إسلام ويب

السؤال والتوسل بالمعظم كالأنبياء أو الملائكة أو الصالحين أو بجاههم ومنزلتهم لا يجوز شرعاً، ولو أن العبد سأل الله تعالى بإيمانه بمحمد صلى الله عليه وسلم ومحبته له واتباعه، لكان هذا من أعظم وأرجى الوسائل والأسباب التي تقتضي إجابة الدعاء.

أنواع التوسل المشروع

قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى:

[ ومن السؤال بالأعمال الصالحة: سؤال الثلاثة الذين أووا إلى غار، فسأل كل واحد منهم بعمل عظيم أخلص فيه لله؛ لأن ذلك العمل مما يحبه الله ويرضاه، محبة تقتضي إجابة صاحبه: هذا سأل ببره لوالديه، وهذا سأل بعفته التامة، وهذا سأل بأمانته وإحسانه.. ].

في هذا المقطع بدأ الشيخ يفصل ما ذكره في أول كتاب التوسل والوسيلة، وهو أن التوسل المشروع ينحصر في ثلاثة أمور، ذكر منها أشياء، وفصل في أشياء، وسوف يفصل في أشياء أخرى، فكرر الموضوع أكثر من مرة، لكن نذكركم الآن بهذه الأمور الثلاثة:

أولاً: أعظم التوسل وأفضله وأبينه وأشمله: عبادة الله عز وجل، والتي منها دعاء الله عز وجل.

فالاعتقاد السليم والإيمان وإقامة الفرائض والعمل بالسنن، وكل ما يطلبه المسلم في عبادة ربه فهذا هو التوسل الحقيقي، ومنه الدعاء وهو أعظم وأفضل وأعلى درجات التوسل..، فهذا النوع الأول وهو يشمل جميع العبادات، وجميع توجهات المسلمين إلى ربهم بالدعاء.

الثاني: السؤال بالأعمال، وهو الذي ذكره الشيخ هنا، ومعناه: سؤال المسلم ربه بأعماله هو، لا بأعمال غيره، كما توسل أصحاب الغار الذين انطبقت عليهم الصخرة بأعمالهم إلى الله عز وجل أن يفرج عنهم ما وقع عليهم، فتوسلوا بأعمال عملوها، ليست من عمل الغير، ولا بأمور فيها شبهة أو فيها التواء، ولا بوضع واسطة بينهم وبين ربهم، فلم يجعلوا أعمالهم واسطة، إنما جعلوا ثواب أعمالهم الذي وعد الله به هو الوسيلة إلى هذا التفريج الذي وعد الله به، فاستعملوا أمراً مشروعاً.

النوع الثالث -ذكره الشيخ قبل-: وهو طلب الدعاء من الغير على وجه مشروع أيضاً، تقول لأخيك المسلم: ادع الله لي! فهذا وإن كان مفضولاً، لكنه من المشروع.

مشروعية السؤال بالأعمال الصالحة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وكذلك كان ابن مسعود رضي الله عنه يقول وقت السحر: اللهم أمرتني فأطعتك، ودعوتني فأجبتك، وهذا سحر فاغفر لي.

ومنه حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يقول على الصفا: اللهم إنك قلت وقولك الحق: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60]، وإنك لا تخلف الميعاد، ثم ذكر الدعاء المعروف عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يقول على الصفا.

فقد تبين أن قول القائل: أسألك بكذا نوعان:

فإن الباء قد تكون للقسم، وقد تكون للسبب، فقد تكون قسما به على الله، وقد تكون سؤالاً بسببه.. ].

يقصد بهذا أن قول القائل: أسألك بكذا بعضه يدخل في المشروع، والذي يدخل منه في المشروع هو السؤال بالأعمال الصالحة، وأن تكون الباء سببية، وهذا مشروع إذا كان من عمل الإنسان نفسه، أما إذا كانت الباء باء القسم ففيها نظر؛ لأن الإنسان لا يقسم على ربه، هذه ناحية.

الناحية الأخرى: لا ينبغي أن يعتقد أنه يجب له على ربه حق؛ لأن القسم إيجاب، والعباد لا يوجبون على الله شيئاً.

فعبارة: أسألك بكذا، إذا كان المقصود بها التسبب بعمل صحيح للإنسان كقوله: اللهم إني أسألك بإيماني بنبيك صلى الله عليه وسلم، اللهم إني أسألك بحبي لرسولك صلى الله عليه وسلم، اللهم إني أسألك بهذه الصدقة التي تصدقتها إن كنت قبلتها ونحو ذلك؛ فهذا استعمل العمل الصالح وسيلة إلى المطلوب الذي وعد الله به، فمن هنا تكون الباء سببية.

أما إذا كانت الباء للقسم؛ فهذا لا يجوز وفيه عدة محذورات سيذكرها الشيخ.

حكم القسم بالمخلوق والسؤال بمعظم

قال رحمه الله تعالى: [ فأما الأول فالقسم بالمخلوقات لا يجوز على المخلوق فكيف على الخالق؟

وأما الثاني وهو السؤال بالمعظم كالسؤال بحق الأنبياء فهذا فيه نزاع.. ].

بدأ الشيخ يفرع لكي نعرف أن هذه المسألة تحتها السؤال بالسبب، فإن كان السبب من عمل الإنسان نفسه، كالسؤال بالأعمال الصالحة فهو مشروع، وإن كان من عمل الغير، أو من خصائص الغير، كأن تقول: اللهم إني أسألك بجاه فلان؛ اللهم إني أسألك بصلاح فلان؛ بصلاة فلان، بالأنبياء؛ فهذا لا يجوز؛ لأنك سألت بعمل غيرك وعمل غيرك لا ينفعك، أو سألت بوسيلة دون الله عز وجل ليست من الوسائل المشروعة.

أي أنك اتخذت الوسائط التي نهى الله عنها، سواء كانت هذه الوسائط أشخاصاً أو أموراً معنوية أو حسية، فلا تجوز ما لم تكن عمل الشخص، أو مما شرع الله عز وجل مثل طلب الدعاء من الآخرين.

والشيخ هنا حينما قال: (وأما الثاني وهو السؤال بالمعظم) انصرف إلى صورة من صور استعمال باء السببية، فباء السببية إن كانت من باب جعل الإنسان عمله سبباً فهي مشروعة، وإذا جعل السبب غير عمله كعمل الآخرين أو جاه الآخرين أو ذوات الآخرين أو مخلوقات أخرى؛ فهذا غير مشروع وسيذكر الشيخ الاختلاف في صورة من صوره.

قال رحمه الله تعالى: [ وأما الثاني وهو السؤال بالمعظم كالسؤال بحق الأنبياء فهذا فيه نزاع، وقد تقدم عن أبي حنيفة وأصحابه أنه لا يجوز، ومن الناس من يجوز ذلك.

فنقول: قول السائل لله تعالى: أسألك بحق فلان وفلان من الملائكة والأنبياء والصالحين وغيرهم، أو بجاه فلان أو بحرمة فلان يقتضي أن هؤلاء لهم عند الله جاه، وهذا صحيح.. ].

نعم، هذا صحيح، وسيستدرك الشيخ استدراكاً مقطوعاً، وهذا ربما يوجد اللبس عند كثير من القراء، بعض الناس قد يستشعر من هذه العبارات أن هناك صورة جائزة من هذا النوع والشيخ لا يقصد هذا، حتى قوله بأن الأمر فيه نزاع لا يقصد أن فيه نزاعاً بين أهل السنة إلا من شذ رأيه ممن ينتسب للسنة.

فالسؤال بالمعظم لا يجوز إطلاقاً، لكن هناك صورة قد ترد على وجه بعيد، وهو سؤال الإنسان بحق غيره ممن له جاه بأن يدعو له صاحب هذا الجاه في حياته وقدرته، فبعض الناس قد يقصد هذا المعنى، فيكون معنى بعيداً صحيحاً، فكون الصحابة رضي الله عنهم يطلب أفرادهم ومجموعهم من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو لهم ويعتبرونه مقبول الدعاء بجاهه، فهم ما استعانوا بالجاه، لكنهم طلبوا من صاحب الجاه أن يدعو لهم، فإذا كانت هذه الصورة تطلب من الحي القادر فلا حرج.

وهذا يدخل فيه طلب السؤال من الصالحين؛ لأنا نعتقد أن للصالحين جاهاً عند الله عز وجل بما ذكر الله من قدرهم، فهذا جاه صحيح، ولذلك قال الشيخ: (يقتضي أن هؤلاء لهم عند الله جاه فهذا صحيح)، فإن طلبت هذا الجاه بدعائهم لك وهم أحياء قادرون؛ فهذا لا حرج فيه، لكن إن قصدت بالتوسل بجاههم أن تجعل جاههم واسطة لك فيما هو من خصائصهم دون أن يدعوا لك؛ فهذا لا يجوز، ولذلك ينبغي أن يقال هنا: [ لكن جاههم لا ينفع غيرهم في هذا المقام، بل السؤال به عدوان، إلا إذا كان القصد التوسل بدعائهم وهم أحياء ].

إذا كمَّلنا العبارة بهذه الجملة التي سيأتي الكلام عنها؛ تصبح العبارة واضحة، ويكون ختام هذا المقطع قوله: [ هذا صحيح، لكن جاههم لا ينفع غيرهم في هذا المقام، بل السؤال به عدوان، إلا إذا كان القصد التوسل بدعائهم وهم أحياء، وهذه الصورة بعيدة في مثل هذا المقام ].

النزاع الذي أشار إليه ابن تيمية في التوسل بمعظم

مداخلة: ما هو النزاع الذي ذكره الشيخ ابن تيمية في التوسل بمعظم؟

الجواب: أما أهل السنة فالنزاع بينهم في طلب الدعاء من الصالحين، ونحو ذلك.

أما غيرهم فقد ادعوا أن للأنبياء والصالحين جاهاً ينفع غيرهم دون طلب الدعاء منهم وهم أموات، فالنزاع فيه صورة من الوجه الصحيح لأهل العلم المعتبرين، وصور أخرى إنما هي نزاع بين أهل البدع، وهو أغلب الصور.

مقتضى الجاه عند الله رفع الدرجات وقبول الشفاعة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ فإن هؤلاء لهم عند الله منزلة وجاه وحرمة يقتضي أن يرفع الله درجاتهم، ويعظم أقدارهم، ويقبل شفاعتهم إذا شفعوا، مع أنه سبحانه قال: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ [البقرة:255].. ].

الأنبياء والصالحون والملائكة لهم جاه في الدنيا والآخرة، جاههم في الدنيا ما داموا أحياء: بأن يطلب منهم الدعاء، وجاههم بعد الوفاة بالشفاعة التي يأذن الله بها، لكن بشروطها، فلا شك أنهم أعظم الناس جاهاً، وأولهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ثم المرسلون والنبيون والملائكة والصالحون من عباد الله، لكن جاههم مضبوط بالضوابط الشرعية، فلا نطلب منهم جاههم وهم أموات، لأن الجاه الذي لهم إما أن يكون شفاعة يوم القيامة، أو طلب دعائهم وهم أحياء، وهذا ما عليه أهل السنة والجماعة، أما أن يطلب منهم جاههم في الدنيا فيما يتعلق بمصالح الدنيا أو غيرها وهم أموات فهذا لا يجوز.

فما لهم من جاه في الدنيا ينتهي بموتهم، وما لهم من جاه في الآخرة لا يكون إلا في الآخرة، إلا أن يطلب الإنسان طلباً ليس لهم، يطلب الله عز وجل أن يقبل شفاعتهم فيه، فهذا أمر آخر، لأنه يدعو الله.

علاقة الجاه بإجابة الدعاء

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ويقتضي أيضاً أن من اتبعهم واقتدى بهم فيما سن له الاقتداء بهم فيه كان سعيداً، ومن أطاع أمرهم الذي بلغوه عن الله كان سعيداً، ولكن ليس نفس مجرد قدرهم وجاههم مما يقتضي إجابة دعائه إذا سأل الله بهم حتى يسأل الله بذلك، بل جاههم ينفعه أيضاً إذا اتبعهم وأطاعهم فيما أمروا به عن الله، أو تأسى بهم فيما سنوه للمؤمنين، وينفعه أيضاً إذا دعوا له وشفعوا فيه.

فأما إذا لم يكن منهم دعاء ولا شفاعة، ولا منه سبب يقتضي الإجابة؛ لم يكن مستشفعاً بجاههم ولم يكن سؤاله بجاههم نافعاً له عند الله، بل يكون قد سأل بأمر أجنبي عنه ليس سبباً لنفعه.

ولو قال الرجل لمطاع كبير: أسألك بطاعة فلان لك، وبحبك له على طاعتك، وبجاهه عندك الذي أوجبته طاعته لك؛ لكان قد سأله بأمر أجنبي لا تعلق له به.

فكذلك إحسان الله إلى هؤلاء المقربين، ومحبته لهم، وتعظيمه لأقدارهم مع عبادتهم له وطاعتهم إياه، ليس في ذلك ما يوجب إجابة دعاء من يسأل بهم، وإنما يوجب إجابة دعائه بسبب منه لطاعته لهم، أو سبب منهم لشفاعتهم له، فإذا انتفى هذا وهذا فلا سبب.. ].

لأن هذا فيه عدوان، فكونهم لهم جاه ولهم قدر، والله عز وجل يستجيب دعاءهم، وأنهم أطاعوا الله وعبدوه، فهذا لا يعني إجابة دعاء غيرهم، لأن المسألة منفكة عن الأخرى، كإنسان مثلاً راح يستشفع عند الآخرين بعمل غيره في أمور الدنيا، فإنه يعتبر ممن يتهم في عقله وإدراكه.

فلو أن إنساناً ذهب يستجدي الناس ويطلب منهم العون، ويجعل عمل غيره وسيلة إلى أن ينفعوه؛ لضحك عليه الناس بسبب ذلك؛ لكن لو جاء بصاحب العمل الذي له قدر عند الناس ليشفع له؛ فهذا جائز.

فإذاً: استعمال جاه الآخرين وجعله وسيلة لاستجلاب قبول الدعاء من الله عز وجل عدوان؛ لأن عمل الآخرين وجاههم لا ينفعك إلا إن كانوا أحياء فأنت تستشفع بهم بما يجوز في الشرع، وكذلك يوم القيامة، لهم شفاعة، وجاههم ينفع من يستشفع بهم إذا توافرت الشروط المذكورة.

إذاً: فهذا كله تقرير لما سبق من أن استعمال جاه الآخرين لإجابة الدعاء من عند الله عز وجل فيه نوع عدوان، وفيه تجاوز للحد الشرعي.

سؤال الله بالإيمان بالرسول ومحبته وطاعته سبب يقتضي الإجابة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ نعم، لو سأل الله بإيمانه بمحمد صلى الله عليه وسلم، ومحبته له وطاعته له واتباعه؛ لكان قد سأله بسبب عظيم يقتضي إجابة الدعاء، بل هذا أعظم الأسباب والوسائل ].

هذا أعظم الأسباب والوسائل لتحقيق الغرض للإنسان الذي يدعو ربه إذا كان له غرض معين، وهذا هو ما سماه أهل العلم السؤال بالأعمال الصالحة، الذي ينطبق عليه ما ورد في قصة أصحاب الغار.

أما لو سأل الله بإيمانه بمحمد صلى الله عليه وسلم فهذه صورة من صور التوسل مشروع، وهو التوسل بإيمانه ومحبته وطاعته واتباعه؛ فلو سأل به لكان قد سأل بسبب عظيم، فإن من أعظم ما يتقرب به العبد إلى ربه محبة رسوله صلى الله عليه وسلم وطاعته.

ثم قال: (بل هذا أعظم الأسباب والوسائل)، يقصد أن وسيلة الهداية التي تتحقق بها نجاة المسلم هو النبي صلى الله عليه وسلم واتباع النبي صلى الله عليه وسلم، فيسأل الله بها أو بسببها ما يسأل من الأمور.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ والنبي صلى الله عليه وسلم بين أن شفاعته في الآخرة تنفع أهل التوحيد لا أهل الشرك، وهي مستحقة لمن دعا له بالوسيلة، كما في الصحيح أنه قال: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي؛ فإنه من صلى علي مرة صلى الله عليه عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة؛ فإنها درجة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو ذلك العبد، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت عليه شفاعتي يوم القيامة).

وفي الصحيح أن أبا هريرة قال له: (أي الناس! أسعد بشفاعتك يوم القيامة؟ قال: من قال: لا إله إلا الله خالصاً من قلبه).

فبين صلى الله عليه وسلم أن أحق الناس بشفاعته يوم القيامة من كان أعظم توحيداً وإخلاصاً؛ لأن التوحيد جماع الدين، والله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، فهو سبحانه لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه، فإذا شفَّع محمداً صلى الله عليه وسلم حد له ربه حداً فيدخلهم الجنة، وذلك بحسب ما يقوم بقلوبهم من التوحيد والإيمان.

وذكر صلى الله عليه وسلم أنه من سأل الله له الوسيلة حلت عليه شفاعته يوم القيامة، فبين أن شفاعته تنال باتباعه بما جاء به من التوحيد والإيمان، وبالدعاء الذي سن لنا أن ندعو له به.. ].

وبذلك تكون الوسيلة الصحيحة -وهي أفضل أنواع الوسيلة- أن يسأل الإنسان بأعماله، وبتوحيده وإخلاصه، وبما وعد الله به من الوسائل المشروعة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم حينما ذكر أن من سأل له الوسيلة حلت شفاعته؛ فهذه وسيلة مشروعة، والدعاء بها مشروع؛ لأنه وعد من الله، وأن الشفاعة تنال بالتوسل بما يعمله الإنسان من التوحيد والإيمان، وبالدعاء الذي سنه لنا الله عز وجل، سواء الدعاء بطلب الشفاعة وأمور الآخرة، أو طلب أمور الهداية، أو طلب أمور الدنيا؛ كل ذلك جائز، وهذا هو حقيقة الشفاعة، والله أعلم.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الأسئلة

حكم الدوران على المقابر بقصد الرياضة

السؤال: هذا تنبيه لأمر مهم غفل عنه الناس، وهو ما يستعمله بعض الناس من المشي والرياضة، وفي بعض الأحياء تكون هناك مقابر مسورة ومرصوفة تناسب أرصفتها للمشي فيأخذ في الرياضة بدورانه على المقبرة.

الجواب: الأمر بادئ ذي بدء قد لا يلفت النظر، لكن في الحقيقة أنه يشكل عند التأمل إذا نظرنا إلى سد الذرائع، وما يحدث غالباً من حدوث البدع، وأنه لا يستهان بأي ذريعة يمكن أن تكون سبباً لاعتقاد باطل، إذا نظرنا إلى هذه الاعتبارات، فيظهر أن الدوران على المقبرة لا ينبغي؛ لأن الذي يدور لم يكن قصده أي شيء يتعلق بالمقابر ولا بالمقبورين ولا بالموت، ولكن يراه الجاهل العامي، ويراه الطفل الناشئ، ويراه الأعجمي؛ فيظن أن هذا من الأمور المشروعة، وأن هذا له علاقة بالموتى، فالناس مفاهيمهم عجيبة!

وأعظم من ذلك أن العجم تعودوا الدوران على القبور، ويظنون أن هذا من ضمن المراسم التي يعملونها هناك؛ فلذلك أرجو تنبيه الإخوة الذين يدورون على المقابر أن يبحثوا عن غيرها، كالحدائق والأماكن الأخرى، فالشبهة قوية، وينبغي التنبه لها.

وهل يستوي في ذلك الدوران على اليمين واليسار؟

أقول: كله سواء، فأكثر الناس لا يفقه الفرق بين أن تدور على اليمين أو على اليسار.

سؤال الله بعمل صالح قد يذهب أجره

السؤال: هل سؤال الله بعمل صالح معين يذهب أجر ذلك العمل؟

الجواب: يظهر لي -والله أعلم- أنه إذا كان سؤال الله في أمر اضطراري؛ فإنه مما لا يذهب أجر العمل الأصلي، وإذا كان من فضول الأمور، ومن مصالح الدنيا؛ فربما يكون من استعجال الثواب، والله أعلم.

حكم الإقسام على الله عز وجل

السؤال: ماذا عن حديث: (رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب، لو أقسم على الله لأبره)، هل هذا داخل تحت عدم الجواز المذكور؟ يعني: جواز الإقسام.

الجواب: الكلام في هذا كثير جداً عند أهل العلم، والراجح الذي عليه جمهور السلف والذي يقتضيه عمل الصحابة فيما يظهر: أن الأصل في الإقسام على الله عز وجل لا ينبغي ولا يجوز ولا يليق، لكن إذا حدث ممن له ولاية ووضع خاص، أو حدث من أناس قد يكون عندهم زيادة جرأة ودلالة على الله عز وجل؛ إما لبساطتهم، أو لأمور تتعلق بخصالهم، ولا تتعلق بالأصل الشرعي؛ فهذا من الأمور التي لا تحكم على هذه القاعدة، أو عند الضرورات القصوى كما يحدث في بعض الأزمات التي يقع فيها المسلمون؛ فيطلبون من أحد أن يقسم على الله، أو يطلب هو عند الضرورات التي تتعلق بمصالح الأمة العظمى، لا الحاجات الشخصية؛ فمن هنا يكون الإقسام على الله استثناء لا يكون بفتوى، إنما هي حالات تحصل لأشخاص نلتمس لهم المعاذير، ونقول: إن عملهم بخصوص مشروع؛ لأسباب يعرفها أهل العلم.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , شرح كتاب قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة [16] للشيخ : ناصر بن عبد الكريم العقل

https://audio.islamweb.net