأذكر حاجتي أم قد كفاني>>>>>حباؤك إن شيمتك الحباء

إذا أثنى عليك المرء يوماً>>>>>كفاه من تعرضه الثناء -

فقالت عائشة: يا رسول الله! هل ينفعه عند الله؟ قال: لا. إنه لم يقل يوماً من الدهر، رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين) وعدي بن حاتم يقول: (يا رسول الله! إن أبي -أي حاتم الطائي، ومن الذي لا يعرف حاتم الطائي، فإنه طلب الصيت فأعطاه الله الصيت- قال: يا رسول الله! هل ينفع أبي ما كان يفعل في الجاهلية، فإنه كان يحمل الكل ويعين على نوائب الحق ويكسب المعدوم؟ قال صلى الله عليه وسلم: لا. إن أباك طلب شيئاً فأصابه) طلب الصيت في الدنيا فأعطاه الله الصيت، لكن ليس له عند الله من خلاق، ويأتي كرمه صلى الله عليه وسلم وبذله الذي ما وراءه شيء.

ما قال لا قط إلا في تشهده>>>>>لولا التشهد كانت لاؤه نعم

وبذله صلى الله عليه وسلم وقت الحاجة، لأن بعض الناس يبذل لكن في غير وقت الحاجة، تجده يضيف الأغنياء لكن الفقراء لا يدعو أحداً ولا يهدي له شيئاً، فقط رياءً وسمعةً، قال تعالى: فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً [الأنفال:36] فمن ضوابط إنفاقه صلى الله عليه وسلم أنها كانت للحاجة مع الإخلاص، ثم كان لا يوصل إليه في درجة الإنفاق، وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: (كان صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل، فكان أجود بالخير من الريح المرسلة) ويبقى مسألة الصبر والحلم والشجاعة والزهد، وسوف أتعرض لها بإيجاز ليبقى وقت للأسئلة.

صبره عليه الصلاة والسلام

أما صبره عليه الصلاة والسلام، فقد كان من أصبر الناس، واختلف العلماء، هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم غنياً شاكراً، أم كان فقيراً صابراً؟ وهي تبنى على مسألة، أيهما الأفضل الغني الشاكر أم الفقير الصابر؟

فبعضهم يقول: الفقير الصابر أفضل، ويستدل بأدلة، وبعضهم يقول: الغني الشاكر أفضل، ويستدل على أن الغني الشاكر أفضل بسليمان عليه السلام، وابن عوف وعثمان والفوا في ذلك كتباً ورسائل، والصحيح ما قاله ابن تيمية في جملة واحدة، لخص هذه الكتب جميعها، وقال: الصحيح أن أفضلهما أتقاهما.

هذا هو الجواب، ولا أغالي فيه، لكن تجد في الناس من يكتبون خمسمائة صفحة أو ستمائة صفحة في مجلدات، فيأتي هو بكلمة فينهي الخصام، واختلفوا في الزهد، ما هو؟ بعضهم قال: ترك الدور والقصور، والتجرد عن الثياب ومفارقة الأحباب، وبعضهم قال: لا، الزهد في الدنيا: أن تقلل من الطعام والشراب، وأن تقلل من لبس الثياب، فأتى هو وقال: الزهد: ترك ما لا ينفعك في الآخرة، ذكره في المجلد العاشر، وابن القيم هام في حبه فقال: ما سمعت أحداً تقدم إلى هذا الكلام، الزهد ترك ما لا ينفعك في الآخرة.

فأقول: صبره عليه الصلاة والسلام صبر مضبوط بالشريعة، وقد كان على الصحيح غنياً شاكراً، وفقيراً صابراً مر به الفقر حتى ما وجد ما يسد به رمقه صلى الله عليه وسلم، فصابر ومر به صلى الله عليه وسلم الغنى، حتى كان يقول: لك مائة ناقة، ولهذا مائة، ولك مائة غنم وفي حنين أربعة وعشرين ألف ناقة تقريباً، وبعضهم يقول: سبعة آلاف ناقة، وأربعة وعشرين ألفاً من الغنم، فقد أتته أموال فأصبح غنياً شاكراً، وكان فقيراً صابراً، ولكن كان صبره احتساباً.

مسألة: هل الصبر واجب أو مستحب؟ الصحيح أنه واجب عند علماء الإسلام.

وهل الرضا واجب أو مستحب؟ الصحيح أنه مستحب عند علماء الإسلام أو عند أكثر علماء الإسلام، الرضا: أن ترضى عن الله في قضائه وقدره، هذا مستحب، وأما الواجب فهو أن تصبر وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ [النحل:127] على خلاف في المسألة.

حلم النبي عليه الصلاة والسلام

ومن ضوابط حلمه صلى الله عليه وسلم: أنه كان يحتسب ذاك عفواً في سبيل الله، والناس في الحلم طرفان ووسط، فبعضهم من أضيق الناس صدراً يذوب عند الكلمة ويغضب من هب الريح، فينتقم لنفسه دائماً، وبعضهم بارد الإحساس، ميت، يقول الشافعي: من استغضب فلم يغضب فهو حمار، أي: تجد المنكرات عند رأسه والفجور ولا يغضب، يقول: المسألة فيها سعة ودين الله يسر، والإنسان لا عليه، ولا تغضب وعايش الوقت، والدين هذا يواكب العصر.

لكن الرسول عليه الصلاة والسلام قد مدح الغيرة الشرعية، وقال: (أتعجبون من غيرة سعد، والذي نفسي بيده، لأنا أغير منه والله أغير مني). والرجل الإسرائيلي يوم خُسيف به وعذب لأنه لم يتمعر وجهه ولم يغضب عندما انتهكت الحرمات.

والوسط في هذا الجانب: أن تغضب في وقت الغضب وتحلم وقت الحلم، ومن غضب في غير موقف الغضب فهو أحمق، تجد بعضهم يغضب بدون غضب، تكنيه فتقول: يا أبا فلان، قال: سامحك الله، تقول لي هذا الكلام! وبعضهم تجده يحلم في غير موقف الحلم، يسمع كلمة نابية ممزقة للأعراض، ويقول: هذه ما تغضب هذه فيها سعة!

شجاعته عليه الصلاة والسلام وزهده

أما شجاعته عليه الصلاة والسلام، فهي شجاعة قلب وشجاعة إرادة وسعة يد، وهذه الشجاعة تنبع عن الكرم، وأشجع الناس أكرمهم.

يجود بالنفس إن ضن البخيل بها>>>>>والجود بالنفس أغلى غاية الجود

والغالب أن الكريم شجاع، وأن الشجاع كريم، لكن نادراً أن تجد بخيلاً شجاعاً، أو شجاعاً بخيلاً، وأقول في قسم الشجاعة: من أشجع الناس علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وإنما أقول ذلك؛ لأن له كلمة، يقول: [[كنا إذا التقينا واشتد الكرب، وحمي الوطيس، اتقينا برسول الله عليه الصلاة والسلام، فوجدناه أقرب الناس إلى القوم]] ما فر في معركة، وواجب عليه أن يصمد في المعركة ولو فر أصحابه جميعاً، قال تعالى: فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ [النساء:84] لما فر الناس في حنين وقف صلى الله عليه وسلم يقاتل وأخذ السيف مردداً:

أنا النبي لا كذب>>>>>أنا ابن عبد المطلب

وسمع مرة صيحة في ناحية من نواحي المدينة، فأخذ الفرس صلى الله عليه وسلم والسيف، حتى اكتشف الحادث، ثم عاد وحده.

كأنه وهو فرد من جلالته>>>>>في موكب حين تلقاه وفي حشم

كأنه يحاط بهالة من الحراسة، ولكن حراسته من الله، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ [المائدة:67].

وزهده عليه الصلاة والسلام، إعراض عن الفاني وإبقاء للباقي وأخذ وقت الحاجة للحاجة، قال ابن القيم: كان لا يتكلف مفقوداً ولا يرد موجوداً، وهذا هو الصحيح، جاع حتى ما وجد كسرة الخبز، ولا حفنة التمر، وأكل صلى الله عليه وسلم أحياناً العسل واللحم، وأكل من طيبات ما رزقه الله، فمن أخذ التقشف طريقة دائمةً ورد الطيبات فقد أخطأ، ومن مكث على الطيبات ولم يتقشف أحياناً وطلب أطايب الطعام فقد أخطأ، الوسط سيرته عليه الصلاة والسلام.

وبعد فإنما هذه جمل وإشارات، ولعل الله أن يسهل بمن يبسطها ويشرحها، ومن أحسن الكتب في ذلك زاد المعاد، والمجلد العاشر والحادي عشر من الفتاوى لـابن تيمية.

الأسئلة

الذهاب إلى الجهاد بدون إذن الوالدين

السؤال: الذي يقول لوالديه إنه مسافر إلى جدة، أو الطائف أو الرياض، وهو في الصحيح يذهب إلى الجهاد، ويعرف أن والديه سوف يرفضان ذهابه إلى الجهاد لو أخبرهم؟

الجواب: ما أرى إلا أنه قد كذب على والديه وارتكب أمراً محرماً، لماذا يكذب على والديه، الوالدة تأذن له في الظاهر لأنه يريد مكة، وهو في الباطن يريد الجهاد، وهذا من الحيل المحرمة، وهذا إذا أراد أن يعصي فليعص من أول الطريق، ولا أدله على المعصية والعياذ بالله، لكن ترك استئذان الوالدين فيه بأس، فلا تترك استئذان الوالدين، والبأس في هذه المسألة: أن يذهب ويكذب على والديه ويقول: أريد السفر إلى جدة وهو يريد أفغانستان فلابد أن يخبرهم عل الله يسهل أن تلين قلوبهم فيأذنون له، فيكون باراً في الاستئذان، وباراً في جهاده بحول الله.

حقيقة كتاب بدائع الزهور

السؤال: كتاب بدائع الزهور في وقائع الدهور وما مدى صحته؟

الجواب: هذا كتاب خزعبلات لا يساوي الحبر الذي كتب به، وهو يصلح أن يجمع فيجرد منه الحبر ويوضع فحارة يوضع فيها شعير لأحد الحمير، أو كرتوناً للعلاجات لإحدى الصيدليات، لأنه لا يساوي شيئاً، فلا تثقوا به وبعض الناس إذا كذب كان ذكياً، أي: يكذب كذبات ربما قبلت، لكن هذا يكذب كذبات لا تدخل في العقل في مثل رجل كان طويلاً في أول الزمان، أخذ سمكة من البحر ومدها وأحرقها في الشمس وشواها ثم أكلها، ما وجدت من الأخبار إلا هذه، ونخلة في جزيرة كذا، وسبحان الله! هذه الجزر لم تكتشف إلى الآن، أمريكا اكتشفت وجزر صاحب بدائع الزهور في وقائع الدهور لا أدري من أين أتى بها التي يقول: فيها سمكة من ذهب، مرة تخرج في البر ومرة تنـزل في البحر، وقصور ما سمعنا بها وما رأيناها، وقصور معلقة ما بين الأرض والسماء، وكل هذا خزعبلات تلهي وقت طالب العلم.

هديه عليه الصلاة والسلام في لبس الخاتم

السؤال: ما هو هديه صلى الله عليه وسلم في لبس الخاتم؟

الجواب: لبس صلى الله عليه وسلم الخاتم على الصحيح، في اليمنى واليسرى، صح عنه ذلك، والأولى كان صلى الله عليه وسلم في اليمنى، وكان في خاتمه نقش مكتوب عليه محمد رسول الله، عليه الصلاة والسلام بأبي هو وأمي.

قضاء صلاة الوتر

السؤال: متى يصلي من نام عن وتره، وهل يغني فيه القضاء، وهل هذا حديث صحيح: {من نام عن وتره فليصلِ منه ما ذكره أو ما منعه

الجواب: الحديث الصحيح عند الخمسة: {فليصل متى ذكره} وعند مسلم في الصحيح عن عائشة: {كان صلى الله عليه وسلم إذا نام عن شيء من وتره صلى في النهار اثنتي عشرة ركعة} لأن وتره صلى الله عليه وسلم كان إحدى عشرة ركعة، ولا يجمع في يوم، لأن الوتر في اليوم صلاة المغرب كما يقول ابن تيمية، فيكون الوتر الذي في الليل إذا قضي في النهار شفعاً، فلو ترك وتر الليل وكان يوتر بثلاث صلى في النهار أربعاً، وإذا كان يصلي خمساً صلى في النهار ستاً ليكون شفعاً، هذا أقرب الأقوال.

الحكم على حديث: (إن الله يحب الرجل المشعر)

السؤال: {إن الله يحب الرجل المشعر

الجواب: ليس بصحيح وليس بثابت.

حكم اللقطة إذا لم يجد صاحبها

السؤال: وجدت ساعة يدوية في دورة المياه في السكن الجامعي، وعرفتها لفترة تجاوزت الأسبوع، وهي الآن عندي فماذا أفعل بها؟

الجواب: أرى إذا أيست من صاحبها، أن تبيعها وتتصدق بها على نية صاحبها، وأن تعطي قيمتها للمجاهدين، أو الفقراء والمساكين.

وفي الختام: أسأل الله لي ولكم الهداية وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , معالم شخصيته عليه الصلاة والسلام للشيخ : عائض القرني

https://audio.islamweb.net