إسلام ويب

الله تعالى هو رب كل شيء وخالقه ومليكه وإلهه، فلا إله غيره، ولا رب سواه، شهد بذلك سبحانه كما شهد به ملائكته وأولوا العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم، وكفى بهذا دليلاً على ذلك، فضلاً عن الأدلة الكثيرة في كتاب الله تعالى وسنة نبيه، وفضلاً عن الأدلة العقلية التي لا تحصى، بل لم تقم أدلة على إثبات شيء كما قامت وتوافرت على إثبات هذا الأمر العظيم وهو ربوبية الله تعالى وألوهيته.

الإيمان بربوبية الله تعالى لكل شيء

الحمد لله، نحمده تعالى، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة، ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، والكتاب يحوي العقيدة، والآداب، والأخلاق، والعبادات، والمعاملات، فهو حاوٍ للشريعة الإسلامية، وها نحن في أول باب منه وهو باب العقيدة.

العقيدة: هي اعتقاد العبد أو الأمة أنه لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، والإيمان بالملائكة والرسل والكتب واليوم الآخر والقضاء والقدر خيره وشره، هذه هي أركان العقيدة التي بنيت عليها، فعقيدة المؤمن: هي أن يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، واليوم الآخر، والقضاء والقدر.

يُعقد هذا كما يعقد الشيء أو الحبل في القلب فلا ينحل حتى الموت، وهو اعتقاد أنه لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأن الملائكة عبيد الله، وأن الكتب أنزلها الله، وأن الرسل أرسلهم الله، وأن اليوم الآخر حق، وهو جمع الخليقة لإجزائها بعملها الخير أو الغير، ثم الإيمان بالقضاء والقدر.

هذه العقيدة بمثابة الروح، إذا حلت في قلب آدمي حييَ وأصبح بالفعل حياً، وإن فقدها الإنسان فهو ميت، واعلموا هذا ولا تترددوا فيه.

فالمؤمن بحق حي، وفاقد الإيمان ميت، والبرهنة والتدليل واضحة: هل إذا سمع اليهودي أو النصراني أو البوذي أو المجوسي المؤذن يؤذن: (حي على الصلاة) توضأ ومشى إلى المسجد؟ لا، لأنه ميت.

هل إذا أهلّ هلال رمضان يصبح الكافر صائماً؟ لا، لا يصبح صائماً؛ لأنه ميت.

هل إذا مات الكافر وترك مالاً تقسم تركته على أولاده ذكوراً وإناثاً كما قسمها الله؟ لا؛ لأنهم أموات.

وهكذا المؤمن الحي الذي إذا سمع النداء أجاب، وإذا أمر أطاع، وإذا نهي انتهى، وإذا بشر فرح، وإذا خوّف خاف؛ وذلك لكمال حياته، أما الذي لا يخاف ولا يرغب ولا يطمع فيما عند الله، ولا يذكر الله، ولا يمتثل أمره ولا نهيه فوالله ما هو بحي.

والمثال الذي يقنع كل من ارتاب أو شك: أن أهل الذمة من أهل الكتاب والمجوس عندما يكونون بين المسلمين تحت رايتهم، معاهدين لهم، فإنه لا يأمرهم إمام المسلمين بأن يصوموا، ولا يطالبهم بالزكاة؟ ولا يأمرهم بالصلاة؛ لأنهم أموات، فإذا حييَ أحدهم وقال: لا إله إلا الله محمداً رسول الله، فعل وترك وبُشر؛ لكمال إيمانه.

فالعقيدة مبناها ستة أركان، ونحن مع الركن الأول.

الأدلة العقلية والنقلية على وجود الله تعالى

والآن! الأدلة العقلية والنقلية على أن الله تعالى موجود حي، سميع، بصير، قوي، قدير، له صفات الكمال كلها، ولن نذهب بعيداً بل نسأل أنفسنا: هل نحن موجودون؟ ومن أوجدنا؟

أولاً: هل هناك من يقول: إنه غير الله؟ أو لينين أو استالين ؟!

وقلنا: يا عبد الله! عندما تجد فنجاناً مملوءاً بالحليب على طاولة، هل تستطيع أن تقنع نفسك بأن هذا وجد من نفسه؟ وإذا قال لك قائل: هذا وجد هكذا، هل تصدقه؟ مستحيل أن يوجد موجود بدون موجد، فكيف إذاً بالعوالم كلها العلوية والسفلية وما فيها من كائنات، من أوجدها؟ لا جواب: إلا الله، خالق كل شيء.

وإن قلت: هذا رأيي، فهذا الرأي يصدقه ويؤمن به ويؤكده ويدعو إليه مائة وأربعة وعشرون ألف نبي، والنبي لا يكذب أبداً، ويقول بهذا المعتقد ويقرره ويدعو إليه ثلاثمائة وأربعة عشر رسولاً يكلمهم الله عز وجل ويوحي إليهم.

فإذا قلنا لك: إن طوكيو عاصمة اليابان، هل تقول: لا أصدق، هل تستطيع هذا؟ لا، بل تخاف، على أنك ما رأيتها أنت ولا أمك ولا أبوك ولا أهل بلادك، ولكن سمعت بها فقط، فكيف إذا أخبرك مليارات الخلق بوجود الله وبقيت شاكاً؟! أيعقل هذا؟!!

ثانياً: ربوبية الله، فالله موجود، وهو رب له الربوبية، لا يشاركه فيها أحد، والرب معناه: الخالق المالك، أي: خلق وملك، فهل من خالق غير الله يملك ريشة في طائر؟! وهل هناك من شارك الله في خلق الكواكب؟ أو في نصب هذه الجبال على الأرض حتى لا تميد؟

والجواب: لا خالق إلا الله، إذاً: هو الرب، ولا ربّ غيره إذ لا خالق سواه، ولا مالك غيره إذ الله هو الملك المالك، وأما نحن فمملوكون وما نملك، وإن ارتبت فعما قريب تسلب ثيابك التي على جسمك وكل ما عندك وترمى في حفرة من الأرض، فأين ملكك أنت؟!

الرب هو: الخالق المالك السيد المعبود الرازق المدبر المحيي المميت، هذه هي صفات الربوبية.

فالله الذي يحيي ويميت، ويعز ويذل، ويعطي ويمنع، إذاً: فهو المالك الذي رزق الحيوانات من النملة إلى النحلة إلى البقرة والجمل .. إلى الإنسان، لولا أنه أطعمنا ما طعمنا، ولم نستطع أن نوجد غذاء لنا، ولكن أوجد الله غذاءنا في البر والشعير والفواكه والخضر واللحوم وغيرها .. .

هل نستطيع أن نوجد غذاء غير هذا؟! لو اجتمعت البشرية كلها على أن توجد غذاء تستغني به عن الله ما استطاعت، مستحيل! فمن الرازق إذاً؟ إنه الله.

الذي خلق هذه الأقوات، وعلمنا كيف نطلبها ونحصل عليها، بل وكيف نأكلها، ولولا أنه علمنا الأكل ما عرفنا أن نأكل، فقد يكون أمامك البطيخ ولا ما تدري كيف تصنع؟ هل تضعه على رأسك أو تحت رجليك؟ فهو الذي أطعمنا وسقانا، فربوبية الله عز وجل قطعاً حقاً ثابتاً، ومن شك فيها كفر، ومن كذب بها هلك، فالله رب كل شيء.

وقد قرأنا: أن المشركين من العرب كانوا لا ينفون وجود الله، ولا ينفون ربوبية الله: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [الزخرف:87]، وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ [الزخرف:9]، فـأبو جهل وعقبة بن أبي معيط وكبار المشركين ما تعبث بهم الأهواء والشياطين ولكن بالفطرة ينطقون.

إذاً: أولاً: آمنا بوجود الله.

ثانياً: آمنا بربوبية الله لكل شيء.

الإيمان بإلهية الله تعالى للأولين والآخرين

والآن مع ألوهيته تعالى لخلقه ومع [ الفصل الثالث: الإيمان بإلهية الله تعالى للأولين والآخرين] من عهد آدم عليه السلام إلى آخر من يموت، هناك أولون وسيأتي آخرون ونحن منهم.

ومعنى إلهية الله: أن الله إله العالمين، فهو إلهي وإلهك وإله أبي وأبيك وأمي وأمك.

ومعنى (إله): المعبود الحق، الذي يحب ويرهب، ويطاع ولا يعصى، ولا تستطيع أن تحيا بدونه.

[يؤمن المسلم بألوهية الله تعالى لجميع الأولين والآخرين] والأولون كالآخرين لا إله لهم إلا الله، وما أوجدوا من آلهة من أصنام وأحجار وفروج وشهوات فهذه من العبث الإبليسي ومن عمل الشيطان، وإلا كيف يكون التمثال إلهاً وما خلق ولا رزق، ولا أعطى ولا منع، ولا ضر ولا نفع؟! ولكنها تضليلات الشياطين والعياذ بالله! [وأنه لا إله غيره، ولا معبود بحق سواه] لا إله يوجد غير الله، فلا يوجد معبود يعبد بحق، أي: يعبد لأن له حقاً في أن يعبد كمن خلقني ورزقني وحفظني وأطال عمري، فهذا الذي يجب أن نعبده، أما الذي لا دخل له في ذلك فكيف أعبده؟!

[ولا معبود بحق سواه] والمعبود بباطل موجود كعيسى ومريم فإنهما يعبدان من دون الله، والمجوس عباد النار، وجهال المسلمين العابدون لـعبد القادر وعبادتهم له بأنهم يدعونه: يا سيدي عبد القادر ! يا مولاي! أنا كذا وأنا كذا .. هذه هي العبادة، وما هي العبادة سوى الدعاء؟ والنبي صلى الله عليه وسلم يقول ( الدعاء هو العبادة )، فيذبحون له الكباش وينذرون له النذور.

[وأنه لا إله غيره، ولا معبود بحق سواه ] سلمنا بهذا، فوالله! لا إله غير الله، ولا معبود بحق ثابت سوى الله عز وجل، وما من معبود عبده الناس وله حق في أن يعبد قط، ولكن بتزيين الشياطين وتحسين عبادته لهم.

[وذلك للأدلة النقلية والعقلية التالية] من الكتاب والسنة، [ ولهداية الله تعالى له قبل كل شيء] فكم من إنسان عنده أدلة عقلية ونقلية وما اهتدى؛ لأن الله ما هداه، فلابد من الافتقار إلى الله عز وجل، والتضرع بين يديه أن يهدينا، وقد قال الصحابة:

والله لولا الله ما اهتديناولا تصدقنا ولا صلينا

فعقولنا ليست بشيء إذا كان الله ما أراد لنا ذلك، فهداية الله عز وجل لنا قبل كل شيء؛ [إذ من يهد الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلا هادي له] ومعنى هذا: أن تقنع نفسك بأنك ستقف بين يدي الله عز وجل، ولا تستغني عن الله حتى في إيمانك وهدايتك، بل اسأله واطلب منه أن يثبتك.

الأدلة النقلية على الإيمان بإلهية الله تعالى

[الأدلة النقلية:] النقل: هو نقلنا الآية الفلانية من الكتاب، فنقلنا للسورة الفلانية من الصفحة الفلانية يسمى نقلاً، والنقل المراد به: الكتاب والسنة، فالدليل النقلي مأخوذ من الكتاب والسنة.

أولاً: شهادته تعالى وشهادة ملائكته وأولي العلم على ألوهيته سبحانه وتعالى

[أولاً: شهادته تعالى وشهادة ملائكته، وأولي العلم على ألوهيته سبحانه وتعالى] هذا الكتاب الذي بين يدي صاحبه محمد بن حبيب ويشهد على أنه كتابه شاهدان، فهل نستطيع أن نقول: إن هذا الكتاب ليس له، وقد شهد اثنان على ذلك؟ ولو كانا صعلوكين، لا بصيرة لهما ولا دين، فقد نحط من شهادتهما ونرمي بها، ولكنها شهادة عدلين، فكيف إذا شهد الله بنفسه على شيء؟ من يرتاب أو يشك فيه؟!!

الله شهد بنفسه -وهو الخالق المكون لهذا المخلوق- لعلمه الواسع المحيط بكل شيء: أنه لا يوجد إله حق إلا هو، ومليار الشهود لا قيمة لشهادتهم مع شهادة الله عز وجل، فقد يخطئون وقد يصيبون، وأما الله الخالق فلا يخطئ، فقد شهد تعالى لنفسه بأنه لا إله إلا هو، فلهذا أقول للعامي: ليس عليك أن تبحث في الآيات والكون والقرآن حتى تتأكد أنه لا إله إلا هو، ولكن فقط: اعلم أن الله يشهد أنه لا إله إلا هو، فقل: أنا أشهد بما شهد الله به، واسترح.

ثانياً: الملائكة، فهذا العالم النوراني أصله من مادة النور، ونوراني لأنه لا ظلمة فيه، إذ هم: لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6]، فهم كتل من النور، وإذا قلنا: الملائكة فهم عالم من بينهم حملة العرش الأربعة، ويضاف إليهم أربعة يوم القيامة فيصبحون ثمانية: وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ [الحاقة:17]، ومنهم المكرمون المقربون، ومنهم الموكلون بالحياة والموت، فهذا ينفخ الروح في اللحم لتصبح إنساناً، وهذا يسلب الروح من ذلك الجسد، إنهم عالم مستقل!

فالحفظة فقط لولاهم لاحترقنا وأكلتنا الشياطين، والكرام الكاتبون المدونون المسجلون لأعمالنا -جزاهم الله خيراً- ما ينسون منها عملاً أبداً، ولا يضيفون ولا ينقصون شيئاً، فهذا العالم الذي مع الله يشهد أن لا إله إلا الله، أما تكفي شهادة هؤلاء الملائكة؟!

ثالثاً: شهادة أولي العلم، أصحاب العلم الرباني من المرسلين والأنبياء والعالِمين بالكتاب والسنة، يشهدون أنه لا إله إلا الله. فهل يبقى في نفسك شيء؟! فالله يشهد بأنه لا إله إلا هو، والملائكة وهم بالمليارات، وإن من الملائكة من رجلاه في تخوم الأرض السابعة ورأسه تحت العرش، فلا تنسوا هذه العظمة! وهم سجداً ركعاً لله عز وجل، وشهادة أولي العلم من الأنبياء والعلماء أنه لا إله إلا الله.

واقرءوا قول الله تعالى في سورة آل عمران: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [آل عمران:18].

أبنائي! لِمَ لا تحفظون هذه الآية؟ وإذا سمعتم أغنيةً أو خرافة حفظتموها ولو كانت طويلة، بينما لا تحفظون هذه الآية؟! لا يجوز هذا. كيف ترقون إلى الملكوت الأعلى؟ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [آل عمران:18].

شَهِدَ اللَّهُ بماذا؟ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ، والملائكة أيضاً شهدوا، وأولوا العلم أيضاً شهدوا أنه لا إله إلا الله، وأنت أيضاً عليك أن تشهد.

ويؤثر عن بعض السلف أنه كان يقول إذا قرأ هذه الآية: "وأنا أشهد بما شهد الله به، وأستودعك اللهم هذه الشهادة فهي لي عندك وديعة تردها إليّ عند الحاجة إليها".

وتكون حاجتك إليها عندما توضع في القبر ويأتي منكر ونكير ليسألانك: من ربك؟ فتقول: هاه! هاه! لا أدري. فيردها الله عليك وتقول: ربي الله الذي لا إله إلا هو.

إذاً: شهادة الله، وشهادة الملائكة، وشهادة الرسل والعلماء لا تكفي دلالة على أنه لا إله إلا الله؟!

هل يوجد إله ما عرفوه أو ما اطلعوا عليه؟!

ثانياً: إخباره تعالى بذلك في كتابه العزيز

[ ثانياً:] ثاني الأدلة النقلية [إخباره تعالى بذلك في غير آية من كتابه العزيز] وعشرات الآيات [ قال تعالى: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ [البقرة:255]] هذه شهادته بنفسه، الذي: لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ [البقرة:255]، والسِّنة: مقدمة النوم، والنوم يأتي بعدها، ولا يوجد في البشرية من لا ينام [وقال تعالى: وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ [البقرة:163]] وإلهكم يا بني آدم! يا أيها الناس! إله واحد لا ثاني له ولا ثالث: لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ، هذا كلامه يخبر عن نفسه [وقال لنبيه موسى عليه السلام] قال الله تعالى لنبيه موسى الكليم عليه السلام محدثاً [ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي [طه:14]] فلما تم اللقاء في جبل الطور قال له: إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي [طه:14]، فكما تعبدون أنتم، تحبون في الله وتبغضون في الله، وتعطون في الله وتمنعون في الله، وتركعون وتسجدون لله، وتذكرون الله بالليل والنهار، وتصومون وتصلون، وهذه عبادة خاصة بالله تعالى.

[ وقال لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ [محمد:19]] فعلمك هو أن تقول: علمت أنه لا إله إلا الله؛ لأن الله شهد لنا بذلك، وملائكته شهدوا بذلك، وأولي العلم كلهم من الأنبياء والرسل والعلماء شهدوا بذلك، فتكون قد علمت -والله- أنه لا إله إلا الله، ويكفينا شهادته هو وملائكته وعلماء شرعه ودينه بذلك، فما تحتاج أن تحلل الذرة ثم تسأل من خلقها ومن أوجدها؟!

[وقال مخبراً عن نفسه عز وجل: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ [الحشر:22-23]]، فإخباره عن نفسه لا يمكن أن يكذب فيه، بل يكذب الضعيف المحتاج إلى الكذب، أما الذي بيده كل شيء ويخلق ما يشاء، فهذا لا يمكن أن يكذب، فهي استحالة!

هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ [الحشر:22]، ومعنى (عالم الغيب والشهادة) أي: الذي يعلم ما في بيتك الآن وأنت لا تعلمه، فيعلم ما يجري فيه، ويعلم ما بين يديك الآن وأنت تشهده كما تعلمه أنت، فهذا هو علم الغيب والشهادة، فالشهادة: الحضور، والغيب: الذي لا تراه ولا تسمعه، وكل ما لا تراه ولا تسمعه فهو غيب.

ثالثاً: إخبار رسله عليهم الصلاة والسلام بألوهيته تعالى

[ثالثاً: إخبار رسله عليهم الصلاة والسلام بألوهيته تعالى، ودعوة أممهم إلى الاعتراف بها، وإلى عبادته تعالى وحده دون سواه]، وهذا دليل نقلي على أن رسل الله -وهم ثلاثمائة وأربعة عشر رسولاً- كلهم يخبروننا عن ألوهية الله وربوبيته، ويدعون أممهم إلى الاعتراف بها، وإلى عبادته وحده دون سواه، [فإن نوحاً أول الرسل قال: يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [الأعراف:59]] أبو البشرية الثاني هو نوح عليه السلام، فمن جماعة السفينة كانت البشرية.

إذاً: قال نوح لقومه المشركين: يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [الأعراف:59]، وكانوا يعبدون يغوث ويعوق وسواعاً ونسراً ، وهذه أربعة مشهورة وعندهم أكثر، إذ قالوا: لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا [نوح:23]، وأكثر المؤمنين لا يفهمون هذا وما سمعوا به.

هؤلاء الآلهة التي في سورة نوح عليه السلام هم أسماء رجال صالحين -كما عندنا علي وفاطمة وعبد القادر وفلان وفلان ..- ماتوا أيام التوحيد، فقال قومهم: لكي نذكرهم ونقتدي بهم نضع على قبورهم تماثيل تمثلهم؛ حتى إذا مر بهم المؤمن رق قلبه ودمعت عينه وذكر الله -وهذه نظرية سليمة- فوضعوا تلك التماثيل ومضت مائة سنة أو مائتان، ثم مات العلماء وجاء جيل جديد ألههم وعبدهم من دون الله، فأرسل الله نوحاً عليه السلام مقاوماً ومحارباً للشرك والمشركين ألف سنة إلا خمسين عاماً، قائلاً لهم: يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [الأعراف:59].

[وكنوح هود وصالح وشعيب ما منهم أحد إلا قال: يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ [الأعراف:59]. وقال موسى لبني إسرائيل: أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ [الأعراف:140]] أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ [الأعراف:140] أي: أطلب لكم إلهاً؟ وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ [الأعراف:140] عالمي زمانهم.

وهذا سببه: أنه لما تم نصر الله لموسى وبني إسرائيل على فرعون وجيوشه بإغراقهم في البحر الأحمر، كان بنو إسرائيل حوالي ستمائة نسمة، فمشوا مع الساحل، ومروا بقرية فيها صنم يعبد، حوله رجال ونساء عاكفون فقالوا: يَا مُوسَى اجْعَل لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ [الأعراف:138]، أي: انظر كيف لهم آلهة واجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة، فقال: أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ [الأعراف:140]. ولا تعجبوا من بني إسرائيل، فهؤلاء العرب المؤمنون لما تم الله فتح مكة بغزو الحبيب صلى الله عليه وسلم وانتصاره عليهم بلغه أن أهل الطائف يتجمعون للانقضاض عليه، فخرج في اثني عشر ألفاً أكثرهم من أهل مكة الذين كانوا آمنوا بالأمس، أو من ثلاثة أيام، فأثناء مشيهم في الطريق وجدوا سدرة أو شجرة كانوا هم قبل أسبوعين أو قبل شهر إذا خرجوا غزاة أو ركباً علقوا بها سيوفهم ورماحهم تبركاً، حتى يصبحوا قادرين على الانتصار، فلما مروا بتلك السدرة قالوا: ( يا رسول الله! اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط .. ).

والنوط: هو التعليق بالشيء، وأسلحة تناط بالشجرة تعلق بها، فيزعمون أن البركة تحصل، ويقاتلون فينتصرون، فقالوا: ( يا رسول الله! اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط -أي: شجرة أخرى- فقال متعجباً صلى الله عليه وسلم: ما زدتم أن قلتم كما قال بنو إسرائيل لموسى: اجْعَل لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ [الأعراف:138] ).

[قاله لبني إسرائيل لما طلبوا منه أن يجعل لهم إلهاً صنماً يعبدونه. وقال يونس في تسبيحه:] يونس بن متى عليه السلام رسول الله ونبيه[ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [الأنبياء:87]]

احفظوها يا عوام! وادعوا الله بها وتوسلوا إليه، فإنه ما من مؤمن يصاب بكرب وشدة وبلاء فيسجد ويركع ويبكي بين يدي الله، ويدعو بهذه الدعوة إلا فرج الله ما به: لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [الأنبياء:87]، فلو أن إخواننا الجزائريين باتوا كلهم قائلين: لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [الأنبياء:87] لانفرجت غداً.

لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [الأنبياء:87]، الاعتراف بالذنب بين يدي الرب ثم تقديسه وتنزيهه بما يحب: فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ [الأنبياء:88].

لما قال يونس عليه السلام هذه الكلمة في بطن الحوت وكان في ظلمات ثلاث: ظلمة الليل، وظلمة البحر، وظلمة بطن الحوت: فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [الأنبياء:87]، ففرج الله ما به، وألقاه الحوت على الساحل، وكان قد نضج لحمه حرقاً في بطن الحوت، وشاء الله من استجابته أن ينبت عليه على الفور شجرة الدباء (القرع)، ودباء المدينة شجرة ورقها ناعم وظلها كثير، ولا يقع عليها الذباب ولا البعوض أبداً إلى الآن، أي مستشفى عاجل، وكانت تأتيه غزالة ذات لبن لتأكل من الشجرة ثم تدني نفسها وتتواطأ حتى يصل ثديها إلى فمه ويرضعها، حتى تماثل للشفاء، وسبب هذه الاستجابة دعوته وضراعته [وكان نبينا صلى الله عليه وسلم يقول في تشهده في الصلاة: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله] نقول في التحيات في كل ركعتين: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.

الأدلة العقلية على الإيمان بإلهية الله تعالى

قال: [ الأدلة العقلية:]

أولاً: أن ربوبيته تعالى الثابتة دون جدال ولا نزاع مستلزمة لألوهيته وموجبة لها

[ أولاً: أن ربوبيته تعالى الثابتة دون جدال ولا نزاع مستلزمة لألوهيته وموجبة لها، فالرب الذي يحيي ويميت ويعطي ويمنع، وينفع ويضر هو المستحق لعبادة خلقه، والمستوجب لتأليههم له بالطاعة والمحبة والتعظيم والتقديس والرغبة والرهبة منه] ربوبية الله ثابتة ثبوت الليل والنهار، والشمس والقمر، وهذه الربوبية تستلزم أن تعبد الله وحده، وأن لا تعبد معه غيره أبداً، إذ لا يوجد رب سواه، فما دام انعدم وجود الرب غيره انعدم وجود الإله غيره، فقل: لا إله إلا الله ولا تخف، واعبد الله وحده.

ثانياً: أنه لا يعقل تأليه غيره من مخلوقاته المفتقرة إليه

[ثانياً: إذا كان كل شيء من المخلوقات مربوباً لله تعالى، بمعنى: أنه من جملة من خلقهم ورزقهم ودبر شئونهم وتصرف في أحوالهم وأمورهم، فكيف يعقل تأليه غيره من مخلوقاته المفتقرة إليه، وإذا بطل أن يكون في المخلوقات إله تعين أن يكون خالقها هو الإله الحق، والمعبود بصدق].

ثالثاً: اتصافه عز وجل دون غيره بصفات الكمال المطلق موجب له تأليه قلوب عباده

[ ثالثاً: اتصافه عز وجل دون غيره بصفات الكمال المطلق، ككونه تعالى قوياً، قديراً، علياً، كبيراً، سميعاً، بصيراً، رءوفاً، رحيماً، لطيفاً، خبيراً] فهذه الصفات توجب له أن يعبد وحده [موجب له تأليه قلوب عباده بمحبته] القلوب تأله الله بحبه [ وتعظيمه، وتأليه جوارحهم له بالطاعة والانقياد] وتأليههم له بطاعته والانقياد له، هذه هي الإلهية، وهذا هو الإله المعبود، واذكروا: أن هذه الأمة هبطت من علياء سمائها، والذي أهبطها هو عدوها الثالوث الأسود: المجوس، واليهود، والنصارى، إذ تعاونوا على ضرب الإسلام للإبقاء على دينهم، فقد رأوا الإسلام ينتشر وأنواره تغمر الأرض، فقالوا: إلى متى؟ إذاً ما بقي لنا دين ولا عقيدة! فلنقضِ على هذا الدين، فتعاونوا وأهبطونا، والسلاح الذي ضربوا به الإسلام ومزقوا به شمل الأمة هو الجهل، فكتب المؤلفين من الفقهاء وعلماء العقائد يجتمع عليها الناس ويدرسونها، لكن لا صلة لهم بقال الله وقال رسوله، وقلّ من يقرأ في الكتب أو يهتم لها ويفهم ما فيها.

فالقرآن الكريم قالوا: هذه قاعدة تفسيره: صوابه خطأ وخطؤه كفر. أي: بيان ما في القرآن وشرحه: إن أصبت فقد أخطأت، وإن فسرت وما أصبت فقد كفرت؛ فكمموا أفواه العالم الإسلامي، فقل من يقول: قال الله، ولا يجتمع اثنان على دراسة كتاب الله.

إذاً: والسنة -كما قلت لكم- قالوا: فيها الخاص والعام، والناسخ والمنسوخ، ويكفينا ما بأيدينا من كتب، فالحنبلي له كتاب، والحنفي والشافعي والأباظي والزيدي.. فمنعونا عن منبع العلم، فهبطنا، ولما هبطنا انتشر بيننا الشرك بالله، فما من قرية تمر بها إلا وفيها من يعبد غير الله، ولو شجرة، ولو قبراً، ولو رمزاً من الرموز في العالم الإسلامي، فما من قرية تمر بها إلا وفيها ما يعبد مع الله.

والعبادة تكون بالدعاء، فالذي يقول: يا سيدي فلان! يا فاطمة ! يا رسول الله! يا رجال البلاد! أنا كذا، أنا كذا .. فقد أعطى قلبه ووجهه لهذه المعبودات، ونسي الله تماماً.

والذبائح أيضاً: فإذا أراد أحد أن يتجر اشترى عشرين شاة وقال: الذي تلد هذه هو لسيدي فلان؛ حتى يبارك ذلك، ثم يأتي يغرس شجرة زيتون أو نخل ويقول: هذه شجرة سيدي فلان أو نخلة سيدي فلان، ليباركها ويحفظ نماءها.

والحلف بغير الله كذلك؛ لأن الحلف بغير الله تعظيم للمحلوف به، ورفعه إلى مستوى الربوبية، وهذه العظمة حق من حقوق الله عز وجل، وعلى ذاك المنبر يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( ألا إن الله ورسوله ينهيانكم أن تحلفوا بغير الله، ومن حلف بغير الله فقد أشرك )، وهذه ظاهرة مات عليها آباؤنا وأجدادنا ولا يعلم حالهم إلا الله عز وجل.

وكذلك النذور: يقول: إذا فعل الله بي كذا جعلت لسيدي فلان كذا. وهذا النذر للأولياء عام من إندونيسيا إلى موريتانيا، وكان في هذه البلاد أكثر، حتى طهرها الله على يد عبد العزيز ، فهدم القباب وسواها بالأرض، وإلا كانت كغيرها، والمسلمون يكفرونه يقولون: وهابي كافر! أو كفار! هدموا القباب؛ لجهلهم وعدم علمهم وبصيرتهم، ما عرفوا أنهم يحمون الباطل ويدافعون عنه، وإذا قلت في بلد: يا عباد الله! لا يجوز دعاء هذا الميت ولا العكوف حوله قالوا: هذا وهابي!

الشيطان أملى لهم ذلك، ومن أراد أن يتأكد فليذهب إلى بلاد الشام وإلى مصر وإلى بغداد، وينظر إلى قبر الحسين، وقبر فلان وعلان .. وسوف يرى كيف أن الناس عاكفون على هذه القبور، وقد مررنا بمدينة فوجدنا النساء كتلة واحدة حول قبر من القبور، فقلنا: ما هذا؟ فقالوا: صحابي من الصحابة مات أيام الجهاد. آلله أذن لهم بهذا؟! لا. ولكنه الجهل.

إذاً: من قال: أشهد أن لا إله إلا الله، لم يبقَ له مجال أن يعبد غيره، لا بالحلف، ولا بالنذر، ولا بالحب، ولا بالكره، ولا بالانحناء، ولا بالركوع، ولا بالسجود .. أبداً، ومن علم وتورط فمصيره معروف، جهنم وبئس القرار.

والله أسأل أن يتوب علينا وعليكم.



 اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , سلسلة منهاج المسلم - (5) للشيخ : أبوبكر الجزائري

https://audio.islamweb.net