اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , انتبه .. إنها الساعة الحاسمة للشيخ : أبوبكر الجزائري
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! أحييكم جميعاً بتحية الإسلام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لقد رغب الأبناء أن نتحدث سوياً عن الساعة الحاسمة الفاصلة، تلك الساعة التي قضى بها الله تعالى علينا، حيث لا مخرج ولا مفر ولا محيص ولا مناص، إنما مقبلون عليها وهي مقبلة علينا، الساعة التي نرتحل فيها من هذه الدار لننزل في دار أخرى نزولاً مؤقتاً كهذا، وهي دار البرزخ؛ الحياة بين الحياتين، ثم نرتحل ارتحالاً آخر إلى حيث القرار الدائم والخلد والبقاء إما في عليين وإما في سجين، ونعوذ بالله أن نكون من أهل سجين.
معاشر الأبناء والإخوان! بهذا قرر الله وحكم، والله إذا حكم لا يعقب على حكمه، وإليكم نطق الحكم الإلهي هو قوله عز وجل: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ [آل عمران:185]، أرأيتم لو قيل لأحدنا: لقد صدر حكم الموت عليك، وقد قضت بذلك المحكمة وأعلن عن الحكم، ويلقى بهذا الخبر إلى أحدنا يلقيه إليه عبد صادق لا يشك فيما يقول ولا يرتاب فيما يقدم، أسائلكم بالله كيف تكون حالة أحدنا في تلك اللحظة التي يبلغ فيها أن المحكمة العادلة قد قضت بالحكم عليك بالموت؟ لا شك أن كل شيء يتغير أمام نظره، ونحن محكوم علينا وليس هناك من يجد من يشفع له في إبطال هذا الحكم ولا في تأخيره ولو ساعة، واسمعوا قول الحاكم العليم إذ يقول تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المنافقون:9-11]، وهذا الأجل المحدد المعين المضغوط إنه باللحظة الواحدة، ولا يقبل تقديماً ولا تأخيراً.
ولنستمع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يقول: ( إن روح القدس -يعني: جبريل عليه السلام- ألقى في روعي: لا تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ).
صدر حكم الله علينا، فهيا بنا نتصور ذلك الواقع الذي سوف يلقانا ونلقاه.
انظروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أسندته أم المؤمنين إلى صدرها وهو يعاني سكرات الموت، ومن هو؟ إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أسندته إلى صدرها وقالت: قبض رسول صلى الله عليه وسلم بين صدري ونحري، وهو في تلك الساعة الفاصلة يعاني من سكرات الموت وآلامه وشدته، ويغمس يده في ركوة فيها ماء إلى جنبه ويمسح جبينه بالماء ويقول: ( إن للموت لسكرات، ثم يرفع طرفه إلى السماء ويقول: اللهم في الرفيق الأعلى، اللهم الرفيق الأعلى )، ويعني بالرفيق الأعلى أقواماً تهيئوا لهذا الموقف واستعدوا له، فكان أن أكرمهم الله بجواره، وأنزلهم في ذلك الملكوت الأقدس الأطهر في الملكوت الأعلى، إنه ما جاء في قول الله تعالى: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا [النساء:69]، هذا هو الرفيق الذي تاقت إليه نفس رسول الله وهو يجود بها ويقول: ( اللهم في الرفيق الأعلى ).
نحن لا ندري، ومن يدري هل نكون من ذلك الرفيق، أو نكون من ذلك الرقيق الذي لا يرفع إلى السماء ولا تفتح له أبوابها، وتعود تلك الروح ولها ريح كريهة أشد من ريح الجيف من الحيوانات، إنها والله لتصد من السماء، ولا يفتح لها بابها، وتعود إلى الأرض وتدخل تلك الجثة النجسة التي كانت مقرها في حياتها، وهي تصرخ بصوت يسمعه كل شيء إلا الثقلين الإنس والجن، تصرخ بأعلى صوتها: إلى أين يذهب بها؟ ولا تدري مصيرها، صوت يسمعه كل المخلوقات إلا الثقلين: الإنس والجن.
إيه يا معشر المستمعين والمستمعات! إنها ساعة القبر أشد وأعظم من ساعة الموت والاحتضار، إن هذا القبر حفرة من حفر النار، أما ما يجري فيه من امتحان واختبار يشيب لهوله الأطفال، ومن هنا ما إن أوحي به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلمه حتى ما ترك صلاة يصليها إلا استعاذ بالله من عذاب القبر، ما ترك صلاة من يوم أن علم بعذاب القبر إلا استعاذ فيها من عذاب القبر، في أربع كلمات: ( اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال ).
ماذا يلاقي العبد من الملكين: منكر ونكير، من يصف لنا صفتهما؟ ومن يقوى على تخيلها أو تصورها؟
إنه ما إن يسأل فيتيه في حيرته ولا يعرف جواباً لسائليه، فيقول: هاه هاه لا أدري، فيضرب ضربة نعجز عن تقديرها حق التقدير.
وبالتالي تؤخذ تلك الروح بعد فتنة القبر ومحنته وما ذاقت فيه من آلام تلقى في عالم مظلم اسمه: سجين، فتبقى محبوسة إلى يوم الدين، لا يفارقها الشقاء ولا يزاولها العذاب أبداً، وهي والله لتحس أكثر من إحساسنا وتتألم أشد من آلامنا لو حرقنا الآن أو صلبنا أو قطعنا إرباً إرباً، فوالله لتجوع أشد من جوعنا، وتعطش أشد من عطشنا، وتألم بالاغتراب والبعد عن الأهل والأصحاب أشد مما نألم نحن من ذلك.
فهذه النفس البشرية وهذه الساعة الفاصلة التي تنتظرنا، أرأيتم لو زكيناها لو طيبناها لو طهرناها فتأهلت بذلك للملكوت الأعلى، ألم يكن خيراً لنا؟ ألم يكن أجدر بنا؟ ألم يكن أولى بنا من أن نلوثها بأوضار الذنوب والآثام؟ سنحرمها من ذلك الملكوت الأقدس، إنه الكراديس العلى في مواكب النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
فإذا سلمت من الصلاة وقلت: استغفر الله، أخرجها من صدرك حارة؛ لأنك كنت تناجي من؟ كنت تتحدث مع من؟ مع ملك الملوك، مع رب السماوات والأرضين، مع رب العالمين، مع من يقول للشيء: كن فيكون، مع واهب الحياة، مع المميت المحيي، هو الله الذي لا إله إلا هو، كنت تتكلم معه، تناجيه.. تساره.. تفضي بذات نفسك إليه، أين أنت واقف يا عبد الله؟ الذاكرون إذا وقف أحدهم للصلاة يصفر وجهه ويتغير تماماً؛ لعلمه أنه يتكلم مع الله.
فمن هنا يسيء أحدنا في موقفه مع ربه؛ إذ نترك الله مقبلاً علينا وندبر نحن بقلوبنا؛ فلهذا من أسوأ السوء أن يلتفت العبد في صلاته، أما من أدبر وأعرض فيا ويل أمه، يذكر ربه مقبلاً عليه ويعطيه ظهره ويدبر، الفقيه يقول: بطلت الصلاة؟ نعم، ولكن انقطعت صلته بربه، يا ويله! وكذلك الالتفاتة، الله قد نصب وجهه إليك -يا عبد الله- وأنت تلتفت إلى يمينك أو شمالك وتترك الله.
والالتفات بالقلب أسوأ من الالتفات بالوجه، الله يسمعك وأنت تناجيه ثم تذهب بقلبك إلى بيتك.. إلى دكانك.. إلى تجارتك.. إلى أشياء تافهة، وتبقى الجثة واقفة والروح راحت وساحت وخرجت، موقف صعب؛ فلهذا بمجرد ما تقول: السلام عليكم ورحمة الله، قل: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، ثلاث مرات؛ لأنك شعرت بإساءة الأدب، رب الأرباب مقبل عليك، ينظر إليك ويسمع منك، وأنت تتركه وتلتفت إلى غيره، هذا هو سر الاستغفار بعد السلام عليكم مباشرة.
ونحن نستغفر نخرج الألفاظ باردة من غير ذوق ولا إحساس، المفروض أن نقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، ثم نحيي ربنا ونحن بين يديه فنقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، هذه التحية ما كنا ندريها حتى قص علينا ابن القيم هذه القصة، قال: فقلت لخالتي: إن أنت وقفت بين يدي الله فقولي: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، قال: وانصرف الشيخ وماتت خالته فرآها في المنام، فقالت له: يا شيخ! جزاك الله عني خيراً، إني وقفت بين يدي الله تحت العرش وما دريت ماذا أقول وارتج علي، ثم ذكرت الكلمة التي قلت لي فقلتها، فجزاك الله خيراً.
ومع هذا قبل إخراجها ( إن للموت لسكرات )، هذا المؤمن الطاهر الروح الزكي النفس تتنزل عليه الملائكة، وفد من الرحمن، واقرءوا قول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ [فصلت:30] وصيغة التنزل: التفاعل، أي ملك بعد ملك احتفاء بهذه الروح الزكية، الطاهرة، الطيبة، المطمئنة، أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ [فصلت:30-32]، بشرى يقول الله تعالى فيها: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [يونس:62]، من هم؟ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ [يونس:63-64]، البشرى في الحياة الدنيا اقرأ لهم هذه الآية الكريمة: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ [فصلت:30] وهم على سرير الموت محتضرون، تحمل إليهم هذه البشرى، ما هي؟ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا [فصلت:30]، لا تخافوا على ما أنتم مقبلون عليه، ولا تحزنوا على ما تركتموه وراءكم، نفى عنهم الخوف ... هذه بشرى.
وأخرى: رؤيا صالحة يراها العبد الصالح أو ترى له، فلا يموت ولي الله حتى يبشر بالجنة دار السلام، وعد الصدق الذي وعد الرحمن، رؤيا صالحة يراها، وإن لم يرها يراها غيره من إخوانه وأصدقائه وأقاربه ويبشر بها.
وبشرى ثالثة: هذا كتاب الله يحمل البشرى لأهل الإيمان وصالح الأعمال في غير ما آية، يقول تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا * خَالِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا [الكهف:107-108]، إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ [البروج:11] .. في آيات كثيرة.
يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنهم إذا عادوا بها وانتهت إلى جثتها التي فارقتها تصيح بأعلى صوتها: قربوني قربوني، عجلوا بي؛ لما شاهدت ورأت من ذلك المقام الكريم في دار النعيم، عجلوا بي، يسمع صوتها كل الكائنات إلا الثقلين: الإنس والجن؛ لأن الدار دار امتحان، فلو كانوا يسمعون صوت المنعم وصوت الشقي لما عصى الله أحد، ولكن تدبير الله عز وجل.
هذا القبر يا معشر المستمعين والمستمعات! يتحول إلى روضة من رياض الجنة، وملك السؤال يكون في أجمل صورة وأطيبها، ويرحب بهذه الروح، ويتم السؤال والجواب، وتكون الأجوبة صائبة، خالية من التردد، وهي ثلاثة أسئلة فقط: من ربك؟ ما دينك؟ ما تقول في هذا الذي أرسل إليكم أو من نبيك؟
وعندما يفوز الفائزون يتحول القبر إلى روضة من رياض الجنة، وهنا يذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الذي علمه ربه بمثل هذه الغيوب يقول: إذا جلس أحدنا في قبره للسؤال يكون أغلى ما يتمناه وأسناه أن يعود إلى الدنيا من أجل أن يصلي ركعتين، ما هناك ما يتمناه ويفكر فيه في تلك الساعة إلا أن يعود إلى الدنيا ليصلي ركعتين، كثيراً ما نذكر هذا فنقوم فنصلي ركعتين، أذكركم عندما تذكر هذا قل: الحمد لله أنا الآن ما زلت في الحياة فالذي أتمناه ولا يحصل الآن يحققه ربي لي، فانهض وصل ركعتين، لو تذكر هذا كل يوم وليلة أضفت أربع ركعات في كل يوم وليلة إلى نوافلك التي تصليها، أغلى ما تطلبه أن تعود، وها أنت واقف بين يدي الله فصل ركعتين.
وترفع الروح إلى عليين، ويبقى الاتصال جارياً بينها وبين أصغر عُظيم في الأرض وهو عجب الذنب، ولا تفهم أبداً أن هناك أبعاداً؛ فلهذا نأتي أهل المقبرة ونقول: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، أنتم السابقون ونحن -إن شاء الله- بكم لاحقون، وإنا لله وإنا إليه راجعون، ويردون عليك السلام.
قبل هذه المخترعات التي فتح الله بابها ودفع إليها ووهبها كان المؤمنون يؤمنون بالغيب ولا يقولون: كيف؟ أما اليوم فلا معنى لكيف ولا للسؤال أبداً، أنت في بيتك تتصل بشخص بينك وبينه آلاف الأميال وكأنه بين يديك تسمعه ويسمعك.
ومن هنا في هذه الأيام الأخيرة أو الأشهر فتح الله علي بمسألة خذوها: تعرفون أننا إذا فرغنا من الصلاة نتشهد: التحيات لله والصلوات الطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، أهل الحديث يروون: أن بعض الصحابة قالوا: لا معنى لقولنا: السلام عليك أيها النبي، هل هو حاضر؟ المفروض أن نقول: السلام على النبي، أما: السلام عليك أيها النبي، أين هو؟
ولكن الجمهور من الصحابة، والله ناصر دينه وأولياءه قالوا: اسكتوا لا مجال للبحث في هذه، الرسول صلى الله عليه وسلم لما علمها أصحابه يعلم أن منهم من يصلي في مكة ومنهم من يصلي في نجد ومنهم من يصلي في الشام، ومع هذا قال: قولوا: السلام عليك أيها النبي، فسلموا، ومضت الحياة كذلك، والمسلمون إذا صلى أحدهم يقول: السلام عليك أيها النبي، يخاطبه خطاب من يسمعه ويراه.
والآن بوجود هذه الآلات هذا الأثير أصبحنا موقنين أن النبي صلى الله عليه وسلم يسمع إذا سلمنا عليه، ما المانع في أنه لا يسمع؟ من خلق الأثير؟ من موّج موجاته؟
إذاً: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته يسمعها، وقد أخبر بهذا فقال: ( صلوا علي وسلموا حيثما كنتم، فإن صلاتكم تبلغني )، كيف؟ لا ندري، الآن أصبحنا ندري، والذي أريده من المستمعين والمستمعات إذا سلموا في التشهد أن يذكروا أن سلامهم على رسول الله يبلغه، يسمعه منهم، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.
معاشر المستمعين والمستمعات! يعرج بهذه الروح إلى عليين وتعيش في نعيم دار السلام، نسمة تتنقل في تلك الرياض، وإن كانت دون نسمة المجاهد الشهيد، فإن أرواح الشهداء أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم عنها أنها في حواصل طير خضر ترعى في الجنان، وتأوي إلى قناديل معلقة في العرش، وأخبر أن نسم المؤمنين والمؤمنات في عليين كذلك ترعى في رياض الجنان.
ويستمر هذا النعيم وهذه السعادة إلى أن تنتهي هذه الحياة، هذه الدورة التي نعيشها.
كذلك يزيد في طاقة الإيمان -يا أبنائي! ويا بناتي- كل عمل صالح فهو وقود وزيادة في الطاقة؛ فلهذا لا تحتقر من المعروف شيئاً، إزالتك قشة، شوكة، حجراً من طريق يمر به المؤمنون والمؤمنات ترفعه حتى لا يتأذى به عبد الله ولا أمته، بهذه النية يدفع بإيمانك إلى مقامات أعلى.
معاشر المستمعين! هل وجدتمونا بينهم؟ أعيد الصفات: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ [الأنفال:2]، أنا أقول للمستمعين والمستمعات: علينا أن نتمكن من هذه الصفة على الأقل، إذا قيل لي: اتق الله يا شيخ، يجب -هنا- أن يوجل قلبي، وتضطرب نفسي وإلا فلا إيمان، هذا الحد الفاصل، يكون العبد قائماً على معصية الله ويُذكَّر بالله: اتق الله، أما تتقي الله، فيضحك ويحرك كتفيه، أمؤمن هذا؟ والله ما هو بمؤمن ولا آمن بعد، المفروض إذا قيل له: اتق الله يضطرب، إن كان الحرام في يده رماه في الأرض، وإذا كان بعيداً قال: أستغفر الله، وعزم على أن يتوب إلى الله، أما أن يقال له: أما تتقي الله فيضحك ويهزأ، فأين الإيمان؟
يا عبد الله! لا تبع هذه المجلات في دكانك، هذه مجلات المقصود منها هو إيقاع المؤمنين والمؤمنات في ظلمة الفسق والفجور، هذه المجلات تنشر صور الخليعات والداعرات، أريد بها فتنة المؤمنين والمؤمنات فلا تدخلها دكانك، يقول: إذا لم تبعها لم يشتر الناس باقي الحاجات؟ أنت متوكل على المجلة أم على الله؟
آخر يبيع الدخان العفن يخبث به أفواه المؤمنين ويلوث أرواحهم، يا عبد الله! أنت مسلم تشهد الصلاة لا تبع هذا، يقول: إذا لم أبعه ما اشترى الزبائن مني، إذاً أنت متوكل على الله أم على الدخان؟
وآخر يفتح استديو للتصوير يحاد الله ورسوله والمؤمنين، يا عبد الله! أما تتقي الله، يقول: على ماذا أعيش إذا تركت ذلك؟ كيف أعيش؟ أنت متوكل على الله أم على التصوير؟ اصدق نفسك وأخبرها، أين التوكل على الله؟
وآخر يفتح دكاناً -والله- من السقف إلى الأرض يبيع أشرطة الأغاني في دار الإيمان والنبوة في مكة بلد الله، في المدينة حرم رسول الله، في الرياض عاصمة الإسلام، وتحت راية لا إله إلا الله، يبيع الأغاني، لمن تبيعها؟ هذه الأمة لا تعيش على الأغاني، تعيش على تلاوة كتاب الله، ربها يكره الأغاني ويحب تلاوة القرآن: ( ما أذن الله لأحد كما أذن لنبي يقرأ القرآن )، بيوتنا يجب أن نسمع فيها كلام الله، دكاكيننا كل حياتنا يجب أن نرى فيها كلام الله ونسمعه، أما الأغاني فليست لنا، لم تغش هذه الجماعة؟ استبدل هذه بأشرطة فيها القرآن وفيها دعوة الله وفيها إيجاد الطهر والصفاء، يقول: المجتمع ما يشتري هذا، أنت متوكل على من؟ على الله أم على بيع الحرام؟
وهكذا المؤمنة، يا مؤمنة! اتقي الله، الزمي بيتك، غطي وجهك، تقول أمها: إذا ما تكشف عن وجهها ما تتزوج، ما يراها الرجال ولا يخطبونها، إذاً: أين التوكل على الله؟ أين الإيمان؟ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ [آل عمران:122]، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ [الأنفال:2].
وأنت يا مؤمنة! لم تحلقين حاجبيك، وتنتفين شعر وجهك، وتعملين الباروكة.. تقول: الزوج ما يرغب في إن لم أفعل، أنت علام متوكلة؟ أليس على الله؟ هذا الزوج الذي لا يرضاك ولا يحبك إلا إذا انمسخت له لا خير فيه ولا صحبة تبتغيها منه ولا زواج، إن كنت صالحة وزوجك صالحاً فهو لا ينظر إلى وجهك ينظر إلى روحك.. إلى فضائلك وأخلاقك وآدابك، ولو كنت رمصاء عمشاء؛ لأننا نحب ما يحب الله، ونكره ما يكره الله.
جربنا يا أبنائي! وعرفنا الحياة، والله إن الرجل يكون أعمش أسود، مشقق الوجه، مفلوق الرأس، أعجمياً مسكيناً، ولكن لما نرى من كماله وصلاحه وما نسمع من طيب كلامه نكاد ندخله في أحشائنا، والرجل الجميل حالق الوجه مرجل الشعر لا نراه شيئاً، ولا نحب أن ننظر إليه.
وأنت أيها الشاب تحلق وجهك أيضاً وتقول: إذا لم أحلق أطرد من الوظيفة، أهل الفندق لا يقبلونني إلا إذا حلقت، وأنتم يا أهل الفندق في دار الإسلام لم تلزمون عمالكم بحلق وجوههم؟ لم تخنثونهم؟ من أجل أن يسكن الناس عندكم؟ لا يسكنون ولا ينزلون عليهم، لم نلزم الموظفين والعمال بحلق وجوههم؟ من أجل أن ينزل النزلاء، يتمتعون بالنظر إلى وجوه الفحول، أهكذا يقال ويفهم؟! أين التوكل على الله؟ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ [الأنفال:2] خاصة.
والشاهد عندنا: هل نحن مؤمنون؟ هذه صفات المؤمنين.
وأخرى يقول تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ [التوبة:71].
معاشر الأبناء والإخوان! الساعة الفاصلة بيننا التي تفرق بين الأحباء: بين الابن وأبيه، والزوجة وزوجها، الساعة الفاصلة هي الموت وهو آت لا محالة، فماذا أعددنا لتلك الساعة؟
والذنوب والآثام لا تنسوا منها: الغيبة والنميمة، اغتيابك أخاك وذكره بما يكره، يهبط بك هبوطاً لا تتصوره، يحيل النفس إلى كتلة من ظلمة وعفن، وحديث الصحيحين: الرجل الذي مر به النبي صلى الله عليه وسلم يعذب في قبره وذكر العلة: كان يمشي بالنميمة، والنميمة والغيبة متقاربتان.
معاشر الأبناء! احفظوا أنفسكم من كبائر الذنوب والمعاصي.
وأما العمل الصالح إن أقمت الصلوات الخمس وحدها أحالت نفسك إلى كتلة من نور، تمجيدك لله بكلمة (لا إله إلا الله) هذا يحول نفسك إلى أن تكون نفساً في طهرها كأنفس الملائكة، ولكن الذي يقضي على ذلك الطهر والصفاء هو كبائر الذنوب والآثام.
والله تعالى أسأل أن يأخذ بأيدينا جميعاً إلى أن نستقيم على منهجه حتى نبشر ساعة لقاء الله بالروح والريحان، اللهم حقق لنا ذلك، إنك ولينا وولي المؤمنين.
وصلى الله على نبينا محمد.
الجواب: معاشر الأبناء! نعم أراني الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم في المنام غير ما مرة، وأذكر فقط رؤية أخيرة وأولى الرؤى في المملكة:
الرؤيا الأولى: عند قدومنا مهاجرين سنة (1372هـ) وصلنا في المحرم ودخلنا مكة وجاء رمضان، وجاء يوم العيد: عيد الفطر، وإذا بأهل المدينة -أعني: سكانها- يأتون بأطفالهم ليسلموا على الرسول صلى الله عليه وسلم في قبره، فيأتي الرجل وامرأة وطفل وطفلان له، وهذا الطفل يلبسونه بذلة ضابط، ونحن كنا في بلاد مستعمرة والمستعمر فرنسا، فكنا نعتقد أنه لا يلبس البرنيطة إلا كافر، ولا تدخن امرأة دخاناً إلا عاهرة، وهذا السائد بين كبيرنا وصغيرنا، البرنيطة علامة على الردة، وإذا رؤيت امرأة تدخن فهي عاهرة في ديار البغاء، لما رأيت أنا هذا النوع يقف الرجل وابنه إلى جنبه يسلم على رسول الله والبرنيطة على رأسه والبذلة على بدنه وهو في عمر سبع سنوات أو ثمان، فما أطقت هذا الموقف، ما الذي حمل الناس على هذا؟ يتحدون رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ويومها ما زال رجالنا سواء في الشرطة أو في الهيئة أو في الدفاع يعملون العمائم والعقل، الله الله، سقى الله تلك الأيام، فتألمت تألماً شديداً كيف يقفون أمام رسول الله يتحدونه؟ وكان هناك خياط مصري هو الذي يخيط هذه البدلات ويبيعها وتاب الله عليه في الرؤيا هذه.
ونمت ليلة من الليالي وإذا بي أمام باب السلام، يا من يعرفون باب السلام، وإذا بيني وبين الباب حفرة عميقة وفيها نعشان: جنازتان، وإذا بأحد النعشين يجري، وكنت أعرف شرطياً في المسجد فقلت أنا: إذا كان هذا الشرطي حياً فرسول الله أيضاً يكون حياً، وفجأة وإذا بالرسول واقف وأنا أرتعد وأقول: استغفر لي يا رسول الله، استغفر لي يا رسول الله، فقال لي كلمة ما تبينتها، هل قال لي: نرجو الله، أو قال لي: أرجو يعني: هو، وفجأة انتهى المنظر هذا، وإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم على كرسي حجري في زاوية باب السلام مقابل المحكمة الموجودة الآن كالبدر، وأنا أتقدم نحوه، وإذا بطفل من أولئك الأطفال بالبرنيطة على رصيف يقف بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقول والله بالحرف الواحد وهو يشير بيده الكريمة: أبمثل هذا يبتغون العزة؟ ومن ثم إسرائيل تضرب العرب وتذلهم إلى اليوم، وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم، أبمثل هذا يبتغون العزة؟ كانت موعظة ونفع الله بها.
وبكينا في حلق الدرس والحمد لله بسبب هذه الرؤيا، ومن سنين ما بقي من يأتي بطفله ولا يلبسه هذه البذلة، وانتهت، وأظن عندكم لا توجد.
هذه رؤيا قديمة من سبع وثلاثين سنة.
آخر رؤيا جديدة نفعني الله بها والحمد لله، وأنا أفضح نفسي، وأحياناً كثيراً ما ينقطع عني هذا الخير بسبب التحديث، لكن الآن أقول رجاء أن تنتفعوا بها: في هذه الأيام منذ شهرين تقريباً ألم بي ألم في رجلي وما أصبحت أستطيع أن أمشي إلى المسجد النبوي إلا راكباً، لأن بي روماتيزم من ثلاث سنوات، فمن هنا أصبحت أصلي بعض الأوقات في مسجد قريب من المنزل وبعضها في المسجد النبوي، والغالب نصلي المغرب والعشاء لأجل الدرس يومياً، وأحياناً نصلي الظهر وأحياناً نصلي الصبح، وأنا غير راض عن هذا الوضع، كيف في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم أصلي بعيداً عن المسجد النبوي؟
فتاقت نفسي لرؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا بي معه صلى الله عليه وسلم في بستان، وأنا في لهفة وشوق كيف أنني مع رسول الله وأنا أبعد هذا البعد، وأكاد أدخله في أحشائي.
فأولتها: انقطاعي عن الصلاة في المسجد النبوي وأنا في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ثم والحمد لله ما تركت فرضاً فيه حتى أهل المسجد الصغير يتساءلون: لم انقطع عنا الشيخ؟ قلنا: انقطعنا بأمر الله، فالحمد لله الآن لا تفوتنا صلاة.
الجواب: نعم، لو تحدثنا عن الساعة الحاسمة لطال الكلام، وأنا كنت أتصور أن السائل يسأل ويريد من الساعة الحاسمة سقوط الشيوعية وتمزقها، ووقوف الصليبية وعلوها، وما ينتظرنا في المستقبل، لكن المراد بالساعة الحاسمة في موضوعنا هي ساعة الموت.
والكلام هنا أن قوتين عظيمتين كانتا تتصارعان، فوجد المسلمون متنفساً، الآن سقطت الشيوعية وقويت الصليبية فماذا ننتظر؟ سوف يبتلعوننا، أحببنا أم كرهنا، إلا أن نغير مجرى حياتنا، وقد كتبت هذا في كتاب مفتوح للملوك والرءوساء ونشر في بعض الصحف، كان علينا أن نستعد من أجل هذا الموقف، وقبل أن يفوت الوقت، لكنا ضيعنا الوقت أيام كانت القوى العظمى تتصارع ما قوينا أنفسنا، والفرصة كانت متاحة بأن نكون القوة الثالثة، ضاعت الآن وسقطت الشيوعية واستلت خيطها اليهودية وهي التي دبرتها، والآن المستقبل لا يعلمه إلا الله، فإما أن نمد أيدينا إلى الله ونستقيم على منهجه وتصبح أمة الإسلام وهي ألف مليون أمة واحدة، دستورها واحد، آمال حياتها واحدة، فحينئذ تغير مجرى التاريخ وينفع الله بها العالمين الإسلامي والإنساني، وإلا نترك الأمر لله.
اعلموا أن الذين يقولون: الجهاد الأفغاني انتهى، وأنه صراع بين المواطنين، هذا -والله- كلام من ليس فقيهاً، إنه باطل باطل باطل، الشيوعية التي جاءت بالبلشفة والروس هي التي تقاتل اليوم، فيجب أن تمحق، أن تستأصل حتى لا تبقى لها باقية في تلك الديار بعد الذي بذل المؤمنون والمؤمنات من جهد وطاقة.
إذاً: ما زلنا نقول: اسمعوا، لا يحل لمؤمن ولا مؤمنة ألا يراه الله في ذلك الجهاد، إما بنفسه إن قدر، أو بماله إن كان له مال، أو بدعوته وتحريضه وحثه إخوانه على الإنفاق والبذل، أو بدعائه في الليل وقنوته، لا بد من هذا.
ولننفق كما قلت لكم: زوجي أم أولادي اشتريت لها حليها مرتين، ما نشعر إلا وقد خلعته ووضعته، قالت: أعطيه المجاهدين، في هذه الأيام مَنَّ الله علينا وعليها فأعطيتها مبلغاً وإذا بها تأتي بألفين ريال تقول: هذه للمجاهدين.
وامرأة يمانية بعثت بصرة كبيرة، كذا كيلو من فضة، ملبوسات من القرن العاشر، ما تلبس ولا تباع، وجاء ... من مصر.. من المغرب، ومن غيرها، تأتي الأساور والخواتم من النساء يساهمن في الجهاد الأفغاني.
إذاً: لا تحرم يا عبد الله! نفسك من هذا الكمال، صاحب الريال يخرج ريالاً، وصاحب الألف يخرج ألفاً، ومن لا ريال له يدعو إخوانه ويحضهم كما يقول الإخوان الآن، وساهموا والريال الواحد يساوي الدنيا وما عليها، وهو بسبعمائة ريال، ولا تحتقر من المعروف شيئاً.
الجواب: يا معشر المستمعين! الصوفية كالحداثة، يحركها الثالوث الأسود، الذي هو: المجوس واليهود والنصارى، فهم الذين حاربوا الإسلام بالسيف وحاربوه بالكيد والمكر، فعجزوا عن الحرب بالسيف والسنان، ولكن ما عجزوا عن الكيد والمكر، فهم الذين أوجدوا هذه الفرق ومزقوا أمة الإسلام، فالتصوف والصوفية وطرق الصوفية ودعاة الصوفية يعملون على هدم الإسلام شاءوا أم أبوا، فهموا هذا أو لم يفهموه، ما نحن في حاجة إلى آداب التصوف ولا إلى أوراد متصوفة، أغنانا الله بالإسلام، فما طلبنا شيئاً فيه من الهدى إلا وجدناه.
فلنبعد هذه الكلمة، ولنزح الستار عن أهلها، وأنهم عملة لإطفاء هذا النور، وظننا أن القضية انتهت وإذا بها تستجد؛ لأن الشيطان يخنس، لما تستعذ برب الناس يخنس، ويستغفلك ساعة ويرجع ويظهر مرة ثانية، فهذا حالنا.
وأنا كتبت رسالة (إلى التصوف يا عباد الله)، وجعلت العنوان موهماً؛ حتى يقرأها المتصوفة، ونفع الله بها فترة من الزمن، والآن إذا رأيتم أن تطبعوا هذه الرسالة وتتعاونوا عليها وتوزعوها على أبنائكم وإخوانكم فإنها أنفع من محاضرة، حيث تقف بالإنسان على حقائق التصوف وما يفضي التصوف بأهله، هذه الرسالة موجودة يمكن طبعها في أوراق عادية، ولا تكلف شيئاً كثيراً، وتوزع بالآلاف، بمئات الآلاف، فتكون بإذن الله واقية كافية شافية.
الجواب: تعليقي أنا قلت لكم، قلت للرءوساء والملوك في هذه الرسالة المفتوحة المنشورة في الصحف قلت لهم بإيجاز: لقد سقطت الشيوعية وانتهت أو كادت والعالم البشري ينتظركم أنتم ماذا تقدمون له؟ أنتم المنقذون بما أعطاكم الله وما أهلكم له من هذا النور وهذا الإسلام، فبادروا بإنقاذ أنفسكم وإنقاذ البشرية، الفرصة متاحة، والعالم ينتظر ما الذي يحصل؟ لا تفوتوا الفرصة، فاجمعوا أولاً علماءكم في العالم الإسلامي واجعلوا إليهم وضع ميثاق ووضع دستور والتزموا بتطبيق الشريعة الإسلامية من دستوركم، وسوف تصبحون أنتم الأئمة وأنتم القادة، وإن أنتم أهملتم هذه الفرصة وأضعتموها فالصليبية سوف تنتشر وقد انتشرت، وسوف تعود للصراع معنا كما فعلت من قبل، ونحن ضعفاء وهم أقوياء؛ فهذا -والله- لخوف ينبغي أن نخافه إذا لم يتداركنا الله بتوبة ونظهر بالمظهر اللائق بنا، كل ما في الأمر العودة إلى الإسلام والتخلي عن هذه الأباطيل والزخارف الكاذبة، والأمر لله ونحن لا نتدخل في الغيب، ولكن بوادره ظاهرة، أقل ما يمكن أنهم سوف يقرضون الجاليات الإسلامية أو يفرضون علينا الصليبية في بلادنا، ونسأل الله العافية.
الجواب: أنا أرى أنها تطلب عجوزاً من عجائز المدينة هنا وتتفق معها، وتشتغل معها فيما تحتاج إليه، كغسل أواني أو مسح الدار أو غسل الثياب وتعود إلى بيتها، أما أن تستقدم شابة من الشرق أو الغرب وتضعها بين بنيها الشبان المراهقين فهذا خطر، إذ لا تستطيع أن تتحكم بهم، هل تستطيع أن تتركها في المطبخ فقط؟ هل تستطيع أن تلزم أولادها ألا ينظروا إلى هذه الفتاة ولا يكلموها ولا يجلسوا إليها؟ ما تستطيع، إذاً تريد أن تحرق بيتها، فمن الخير أن تطلب فقيرة من فقيرات البلاد تشتغل عندها ساعة أو ساعتين وتعود إلى أهلها، وما أكثر الفقيرات الموجودات، فهذا هو المطلوب، أما أبناؤها مراهقون في البيت وتأتي بأجنبية فقد يقع العجب، ويقع العهر والزنا، فما هناك حل إلا هذا، لو ما عندها أولاد، ولا يوجد غيرها وزوجها فممكن، وزوجها قد يستحي على الأقل منها، ما ينظر إليها ولا يخلو بها، لكن شبان مراهقون، لا، ما تطرد أولادها من أجل الخادمة، وهي ما تملك أولادها ملكاً حقيقياً وسيعصونها، إذاً فلتطلب فقيرة من فقيرات القرية أو في الحي، وتجد بإذن الله وتشتغل معها ساعات بأجرها وتعود إلى بيتها، هذا هو الحل.
الجواب: ما هناك إلا الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، أولاً: عندما تقف صحح وقفتك، علم نفسك أنك تتكلم مع الله، عندما تشرد بذهنك وتشعر بذلك ارجع على الفور، واستعذ بالله تعالى عند أول قراءة، وإن تكرر هذا الوسواس تستعذ بالله في الركعة الثانية والثالثة والرابعة، والباب مفتوح، استعذ بالله وأنت ساجد: اللهم إني أعوذ بك من الشيطان وشركه، وهكذا جهاد للنفس حتى تنتصر عليها.
اضغط هنا لعرض النسخة الكاملة , انتبه .. إنها الساعة الحاسمة للشيخ : أبوبكر الجزائري
https://audio.islamweb.net