إسلام ويب

كل شخص يبتلى على قدر إيمانه، فالأنبياء أشد الناس بلاءً، ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل، والنبي محمد صلى الله عليه وسلم أشد الناس بلاءً، ومن ضمن بلاء النبي صلى الله عليه وسلم أن قذف في عرضه صلى الله عليه وسلم، فصبر حتى كشف الله هذه الغمة وهذه الفتنة التي دبرها ابن أبي لعنة الله عليه.

وفي هذه الفتنة دروس عظيمة وعبر جليلة لا يستغني عنها الداعية خصوصاً والمسلم عموماً.

الابتلاء سنة كونية على المؤمنين

الحمد لله رب العالمين ولي الصالحين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وإمام المتقين، وقدوة الناس أجمعين، وحجة الله على الهالكين، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أمَّا بَعْد:

فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم باليمن والمسرات، وجمعنا بكم في مقعد صدق عند مليك مقتدر، وثبتنا وإياكم على كلمة التوحيد، الكلمة الخالصة التي أتى بها محمد عليه الصلاة والسلام.

أيها المسلمون: عنوان هذه المحاضرة: شهر من الأسى واللوعة في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام.

عاش صلى الله عليه وسلم في حياته شهراً كاملاً، كل هذا الشهر في هم وقلق وحزن وأسى، واحتراق ولوعة وفراق، هذا الشهر كما يقول بعض العلماء، أوقف الرسول عليه الصلاة والسلام على أعصابه، وقصة هذا الشهر يسوقها الإمام البخاري، وقد سبقت في مناسبات لكنها تعرض اليوم في قالب من الابتلاء الذي يتعرض له الصالحون.

وكثيراً ما نرى ونسمع كثيراً من الأسئلة من الشباب الملتزم وهم يشكون ما يلاقون من أذية واستهتار، ونقد مرير، وجرح غير مسئول ولا بنَّاء، يوجهه إليهم العابثون اللاهون اللاعبون، شاب يستقيم فيرمى بالتطرف والتزمت والتأخر والرجعية، وعدم الفهم للدين، وعدم التصور للإسلام الصحيح، فلا ندري ما هو الإسلام الذي يريده المنحرفون، هل يريدون أن يسير دين الله هزواً ولعباً؟ ولعلكم قرأتم وسمعتم بعض ماكتبه بعض المفكرين، وكيف تعرض لشباب الصحوة بسبب وبغير سبب ويأتي بقصص غير صحيحة.

أنا أجزم جزماً صحيحاً أنها ليست بصحيحة، كقوله أحياناً: لقيني شاب مستقيم في الإمارات فسألني عن الكلونيا، وهو لم يلق شاباً في الإمارات وما سأله عن الكلونيا، لكنه يريد أن يعلق، فينزل بخنجره على الشباب الملتزم، ويقول في التعليق: صعد الناس القمر، وهؤلاء الشباب لا زالوا يسألون عن الكلونيا، وهل إذا تركنا الكلونيا وحكم الكلونيا نصعد إلى القمر؟!

ويقول في مناسبة أخرى: رأيت شاباً ولحيته كثيفة، سبحان الله! وهل الرسول صلى الله عليه وسلم إلا كانت عليه لحية كثيفة؟

وهل جمال المسلم إلا بلحيته وهل هذه إلا سنة أتى بها النبي صلى الله عليه وسلم؟

أكان صلى الله عليه وسلم مربياً للحيته أم حالق لها؟ أما ربى أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وحسان، ومعاذ، وسعد بن أبي وقاص، وخالد بن الوليد، وصلاح الدين، وابن تيمية، وابن القيم، وأحمد، ومالك، وأبو حنيفة، والشافعي أما ربوا لحاهم؟ أو ليس الأصل تربية اللحى وخلاف الأصل حلق اللحى؟ فلماذا يصبح الشاب متهماً لأنه ربى لحيته، أو لأن عليه لحية كثيفة؟

ثم يقول في معرض كلام آخر: رأيت شاباً له ثوب قصير، فقال له هذا المفكر: إن الإسلام ليس في هذا الثوب القصير، يا سبحان الله! هذا الشاب اهتدى وأخذ تعاليمه من محمد عليه الصلاة والسلام، أتلومه لأنه قصر ثوبه وطبق السنة؟!

ويقول في معرض كلام آخر: رأيت شاباً آخر يهاجم الغناء ويدعي أن الغناء محرم، ومن حرم الغناء؟! ولم يعلم هذا أن الذي حرم الغناء رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونقول لهذا المفكر: سامحك الله وعفا عنك، لماذا لم تهاجم أعداء الله من اليهودية وأذناب الصهيونية، والشيوعية؟ أما وجدت حرباً إلا مع هؤلاء الشباب؟ ولكن نقول: إن الله معنا وإن هذا من الابتلاء قال تعالى: أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ [العنكبوت:2-3]:

حسدوا الفتى أن لم ينالوا سعيه>>>>>فالناس أعداء له وخصوم

كضرائر الحسناء قلن لوجهها >>>>>بغضاً ومقتاً إنه لدميم

وإنه لجميل لكن هكذا البغي والمقت.

ولذلك روي في بعض الآثار -والله أعلم- أن موسى قال لربه: (يا رب! أسألك مسألة، قال: ما هي يا موسى؟ قال: أن تكف ألسنة الناس عني -لا يتكلمون فيَّ- قال الله: يا موسى! ما اتخذت ذلك لنفسي، فإني أخلقهم وأرزقهم وإنهم يسبونني ويشتمونني) وفي البخاري في رواية أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قال الله تبارك وتعالى: يسبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، ويشتمني ابن آدم ولم يكن له ذلك، أما سبه إياي فإنه يسب الدهر وأنا الدهر أقلب الليل والنهار كيف أشاء، وأما شتمه إياي، فيقول: إن لي صاحبة وولداً ولم أتخذ صاحبة ولا ولداً.

ولذلك ينقل الألوسي في الرد على النبهاني كلام النصارى في الله عز وجل، يقول: لما غضب الله نزل من على عرشه على ساحل البحر يبكي، تبارك الله عما يقولون علواً كبيراً!: كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً [الكهف:5] استهتروا بموسى حتى شكا وبكى على الله فنصره الله قال الله له: فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً [الأحزاب:69].

وتعرض إبراهيم وعيسى ونوح ومحمد عليهم الصلاة والسلام للأذى، قالوا في الرسول الذي ما خلق الله أصدق ولا أبر ولا أنصح ولا أفصح منه: شاعر وكاهن، وقالوا: مجنون، وقالوا أقاويل لا يصدقها العقل ولا النقد، ومع ذلك قال سُبحَانَهُ وَتَعَالى: إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ [الكوثر:3] وهؤلاء الملتزمون المستقيمون أتباع محمد عليه الصلاة والسلام، لو ذهبوا فمن يغطي هذه الساحة؟ أمروج المخدرات هو الذي يحل محلهم؟ أبايع الأغنيات الماجنة الذي باع حياته بثمن بخس؟ أعاق الوالدين وقاطع الرحم المستهزئ بالسنة والمستهتر بتعاليم محمد صلى الله عليه وسلم هو الذي يحل محله؟

ولو أني بليت بهاشمي>>>>>خئولته بنو عبد المدان

لهان علي ما ألقى ولكن >>>>>تعالوا فانظروا بمن ابتلاني

ويقول الشاعر العربي الآخر لأخيه الذي يستهزئ به:

فإما أن تكون أخي بصدق >>>>>فأعرف منك غثي من سميني

وإلا فاطرحني واتخذني >>>>>عدواً أتقيك وتتقيني

فإني لو تخالفني شمالي >>>>>ببغض ما وصلت بها يميني

إذاً لقطعته ولقلت بيني >>>>>كذلك أجتوي من يجتويني

حادثة الإفك

هذا الشهر الذي عاشه محمد صلى الله عليه وسلم أسوة لكل مسلم، ولكل عبد صالح، ولكل رجل مستقيم، هذا الشهر اتهم فيه عليه الصلاة والسلام في عرضه، العرض ليس أرفع منه إلا الدين، فأنت تريد أن يذهب دمك هدراً، ولا تريد أن يهتك عرضك، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم ما تركوه حتى نالوا من عرضه، عائشة رضي الله عنها، الصديقة بنت الصديق، الطاهرة بنت الطاهر، المبرأة من فوق سبع سماوات، اتهموها بالفاحشة الكبرى! فوقف صلى الله عليه وسلم -كما قال سيد قطب - شهراً كاملاً على أعصابه، شهر لا يذوق الطعام إلا لماماً، ولا يأتيه المنام عليه الصلاة والسلام إلا ردحاً من الليل، وما يرتاح ولا يهدأ، فقد تشنج عليه الصلاة والسلام لولا أن الله واساه وصبره وعظم أجره وثبته حتى انتهى الشهر.

قصة حادثة الإفك

هذه القصة رواها البخاري عن أجلة من أجلة التابعين لعظم هذه القصة، قال الزهري الإمام المعتبر المحدث الشهير حدثني بها سعيد بن المسيب، وعلقمة بن وقاص، وعروة بن الزبير، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبه، وهؤلاء أجلة التابعين.

أما سعيد بن المسيب فلا تسأل عن سيد التابعين.. شبه إجماع أنه سيد التابعين، رجل ذهبت عينه اليمنى من كثرة بكائه من خشية الله في السحر، قالوا له: اخرج إلى العقيق لترى الخضرة ولترى الراحة والأنس، قال: [[سبحان الله! كيف أخرج إلى العقيق فأفوت صلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بألف صلاة]] لما حضرته الوفاة، قال لأهله: [[لا تبكوا عليَّ، فما فاتتني تكبيرة الإحرام في الجماعة، أو ما أذن المؤذن إلا وأنا في مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام منذ أربعين سنة]].

سعيد بن المسيب الذي يجلس في المسجد من صلاة الفجر إلى صلاة الظهر وعليه ثياب بيضاء يسبح حتى يؤذن للظهر، كان أصبر الناس في العبادة، إذا انتصف الليل قام وأيقظ أهله، وقال لنفسه: قومي يا مأوى كل شر، وإنما أذكر هذا قصصاً لشبابنا وشيوخنا علهم أن يجعلوا من سعيد بن المسيب وأمثاله قدوة وأسوة في الحياة.

أما عروة بن الزبير فهو الذي كان يختم القرآن في أربعة أيام، وقد أصابته الآكلة في رجله فقطعوها من القدم، فمضت فقطعت من الركبة ثم من الفخذ، ولما أرادوا قطعها، قالوا: نسقيك كأساً من الخمر لعل عقلك أن يذهب لئلا تجد ألم القطع، قال: لا والله ما كنت لأذهب عقلاً منحنيه الله، ولكن إذا توضأت ودخلت في صلاتي، فاقطعوا رجلي فإني لا أحس بذلك، فلما توضأ ودخل في الصلاة قطعوا رجله ففقد وعيه وبقي ساعات ثم استفاق، فقالوا: أحسن الله عزاءك في رجلك وأحسن الله عزاءك في ابنك فقد رفسته دابة فمات، قال: [[اللهم لك الحمد؛ إن كنت أخذت فقد أعطيت، وإن كنت ابتليت فقد عافيت، أعطيتني أربعة أبناء وأخذت ابناً واحداً، وأعطيتني أربعة أعضاء وأخذت عضوا واحداً، فلك الحمد حتى ترضى ولك الحمد إذا رضيت ولك الحمد بعد الرضا]].

أما عبيد الله بن عبد الله بن عتبه فهو من رواة الصحيحين، والسنن والمسانيد، وهو شيخ عبد الله بن المبارك وقد كان أعمى لكن في قلبه نور: نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ [النور:35] هو الذي خرَّج عمر بن عبد العزيز ورباه في مدرسة التوحيد فأخرجه خليفة للمسلمين، كان عمر بن عبد العزيز الخليفة الراشد الخامس ينتقص علي بن أبي طالب، فسمع شيخه عبيد الله أنه ينتقص علي بن أبي طالب، فقال: يا عمر بن عبد العزيز! متى علمت أن الله غضب على أهل بدر بعد أن رضي عنهم؟ قال: ما علمت، قال: متى علمت أن الله غضب على أهل بيعة الرضوان (أهل الشجرة) بعد أن رضي عنهم؟ قال: ما علمت، قال: فإني سمعت أنك تسب علياً رضي الله عنه وأرضاه وعلي من أهل بدر وأهل بيعة الرضوان، فقال: فإني أشهد الله ثم أشهدك ألا أسبه بعد اليوم.

هؤلاء يروون القصة عن عائشة رضي الله عنها وأرضاها، صاحبة القصة وصاحبة الحسرة والأسى، وصاحبة اللوعة والتهمة في العرض، اتهموها في شيء ليته بالبخل، وليته بالجبن، وليته بنميمة أو بغيبة أو بدمامة، لكن اتهموها بكلمة لو وضعت هذه الكلمة على الجبال لذابت: كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً [الكهف:5] اتهموها أنها زنت عصمها الله وشرفها وبرأها، تروي القصة وهي قصة الإفك وسوف أستعرضها.

تخلف عائشة عن الركب عند الرجوع من غزوة بني المصطلق

تقول عائشة رضي الله عنها وأرضاها: كان صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفراً أسهم بين نسائه -أي: جعل عليه الصلاة والسلام قرعة- فإذا وقعت القرعة على إحداهن أخذها صلى الله عليه وسلم في السفر، وفي غزوة من الغزوات أسهم عليه الصلاة السلام فوقعت القرعة على عائشة، فأخذها صلى الله عليه وسلم وخرجت معها دينها ويقينها وخوفها من الله:

كأن رقيباً منك يرعى خواطري>>>>>وآخر يرعى مسمعي وجناني

فما لفظت من بعد مرآك لفظة >>>>>على القلب إلا عرجا بعناني

ذهبت معه صلى الله عليه وسلم، وغزا صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة، وقد اختلفوا في اسم هذه الغزوة ولا يهمنا اسمها، إنما يهمنا الحدث والمعنى والمقصد والدروس والعبرة، ثم رجع عليه الصلاة والسلام من الغزوة فرجعت معه ورجع الجيش، وفي أثناء الطريق نزلوا في ليلة من الليالي، ليلة مباركة فيها محمد عليه الصلاة والسلام، خرجت من هودجها والهودج كالغرفة الصغيرة يضعه السلف على الجمال فترتحل فيه الظعينة من النساء، فتركب فيه فيغطيها ويسترها، وهذا ستر الإسلام، وحجابه وروعتة، يوم يجعل المرأة كالدرة المصونة المجوفة، لا تراها العيون ولا تمسها الأيدي، لتكون طاهرة مطهرة، أما دعاة الإلحاد والزندقة فيريدون أن تخرج المرأة فتراها العيون وتمسها الأيدي فلا تكون طاهرة ولا شريفة ولا معظمة.

هذا الهودج كانت عائشة تركبه رضي الله عنها وأرضاها، ثم نزلت من الهودج لحاجتها، فارتحل الناس وأتت هي تلتمس عقداً من الخرز كان في نحرها وانقطع، فالتمسته فلم تجد العقد، فأخرها عن الجمل وعن ركب الرسول عليه الصلاة والسلام، فذهبت تلتمس العقد وأتت في آخر الليل، فوجدت الناس قد ارتحلوا فقد رأوا الهودج بجانب الجمل، فظنوا أن عائشة في الهودج، فحملوا الهودج على الجمل وربطوه، وكانت عائشة خفيفة فكانوا لا يفرقون بين وجودها في الهودج وخروجها منه، فذهبت الجمال، وذهب محمد عليه الصلاة والسلام، والجيش، وأتت إلى المكان فما وجدت لا صوتاً ولا قريباً ولا حبيباً إلا الله:

عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذا عوى >>>>>فصوت إنسان فكدت أطير

فجلست تقول: حسبي الله ونعم الوكيل! ومن قال هذه الكلمة ما تخلى الله عنه، ولا ما تركه ولا قطع حبله؛ بل وصله وحفظه، جلست متغطية مكانها متحجبة.

حمل صفوان لعائشة على جمله

وفي الصباح أتى رجل من الصحابة من أهل بدر الذين اطلع الله عليهم، فقال: {اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم} هذا الرجل اسمه صفوان بن المعطل السلمي، وكان من أهل بدر ومن الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه: رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً [الأحزاب:23].

هذا الرجل له مواقف في الإسلام؛ لكن فيه فطرة من فطر الله وجبلة، فقد كان نومه شديداً لا يستيقظ إلا بصعوبة حتى سأل الرسول عليه الصلاة والسلام أنه تفوته صلاة الفجر، قال: {ليس في النوم تفريط... الحديث}.

وعند الإمام مالك في الموطأ أن عمر رضي الله عنه وأرضاه صلى بالناس الفجر فأخذ يتلفت في وجوه الصحابة، كان عمر محاسباً دقيقاً عملاقاً، يستخرج الرءوس التي لا تصلي، فكان يتلفت في صلاة الفجر أين فلان؟! أين فلان؟! فيقولون: مريض، ويقولون: ذهب يأخذ عمرة، ويقولون: مسافر، ويقولون: فيه كذا وكذا، قال: أين صفوان بن المعطل؟ قالوا: لا نعلم، فخرج عمر فطرق على أهل صفوان، وقال: أين صفوان؟ ما صلى معنا الغداة- يريد عمر من الصحابة ما يريده لنفسه من النجاة من النار والعار والدخول في الجنة، قالوا: لقد نام عن صلاة الفجر؛ فقد جلس يصلي في الليل حتى اقتربت صلاة الفجر ثم نام، فقال: [[أوَّه! لئن أحضر الفجر في جماعة خير من أن أقوم الليل كله]] أو كما قال رضي الله عنه وأرضاه، هذا فقه الفرائض وتقديمه على النوافل.

الشاهد أن صفوان نام واستيقظ بعد طلوع الشمس فصلى الفجر ثم أتى إلى المطرح -كان عنده جمل- نام عن الجيش فارتحل الجيش، فرأى عائشة متحجبة مصونة تسبح الله مكانها، تتصل بالواحد الأحد يقول ابن رجب: لما وضع يوسف في الجب أخذ يسبح الله عز وجل فسمع هاتفاً يقول: يا يوسف! اذكر الله يذكرك، قال ابن رجب: هدأت الحيتان في البحر والضفادع في الماء وسكتت من التسبيح وما سكت يوسف عليه السلام:

يا واهب الآمال >>>>>أنت حفظتني ومنعتني >>>>

وعدا الظلوم عليَّ كي >>>>>يجتاحني فنصرتني

فانقاد لي متخشعاً >>>>>لما رآك منعتني

أخذت تسبح مكانها وتتصل بالواحد الديان.

يونس بن متى وقع في بطن الحوت وفي ظلمة اليم والليل، قال: لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [الأنبياء:87] فنجاه الله لأنه كان من المسبحين.

فأتى صفوان فقالت عائشة كان يعرفني قبل الحجاب، وفيه دليل على أنه لما نزل الحجاب كانت المسلمة تغطي وجهها بعد الحجاب- وهذه رواية البخاري وعودوا لها في المغازي المجلد السابع في الفتح وهي مثبتة ولو أنكرها بعض الناس احتجاجاً أن الحجاب لا يدخل في الوجه- قالت: كان يعرفني قبل الحجاب فلما نزل أمر الحجاب غطت وجهها فما عرفها، فقال: الله المستعان! زوجة الرسول عليه الصلاة والسلام فقال للجمل: أخ أخ أي: حتى يبرك وهي لفظة تستخدم عند العرب ليبرك الجمل ويهبط على الأرض، فبرك جمله.

قالت: والله ما كلمني كلمة -انظر إلى الحياء!- وإنما سمعته يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون! الله المستعان! فركبت على الجمل وأخذ يقود الجمل ويمشي أمامها، وهي خلفه على الجمل ما كلمته ولا كلمها، حتى اقترب الظهر فوصلوا إلى المطرح الثاني الذي نزل فيه الرسول عليه الصلاة والسلام، أما الرسول صلى الله عليه وسلم ففقدها قبل وصولها بوقت قصير فعرف أنها سوف تأتي، وإذا بها مقبلة بالجمل ورجل من أهل بدر يقود الجمل، وهي امرأة الرسول عليه الصلاة والسلام والله يراقبها ويراقبه من فوق سبع سماوات:

وإذا خلوت بريبة في ظلمة>>>>>والنفس داعية إلى الطغيان

فاستحي من نظر الإله وقل لها >>>>>إن الذي خلق الظلام يراني

فأما الذين آمنوا فزادهم إيماناً وما شكوا في عائشة وصفوان بن المعطل.

المنافقون وإشعال نار الفتنة

وكان في الجيش منافقون، قالوا: ما لها تأخرت؟ لماذا صفوان بن المعطل يقود جملها؟ واستوفوا الخبر ووزعوه، وكان الذي تولى كبر هذا الخبر هو عبد الله بن أبي بن سلول عليه غضب الله ولعنته وسخطه، وقد فعل سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، فأتى ابن أبي يوزع الأخبار ويجلس تحت الأشجار مع الناس ويتكلم في هذا الأمر، ولذلك بنو أمية كانوا يحقدون على علي بن أبي طالب، ويرون أنه هو الذي تولى كبره، لا إله إلا الله أبو الحسن الإمام المرتضى يفعل ذلك!!

ولذلك ذكر الشوكاني في فتح القدير ناقلاً عن ابن جرير وأمثاله بأسانيد جيدة أن هشام بن عبد الملك الأموي كان جالساً في القصر والعلماء حوله، وكان يبغض علي بن أبي طالب ويرى أن الذي تولى كبره هو علي بن أبي طالب، فقال: يا مسلم بن يسار! -أحد العلماء المحدثين- من الذي تولى كبره؟ قال: يا أمير المؤمنين! الذي تولى كبره هو عبد الله بن أبي بن سلول، قال: كذبت! قال: أمير المؤمنين أعلم بما يقول- وهو يعرف في نفسه أن الخليفة كذاب لكن ما أراد أن يتورط، قال: يا فلان! من الذي تولى كبره؟ قال: عبد الله بن أبي بن سلول، قال: كذبت، قال: أمير المؤمنين أدرى، فقال الخليفة: يا زهري! من الذي تولى كبره؟ قال: الذي تولى كبره عبد الله بن أبي بن سلول، قال: كذبت! قال: بل كذبت أنت وأبوك وجدك، حدثني فلان بن فلان عن عروة وعبيد الله بالأسانيد كأنها نجوم السماء:

سند كأن عليه من شمس الضحى >>>>>نوراً ومن فلق الصباح عمودا

بعد أن ألقمه حجراً، يقول: كذبت أنت وأبوك وجدك، وهو ملك والسيف مسلول يقطر دماً لكن الحياة كلها سهلة، بل حدثني فلان وفلان أن الذي تولى كبره عبد الله بن أبي بن سلول، وحدثني فلان عن عائشة حتى ملأ المجلس أسانيد ووثائق وحقائق، وأخذ الخليفة يرتعد، ويقول: لعلنا هيجناك أيها الشيخ، نعم.. صدقت -صدق رغم أنفه- وعلى كل حال كان بنو أمية يرون هذا، والشاهد أن الذي تولى كبره هو عبد الله بن أبي.

حال الرسول صلى الله عليه وسلم أثناء حادثة الإفك

سمع الرسول صلى الله عليه وسلم الخبر وكتمه في نفسه، والرسول صلى الله عليه وسلم أتقى وأبر وأخلص وأطهر وأصدق منا، فسكت وحاول أن يلم الخبر، لكن سرى الخبر وراج في المدينة حتى أن بعض المفكرين العصريين يقولون: أعلنت في المدينة حالة الطوارئ لمدة شهر.

فوصل عليه الصلاة والسلام المدينة وأما عائشة فما علمت بالخبر:

حور حرائر ما هممن بريبة >>>>>كظباء مكة صيدهن حرام

يحسبن من لين الكلام روانياً >>>>>ويصدهن عن الخنا إسلام

قالت: وصلت إلى بيت النبي صلى الله عليه وسلم فأتاها مرض الحمى من السفر، قالت: فأنكرت اللطف من الرسول عليه الصلاة والسلام، كان إذا مرضت عائشة يكون لطيفاً حبيباً يمرض المريض، ويمسح على رأس اليتيم، ويجالس العجوز، ويحمل عن المسكين: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران:159] وقال تعالى: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيم [التوبة:128].

لكن أتى الخبر في نفسه كما قال الأول:

قد قيل ما قيل إن صدقاً وإن كذباً >>>>>فما اعتذارك من قول إذا قيلاً

فقالت: فما وجدت ذاك اللطف وما كان يسأل عني إلا أن يمر عليَّ في البيت، ويقول: {كيف تيكم} أي: كيف حالها، فيخبرونه فأنكرت عائشة موقفه عليه الصلاة والسلام لأنه تأثر:

إذا وقع الذباب على طعام >>>>>رفعت يدي ونفسي تشتهيه

وتجتنب الأسود ورود ماء >>>>>إذا كن الكلاب ولغن فيه

ولكنها والله طاهرة وبريئة وصادقة، وإنها من المزكيات من الله الواحد الأحد من فوق سبع سماوات، فلما أنكرت حاله، قالت: يا رسول الله! ائذن لي أن أمرض في بيت أبي وأمي، فأذن لها، فحملها النساء إلى بيت أبيها وأمها فبقيت تمرض هناك شهراً كاملاً لا تدري من الخبر شيئاً، أما أبوها أبو بكر الصديق فبقي يبكي الليل والنهار، سبحان الله! صديق الإسلام يصل إلى هذه الدرجة، المخلص المنيب الذي دفع للإسلام وقته ودمه ودموعه وماله وكل شيء، وكذلك أمها بقيت تبكي لكنهم يكتمون عنها البكاء لكي لا تتأثر.

حال عائشة بعد معرفتها بحادثة الإفك

فلما خرجت من مرضها قالت لـأم مسطح: امرأة من جاراتها اخرجي بنا إلى المناصع وهي صحراء حول المدينة كان يتبرز فيها النساء، فخرجت هي وأم مسطح، والعجيب أن مسطحاً ابنها كان من الذين وقعوا في عرض عائشة وكان من الذين يوزعون الأخبار والشائعات والمنشورات! -فبعض الناس لا يحب السوء لكنه يحب أن يسمع الأخبار، يقول: ما سمعتم هذا الخبر، ما أتاكم هذا الخبر، الله المستعان!- قالت: فعثرت أم مسطح في ثوبها فقالت: تعس مسطح -وكان العرب إذا عثر الفرس قالوا: تعس فلان (عدوٌ) تعس فلان من أعدائهم أو تعس الشيطان- فعثرت فقالت: تعس مسطح سبحان الله! قالت عائشة: بئس ما قلتِ، أتقولين هذا لابنك وهو من أهل بدر! كيف يتعس والله لا يتعس أحد من أهل بدر، قالت: يا فلانة! أو يا غافلة عن الخبر! أما علمت ماذا عمل مسطح، قالت: لا. ما أعلم، قالت: يقول فيك كيت وكيت، قالت: فيَّ؟! قالت: نعم. وفلان يقول فيك، وقد انتشر الخبر وعرف الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة وعرف أبوك وأمك، فبكت حتى وصلت البيت قالت: فما نمت تلك الليالي:

ألا أيها الليل الطويل ألا انجلى >>>>>بصبحٍ وما الإصباح منك بأمثل

وصدر أراح الليل عازب همه >>>>>تضاعف فيه الحزن من كل جانب

قالت: حتى ظننت أن البكاء فالق كبدي، وأخذت تبكي، وقالت: والله ما اكتحلت بعدها بنوم، وعاد المرض أكثر مما كان، وأخذت صديقات عائشة يأتين إليها فيبكون معها، وهذا من المواساة.

ولابد من شكوى إلى ذي قرابة >>>>>يواسيك أو يسليك أو يتوجع

المواساة تكون في المصائب، ولذلك الخنساء لما قتل أخوها صخر بقيت تبكي وتبكي، فلما رأت عجائز يبكين على إخوانهم وأبنائهم تسلت قليلاً حتى قالت:

فلولا كثرت الباكين حولي >>>>>على إخوانهم لقتلت نفسي

وما يبكين مثل أخي ولكن >>>>>أسلي النفس عنه بالتأسي

فبكيت صديقات عائشة معها كثيراً واستمر الخبر، أما الرسول صلى الله عليه وسلم ففاض صبره بعد شهر كامل، تحمل لكن انتهى صبره، احترقت أعصابه عليه الصلاة والسلام، إلى متى ينقطع الوحي من السماء وما كُلِّم من الله بكلمة واحدة، وما نزل عليه جبريل بوحي في تلك الفترة، فلا الوحي يأتيه ولا الخبر يستجليه ولا ما حوله من الناس يدري ما عندهم.

موقف الرسول صلى الله عليه وسلم من حادثة الإفك

في الأخير وقف عليه الصلاة والسلام على المنبر وجمع الناس وقال: من يعذرني من رجل آذاني في عرضي وأهلي؟ -من هو الرجل؟! عبد الله بن أبي هذا المنافق- سبحان الله! أمثل الرسول صلى الله عليه وسلم يؤذى؟! إنها سنة الله للصالحين يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً [الفرقان:31] ولابد من الاستهزاء والاستهتار والصبر، قال: {من يعذرني من رجل سبني وشتمني وآذاني؟} أو كما قال صلى الله عليه وسلم، فقام سعد بن معاذ -هذه رواية البخاري - الشهيد الكبير الذي عاش في الإسلام سبع سنوات كأنها عند الله سبعة قرون، هذا الذي لما توفي اهتز عرش الرحمن له، وسند هذه القصة صحيح، حتى قال حسان بن ثابت:

وما اهتز عرش الله من موت هالك >>>>>سمعنا به إلا لـسعد أبي عمر

سعد بن معاذ الذي لما مات شيع جنازته سبعون ألف ملك فقال سعد: يا رسول الله! أخبرنا من هو، إن كان منا قتلناه، وإن كان من إخواننا من الخزرج سوف ترى ماذا نفعل يا رسول الله.

فقام سعد بن عبادة سيد الخزرج الغيور الذي سأل الرسول صلى الله عليه وسلم، قال: {يا رسول الله! إذا وجد الرجل منا مع امرأته رجلاً فماذا يفعل؟ قال عليه الصلاة والسلام: يستدعي أربعة فيشهدهم عليه، قال: سبحان الله! أبقى حتى أدعو أربعة وأشهدهم على زوجتي؛ والله لأضربنه بالسيف وإياها، فتبسم عليه الصلاة والسلام وقال: أتعجبون من غيرة سعد؟ والذي نفسي بيده إني لأغير منه وإن الله أغير مني} وقد شرح هذا الحديث ابن تيمية في كتاب الاستقامة وهو من حديث ابن مسعود.

فقال: سعد بن عبادة أنت تستطيع أن تدخل في قبيلتك، أما الخزرج والله لا تستطيع أن تفعله لا أنت ولا أمثالك، فقام أسيد بن حضير وهو قريب سعد بن معاذ فقال: أنت منافق تدافع عن المنافقين والله لنقتلنه وإن كان من قبيلتك، فارتفعت أصواتهم في المسجد، فقام صلى الله عليه وسلم فأسكتهم وخرجوا من المسجد، وحدثت مصيبة أخرى يقول تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ * وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [آل عمران:100-103].

خرج الناس وعادوا إلى بيوتهم.

زيارة الرسول صلى الله عليه وسلم لعائشة وامتحانها

وأتى الرسول عليه الصلاة والسلام فزار عائشة في بيت أبيها، هذه الزيارة الأولى والأخيرة في هذه الفتنة، دخل على عائشة فاستدعى أباها، أبا بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه الذي باع نفسه من الله واستدعى أمها فأجلسهم بجانبها وقال: يا عائشة والذي يتكلم هو محمد عليه الصلاة والسلام:

حتى وضعت يميني لا أنازعها>>>>>في كف ذي النقمات قوله قيل

قال: {يا عائشة إن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن الله يتوب على من تاب} لا إله إلا الله! نعم يتوب الله على من تاب مهما فعل قال تعالى: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ [آل عمران:135-136].

قال: {يا عائشة! إن كنت ألممتِ بذنب فاستغفري الله، وإن كنت بريئة فسوف يبرئك الله، فسكتوا جميعاً، وتكلمت دموعهم، بكى أبو بكر من هذه المصيبة في بيته وفي عرضه! ماذا يقول أبو بكر للناس؟ ماذا يتكلم للناس؟ وكيف يبرئ عرضه أمام الناس؟! ماذا يدافع عن عرضه وعن بنته زوجة الرسول عليه الصلاة والسلام، وزوجته أم عائشة ظلت تبكي، وعائشة أيضاً تبكي:

إذا اشتبكت دموع في خدود >>>>>تبين من بكى ممن تباكى

فقالت عائشة: {يا أبتاه! أجب عني رسول الله صلى الله عليه وسلم} فقام يبكي ماذا يتكلم؟! يبرئ ابنته وما يدري ماذا يقول؟ أو ثم قالت: {يا أماه! أجيبي عني رسول الله الرسول صلى الله عليه وسلم فطفقت تبكي، تقول: والله ما أدري ماذا أقول؟ قالت عائشة: فقلص الدمع في عينيها} حتى أنه كانت تصفها بعض الصحابيات بنت أبيها، فهي امرأة ذات مواقف ذكية فصيحة تحفظ القرآن وتحفظ الفتاوى، وكانت مفتية الأمة وعالمة الأمة، ويعود إليها أكابر الصحابة في كثير من الفتاوى، كانت كما يقول بعض أهل السير: تحفظ ثمانية عشر ألف بيت من الشعر- قالت: فقلص الدمع من عيني حتى ما أجد الدمع قالت: ونسيت من الغضب والحزن اسم يعقوب عليه السلام.

قالت: {يا رسول الله! والله ما مثلي ومثل ما قيل فيَّ إلا كما قال أبو يوسف -تريد يعقوب لكنها نسيت الاسم فأتت بالكنية-: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ [يوسف:18] وإن كنت بريئة فسوف يبرئني الله عز وجل وليس لي إلا هذا} ثم انطرحت تبكي.

نزول الوحي لتبرئة أم المؤمنين عائشة

أما الرسول صلى الله عليه وسلم فوقف في مكانه، وفي لحظات أتاه الوحي من السماء، فاضطجع عليه الصلاة والسلام، وكان إذا أتاه الوحي يضطجع في الأغلب، وربما يأتيه الوحي وهو جالس فيتمالك نفسه، يقول زيد بن ثابت: {أوحي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ونزل عليه الوحي وفخذه على فخذي فكادت فخذه أن ترض فخذي} يعني: تكسرها وتقسمها نصفين، يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً [المزمل:5] كان إذا أتاه الوحي وهو على الراحلة بركت الراحلة -الناقة- وتمد عنقها في الأرض ويكون لها رغاء من شدة ثقل الرسول صلى الله عليه وسلم عليها، وفي رواية مسلم {أنه لما أتاه الوحي كان يغط غطيطاً عليه الصلاة والسلام في الخيمة. فلما أتاه الوحي اضطجع وسجي عليه ثوباً وكان يغط غطيطاً وعرقه يتصبب} حتى تقول عائشة في رواية البخاري: {كان إذا نزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد يتصبب عرقاً عليه الصلاة والسلام وذلك من شدة الوحي الذي نزل عليه} لأنه وحي وكلام وذكر لو أنزل على الجبال لخشعت ولتصدعت له، قال تعالى: لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ [الحشر:21].

فلبث عليه الصلاة والسلام في المعاناة حتى أتى الوحي، أتدرون ما هو الوحي تلك الفترة؟ براءة من الله ومن الواحد الأحد، والله عز وجل لم يترك هذا الأمر لغيره، لا للنبي عليه الصلاة والسلام ولا للمسلمين ولا لجبريل ولا لأحد من الناس، وإنما تولى براءتها من فوق سبع سماوات، أراد الله أن يبرئها براءة مدى الدهر تدخل بها الجنة: فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ [القمر:55] جلس عليه الصلاة والسلام بعد انتهاء الوحي، ثم قال: {يا عائشة! أبشري أما أنت فقد برأك الله} -الحمد لله! لك الحمد يا رب على ما أعطيت وعلى ما كتبت وعلى ما قدرت- أما أنت يا عائشة فقد برأك الله ففرحت وسكتت وفرح أبو بكر وسكت، وفرحت أمها وسكتت، فقال أبو بكر: {يا عائشة! قومي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وسلمي عليه -وكانت عصامية- فقالت: والله لا أقوم ولا أحمد إلا الله الذي برأني} لأنها صادقة:

نفس عصام سودت عصاماً >>>>>وعلمته الكر والإقداما

وجعلته بطلاً هماما

والصادق بريء، والبريء غير متهم، والناصح يعرف.

قيل للإمام أحمد: ما الذي أخرجك من الفتنة؟ قال: الصدق- الصدق لو وضع على جرح لبرئ، والصادق معه الله -فخرج الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المسجد يحمل البشرى، ويحمل من الراحة وسعة الصدر ما لا يعلمه إلا الله، وتقول عائشة: {ما كنت أظن أن تأتي براءتي من السماء لأني أرى نفسي أصغر من أن تأتي من السماء براءتي} تقول: أنا محتقرة نفسي ولا أحسب أن يتكلم الله في شأني من فوق سبع سماوات، ومن فوق العرش، وينزل قرآن يتلى إلى يوم القيامة ما كنت أتصور ذلك، وهذا من حفظ الصالحين لأنفسهم، ولذلك أرفع الناس في قلوب الناس من هضم نفسه، يجعل الله له منزلة في قلوب الناس؛ لأنه لا يشعر لنفسه بقيمة، ومن أكبر نفسه لا يجد له الناس في نفوسهم قيمة،ولذلك المتكبر يأتي يوم القيامة في صورة الذر يطؤه الناس بأقدامهم من حقارته، وكلما تعاظم العبد في نفسه كلما صغره الله ومقته، وقال: اخسأ فلن تعدو قدرك، وكلما تواضع العبد وخضع لله كلما رفعه الله، وقال: ارتفع رفعك الله، ويكفي في ذلك الحديث الصحيح: {من تواضع لله رفعه، ومن تكبر على الله وضعه} وفي الصحيح أن الله يقول: {الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني فيهما قصمته} وفي رواية صحيحة {عذَّبته} وفوق ذلك قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً [الفرقان:63].

وقوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى على لسان لقمان لابنه: وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ [لقمان:19].

أتى عليه الصلاة والسلام فوقف في المنبر ودعا الناس: الصلاة جامعة -الصلاة جامعة.. الصلاة جامعة! فاجتمع الناس وأخذ يقرأ الآيات البينات على المنبر، من الذي أنزل البراءة؟ الله الواحد الأحد، كما في الحديث: {الله مدحه زين، وذمه شين} لأن بني تميم وفدوا إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، فطرقوا الحجرات فبعد صلاة الظهر -وهذا وقت لا يسمح بالزيارة فيه، بعد صلاة العشاء وقبل الفجر وبعد الظهر هذه أوقات تكره الزيارة فيها- قالوا: يا محمد! نادوه باسمه عليه الصلاة والسلام والمفروض أن يقولوا: يا رسول الله! فتكلموا يا محمد! يا محمد! اخرج إلينا:

اخرج فإنا إذا مدحناك رفعناك عند العرب، وإذا ذممناك أنزلنا قيمتك عند العرب! إن مدحنا زين وذمنا شين.

سبحان الله ما هذا الجهل! من الذي يرفع إلا الله؟! ومن الذي يخفظ إلا الله؟ وبنو تميم ودعاياتهم وشعراؤهم يرفعون الرسول صلى الله عليه وسلم، والله عز وجل يقول له: وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ [الشرح:4].

حتى قال المفسر مجاهد بن جبر، يقول الله تعالى: [[أي لا أذكر إلا وتذكر معي]] فملايين المساجد في العالم الإسلامي اليوم يقال على منائرها: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، فهل بعد هذا الرفع رفع، فالله هو الذي يرفع وحده.

قال ابن تيمية للفائدة: {أهل الحديث وأهل السنة لهم نسبة من هذه الكلمة وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ [الشرح:4] وأهل البدعة وأعداء السنة لهم نصيب من قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ [الكوثر:3] فالله يقطع ذكرهم وبركتهم ويقطع دابرهم في الحياة الدنيا وفي الآخرة. وصدق، فـأهل الحديث هم أرفع الناس، الآن يوجد أحد لا يعرف البخاري، سل العجائز أو الأطفال إذا قيل: (رواه البخاري) يثقون بالحديث مع أنهم لا يعرفون من هو البخاري بل يوجد على المنابر وفي المحافل والدروس والندوات شهرة متعددة ودائمة (رواه البخاري، رواه مسلم، رواه الترمذي، رواه ابن حبان، رواه الحاكم) لأنهم سلكوا مسلك الرسول عليه الصلاة والسلام.

لكن من أهل البدعة من يقول: رواه بشر المريسي، وأحمد بن أبي دؤاد، ولا أذناب المجوس وأفراخ الصابئة كما سماهم ابن القيم.

استدعاء النبي صلى الله عليه وسلم المتهمين في نشر حادثة الإفك

وبعد أن وقف عليه الصلاة والسلام فقرأ الآيات وقرأ براءة عائشة، استدعى الذين خاضوا في حديث الإفك، المسلمون منهم، أما المنافقون فلم يستدعهم صلى الله عليه وسلم كـعبد الله بن أبي ابن سلول ما أدبه ولا جلده ولا عزره ولا حبسه ولا فعل به شيئاً؛ لأنه منافق، والجلد لا يطهره.

أما حسان بن ثابت فإنه مسلم صادق لكنه تكلم بكلام فاستدعاه الرسول صلى الله عليه وسلم فضربه ثمانين جلدة ليطهره، وهو طاهر لأن (الماء إذا بلغ قلتين لم يحمل الخبث) وماء حسان فوق القلتين فمهما ألقي في ماء حسان فهي نجاسة بسيطة تنزح، مثل ما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ببئر بضاعة أن تنزح لتطهر فنزحت.

أما عبد الله بن أبي فلو نزحت بحوره وأنهاره ما تطهر أبداً، ولو جلد ملايين الجلدات ما أغناه ذلك من عذاب الله شيئاً فـحسان استدعاه الرسول صلى الله عليه وسلم، فأعطاه حسابه في الدنيا رضي الله عنه، شاعر الإسلام، حتى عمي في آخر عمره فأدخل على عائشة، فقال لها أحد الصحابة: تدخلين هذا الأعمى عليك وهو الذي قال فيك، وقال وقال؟ قالت: اسكت، فإني سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو له ويقول: {اهجهم وروح القدس معك} فكان يأتي بالقصائد كأنها قاصفات الرعد على المشركين، وفي رواية البخاري التي أوردتها تقول عائشة: كيف لا أدخله وهو الذي يقول في الرسول صلى الله عليه وسلم:

فإن أبي ووالده وعرضي >>>>>لعرض محمد منكم وقاء

يقول للمشركين: أبي ووالده أي: جدي، وعرضي أقي به الرسول صلى الله عليه وسلم منكم، وهي من قصيدته اللامعة المشهورة التي حفظها المسلمون، وهي التي يتوعد بها كفار قريش قبل الفتح، يقول قبل الفتح:

عدمنا خيلنا لم تروها >>>>>تثير النقع موعدها كداء

وكداء جبل في مكة، يقول: ليت خيلنا لا تعود إلينا إذا ما صبحناكم بالخيل وفتحنا مكة إن شاء الله ثم يقول:

تظل جيادنا متمطرات >>>>>تلطمهن بالخمر النساء

يقول: تأتي خيولنا وتخرج نساؤكم -يا مشركون- فيلطمن خيولنا بالحجاب ويفر رجالكم ثم يقول:

فإما تعرضوا عنا اعتمرنا >>>>>وكان الفتح وانكشف الغطاء

وإلا فاصبروا لجلاد يوم >>>>>يعز الله فيه من يشاء

وقال الله قد أرسلت جنداً>>>>>هم الأنصار عرضتها اللقاء

ألا أبلغ أبا سفيان أني >>>>>مغلغله وقد برح الخفاء

هجوت محمداً فأجبت عنه>>>>>وعند الله في ذاك الجزاء

أتهجوه ولست له بكفء>>>>>فشركما لخيركما الفداء

فإن أبي ووالده وعرضي>>>>>لعرض محمد منكم وقاء

يوم فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة قال أهل السير بأساليب جيدة: خرجت خيل ابن الوليد وهو مع الرسول صلى الله عليه وسلم، خرج من السرية أو من الخندمة فاتحاً، فخرجت نساء مكة بالخمر يضربن خيل خالد على وجهها، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبسم ويقول لـأبي بكر وهو بجانبه كيف يقول حسان؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان يحفظ الشعر: وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ [يس:69] كان إذا حفظ البيت كسره لأنه لو حفظ الأشعار، لاتهمه الكفار أنه شاعر، ومع أنه لا يقول الشعر إلا أن الكفار اتهموه أنه شاعر: وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً * قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً الفرقان:5-6] مرة حفظ الرسول صلى الله عليه وسلم بيتاً لـعباس بن مرداس، يقول عباس يعاتب الرسول صلى الله عليه وسلم في القسمة:

أتجعل نهبي ونهب العبيد >>>>>بين عيينة والأقرع

فأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم يردد ما قاله ابن مرداس فقال:

أتجعل نهبي ونهب العبيد >>>>>بين الأقرع وعيينة

فتبسم أبو بكر وقال: صدق الله: وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ [يس:69].

يوم اخترق الخندمة وفر عكرمة وفر رجل منهم كان يناوئ خالداً ويقول: أذبح بسيفي محمداً، فلما أتى خالد لقنه درساً لن ينساه، اشتغلهم أبو سليمان تسع ساعات بيده ففروا من طريقه، وتكسرت السيوف على ظهورهم فدخل هذا الرجل على زوجته وأغلق الباب، وهو يرتعد فقالت زوجته: أين سيفك؟ قال: ما أغنت عنا السيوف.

إنك لو شهدت يوم الخندمة >>>>>إذ فر صفوان وفر عكرمة

يقول: إذا كان السادات والأبطال فروا! فكيف بمن دونهم؟ وأنا لما رأيت السادة والقادة فروا، فررت أنا، لأن الجندي يعذر إذا فر القائد فعليه أن يفر من باب أولى:

قال:

إنك لو شهدت يوم الخندمة>>>>> إذ فر صفوان وفر عكرمة

أحد الناس ذهب إلى المدينة فوجد نيجيرياً في المسجد النبوي عنده مسبحة يسبح بها، يتمتم بشفتيه لكنه ما سمع التسبيح، فذهب الرجل فاشترى مسبحة، وذهب إلى جماعته في القرية فأخذ يتمتم، وهو لا يسبح، قالوا: يا فلان! ماذا تقول بهذه المسبحة؟ قال: أقول: الحقي أخواتك.. الحقي أخواتك، فالرجل هذا يسمع الناس يقولون: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، وهو لا يعرف سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.

فيقول الرجل:

والمسلمون خلفنا في غمغمة >>>>>يلاحقونا بالسيوف المسلمة

لم تنطقي في اللوم أدنى كلمة

الشاهد من كلامي هذا أن حسان جلد ثمانين وكانت هي طهارته في الدنيا، وهو طاهر مطهر عند الله، وهو من الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، ومن الأبرار عند الله، وشاعر الإسلام، والذي يدخل الجنة بلواء القوافي والأدب الإسلامي، ويدخل امرؤ القيس قائداً لأهل الشعر الملاحدة في النار ويدخل معه أهل الحداثة، فمن أراد أن يدخل الجنة فليدخل الجنة بلسانه أو بقلمه، أو بقوافيه وشعره أو بتأليفاته، أو بماله أو بقيام الليل أو بإطعام الطعام أو بصدقه مع الله أو بتضحيته، أو بأن يسكب دمه في سبيل الله، ومن أراد أن يدخل في مثل هذه الأمور النار فليدخل: وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُرْشِداً [الكهف:17] وكثير من الناس أتى الله لهم بمواهب، فدخلوا بها النار، حتى أن بعض الناس آتاه الله علماً فدخل بعلمه النار: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [الأعراف:175-176].

عفو أبي بكر عن مسطح ابن أثاثة

وعاد أبو بكر فأتى وسمع أن مسطحاً نال من عائشة فقال: والله لا أنفق على مسطح، وقد كان أبو بكر غنياً وكان مسطح فقيراً في حجر أبي بكر: ينفق عليه، قال أبو بكر ما دام أنه تكلم في ابنتي فوالله لا أنفق عليه فأنزل الله عز وجل قوله: وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [النور:22] قال أبو بكر: بلى أحب أن يعفو الله عني ويصفح، فعاد بنفقته عليه، وهذا مصداق لقوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران:134].

دروس من حادثة الإفك

وانتهت القصة ولكن فيها دروس:

الابتلاء في الأرض سنة كونية

أنه لا يسلم من الاستهزاء والاستهتار أحد، وأنه كلما ارتفع العبد عند الله عز وجل سلط الله عليه من يعاديه، كما قال كثير من العلماء: إن الصحابة لما توفوا وانقطعت أعمالهم سلط الله عليهم أعداءً من المبتدعة فنالوا منهم.

أبو بكر اليوم يُلعن وعمر يُلعن وهي زيادة في ثوابهم عند الله، فإن الله تعالى أراد ألا تنقطع حسناتهم بموتهم، وأن يرفع درجاتهم، وعائشة كذلك تسب وتشتم، ويدعي المبطلون أنها فعلت وهذا رفع في درجاتها، هل علمت رجلاً صالحاً خلص من الاستهتار؟! هل علمت رجلاً باراً خيراً خلص من الاستهزاء؟

وشكوت من ظلم الوشاة ولم تجد >>>>>ذا سؤدد إلا أصيب بحسد

لا زلت يا صدق الكرام محسداً>>>>>والتافه المسكين غير محسد

قالوا للإمام مالك: هل يبتلى العبد أو يمكن؟! قال: [[لا يمكن حتى يبتلى]] قال تعالى: وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ [السجدة:24].

مواقف من ابتلاء علماء الأمة

الإمام مالك بن أنس عاش في حياته وقبل أن يموت ابتلي في مسألة أفتى فيها، فضرب ثمانين ضربة حتى خلعت يده اليمنى، حتى أصبح لا يستطيع أن يضمها فرفعه الله.

الشافعي حمل مقيداً بالحديد من اليمن إلى بغداد إلى هارون الرشيد في تهمة باطلة.

الإمام أحمد أتاه أهل البدعة صنوفاً وسيوفاً فأدخلوه السجن، سنة وثلاثين شهراً، وجلد جلداً حتى قال من جلده: والله الذي لا إله إلا هو لقد جلدت الإمام أحمد بن حنبل جلداً لو جلدته بعيراً لمات، كان يأخذ العصي مثل الخيزران ويبرد في الماء، ثم يجلد الإمام حتى يسيل دم الإمام أحمد في الأرض؛ لأن الله أراد أن يرفع درجة الإمام أحمد، وفي الأخير انتصر الإمام أحمد وصار في مكان عالٍ، وجعل الله الدائرة على أعدائه وخفض سمعتهم وقطع دابرهم.

أبو حنيفة كذلك طلب للقضاء فرفض، حاولوا معه فجلدوه ثمانين جلدة، وبقي في بيته حتى توفي.

كذلك ابن تيمية سجن وأخذ إلى الإسكندرية فسجن وضرب في فتنة النصراني- نصراني سب رسول الله صلى الله عليه وسلم في سوق دمشق، فقام ابن تيمية بتأديبه حتى رماه الناس بالحجارة، فأتى أعداء ابن تيمية وهم من المسلمين يكذبونه ويصدقون النصراني، وفي الأخير أتى السلطان فجلد ابن تيمية لكن كما قال الأول:

إن كان سركم ما قال حاسدنا >>>>>فما لجرح إذا أرضاكم ألم

فألف ابن تيمية كتاب الصارم المسلول على شاتم الرسول، وهنيئاً له جلد في سبيل الله وسجن، ولما أخرج من الحبس شيع جنازته أكثر من ثمانمائة ألف حتى خرجت مدينة دمشق عن بكرة أبيها، والناس جميعاً، فرفعه الله، أما أعداؤه فبخس الله حظهم وقطع ذكرهم ودابرهم؛ لأنهم ناوءوا السنة، فهذه طريقة ماضية ولا بد أن يمتحن الصالحون، وأن يبتلوا في أعراضاهم، وأن يشهر بهم خاصة أهل السنة والاستقامة يستهزأ بهم في المجالس، من قبل الصهيونية العالمية وإسرائيل ومن لف لف إسرائيل؛ فإنهم يستهزئون بسيرتهم وبثيابهم وبلحاهم وبجلساتهم وبكلامهم.

موقفنا من الذين يلمزون المؤمنين

نقول لأولئك: ذوقوا عذاب النار بما كنتم تفعلون وتأفكون، ورغمت أنوفكم يا أعداء الله، نحن في سند محمد عليه الصلاة والسلام وإبراهيم ونوح وموسى وعيسى، وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وأنتم في سند إبليس وفرعون وقارون وهامان وأبي لهب وأبي جهل كما قال تعالى: وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ [الشعراء:227].

إذا علمنا هذا؛ فليحمد العبد الله عز وجل على أن جعله مبتلى في أرضه، فإنه زيادة في حسناته وفي أجره، ورفعاً في منزلته واتباعاً في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وليصبر على ما يأتيه، وليعلم أن قدوته الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام.

وينبغي للعبد ألا يطرق لأهل النفاق إلى نفسه، فلا يستزري نفسه ولا يحمًّل نفسه محامل لا تليق به، فيجعل الألسنة تتكلم فيه مثل: أن يلبس لباساً يزري به، ومثل أن يتكلم كلمات لا تليق بمثله، ومثل: أن يوقف نفسه في مواقف التهم، فإن أهل الباطل يريدون أن يجدوا طريقاً ومنفذاً فيجعلون من الحبة قبة، ويجعلون من المسألة الصغيرة كبيرة وفاحشة وجريمة، وهذا طريق ماض -كما أسلفت- ولله الحمد والشكر أنه قد عاد الناس إلى ربهم ومولاهم، وقد أقبل شباب وشيب ونسوة كثر إلى الله الواحد الأحد، علموا أنه لا نجاة لهم إلا في هذا الدين، ولا حبل ولا فلاح ولا صلاح إلا في اتباع سيرة محمد عليه الصلاة والسلام.

أصبح الناس الكثير منهم متوجه إلى الله، وهذا نصر من الله عز وجل لهذه الأمة، وهو وعده الذي وعد ألا يقطع دابرها بل يحفظها سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، يوم تقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110] فلك الحمد يا رب.

هناك بعض الأمور التي ينبغي أن أنبه عليها منها: أنه ينبغي على من اتهم أو جرح أو استهزئ به أن يصبر كما صبر أولو العزم من الرسل، وكما صبر محمد عليه الصلاة والسلام والصالحون من العلماء والزهاد والعباد، وإذا سمع كلمة نابية من جاهل فلابد أن يخاطبه بالسلام والهدوء والليونة كما قال تعالى: وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً [الفرقان:63] وأن يتحمل الكلام المغرض وأن يعفو ويصفح، وأن يبدل مكان السيئة الحسنة، فيهدي هدية ويطلق وجهه البشوش عله يكسب هؤلاء؛ لأنهم مساكين ما عرفوا النور وما عرفوا الطريق، وما تذوقوا طعم الطاعة ولا حلاوتها، فيحاول أن يكسبهم ولا يعاديهم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يستهزئ به المستهزئون فيتبسم لهم، حتى قال الله تعالى: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران:159].

أهمية الدعوة إلى الله بالأسلوب الحكيم

على المسلم أن يدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ولا يشهر بالناس ولا يشكو دائماً مما يوجه له من نكبات، فإن الرسل عليهم الصلاة والسلام كتموا وصبروا، والله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، فإذا كتم وصبر واستعان بالله وكان له أوراد من الذكر صباح مساء، وحاول أن يمد بينه وبين الله حبلاً من الطاعة حماه الله وكفاه ووقاه، كما قال تعالى: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ [آل عمران:173-174].

والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

الأسئلة

حكم حلق اللحى

السؤال: ما حكم حلق اللحى؟

الجواب: حكم حلق اللحى محرم في دين الله عز وجل، وقد صحت عنه صلى الله عليه وسلم أحاديث في ذلك، وأمر بمخالفة المجوس في أحاديث متفق عليها بين أهل العلم، وحلقها أمر محرم، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: {خالفوا المجوس، اعفوا اللحى} وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يعفي لحيته، وأصحابه الميامين والعلماء وأمثالهم من الخيرين، وحلقها يعني: مشابهة أعداء الله عز وجل وانتهاك سنة الرسول عليه الصلاة والسلام، وهي مخالفة صريحة لأهل الحق والتوحيد وأهل السنة، ولا بأس في الاستطراد أن أذكر قصيدة لأحد الشباب جزاه الله خيراً بالنبطي في حلق اللحى، ألقاها في مناسبة وأعجبتني، ومن ينصر الإسلام بالنبطي أو بالعربي فحياه الله، يتكلم في أناس يحلقون لحاهم فنظم لهم قصيدة جيدة يقول فيها:

يا ربعنا يالي حلقتم لحاكم >>>>>وايش علمكم ترمونها في القمامه

ذي سنة سنها مصطفاكم>>>>>علامة يا شينها من علامه

ترى هي زيناتكم هي حلاكم >>>>>لها مع الخير وقار وسامه

شابهتم الكفار شغلة عداكم>>>>>من شابه الكافر عليه الملامه

ترى اللحى يوصي بها مصطفاكم >>>>>صفوة قريش اللي رفيع المقامه

هذه وصية إن كان ربي هداكم>>>>>أقولها يا ربع ومع السلامة

صفوان بن المعطل يتفقد الجيش

السؤال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم قيل إنه ترك صفوان بن معطل ليتفقد الجيش في الصباح ويتفقد ما بقي من أمتعة الجيش؟

الجواب: قيل هذا ولكن أنا وقفت على ما قيل في رواية البخاري.

استشارة النبي صلى الله عليه وسلم بعض الصحابة في حادثة الإفك

السؤال: هل الرسول صلى الله عليه وسلم استشار بعض الصحابة؟

الجواب: نعم. استشار بعض الصحابة، ولكني نسيت أن أذكر هذا، وإلا فإنه استشار علي بن أبي طالب، وأسامة بن زيد فأما علي رضي الله عنه فقال: يا رسول الله! النساء غيرها كثير، واسأل الجارية تصدقك فسأل الجارية فقالت: ما علمت إلا خيراً، وأما أسامة فقال: زوجتك وما نعلم إلا الخير.

حكم لعن الكافر المعين

السؤال: لقد لعنت عبد الله بن أبي بن سلول فما هو الدليل؟ وهل يجوز أن يلعن متبع أو إحدى الفرق الضالة؟

الجواب: على كل حال لعن المعين فيه كلام، لكن عبد الله بن أبي بن سلول مات على الكفر يقيناً بكتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فيجوز لعن من مات على الكفر مثل فرعون وقارون وهامان وأبي جهل ومثل عبد الله بن أبي بن سلول هذا لا نتوقف في لعنه لأنه مات، أما رجل في الحياة كافر فإنا لا ندري مآله فنتوقف في لعنه؛ لأنه قد يتوب إلى الله في حياته، أو رجل ما ظهر لنا كفره وما تبين فنتوقف في المسألة.

فضل صيام يوم عاشوراء

السؤال: نرجو تنبيه الناس بصيام يوم عاشوراء؟

الجواب: صدق الأخ وأثاب الله له الأجر، ففي صحيح مسلم عن أبي قتادة قال، قلت:{يا رسول الله! يوم عاشوراء؟ قال: إني أرجو من الله أن يكفر السنة الماضية} وفي حديث ابن عباس في الصحيح: {أن الرسول صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسأل، فقالوا: هذا يوم نجى الله فيه موسى، قال: نحن أولى بموسى منكم فصام صلى الله عليه وسلم وأمر الناس بصيامه، وقال: إذا كان العام القادم لصمت يوماً قبله ويوماً بعده} فذكر ابن القيم أن لأهل العلم في صيامه ثلاثة أقوال:

1- منهم: من يرى صيامه ويوماً قبله ويوماً بعده.

2- ومنهم: من يصوم يوماً قبله.

3- ومنهم: من يصوم يوماً بعده.

ومن صامه وحده جاز له ذلك، لكن الأحسن والأقرب إلى السنة أن يصومه ويوماً قبله أو يوماً بعده، ومن صامه ويوماً قبله ويوماً بعده حصل له الأجر الكبير بإذن الله عز وجل، وهو يوم العاشر.

كتابة أجر المريض والمسافر

السؤال يقول: أنا قادم من الرياض وسأمكث في أبها قرابة الشهر، فهل يكتب لي أجر قيام الليل الذي كنت أصليه وهو ثلاث عشرة ركعة إذا أنا صليت هنا ثلاث أو أربع ركعات فقط أرجو الإفادة؟

الجواب: نعم. يكتب لك لأنك مسافرٌ، وفي الصحيح من حديث سهل بن سعد وغيره أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: {إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له من الأجر ما كان يعمل صحيحاً مقيماً} فأنت يكتب لك ما كنت تفعله لأنك مسافر.

حكم الذهاب إلى الجهاد بدون إذن الوالدين

السؤال: ما حكم الجهاد بدون إذن الوالدين؟

الجوال: لا يجاهد العبد إلا بإذن والديه، هناك أحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، قال عليه الصلاة والسلام للذي جاء إليه لكي يجاهد: {أحي والداك؟ قال: نعم. قال: ففيهما فجاهد} وأحاديث أخرى وقد تكرر هذا الكلام كثيراً.

أخيراً نسأل الله أن يجمعنا في مستقر رحمته وفي دار الكرامة، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شهر من الأسى واللوعة في حياة الرسول للشيخ : عائض القرني

https://audio.islamweb.net